الموضوع: الرياء
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013/12/04, 07:37 AM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي الرياء


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.



الرياء
وهو : طلب الجاه والرِّفعة في نفوس الناس ، بمراءاة أعمال الخير .
وهو مِن أسوأ الخصال ، وأفظع الجرائم ، الموجبة لعناء المرائي وخسرانه ومقته ، وقد تعاضدت الآيات والأخبار على ذمّه والتحذير منه .
قال تعالى في وصف المنافقين : ( يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً )(1) .
وقال تعالى : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً )(2) .
وقال سبحانه : ( كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ )(3) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( كلّ رياء شِرك ، أنّه مَن عمِل للناس كان ثوابه على الناس ، ومَن عمِل للّه كان ثوابه على اللّه )(4) .
وقال ( عليه السلام ) : ( ما مِن عبدٍ يُسِرُّ خيراً ، إلاّ لم تذهب الأيّام
_____________________
(1) النساء : 142 .
(2)
الكهف : 110.
(3)
البقرة : 264 .
(4)
الوافي ج 3 ص 137 عن الكافي .


الصفحة 132


حتّى يُظهِر اللّه له خيراً ، وما مِن عبدٍ يُسِرُّ شرَّاً إلاّ لم تذهب الأيّام حتّى يُظهِر له شرَّاً )(1) .
وعنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( سيأتي على الناس زمانٌ تخبث فيه سرائرهم ، وتحسن فيه علانيتهم ، طمَعاً في الدنيا ، لا يُريدون به ما عند ربِّهم ، يكون دينهم رياءاً ، لا يُخالطهم خوف ، يعمّهم اللّه بعقاب فيدعونه دعاءَ الغريق فلا يستجيب لهم )(2) .
وعن موسى بن جعفر عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( يؤمَر برجال إلى النار ، فيقول اللّه جلّ جلاله لمالك : قل للنار لا تحرق لهم أقداماً ، فقد كانوا يمشون إلى المساجد ، ولا تحرق لهم وجهاً ، فقد كانوا يسبغون الوضوء ، ولا تحرق لهم أيدِيَاً ، فقد كانوا يرفعونها بالدعاء ، ولا تحرق لهم ألسُناً ، فقد كانوا يُكثرون تلاوة القرآن . قال : فيقول لهم خازن النار : يا أشقياء ما كان حالكم ؟ قالوا : كنّا نعمل لغير اللّه عزّ وجل فقيل لنا خذوا ثوابكم ممّن عملتم له )(3) .
_____________________
(1) الوافي الجزء الثالث ص 147 عن الكافي .
(2)
الوافي الجزء الثالث ص 147 عن الكافي ، ودعاء الغريق : أي كدعاء المشرف على الغرق ، فإنّ الاخلاص والانقطاع فيه إلى اللّه عزّ وجل أكثر من سائر الأدعية .
(3)
البحار م 15 بحث الرياء ص 53 عن عِلل الشرائع وثواب الاعمال .




أقسام الرياء
ينقسم الرياء أقساماً تُلخّصها النقاط التالية :
1 -
الرياء بالعقيدة : بإظهار الايمان وإسرار الكُفر ، وهذا هو النفاق وهو أشدّها نُكراً وخطَراً على المسلمين ؛ لخفاء كيده ، وتستّره بظلام النفاق .
2 -
الرياء بالعبادة مع صحّة العقيدة :
وذلك بممارسة العبادات أمام ملأ الناس ، مراءاةً لهم ، ونبذها في الخَلوة والسرّ ، كالتظاهر بالصلاة ، والصيام ، وإطالة الركوع والسجود والتأنّي بالقراءة والأذكار وارتياد المساجد ، وشهود الجماعة ، ونحوه من صور الرياء ، في صميم العبادة أو مكمّلاتها ، وهنا يغدو المُرائي أشدُّ إثماً مِن تارك العبادة ، لاستخفافه باللّه عزّ وجل ، وتلبيسه على الناس .
3 -
الرياء بالأفعال : كالتظاهر بالخشوع ، وتطويل اللحية ، ووسم الجبهة بأثر السجود ، وارتداء الملابس الخشنة ونحوه من مظاهر الزهد والتقشّف الزائفة .
4 -
الرياء بالأقوال : كالتشدّق بالحكمة ، والمراءاة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والتذكير بالثواب والعقاب مداجاةً وخداعاً .

