الموارد التي تبدل الذنب الصغير
الى ذنبٍ كبير
يستفاد من بعض الروايات والآيات القرآنية بان هناك ذنوباً صغيرة تتبدل الى ذنوبه كبيرة وتتلبس باحكامها .
1 ـ الاصرار على الذنب الصغير :
إنّ ممارسة الذنب الصغير لعدة مرات يعد ذنباً كبيراً واذا لم يبادر المرتكب للذنب الى التوبة والاستغفار يحسب اصراراً على المعصية .
فمثلاً لو نسج الخيط مع الشعر لصار حبلاً قوياً فعندها لا يكون خيطاً ولا شعراً بل هو حبل قوي . ففي سورة آل عمران ( الآية 135 ) نقرأ :
( .... ولم يصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون ) .
=============== (27)
قال الامام الباقر ( عليه السلام ) في شرح هذه الآية :
« الاصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله فلا يحدث نفسه بتوبة ، فذلك الاصرار » (1) .
قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« إياك والاصرار فأنه من أكبر الكبائر واعظم الجرائم » (2) .
لا تغفلوا عن الذنوب الصغيرة :
قال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نزل بأرضٍ قرعاء فقال لاصحابه : ائتوا بحطبٍ ، فقالوا : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب ، قال ( صلى الله عليه وسلم ) : فليأت كل إنسان بما قدر عليه ، فجاؤوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض ، فقال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : هكذا تجتمع الذنوب ، ثم قال : إياكم والمحقرات من الذنوب ، فان لكلّ شيء طالباً ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمامٍ مبين » (3) .
اشارة الى قوله تعالى في سورة يس الآية 12 :
( ونكتب ما قدموا ... ) .
____________
(1) اصول الكافي ج 2 ص 288 .
(2) غرر الحكم ج 1 ص 151 .
(3) اصول الكافي ج 2 ص 288 .
=============== (28)
قال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« لا صغيرة مع الاصرار » .
2 ـ الاستهانة بالذنب :
الاستهانة بالذنب تعدّ من الذنوب الكبيرة ، ولا يضاح الموضوع نضرب مثالاً :
اذا ضرب أحد غيره بحجرٍ كبير على رأسه ثم ندم على عمله واعتذر ، فمن الممكن ان يصفح عنه . ولكن اذا ضرب احد الآخر بحجرٍ صغير جداً ولم يعتذر منه زاعماً أنها هفوة طفيفة ولم تكن شيئاً مهماً ، فطبيعي أن لا يصفح عنه المضروب ، لانها نابعة من روحه المتبكرة واستهانته بذنبه .
قال الامام الحسن العسكري ( عليه السلام ) .
« من الذنوب التي لا تغفر : ليتيني لم أواخذ الاّ بهذا » (1) .
لان الذنب المشار اليه في الرواية قد استهين به .
قال الامام علي ( عليه السلام ) .
« أشد الذنوب ما استهان به صاحبه » (2) .
نقل زيد الشحام عن الامام الصادق ( عليه السلام ) انه قال :
« اتقوا المحقرات من الذنوب فانها لا تغفر » .
____________
(1) بحار الانوار : ج 73 ، ص 355 .
(2) نهج البلاغة الحكمة 348 غرر الحكم ج 1 ص 193 .
=============== (29)
قلت : وما المحقرات ؟ قال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« الرجل يذنب الذنب فيقول : طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك » (1) .
4 ـ وجاء في الصحيفة السجادية عن الامام السجاد ( عليه السلام ) في ضمن الدعاء انه يقول :
« اللهم اعوذ بك من ... الاصرار على المآثم واستصغار المعصية واستكبار الطاعة ومباهاة المكثرين والازراء بالمقلين وسوء الولاية لمن تحت ايدينا وترك الشكر لمن اصطنع العارفة عندنا ... » (2) .
3 ـ الابتهاج عند ممارسة الذنب :
الاحساس باللذة والفرح عند اقتراف الذنب هو احد الاسباب التي تحول الذنب الى كبير ويوجب العذاب الاليم لصاحب الذنب . وفي هذا المورد توجد عدة روايات .
قال الامام علي ( عليه السلام ) :
« شر الاشرار من تبهج بالشر » (3) .
وقال ايضاً :
« من تلذذ بمعاصي الله ذلّ » (4) .
____________
(1) اصول الكافي ج 2 ص 287 .
(2) الدعاء الثامن من الصحيفة السجادية .
(3) الغرر ص 130 .
(4) غرر الحكم ج 1 ص 446 .
=============== (30)
قال الامام السجاد ( عليه السلام ) :
« اياك وابتهاج الذنب فانه اعظم من ركوبه » (1) .
وقال الامام السجاد ( عليه السلام ) في حديث آخر :
« حلاوة المعصية يفسدها اليم العقوبة » (2) .
وله في حديث آخر :
« لا خير في لذة من بعدها النار » (3) .
وقال الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« من أذنب ذنباً وهو ضاحك دخل النار وهو باك » (4) .
4 ـ اقتراف الذنب عند الطغيان :
والسبب الاخر الذي يبدل الذنب الصغير الى كبير هو صدوره عن الطغيان والعصيان كما ورد في الآيات التالية من سورة النازعات الآية 37 الى 39 .
( وأمّا من طغى ـ وآثر الحياة الدّنيا فإنّ الجحيم هي المأوى ) .
____________
(1) بحار الانوار ج 78 ص 159 .
(2) بحار الانوار ج 78 ص 159 .
(3) بحار الانوار ج 78 ص 159 .
(4) مشكاة الانوار ص 394 ـ وسائل الشيعه ج 11 ص 268 .
=============== (31)
5 ـ الغرور عند ارخاء الستر الالهي للانسان المذنب وامهاله :
من الموارد التي تحول الذنب الصغير كبيراً هو ان المذنب يخالج تفكيره أن عدم مجازاة الله سبحانه وتعالى السريعة له تدل على رضى الله عنه وحبه له كما جاء في الآية 8 من سورة المجادلة :
( ويقولون في أنفسهم لولا يعذّبنا الله بما نقول حسبهم جهنّم يصلونها فبئس المصير ) .
فالوعيد بعذاب جهنم لهؤلاء الاشخاص دليل على ان ذنب هؤلاء المغرورين بعدم مجازاة الله السريعة لهم هي من الذنوب الكبيرة .
6 ـ التجاهر بالذنب :
إنّ اعلان الذنب والتجاهر به أمام الناس يبدل الذنب الصغير الى ذنبٍ كبير . وهذا التجاهر تعبير عن ان صفة التجرّو على الاوامر الالهية وعدم الالتزام بها هي صفة المذنبين ، ويعبّر ايضا عن تلوث المجتمع لكون الذنب فيه متفشياً وطبيعياً .
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
« إياك والمجاهرة بالفجور فانه من اشد المآثم » (1) .
وقال الامام الرضا ( عليه السلام ) :
« المستتر بالحسنة يعدل سبعين حسنة ، والمذيع بالسيئة
____________
(1) غرر الحكم ج 1 ص 151 .
=============== (32)
مخذولّ » (1) .
7 ـ ذنب الاشخاص ذوي المركز الاجتماعي المرموق :
هناك أشخاص لهم مكانة اجتماعية مرموقة بين الناس ، فما يقترفونه من الذنوب له حكمّ خاص يختلف تماماً عن عامة الناس لذا يحكم على ذنوبهم الصغيرة بكونها كبيرة لوجود بعدين .
1 ـ بعد فردي .
2 ـ بعد اجتماعي .
إنّ ذنب الاشخاص المتميزين المرموقين في البعد الاجتماعي يعد ذنباً كبيراً وان كان صغيراً لانه يوفر الارضية لانحراف واغواء جمعٍ كثيرٍ من الناس مما يؤدي الى الاستهانة بالدين .
كما يقولون : « الملح يرجى لإصلاح ما فسد فكيف الحال اذا الملح فسد ؟!! » ، ولنضرب المثال الآتي :
لو وضع شخص أمي ماءً قذراً في اناء واعطاه لآخر فشربه فاصابه المرض ، في هذه الحالة لا يعاقب الأمي لأن الثاني كان عالماً فلماذا شرب الماء ؟
ومثله اذا كان شخص يصنع « المرطبات » بالفستق وماء الورد والحليب ويقدمه الى المشتري بشكلٍ جميل وجذاب فاذا أكل أحدً من تلك « المرطبات » فتسمم عوقب ذلك البائع لجذبه المشترين
____________
(1) مشكاة الانوار : ص 394 ـ اصول الكافي ج 2 ص 428 .
=============== (33)
واغرائهم بلون المرطبات المعروضة وجهلهم بتسمّمها .
وعلى هذا المعيار تأتي المحاسبة الالهية للشخصيات المرموقة في المجتمع مختلفةً عن محاسبة الآخرين .
hgl,hv] hgjd jf]g hg`kf hgwydv hgn `kfS ;fdv