عرض مشاركة واحدة
قديم 2014/11/15, 10:46 PM   #1
معلومات إضافية
رقم العضوية : 3431
تاريخ التسجيل: 2014/10/05
المشاركات: 2,923
عابر سبيل غير متواجد حالياً
المستوى : عابر سبيل is on a distinguished road




عرض البوم صور عابر سبيل
افتراضي كيف نحول محرم الى واقع معاش


لئن كانت العشرة الأخيرة من شهر رمضان، محطة تركيز على العلاقة الخاصة مع رب العالمين، من الزاوية الفردية للعبادة.. فإن العشرة الأولى من شهر محرم الحرام، تمثل محطة تركيز أيضا على تلك العلاقة من الزاوية الاجتماعية للعبادة؛ تأسياً بسيد الشهداء (ع) الذي مارس أرقى صور العبودية لرب العالمين، من خلال استنقاذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة؛ مجسدا بذلك شعار إحياء الخلق؛ لأنهم عباد الله.. وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله.

إن مسألة إحياء الشعائر، كما قال الإمام الصادق (ع): (شيعتنا خُلقوا من فاضل طينتنا: يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا)؛ هذه المسألة لها انعكاسات في حياة الإنسان المؤمن.. لماذا يفرح الإنسان بميلاد إمام من أئمة الهدى؟.. ولماذا يتأذى ويتأسف ويحزن عند فقد هذه الذوات المقدسة؟..

إن السبب في ذلك؛ الحب الذي هو عبارة عن السنخية بين المحب والمحبوب.. والحب على قسمين:
الحب الأول: الحب المتعلق بالأمور المادية؛ سواءً كان جسداً جميلاً، أو كان منظراً جميلاً، أو كان متاعاً من متاع هذه الدنيا.. إذن الإنسان الذي يلتفت إلى متاع من متاع هذه الدنيا؛ حياً كان أو جماداً؛ من الطبيعي أن تنقدح في نفسه حالة الحب؛ لأن طبيعة الإنسان تحب الجمال: في طبيعة كان، أو في وجه بشري.. ولكن مشكلة هذا الحب، أنه مبتلى بعدة آفات، منها:

الآفة الأولى: آفة الزوال.. فالوجه الجميل، والمنظر الجميل، والطبيعة الجميلة؛ كل هذه الأمور في طريقها إلى الفناء.
الآفة الثانية: آفة التناقص.. إن الله -عز وجل- جعل الجمال في الوجوه، وهذا في طريقه إلى الأفول، فكل يوم يمر يأخذ من هذا الجمال شيئا، إلى أن ينقلب إلى العكس؛ فيتحول إلى وجه قبيح.
الآفة الثالثة: آفة الشهوة.. هذا الحب المتعلق بالمادة الفانية، عادة يفرز الشهوة، والحركة نحو تلك المادة: حلالاً كان ذلك، أم حراماً.

الحب الثاني: حب المعاني، لا حب الذوات، ولا حب الطبيعة، ولا حب الوجوه الجميلة؛ إنما حب الذوات المتحلية بالمعاني السامية!.. وهذا الحب حب يختلف تماماً عن الحب الأول:

أولاً: الاستمرار.. حب المعاني الكمالية، وحب المعاني الجميلة؛ هذا حب ثابت.. فالذي يحب: التضحية، والكرم، والتقرب إلى الله -عز وجل-، والإيثار، والعبودية؛ كل هذه المعاني المعنوية تبقى ولا تزول أبداً!..
ثانياً: التزايد.. إن الذي يحب المعنى، ويحب صاحب هذه المعاني الجميلة؛ هذا الحب لا ينقص أبداً!.. والشاهد على ذلك ما رأيناه في أصحاب النبي (ص) والأئمة (ع)، عندما كان يدخل الصحابي دائرة الحب الإلهي، وحب النبي (ص)، وحب المعاني المتجسدة في ذات النبي؛ كان يزداد يوماً فيوماً شوقاً إلى هذه المعاني.. فأصحاب الحسين (ع) أحبوا الإسلام من كل وجودهم، أحبوا التضحية بين يدي الله -عز وجل- وكلما اقتربوا من ميدان الشهادة؛ كلما زادوا فرحاً، لأنها ساعة اللقاء مع المليك الأعلى، فسلوكهم ليلة العاشر، سلوك إنسان مقدم على ساعات مؤنسة ولذيذة، فهذا يقينهم!..
ثالثاً: العمل الجاد.. حب المعاني يدعو الإنسان إلى العمل الجاد، الذي يقربه من هدف الخليقة.. حب الوجه، وحب الطبيعة؛ يسوق الإنسان إلى الشهوات.. أما حب المعاني؛ فإنه يدفع الإنسان إلى التأسي بهذه الأمور.. إذ من عشق شيئاً، تبع ذلك الشيء أينما كان.

إن الحسين (ع) بهذه الحركة، أراد أن يجسد لنا المعاني.. إذا أردت أن تعلم معنى للإيثار والتضحية، فاذهب إلى وادي الطفوف!.. إبراهيم الخليل -صلوات الله وسلامه عليه- خُلد ذكره في مكة: نطوف تأسياً بإبراهيم (ع)، نسعى ونهرول تأسياً بزوجته هاجر، ونرمي الجمرات في منى تأسيا بإبراهيم (ع).. وذلك لأن خليل الله، وإسماعيل ذبيح الله؛ اجتمعا لتطبيق الأمر الإلهي، الذي جاء من خلال منام.. وهذا الحسين (ع) يأخذ بيد خير أهل الأرض، وخيرة الأصحاب: شباباً، وكهولاً؛ فيقدمهم قرابين بين يدي الله عز وجل، ألا يكتب له الخلود؟.. ربنا رب شكور: شكر سعي إبراهيم؛ فخلده من خلال الحج.. وشكر سعي الحسين وأصحابه؛ فخلده من خلال عاشوراء



;dt kp,g lpvl hgn ,hru luha



رد مع اقتباس