عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/09/27, 08:50 AM   #10
ابوشهد

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل: 2012/03/04
المشاركات: 4,509
ابوشهد غير متواجد حالياً
المستوى : ابوشهد is on a distinguished road




عرض البوم صور ابوشهد
افتراضي


(10)
ـ ولكنك جثمت على صدره كغراب أبقع.
ردّ الأبرص منتشياً.
ـ أنت لا تدرك اللذّة التي شعرتُ بها وأنا أعلو صدر الحسين. كان ربوة من ربيع تفوح منه روائح أطيب من المسك. يابن سعد! لقد ارتقيتُ قمّة المجد.
الأبرص ما يزال منتشياً، أسكرته لحظة الانقضاض.
الرجل الحالم قطع قهقهته فجأة. زاد اتساع عينيه كأنّما ما يزال يراقب مشهداً مثيراً على شاطئ الفرات.
الحسين ما يزال يقاتل الألوف غير عابئ بالسهام والرماح، وسيوف القبائل تحاول أن تتخطفه. اندفع نحو الفرات كزوبعة غاضبة. وبدا الفرات تحت حوافر جواده كأفعى ذليلة لشدّما هزّه منظر الحسين. أيّ رجل هذا ؟!
غطّى وجهه بكفّيه. أراد أن يطفئ اشتعالات مش
اهد مضيئةٍ كبروق سماوية.
ما تزال الخيول المجنونة تركض بعنف، فيتردّد صداها في أعماقه هزّات عنيفة مدمرِّة تعصف بأحلامه فتتبدّد. كان الأرقط يراقب صاحبيه من طَرْف خفيّ. أدرك ما يعتمل فيهما. لوّح بسوطه في الهواء، وصرخ:
ـ إنّني أُنفّذ أمر الخليفة.

الليل يغمر الأرض بظلمة حالكة. وبدت الصحراء المترامية امرأة متّشحة بالسواد حزناً على أبنائها. النخيل الذي يحفّ بشطآن الفرات بدا كرماح مركوزة في الرمال.
خُيِّل إليه أنّه يسمع صهيلاً ينبعث من أعماق المياه المتدفّقة...
اقترب أكثر فأكثر... فكاد يسقط دهشة... مواكب من شموع تتألّق وأصوات تشبه البكاء.
كان الرجل الأسدي يحدّ النظر... يريد أن يتعرّف أحدهم، لكنّ بصره ارتدّ حسيراً ... تقهقر إلى الوراء... سيطرت عليه رهبة المكان.
خُيّل اليه أنه يرى جواداً ينبعث من نهر الفرات. كان الجواد يشبه غيمةً بيضاء تنساب فوق الرمال الناعمة. ورأى رجلاً يستيقظ... راح الجواد يمرّغ ناصيته يشمّه ويحمحم بحزن.
نهض الرجل النائم... مسَح على رقبة جواده، ثمّ راح يوقِظ النائمين واحداً بعد الآخر.
استيقطوا جميعاً. كانوا سبعين أو يزيدون.


توقيع : ابوشهد
عظم الله اجرك و احسن عزاءك و غفر لشهدائك يا عراق
رد مع اقتباس