بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وارحمنا بهم
قصيدة للشاعر عادل الكاظمي
1- لا تعذلِ العيــنَ أن أرخـتْ عَزاليهـا = فالشـوقُ سائقُـهـا والبَـيْـنُ مُجريـهـا
2- والهـمُّ يُسهدُهـا والطيـفُ يُسـعـدُهـا = والدمـعُ ينجـدُهـا والـوعـدُ يُغريـهـــا
3- وللأمانـي بهـا فـي كــلِّ آونَــةٍ = وحــيٌ يقرّبـنـي منـهـا ويُقصيـهــــــا
4- إنّي على العهــدِ مـا ناحـتْ مُطَوَّقَـةٌ = تـبـثُّ للنـفـسِ أشجـانـاً فتُشجـيـهـــــا
5- وحدي بدائـيَ لا أشكـو إلـى أحــدٍ = لعـلَّ صـبـريَ دون الـنـاسِ يُسليـهـــا
6- إنّ الليـالـي عجيـبـاتٌ خلائقُـهـا = ترمـي المحـبَّ بسهـمٍ مـن تجافيـهـــا
7- يا ليتَ ذا الســهمَ يوري قلـبَ عاذلتـي = بـجـذوةٍ أو لـعـلَّ السـهـمَ يُصليـهــا
8- أقلّـبُ الـطـرفَ لا داراً أٌسـائلـهـا = ولا رسومـاً عسـى أشـكـو لعافيـهـــــا
9- أبيـتُ والليـلُ بالظلـمـاءِ ملتـحـفٌ = والأرضُ بالثلـجِِ قـد غطّـت روابيـها
10- مثلَ السّليـمِِ ضجيـعَ الهـم ِّمفترشـاً = جمـرَ الضلـوعِ فتكويـنـي وأكويـهـــــا
11- وقد يعـنُّ صـدى صمـتٍ فيحســبـهُ = سمعـي سميـراً سعـى للنفـسِ يلهيـهــا
12- فاستفيـقُ علـى الأنفـاسِ لاهبُـهـا = سـوطُ العـذابِ وذاك الصمـتُ يذكيهـا
13- وتستهـلُّ مصــونـاتٌ أضـنُّ بـهـا = لوقفـةٍ عـنـد مــن أهــواهُ أبديـهـا
14- حسرى فتعرف كم قاسـيتُ مـن ألـمٍ =وبالـمـدامـعِِ حـسـبـي أن أحيّـيـهـا
15- لا يعرفُ الحبَّ من ذاقـت نواظرُهُ = طعـمَ المنــامِِ ومــا ذابــتْ مآقيـهــــــا
16- ومنْ يَرَ العشقَ في طرفٍ بـه حَــــوَرٌ = أوْ قـدِّ بــانٍ فـقـد أعـيـاهُ تشبيهــــــا
17- فما لقيسٍ سـوى ليـلاهُ مـن شُغُـلٍ = فـي كـلِّ شـيءٍ يـرى ليلـى فيبكيـهــا
18- ولا يُـلامُ أخـو عبـسٍ إذا برقـت = بيـضُ السيـوفِ بومْـضٍ مـن تجلّيـها
19- أنْ يوسـعَ السـيفَ لثمـاً أو يعانقََـهُ = فإنمـا العشـقُ أنْ تفـنـى بـمـا فيـهـــا
20- إني سلكـتُ دروبَ العشـقِ مُرديـةً = والعشـقُ بالنفـسِ دون الموتِ يلقيـها
21- وما شقيـتُ فلـي شـوقٌ يؤانسنـي = في وحشـةِ الـدربِ أو ذكرى أناجيها
22- برغمِِ مـا ذقـتُ مـن دهـــرٍ أكابـدهُ= شتّـى الـصـروفِ وأسـقـام ٍأقاسيـهـــا
23- ولي من الأمسِ أشجـانٌ تكــدِّر لـي = سوانـحَ الصَّـفْـوِِ إن مــرّتْ بناديـهـــا
24- والخالياتُ مـن الأيـامِ قـد رحلـتْ = مـلأى الهمـومِِ وقــد أودتْ دواهيـهـا
25- لم يُبْقِِ لي الدهرُ في الأفراحِِ من وَطَرٍ= حتـى كـأنّـي بـلا قـلبٍ ألاقيـهـــا
26- لا أرتجي الدهرَ يومـاً أن يُسـالمنـي = وآل أحمــدَ بالأرزاء يرميها
27- آلُ الرسول وهم أهـلُ الكِسـا وبهــم = باهـى الملائـكَ فوق العرشِ باريهـــا
28- هم حيدرُ الطهرِ والزهـراءُ فاطمــــةٌ = والمجتـبـانِ مــن الدنـيـا لهـاديـهـــــا
29- ريحانتـا أحمـدٍ أبـنــاءُ زهـرتـهِ = خيـرُ الـورى بعـدَهُ مَـنْ ذا يُدانيـهـا؟
30- من أنـزل اللهُ فـي القـرآن حبَّهمُ = فرضـاً على الناسِ دانيها وقاصيها
32- مَنْ أذهبَ الرّجسَ عنهم ثمَّ طهَّـــرهم= مـن كـلِّ موبقـةٍ لطـفـاً وتنزيـهـــــا
33- سادوا البريَّةَ في علمٍ وفي عمـلٍ = سلِ المكـارمَ مـن أزجـى غَواليهـا؟
34- عِدْلُ الكتابِ ولولا سَيْـبُ نائلِهِــم = لم يرعوِ النـاسُ عـن غـيٍّ يداجيهـا
35- الناطقـونَ إذا آيـاتُــهُ صمـتَـتَ = والراشـــدونَ إلـى أقصـى مَراميـهــــا
36- قد خصَّها الله بالقـرآنِ إذ ورثـتْ= أجـرَ الرسالـةِ عـن فخـرٍ ليجزيهــــــا
37- وهـم إلـى الله أبـوابٌ مفتَّحـةٌ = وبـابُ حِطّـةَ فـي أمـنٍ تُحاكيـهـــا
38- فُلْكُ الأمانِ لأهل الأرضِ من غرقٍ = تـبـاركَ الله مُجريـهـا ومُرسيـهـا
39- لم ينجُ كنعانُ إذ آوى إلـى جبـلٍ = وإنّمـا المـاءُ قـد غطّـى رواسيهـــــا
40- وقد نجى نـــوحُ بالفلكِ التي حملـت = من كـلِّ زوجيـنِ واخُسْـراً لجافيــهـا
41- وهم نجاةُ الورى من كـلِّ غائلــــــةٍ = لـم تُبـقِ للديـنِ والدنيـا عَواديـهــــــا
42- وما نجا من لظى من كان شانِئَهـا = ولا عـدتْ جنّـةٌٌ مـن كـان راجيهــــا
43- جزاهمُ اللهُ أجـراً كـلَّ مَكْرُمَـةٍ = مَنْ ذا مِنَ الخلقِ فـي فضـلٍ يباريهـا؟
44- فاختار بين النساءِ الطهرَ فاطمــةً = والشبَّرينِ من الأبنا تثقفّيهـا
45- ونفسَهُ حــيدراً أكـرمْ بحيـدرةٍ = فخابَ نجرانُ وانصاعتْ لداعيها
46- وخيَّبَ الشــركَ من بالبيتِ مولـدُهُ= وتلك أكرومةٌ سـبحانَ موليها
47- قد خصَّها اللهُ بالمولى أبي حسـنٍ= دون الخلائـقِ فازدانتْ براعيها
48- واستبشــرَ البيتُ إذ أمَّتهُ فاطمـةٌ = وداعيَ اللهِ بالبشـرى يوافيها
49- وافترَّ عن آيــةٍ للآنَ ظاهـرةٍ = هيهاتَ ما تلكمُ الأســتارُ تخفيها
50- تنبيكَ أنَّ لأهـلِ البيتِ مرتبــةً = فوق المراتبِ لا تُرقى مَراقيهـا
51- ذي مريمٌ حينمـــا وافته خائفـــــةً = إذ جاءهــــا الطَّلْقُ هلا كان يؤويها؟
52- هزّي إليك بجذعِ النَّخلِ والتمسي = سَقْطَ الثمــارِ بذا أضحى يناديها
53- أما لعيسى نبيِّ اللهِ من خطــرٍ = يسمو بمريـــمَ حيث البيتُ يحميها؟
54- جاءته فاطمُ والبشـــــرى تلكلِّلها = تاجاً من الفخــرِ والدنيا تغنّيها
55- تدعو الإلهَ بقلبٍ مؤمنٍ لَهِــجٍ = وخالقُ الكونِ سَـمْتَ البيتِ يدنيها
56- فضمَّها البيتُ والأملاكُ محدقـــةٌ = ترقَّبُ الوعدَ إنَّ الوعـدْ آتيهـــــا
57- فشعَّ في الكعبةِ الغرّاءِ مُشْرِقٌها = نوراً لنائرةِ الطغيـــــــــــــــانِ يطفيها
58- تفتَّقََ البيتُ عن وجهٍ لطلعتــهِ = يُغني عن الشمسِ في لطفٍ يضاهيها
59- وأسفرَ الافقُ عن شمسٍ يجلّلُها = وجهُ الوصيِّ وبالأنــوارِ يَقريها
60- بهيبةٍ تُطرقُ الابصـــــارَ لا رَمَداً = وإنما الشمسُ لا تبــدو لرائيها
61 - رأى الإلهَ فلم يســــــجدْ إلى صنــــمٍ = وكيف يســـــــــــجدُ من وافى ليُفنيها
62 - من سبَّحَ اللهَ قبل الخــــلقِ في حُجُبٍٍ = مع النبيِّ لـــــــــذاتِ الله تنزيهـــــــــا
63 - وقبل آدمَ كان النــــــــــــــــورَ متّحداً = بنورِ أحمدَ توحيـداً لمُنشـــــــــــــــيها
64 - ترشَّح الخلقُ من نورَيْهمـــــــــا فبدا = مثلَ الأظلّةِ والإمكــــــــــــانُ يحويها
65 - فالممكناتُ وقد جــــــاءت على رُتَبٍ = من الكمالِ ظِلالُ النـــــــــورِ تحكيهـا
66 - تسترفدُ الفيضَ من إشـــراقِ طلعتِهِ = ثرّاً من اللطفِ عن فقــــــــرٍ ليغنيهـا
67 - تبارك الله إذ أولى أبا حســــــــــــنٍ = ذاتاً لها الوصفُ لا يحـــوي تناهيهــا
68 - لا يُدرَكُ الوصفُ في ذاتٍ لها صـورٌ = شتّى معالمُهــــــــــا والغيبُ يطويهــا
69 - في كلِّ شيءٍ له سرٌّ ســـرى فغــدت = من ملكِهِ فهو دون الســـــرِّ يُجليهــا
70 - هذا الوصيُّ وخيرُ النـــــاسِ قاطبـةً = من بعد أحمـــــــدَ قد وافى ليهديهــــا
71 - فبارك المســــــجدُ الأقصى بمولـدِهِ = ألكعبةَ الطهــرَ إذ تمَّت معــــــــاليهــا
72 - وأقبلتْ تحمل التوحيدَ فاطمـــــــــةٌ = وأقبل المجـــــــــــدُ محــــبوراً يُهنّيهـا
73 - أمُّ الكرامِ وعَرفُ الطيبِ من أسدٍ = وجدُّها هاشــــــــــــمٌ بالبرِّ يُصفيهـــــا
74 - خيرُ البنين لها طـــــــــــــه فتغمره = سَيْبَ الحنانِ بفضــــــلٍ من تفانيهــــا
75 - إن قال أمّاهُ لبَّتهُ مُســـــــــــــارِعَةً = وإنْ دعتـــهُ إلى أمـــــــرٍ يُلَبّيهــــــــا
76 - غذَّتهُ عطفاً بما جادت خلائِقُهــــــا = ولم يزل يرتوي من عذب صـــافيهـــا
77 - حتى إذا حُمِّلَ الهـادي أمانتــــــــهُ = وأُنزلَ الوحيُ بالآيـــــاتِ ، يُمليهـــــا
78 - جاءته دونَ نساءِ العـالمينَ وقــد = شاءَ الإلهُ بفضــل السَّـــــبقِ يوليهـــا
79 - تتلو خديجةَ إيماناً وسابقــةً = دونَ النساءِ وهــذا الفضـــــــلُ يكفيها
80 - وهاجرتْ في سبيلِ الله حاملةً = هـــمَّ الرسـالةِ إذ باتت تُراعيهــا
81 - وحُمّلت في حصار الشِّعْبِ ما حمــلت = من المكارهِ في صبرٍ تقاســــيها
82 - قاست كما زوجُها ، فالله شــــــاهدُها = والصبرُ رائــــــــدُها والرشدُ ساعيها
83 - هذا أبو طـــالبٍ حامى بمِنعته = عن النبوّة في قـــومٍ يُجاريها
84 - ومثلُهُ كان أهلُ الكهــــــف إذ نصروا = دينَ الإلهِ وذا الفرقــــــــــــانُ يُبديهــا
85 - آووا إلى الكهفِ في صــمتٍ وأمرهُمُ = عن الأنــــــــام خفيٌّ لا يماريهــــــــــا
86 - إن الحصافةَ وضعُ الشيء موضعَــهُ = ويُبلغُ النفسَ ما شــــــــــاءت أمانيها
87 - تلكم قريشٌ ترى المختـــــارَ من كثبٍ = يُبيد ما ســـــــــاءه منها فيخـــــــزيها
88 - ظنّت بهاشــــــــم ظنَّ السّوء فابتدرت = إلى الرســــــــــــالة بالعدوان ترميهـا
89 - ظنّت بأنَّ رســــــــــــولَ الله يســــلبها = باســـــم النبوّة مجــــــــداً في مغانيها
90- فعاجـــــــــــلته بغدرٍ لا قـــــــــــرارَ له = إلا بهاشـــــــــمَ أن تُبدي فتُفنيهــــــــا
91- وجاء دورُ أبي الكــــــرّار مُســـــــتلباً = ما كــــان يُقلقها أو كــــــــــان يُغريها
92- فأضـــــــــمر الدينَ كي يحمي بقيَّتــــه = - في كلِّ نائبـــــــــةٍ - من بأس شانيها
93- إنّ السياســــــــــــةَ إن أبدت قوادمَها = للناظـــــــــــرين فقد أخفــــت خَوافيها
94- ما ساد بالمــــــــــال في قومٍ مبادؤهم = قامت عليه وما جـــــــــازت مَباديهـــا
95- وإنما ســـــــــــــاد بالأخلاقِ فانبجست = عينَ النباهةِ في حلـــــــــــــــمٍ يُداريها
96- وســــــــــاس منها نفوساً لا شفاءَ لها = علّ الزمــــــــــان من الأدواءِ يَشفيها
97- رعى النبيَّ ولم يُسلمْـــــــــــــهُ منفرداً = للضّارياتِ ولــــــــــــنْ يخشى تحدّيهــا
98- حامى وراعى وما لانت عزيمتُـــــــــهُ = ما كان بالكفر بل بالرشـــــــد يُمضيها
99- لِمْ لا يُعينُ على المختار متَّخــــــــــذاً = درب السّـــلامةِ من ذا لا يُرجّيها؟
100- أودى به الهــــمُّ والأيام عابســـــة = في وجههِ السّــــــمْحِ ما أنكى لياليها!
101- ربَّ اللئامُ تناهَـت نَيْـــــــــــــلُ غايتهم = من النبيّ بمكــــــــــرٍ من طَــــــواغيها
102- حتى تقادَمَ عامُ الحـــــــزن مذ غربت = شمسُ الشـــموس وكان الخلدُ ناعيها
103- جاءت برعناءَ شــــــــوهاءٍ مكـــدَّرةٍ = وَقودها الجهـــــــــلُ والأضغانُ توريها
104- في أنّه مات في شـــــــركٍ وفي عَمَهٍ = وأنه النارَ يومَ الحشــــــــــــــر صاليها
105- لو كان والــــــــدَ عمرٍو أو معـــاويةٍ = لكـــان أوّلهـــــــا دينـــــــاً وتأليهـــــا
106- لكنّه والدُ الفــــــــــــردِ الذي نسـجت = له السمــــــــــاءُ ثياباً من دَراريهــــــا
107- من اسمهُ شقَّ من إسم العليّ فمــــا = فضــــــــــــــيلةٌ في الورى إلا ويُنسيها
108- لم يُبقِ للإنس من فضــــلٍ ومنقبــــةٍ = إلا وزاد عليهـــــــــــــا ما يُمَحّيهــــــــا
109- لجْ بحــــــرَهُ تجد الدنيـــــا وما وهبت = بجودهِ لا بما جـــــــــادت ســــــــواقيها
110- وما الأنامُ ســوى إحدى صنائعهِ = وإن تجاهلَ ذو لؤمٍ أياديهــــــــا
111- عادت علياً وشاءت أن تضارعَــــــهُ = بالمكرماتِ فما اســــطاعت لتحصيهــا
112- فهو المكارمُ في ذاتٍ وفي صفـــــــةٍ = وهي المآثم خافيهـــــــــا وباديهــــــــــا
113- رامته شخصــــــــاً فلم تظفر بشـانئةٍ = حتى رمته بإفــــــــكٍ من تجنّيهـــــــــــا
114- ماذا يضير شعاعَ الشمس إن عَميت = عنـه العـــــــيونُ وماذا كان يُجديهــــا؟
115- إن النفوسَ التي تُطــوى على دَغَــلٍ = هيهات نور الهــــــدى يومـاً يؤاتيهـــــا
116- ما أنكــــــــــرت منه إلا كلّ مأثــــرةٍ = تُنمى إليه وفضـــــــــلُ الله يُنميهـــــــــا
117- لو حاز هذا الـــورى منه بمكرمـــةٍ = ما عذّب الله يومَ الوعــــــدِ جانيهــــــــا
118- من حبّهُ جُنّةٌ في الحشرِ من سُعُـــرٍ = نزّاعةٍ للشَّوى في قعــــــــر واديهــــــا
119- من وحّد الله والاقـــــــوامُ عاكفـــةً = كلٌّ إلى وثنٍ بالـــذلّ يُخزيهـــــــــــا
120- ربّاه طــــــــــه وغــــــذّتهُ أناملُــــه = صفواً من الدِرِّ ممّـــــــا فاض طاميهــا
121- يشَمُّه عَرْفَه ُيغـــــــــذوهُ ســـــؤدَدَهُ = وحِجْرُهُ المَهْـــــــدُ آمـــــــــالاً يربّيهــــا
122- يحنو عليه وبالأخــلاق يرفِـــــــــدُهُ = وفي حِــــــــراءِ دروسَ الوحي يُلقيهـــا
123- وكان يسمع صــوتَ الوحي حيدرةٌ = يتلوا من الذكر آيــــــــاتٍ وينشـــــــيها
124- رأى الرسالةَ رأْيَ العــينِ مُخْضِلَةً = لَفْحَ الهجيرِ بنشـــــــرٍ من غواليهــــــا
125- مُدَّت إليه يدُ التوحــيدِ حاملــــــــــةً = عهدَ الإمامة عن سَــــــــبْقٍ لتُمضيهـــا
126- فأنذر المصطفى يومـــاً عشــــيرتَهُ = وكان لــلدين والدنيـــــــــــا يُرجّيهـــــا
127- وقال: يا قومُ من منكـــم يُناصـرني = على الخطـــوب إذا هبّت ســـــوافيها؟
128- إني لأرجو أخـــــاً منكــــم يؤازرني = وللخلافة من بعــــــدي ســــيحميهــــا
129- فقام أصغرهم ســــــنّاً وأوثبهــــــم = للتضـــــحيات إذا نــــــادى مناديهـــــــا
130- وقال: إني لها والقوم شـــــاخصـةً = منها العيــــــونُ وكان الأمــــــرُ يَعنيها
131- وقد أعــــــاد ثلاثاً قولَــــــــهُ وكفى = بهنّ عـــــدلاً رســــــولُ الله يجريهـــــا
132- جزّاه خيراً عن الاســـــلام ممتدحاً = ولم يشأ هكــــذا بالأمـــــــر ينبيهـــــــا
133- حتى أقام عليهم حجّـــــةً بلغـــــــت = غور القلوبِ وقد ألقــــت مراســـــيها
134- ناداه أنت أخي من بينهــــــم وكفى = خلافةَ الله من بعـــدي ســـتكفيهــــــــا
135- محلّ هارونَ من مــوسى تُسيّرهم = على الطريقةِ تســـقيهم غــــواديهـــــا
136- فصار أعظمَ من في الأرض منزلةً = بعد النبيِّ وكــــان الله مـــــــــــــؤتيها
137- وفـــرّق الجمعُ والأمواج متعبة = ألقى بها اليمُّ وانزاحـــــــــــت دياجيها
138- وعاد حيدرُ جــــــــــذلاناً بما وهبت = له الرسالة من نُعــــــمى تســــاميهـا
139- يقي النبيَّ بروحٍ غيـــــــــر مكترثٍ = بالقارعات وما تُلقي غواشـــــيهـــــــا
140- وكان كالظلِّ يحـــــــــذو حذو سيّدهِ = والنفس بالمـــــوت مقــــــداماً يمنّيهـا
141- ومن غدا الموتُ دون الحقّ مُنيتَهُ = هانت عليه من الدنيــــــــــــا مآسـيها
142- رأى قريشاً وقـد كـادت مكائِـــــدُهـا = تـودي النبـيَّ ومـن بالعطـفِ يوليـهــا
143- فقدّم النفـسَ قربــــــانـاً وبـات علـى = فـراشِ أحمـدَ كــي تلـقـى أمانيـهـــــا
144- ويسلمُ الدينُ من غـــــدرٍ بـه عُرفـت = تلـك النفـوسُ وقـد سـادتْ بـه تيـهـــا
145- ترقَّبوا الفجرَ أنْ يأتي بمـا رغبــــوا = فيستـريـحَ مــن الاســلامِ طاغيـهــــا
146- فأصبحـت وإذا الإسـلامُ مُمتشِـــــقـاً = عَضْبـاً مـن الخـزي والاذلالِ يَسقيـهــا
147- وأيقنتْ أنَّ هـذا السيـفَ صـــــاعقـةٌ = مـن السـمـاءِ وقــد حـلَّـت بناديـهـــــا
148- وكيف لا وعلـيٌّ مـن بــــــــــه قُرِنَـت = معنـى البطولةِ حيـنَ البـأسُ يُنضيـهـا
149- يدعو إلى الموتِ من يدنو لصـارمِـهِ = فـلاذ بالصمـتِ خـوفَ البـأسِ عاتيـهـا
150- ويمكـرون ولمّـا يعلمـــــــــوا سَفَـهـاً = أنَّ الإلــه بسِـنْـخِ الفـعـلِ يَجزيـهــــــا
151- وآبَ بالجمـع ذلُّ الدهـرِ يَســــــقيَـهـمْ = كـأسَ الهـوانِ فـيـا بُـعـداً لحاســـيـهـا
152- وسار بالرَّكْبِ يطوي البيـدَ منفـــــرداً = يقـي الفواطـمَ مـن هــولٍ ويحميـهـا
153- مهاجـراً وعيـونُ القــــــــــومِ ترمُـقُـهُ = كـأنَّـهُ الـمـوتُ إذ يـنـأى يُقَصّـــــيـهـا
154- فأثلـجَ الله قلـبَ المصــــــــطفـى بفتـىً = يطـوي المـلاحـمَ ضحّـاكـاً ليُبكيـهــا
155- الموردِ البيضَ في سوحِ الوغى مُهَجاً = والمطعـمِ الـمـوتَ أرواحـاً يُناويـهـا
156- إذ سلَّـهُ اللهُ ســـــــــيفـاً ليـس تغـمـده = إلا الرقـابُ إذا مــا فــاضَ جاريـهــا
157- راض الصناديدَ والشـــجعانَ صارمُـهُ = علـى الـفـرارِ إذا استبـكـى تراقيـهـا
158- وهو المـــــلاذُ إذا مـا الأمـنُ مُسْتَلَـبٌ = والأرضُ بالجورِ قد ضاقت بمن فيها
159- سائلْ ببـدرٍ غـداةَ الشــــــــركُ غيهبُـهُ = يُزجي الكتائبَ من أفنـى ضواريهـا؟
160- جاءتْ وقد أيقنت بالنصــــــرِ يخدعُهـا = طـيـفٌ ألــمَّ بلـيـلٍ مــن أمانيـهــــــا
161- يقودها الغيُّ والكفــــــرُ الـذي مُزِجَـت = به النفوسُ وحادي الحقدِ حاديهـــا
162- فأصبحـتْ وإذا الأحـلامُ ينسَــــــــخُهـا = سـيـفٌ لطائـشـةِ الأحــلامِ يُرديـهـا
163- أردى الوليـدَ وأردى شَيْبَـةً فغــــــــدا = مـن بعـدِ عُتبـةَ يُـردي مـن يواليهـا
164- يدور بالصِّيد حتـى ظـنَّ أبصـــــــرُهُـمْ = بــأنَّ ألــفَ عـلـيٍّ حــــــــــلَّ واديـهـا
165- حتى رأوا منه مـا لـو أنَّ أبعــــــدَهُـمْ = رامَ الـفـرارَ لـنـالَ الفـخــــرَ دانيـهـا
166- تلكـم قـريـشٌ تمنَّـتْـهُ لتقتـلَــهُ = فخيَّـبَ المـوتُ فــي بــدرٍ تضنِّيـهـــــا
167- في طاعةِ الســـيفِ قد آلـى لَيوردَهُـمْ = عُقبـى الغـرورِ جحيـمـاً ذُلَّ صاليـهـا
168- وقـد أحـال ببـدرٍ ماءَهـا سُــــــــــعُـراً = فـي قلـبِ هنـدٍ وقـد آلــتْ لَتطفيـهـــــا
169- حتى أعدَّتْ لأحْدٍ كلَّ مـا ادَّخــــــــرت = مـن الضغـونِ وما نالت بوحشـيـهـا
170- مـا ترتجيـهِ فهـذا حيـدرٌ أجَـــــــــــــلٌ = مـا زالَ يخـطـفُ أرواحــاً لأهليـهـــا
171- ظنّتْ بحمـزةَ تستشفـي ضغــــــائنَهـا = هيهـاتَ هيهـاتَ مـا الأكـبـادُ تَشفيـهـا
172- عادت وسيفُ عليٍّ صـــــار يوقرُهـا = عِــبْءَ الغـمـومِ كـأحـدٍ أو يُدانيـهــــا
173- وعاد حيـدرُ والدنيــــــــــا علـى أمـلٍ = تُلقـي القِـيـادَ لــه طـوعـاً ليُنجيـهــــا
174- وجلجلتْ لفظـةُ التوحيــــــــدُ وانقلبـت = ريـحُ السَّـمـومِ إلــى رَوْحٍ يُغاديـهـا
175- ولفحةُ الهوجِ عــــادت نفحـةً عَبقـت = منهـا الجنـانُ أريجـاً نَـشْـرَ غاليـهـا
176- وقد تلاقـتْ علـى شـوقٍ يؤرّقُهـــــــــا = طـولُ الفِـراقٍ وقــد مـلّـتْ تَجافيـهـا
177- مفاخـــــرٌ ظلّـتْ الأيــامُ تَرقَبُـهــــــــــا = فصافـحـتْ بالهـنـا كـفّـاً تُجلّـيـهــــــا
178- كفّـاً تجلَّـتْ بهـا للحـقِّ ســـــــــــطوتُـهُ = وأيُّ كــفٍّ بـمـا نـالـتْ تُكافـيـهــــا؟
179- وأيقن الحـقُّ أنْ لا شـيءَ يُسْــــلِمُـهُ = للمُـرديـاتِ وقــد أقْــوَتْ بمُرديـهـــا
180- الواهبِ الحتفَ قلبَ الموتِ من فَرَقٍ = والناهبِ الرَّوْعَ من قومٍ يُراعيهــا
181- والمنقذِ الديـنَ مـن عـــــــادٍ وعاديَـةٍ = سـوداءَ يَعـجـلُ بــالأرواحِ داجيـهـا
182- والكاشفِ الكربَ والغمّـــــاءَ ، هِمَّتُـهُ = غـوثٌ لنـارِ غلـيـلِ الـحـقِّ يُطفيـهــا
183- والمرتقي الصّعبَ لا تمتــــــازُ ميْمَنـةٌ = عـن أختِهـا مُبعِـداً بالموتِ دانيـهـا
184- لم أنسَ يوماً به الأبصارُ خاشــعةً = وللمنـيّـةِ يـدعـوهـا منـــــــــاديـهـــا
185- عمرو بن ودٍّ وما أدراكَ صــولتُهُ = وَقودُهـا النـاسُ لا يخبـــــو تلظّيـهـــا
186- يقلّبُ الصفَّ مثلَ الكفِّ ليس لــــه = غيـرُ الكريهـةِ مـرتـــــــاداً نواديـهـــا
187- صاح النبيُّ وملءُ البيد صيحتــــه = مَـنْ منكـمُ جنــــةً بالنفـس يشريهـــا؟
188- هل من نصيرٍ يحامي عن عقيدتهِ = والناسُ في صَمَمٍ عـن قـولِ ناعيهـــا
189- فما استجاب له إلا أبـو حســــــنٍ = وهـو القضـاءُ وللاقـــدار مزجيهـــا
190- لاقى ابنَ ودٍّ غداةَ الغُلْبُ يقعدهـا = هَـْولُ اللقــــــــاءِ إذا هـمّـت ويُثنيـهــا
191- بعزمةٍ ما وَنَتْ عن نَيْـلِ بُغتيهــــا = من الرقـابِ إذا مـا الشـركُ يعليهـــــا
192- في ساعةٍ برز الايمانُ منتضيـــاً = علـى الضلالـةِ سيفـاً ثـلَّ راســـــيهـا
193- سقاهُ من كأسهِ في ضربةٍ جمعت = غُـرَّ المناقـبِ إنْ عُـدَّتْ معاليـهــــــا
194- بضربةٍ هدَّمت ركنَ الضلالِ كمــا = شادت صروحَ الهدى أنعِـمْ بماضيهـا
195- بضربةٍ تُثقل الميزانَ لو وُزِنــــت = بها عبـادةُ مـن فـي الخلـق تكفيهـــــا
196- وِتْرٌ وقد شُفِعَتْ في خيبــــــرٍ فغــــدت = من نحرِ مرحـبَ للأعقـاب تُدميها
197- في موقفٍ مُدَّتْ الأعناقُ راصـــــــدةً = مـن الرسـولِ نــداءً ليـس يَعنيهـــا
198- لرايتي في غــــدٍ ليثٌ إذا خمــــــــدت = نـارُ الهيـاج فمنـهُ البـأسُ يوريهـــا
199- كـــــلٌّ تمنّى ولكــنْ لا ســـــبيـلَ الـى = نيلِِ الأمانـي إذا مـا الوهـمُ يُنشيهـا
200- ولم يكن كفـــــؤها الا أبـو حســــــنٍ = لكـنَّ فـي العـيـنِ أدواءً يُعانيـهــــا
201- فمـدَّ طــــــه بكفيّــــــهِ لـهُ فَـيَــــــــــدٌ = فيهـا دواءٌ لعيـنِ الـديـن يُشفيـهــــا
202- وفي يدٍ رايـةٌ للفتــــــحِ أودعهـــــــا = عنـد الضَّنيـنِ بهـا بالنفـس يفديهـــا
203- في وقعةٍ كان لولا حـــــــيدرٌ رجحـتْ = كـفُّ اليهـودِ علـى كـفٍّ تُقاويهـــــا
204- أبادَها حيث لا حصـــــــناً بمنجدِهِــــم = ولا الـدروعُ مـن الآجـالِ تُنجيهــــا
205- ولو تدرَّعَتِ الأجبــــــــالَ زلزلهــــــا = بـأسٌ مـن الله لا يُبـقـي بَواقيـهــــــا
206- بأسٌ كأنَّ المنايـــــــا وهـي مجدبــــةٌ = بالسائـلاتِ مــن الأرواحِ يَســقيـهـا
207- تعاهدا هو والصمصــــــام أنْ يهــبا = عـزَّ الحيـاةِ لمـن بالرشـدِ يُحييهــــا
208- في كفِّ أروعَ لا تنبــــــــو ضريبتُـــهُ = عنـد النِّـزالِ ولا تعـدو مَراميـهـــــا
209- ســــلوا هوازنَ إذ سـارت كتائبُهـــا = تبغـي حُنينـاً عسـى تلـقـى أمانيـهـا
210- من ساقَ جَروَلَها للموتِ؟ غيرُ فتـىً = لو ناجزَ العُـرْبَ حيـن البأسِ يُفنيها
211- من جدَّل العاصَ في الهيجا وحنضلةً = نجـلَ الطليـقِ غـــداةَ الـغـيّ يغريـهـا
212- من رام خـــالَ أبي حفصٍ فخلَّفـهُ الـ = مـوتُ الوَحـيُّ ضغونـاً خـامَ داجيـهـا
213- حتى أبو حفصَ لـم تســـــلـمْ طويّتُـهُ = وجـمـرةُ الـثــــأرِ لا تخـبـو فتُذكيـهـا
214- وآمـن النـاسُ والمختـــــــارُ يُخبـرُهُ = وحـيُ السمـاءِ بمـا تُخـفـي ليُنبيـهـا
215- ولـم يـدعْ موقفــــــــــاً الا وذكَّـرهـم = بفضـلِ مـن كـان مشـكـاةً لساريـهـا
216- وفي تبــــــوكٍ غـداةَ الـرومُ جحفلُهـــــــا = بحـرٌ تلهَّـبُ مــن بــأسِ عواليـهــــــا
217- تريـد إطفـاءَ نورِ الله فانكشـفـت = بـذلـك الـنـورِ أسرارٌ لواعـيـهـا
218- إذ خلَّفَ المصـطفى من أهلهِ بطلاً= عـلى المدينةِ يرعـــــاهـا ويحميـهـا
219- فتىً كهـارونَ مـن موسـى وعُدَّتُـهٌ = إلا النـبـوّة مــا يُـزهـي ترجّـيـهـا
220- والمرجفــونَ أرادوا طمـسَ منقبـةٍ = قـد شـاء ربّ السما كالشمـس يُبديهـا
221- بيضاءَ يفزع منهـا الليـلُ منهزمـاً = بـلا قـتـالٍ ولـكـنْ مــن تسـاميـهـا
222- أولاهُ احمـدُ مـا لـو أنَّ مكرُمَـةً = أومتْ الى الأرض لاخضـرّتْ مَواميها
223- أفضى إليـه بأسرارٍ تنـوءُ بهـا = شـمُّ الرِّعـانِ كطيِّ الطرسِ يطويهـا
224- وسدَّ في المسجدِ الأبوابَ أجمعَهـا= وبـابُ حيـدرَ - حـدَّ الفخـرِ - يُبقيهـــا
225- يوحي إليهم بأنَّ البيـتَ مسجدُهُ= وأنـهُ مــن فِـئــــــامِ الـنـاسِ زاكيـهـا
226- وأنّهُ مسجدٌ حيٌّ تضيق به = دنيـا الوجودِ فقد وافى ينقّيها
227- رمزُ السماءِ محالٌ أنْ يدنّسَـهُ = مـا يعتـري النـاسَ تطهيـراً وتنزيـهـا
228- ما كان ذلك من وحي الهـوى مِقـةً = وإنما حكمةَ للهِ يُمضيها
229- آلتْ عليـه بأنْ يُدنـي أبـا حسنٍ = حتى يُمـيِّـزَ قالـيـهـا وغالـيـهــا
230- عـن عصبـةٍ آمنـت باللهِ واتَّبعـــــــــــــت = هـذا الوصـيَّ فضجَّـتْ مـن مآسيـهــا
231- وأعظمُ الخطبِ عنــدي أنَّ كافـرةً = بأنعُـمِ اللهِ شمـسَ اللـطـفِ تَنفيـهـــا
232- عن منزلٍ هي لولاهُ لما وردت = صَفْـوَ الحيـاةِ وقـد راقـت لســاقيهـا
233- وفاتها من رجوعِ الشمس منقبةٌ = فـي كـلِّ يـومٍ لهـا أفــقٌ يبيّيـهـا
234- رُدَّتْ إليه وما رُدَّتْ إلى أحدٍ = إلا ليوشعَ إجلالاً لداعيها
235- وتلكـمُ آيــــــةٌ للحـقِّ محكـمـــــــــــــةٌ = جليّـةٌ والخـصــــــــومُ الـلـدُّ ترويـهـا
236- كآيـةِ الطائـرِ المشـــــــــــــــويِّ بالغـةً = تُغنـي وإنْ سَمَـدت عنـهـا أعاديـهــــا
237- موتوا بغيضٍ وإلا فاهلكوا حسـداً = إذ ليس يكسفُ وجهَ الشمس هاجيها
238- هذي أميةُ هـل نالـت منابرُهـا = بالنَّيْـلِ مـن حيـدرٍ إحدى أمانيـهـا؟
239- أم انها غـودرت أدراجَ ســــــــــافيـةٍ = بسُبَّـةٍ لـم تـزل فيـكـم مخازيهـا
240- ماذا نقِمتم؟ ســــــوى ثأرٍ يصيح بكـم = مـن آل مـروانَ لا عــادت لياليـهـــــا
241- ذرهمْ يقولوا كما يحلو لهم سَفَهــــــا = ليـس المقـالُ عـن الافعـــــال يغنيـهـا
242- لو كان يغني لأغنت كلَّ سامعــــــــةٍ = ذاتُ السلاســـلِ فـي ذكـرى مغازيهـا
243- يوماً أبو بكـر للرايـاتِ يقدمهـــــــــــا = ولـم يكـن للوغـى عهـداً بمعطيـهـــــا
244- يطوي الفِجـــاجَ الى حربٍ وشاغلُهُ = كـيـف النـجـاةُ إذا دارت دواهيـهـــــــا
245- فعاد والخُسْــرُ يحـدوهُ وسائقُـهُ = حـبُّ السلامةِ تغريه ويغريـهـا
246- فأرسل المصــطفى من بعده عمراً = لعـلَّ بالنصـــــرِ بعـد الخُسْـرِ يأتيـهـــــا
247- وكان يعـــــــــلم مـا يأتـي بـه عمـرٌ = لـكــنَّ لله أحـكـامــــــاً سيجـريـهـــــــــا
248- ولا يُـلامُ أخـو تَيْـمٍ وصــــــــــــاحبُـهُ = على النّكوصِ فحمـلُ السيـف يُعييهـا
249- إنَّ السيـوفَ مصـونـاتٌ بكفِّهِمـا = عـن التبـرُّجِ إنّ الـحـربَ تؤذيـهـا
250- وفـي التبـــــرّجِ آيـاتٌ منـزَّلَـةٌ = حاشـا لأمثالهـا الشيـطـانُ يُنسيـهـــــــا
251- لذاك عاد أبـو حفـصٍ بجحفلِـــــــــهِ = إلـى الـرســـــــــول بـأهـوالٍ يُقاسيـهـا
252- فأرتقَ الفَتْـقَ أن نـادى بحيـــــــدرةٍ = وهـو المغيـثُ إذا نـــــــــادى مناديـهـا
253- أنْ يا علـيُّ أعِـدْ للديـنِ هيبتَـــــــــهُ = فمـن سِـواك لهـا إنْ غُـمَّ زاهيـهــــــا؟
254- فقام حيدرُ وهو الليـثُ منتفضـــــاً = بهمّـةٍ تُفـزعُ الدنـيــــــــــــا ومــن فيـهـا
255- وعاد بالنصـــــرِ جَذلاناً وقد نزلـت = والعاديـاتُ فـيـا بـشرى لتاليـهـا
256- وبشَّرتْ أحمـداً بالفتـحِ مدركـةً = بــه الرسالـةُ آمــالاً ترجّـيـها
257- وأيقن الشركُ أنْ لا عيشَ في دعةٍ = ما دام سيفُ الهـدى بالشّهـبِ يرميهـا
258- وفـي بــراءة إيــذانٌ بمهلـكِـهِ =وظُــنَّ أنَّ أبــا بـكــرٍ سيُمضـيـهـا
259- فسار بالنـاسِ عـلَّ الحـظَّ يُسعفُـهُ =وبـالـبـراءةِ للطّـاغـيـنَ يُـخـزيـهـا
260- لكنَّما الوحـيُ قـد وافـى بناسخـةٍ =مــن الإلــهِ لـهـذا قــال هـاديـهـا
261- أنْ لا يبلّغـهـا إلا أنــا وفـتــىً =مـنّـي فـحـيـدرةٌ عـنّــي يـؤدّيـهـا
262- كـان النبـيُّ علـى علـمٍ فغايـتُـهُ =للمسلمـيـنَ طـريـقَ الـحـقِّ يهـديـهـا
263- بـأنَّ مـن بعـدهِ لا كـفءَ يخلفـهُ =إلا عـلـيٌّ وفــي خـــمٍّ سيُنبـيـهـا
264- يـومَ الغديـرِ وحسبـي فيـه منقبـةً =شـابَ الزمـانُ ومـا شابـت نَواصيـهـا
265-لمْ ينجبِ الدّهرُ صِنـواً فـي شمائِلِـهِ =يُحيـي النفـوسَ وكـأسَ الحـقِّ يَسقيـهـا
266- يستلُّـهُ الحـقُّ سيفـاً دون وطـأتِـهِ =محـقُ الضـلالـةِ إنْ هـبَّـتْ سَوافيـهـا
267- يوماً دعا فيـه طـه النـاسُ قاطبـةً =وماجـتْ الارضُ مــن أمــرٍ يوافيـهـا
268- أمــرٌ مــن الله قـرآنـاً تنـزَّلـهُ =والـوحـيُ مبتـشـرٌ لــلآي تالـيـهـا
269- يا أيّهـا المصطفـى بلِّـغْ بمُحْكَمـةٍ =وإنْ أبَـيْـتَ فـمـا صـدّقـتَ موحيـهـا
270- بَلِّـغْ كفـاكَ إلـهُ العـرشِ شِرْذِمَـةً =عَـوْدُ الجهالـةِ مــن أغـلـى أمانيـهـا
271- واللهُ يعصِمُ من قـومٍ رَضَـوا بَـدَلاً =عــن الكـتـابِ بِـغَــيٍّ لا يُجافـيـهـا
272- فقـامَ أحمـدُ يتلـو قـولَ بـارئِـهِ =لـو كـان ينفعُهـا مــا قــال باريـهـا
273- يعلـو علـى منبـرٍ يرقـاهُ حيـدرةٌ =والبيـدُ بالنّـاسِ قــد غُـصَّـتْ فيافيـهـا
274- يا أيّها الناسُ إنّي قـد دُعيـتُ إلـى =ضـيـافـةِ الله مـــن ذا لا يُلـبـيـهـا؟
275- ألستُ أولـى بكـمْ منكـمْ بانفسكـم؟ =قالـوا: بلـى والـذي أصـفـاك نفديـهـا
276- وقال ما قال من وعـظٍ ومـن عِبَـرٍٍ =فـي خطبـةٍ يأخـذُ الاسمـاعَ مـا فيـهـا
277- وردَّدَ القولَ فـي أمـرٍ بـه افتُتِنَـتْ =مرضـى النفـوسِ فخابـتْ فـي مساعيهـا
278- واستبشـرتْ أنـفـسٌ بالله مؤمـنـةٌ =وحصحـصَ الحـقُّ لمـا قــال هاديـهـا
279- من كنتُ مولاهُ فالمولى أبـو حسـنٍ =بعـدي عليـكـم بــلا فـصـلٍ أُوليـهـا
280- خلافـةُ اللهِ عهـدٌ لا يجـوزُ علـى =مـن كـان ظالـمَ أنْ يـرقـى مَراقيـهـا
281- عهـدٌ مـن الله لا نفسـي تُراودنـي =ولا اتّـبـاعُ الـهـوى يـومـاً بمغريـهـا
282- فبـايـعَ الـنّـاسُ آلافــاً مؤلّـفَـةً =تــزفُّ للمرتـضـى أسـمـى تهانيـهـا
283- فمـدَّ للعهـدِ كفّـاً طالمـا زَهـقـتْ =بـهـا نـفـوسٌ إلــى قــومٍ ليُحييـهـا
284- كفّاً سوى الجودِ والصمصامِ ما عرِفَتْ =حياطـةُ الدّيـنِ مــن إحــدى أياديـهـا
285- وأكمـلَ اللهُ فـي ذا اليـومِ شِرْعَتَـهُ =وأتـمـمَ النّعـمـةَ الكـبـرى بمَهـديـهـا
286- و(اليومَ اكملتُ...) لمّا بايعوا دحضت =دعـوى المريـبِ إذا مـا الزيـغُ يوحيهـا
287- وإنَّ من بعدها حـقَّ العـذابُ علـى =مـن سوَّلـتْ نفـسُـهُ بـالإفْـكِ يرميـهـا
288- إن كان جهراً وإن سراً سواسيـةٌ =إنَّ الـعـذابَ عـــذابَ الله آتـيـهـا
289- جاء ابن فهرٍ الى المختار يسألُـهُ =إن كـان مـن ربّـهِ أم كـان تمويـهـا
290- نصُّ الخلافـةِ والهـادي يؤكّـدهُ =وأنهـا عـن لسـان الوحـي يُمليـهـا
291- فقال: إنّك قلتَ الصومُ مفتـرضٌ =ثـم الصـلاةُ وهـا طوعـاً نصلّيـهـا
292- ثم الزكاةُ وحـجُّ البيـتِ واجبـة =ثـم الجهـاد فروضـاً لسـتُ ناسيـهـا
293- إن كان من عندك اللهمّ قد نزلـت =فامطـرْ علينـا فإنـي الـيـومَ آبيـهـا
294- فعجَّلً اللهُ بالقـومِ الألـى نكـروا =وفي السعيرِ غداً فـي الحشـر يصليهـا
295- ( وقولـةٌ لعلـيٍّ قالهـا عمـرٌ) =تُغنـي البلاغـةَ مـا تحـوي معانيـهـا
296- بَخٍ بَخٍ صـرتَ مولانـا وقائدنـا =وعلةٌ فـي الحشـى مـا كـان يُبديهـا
297- تُرى لهاشمَ دون الخلـقِ بارئُهـا =بعـد النبـوّةِ عـزَّ المُـلْـكِ يؤتيـهـا؟
298- هل كان وحْياً؟ أم انَّ الأمرَ أمنيـةٌ =عنـد الرسـولِ لمـن يهـوى يُمَنّيـهـا
299- ولم يكـنْ عنـده إلا أبـو حسـنٍ =ولـمْ يجـدْ غيـره نفـسـاً يؤاخيـهـا
300- وذي قريشٌ بهذا الدينَ قد سُلبـتْ =عِـزّاً علـى أبَــدِ الآبــادِ جافيـهـا
301- هلا تَقِرُّ لهذا الأمـرِ عـن رَشَـدً =ولا تحـنُّ إلـى أمـجـاد ماضيـهـا؟
302- أم أنّهـا آمنـت حقـاً بـأنَّ لهـا =حقّـاً أُضيـعَ بكـفٍّ شـيـمَ ماضيـهـا
303- فاستسلمتْ خيفةً من بأسِ صولتـهِ =ربَّ القضـاءُ لمـا تـرجـوهُ يعطيـهـا
304- إنْ غيلَ أحمـدُ أو حانـت منيَّتُـهُ =تُبـدي الليالـيَ مـا الأقـدارُ تخفيـهـا
305- ربَّ انقلابٍ على الأعقابِ يمنحُها =تاجـاً علـى الهـام يستقضـي معاليهـا
306- خلّي أبا حفصَ مشغولاً بما مُنيتْ =بـه قريـشٌ وقـد ذُلَّــتْ نواصيـهـا
307- وسرْْ معَ النّاسِ إذ عاشتْ أبا حسنٍ =سيـفـاً إذا أبَــتِ التوحـيـدَ يَفنيـهـا
308- في كلِّ بيـتٍ لـه نـاعٍ ونائحـةٍ =تستمطـرُ القلـبَ إن غاضـت مآقيـهـا
309- تدعو الذحولَ ولا حيٌّ بمسعفِهـا =وكيف يُرجـى ومـا فيـه كمـا فيهـا؟
310- كلٌّ من الحقِّ مَوْتورٌ وقد رغبـت =عـن الهدايـةِ فــي غــيٍّ يغشّيـهـا
311- مشى بها الجهلُ حتى لم تجدْ أبداً =شيـئـاً يميّـزهـا عنـه ويُقصيـهـا
312- لو صُوِّرَ الجهلُ في يومٍ لنا بشراً =لكـانَ أقـبـحُ مــا يـأْبـاهُ يُزهيـهـا
313- سارت على دربِ فرعونٍ فأغرقَها =طوفـانُ موسـى فمـا شـيءٌ ينجّيهـا
314- وسوَّغت مكرَ هامانٍ فمـا نفعـت =عصـاً لموسـى وقـد دانـت لعاصيهـا
315- ماذا رأت من عليٍّ غيـرَ فَتْكَتِـهِ =عنـد القِـراعِ إذا شامـت مواضيـهـا؟
316- قـاد الثّمانيـنَ حمّـالاً لرايتِـهـا =يطـوي الكتائـبَ لا يخشـى غَواشيهـا
317- حتى يعود ولـم يأبَـهْ لجارحَـةٍ =شكوى الجـراحِ ولـمْ يحفـلْ بجاريهـا
318- يعود بالنصـر جذلانـاً لفاطمـةٍ =فـي دارِ طهـرٍ علـى الاسـلامِ بانيهـا
319- ( وقَوْلـةٌ لعلـيٍّ قالهـا عُمَـرٌ ) =لسنّـةِ الظلـمِ بيـن الـنـاس تُفشيـهـا
320- ( حرقتُ دارَكَ لا أُبقي عليكَ بها =إنْ لم تبايـعْ وبنـتُ المصطفـى فيهـا )
321- إنْ كان شورى فما تُجدي أبا حسنٍ =هـوجُ الريـاحِ وقـد ألقـتْ مَراسيهـا؟
322- أم أنَّ في البيت من تُخشى محجتُهُ =إنْ جـدَّ بالركـبِ نحـو التِيـهِ حاديهـا
323- أكان هارونُ عن موسى بمنعَزَلٍ؟ =أمْ أنَّ ألـواحَـهُ هُــدَّتْ مَبانـيـهـا؟
324- أو أنّهـا الديـنُ إلا أنَّ نـاصـرَهُ =ضـلَّ الطريـقَ وللشـورى يُجافيـهـا؟
325- أو أنهـا بدعـةٌ للديـن حالقَـةٌ؟ =أو أنّهـا فلـتـةٌ أخـفـت دواعيـهـا؟
326- حتى إذا حـان للشـورى مَنتيُّهـا =وقُـلِّـدَ الحُـكْـمَ بالتعيـيـن ثانـيـهـا
327- أمستْ ضلالاً وُقيتمْ شرَّ غُصّتهـا =فقاتلـوا كـلَّ مــن يبـغـي تثنّيـهـا
328- أُخادعُ العقلَ بالشـورى فيُعجزنـي =ردُّ الـجـوابِ عـلـى أمــرٍ ينافيـهـا
329- هلا أبو بكـرِ بالشـورى تقلَّدَهـا؟ =أم كان بالشرِّ؟ فاحكـم أنـت قاضيهـا(1)
330- وخلفـه عمـرٌ يـدعـو لبيعـتِـهِ =ودونـه القتـلُ مـن أضحـى يُجافيـهـا
331- هل كان يعلمُ ما الشورى؟ وقد أُخذت =بالسيـف بيعتُـهُ مـن كــفِّ معطيـهـا
332- وأمرهم بينهمْ شورى ومـا علمـت =إنَّ الـتـوعُّـدَ بـالإحــراقِ ينفـيـهـا
333- وأين كان مشيروها؟ ومـا شهـدت =تحـت السقيفـةِ مـن ذا كـان يُدريهـا؟
334- ثلاثة أُخبروا من كـان مخبرَهُـمْ؟ =بــأنَّ إمْرَتَـهـا الأنـصـارُ تبَغـيـهـا
335- وما بغتها ولكـنّ القضـاءَ مضـى =بالانقـلابِ عـلـى الأعـقـابِ يُرديـهـا
336- تلاقفاهـا وتـمَّ الأمــرُ بينهـمـا =والرافضـونَ وعيـدُ الـنـارِ يُغضيـهـا
337- ( وقولـةٌ لعلـيٍّ قالهـا عـمـرٌ ) =مـا نحـن فيـه بقايـا مــن مآسيـهـا
338- ( حرقتُ دارك لا أبقي عليـك بهـا =إن لمْ تبايعْ وبنـتُ المصطفـى فيهـا )
339- يوماً أتـى دارَ وحـي اللهِ منتفضـاً =بالـنـارِ يوعـدهـا حـرقـاً يُمحّـيـهـا
340- قالوا له: فاطمٌ في الدار قـال: وإنْ =بغلـظـةٍ أعـجـزتْ حـتـى مُداريـهـا
341- فقولةٌ أفصحتْ عن ديـنِ صاحبهـا =إنْ كـان بالـحـقِّ أم بالظـلـمِ مُلقيـهـا
342- وقل لمن عدَّ هـذا القـولَ مكرمَـةً =للمكرمـاتِ بسـهـمِ الإفْــكِ ترميـهـا
343- سائل أبا حفصَ هل كانـت مقولتُـهُ =وفـق الشريـعـةِ؟ أم حكـمـاً تنافيـهـا
344- أفي الكتـابِ وذا القـرآنُ شاهـدةٌ =آيـاتُــهُ أنّـهــا للـكـفـر تُنمـيـهـا
345- أم سنةُ المصطفى جاءت بهـا ولـهُ =علـم باسـرارِهـا فانـصـاعَ يُحييـهـا
346- إن الذي يهتـك الزهـراءَ حرمتَهـا =مـا كـان يـومـاً لآي الـذكـر تاليـهـا
347- أليس قـولُ رسـول الله": فاطمـةٌ =بقيَّـتـي فيـكـمُ بالفـضـل يَصفيـهـا؟
348- وفاطـمٌ بضعـةٌ منـي فيؤلمـنـي =مـا كـان يؤلمهـا يـا بـئـسَ مؤذيـهـا
349- يا لهفَ فاطم خلف البابِ إذ وقفـت =تدعـو أباهـا عسـى يـأتـي فيحميـهـا
350- لم يَبْلُ جسمُك والأحكام قـد بُليـت =والسّامـريُّ بحـكـم الـجـور ماحيـهـا
351- ( قـد كـان بعـدك أنبـاءٌ وهنبثَـةٌ =لو كنـتَ شاهدَهـا ) هانـت دواهيهـا
352- سَقْطُ الجنينِ وكسرُ الضلع أعظمها؟ =أم غصـبُ حقّـي وأهــوالٌ ألاقيـهـا؟
353- يا بابَ فاطمَ ما لاقيـتَ مـن مِحَـنٍ =تُشجـي الكـرام وما زالت تقاسيها
354- وشرُّ رُزْأَيِـن خطـبٌ لا نظيـر لـه=بيـن الخطـوبِ ومـن ذا بـات يحصيهـا!
355- غداةَ ألقـى أبـو بكـرٍ الـى عمـرٍ=خـلافــةَ الله تعـيـيـنـاً فيـجـريـهـا
356- أكان أجدى مـن الشـورى أم اتّخـذا=شـريـعـةَ اللهِ تـعـديـلاً وتوجـيـهـا؟
357- ماذا رأى تَيْمُ في أنْ يصطفي عمـراً=أيــن المشـيـرون قاصيـهـا ودانيـهـا؟
358- هل ظنّهـا نِحْلَـةً أم إرثـةً خلصـت=أم خـيّـروهُ فـمـن يـرضـاه يعطيـهـا
359- أم كـان أرفـقَ مـن طـه بأمـتِـهِ=إذ لـم يخلـفْ عليهـا مــن يراعيـهـا؟
360- أم ظنّها فلتةً أخـرى دهـت عمـراً=حاشـا لفاروقهـا المعـصـوم تنزيـهـا!!!
361- تقلّـد الأمــرَ بالتعيـيـن مبـتـدراً=لـشـرعـةِ الله بـالاحـكـام يغـنـيـهـا
362- أغاضه ُالنقصُ فيهـا فانبـرى علمـاً=يلقـي الفتـاوى كـمـا يـهـوى لباغيـهـا
363- مقابـلَ النـصِّ إن جـاءت فعـاذرُهُ=الجهـلُ بالـنـصِّ أمــا عـلـمُ مفتيـهـا
364- إن يجهل الأَبّ معنـىً فهـو مُدركُـهُ=بـدِرَّةٍ صاولـت عــن فـهـم راعيـهـا
365- ( أغنت عن الصارم المصقول دِرَّتُـهُ=فكـم أخافـت ) كريـمَ النـفـس زاكيـهـا
366- ( أخاف حتى الذراري في ملاعبهـا=وراعَ حتـى الغـوانـي فــي مغانيـهـا)
367- كانـت لـه آيـةً للظلـمِ محكـمـةً=أضحـى عميـرٌ (1)علـى الآيـاتِ يُعليهـا
368- وقولهم ( كعصا موسى لصاحبها )(2)=يُبـكـي ويُضـحـك تمثـيـلاً وتشبيـهـا
369- أجـاءت الـدِّرَّةُ الرعنـاءُ معـجـزةً=أنْ لــم تــدع هـامـةً إلا وتدمـيـهـا؟
370- ولـم تـدع حرمـةً للنـاس يرهبهـا=خــوفَ المهـانـةِ عاليـهـا وواطيـهـا
371- وشبَّهوهـا وقالـوا فـي قرارتـهـم=كــذبٌ فـثـمَّـةَ أشـبــاهٌ تحاكـيـهـا
372- شبيهها صارمُ الحجّاج لـو صدقـوا=فذالـك السيـفُ فـي بطـشٍ يحاكيهـا(3)
373- كلاهمـا بخِنـاقِ النـاسِ قـد أخـذا=وأرعبـا مــن فـجـاج الأرض نائيـهـا
374- دع دِرَّةَ الشيـخِ واستقـصِ دِرايَتَـهُ=بسـنّـةِ الله هــل أوعــى مبانـيـهـا؟
375 أم كان يشغلُهُ دهراً تكسُّبُهُ= والكدُّ للعيش عن أجلى مباديها
376 وما بذلك من بأسٍ فدِرَّتُهُ= تُغني اللسانَ إذا أعيا فيُمضيها
377 وقد يُغاث بشيخٍ أو بإمرأةٍ = وبالمحامدِ يَجزيه ويجزيها
378 إنَّ العجائزَ قد فاقته مرتبةً=بالفقهِ والعلمِ حتى بات يُطريها
379 كلُّ الأنام لهم بالفقة منزلةٌ =إلا الخليفةَ حاشا أن يباريها
380 حتى الذين بشربِ الخمر قد شُغِلوا=عن التفقُّهِ قد زادوهُ تنبيها
381 ( وفتيةٌ ولِعوا بالرّاح فاتخذوا= لهم مكاناً وجدّوا في تعاطيها )
382 ( ظهرتَ حائطهم لما علمتَ بهم= والليلُ معتكر الأرجاءِ ساجيها )
383 ( حتى تبيّنتهم والخمر قد أخذت=تعلو ذؤابةَ ساقيها وحاسيها )
384 ( سفَّهْتَ آراءَهم فيها فما لبثوا= أنْ أوسعوك على ما جئتَ تفقيها )
385 ( ورمتَ تفقيهَهُمْ في دينهم فإذا=بالشّرب قد برعوا الفاروقَ تقفيها )
386 ( قالوا مكانك قد جئنا بواحدةٍ= وجئتنا بثلاثٍ لا تباليها؟ )
387 ( فأتِ البيوتَ من الأبوابِ يا عمرُ= فقد يُزّنُّ من الحيطان آتيها )
388 ( واستأذن الناسَ أن تغشى بيوتَهُمُ=ولا تلمَّ بدارٍ أو تحيّيها )
389 ( ولا تجسّسْ فهذي الآيُ قد نزلت=بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها!!!)
390( فعدتَ عنهم وقد أكبرتَ حجّتَهم= لما رأيتَ كتابَ الله يمليها )
391 ( وما أنفتَ وإن كانوا على حرجٍ= من أنْ يحجّك بالآياتِ عاصيها )
392 وكيف يأنفُ من لا علمَ ينجدُهُ= ولا بصيرةَ كي يُدلي بماضيها
393 أيّ الدلائلِ أجلى حين أطلبها؟= من بعد ما شَهِدت عدلاً قوافيها
394 إنَّ الذي قد تخلّى عن فريضتِهِ= لفقدهِ الماءَ يوماً لن يصليها
395 وفي التيمّمِ آياتٍ تجاهلها= إنّ الخليفةَ آيَ الذكرِ ناسيها
396 كآيةِ الحملِ إذ جاءوا بإمرأةٍ=لستةٍ ولدتْ فانصاع يُفتيها
397 وهمَّ بالرجمِ لولا قولُ عالمِهِمْ=ذي آيةُ الحملِ من جُرْمٍ تبرّيها
398 فعاد مستغفراً لله مرتجياً=لتوبةٍ جهلُهُ فيها يُنافيها
399 إذ جدَّدَ الذنبَ في مجنونةٍ فجرت= رجماً بغيبٍ حدودَ الرّجمِ يلقيها
400 وكانت السنةُ السمحاءُ قد حمكت= على البراءَةِ لكن من يُباليها؟
401- وآيةُ الصيف إذ وافت مخبِّرةً= عن الكلالةِ أحكاماً لتُجريها
402- فكم تمنّى أبو حفصٍ يلمُّ بها=علماً فكلّ وما أوعى معانيها
403- قالوا أبو حفصَ يُغني المصطفى حِكَماً= إنْ فاته الوحيُ فالفاروقُ يوحيها
404-(كم استراك رسول الله مغتبطاً = بحكمة لك عند الرأي يلفيها)
405- (فأنتَ في زمن المختارِ مُنجدُها = وأنت في زمن الصدّيقِ مُنجيها)
406- ما بالُ من ولعوا بالرّاح قد بَرَعوا = الفاروقَ والخمرُ للآراءِ يُنئيها
407- (بات النبيُّ مسجّى في حضيرتِهِ = وأنت مستعرُ الأحشاءِ داميها)
408-( تهيمُ بين عَجيج الناس في دَهَشٍِ=من نَبْأَةٍ قد سرى في الأرضِ ساريها)
409- (تصيحُ من قال نفسُ المصطفى قُبضت=علوتُ هامتَهُ بالسيف أبريها)
410- ظنّاً بمولاكَ في خُمٍّ سيعقدها=ويترك النكبةَ الكبرى بهاديها
411- وهاتكاً حرمةَ الهادي فجثَّتُهُ =تشكوالهوانً فلا قبرٌ يواريها
412- والناسُ من بعدِهِ بالحكمِ قد شُغِلوا= وسنةُ الله بالأمواتِ توصيها
413- فكيف والمَيْتُ خيرُ الخلقِ وا أسفاً= على نفوسٍ أماتت حقَّ مُحييها
414- هذا هو الغيُّ في عينٍ وفي أثرٍ =لكنّ للفتنةِ العظمى دواعيها
415- فقلتَ: (من قال نفسُ المصطفى قُبضتْ)= فأن أوداجَهُ بالسيف أفريها
416- حتى إذا جاء من ترجو زِعامتَهُ= ثَمَّ ادّكرتَ من الآيات خافيها
417- (وأنّهُ واردٌ لا بدَّ موردَهُ =من المنيةِ لا يُعفيهِ ساقيها)
418- فقلْ لمن عدَّ هذا القولَ مكرمةً =للمكرماتِ بسهم الإفْكِ ترميها
419- سائلْ أبا حفصَ هل كانت مقولتُهُ= وفقَ الشريعةِ أم حكماً تُنافيها؟
420- ما ذنبُ من أُثكلوا بالمصطفى وشَكَوا=هولَ المصاب أ بالترهيب تُسليها؟
421- هبْهُمْ كما أنتَ إذ خولِطْتَ مُختَبِطاً= فلا تكن دونهم صبراً فتُشقيها
422- وأنت فاروقُها المذخورُ لو عَدَلَتْ= عن السبيل - جزاك الله - تَهديها
423- (فمن يُباري أبا حفصٍ وسيرتَهُ =أو من يُحاولُ للفاروق تشبيها)
424- (إنّ الذي بَرَأَ الفاروقَ نزَّهَهُ =عن النواقصِ والأغراضِ تنزيها)
425- (وقولةٌ لعليٍّ قالها عمرٌ)=ما قال في عمرهِ قولاً يضاهيها
426- لولا عليٌّ لأمسى هالكاً عمرٌ=أكرمْ بها قولةً تُزري بملقيها
427- فهي النّقيصةُ إذ بالعلمِ - لو عَلِمَتْ -= تسمو الخلافةُ إنَّ الجهلَ يُزريها
428- عاش النبيُّ سنيناً غيرَ كافيةٍ=إلا لإنذارِ قومٍ جاء يُنْجيها
429- لابدَّ من بعدِهِ هادٍ يبيِّنُ ما= تطوي الشريعةُ من أسرار طاميها
430- والأنبياءُ جميعاً خلَّفوا حَكَماً=يرعى الرّعية إنْ تاهت يُدلّيها
431- موضّحاً غامضاً فيما استجدَّ لهم= من الأمورِ وأحكاماً يُبدّيها
432- والله أعلم من أدرى بشِرعتِهِ= فمن سوى حيدرٍ من بعد هاديها؟
433- والمرءُ بالعلم لا ضرباً بدِرَّتِهِ=قواعدَ العدل والأخلاق يُرسيها
434- يا صاحُ لو شئتَ أنْ أنبيكَ عن فِتَنٍ =كادت على الدين أنْ تقضي دواهيها
435- جهلاً أبو حفصَ بالفُتيا يؤجّجها=لقلتُ ما قلتُ لكنْ كيف أحصيها؟
436- من لي بقومٍ بظلِّ الحقِّ إن دُعيت=لنصرةِ الوحدةِ الكبرى تلبّيها
437- لا ترهبُ السيفَ لا يوهي عزائمَها=ألجهرُ بالحقِّ أو يُثني تفانيها
438- تجدّدُ الحقَّ في إرساءِ معتقدٍ =فليس ما ينهج الآباءُ يُجديها
439- ما كلُّ من يقتفي إثْراً يفوز وما= كلُّ المناهجِ تُنْجي مُستميحيها
440- ما لم يكن هادياً فيها يُبيّنُها= أيّ النجوم لنَيْلِ القصدِ تَهديها
441- قالت هو العدلُ والفاروقُ سيرتُهُ= في زحمةِ الليل لا تَخفى دراريها
442- أقول لا عن هوى واللهُ سائلُنا =في يومَ لا شيءَ الا الحقُّ يُنجيها
443- ولستُ واللهِ من داعٍ الى فتنٍ=وإنّما قربةً لله أبغيها
444- هلا من العدل أنْ تلقي بقولتِها= من غير بيّنةٍ يُغنيكَ وافيها؟
445- فليس تُجدي أحاديثٌ ملفّقةٌ=من غير ما سندٍ للناسِ ترويها
446- ولا حُفالةُ أخبارٍ مهرَّأةً= فيها السياسةُ قد مذدَّتْ أياديها
447- فسخرَّتْ كلَّ كذّابٍ وذي إحَنٍ = لغُلَّةِ النفس مَوْتوراً يروّيها
448- إني لألعنُ قوماً حيث أذكرُها= وكيف شوَّهَت الاسلامَ تَشْويها
449- تفيض بالكفرِ حيناً ثمّ آونةً= لذاتِ أحمد بالأدرانِ ترميها
450- وصرَّفتَها أحابيلاً مُنَشَّرَةً= علَّ النفوسَ من الأضغانِ تشفيها
451- سلْ شاعرَالنيلِ عن تلك التي نذرت=(أنشودةً لرسول الله تُهديها)
452-(قالت: نذرتُ لإنْ عاد النبيُّ لنا=في غزوةٍ لعلى دُفّي أغنّيها)
453- أ كان في نَذْرْها أجرٌ ومَحْمَدةٌ =أم نذرُها باطلٌ بالله فافتيها
454- وأحمدٌ يسمع الألحانَ منتشياً= مع الشياطين تُشجيهِ أغانيها!!!
455- حتى أتاها أبو حفصٍ ففرَّقَها=(إن الشياطين تخشى بأسَ مُخزيها)
456- ولا تهابُ رسولَ الله وا عَجَباً=من تُرَّهاتٍ حكت عن جهلِ راويها
457- وغيرُها من مخاريقٍ ينوءُ بها= ثَهْلانُ إذْ لم يُطِقْ حَمْلاً مَساويها
458- باسمِ الشريعةِ قد خَطَّتْ مهازِلُها= صحائفاً لم تجد غيَّاً يُضاهيها
459- فأذهبت كلَّ ما في الدين من قِيَمٍ= وقوّضتْ صَرْحَهُ السامي بأيديها
460- مهلاً أخا الشعرلا ألفاكَ ممتدحاً=الا ذممتَ وإنْ أطربتَ ناديها
461- ولونظرتَ بعينِ القلبِ لانكشفتْ = لكَ الحقيقةُ رأيَ العينِ مَرئيها
462- لكنّما الداءُ لم يبقِ سوى شبحٍ= تسري به الريحُ أنّى سار ساريها
463- ويا أخا الشعرِ ما شيّدتَ منقبةً = إلا على الإفْكِ قد شيدَتْ مبانيها
464- مخاطباً مُبْدِعَ الشّورى ومبطلَها=(وللمنيّةِ آلامٌ تُعانيها)
465- (لم أنسَ أمرِكِ للمقدادِ يحملُهُ=إلى الجماعةِ إنذاراً وتنبيها)
466- (إنْ ظلَّ بعد ثلاثٍ رأْيُها شُعًباً= فجرِّد السيفَ واضربْ في هَواديها)
467- (وما استبدَّ برأْيٍ في حكومتِهِ= إنَّ الحكومةَ تُغري مستبدّيها)
468- هل كان حكمُ أبي حفصٍ بقتلِهِمُ = حُكْمَ الشريعةِ والفاروقُ قاضيها؟
469- أم أنّهُ بدعةٌ من صُنْعِ مُبتدِعٍ= فهي َالضلالةُ في أخزى مَجاليها
470- وكيف لا؟ وهمُ من قبلُ بشَّرَهم=- كما تقولون - بالجنّاتِ هاديها
471- أم أنَّ شرعتَكَ الفاروقُ جاء بها= ولا تُبشِّرُ جَمْعاً من حَواريها
472- هَبْ صار (بعد ثلاثٍ رأْيُها شُعَباً)= وللجماعة سيفُ العدلِ يُرديها
473- فمن لأمةِ طه بعد مقتلِهِم؟= هلا دعيُّ أبي سفيانَ يحميها؟
474- أم يُتركُ الأمرُ للأهواءِ يجمعُها؟=مَحْقُ الرسالةِ ما شاءت أعاديها
475- فاعجبْ لجرأَةِ نفسٍ لا خَلاقَ لها= ماذا تقولُ غداً لله باريها؟
476- إذ خلَّفتْ بعدها الاسلامَ مُرتَهَناً=في كفِّ طَخْياءَ لم تُكشَفْ دياجيها
477- وكم تمنّى أبو الشورى وحارسُها=في ساعَةِ النَّزْعِ أحباباً يُحابيها
478- لو كان سالمُ حيّاً أو مُعاذُ لما= تجاوزتْهُمْ إلى قومٍ تُرجّيها
479- أو كان جرّاحُها حيّاً لما وُهِبَتْ= لمن سواهُ ولكنْ ماتَ حاميها
480- سائلْ أبا حفصَ حين القوم قد جُمِعوا= تحتَ السقيفةِ إذ داعاكَ هاذيها
481- لِمَ احتججتَ على الأنصارِ مُدّعياً = أن الخلافةَ للقُربى ستُعطيها
482- وأقربُ الناسِ من طه عشيرتُهُ= وذا أبو بكرفي إحدى أواخيها
483- فهل لسالمَ مولى القومِ من نسبٍ=الى قريشٍ ليغدو سيّداً فيها؟
484- وهل مُعاذُ سما الأنصارَ في شرفٍ= في حَلْبَةِ السّبْقِ إنْ عُدَّتْ مَساعيها؟
485- وهل لكلِّ الورى فضلٌ وسابقةٌ = كما لهاشمَ لولا أنْ تُعاديها؟
486- وأنت تعرفُ أنَّ المرتضى كُفُؤٌ= وهو الخليقُ لها لو كنتَ مُعطيها
487- أرادهُ اللهُ لكنْ قومُهُ نكروا=وأنت هيهاتَ للأقوامِ تَعصيها
488- وحسبُ هاشمَ ما نالتْ وما ظفرتْ= منها النبيُّ وهذا الفخرُ يكفيها
489- وطالما كنتَ تخشى أنْ تؤمِّرَهُمْ= على البلادِ فربَّ الملكُ يُغريها
490- لم ترضَ أخذَكَ حقاً كان دونَهُمُ = حتى وضعتَ كُبولاً في أياديها
491- فابعثْ سواهم ولكنْ كلّ مؤتَمَنٍ= لشرعةِ اللهِ بالإيثارِ يُحييها
492- إلا وعاد بكفٍّ لا يطهّرها = قطعُ الأناملَ أنْ لو كنتَ مُجزيها
493- وما ابتعثَ لهذا الفرضِ ذا ثقةٍ= بين الأنام فروض العدلِ يُفشيها
494- (ولم تُقِلْ عاملاً منها وقد كثرت=أموالُهُ وفشا في الأرضِ فاشيها)
495- إلا معاويةً حاشا لحضرتِهِ= يوماً لحرمةِ مالَ الله يُسْبيها
496- وسِتَّةٌ لم تفاضلْ بينهم شَرَعٌ= كلٌّ كـ(فارسِ عدنانٍ وحاميها)
497- علماً وديناً وأخلاقاً وسابقةً = لا الظلمُ يعرفُها لا الحكمُ يُغويها
498- وكنتَ تعلمُ إنْ بارَوا أبا حسنٍ=فليس يشفعُ ماضيها وماضيها
499- وعند ذاك ينالُ الحكمَ حيدرةٌ = وتغدو هاشمُ والدنيا بأيديها
500- وما يروقُكَ حيّاً أنْ تؤمِّرَها=هلا يروقُكَ مَيْتاً أنْ تولّيها؟
501- وشرطُها سنّةُ الشيخينِ يدفَعُهُ= عنها فذاكَ مَعاذَ الله يُمضيها
502- أ مثلُهُ وزمامُ الدينِ في يدِهِ= خلافة الحقِّ بالبُطلان يَشْريها؟
503- ولم تكن شِرْعَةُ الرّحمنِِ ناقصةً= وذلك الشرطُ إتماماً يوفّيها
504- ولم يكن طالباً ملكاً يتيهُ بهِ= على الرّعيةِ والاموالَ يَجبيها
505- ولم يكن همُّهُ عرشاً تزلزلُهُ= دَهْمُ الخطوبِ إذا جارت عواديها
506- لو كان ذاك فإنَّ الملكَ يضمنُهُ= قولٌ: قبلتُ ، متى ما شاءَ يحكيها
507- وذاك عثمانُ ذوالنّورينِ ينطقُها= بلا حَريجَةِ من دينٍ تُماريها
508- فسار في سنّةِ الشيخينِ يرفِدُها= بسنّةٍ ثلَّثتْ ثاني أثافيها
509- وكان بالدين في عهدَيْهِما رَمَقٌ= من الحياةِ وبالأحكامِ يُجريها
510- فأصبح الدينُ والأحكامُ تندِبُهُ=بذائبِ القلبِ لمّا غاضَ جاريها
511- وأُطفئتْ طالعاتُ الذّكرِ وانكسفت= شمسُ الرّسالةِ فاظلمَّتْ نواحيها
512- وأقفرتْ أربُعٌ أقوَتْ منازلُها= من كلِّ نيِّرَةٍ بالأُنْسِ تَقريها
513- ونُكِّسَتْ رايةُ التوحيدِ وارتفعتْ= راياتُ هندٍ شموخاً في روابيها
514- أمست أميّةُ بالإسلامِ حاكمةً= والجاهليةُ قد عادت مآسيها
515- وصارعثمانُ يُعطي فوق مُنْيَتِها= فطالما الدينُ قد أودى أمانيها
516- وبات يقطعُ أرضَ الشامِ طاغيةً= وأرضُ مِصْرَالى ثانٍ سيُهديها
517- وأصبح المالُ فيما بينهم دُوَلاً= أما البقاعُ فقد أمست مَغانيها
518- والمسلمون غدوا في ظلّهِ خَوَلاً= إنْ شاء يُسعدها أو شاء يُشقيها
519- تقتاتُ جوعاً وتُسقى كأْسَ ذِلَّتِها=وجمرةُ الجوعِ والإذلالِ تكويها
520- وللعُتاةِ كمروانٍ يقرّبهم =منهُ وخيرُ بُناةٍ الدينِ ينفيها
521- وللتُّقاةِ ثيابَ الذلِّ يُلبسُها= والفاسقينَ بإجلالٍ يردّيها
522- وللضلوعِ من الأصحابِ يخضِدُها= لوأنّها تُفتدى بالروحِ أَفديها
523- ومثلِ عمّارِ بين الناسِ يُقْذِعُهُ=وأمَّهُ بعظيمِ الحَوْبِ يرميها
524- وإنْ شكت في بلاد الله شاكيةً = فإن مَنْ تشتكي منهُ سَيَجزيها
525- صلّى الوليدُ صلاةَ الصبحِ باطلةًً=بالنّاسِ فانذهلت من فعل واليها
526- واستبدل الحمدَ بالتشبيبِ مُدَّكِراً= من الجواري رباباً إذ يغنّيها
527- وقد تقيّأ في المحراب من سَكَرٍ= إنّ الليالي بشُرْبِ الخمر يطويها
528- وغيرهُ من ولاةِ الجورِ ما صنعتْ=من الشنائِعِ ما يُعيي تقصّيها
529- عاثوا ذئاباً بأرضِ الله واتّخذوا= خليفةَ الله رِدءاً من أعاديها
530- لقد طغا الجور حتى قام ثائرُهُمْ=بثورةٍ عدلُها للأرض يُحييها
531- توحّدتْ ضدَّ عثمانٍ لتخلعَهُ=وعائشٌ لسيوفِ القومِ تَنضيها
532- هذي ثيابُ رسولِ الله ما بُليَتْ=ونعثلٌ سنّةَ المختارِ يُبْليها
533- إلا اقتلوا نعثلاً وافنوا ضلالتَهُ=فإنه كافرٌ في شرعِ باريها(1)
534- وطلحةٌ وزبيرٌ دون أمّهِما=يدعون والناس للدعوى تُلبّيها
535- وصار نعثلُ بين القوم مُنخذِلاً=يرجو أميّةَ لكن خاب راجيها
536- وكاتب الشامَ علَّ الشامَ تُسعِفُهُ=فما استجابَتْ ولم ينفعْهُ طاغيها
537- ورُغْمَ ما ذاق منه الطهرُ حيدرةٌ=من المصائبِ ما تُصمي دواهيها
538- قد كان يوسعُهُ بذلاً نصيحتَهُ=وقبلَهُ كان للشيخين يُسديها
539- لكنّ عثمانَ يُدمي قلبَ ناصِحِهِ=وغلظةٌ عند مروانٍ يُداريها
540- والأمرُ والنهيُ من مروانَ أمرُهُما=فابك الرعيّةَ أنْ مروانُ راعيها
541- لابن الطّريدِ غدا عثمانُ منصرفاً=سَلْسَ القِيادِ كما يهوى مُداجيها
542- حتى أتتهُ من الجبّارِ قاصمةٌ=من الطغاةِ قريباتٌ مَراميها
543- والمسلمون رأوا في حيدرٍ عَلَماً=الى الشريعة كالمحتار يَهديها
544- هيهاتَ هيهاتَ لن تُرضيهِ بيعتُهُمْ=حتى يقرّ من الأمواجِ عاتيها
545- وتسكنُ الأنفسُ الغضبى لتعقدَها=لمن تراهُ من الجُلّى يُوقّيها
546- وأيقن الناسُ أنْ لا نهجَ يحملهُمْ=على الطريقةِ إلا حكمَ حاميها
547- ذاك الذي عرفتهُ الناسُ أوسعَها=علماً وأوَّلها لله تأليها
548- فعنده علمُ طه فهو وارثُهُ=وليس شيطانُها عنه سيُلهيها
549- مدّوا الأكفَّ الى كفٍّ تُعيد لهم= ذكرى الغديرِ وما تحوي معانيها
550- وكيف خانواعهودَ الله وانقلبوا=بعد الرسولِ وأَمْوا الغيَّ والتيها
551- ونفسُ حيدرَ تجلو عنهم كُرَباً=كما جَلَتْ في قديمِ الدّهر داجيها
552- رأى الجراحَ بجسمِ الدينِ بالغةً=وأَعيُنَ الحقِّ في نزفٍ تواسيها
553- وليس إلاهُ من طَبٍّ وما هلكت=نفسٌ وصيُّ رسولِ الله آسيها
554- فراحَ يشملُها برّاً ويوسعُها=لطفاً فيُنعمها عيناً ويُشفيها
555- وللرسالةِ إذ جفّت أراكتُها=بالمُغدِقاتِ من الأنواءِ يسقيها
556- زان الخلافةَ إذ جاءته طائعَةً=فانصاعَ يرفِدُها فخراً ويُعليها
557- وأوقد العدلَ مشكاةً فلا طمعٌ=ولا دهاءٌ ولا غِشٌّ يُغشّيها
558- ولن يقيمَ هدى القرآن ذو طمعٍ=ومن يصانعُ أو يخشى مُداجيها
559- لذاك ثار كما ثارَ النبيُّ على =دعائِمِ الجَوْرِ فانهدَّت أواخيها
560- إلا دعامةُ شركٍ لا يزلزلُها=إلا القضاءُ وها قد شاء يُبقيها
561- قامت على حكمةِ الشيخين مذ خشيا=مكائداً من أبي سفيانَ تأتيها
562- وقولةٌ منه للفاروقِ حيدرةٍ=لو شئتَ أملؤُها خيلاً بَواديها
563- كفيلةٌ بالذي يطويهِ من إِحَنٍ=ظنّاً بحيدرَ أن يُبدي تناسيها
564- فيستجيبَ لعاتٍ لم يَدَعْ فِتَناً= إلا وسار لها وَخْداً ليوريها
565- فأشغلوهُ بملكِ الشامِ وارتحلوا=وخلّفوا بعدهم عثمانَ يُرسيها
566- دعامةً زعزعت عرشَ الهدى ورَمَتْ=بسهمِها فعلا في الأرضِ عاتيها
567- ما أخطر الجهلَ والطغيانَ لو جمعا=في أمةٍ أنكرت أسمى مَباديها
568- ولم تزل أرسُمٌ للزيغِ شاخصةً=وليس ثمَّةَ إيمانٌ يُعَفّيها
569- قالوا له: لو تُخلّي عن معاويةٍ=وملكِهِ الشامَ لا تعجلْ بطاغيها
570- فقال: إنْ تضمنوا عيشي. وهل ضمنوا= أنْ لا يقيم على غدرٍ معاويها؟
571- قالوا : الدّهاءُ فقال: الشرعُ يمقته=قالوا : السياسةُ قال: الحقُّ يغنيها
572- والله يشهد أنّي لم أخُنْ أحداً=منكمْ وما كنت للسلطان أبغيها
573- قالوا: فلن تستطيعَ الحكمَ في بشرٍ=شتّى مشاربُها حتى تُصافيها
574- فقال: حسبيَ حكمُ الحقِّ ما بقيت=بقيّةُ اللهِ أو موتٌ يوافيها
575- فسار يصدعُ بالآياتٍ مُحكمةً=كما النبيّ على الأسماعِ يُلقيها
576- مجدداً من معاني الذكر ما درست=وما توارى عن الألبابِ باديها
577- وعاش في الناسِ أتقاها وأزهدَها=وبالسويّةِ مالَ الله يُعطيها
578- والناسُ في حكمهِ باتوا سواسيةً=وليس يجحفُ حقّاً في مَواليها
579- وأكرمُ الناس أدناها لخالقِها=بذاك جاء الهدى من عند باريها
580- وأنّهم إخوة ٌفي الله ما سلمت=صِدْقُ النوايا وذا القرآن يَحكيها
581- وليس في نهجهِ ما قاله عُمَرٌ=(والروحُ قد بلغت منها تَراقيها)
582- (لا تُكثروا من مَواليكم فإنّ لهم=مطامِعاً بَسَماتُ الضّعفِ تُخفيها)
583- ولست أعلم ما يعني به عمرٌ؟=إذ كان أحمدُ في حقٍّ يُساويها
584- هل نستحلّ دماءً أم نشرّدهم=بعد الشهادةِ أم ماذا يرى فيها؟
585- وهل سيذعن إن شاء الإلهَ فتىً=من الأعاجمِ تعييناً يوليها؟
586- هذا عليٌّ وحكمُ الله في يدِهِ=بسنّةِ العدلِ والإحسانِ يقضيها
587- (فما القويُّ قويّاً رغم عزته=عند الخصومةِ والفاروقُ قاضيها)
588- (وما الضعيفُ ضعيفاً بعد حجّتِهِ=وإن تخاصمَ واليها وراعيها)
589- وليس تأخذهُ في الله لائمةٌ=ولم يكن واهِناً يخشى تصدّيها
590- فمن كعدلِ عليٍّ أو يوازنُهُ=علماً ويشبهُهُ سَمْتاً بهاديها؟
591- لا عدلَ من غير (علمٍ يستعينُ بهِ=على قضاءِ حقوقٍ) ضيمَ راجيها
592- علمُ الكتابِ لديهِ حاضرٌ فإذا=أفتى فإنّ كتابَ الله يُفتيها
593- وقالها قولةً كالذّكرِ معجزةً=يعنو لها الدهرُ تعظيماً لملقيها
594- نادى سلوني أريكم كلَّ خافيةٍ=من الأمور وأَهديكم لنائيها
595- إنّ السماءَ وما تحويه من طُرُقٍ=أضعافُ أضعافُ ما تحوي أراضيها
596- وإنني لعلى علمٍ بأجمعِها=وما سوايَ عليمٌ بالذي فيها
597- سلوا عن الذكر ما من آيةٍ نزلت=إلا وأنبأْتُكم أَسرارَ خافيها
598- علمٌ ورتثُ عن المختار زاخرَهُ=حفظاً لشِرعتِهِ ممن يُماريها
599- فلم يجد فيهمُ من طالبٍ شرفاً=أو دافعٍ حسداً أو نازعٍ تيها
600- كلٌّ يعاني حَسْبَ موضعِهِ= من الصَّغارِ فنورُ الهَدْيِ يُعشيها
601- ولو أقامت على ما يدّعي حُجَجاً=لناجزتْهُ بمَكْرٍ من دواهيها
602- لكنّها أيقنت بالقولِ فاتَّخذتْ=وليجةً علَّها تُخفي تغابيها
603- إذ قام من بينهم شيخٌ بمسألةٍ=تُنبيكَ من نفسها عن خُبْثِ مُلقيها
604- فقال كم شعرةً في لِحْيَتي فإذا=ردُّ الجواب خفايا الغيب يُبديها
605- بأنّها لو ترى في كلِّ واحدةٍ=من الشياطين أنْ لو شئتُ أُحصيها
606- وأنَّ في بيتك المشؤومِ وا حَرَباً=من السوائمِ سَخْلٌ لا يدانيها
607- سيقتلنَّ حسيناً فوق عاريةٍ=من الفلاة غريباً في بَراريها
608- ولست أعجبُ ممّن كان مكتنزاً=علمَ البلايا وما يَلقى مُلاقيها
609- لو شاء إخبارَها عمّا يكونُ إلى=يومِ القيامةِ لا يُخفي خوافيها
610- فعنده سرُّ علمِ الغيبِ ما خَفيتْ=عن العقولِ وما دقَّتْ معانيها
611- ثَبْتُ اليقنِ فما كشفُ الغطاءِ لهُ=إلا علومٌ تمادى في تناهيها
612- لو شاء يحكمُ كلاً حَسْبَ مِلَّتِهِ=وهو العليمُ بما تُلقي أماليها
613- كم من وفودٍ من الأحبارِ أرجعَها=لأهلِها والهدى نوراً يدلّيها
614- وعنده حاضرٌ في كلِّ معضلةٍ=فصلُ الخِطابِ فيستجلي غَواشيها
615- ولا كمن قال: إنّي لستُ خيرُكُمُ= ولا سلوني أقيلوني تُكافيها
616- أين الضمائرُ من عتبى فلا عتبٌ=- بعد العَفاءِ- ولا لومٌ يُعافيها
617- وقائلٌ قال: ما لي يا أبا حسنٍ= أرى الإجابةَ قبل الفِكْرِ تُعطيها؟
618- فقال: علمي بها من غيرِ مسأَلَةٍ=مثلُ الأناملِ لا أحتاجُ أُحصيها
619- علمٌ عن المصطفى عن جبرئيلَ عن = اللهِ العظيمِ فأسرارٌ سأُبديها
620- لو كان فيكم لها أهلٌ وكيف بمن=ردّوا شهادتَهُ بالغيبِ يُنبيها؟
621- ماذا أقولُ بمن في مدحِهِ نزلت=آياتُ صدقٍ أمات الله مخفيها
622- قد حاربته رجالٌ لا عديدَ لها=علَّ المكارمَ عن معناه تُقصيها
623- وقاتلوا كلَّ من والاهُ واختلقوا=لشانئيهِ فلم تنفعْ طواغيها
624- فراعَهُمْ أنهم في فعلهم ختموا=على معاليهِ أنْ لا شيءَ يُنسيها
625- تبقى مدى الدهرِ نبراساً تُضيءُ لنا=درباً يُكابد وَقْدَ الجمرِ ماشيها
626- يرى بعينيهِ ما يندى الجبينُ له=من المهازلِ والبلوى تُقَّفيها
627- قد ضلَّ إثنانُ في معاهُ ذو مِقَةٍ=غالٍ وذو إِحَنٍ هيهاتَ يُطفيها
628- وشايعتهُ كرامٌ في المعادِ غداً=من حوضِهِ الجَمِّ ماءَ الخلدِ يَسقيها
629- بأنّهم لذمارِ المصطفى حفطوا=إنَّ العهودَ ببذلِ النفس تَحميها
630- عاشت عليّاً كما قال الرسولُ لهُ=أنتَ الصّراطُ من الأهوالِ تُنجيها
631- وكيف لا ولنفسِ المصطفى مَثَلٌ=كان النبيُّ على التقوى يُربّيها
632- هذا عليٌّ ومُلْكُ الكونِ في يدِهِ=زهدٌ كساهُ من الأثوابِ باليها
633- لعلَّ في الأرضِ من لا قوتَ يُشبعُهُ=والجوعُ للنفسِ موتٌ ليس يُخطيها
634- يُزهي العُفاةَ وليُّ الأمرِ أفقرَهَم=على المكارِ والجُلّى يواسيها
635- نفسي الفداءُ لنعلٍ كان يخصفُها=وعنده من كنوزِ الأرض غاليها
636- يأتي على الألفِ في الهيجاءِ صارمُهُ=وألفُ ركعةِ في يومٍ يُصلّيها
637- شعارُهُ الجوعُ لا يُغنيهِ من سَغَبٍ=قوتٌ وليلتهُ بالذّكرِ يَطويها
638- على الصعيدِ أعارَ الليلَ وحشتَهُ=بِعَبْرةٍ تُحزنُ الثّكلى وتُشجيها
639- ترى السماءُ علاها يرتمي جَسَداً=فتسكبُ العينُ من شجوٍ دراريها
640- نامت عيونٌ وأنفاسُ الورى خمدتْ=ونفسَهُ بلهيبِ الشّوقِ يوريها
641- تضجُّ في سمعِهِ نارٌ مُسَجّرةٌ=ونفحةٌ من رجاءِ الله تُطفيها
642- يتلو الكتابَ فتُبكيهِ تلاوتُهُ=وفقدُ أحمدَ للآياتِ يُبكيها
643- فيستريحُ إلى رؤيا تسامرُهُ=برؤيةٍ من رسولِ الله مُهديها
644- يبثُّهُ همَّ ما يلقاهُ من مِحَنٍ=من أمّةٍ دينُها أضحى يُعانيها
645- فيبزغُ الفجرُ عن وجهٍ لهيبتِهِ=تعنوا الملوكُ حياءً من تجلّيها
646- وإنْ تبسّمَ تُغضي الشمسُ من خَجَلٍ=بَرْقُ الثنايا عن الإشراقِ يَكفيها
647- تجري السماحةُ في كفّيهِ سابقَةً=رأياً على شَمَمِ الإيثارِ يُجريها
648- لم تعرفِ التِّبْرَ حتى قال مادحُها=أنتِ فإنّكِ للعافينَ تُثريها
649- وإنْ تكلَّمَ فالإعجازِ مَنطقُهُ= والناسُ عن دُرَرِ الأصدافِ يُلهيها
650- يُهدي البلاغةَ من مكنونِهِ جُمَلاًً=أَربابُها ببليغِ القولِ تُطريها
651- في كلِّ سَمْعِ لها من وَقْعِها نَغَمٌ= مُشْجٍٍ لصادِحَةِ الآمالِ يُنسيها
652- بين الرجاءِ وبين الخوفِ سامعُها= فللذنوبِ قبولُ التَّوْبِ ماحيها
653- لا يبلغُ القَصْدَ من ألقى بخطبتِهِ= ولا يَجيءُ بِقِطْعٍ من أماليها
654- فَخْرُ البليغِ إذا عُدَّتْ مكارمُهُ= فإنّما لعليِّ الطُّهْرِ يُنميها
655- فقولُهُ دون قولِ الله فوق كلا=مِ النّاسِ معجزةٌ تأْبى تَثنّيها
656- خذْ عهدَ مالكِ فالسُّوّاسُ لو لزمتْ= ما جاء فيه لوفّت حقَّ باريها
657- ولا تُشيدُ عروشاً من أضالعِنا=ووِرْدُها من دماءِ الشعبِ قانيها
658- تُمسي وتُصبح للصُّلبانِ عابدةً=ورنَّةُ السَّوطِ والآهاتِ تُصبيها
659- ولو وَعَتْ ساعةً ما قال حيدرةٌ=لأسهرتْ ليلَها كَلأً لمَرعيها
660- والبحرُ من أينَ ما يأتيهِ ذو إِرَبٍ= يُقرى النوالَ بلا مَنٍّ فيَقضيها
661- أعطى فأغنى ولم توردْ عطيّتُهُ= ماءَ الوجوهِ ولم تُخْلِقْ تواليها
662- أكتبْ على الأرضِ إمّا جئتَ في طلبٍ=مخافةً أنْ يمسّ الذلُّ عافيها
663- هذا شعارُ عليٍّ في مواهبِهِ=وهذه سُوَرُ القرآنِ تُمليها
664- في السرِّ والجهرِ من آلاءِهِ سُوَرٌ=كسورةِ الدّهرِ مَرَّ الدهرِ نُنشيها
665- له صفاتٌ من الأضدادِ قد جُمِعَتْ= في جوهرٍ لصفاتِ الله تحكيها
666- تبقى كجوهرِهِ فرداً يحارُ به= غَوْصُ العقولِ بأنْ يُحصي لئاليها
667- أَثنى عليه كتابُ الله مُمتدِحاً= ذاتاً بها الحمدُ قد تمّت مَثانيها
668- وخصَّهُ أحمدٌ بالمدحِ مُنشغلاً= عمّن سواهُ من الأصحابِ تَنْبيها
669- لكنّ عائشَ - والمختارُ يُسمِعُها = تلك المدائحَ - ضِغْناً لا تُباليها
670- لم ترعَوِ عن جهادِ المرتضى فغدت= للنائراتِ بقوسِ الغدرِ ترميها
671- وهي العليمةُ إنْ سارت ستنبحُها= كلابُ حوأب للحمراءِ تُرثيها
672- سارت ولم ترعَ للقرآن آيتَهُ= ولن تقرَّ ونارُ الحقد تكويها
673- تسائلت: ما اسمُ هذي الأرضِ؟ قيلَ لها= فأدركت أنّ طه كان يَعنيها
674- وأنّها لعهودِ المصطفى نكثَتْ= وطالما كان حفظَ العهد يوصيها
675- وناصَبت من له بالفضلِ قد شهدت= واليومَ في حربِهِ الشيطانُ يُغويها
676- وحولَها معشرٌ صانوا حلائِلَهُمْ= وأبرزوها فأرضتْ مُستبيحيها
677- ولستُ أعجبُ منهم بل عجبتُ لها= كيف استساغت هلاكاً في ذراريها؟
678- ماذا دعاها لحربٍ غيرِ مجديةٍ؟= وللكتائب نحو الموت تزجيها
679- هل كان للأمرِ كالماضينَ مُغتصباً؟= كلا فشوراهُ لا شورى تُباريها
680- أم أنّها تنظر الاسلامَ في خطرٍ=من فتنةٍ ليس يُبقيهِ تَماديها
681- فأخرجت من بنيها كلَّ ذي تِرَةٍ= عزُّ الأماني - وقد خابت - تَلافيها
682- قل لي بربّكَ ماذا بين عائشةٍ= وبين عثمانَ لولا النَّكْثُ يُغريها؟
683- فالناسُ قد بايعت طوعاً فقائدهُمْ= أولى بذا الأمرِ فلتخسأ دعاويها
684- لِمْ لا تحاججُ بِدْءَ الأمر حيدرةً؟= لعلّها لحقيقِ الحقِّ يَهديها
685- فالحقُّ في حكمهِ طوعٌ لبغيتِهِ=لا الحيفُ يعمرُها لا العدلُ يُبليها
686- لو شاء حيدرُ أنْ يقتصَّ من أحدٍ= بِدْءاً بعائشَ أهلَ الغدر يُفنيها
687- فهيَ التي لقميصِ المصطفى رفعت= في حربها نعثلاً مذ صار يُزويها
688- واليومَ تحمل ضدَّ المرتضى قُمُصاً= ملطخاتٍ بعارِ من تجنّيها
689- لو نال طلحةُ جدوى قتلِ نعثلها=أو الزبيرُ لجرَّتْ ثوبَها تِيها
690- لكنْ عليٌّ جنى أَثمارَ دوحتِها=وما جنت غيرَ آثامٍ تُقاضيها
691- وما استشار فليس الرأْيُ يَنقُصُهُ= إن رامَ أمراً ولا للخُبْرِ راجيها
692- وكم تمنَّوا يولّيها فما حَضِيا= بإِمرَةٍ كان للأبرارِ يَصفيها
693- وكان يعلم ما تُخفي سرائرُهُمْ= وعُمْرَةُ الغدر قد بانت بَوانيها
694- سارت إلى البصرةِ المشؤومُ طالعُها= أمُّ الدُّهَيْمِ لحربٍ ليس تغنيها
695- وسار حيدرُ في جيشٍ لهُ لَجِبٍ= برايةٍ يومَ بدرٍ كان راعيها
696- وناشدَ القومَ حُكْمَ الله وامتثلوا= طريقةً لعن القرآنُ مُرسيها
697- ما كان حيدرُ يخشى بأسَ صولتهم= لكنّه شاء من غَيٍّ يُنَجّيها
698- إنّ الذين لحربٍ قادَهُمْ جَمَلٌ= رُغاؤهُ عن سماعِ الحقِّ يُصميها
699- فأرسل السيفَ في أوساطِهِمْ أَسِفاً= على نفوسٍ من الغِسْلينَ يَسقيها
700- وشخَّصَ الداءَ أنْ تُكوى جنوبُهُمُ= وأثوباً من نسيجِ الويل يُغشيها
701- تظنُّ عائشُ يغنيها تهكُّمها= بحيدرٍ أنْ غدت حفصٌ تُغنّيها(1)
702- ومرَّ حيدرُ بالقتلى مطرَّحةً=وغُبرةُ العار إذلالاً تواريها
703- ولاتَ حينَ عتابٍ فالقضاءُ جرى=وحكمةُ الله قد سارت بماضيها
704- وخُلْقُ حيدرَ قد آلت سجاحتُهُ=لعائشٍ بجميل الصّفح يوليها
705- خُلْقٌ يرقُّ فلا شيءٌ يكدّره=حتى العداةُ إذا فائت يُفيّيها
706- ماذا أقول بمن أخلاقُهُ نهلت= خُلْقَ النبيّ فمحضُ الصَّفْوِ جاريها
707- (عفوتَ فاصفح فإنّ العفوَ من شِيَمِكْ)(2)= شهادةٌ عائشٌ عنّي تؤدّيها
708- فهبَّ يشملُها عفواً كما عهدت= خلائِقاً عَذَباتُ اللطف تُرْبيها
709- وصاح بالناس أنْ ردّوا غنائمكم = لأهلها وارفقوا بِرّاً بأهليها
710- فليس في هذه غُنْمٌ لمنتصرٍ=إلا إقامةَ حقٍّ في نواحيها
711- و ها أقمتم حدودَ الله بيِّنَةً= حتى أفاءَ لأمر الله باغيها
712- هذا هو العدلُ لا ضَرْباً بِدِرَّتهِ= ولا دعاوى عن العنقاءِ ترويها
713- قد كلّفت بيتَ مالِ المسلمين بأنْ= يعطي البريّةَ جزّالاً ويُثريها
714- (تصوّر الأمرَ معكوساً وخذ مثلاً)= لو أنّ عائشةً رامت أمانيها
715- وأقبل النصرُ بالبشرى يكلّلُها = وصار أمرُ عليٍّ بين أيديها
716- لمثَّلتْ ومحت آثارَ من قتلت= وأهلكت نسلَهم إذ ذاك يُهنيها
717- وأرسلت من خيول الضِّغنِ ضابحةً=على الجسومِ وبالأسيافِ تَفريها
718- وغادَرَتْهم بلا غسلٍ ولا كفنٍ= وبالسياطِ إذا حنّت بَواكيها
719- وجرّعتهم - وقد أجملتُ - من غُصَصٍ= فوقعةُ الطفِّ بالتفصيل تحكيها
720- خذْ من عليٍّ ومن أعدائِهِ عِبَراً= وجرِّد النّفسَ فالأهواءُ تُعميها
721- فأيُّهُمْ لمنالِ الحقِّ مَدْرَجَةٌ= وأيُّهمْ لصروح البُطْلِ يَبنيها؟
722- أ نفسُ أحمدَ أم نفسٌ يخادعُها= شيطانُها وبوادي التَّيْهِ يُلقيها؟
723- ومن به (هل أتى...) للمدح مُنْزَلَةٌ= أم من رسولُ الهدى بالذمِّ يُقصيها؟
724- ومن أقام عمودَ الدين صارمُهُ= أم من لقولة طه لا تراعيها؟
725- ومن لو الأرضُ طرسٌ والبحار غدت= حِبْراً وأشجارها الأقلام نبريها
726- والانس والجنُّ كتاباً لما قدرت= مناقباً لأبي السبطين تُحصيها
727- وكيف تسطيعُ والمختار قال به= مقالةً لعقول الخلق تُعييها
728- أن ليس يعرفُ كُنْهَ المرتضى بشرٌ= إلا أنا وإلهُ الكون باريها
729- لذاك أمّتهُ أقوامٌ لتعبدَهُ= دون الإله فأمضى سيفَهُ فيها
730- وغيرهم بالغوا في بغضِهِ وبغوا= فكبكبوا وعذابُ الله يُخزيها
731- ويمكرون وإنّ الله لو علموا= أشدُّ مكراً ويومُ الحشر آتيها
732- يومٌ به تقدم السبعونَ طائفةً = ونيّفٍ لرسول الله داعيها
733- ماذا تقولُ إذا ما صار يسألها= عن الأمانةِ هل كانت توفّيها؟
734- أم أنها ضُيّعت من بعد غيبتِهِ=وأنها جاهدتْ أنْ لا تؤدّيها؟
735- وتاركاً فيهم الثِّقْلينِ هل حفظوا= آيَ الكتاب وآلَ البيت ثانيها؟
736- أم أنّهم غادروها خلف أظهرِهِمْ= ويمّموا من دروب الغيِّ داجيها؟
737- ولو أتت فِرَقُ الاسلامِ أجمعها=يوم المعاد إلى الرّحمن مُبديها
738- ستدخل النارَ إلا فرقةً سلكت=درب الرسول فذاك الدربُ مُنجيها
739- كلٌّ ينادي بأنّ الحقَّ منهجُهُ=وأنّه لفروضِ الشّرع يُحييها
740- وليس في الدين أن نقفوا خطى أحد ال= أسلافِ أو نجتبي مما يشهّيها
741- ولو نُحَكِّمُ في هذا ضمائرَنا= إنَ الضمائرَ لا تُغوي مُناجيها
742- فهل كآلِ رسولِ في سَقَرٍ= ومن سواهم بجنّاتٍ يُجازيها؟
743- وآلُ أحمدَ هل من بعده انقلبوا=إلى الضلالةِ أم ضلّت أعاديها؟
744- وهل لموقدِ نارٍ في ديارِهِمُ= يومَ القيامة منه العذرُ يُرضيها؟
745- وهل لقاتلهمْ حظٌّ كما لهمُ= من الثواب؟ وتلك العقلُ يَنفيها
746- وهل لهندٍ كما للطهر فاطمةٍ= جنّاتُ عدنٍ بها من كان يؤذيها؟
747- وهل عليٌّ ومن عاداهُ يومئذٍ= على السواءِ؟ وهاديها كطاغيها؟
748- وهل سوى حيدرٍ ينجو وشيعته؟ = أم أنّ بالحشر قد ينجو مُعاديها؟
749- بُعْداً وسُحْقاً لأعمى في بصيرتِهِ= إذ لم يَرَ الشمسَ في أبهى مَجاليها
750- وما يرى أيّها تنجو غداةَ غدٍ=وما يَميزُ عليّاً من معاويها
751- وما يُميّزُ بين الدينِ في رجلٍ = وبين وَغْدٍ لكأسِ الخمرِ حاسيها
752- وبين من همُّهُ يُحيي عقيدتَهُ= وبين من همُّهُ بالجور يُرديها
753- وبين من كان جبرائيلُ مادحَهُ= بمِدْحَةٍ لرسول الله يُهديها
754- أنْ لا فتى في الورى إلا أبو حسن=مَنْ سيفُهُ لأصول الدين يُرسيها
755- وبين من أحمدٌ قد كان يلعنُهُ= بلعنةٍ عن لسان الوحي يُفضيها
756- إذ ليس ينطق إلا حين يُنطقُهُ= وحيٌ لعلّ من الأدواء يشفيها
757- وإن علا منبري هذا معاويةٌ = إلا اقتلوهُ وإلا فاركبوا التيها
758- بنو أميّةَ في القرآن قد لُعِنوا= وذا معاويةٌ إحدى مخازيها
759- الشاربُ الخمرَ والإسلامُ حرّمَها=والقاتلُ النفسَ والقرآن يحميها
760- والمستحلُّ حرامَ الله يُعلنُهُ= وللمفاسد بين الناس يُفشيها
761- ومُبطلاً لحدود الله مُبتدِعاً= والجاهليةُ جهراً صار يُعليها
762- مُكذِّباً دعوةَ الهادي كوالدِهِ= مَنْ حارب الدينَ تَسْفيها وتَشْويها
763- شعارُهُ: هاشمٌ بالملك قد لَعِبت= وما النبوّةُ إلا من دعاويها
764- إنّ الذي عاش في أحضانِ نابغةٍ=هيهاتَ للنفس من عُهْرٍ يُنقّيها
765- وكيف يطهرُ غِرْسٌ كان غارسَهُ= على السّفاحِ أبو سفيانَ زانيها؟
766- وهل يُطَهَّرُ من أدرانِهِ نَجَسٌ؟= وهل لوصمةِ عارٍ ما يُزكّيها؟
767- واهاً لحيدرَ ما أمضى عزيمتَهُ= وصبرَهُ عند أهوالٍ يُعانيها
768- لم يرضَ بالقومِ إذ أقصوهُ ناحيةً=عن الخلافةِ تَبكيهِ ويَبكيها
769- حتى قسا الدهرُ أنْ أضحى معاويةٌ= بين النظائرِ ما أنكى مآسيها
770- وأمةٌ نشرُ دينِ الله همّتُها= أمست على سادرِ الآمال تَطويها
771- يا موتُ زُرْ إنّ دنياً هكذا انقلبت= فيها الموازينُ لا خيرٌ لنا فيها
772- ورُغْمَ ذاك وهذا بات حيدرةٌ= للشام من بلد الإسلامِ يُدنيها
773- وهل ينام أبو سفيان - لو سَلِمت= من الحروب - قريرَ العين هانيها؟
774- إنّ ابن حربٍ إلى حربٍ يُصيّرُها= لعلّ من بدرِ ثاراتٍ يوفّيها
775- ولم يجد غيرَ عثمانٍ وفتنتِهِ= وليجةً لطَغامِ الشّام تُغريها
776- وعصبةٌ أغضبت بالأمس صاحبَها= يوم الحصار وضربُ الدُّفِ يُلهيها
778- أضحت تُعِدُّ لنيل الثأر عُدَّتَها= كأنّ عثمانَ أخذَ الثأر يوصيها
779- فجنَّدت من بنيها كلَّ سائِمَةٍ= كتائباً ساقها للموت حاديها
780- يقتادها نجلُ من تلك التي حملت= من خمسةٍ أكبُشاً والعاصُ ساديها
781- عمرو الذي إنْ خلا فحلٌ بمُخْدَعِهِ = يغضي فما شأنه؟ والأمر يَعنيها
782- معاشرٌ أصبح الديّوثُ قائدَها= ليس البراهينُ والأنباءُ تغنيها
783- هذا ابن آكلة الأكباد أودعها= حمقاً عن الحقِّ والآياتِ يَكفيها
784- وإذ رأى حيدرُ الأجلافَ عازمةً= على المضيّ تُلبّي غدر مُغويها
785- شعارُها عن أبي سفيان تحملُهُ=شريعةً أمعنت بالدين تشويها
786- نادى الجهادَ عبادَ اللهِ فاتخذوا=إلى الجنانِ سبيلاً ليس يُخطيها
787- فأقبل الزحفُ ميموناً تظلّلُهُ=راياتُ بدرٍ وقد خفّت لداعيها
788- طلائعٌ من بني المختار تقْدِمُها=وخيرةُ الصّحب إجلالاً تُقفّيها
789- لبّوا نداءَ أمين الله يحملُهُمْ=لنُصرةِ الحقّ إنّ الحقّ يُزهيها
790- فأرضُ صفّينَ عن بدرٍ وعن أُحُدٍ=ليست بمنأى وإن مُدّت صحاريها
791- فتلكما واجبُ التنزيل أوقدها= وهذه واجبُ التأويل يَقضيها
792- وقام حيدرُ فيهم خاطباً فعسى= مقاله لا مقال السيف يُجديها
793- فما وعتهُ وقد أعيوا محجّتَهُ= كأنّهُ لم يكن بالنّصح يوليها
794- ظناً بأنّ عليّاً صار يرهبها= والعمرُ إنْ طال بالأبطالِ يوهيها
795- وفاتها أنّ سيفَ الله يشحذُهُ=بَرْيُ الرقابِ إذا ما انصاع يبريها
796- وكان من خُلُقِ الهادي وشيمتِهِ= لا يبدأ الحربَ بل بالنصر يُنهيها
797- كذاك شأنُ أميرِ المؤمنينَ ومن= سواهُ للسنّةِ السّمحاءِ يُحييها؟
798- وهذه سُحُبُ الهيجاءِ قد مطرت= بوابلٍ من نبالٍ خاب راميها
799- وهل تُخيفُ فتىً يرجو منيّتَهُ=تحت السيوف إذا الأقدارُ تؤتيها
800- وَحَلّؤوهُ عن العذبِ الفراتِ وقد =كاد الأوامُ جيوشَ الحقّ يُرديها
801- هذا الفراتُ فخلّوا بين منهلِهِ= وبيننا حاجةً للعذر يَقضيها
802- لا لن تذوقوهُ حتى تهلكوا عطشاً= بزعمهم أنّ ذاك الهَذْرَ يُثنيها
803- فطاف بالسّيف يسقيهم مُنادَمةً= صِرْفاً من الرّاح ما يُشجي بواكيها
804- ومدَّ من جثثٍ درباً معبّدةً= نحو الفرات فساقي الموت ساقيها
805- فأيقن ابن أبي سفيان تهلكَةً = بعصبةِ الشرك لا تبقي بواقيها
806- وليس يعلم خسفاً كان أم صَعَقاً=من السماء وأمر الله آتيها
807- إنّ الطغاة وميضُ البرقِ يُفزعُها= ورنّةُ الرعد تُنسيها أمانيها
808-فكيف والموتُ إنساناً يَحيقُ بها= هلا يطمئنها شيءٌ فيُهنيها
809- ومن غدا المكرُ في سِلْمٍ وسيلتَهُ= فخدعة الحرب لا تجفو مُداريها
810- لكنّها - والقضاءُ الحَتْمُ أذهلها= عن السّماعِ - تأبّتْ غوثَ عافيها
811- بحيث تلك الوغى غيرُ التي ألِفَتْ=ترى النفوسَ وصالُ البيضِ يُشقيها
812- ترى العصاةَ لوعظِ السيفِ خاشعةً=والله أكبر للآجال تُدنيها
813- ترى الرجالَ رجالَ الله لاهيةً= والغافلين سجوداً في بَواديها
814- والماضياتِ سُكارى فَرْطَ ما شربت= من النّجيع كأنّ الوِرْدَ يُضميها
815-وقد تثوب إلى وعيٍ فيؤسفُها= من الثُّمالةِ بَرْضٌ ليس يُرضيها
816- ولو درت أنّها في ساعةٍ شربت= بحراً لهان ولكنْ من سيُنبيها
817- فالناسُ في شُغُلٍ عنها بها وَلَهاً=كيف السبيلُ إلى دربٍ يُنجّيها؟
818- ونفخةُ الصّورِ قد صكَّتْ مسامعَهم = فضاقت الأرضُ واندكَّت رواسيها
819- وكان مالكُ للنيران خازنَها= والظالمون دخولُ النارِ يُخزيها
820- يطيع أمرَ عليٍّ فهو قائدُهُ= ومن كمالكِ للنيران يوريها؟
821- نَسْرّ يُعير قلوبَ الصّيد أجنحةً= قبل اللقاءِ إذا ما حلَّ واديها
822- لاعيب فيه سوى نفسٍ تُطاوعه= على الفداء فيمضي في تفاديها
823- للبيضِ والسّمرِ في الهيجا يُغازلها= وعفّةً منه في سِلْمٍ يُجافيها
824- يعفو ويصفحُ عمن ساءهُ شَمَماً= وهو الأشمّ إذا امتازت رواسيها
825- لا ينزل الخوفُ عزّاءً بساحتهِ= وسيفُهُ من سيوف الله ماضيها
826- ربّاه حيدرُ إنْ حُمَّ اللقا قَدَراً= يُنسي المقاديرَ ما تُلقي دواهيها
827-وعاش حيدرَ آياتٍ مجسّدَةً= كالمحكماتِ أبتْ الا تجلّيها
828- ذاك الذي لم يدع للحقّ خافيةً= الا وعنه شموسُ الأفقِ ترويها
829- حاز الفراتَ وقد لاقى معاويةً = بشيمةً حيّرت حتى معاديها
830- لو شاء أهلكها في الحرب من عطش= وهو القدير متى ما شاء يُظميها
831- لكنّهُ وفراتُ الماء في يدهِ= يأبى الدنيّةَ في فعلٍ يساويها
832- إنَّ الفضيلةَ تأبى أن سيّدها= في ساعةِ العُسْرِ والبلوى يجافيها
833- فصاح بالهمجِ الغوغاءَ دونكم = هذا الفراتُ عسى ينفي تصاميها
834- فأيقنت أنَ دينَ الله يحملُهُ= فتىً لشِرعةِ دين الله يحييها
835- ففرّق الجيشَ منه بعد صارمِهِ= رأيٌ به مُرهَفاتُ الخَتْلِ يوهيها
836- يجتثُّ جذرَ دهاءٍ ظنَّ صاحبُهُ= أن الثمارَ كما الأوهام يَجنيها
837- وهو العليمُ بأنّ الصّدقَ منتصرٌ= وإنْ تجدّلَ مغلوباً بناديها
838- عُمْرُ الدّهاءِ سويعاتٌ يتيه بها= غُمْرٌ كطائفة الأحلامِ يطويها
839- والباقياتُ برغم الدهر خالدةً= مفاخرٌ أبت الأيامُ تُبليها
840- سل عنها صفّينَ آفاقا تزيّنُها= تلك الطّوالعُ ما أسمى معانيها
841- تجبْكَ أن دُعاةَ المكر خائبةٌ= وأن للقيم المثلى معاليها
842- وليلةٌ هي وُسْعُ الدهر ما لقِيَتْ= من الخطوب وقد أدمت حواشيها
843- ليلُ الهرير بحيث الموتُ أغرقُهُ= سَيْلُ النفوس وسيفُ الله يُجزيها
844- سيفٌ لهيبتهِ الأجسادُ قد سجدت= وذلُّها عن رئاءِ الناس يُغنيها
845- وما انجلى همُّها الا على هِمَمٍ= للقاسطين لَقىً والخزي يرثيها
846- وليلةً سلبتْها البيضُ مهجتَها= وسيفُ حيدرَ للأنفاسِ يُحصيها
847- لولا القضاءُ لما أبقى لهم أَثَراً= لكنَّ آثارَها السّوءاتُ تُبديها
848- تحت العَجاجَةِ كم أنجت منافِحَةً= وما استطاع حسامٌ أنْ ينجّيها
849- وفعلةٌ لابنِ عاصٍ وابنِ أرطأةٍ= أضحوكةً عن شفاهِ الدهر نَرويها
850- هذا يُعدُّ لدى السوّاس نابغةً=وذا يُعَدُّ من الفرسانِ عاتيها
851- ومن يضعْ نفسَه في غير موضعِها = هانتْ وإن غرّها جهلاً تماديها
852- سارا إلى حرب من ألوى بصارِمِهِ = شُمَّ الرِّعانِ فأوهى عزمَ قاسيها
853- ظنّا بذاك فخاراً والتي سلكت = دربَ الغرورِ وميضُ السيف يُعشيها
854- وقولُ أحمدَ في عمّار أرَّقَها = فأوَّلتْهُ كما تهوى أمانيها
855- وصوتُ عمّار وَقْرٌ في مسامعِها = وسيفُهُ حجةٌ أوهت دعاويها
856- حتى سقته ضِياحاً من نكايتِها = وجدَّلته تريباً في سوافيها
857- نفسي الوقاءُ لنفسٍ حشوُها قِيَمٍ = والت عليّاً ببذلٍ من تفانيها
858- لم يُبْلَ مثلُ عليٍّ قطُّ من أحدٍ = بالناس غيرُ رسول الله هاديها
859- دعاهمُ لكتاب الله فاتَّخذوا = آياتِهِ هُزُواً والشركُ يُغريها
860- هلا رعوه وهمْ في حربه جهدوا = حتى على صِنْوِهِ تحنوا أعاديها؟
861- وقال حيدرُ فيما قاله أَسِفاً = لم أرضَ بالقوم قبلي نْ أساويها
862- ظلماً تقمَّصَها هذا ليُلبسَها = هذا وقد علمت أنّي منجِّيها
863- حتى يُقال عليٌّ أو معاويةٌ = كلاهما سنّة المختار يبغيها
864- هذا هو الكفرُ في سرٍّ وفي علنٍ = والجلجليّةُ عن عمروٍ ستحكيها
865- والحقُّ ما شهدت أعداؤه علناً = بأنه عن هداه الحرصُ يُثنيها
866- وإنْ تشابَهَ بين الناس أمرهُما = جهلاً وما علمت قرآنَها تيها
867- لِمْ لا تحكِّمُ فيما بينها حَكَماً = ذا مِرَّةٍ يبتغي مرضاةَ باريها؟
868- فوق الأسنّةِ قد أعلوا مصاحِفَهم = كأنها أرؤوسٌ في الطفِّ تُعليها
869- وأصبح الأمرُ فيما بينهم دَخَلاً = وأَلبسوا الغيَّ ثوبَ الحقّ تمويها
870- وصيّروا ذمّةَ الاسلام مَنْهَبَةً = للقاسطين وقد أولته تشويها
871- وآلَ بالأمر أنْ عمرو ابن نابغةٍ = والاشعريُّ نفاقاً كان موهيها
872- صارا على الدين حُكّاماً ورأيهما = خلافة المصطفى بالغدر يقضيها
873- فأعولَ الدينُ يشكو هولَ نكبتِهِ = والناسُ سامدةً تشكوا تعاميها
874- وغدرةٌ تلو أخرى صار دينُهم = في كفِّ من غاله من قبلُ تسفيها
875- وبات حيدرُ والاسلامُ في طرفٍ = والناس في طرف تبغي معاويها
876- وليس تعزبُ عقبى حرمةٍ هُتكت = لكنَّما الجهلُ للأهواء يُمضيها
877- وليس للرأي ممّن لا يُطاع يدٌ = ترمي إذا لم تكن بالجور يعليها
878- وهذه الناسُ أبصارٌ يرون بها = ويسمعون دبيباً في أقاصيها
879- أما القلوبُ فأحجارٌ مسنَّدةٌ = فما سوى الزيفِ من شيءٍ يُداريها
880- حتى وإن كان لا يُبقي كرامتَها = فلا تلمْها فقد ضلَّت معانيها
881- إنَّ السوائمَ تهوى الذلَّ يُشبعها = وعداً وتبغضُ قوتَ العزِّ يكفيها
882- تعوَّدت أنْ تُجاري كلَّ طاغيةٍ = لعلّه من فُتاتِ الخبز يَقريها
883- شبَّتْ وشابتْ ولم تبرحْ لها شِيَمٌ = على المهانةِ قد قامت مباديها
884- والمخزياتُ من الآثار مُعْقِبَةٌ = للوارثين من الأهوالِ داجيها
885- سارت على سنن الآباءِ حافظةً = شرَّ العهود وحبُّ المال يُغريها
886- وإنها لو أطاعت أمر بارئها = لصارت الأرضُ تِبْراً بين أيديها
887- لكنّضها خسرت دنياً وآخرةً = إذ مكّنت فاسقاً في خَذْلِ زاكيها
888- خلَّت علياً يقاسي الداءَ منفرداً = وهو الطبيبُ متى تضنى يداويها
889- وأسلمت نفسَها للداءِ سادِرَةً = بخُلَّبٍ ومُداجٍ من أمانيها
890- وكان للحرب يدعوها لينصرَها = وللهدى وطريقِ العزِّ يُمشيها
891- ودبَّ للرِّجس في أجسادها خَدَرٌ = فضيّعت من فروض الله سانيها
892- وهوَّمت وهي عينُ الحق ساهرة= على قذىً وهوىً للزيغ يُعميها
893- هي السَّوامُ سواءٌ في سجيَّتها= فاللينُ يُفسدها والسَّوطُ يَهديها
894- لا ترتضي العدلَ يَسقيها هدايتَها = وتهنأُ الجّورَ يستسقي هواديها
895- يعصونَ من طاعةُ الرحمنِ طاعتُهُ = ويُهرعون إلى مرضات عاصيها
896- هذا علي أبى التحكيمَ فانتفضوا= ضراغماً وأبوا إلا يُراضيها
897- وقد راوا غِبَّةَ التحكيمَ فابتدرت= باللَّوم قائدَها ماذا سيُرضيها؟
898- وإنه لو أبى لامتازَ منفرداً = وقاتلوهُ واعلوا دينَ طاغيها
899- ما كان عن خيفةٍ فالعربُ لو جُمعت= لحربهِ لاغتدى فرداً يُلاقيها
900- لكنّه شاء أنْ يُبقي لمقتبسٍ = نوراً إذا أظلمت وَهْناً دياجيها
901- ما كان يُرضيهِ منهمْ عُصبةٌ مرقت= عن دينِها وغدت تُبدي تَعاليها
902- من كان منه الاصلاح يُقعدُهُ= عن القصاصِ وميضٌ من تُشّظيها
903- فراسلَ القومَ إنْ ثوبوا إلى رَشَدٍ = ولا تُثيروا من الأضغانِ خابيها
904- وبلَّغ النّصْحَ إلا أنَّ من خبثت= قِدْماً أُرومتُها لا نصحَ يُجديها
905- وغاضه منهم أنباءُ فاجعةٍ= على ابن خبّابِ قد أخنت مأسيها
906- إذ غادروه وشقّوا بطنَ زوجتِهِ= وأْداً وما سلمت من غدرِ مُرديها
907- حتى الأجنّةُ لم تأمن نكايتَهم= والظلمُ إنْ خامرَ الأرواح يُشقيها
908- عاثوا فساداً وأحيوا كلَّ موبقةٍ= قد جاهد المصطفى مَحْقاً لمؤتيها
909- وعند ذاك فما يغني أخا شِيَمٍ= صبرٌ إذا شكت البلوى يشكّيها
910- فهبَّ يُثبتُ حكمَ الله في بشرٍ= بذي الفِقارِ وقد آلى لَيُشفيها
911- وكان بينهما نهرٌ وكان فتىً= يُنمى إلى الأزد حمّالاً مساعيها
912- بحيث يسمع ما يُلقي أبو حسنٍ= من المقالةٍ تصريحاً وتنويها
913- والى علياً وحامى عن رسالتِهِ= لكنَّ في النفس أوهاماً يُعانيها
914- يرى الخوارجَ عبّاداً وأوجهُهم= طولَ السجودِ بدوراً في تجلّيها
915- تالين للذِّكرِ والاجسادُ ناحلةُ= من الصيامِ وذكرُ الله يُبكيها
916- تُرى يحلُّ لنا حقاً قتالهمُ؟ = أم أننا بسيوفِ الجَّور نفنيها؟
917- وبينما هو في أفكارهِ ثملاً = وحَيْرةُ الشكِّ مهموماً يقاسيها
918- إذ جاء فارسُ عجلاناً لحيدرةٍ= فقال: يا سيدي الاخبار أرويها
919- إنّ الخوارجَ فوق الجسر قد عبروا= وقد رايت من الصَّفيْن تاليها
920- فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبداً = وجاء آخرُ رأيَ العين يحكيها
921- فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبداً = وجاء آخرُ بالإيقان يُمضيها
922- فقال حيدرُ: لا لن يعبروا أبداً = مقالةً عن رسول الله أمضيها
923- وقال لي: سوف تُفنيهم سوى هَمَلٍ = أقلّ من عشرةٍ والله يُخزيها
924- ولن ينالوا من الأصحاب عاشرَهم= بل دون ذلك إمّا شئتَ تُحصيها
925- فقال في نفسِهِ الأزديُّ مبتهجاً= قد آنَ للحرب أنْ تُبدي خَوافيها
926- قد آنَ للحقِّ أنْ تُبلى سرائرُهُ= وللهداية أنْ ينهلَّ صافيها
927- والله لو عبروا الجسرَ الذي عبروا= لأنصرَ القومَ حتى الوعدُ ياتيها
928- فسار للجسرِ حيث العينُ مُعنيةٌ = عن السّماعِ وللأوهام تُقصيها
929- إذا بهمْ فوق ذاك الجسر ما عبروا= وقولةُ المصطفى قد حقَّ روايها
930- وهاله أنْ رأى الصِّديقَ حيدرةً= من خلفِهِ لِبَناتِ الرّيْب يُوديها
931- هلا تيقنتَ يا ابن الازدِ من خبري؟= نادى عليٌّ وآيَ الصدق يُنشيها
932- أجابه الفارسُ المغوارُ مبتشراً= أنت الوصيُّ أعادي من تُعاديها
933- وعدَّ حيدرةُ الفاروقُ عُدَّتَهُ= لحربِ من فجّرت سُمّاً أفاعيها
934- وردَّ دابِرَ من كادوا لنحرهِمُ= وأُطفئت فتنةٌ سُحْقاً لموريها
935- وذو الثُّديَّةِ شرُّ الخلق مصطلَمٌ=نبوءةٌ صدّق الكرّارُ مُنبيها
936- نبوءةٌ لن يُضيرَ الحقَّ مُنكرُها= فبالفضائلِ قد أبدت تأسّيها
937- وأيُّ أكرومةٍ للمرتضى ظهرت= من دون أنْ يغتدي جِلْفٌ ليَنفيها؟
938- لا يزعُمَنَّ عِداةُ الصدق قد غنموا = فوزاً إذا جرت الدنيا بأيديها
939- فإنّما هي أيامٌ يُداولها= بين الأنامِ وإنْ طالت لياليها
940- كم معشرٍ حسبوا الدنيا تهيمُ بهم = حبّاً وقد عرفوا عقبى محبّيها
941- فعاهدوها فما أوفت لهم ذِمَماً = واستنصحوها وطبعُ الغدر يُثنيها
942- واستعبدتهم وظنّوا ذلَّها نِعَماً = واستصرخوها وما ملّوا تَصاميها
943- كأنّهم وصروفُ الدهر تُنذرهم = هيمٌ عطاشٌ ورودُ الماء يُظميها
944- فاستمرؤا كلَّ مَوْبوءٍ وما نكروا = طعماً وما بلغوا عيشاً يهنّيها
945- ماذا دهى أمّةً خلّت أبا حسنٍ = يدعو وقد غفلت عمّا يُنجّيها؟
946- تراهم خُشّعاً أبصارهم فَرَقاً= من المنون وما هبّت لواعيها
947- وللنُّخيلةِ يدعوهم لينقذَهم = ورِبْقةُ الذلِّ والأغلال تُعييها
948- وحيدرٌ يستثير الناسَ يخبرهم= ما حلَّ من بُسْرِ من بلوى بواديها
949- والناسُ يشغلُهم عنه تقاعسُهم = كأنّه لم يكن بالقول يَعنيها
950- وأشعثٌ وابن ربعيْ والألى بَرَءوا= من النبوّةِ سارت في تجنّيها
951- فثبَّطوا الناس عن دينٍ يناشدهم = حقَّ الجهاد وخوفُ الموت يُقعيها
952- ومثلُ حيدرَ لم يصبر على أَوَدٍ = وأن يرى أمّةً زاغت فيرثيها
953- خمسون عاماً أراها من بطولته = معنى الفدا وقد أوعت معانيها
954- وعاشها أمّةً بالخير قد خرجت = للناس تُنقذها من شرِّ مغويها
955- وواكبته نقيَّ الجَّيب من طَبَعٍ = منزَّهاً من عيوب الناس تنزيها
956- فعاهدوه وهبّوا من معاقلهم = أُسْداً تهدُّ من الأجبال راسيها
957- يستنظرون هلالَ العيد يوهبهم = بشائراً لأمير النّحل تُزجيها
958- فريضةُ الصوم قد وافت تعلّمهم = من الجهاد فروضاً من تساميها
959- والقاسطون أعدّوا من مكائدهم = ما أُلبست من ثياب العار ضافيها
960- تحشّد الثأرُ جيشاً لا عديد له = على عليٍّ وكم عانى ليهديها
961- وخلفهم من بني الأحزاب ما ورثت= مِن الضّغون ومَنْ سرّاً يواليها
962- فلا قريشٌ لعهد الثأر ناسيةً = ولا اليهودُ لنار الوَثْرِ تُطفيها
963- ولا الألى دخلوا الاسلام من فَرَقٍ = وللنفوسِ حنينُ الشرك يُشقيها
964- ولا لعائشةٍ نفسٌ تقرُّ على = سِلْمٍ وقد سُلبت منها أمانيها
965- ألقى ابن هندٍ إلى عمرو ابن نابغةٍ= بخطّةٍ أُحكمت كالليل داجيها
966- لا يعرف الغدرُ من أسرارِها جُمَلاً = حقداً تحمَّلَ أنكاها مراديها
967- وافى إلى الكوفةِ الحمراءَ مرتدياً = ليلاً به أصبحت سوداً لياليها
968- أمَّ المحاريبَ يبغي سَلْبَ عزَّتِها = بقتلِ مَنْ سيقُهُ علّى مبانيها
969- حُمَّ القضاءُ وحان الوعدُ إذ نظرت = إلى السماء وقد غارت دراريها
970- ترى الملائكَ تحت العرشِ باكيةً = والأنبياءَ فنَوْح ُالوحيِ يُشجيها
971- هذا عليٌّ وحكمُ الله في يدِهِ = لحكمة الله عن طَوْعٍ يُلبّيها
972- نادى الصلاةَ عبادَ الله فاغتنموا = ضيافةً لم يخِبْ إلا مُجافيها
973- وكبّر المرتضى والذّكْرُ في فمهِ = ينعى وأياتُهُ تبكي لتاليها
974- وسورةُ الحمدِ تبكي أنَّ واحدةً= من المثاني بحِجْرِ الموت تُلفيها
975- أهوى عليٌّ يؤدّي حقَّ ركعتِهِ = لسجدةٍ واستوى شِفْعاً يثنّيها
976- فكبَّر السيفُ مسموماً بهامتِهِ = بضربةٍ لم يزل يَفري تشظّيها
977- فصاح فزتُ وربِّ البيت مفخرةً = لمولدي وسطَ بيت الله أُنميها
978- وفي السموات جبريلٌ يؤبِّنه = قد هُدّمت للهدى أمضي أواخيها
979- غالوا الوصيَّ عليّ المرتضى فلقد= غالت بقتلتِهِ المختارَ هاديها
980- ليت السماء هوت فوق الثرى كِسَفاً = وليت فوق الثرى تهوي رواسيها
981- مَنْ للديانة إنْ عاثٍ أضرّ بها = ومن يُجير الهدى مما يُخشّيها؟
982- من لليتامى إذا جار الزمان بهم = وللأيامى إذا اشتدّت مآسيها؟
983- من للعُفاة إذا ضاقت بهم سُبُلٌ = وقد قضى صابراً من كان يغنيها؟
984- ومن لزينبَ والسبطين من سَنَدٍ = من جور نائبة الايّام تحميها؟
985- بالأمس قد فقدت جدّاً ووالدةً = واليومَ تفقد واليها وراعيها
986- مَنْ عنده الحوضُ في يوم المعاد ومَنْ = لراية الحمد عند الحشر يُعليها
987- يا من له الصحبُ والاعداءُ قد شهدت = بأنّه من شِمام الفضل راسيها
988- أتيت فضلك استسقي إذا ظمئت = نفسي فمن كأسك الأوفى تُوافيها
989- وللشفاعةِ أنْ أرقى لبُغيتِها = فأنت لو شئتَ للنيرانِ تُطفيها
990- ألقيت رحلي وحاجاتي يضيق بها = سواك إنّك للحاجات تقضيها
991- أرجو المماتَ على عهد الولاء لكم = حتى أنال من الجنّات عاليها
992- ولست أفزعُ إن مستني نائبةٌ = إلا إليك وكم أذللت عاتيها؟
993- فكيف أفزع في قبري - إذا بُليت = سريرتي - من ذنوبٍ لست أحصيها
994- ونورُ حُبَّيْكَ مشكاةٌ تنوِّرُ لي = ليلَ الذنوب وإن مدَّت بداجيها
995- يا شِفْعَ أحمدَ إشفع لي = ووالدتي ووالدي ولأخوانٍ أُساقيها
996- خمر الولاءِ بكأسٍ من فضائلكم = فإنني رُغم من ناواك أُفشيها
997- وتلك الفيَّتي بالحبِّ أنظمها = جَهْدَ المقلِّ فما وفَّت قوافيها
998- معشارَ ذرّةِ ما تحويه من قِيَمٍ = يفنى الزمان وما تفنى معاليها
999- ولستُ أسألُكُم أجراً فعبدكُمُ = يرى المودَّةَ نُعمى أنت مُسديها
1000- فمنتهى الشكرِ حمداً لا يُحيط بها= وغايةُ المدحِ شكراً لا يؤدّيها
((بارك الله في كاتب هذه الدرر)
1000 fdj td ,gd] hg;ufm