عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/11/29, 06:35 PM   #17
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

( حافظ سيف الله حفيظ الله )

البطاقة الشخصية
مولده ونشأته : ولد حافظ سيف الله ببلدة لدهيانة بولاية البنجاب عام 1925م في الهند ، ترعرع في أحضان عائلة علميّة عريقة ، وكان والده من إتباع مسلك ديوبند المعروف بالتعصب ضدّ الشيعة ، كان تشرفه بإعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام 1952م في باكستان.

حضور أبناء العامة في المجالس الحسينية : يقول الأخ حافظ : جعلني والدي في المدارس العالية ـ بعد أن أكملت الدراسة الإبتدائية وحفظت القرآن الكريم ـ فوجدت أنّ الأجواء الدراسيّة هناك لا تلائمني ، فشدّدت الرحال إلى باكستان كي أتم دراستي فيها ، ولقد ساعد التاريخ العلمي العريق لأسرتي ، وقوّة إستعدادي في الدروس العقليّة ، وحفظي للقرآن الكريم ، على إستلامي منصب إمامة الجمعة والجماعة في بلدة نوشهره وركان.

كان الملحوظ في أوساط الناس ـ بمختلف إنتماآتهم القوميّة والعقائديّة ـ في شبه القارة الهنديّة عند مباشرتي لعملي التبليغي ، أنّهم يتفاعلون مع الشيعة في أحياء ذكرى عاشوراء! فإمتعضت من حضور الحشود الضخمة في هذه المجالس ، لا لأني أبغض الإمام الحسين (ع) بل لنفوري من الشيعة وكراهتي لهم ، وممّا زاد في حنقي عليهم حضور أهل العامة ومشاركتهم في هذه المآتم! ، فكنت إعترض عليهم وأحاول إبعادهم عن ذلك ، وأدخل معهم في نقاشات حادّة ، فسألوني مرة ، وقالوا : هل تحرم محبّة أهل البيت؟! فقلت : لا ، فقالوا : إنّ سبب حضورنا هذه المجالس التي تنهانا عنها هو التعرف على فضائلهم وسيرتهم ومواساتهم في ما جرى عليهم من مصائب وآلام ، فلم أحر جواباًً!.

ومنذ ذلك الحين قررت تولّي هذا الأمر لملىء الفراغ الموجود في مجالسنا ـ أبناء العامة ـ من ناحية التعريف بأهل البيت (ع) وذكر مصائبهم ، فحملت على عاتقي مهمة ذكر مصيبة الحسين (ع) وقراءة مجلس التعزية في المسجد الذي كنت إماماًًً فيه ، وغيّرت منهج خطب الجمعة ، فبدأت أتكلّم عن مزايا أهل بيت النبوّة (ع) وفي أيام عاشوراء كنت إقرأ وقائع كربلاء! ، فدفعني ذلك إلى الإكثار من مطالعاتي حول هذه المواضيع ، فرأيت في أحداث الطفّ لأهل البيت (ع) صبراًً وإيثاراً وإيماناًً لا نظير له!.

أسباب خلود المجالس الحسينية : في الحقيقة أنّ سبب خلود إقامة هذه المجالس في أوساط الشيعة ، هو إنّ المُثل العليا والقيم السامية التي جسّدها أهل البيت (ع) عموماًً والإمام الحسين (ع) في كربلاء خصوصاًً ، جعلت السائرين على نهجهم والمرتبطين بهم روحياً ، يحيون ذكراهم وينشرون مآثرهم لترسخ في النفوس ، ولتكون تلك المواقف أسوة وقدوة تقتدي بها الأجيال تلو الأجيال ، كما إنّ أحياء المناسبات التي تمثل منعطفاً بارزاً وتحوّلاً نوعياً في حياة الأمم أمر طبيعي ومتعارف بين الناس ، لأنه نابع من ذات الطبيعة البشرية وفطرتها ، فيقوم به الناس من دون تكلّف ، وذلك لأنه يمثل تعبيراً عن أحاسيسهم وعواطفهم الجيّاشة ، وأيّ حادثة أعظم فداحة وأسى من يوم عاشوراء؟! ، حيث بقيت معلماً شاخصاً في التاريخ ، لما فيها من مآسي وفجائع من جهة ، ومواقف مشرفة من جهة أخرى.

أسباب إقامة المجالس الحسينية : إنّما يقيم الشيعة هذه المآتم وذلك تعبيراً ، عن حزنهم السرمدي لهذه الكارثة ، التي أبقت جرحاً في قلب كلّ مؤمن لا يندمل إلاّ أن ينتقم الباري ويأخذ بهذا الثأر من الظلمة ، كما إنّ هذه المجالس تعتبر تخليداًً لهذه الذكرى وتأسّياً بأهل البيت (ع) فقد إحتضن الأئمة (ع) هذه المجالس ورعوها بعناية فائقة وحثوا على إقامتها والمشاركة فيها.

فقد ذكر الأزدي ، عن الإمام الصادق (ع) أنه قال للفضيل : تجلسون وتحدّثون؟ ، قال : نعم جعلت فداك ، قال : إنّ تلك المجالس أحبّها ، فأحيوا أمرنا ، يا فضيل ، فرحم الله من أحيا أمرنا ، يا فضيل ، من ذكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب ، غفر الله ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر ، فهذه المآتم نشأت في أجواء أحياها أهل البيت (ع) وحقيقتها هو التعبير ، عن اللوعة والأسى المختزن في قلب المؤمن ، وهي تقام من دون تكلّف لأنها تمثّل حالة طبيعيّة لكلّ مفجوع ومصاب ، وحيث أن أهل البيت (ع) يمثلون عقيدة في قلوب المؤمنين ، يكون مصابهم خالداًًًً في التاريخ ما دام هناك قلب ينبض بحبّهم ، فإنّه يتألم ويحزن لمظلوميتهم ومصائبهم.

ولذلك نجد لهذه المجالس حضوراًً فعالاً في كلّ زمان ومكان ، وأثراً بالغاًً في النفوس ، فهي بالإضافة إلى عرض الجانب المأساوي تتميز بالبعد التربوي ورفع المستوى الفكري الذي يحدّد معالم شخصيّة الإنسان المسلم.

الفوائد المتوخاة في أحياء المجالس الحسينية : إنّ المجالس الحسينيّة التي يعقدها الشيعة تعتبر إمتداداً لمنهجية مدرسة أهل البيت (ع) الزاخرة بالفوائد الكثيرة على الصعيدين الدنيوي والأُخروي ، فإنها :

1 ـ إمتثال لأمر الله تعالى ، حيث أمر بمودّة العترة الطاهرة (ع) بقوله عز وجلّ : ( قل لا أسئلكم عليه أجراً إلاّّ المودة في القربى ) ، فمواساة رسول الله (ص) في هذا المصاب الجلل من أظهر مصاديق المودّة ، وقد روى عروة ، عن عائشة : أنها قالت :... خرج ـ رسول الله (ص) ـ إلى أصحابه ـ والتربة في يده ـ وفيهم عليّ وأبوبكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله؟! ، فقال : أخبرني جبرئيل : أنّ إبني الحسين يقتل بعدي بأرض الطفّ ، وجاءني بهذه التربة فأخبرني أنّ فيها مضجعه ، فالحضور في هذه المآتم فيه ثواب المودّة وأجر المواساة للنبيّ(ص) وآله (ع) وناهيك بها من فائدة.
2 ـ نصرة الحقّ والدعوة إليه ، وخذلان الباطل وإماتته ، وهي الفائدة التي من أجلها أوجب الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
3 ـ ومن الفوائد المهمة الأخرى ، الحثّ على وجوب معرفة الفضل والسمات السامية لأهلها ، للإقتداء بهم ، كما إنّ فيها إدانة للظلم والجور ، وكشف قبح صورتهما ، والحث على تجنّبهما والتباعد عنهما.
4 ـ إنّ عقد مثل هذه المجالس المأساوية هو حفظ لها من الضياع ، وصيانة لمبادئها وآثارها وثمارها ونتائجها التي إستهدفها الإمام الحسين (ع) لإحياء الدين والحفاظ عليه من التزييف والتحريف ، ولولا ذلك لاضمحلت هذه الواقعة وسلك المخالفون شتى السبل لإنكارها ـ كما إنكروا غيرها! ـ أو إنّهم كانوا يقلّلون من شأنها ومن فضاعة ما جرى فيها من تعدي وإنتهاك لحرمة آل الرسول (ع).
5 ـ رقة القلوب وبعث النفوس على الرأفة والرحمة ، وفيها عزاء عن كلّ مصيبة ، وسلوة عن كلّ رزيّة ، لأنّ هذه الفضائع جرت على سادة الخلق وأكرم الناس عند الله تعالى! ، فما وزن وقيمة ما يجري على غيرهم من مصائب.
6 ـ غرس حبّ الفضيلة والإباء ، والمقاومة في النفوس ، وحث المؤمنين لإستهداف غايات سامية تشدّهم نحو الآخرة.
7 ـ إنّها مدرسة لجميع الفئات ومختلف الطبقات ، إذ فيها يُعرض التفسير والتاريخ والأخلاق والفقه والشعر و ... ، فهي بمثابة مؤتمرات دينيّة ترفع المستوى العلمي للحضور ، وتعرفهم بمختلف العلوم والمعارف الدينية.
8 ـ إنّها أفضل وأيسر وأنجح وسيلة أعلام لنشر الإسلام الأصيل ، لأنها تطرح بصورة حيّة ، ولذلك كانت ومازالت أشدّ تأثيراً في النفوس.
9 ـ تعتبر هذه المجالس أماكن للوعظ والإرشاد ، وحلقات لذكر الله تعالى وذكر أوليائه ، فهي ترفع المستوى الديني وتصرف الناس عن تضييع أوقاتهم بما لا ينفعهم ، وتجمعهم على الخير والصلاح ، فهي بنّاءة للمجتمع وهدّامة للآفات التي قد تستشري فيه.
10 ـ إنّها مضان للبر والتواصل والتآزر ، ففيها يتسنى للمجتمعين تقصّي أحوال بعضهم للبعض الآخر ، من دون كلفة أو مشقة.
11 ـ إنّها خير ميداان لبروز الطاقات الكامنة وظهور الكفاءات القادرة على توظيف مواهبها لخدمة الدين الحنيف.

فمآتم سيّد الشهداء (ع) ومجالس ذكره فيض لا ينضب ، لأنها مدرسة متنوعة المناهج وواسعة البحث وسامية الهدف ، وهي محكمة عادلة وسليمة تدين الباطل وأهله ، وتُعضد الحقّ وأهله ، وهي ميدان يؤوب فيه الإنسان ، إلى ربّه ، فكم من ضال قد إهتدى ومنحرف قد إستقام فيها ، كما إنّ هذه المآتم توجب عزّ المسلمين لأنها ترفع مستوى الإنسان في كافة الأصعدة الدينيّة والعلمية والثقافية ، وتغرس الفضائل في النفس لتطفح في السلوك ، وإضافة إلى ذلك أنّها ترسم أنجح السبل وأيسرها لنيل سعادة الدارين.

تأثير المجالس الحسينية على الجمهور : لقد أدرك الكثير من العلماء فاعليّة هذه المجالس وسرعة تأثيرها في النفوس ، فحرصوا على عزل جمهورهم ومنعهم من إرتيادها ، وخافوا على إفتقاد أنصارهم وإنضمامهم لمذهب أهل البيت (ع) !

وفي هذا الصدّد يقول الفيلسوف الألماني ماربين : كلّما إزدادت قوّة إتباع عليّ (ع) إزداد إعلأنهم بذكر مصائب الحسين (ع) وكلّما سعوا وراء هذا الأمر إزدادت قوتهم وترقيهم ، وجعل العارفون بمقتضيات الوقت يغيّرون شكل مصائب الحسين قليلاً قليلاً ، فجعلت تزداد كلّ يوم بسبب تحسينهم وتنميقهم لها حتى آل الأمر إلى أن صار لها اليوم مظهر عظيم في كلّ مكان يوجد فيه مسلمون ، حتى أنّها سرت شيئاًًً فشيئاً بين الأقوام وأهل الملل الأخرى ...

[ إنّ ] الحسّ السياسي والثوران والهيجان المذهبي الذي ظهر في هذه الفرقة من إقامة هذه المآتم لم ير مثلها في قوم من الأقوام ، إن من يسبر غور الترقيات التي حصلت في مدة مائة سنة لأتباع عليّ (ع) في الهند ، الذين إتخذوا إقامة هذه المآتم شعاراًً لهم ، يجزم بأنهم متبعون أعظم وسيلة للترقي.
كان إتباع عليّ والحسين في جميع بلاد الهند يعدّون على الأصابع ، واليوم هم في الدرجة الثالثة بين أهل الهند من حيث العدد ...
إنّ هذا القسم من الدماغ السياسي والحسّ الثوري ـ الذي هو عدم الإستسلام للضيم والظلم ، وهو عند حكماء السياسة أشرف شعار وأعظم سعادة وأفضل صفة ممدوحة لكل إنسان ـ قد ظهر في هؤلاء القوم بواسطة إقامتهم مآتم الحسين (ع) وما دام هذا العمل ملكة لهم ، لا يقبلون الذلّ والضيم.
ويضيف ماربين بعد أن حضر عدداًً من مجالس العزاء في إسلامبول مع مترجم خاص :... إنّهم في الحقيقة يعلّم بعضهم بعضاًًً علناً ... هذه هي نكتة التمدّن الحقيقي للأمم اليوم ، هذا هو تعليم معرفة الحقوق ، هذا هو معنى تدريس أصول السياسة ...

وليس لواحدة من الروابط الروحانية التي بين المسلمين اليوم تأثيراً في نفوسهم كتأثير إقامة مأتم الحسين (ع) فإذا دام إنتشار وتعميم إقامة هذه المآتم بين المسلمين مدة قرنين ، لابدّ أن تظهر فيهم حياة سياسيّة جديدة ... ، وهذه حقيقة لا تنكر ، ولذلك سجّل المؤرخ الفرنسي " جوزيف " في كتابه ( الإسلام والمسلمين ) شهادة مماثلة لا تقلّ من حيث الأهمية التاريخيّة والتحليلة والواقعيّة عن شهادة الفيلسوف ماربين ، حيث قال : لا يمضي قرن أو قرنان حتى يزيد عددها [ أي الشيعة ] على عدد سائر فرق المسلمين ، والعلّة في ذلك : هي إقامة هذه المآتم التي جعلت كلّ فرد من أفرادها داعية إلى مذهبه.

اليوم لا توجد نقطة من نقاط العالم يكون فيها شخصإن من الشيعة إلاّّّ ويقيمان فيها المآتم ، ويبذلان المال والطعام ... ويمكن القول : بأن جميع فرق المسلمين منضمة بعضها إلى بعض لا تبذل في سبيل مذهبها ما تبذله هذه الطائفة وموقوفات هذه الفرقة هي ضعف أوقاف سائر المسلمين أو ثلاثة أضعافها ، كلّ واحد من هذه الفرقة بلا إستثناء سائر في طريق الدعوة إلى مذهبه وهذه النكتة مستورة عن جميع المسلمين ـ حتى الشيعة أنفسهم ـ فإنّهم لا يتصورون هذه الفائدة من عملهم هذا ، بل قصدهم الثواب إلاُّخروي ، ولكن بما إنّ كلّ عمل في هذا العالم لابد أن يظهر له بطبيعته أثر ، فهذا العمل أيضاًًً يؤثر ثمرات للشيعة... إنّهم حصلوا ويحصلون على فوائد كليّة من هذا الطريق ، فهم يحافظون على إقامة هذه المآتم ... فهم يتحملون المشاقّ ليتمكّنوا من ذكر فضائل كبراء دينهم ومصائب التي أصابت أهل هذا البيت بأحسن وجه وأقوى تقرير على رؤوس المنابر وفي المجالس العامّة.

وبسبب هذه المشاق التي إختارتها هذه الجماعة في هذا الفنّ تفوقت خطباء هذه الفرقة على جميع الطوائف الإسلامية ، وحيث أنّ تكرار المطلب الواحد يورث إشمئزاز القلوب وعدم التأثير ، فهؤلاء الجماعة يتحمّلون المشاق فيذكرون جميع المسائل الإسلامية العائدة لمذهبهم في هذه الطريقة على المنابر ، حتى آل الأمر إلى أن أصبح الأميّون من الشيعة أعرف في مسائل مذهبهم ممن يقرأون ويفهمون من الفرق الإسلامية الأخرى من كثرة ما سمعوا من عرفائهم.

اليوم إذا نظرنا في كلّ نقطة من نقاط العالم من حيث العدد والنفوس ، نرى أنّ أليق المسلمين بالمعرفة والعلم والحرفة والثروة هي فرقة الشيعة! ، دعوة هذه الفرقة غير محصورة في أهل مذهبهم أو في سائر الفرق الإسلامية ، بل أي قوم وضع أفراد هذه الطائفة أقدامهم بينهم يسري في قلوب أهل تلك الملّة هذا الأثر ...
وقفت هذه الفرقة على مقتضيات العصر أكثر من سائر الفرق الإسلامية ... وعلاوة على ذلك ، أنّهم بواسطة الأعمال يحتاج الناس إليهم ، ومحبّتهم ومعاشرتهم لسائر الفرق موجبة لإختلاط الآخرين معهم عند مشاركتهم لهم في مجالسهم ومحافلهم ، وحينما يصغي المباشرون لهم إلى سماع أصول مذهبهم وأحاديثهم مرة بعد مرة لا محالة يألفون مشربهم ، وهذا هو عمل الدعاة ، والأثر الذي يترتّب على هذه الوضعيّة هو الأثر الذي توخّته عرفاء دول الغرب في ترقية دين المسيح مع بذل أموال تحيّر العقول!.

بداية التحول : يقول حافظ سيف الله : عندما كثرت خطاباتي ومحاضراتي حول أهل البيت (ع) ولا سيما الإمام الحسين (ع) بدأ أهل العامة يشيرون إليّ بأصابع الإتهام ، فرموني بالتشيّع! مع أنني كنت منهم ومعهم في كلّ المعتقدات ، لكني كنت أنقل الأحاديث الواردة في فضل أهل البيت (ع) ـ وفق قناعاتي الحاصلة من كتب علماء العامة ـ كي لا يحضر أهل مذهبي في مجالس الشيعة ولا يشاركوهم في مثل هذه الإجتماعات.

نتائج محبّة أهل البيت (ع) : ويضيف الأستاذ حافظ : في عام 1949م دعيت إلى بلدة نوشهره وركان لتولي مهام الإمامة في جامعها المحلي ، وكانت هذه المدينة أحّد مراكز الوهابيين ، وكانوا قد سمعوا من قبل أنّني إقرأ مجالس التعزية وأقيم المآتم على النمط الشيعي ، فبدأت أمارس عملي التبليغي بالإضافة إلى التدريس وإقامة الجمعة والجماعة ، ولكن أسلوبي الخاص في تعريف أهل البيت (ع) سبب نشوء حساسية بيني وبين الوهابية ، وأدّى ذلك إلى وقوع مناظرات ونقاشات عديدة فيما بيننا ، وفي أحدى المناظرات إشتد الحوار حتى إنحصر في واقعة كربلاء وما جرى فيها على عترة النبيّ (ص) ، فسألتهم ، عن واقعة الطفّ؟ ، فأدانوا فعل يزيد ، فقلت لهم : من نصبّ يزيد للخلافة؟ ، قالوا : معاوية ، قلت : من الذي جعل معاوية والياًً على الشام؟ فسكتوا! ، فقلت لهم : إنّ ما وقع في كربلاء هو نتيجة عدم وقوع الخلافة بيد أهلها ، وأنّ العترة هم أولى بالأمر من غيرهم ، ولو كانت الخلافة بأيديهم ماكانت الساحة الإسلامية تشهد هذه الفتن والإنحرافات ، فدار الحوار حول السقيفة وماجرى فيها وبعدها من إحتجاجات بين الإمام عليّ (ع) وبين أبي بكر وعمر ومن والاهم ، فأخذت أسرد فضائله (ع) ومناقبه التي امتاز بها عن غيره ، وكنت أرويها لهم من كتبهم لا من كتب الشيعة ، فلم يقتنعوا بكلامي ، بل زاد غضبهم عليَّ!.

جلاء الحقّ ووضوحه : وبعد تلك المناظرة الحادّة دعيت إلى بلدة " سركودها " الباكستانيّة لألقي محاضرة دينيّة ، وكانت المحاضرة التي القيتها على الحاضرين متعلّقة بألقاب الإمام أمير المؤمنين (ع) فرويت أحاديث النبيّ (ص) المتعلّقة بكلّ لقب من هذه الألقاب ، وكانت مصادر أهل العامّة بمعيتي إستشهد بها أثناء ذلك.

وهكذا كان دأبي في بقيّة المحاضرات حتى وجدت نفسي إمام حقائق لايسعني إنكارها ، وعرفت أنّ الإمام عليّ (ع) هو أول القوم إسلاماًًً ، وأغزرهم علماًً ، وأكثرهم جهاداً ، لا يسبق في رحأولا يلحق في إيمان ... وأنّ أهل البيت (ع) هم الذين طهّرهم الله تعالى وأذهب عنهم الرجس ، وإصطفاهم للخلافة بعد الرسول (ص) ، وقد جاء ذلك في أحاديث ومواقف عديدة له (ص) ، وعلمت أنّ هنالك أسباباً إنتهزها البعض فأزاح العترة (ع) عن مواقعها ، فجرى ما جرى عليهم من النكبات ، التي كانت واقعة الطفّ من أبرزها وإمضّها.

وبهذا كانت إقامة المآتم على الحسين (ع) شعلة الهداية التي أنارت لي الطريق الحقيقي الموصل إلى رضوان الله تعالى ، وببركة الحسين (ع) أعلنت تشيعي في الجامع الذي كنت أؤم المصلين فيه في مدينة نوشهره وركان ، عام 1952م ، وقدّمت إستقالتي وتركت جميع المهام الموكلة إلي من قبل أهل العامة.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس