عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/11/18, 09:13 PM   #1
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
العزة والكرامة في النهج الحسيني




أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا ونبينا محمد وآله أجمعين الطيبين الطاهرين، واللعن الدائم والعذاب الأليم على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.


قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}(المنافقون: 8 ) صدق الله العلي العظيم.

---------------




أهمية العزة والكرامة في الشرائع السماوية.
تعيش الأمة الإسلامية في هذه الأيام ذكرى عاشوراء الأليمة، التي تمثل العزة والكرامة، وإن كانت أيام محرم وصفر كلها أيام عِزَّة وكرامة وشرف للإنسانية، ولكن من خلال هذه الذكرى سوف نتحدث وإياكم عن درس من الدروس القرآنية التي جسدها إمامنا الحسين عليه السلام في تضحيته وفدائه في ثورته المباركة، وهذا الدرس هو درس الكرامة والعزة، الذي أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}(المنافقون: 8 )، وكذلك، أكد عليه في قوله تعالى:{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(آل عمران:39). ومن هنا لا بد من التأكيد على أنّ النفس الإنسانية تتكون من جنبتين: جنبة مادية وجنبة روحية، وهذه الجنبة الروحية يريد لها الإسلام أن تحيى بعزة وكرامة، لأنّها تمثل نفس الوجود المعنوي للإنسان، وما ورد من النواهي في الشريعة الإسلامية، وفي الشرائع السماوية الأخرى إنما هو لصيانة روح الإنسان من أن تُدَنَّس بالآثام أو تخلد إلى الأرض.
أهمية العزة والكرامة في روايات أهل البيت عليهم السلام.
إنّ المتتبع لروايات أهل البيت عليهم السلام يجد في توجيهاتهم تركيزًا كبيراً على الجنبة الروحية للإنسان؛ وهذه الروايات يمكننا أن نصنفها إلى ثلاث أصناف:
الأول: الروايات التي تؤكد على أنّ الدين والخُلق توأم العزة.
وهذا المعنى نجده جلياً في قول إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام: ‹‹لا دين لمن لا مروءة له ولا مروءة لمن لا عقل له››، وأيضاً في كلام إمامنا الهادي عليه السلام: ‹‹من هانت عليه نفسه فلا تأمن شره››، وجاء في بعض الروايات:‹‹فلا تأمن بوائقه››. والمقصود هو أنّ الإنسان الذي يعيش الذلة من الناحية المعنوية، يكون لديه الاستعداد للقيام بكل عمل يُدنس به شرفه، وشرف المجتمع الذي يعيش في وسطه، بينما الإنسان الذي يمتلك الشهامة والمروءة والعزة والكرامة لنفسه لن يرتكب ما يُدنس شرفه وكرامته، ولا شرف الوسط الذي يعيش فيه.
الثاني: الروايات التي تؤكد أنّ العزة تُوصل للمراتب العالية.
إنّ أمير المؤمنين عليه السلام أكد في نهج البلاغة على هذا المعنى عندما قال: ‹‹قدر الرجل على قدر همته، وصِدقِهِ على قدر مروءته، وعفته على قدر غيرته››. والمراد من الرجل هو الإنسان، أي الأعم من الرجل والمرأة، والرواية تشير إلى أنّ الإنسان في وصوله إلى المراتب العالية يرتكز على قدر طموحاته، التي يحملها بين جنبيه. وأيضاً تُركز الرواية على أنّ الصدق الذي يتمتع به الإنسان في حياته يرتبط قولاً وعملاً بقدر مروءته. والمراد بالمروءة هو شرف النفس والروح، الذي يتطلب من الإنسان السعي الحثيث كي يصل بروحه إلى الشفافية والنظافة والطهارة بشكل دائم. وتضيف الرواية معنى يرتبط بما نحن فيه، وهو أنّ عفة الإنسان على قدر غيرته، فبقدر ما يكون غيورًا على أهله يكون عفيفًا؛ فإن كانت لديه غيرة على شرفه فإنه لن يتعدى على شرف الآخرين، وأما إذا ذهبت غيرته فسيكون له استعداد في ارتكاب أي محظور يُدنس به شرف الآخرين، وهذه الحقيقة أكدت عليها أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: ‹‹وعفته على قدر غيرته››.
الثالث: الروايات التي تربط بين الذل وضعف الجانب الروحي.
وهذا المعنى نجده بوضوح في الوصية الخالدة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام التي أوصى بها ابنه الحسن الزكي عليه السلام، والتي قال فيها: ‹‹وأكرم نفسك عن كل دنية، وإن ساقتك إلى الرغائب، فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عِوَضًا››، فالإمام عليه السلام يريد من هذه الوصية أن ينبه البشرية جمعاء، إلى أهمية مجاهدة النفس في كل أمرٍ من الأمور التي تدنس الشرف مجاهدةً جادة، لأنّ مجرد هذه العثرات والسقطات البسيطة تُقلل من مستوى الإنسان وتُدنس شرفه المعنوي، وتؤدي إلى اتصاف روحه بالرذيلة، وبالتالي، يضعف الجانب الروحي عنده، وبعد ذلك، من الصعوبة بمكان أن يرجع إلى نفس مستواه الذي وصل إليه سابقاً.
العزة والكرامة في نهج الإمام الحسين عليه السلام.
إنّ الإمام الحسين عليه السلام جسّد مبادئ العزة والكرامة قولاً وعملاً، وهذا يتجلى بوضوح في الشعارات التي صدرت منه عليه السلام، والتي تحفظ كرامة الإنسان وعزته في إطار الفرد أو المجتمع، ومن أهم هذه الشعارات قوله:‹‹الموت أولى من ركوب العار، والعار أولى من دخول النار››، فالإمام عليه السلام يُركز على أنّ موت الإنسان أولى من أن يُعيره المجتمع بشيء، وهذا التعيير والنظر إليه كوضيع أولى من أن يرتكب ما يؤدي إلى دخوله نار جهنم. وقد ورد هذا المضمون بنفسه في كلمات سيد الشهداء عليه السلام حين قال:‹‹إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برماً››. فالإمام الحسين عليه السلام يريد للمجتمع الذي كان يعيش فيه أن يحيا حياة العزة والكرامة، ليس على مستوى الفرد فقط، وإنما على مستوى المجتمع، ولذا فإنّ تضحية الإمام الحسين عليه السلام كانت تصب في الجانب الروحي لوجود الإنسان. وكان الهدف من تضحيته الحفاظ على تلك الجنبة المعنوية للإنسان، ووقايتها من السقوط في وَحل الذل والمهانة، لأنه من السهل على الكثير من الجبابرة و المتغطرسين أن يشتروا شرف بعض الناس وكرامتهم وعزتهم، فيما لو سقطوا في مهاوي الذلة.
نموذج تاريخي للسقوط في مهاوي الذلة.
إنّ التاريخ يحدثنا على أنّ هناك بعض الشخصيات سقطت في مهاوي الذُل بسبب تنازلها عن مبادئ العزة، ومن تلك النماذج هي تلك الحادثة التي ينقلها التاريخ عن أحد الخلفاء المتجبرين، الذي طلب من أحد قوّاده أن يستدعي إحدى الشخصيات كي يُساومهم، ليس على وجودهم، وإنما على شرفهم وعزتهم، فلما أحضروه، قال له: بماذا تفدي مولاك الخليفة ؟ فقال الرجل : أفديه بنفسي. وعند ذلك تركه، وأمره بالانصراف. ولما مضت فترة زمنية طلبه مرة ثانية، وقال له: بماذا تفدي مولاك الخليفة ؟ فقال: أفديه بنفسي ومالي، ثم أمره بالانصراف، وقال له: اذهب مالنا حاجة فيك، وبعد مرور فترة وجيزة استدعاه مرة ثالثة، وسأله نفس ذلك السؤال، فأجاب الرجل: أفديه بنفسي ومالي وأهلي، وحينها، طرده وأمره بالخروج، وبعد ذلك، استدعاه، وسأله نفس ذلك السؤال، فقال الرجل: أفدي الخليفة، بنفسي ومالي وأهلي وشرفي وديني. وحينها، رضي وفرح الخليفة، لأنه كان ينتظر هذا الجواب من أول الأمر.
الإمام الحسين عليه السلام يعطي أروع الدروس في العزة.
إنّ هؤلاء الجبابرة يريدون من الإنسان أن ينسلخ عن جانبه المعنوي، الذي يتمثل في عزته وكرامته، ويهدفون من ذلك جعل المجتمع الإنساني تحت سيطرتهم التامة وسلطتهم كي يحققوا رغباتهم وأهواءهم. ولكن الأمام الحسين عليه السلام أراد أن يُفوِّت عليهم هذه الفرصة من خلال تنبيه المجتمع إلى أنّ الإنسان يمكنه التنازل عن الكثير من الأمور التي يحتاجها، ولكن لا يمكنه التنازل عن شرفه وكرامته وعزته، لأنها تمثل جزءاً هاماً من حياة الإنسان كفرد وأيضاً هي جزء من حياته باعتباره أحد أفراد المجتمع.

---------------




وبهذه النقطة نختم بحثنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحشرنا مع الحسين وأولاد الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.وصلَّى الله وسلم وزاد وبارك على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.





hgu.m ,hg;vhlm td hgki[ hgpsdkd



توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس