عرض مشاركة واحدة
قديم 2021/08/24, 11:18 PM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي الأمراض الروحية

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته


الآية الشريفة : { في قلوبهم مرض } ، تدل على أن للقلوب مرضا كما أن للأبدان مرضاً ، بل لا يخلو من ارتباط المرضين بعضهما مع البعض لشدة ارتباط القلوب بالأبدان ، ومن المعلوم أن المرض إذا أحل في مكان ، فلا بد أن لا تكون هناك صحة ، إذ المرض والصحة متقابلان ، تقابل العدم والملكة ، لا يتحقق أحدهما في محل إلا بعد إمكان تلبسه بالآخر ، فإنه لا يتصف الجدار بالمرض لعدم شأنيته للصحة ، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم في أكثر من عشرة مواضع ، قال تعالى : { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ } [الأنفال : 49] .

وقال تعالى : { وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ } [الأحزاب : 12].

والمستفاد من مواضع استعماله أن مرض القلب يخرج صاحبه عن الاستقامة ويوجب انحراف الشخص عن سواء الطريق ويجعل صاحبه في معرض الشك والارتياب ، كما قال عز وجل عنهم في الآية السالفة : { مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا } [الأحزاب : 12] ، فيكدر صفو الإيمان بالله ورسوله ، ويسلب الطمأنينة إلى آياته وتشريعاته، ويوجب خلط الإيمان بالشرك ، فلا يقدر صاحبه على التمييز بين ما هو نافع له أو ضار. ولذلك ترى أنه يصدر عن صاحب هذا القلب في مقام العمل ما يناسب الشرك والكفر بالله تعالى وآياته ، حتى يصل إلى حد الكفر.

ويختلف هذا المرض كسائر الامراض الجسمانية شدة وضعفا وكثرة وقلة ، كما تدل عليه الآية الشريفة : { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } [البقرة : 10].

وقال تعالى : { وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ
} [التوبة : 125].

ويستفاد من الآية الشريفة أن هذا المرض ربما يزيد ويستقر في القلب حتى يطبع المريض في مرضه ، ثم ينجز به إلى الهلاك والموت على الكفر ، لكثرة معاصيه وموبقاته ، قال تعالى : { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } [الروم : 10].

ثم إن ظاهر قوله تعالى : { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } [الأنفال : 49] ، أن الذين في قلوبهم مرض غير المنافقين، وان كانا يشتركان في كثير من الأفعال والآثار ، إلا أن النفاق لا يكون إلا في موت القلب والكفر الخالص ، ولكن مرض القلب يجتمع مع ضعف الإيمان والشك والتردد ، فيميل مع كل ريح ويتبع كل ناعق .

وأما المنافق فهو يبطن الكفر ويظهر الإيمان ليتميل المؤمنين ويكون معهم ظاهرا ، لتنفيذ مآربه كما حكى عنهم عز وجل في مواضع من القرآن الكريم ، وربما يشتركان في عدم استقرار الإيمان وعدم اشتمال باطنهم منه ، كما يتفقان في بعض الأفعال.

وقد يكون مبدأ النفاق هو مرض القلب ، فإذا لم يعالجه صاحبه ينتهي به إلى الكفر والنفاق ، كما قال عز وجل : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } [البقرة: 8]

إلى أن قال تعالى : { فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } [البقرة : 10] ...

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ }
[البقرة : 13] ، فإن المستفاد منها أن القوم كانوا في ابتداء أمرهم مرتابين فزادهم الله مرضا حتى هلكوا بإنكارهم الحق واستهزائهم له .

ثم إن مرض القلب تقابله سلامته التي هي الاستقامة مع الإيمان والطاعة لله عز وجل والرسول واتباع أحكامه وعدم اتباع الهوى والإعراض عما سرى الله تعالى ، قال عز من قائل : { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء : 88، 89] ، فإنه يدل على أن سلامة القلب إنما تكون في الانقطاع إليه عز وجل والخلوص والإخلاص له والإعراض عما سواه تعالى.

وعلى اختلاف درجات الانقطاع إليه والخلوص له تختلف درجات السلامة ، وبذلك يمكن أن يعالج مرض القلب ، فإنه يتحقق بالإيمان به عز وجل والاعتصام بحبله وإصلاح النفس والإسراع بالتوبة إليه عما فعل من الموبقات ، وترويض القلب على الطاعة وحسن النية والعمل الصالح ، وقد ورد جميع ذلك في القرآن الكريم ، وقد تقدم في قوله تعالى : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ } [البقرة : 177] ، الذي جمع الكمالات الواقعية المعنوية والظاهرية وطرق معالجة الأمراض النفسية التي تؤثر على حياة الإنسان المادية والمعنوية.

وفي خصوص مرض القلب الذي أوجب محبة أعداء الله تعالى فقد ذكر عز وجل كيفية معالجته في قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا } [النساء : 144 - 146].



hgHlvhq hgv,pdm lpl]



رد مع اقتباس