دواعي الرياء :
للرياء أسباب ودواع نُجملها فيما يلي :
1 -
حُب الجاه : وهو مِن أهمّ أسباب المراءاة ودواعيه .




2 - خوف النقد : وهو دافع على المراءاة بالعبادة ، وأعمال الخير ، خشية من قوارص الذم والنقد .
3 -
الطمع : وهو من محفّزات الرياء وأهدافه التي يستهدفها الطامعون ، إشباعاً لأطماعهم .
4 -
التستّر : وهو باعث على تظاهر المجرمين بمظاهر الصلاح المزيفة ، إخفاءاً لجرائمهم ، وتستّراً عن الأعيُن .
ولا ريب أنّ تلك الدواعي هي من مكائد الشيطان ، وأشراكه الخطيرة التي يأسر بها الناس ، أعاذنا اللّه منها جميعاً .

حقائق :
ولا بدّ من استعراض بعض الحقائق والكشف عنها إتماماً للبحث :
1 -
إختلفت أقوال المحقّقين ، في أفضليّة اخفاء الطاعة أو اعلانها .
ومجمل القول في ذلك ، إنّ الأعمال بالنيات ، وأنّ لكلّ امرئ ما نوى ، فما صفا مِن الرياء فسَواء إعلانه أو إخفاؤه ، وما شابه الرياء فسيّان إظهاره أو إسراره .
وقد يُرجّح الإسرار أحياناً للذين لا يُطيقون مدافعة الرياء لشدّة بواعثه في الإعلان . كما يُرجّح إعلان الطاعة ، إنْ خلُصت من شوائب الرياء ، وقُصِد به غرضٌ صحيح ، كالترغيب في الخير والحثّ على الاقتداء .
2 -
ومَن استهدف الإخلاص في طاعته وعبادته ، ثُمّ اطلع الناس




عليها ، وُسرّ باطلاعهم واغتبط ، فلا يقدح ذلك في إخلاصه ، إنْ كان سروره نابعاً عن استشعاره بلطف اللّه تعالى ، وإظهار محاسنه والستر على مساوئه تكرماً منه عزّ وجل .
وقد سئل الامام الباقر ( عليه السلام ) عن الرجل يعمل الشيء مِن الخير فيراه إنسانٌ فيسرّه ذلك ، فقال : ( لا بأس ، ما مِن أحدٍ إلاّ وهو يحبُّ أنْ يظهر اللّه له في الناس الخير ، اذا لم يكن صنع ذلك لذلك )(1) .
3 -
وحيث كان الشيطان مجدّاً في إغواء الناس ، وصدّهم عن مشاريع الخير والطاعة ، بصنوف الكيد والإغواء ، لزِم الحذر والتوقّي منه ، فهو يُسوّل للناس ترك الطاعة ونبذ العبادة ، فإنْ عجَز عن ذلك أغراهم بالرياء ، وحبّبه إليهم ، فإنْ أخفَق في هذا وذاك ، ألقى في خُلدِهم أنّهم مراؤون وأعمالهم مشوبةٌ بالرياء ، ليسوّل لهم نبذها وإهمالها .
فيجب والحالة هذه طرده ، وعدم الاكتراث بخِدَعه ووَساوِسه ، إذ المخلص لا تضرّه هذه الخواطر والأوهام .
فعن الصادق عن أبيه ( عليهما السلام ) : إنّ النبيّ قال : ( اذا أتى الشيطان أحدكم وهو في صلاته فقال : إنّك مرائي ، فليُطل صلاته ما بدا له، ما لم يفته وقت فريضة ، واذا كان على شيء من أمر الآخرة فليتمكث ما بدا له ، واذا كان علي شيء من أمر الدنيا فليسترح...)(2) .
_____________________
(1) الوافي ج 3 ص 148 عن الكافي .
(2)
البحار م 15 ص 53 عن قرب الإسناد .




مساوئ الرياء :
الرياء من السجايا الذميمة ، والخِلال المقيتة ، الدالّة على ضِعة النفس ، وسُقم الضمير ، وغباء الوعي ، إذ هو الوسيلة الخادعة المُدجَلة التي يتّخذها المتلوّنون والمنحرفون ذريعةً لأهدافهم ومآربهم ، دونَما خجَلٍ واستحياءٍ مِن هوانِها ومناقضتها لصميم الدين والكرامة والإباء .
وحسبُ المرائي ذمّاً أنّه اقترف جُرمين عظيمين :
تحدّى اللّه عزّ وجل ، واستخفّ بجلاله ، بإيثار عباده عليه في الزلفى والتقرّب ، ومخادعة الناس والتلبّس عليهم بالنفاق والرياء .
ومثَل المرائي في صفاقته وغبائه ، كمَن وقَف إزاء ملِكٍ عظيم مظهِراً له الولاء والإخلاص ، وهو رغم موقفه ذلك يخاتل الملِك بمغازلة جواريه أو استهواء غِلمانه .
أليس هذا حريّاً بعقاب الملك ونكاله الفادحين على تلصصه واستهتاره .
ولا ريب أنّ المرائي أشدّ جرماً وجنايةً من ذلك ، لاستخفافه باللّه عزّ وجل ، ومخادعة عبيده . والمرائي بعد هذا حليف الهم والعناء ، يستهوي قلوب الناس ، ويتملق رضاهم ، ورضاهم غاية لا تنال ، فيعود بعد طول المعاناة خائباً ، شقيّاً ، سليب الكرامة والدين .
ومن الثابت أنّ سوء السريرة سرعان ما ينعكس على المرء ، ويكشف واقعه ، ويبوء بالفضيحة والخُسران .




ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تُعلموقد أعرب النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) عن ذلك قائلاً :

( مَن أسرّ سريرةً ردّأه اللّه رِداءها ، إنْ خيراً فخير ، وإنْ شرَّاً فشر )(1) .
علاج الرياء :
وبعد أنْ عرفنا طرَفاً مِن مساوئ الرياء ، يجدر بنا أنْ نعرض أهمّ النصائح الأخلاقيّة في علاجه وملافاته ، وقد شرحت في بحث الإخلاص طرفاً من مساوئ الرياء ومحاسن الإخلاص فراجعه هناك .

علاج الرياء العمَلي :
وذلك برعاية النصائح المجملة التالية :
1 -
محاكمة الشيطان ، وإحباط مكائده ونزعاته المرائيّة ، بأُسلوب منطقي يقنع النفس ، ويرضي الوجدان .
2 -
زجر الشيطان وطرد هواجسه في المراءاة ، طرداً حاسماً ، والاعتماد على ما انطوى عليه المؤمن من حبّ الاخلاص ، ومقت الرياء .
3 -
تجنب مجالات الرياء ومظاهره ، وذلك باخفاء الطاعات والعبادات وسترها عن ملأ الناس ، ريثما يثق الإنسان بنفسه ، ويحرز فيها الاخلاص .
_____________________
(1) الوافي ج 3 ص 147 من خبر عن الكافي .



ومِن طرائف الرياء والمرائين ماقيل :
إنّ أعرابيّاً دخل المسجد ، فرأى رجلاً يُصلّي بخشوعٍ وخضوع ، فأعجبه ذلك ، فقال له : نعم ما تُصلّي .
قال : وأنا صائم ، فإنّ صلاة الصائم ، تَضعُف صلاةَ المفطر .
فقال له الأعرابي : تفضّل واحفظ ناقتي هذه ، فإنّ لي حاجةً حتّى أقضيها . فخرج لحاجته ، فركب المصلّي ناقته وخرَج ، فلمّا قضى الأعرابي حاجته ، رجع ولم يجد الرجل ولا الناقة ، وطلبه فلم يقدر عليه ، فخرج وهو يقول :


صلّى فأعجبني وصام فرامني منح القَلُوص عن المصلّي الصائموصلّى أعرابيّ فخفّف صلاته ، فقام إليه عليّ ( عليه السلام ) بالدرّة وقال :

( أعِدْها ) ، فلمّا فرغ ، قال : ( أهذه خير أم الأولى ؟) قال : بل الأُولى ، قال : ( ولِمَ ) ، قال : لأنّ الأُولى للّه وهذه للّدرة
اسم الکتاب:أخلاق أهل البيت
اسم المؤلف:السيد مهدي الصدر




hgvdhx



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس