عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/11/28, 11:27 PM   #8
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

مع الامام علي (عليه السلام)

ولم تتاخر قريش، التي تكتلت ثلاث مرات لمنع وصوله الى السلطة، في اعلان حربها على الخليفة الجديد، فكانت‏(معركة‏)، الجمل اول حرب بين المسلمين، تلك التي فتحت بابا واسعا، للفتنة.
وكان عمار ممن رافقوا عليا في خروجه من ‏المدينة، والذي شكل مغامرة لم يجد الخليفة بدا من ركوبها، دون ان يرافقه حينذاك، سوى القليل من المقاتلين.
ولذلك‏كانت، المراهنة على الكوفة التي سبق للخليفة ان طرق بابها من، خلال احد زعمائها المتحمسين له، وهو مالك بن‏الحارث، (الاشتر النخعي)، قائد مجموعة الكوفيين التي ثارت على، الخليفة السابق.، توقف علي حينذاك في (ذي قار)، بانتظار نتائج المفاوضات مع، (اهل الكوفة‏) حيث كان آخر ولاتها في عهد عثمان(الاشعري)،، يعمل على تسويقها لمصلحة معاونيه، وكان عمار الى جانب، الحسن بن علي(80) عضوي الوفد الذي‏ سار الى الكوفة واتم، الاتفاق مع رؤساء قبائلها، بعد ان مهد لذلك في وقت سابق، الاشتر النخعي.
وهكذا رجحت كفه علي في البصرة التي خاض معركتها بغير، صعوبة، بفضل دعم القبائل الكوفية واستبسال اصحابه ممن خرجوا معه او انضموا اليه من البؤرة الثائرة عليه.
وهؤلاء لا، نعرف الكثير عن حركتهم داخل (المعركة‏) فيما تحمل‏الينا، الاخبار بعض التفاصيل عن عمار، المقاتل الشجاع، حيث يندفع، باتجاه الزبير، احد اقطاب (الفتنة الجديدة‏) ويكاديجهز عليه، ولولا ان كبح جماح نفسه ازاء الصحابي الكبير(81).
ويروي، ابن خياط في هذا السياق عن البكائي قوله:(اني لفي الصف مع، علي اذ عقر بام المؤمنين جملها، فرايت محمد بن ابي بكر، وعمار بن ياسر يشتدان بين الصفين، ايهما يسبق اليها، فقطعا، عرضة الرحل فاحتملاها في هودجها)(82).
وفي ضوء ما سلف نتعرف اكثر الى شخصية عمار المناضل، الصلب والجذري، من دون ان تحيد به الحماسة عن القيم‏التي، رسخت في ذاته وتاصلت في سلوكه.
وعمار، الى ذلك، ليس، مجرد داعية ينهمك في التنظير لمبدا او يتحزب ‏لقضية، فحسب، وانما هو محارب شديد المراس وقائد بارز في الطلائع، المتقدمة.
اما الخوف فلا يعرف طريقا اليه، وهوالمتحدر من، بيت كان اول شهداء الاسلام منه، واكثر من حلت عليه النقمة، من عتاة الشرك، فاضطهد وعذب، واهينت‏انسانيته.
وقد روى، ابن سعد عن معاصر لعمار قولا فيه: (رايت... يوم صفين شيخا، آدم في يده الحربة، وانها لترعد، فنظر الى عمرو بن العاص، ومعه الراية فقال: ان هذه راية قاتلت بها مع رسول اللّه (ص)، ثلاث مرات وهذه الرابعة، واللّه لوضربونا حتى يبلغونا سعفات، هجر لعرفت ان مصلحتنا على الحق وانهم على الضلالة‏)(83).
، هذه الرواية التي وردت مختلفة الصياغة ومنسوبة الى عدة، مصادر، تختصر شخصية عمار، مجاهدا عنيدا في الحق، مقاتلا لا يستكين على هذا الطريق الذي يعرف جيدا نهايته، شان، صاحبه الامام (علي) وبقية المنضوين تحت راياتهم‏(النبوية‏)، منعا للانحراف، ورفضا لمصادرة الاسلام من جانب الذين، حاربوه.
ولقد كان خيارا صعبا وقاتلا، ذلك الذي سارهؤلاء فيه، حيث الخلافة منهارة و(الجماعة‏) ممزقة، الا من بؤر تحتدم، بالعصبية، خصوصا في الشام التي اعدت للمعركة ‏منذ وقت غيرقصير، متذرعة بالخطر الخارجي (البيزنطي) لبناء قوتها، العسكرية، الامر الذي جعل منها عصبية ‏متماسكة.
وعلى العكس من ذلك كانت الكوفة، عاصمة الامام وساحته، يكتنفها غموض، وتعج بقبائل ليست موحدة، ان لم نقل متنافرة في بعض، اطرافها. وكان مجرد تجميع قوة مشتركة من هذه القبائل، هوانجاز بحد ذاته، لما لبته هذه‏العملية من جهود ليست عادية، في مطلق الاحوال.
ولم تكن الحرب التي بدت حتمية بين علي ومعاوية، خاضعة، لتوازن القوى المفقود اساسا، لان الاكثرية العددية اذا سلمنا، بصحة الرواية في هذا السبيل لم تكن مصدر قوة بالنسبة، للامام، بقدر ما كانت مصدر ضعف في تشكيلة تجمعهاوحدات، قتالية غير ملتحمة باكثريتها في القضية محور الصراع.
وفي، ضوء ذلك يمكن تفسير ابعاد الامام لشخصيات‏ قبلية كبيرة عن، القيادة المركزية (الاشعث بن قيس الكندي وشبث بن ربعي، التميمي...)، وايثاره شخصيات ليس لهاذلك الغطاء القبلي، الواسع، ولكنها تحظ‏ى بثقته وتقديره. وسنجد التشكيلة القيادية مؤلفة من التالية اسماؤهم: الاشترالنخعي (خيل، الكوفة)، عمار بن ياسر (رجالة الكوفة)(84) سهل بن حنيف، الانصاري (خيل البصرة)، قيس بن سعدالانصاري وهاشم بن، عتبة بن ابي وقاص (رجالة البصرة)(85).
هؤلاء هم اركان علي في صفين ولم يكن منهم من قريش، سوى حكم بن عتبة (زهرة)، فيما هناك اثنان من «الانصار»، تبوآمهمة لم يعهد بمثلها لواحد منهم منذ وفاة الرسول. وفي، المقابل ضمت تشكيلة معاوية كبار قادة القبائل الشامية، بمن ‏فيهم عمرو بن العاص احد مشاهير قادة الفتوح وهو الذي، انقلب على عثمان بعد عزله عن ولاية مصر، وغادر المدينة‏الى، احدى قرى فلسطين، محرضا حيث مر وحيث اقام عليه(86) وذلك قبل ان يستدعيه معاوية لقاء صفقة، اعادته ‏مجددا الى الضوء.
واذا صح تولي عمار قيادة الفرسان، (الخيالة) وفقا لرواية المنقري السالفة(87) فان ذلك يعني، انه‏خاض الحرب، او جزءا منها على الاقل، في مواجهة مقاتل، متمرس (عمرو بن العاص)، كان قائد (خيول الشام كلها)، حسب، الرواية المسندة الى ابي مخنف في تاريخ الطبري(88).
وقد، جاء فيها ايضا ما يؤكد ذلك في سياق التعرض‏لاحد مشاهد، الحرب: (وخرج في اليوم الثالث عمار بن ياسر، وخرج اليه عمرو من (يطفى‏ء نور اللّه ويظاهر اعداء اللّه عزوجل‏)(89).
ويتضمن، وفي هذه الرواية نتعرف الى عمار خطيبا، يتقن فن الكلام، ويختار من مفرداته ما يشحن النفوس ويعزز الروح، المعنوية، فضلا عن توعية المقاتلين، وهم لا يزالون حينئذ على، جهل بحقيقة الصراع واسبابه الموضوعية. ومما نسب له في، هذاالاتجاه، الخطبة المندرجة في مرويات نصر بن مزاحم، (المنقري)، وفيها يتهم معاوية واصحابه باستغلال دم، عثمان وتضليل الناس: (واللّه ما اظنهم يطلبون دمه.. ولكن القوم ذاقوا الدنيا، فاستحبوها واستمرؤوها، وعلموا لو انه جصاحب‏ج الحق، لزمهم‏ لحال بينهم وبين ما جياكلون‏ج ويرعون فيه منها.
ولم يكن للقوم سابقة في الاسلام يستحقون بها الطاعة، والولاية، فخدعوا اتباعهم، بان قالوا: قتل امامنا مظلوما، ليكونوا، بذلك جبابرة وملوكا، وتلك مكيدة قد بلغوا بها ما ترون...)(90).
، الشيخ المجاهد يمضي في طريقه...، كان عمار، الشيخ المجاهد، يعرف تماما طريقه، وليس في، جعبته غير ذلك الموروث المتنقل ما بين(بيت النبوة‏)، و(بيت‏الشهادة‏)، فيتتطابق كلاهما باحكام في المسيرة المجللةبالضباب.
ولم يعد في الوقت متسع، والشيخ المتحرك، باعوامه‏التسعين على الجبهة المشتعلة، لا يهدا او يتثاقل، او يتخفف من هواجس القلق. ولقد احس (المكيدة‏) وعبر عنها، قبل ان ‏تستكمل خ طوطها في مشروع(التحكيم‏) وكان قد لحق بالقافلة من شهداء الاسلام الكبار.

ــــــــــــــــــــ
الهوامش:
80 - المصدر نفسه، ج‏3، ص 262.
81 - تاريخ خليفة بن خياط، ص 143.
82 - الطبقات، ج‏3، ص 256 و257.
83 - نجد ذلك معكوسا لدى، وقعة صفين، ص 205.
84 - لمزيد من التفصيل انظر كتابنا: الحجاز والدولة ، الاسلامية، ص 229 و230.
85 - ابن الاثير، ج‏3، ص 163.
86 - وقعة صفين، ص 205.
87 - الطبري، ج‏5، ص 12. انظر في هذا السياق: هشام جعيط، ، الفتنة، ص 199.
88 - المصدر نفسه، ج‏5، ص 12.
89 - المصدر نفسه.
90 - صفين، ص 319.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس