عرض مشاركة واحدة
قديم 2022/04/06, 02:29 AM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي من وصية علي(ع): عمودان أقيموهما ومصباحان أوقدوهما كتاب الله وسنّة رسوله(ص)

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله

السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته



شهيد المحراب

في فجر يوم التاسع عشر من شهر رمضان، كانت شهادة أمير المؤمنين(ع) اغتيالاً في مسجد في الكوفة على يد خارجيّ شقي، هو عبد الرحمن بن ملجم، وقد فقد العالم الإسلامي بهذه الفاجعة الكبرى إنساناً لم يلتقِ الناس بعد رسول الله(ص) بمثله في صفاته الإنسانية والروحية، فنحن نعرف أن علياً(ع) عاش منذ طفولته كل روحانية رسول الله(ص) الذي كان يربّيه بكلماته، ويعطيه عقلاً من عقله، ويمنحه روحيةً من روحيته، وحكمةً من حكمته، وإخلاصاً لله من كل إخلاصه، حتى كان نفس رسول الله في عقله وقلبه وروحه وحركته.

ثم عندما انطلق الإسلام، كان علي(ع) في العاشرة من عمره، فالتزم به، لأنه كان يعيش معناه في معنى رسول الله قبل أن يبعثه الله بالرسالة، لأن الله ربى رسوله على الإسلام قبل أن يبعثه به، كما حدّث علي(ع) بذلك: "ولقد قرن الله به ـ برسول الله ـ من لدن أن كان فطيماً، أعظم ملك من ملائكته، يسلك به طريق المكارم،ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره. وكنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه". فلقد أعد الله رسوله ليعيش معنى الرسالة في وعيه قبل أن يبعثه بالرسالة وينزل عليه الوحي.

علي(ع) فارس الإسلام

وكان علي(ع) في أول شبابه في مكة، يرافق رسول الله ويدافع عنه، وعندما انطلقت التحديات العسكرية ضد الإسلام والمسلمين من قِبل قريش، كان(ع) فارس الإسلام الأول، وهو الذي قيل فيه: "لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا عليّ"، وكان انتصار المسلمين في بدر يعود في نصفه إلى علي(ع) لأنه قتل نصف المشركين، وشارك المسلمين في قتل النصف الآخر.

وهكذا انطلق علي من بدر، إلى أُحد، إلى الأحزاب، إلى حنين، إلى كل معركة من معارك الإسلام، فكان لا يغيب عن معركة، وكان سيفه سيف الإسلام، وكانت مسؤوليته الدفاع عن الإسلام في وجه كل الذين يريدون أن يسقطوه، حتى إنه عندما انطلق النبي في غزوة تبوك، التي لم تحدث فيها حرب، وترك علياً(ع) في المدينة واستغرب(ع) ذلك، فقال له(ص): "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي". لذلك كان علي(ع) في مرتبة النبوّة، ولكنه لم يكن نبياً، وكان يسمع الوحي، وقال له النبي(ص) في وقتها: "إنك ترى ما أرى، وتسمع ما أسمع، ولكنك لست بنبي". وقد تلمذ على رسول الله(ص)، وهو القائل: "علمني رسول الله ألف باب من العلم، فتح لي من كل باب ألف باب".

وقد عرّف رسول الله علياً بأنه إنسان الحق، فقال فيه كلمته الخالدة: "علي مع الحق، والحق مع علي، يدور معه حيثما دار". لذلك كانت مشكلة علي في حربه وسلمه وخلافته، الحق، وهو القائل: "ما ترك لي الحق من صديق".

وأراد رسول الله(ص) أن يعرّف الناس أن من يؤمن به لا بد من أن يؤمن بعلي(ع)، فقال: "من كنت مولاه فهذا عليٌ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحقّ معه حيثما دار".

تفضيل الإسلام على الخلافة

وكان(ع) همه الإسلام حتى بعد أن أُبعد عن حقه في الخلافة، ولم تكن الخلافة بمعنى الولاية الرسمية همه، وإن كانت حقه، وكان يقول في كلمته المعروفة: "فما راعني إلا انثيال الناس على أبي بكر يبايعونه، فأمسكت يدي، حتى رأيت راجعة الناس عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله، أن أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم، التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث، حتى زاح الباطل وزهق، واطمأن الدّين وتنهنه". وكان(ع) يقول: "لأسالمن ـ أو لأسلمنّ ـ ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن بها جور إلا علي خاصة".

هكذا كانت روحية علي(ع)، حتى عندما بُويع بالخلافة، وبدأ الكثيرون بتعقيد حركته من أجل منعه من تنفيذ خطته الإصلاحية، وهو الذي يملك أسس نجاح الدولة الإسلامية، قال(ع): "فلما نهضت بالأمر، نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً}.

وكان(ع) يقول عن نفسه: "لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظة ظالم، ولا سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها، ولسقيت آخرها بكأس أولها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز".

لقد كان علي(ع) الإنسان الذي عاش مع الله في كل أموره، وباع نفسه لله، وورد في تفسير آية: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد} أنها نزلت في علي(ع).

وهكذا انطلق الذين لم يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية الإسلامية، وخصوصاً الخوارج، الذين أغلقوا عقولهم عن معرفة الحق ومعرفة الإسلام ومعرفة ما معنى علي، وتآمروا على أن يقتلوه، وعندما حدث ما حدث، كان علي(ع) يتحدث عن هذا الواقع الجديد بعد إصابته، وممّا ورد في بعض حديثه: "أيها الناس، كل امرىء لاق ما يفر منه في فراره، والأجل مساق النفس ـ النفس تمشي والأجل يمشي وراءها حتى تصل إلى مقرّها ـ والهرب منه موافاته. كم اطَّردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر، فأبى الله إلا إخفاءه. هيهات! علم مخزون...".

الموت الواعظ

أما الوصية التي كانت تشغله وهو في حال الاحتضار: "أما وصيتي فالله، لا تشركوا به شيئاً، ومحمد(ص) فلا تضيِّعوا سنّته ـ وصيّتي الإسلام وهو التوحيد، والعمل بسنّة رسول الله(ص) {ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ـ أقيموا هذين العمودين، وأوقدوا هذين المصباحين ـ كتاب الله وسنّة رسول الله ـ وخلاكم ذمّ ما لم تشردوا ـ ما لم تنفروا وتميلوا عن الحق ـ حمل كل امرىء منكم مجهوده، وخفّف عن الجهلة، رب رحيم، ودين قويم، وإمام عليم. أنا بالأمس صاحبكم، وأنا اليوم عبرة لكم، وغداً مفارقكم. غفر الله لي ولكم... إنما كنت جاراً جاوركم بدني أياماً، وستعقبون مني جثة خلاءً ـ جثة خالية من الروح ـ ساكنة بعد حراك، وصامتة بعد نطق، ليعظكم هدوّي، وخفوت أطرافي، فإنه أوعظ للمعتبرين من النطق البليغ، والقول المسموع ـ لأن الإنسان عندما يرى الميت الذي كان يتحدث ويتحرك ويشارك في كل المسؤوليات وكل القضايا، فإنه يستحضر حاله عندما يصل إلى هذا المستوى ـ وداعيكم وداع امرىء مرصد للتلاقي. غداً ترون أيامي، ويُكشف لكم عن سرائري ـ وتعرفون الأسرار التي كنت أختزنها في إخلاصي لله ولرسوله وللمؤمنين ـ وتعرفونني بعد خلو مكاني وقيام غيري مقامي"، عندما يأتي معاوية ويزيد وغيرهما.

وقال في سحرة اليوم الذي ضرب فيه، وقبل خروجه إلى المسجد، مما يرويه عنه ابنه الحسن(ع) قال: "ملكتني عيني وأنا جالس، فسنح لي رسول الله، فقلت: يا رسول الله، ماذا لقيت من أمتك من الأود (الاعوجاج) واللدد (الخصام)؟ فقال: ادعُ عليهم، فقلت: أبدلني الله بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً لهم مني".

وفي حديث له(ع) بعد ضربته: "أنا بالأمس صاحبكم، واليوم عبرة لكم، وغداً مفارقكم، إن أبقَ فأنا وليُّ دمي، وإن أفْنَ، فالفناء ميعادي، وإن أعفُ، فالعفو لي قربة وهو لكم حسنة، فاعفوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم". وقال(ع) أيضاً: "والله ما فاجأني من الموت واردٌ كرهته، ولا طالعٌ أنكرته، وما كنت إلا كقاربٍ ورَدَ، أو طالب وجد، وما عند الله خيرٌ للأبرار". هذه كانت وصية علي(ع) وحديثه حال احتضاره.

حدود الشريعة وتطبيقها

ثم إنّ عظمة علي(ع) التي يجب أن نقتدي بها، أنه كان يريد تطبيق الشريعة الإسلامية على نفسه قبل غيره، ولذلك جمع أقرباءه، وهم أولياء الدم، وقال(ع) لهم: "يا بني عبد المطلب، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً، تقولون: قتل أمير المؤمنين، ألا لا تقتلنّ بي إلا قاتلي. انظروا إن أنا مت من ضربتي هذه، فاضربوه ضربةً بضربة، ولا تمثّلوا بالرجل، فإني سمعت رسول الله يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور".

وهكذا أيها الأحبة، نلتقي بذكرى علي(ع) الذي غاب عنا، ولكنه حيٌ في عقولنا وفي قلوبنا ومشاعرنا وأحاسيسنا، وإننا لا نملك إلا أن ننحني أمام عظمة علي، وأن نحبّه من كل عقولنا وقلوبنا، لأن النظر إلى علي(ع) ودراسته تجعلنا نمحضه الحب كله. ونحن إذا كنا نوالي علياً(ع)، فولايته تعني السير على نهجه والانفتاح على فكره، لأنّ علياً(ع) أعطى الإنسانية فكراً لا يشعر أحد بأنه فكر الماضي.

وقد قال أحد الغربيين: لو كان علي موجوداً الآن، لرأيت مسجد الكوفة مملوءاً بالقبعات الغربية، ولن تجد فيه موطىء قدم لعربي واحد.

لذلك علينا أن نعيش علياً فكراً وعلماً وحكمةً، لأنه كان(ع) النور الذي يضيء لنا الطريق.

وأخيراً، نقرأ كلمة ذلك الشاعر المسيحي:

يا سماء اشهدي ويا أرض قرّي واخشـعي إنـي ذكـرت علياً

والسلام على علي أمير المؤمنين، ووصي رسول رب العالمين، يوم ولد ويوم استشهد، ويوم يبعث حياً.



lk ,wdm ugd(u): ul,]hk Hrdl,ilh ,lwfhphk H,r],ilh ;jhf hggi ,sk~m vs,gi(w) lpl]



رد مع اقتباس