عرض مشاركة واحدة
قديم 2018/07/24, 09:30 AM   #2
سراج منير

موالي نشيط

معلومات إضافية
رقم العضوية : 5098
تاريخ التسجيل: 2017/03/01
المشاركات: 187
سراج منير غير متواجد حالياً
المستوى : سراج منير is on a distinguished road




عرض البوم صور سراج منير
افتراضي




قال مجاهد (ولكن أنظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني) فإنه أكبر منك وأشد خلقا فلما تجلى ربه للجبل فنظر إلى الجبل لا يتمالك وأقبل الجبل فدك على أوله ورأى موسى ما يصنع الجبل فخر صعقا *


وقد ذكرنا ما رواه الامام أحمد والترمذي وصححه ابن جرير والحاكم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) قال هكذا بإصبعه ووضع للنبي صلى الله عليه وسلم الابهام على المفصل الاعلى من الخنصر، فساخ الجبل

وقال ابن عباس ما تجلى يعني من العظمة إلا قدر الخنصر،

فجعل الجبل دكا قال ترابا (وخر موسى صعقا) أي مغشيا عليه وقال قتادة ميتا.والصحيح الاول لقوله (فلما أفاق) فإن الافاقة إنما تكون عن غشى قال (سبحانك) تنزيه وتعظيم وإجلال أن يراه بعظمته أحد (تبت إليك) أي فلست أسأل بعد هذا الرؤية (وأنا أول المؤمنين) أنه لا يراك حي إلا مات ولا يابس إلا تدهده.



6-وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" لا تخيروني من بين الانبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أو جوزي بصعقة الطور " لفظ البخاري وفي أوله قصة اليهودي الذي لطم وجهه الانصاري حين قال لا والذي اصطفى موسى على البشر فقال رسول الله: " لا تخيروني من بين الانبياء "

وفي الصحيحين قال: " لا تخيروني على موسى " .
وهذا من باب الهضم والتواضع أو نهي عن التفصيل بين الانبياء على وجه الغضب والعصبية أو ليس هذا إليكم بل الله هو الذي رفع بعضهم فوق بعض درجات وليس ينال هذا بمجرد الرأي بل بالتوقيف.
ومن قال: إن هذا قاله قبل أن يعلم أنه أفضل ثم نسخ باطلاعه على أفضليته عليهم كلهم ففي قوله نظر، لان هذا من رواية أبي سعيد وأبي هريرة وما هاجر أبو هريرة إلا عام حنين متأخرا فيبعد أنه لم يعلم بهذا، إلا بعد هذا، والله أعلم، ولا شك أنه صلوات الله وسلامه عليه أفضل البشر، بل الخليفة.قال الله تعالى (وكنتم خير أمة أخرجت للناس)


وما كملوا إلا بشرف نبيهم.
وثبت بالتواتر عنه، صلوات الله وسلامه عليه، أنه قال: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر " ثم ذكر اختصاصه بالمقام المحمود الذي يغبطه به الاولون والآخرون، الذي تحيد عنه الانبياء والمرسلون، حتى أولو العزم الاكملون، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم.


7-وقوله صلى الله عليه وسلم: " فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش) أي آخذا بها، " فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور " دليل على أن هذا الصعق الذي يحصل للخلائق في عرصات القيامة، حين يتجلى الرب لفصل القضاء بين عباده، فيصعقون من شدة الهيبة والعظمة والجلال فيكون أولهم إفاقة محمد خاتم الانبياء، ومصطفى رب الارض والسماء على سائر الانبياء، فيجد موسى باطشا بقائمة العرش قال الصادق المصدوق:

" لا أدري أصعق فأفاق قبلي ؟ " أي وكانت صعقته خفيفة، لانه قد ناله بهذا السبب في الدنيا صعق "

أو جوزي بصعقة الطور ؟ " يعني فلم يصعق بالكلية.

وهذا فيه شرف كبير لموسى عليه السلام من هذه الحيثية.
ولا يلزم تفضيله بها مطلقا من كل وجه * ولهذا نبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على شرفه وفضيلته بهذه الصفة، -لان المسلم لما ضرب وجه اليهودي حين قال: لا والذي اصطفى موسى على البشر، قد يحصل في نفوس المشاهدين لذلك هضم بجناب موسى عليه السلام فبين النبي صلى الله عليه وسلم فضيلته وشرفه.



8-وقوله تعالى (قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي)

أي في ذلك الزمان، لا ما قبله، لان إبراهيم الخليل أفضل منه، ،

ولا ما بعده، لان محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل منهما، كما ظهر شرفه ليلة الاسراء على جميع المرسلين والانبياء، وكما ثبت أنه قال: " سأقوم مقاما يرغب إلى الخلق حتى إبراهيم " وقوله تعالى (فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين)

أي فخذ ما أعطيتك من الرسالة والكلام، ولا تسأل زيادة عليه، وكن من الشاكرين على ذلك.



9-قال الله تعالى (وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ) [ الاعراف: 145 ] وكانت الالواح من جوهر نفيس، ففي الصحيح: أن الله كتب له التوراة بيده وفيها مواعظ من الآثام، وتفصيل لكل ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام.
(فخذها بقوة) أي بعزم ونية صادقة قوية (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها)


أي يضعوهما على أحسن وجوهها وأجمل محاملها (سأريكم دار الفاسقين) أي ستر وعاقبة الخارجين عن طاعتي، المخالفين لامري، المكذبين لرسلي.


(سأصرف عن آياتي) عن فهمها وتدبرها، وتعقل معناها، الذي أريد منها ودل عليه مقتضاها


(الذين يتكبرون في الارض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها)

أي ولو شاهدوا مهما شاهدوا من الخوارق والمعجزات لا ينقادوا لاتباعها (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا) أي لا يسلكوه ولا يتبعوه (وإن يرو سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا)

أي صرفناهم عن ذلك لتكذيبهم بآياتنا، وتغافلهم عنها، وإعراضهم عن التصديق بها، والتفكر في معناها وترك العمل بمقتضاها (والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون


-قصة عبادتهم العجل في غيبة [ كليم الله عنهم ]


(1) قال الله تعالى (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين. ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين.ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقي الالواح

وأخذ برأس أخيه يجره إليه قال يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الاعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين.قال رب اغفر لي ولاخي وادخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين.إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين.والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الالواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون) [ الاعراف: 148 - 154 ].



2-وقال تعالى (وما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال فانا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فاخلفتم موعدي قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا

ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا *

وقد قال لهم هرون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري.قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع الينا موسى.قال يا هرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعن أفعصيت أمري

قال يابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني اسرائيل ولم ترقب قولي فما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي.قال فاذهب فان لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما) [ طه: 93 - 98 ]

3- يذكر تعالى ما كان من أمر بني إسرائيل حين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه، فمكث على الطور يناجيه ربه، ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة، وهو تعالى يجيبه عنها، فعمد رجل منهم يقال له:

هرون السامري (السامري واسمه موسى بن ظفر، ينسب أل قرية تدعى سامرة، ولد عام قتل الابناء - بعد مجئ موسى مصر - وأخفته أمه في كهف جبل فغذاه جبريل فعرفه لذلك.انظر القرطبي أحكام القرآن 7 / 284.) فأخذ ما كان استعاره من الحلي فصاغ منه عجلا، وألقيى فيه قبضة من التراب، كان أخذها من أثر فرس جبريل حين رأه - يوم أغرق الله فرعون على يديه، فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقي

.4-ويقال إنه استحال عجلا جسدا أي لحما ودما حيا يخور.قاله قتادة وغيره، وقيل: بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كما تخور البقرة، فيرقصون حوله ويفرحون: (فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسى) أي فنسيي موسى ربه عندنا، وذهب يتطلبه وهو ههنا ! تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وتقدست أسماؤه وصفاته، وتصاعفت آلاؤه وهباته

قال الله تعالى مبينا بطلان ما ذهبوا إليه، وما عولوا عليه من إلهية هذا الذي قصاراه أن يكون حيوانا بهيما وشيطانا رجيما (أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا)

وقال (ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين) [ الاعراف: 148 ]

فذكر أن هذا الحيوان لا يتكلم ولا يرد جوابا، ولا يملك ضرا ولا نفعا، ولا يهدي إلى رشد، اتخذوه وهم ظالمون لانفسهم، عالمون في أنفسهم بطلان ما هم عليه من الجهل، والضلال.



5-(ولما سقط في أيديهم) أي ندموا على ما صنعوا (ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين).
ولما رجع موسى عليه السلام إليهم، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، ومعه الالواح المتضمنة التوراة ألقاها فيقال إنه كسرها.
وهكذا هو عند أهل الكتاب وإن الله أبدله غيرها،


وليس في اللفظ القرآني ما يدل على ذلك، إلا أنه القاها حين عاين ما عاين.
وعند أهل الكتاب: أنهما كانا لوحين، وظاهر القرآن أنها ألواح متعددة، ولم يتأثر بمجرد الخبر من الله تعالى عن عبادة العجل فأمره بمعاينة ذلك.ولهذا جاء في الحديث الذي رواه الامام أحمد وابن حبان عن ابن عباس قال قال رسول الله: " ليس الخبر كالمعاينة " ثم أقبل عليهم فعنفهم ووبخهم وهجنهم في صنيعهم هذا القبيح فاعتذروا إليه بما ليس بصحيح قالوا إنا


(حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري) [ طه: 87 ] تحرجوا من تملك حلى آل فرعون، وهم أهل حرب، وقد أمرهم الله بأخذه وأباحه لهم، ولم يتحرجوا بجهلهم، وقلة علمهم، وعقلهم، من عبادة العجل الجسد الذي له خوار مع الواحد الاحد الفرد الصمد القهار.


ثم أقبل على أخيه هرون عليهما السلام قائلا له (يا هرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعن) [ طه: 92 ] أي هلا لما رأيت ما صنعوا اتبعتني فأعلمتني بما فعلوا فقال (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل) أي تركتهم وجئتني وأنت قد أستخلفتني فيهم (قال رب اغفر لي ولاخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين) [ الاعراف: 151 ].


وقد كان هرون عليه السلام نهاهم عن هذا الصنيع الفظيع أشد النهي، وزجرهم عنه، أتم الزجر قال الله تعالى

(ولقد قال لهم هرون من قبل يا قوم إنما فتنتم به) أي إنما قدر الله أمر هذا العجل، وجعله يخور فتنة واختبارا لكم (وإن ربكم الرحمن) أي لا هذا (فاتبعوني) أي فيما أقول لكم (وأطيعوا أمري.قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) [ طه: 90 - 91 ] يشهد الله لهرون عليه السلام (وكفى بالله شهيدا) أنه نهاهم وزجرهم عن ذلك فلم يطيعوه ولم يتبعوه

6-ثم أقبل موسى على السامري (قال ما خطبك يا سامري) أي ما حملك على ما صنعت (قال بصرت بما لم يبصروا به) أي رأيت جبرائيل وهو راكب فرسا (فقبضت قبضة من أثر الرسول) [ طه: 96 ]

أي من أثر فرس جبريل.وقد ذكر بعضهم أنه رآه وكلما وطئت بحوافرها على موضع أخضر وأعشب فأخذ من أثر حافرها فلما ألقاه في هذا العجل المصنوع من الذهب كان من أمره ما كان ولهذا قال (فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي.قال فاذهب فان لك في الحياة أن تقول لا مساس) [ طه: 96 - 97 ] وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحدا معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه.هذا معاقبة له في الدنيا ثم توعده في الاخرى فقال (وإن لك موعدا لن تخلفه) وقرئ لن نخلفه

(وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا) [ طه: 97 ] قال فعمد موسى عليه السلام إلى هذا العجل فحرقه [ قيل ] بالنار كما قاله قتادة وغيره.وقيل بالمبارد كما قاله علي وابن عباس وغيرهما وهو نص أهل الكتاب

ثم ذراه في البحر وأمر بني إسرائيل فشربوا فمن كان من عابديه علق على شفاههم من ذلك الرماد منه ما يدل عليه، وقيل بل اصفرت ألوانهم ثم قال تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لهم

(إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما) [ طه: 98 ] وقال تعالى (إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين) [ الاعراف: 152 ] وهكذا وقع

7-وقد قال بعض السلف (وكذلك نجزي المفترين) مسجلة لكل صاحب بدعة إلى يوم القيامة.ثم أخبر تعالى عن حلمه ورحمته بخلقه وإحسانه على عبيده في قبوله توبة من تاب إليه بتوبته عليه فقال

(والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) [ الاعراف: 153 ] لكن لم يقبل الله توبة عابدي العجل إلا بالقتل كما قال تعالى (وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم) [ البقرة: 154 ]

فيقال إنهم أصبحوا يوما وقد أخذ من لم يعبد العجل في أيديهم السيوف وألقى الله عليهم ضبابا (عند القرطبي: ظلاما.) حتى لا يعرف القريب قريبه ولا النسيب نسيبه.ثم مالوا على عابديه فقتلوهم وحصدوهم فيقال إنهم قتلوا في صبيحة واحدة سبعين ألفا.



8-ثم قال تعالى (ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الالواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون) [ الاعراف: 154 ] إستدل بعضهم بقوله وفي نسختها على أنها تكسرت

وفي هذا الاستدلال نظر وليس في اللفظ ما يدل على أنها تكسرت والله أعلم.
وقد ذكر ابن عباس في حديث الفتون كما سيأتي أن عبادتهم العجل كانت على أثر خروجهم من البحر وما هو ببعيد لانهم حين خرجوا (قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) [ الاعراف: 138 ].


وهكذا عند أهل الكتاب فإن عبادتهم العجل كانت قبل مجيئهم بلاد بيت المقدس وذلك أنهم لما أمروا بقتل من عبد العجل قتلوا في أول يوم ثلاثة آلاف.ثم ذهب موسى يستغفر لهم فغفر لهم بشرط أن يدخلوا الارض المقدسة

9-(واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة

قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وآنت خير الغافرين.واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا اليك قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون.الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) [ الاعراف: 155 - 157 ]

10-ذكر السدي وابن عباس وغيرهما أن هؤلاء السبعين كانوا علماء بني إسرائيل ومعهم موسى وهرون ويوشع (ذكر الرازي ان موسى اختار من قومه اثني عشر سبطا من كل سبط ستة، فصاروا اثنان وسبعين، فقال ليختلف منكم رجلان فتشاجروا: فقال إن لمن قعد منكم مثل أجر من تخلف ; فقعد كالب ويوشع) وناذاب وابيهوا ذهبوا مع موسى عليه السلام ليعتذروا عن بني إسرائيل في عبادة من عبد منهم العجل. وكانوا قد أمروا أن يتطيبوا ويتطهروا ويغتسلوا، فلما ذهبوا معه واقتربوا من الجبل وعليه الغمام وعمود النور ساطع وصعد موسى الجبل.

فذكر بنو إسرائيل أنهم سمعوا كلام الله.


وهذا قد وافقهم عليه طائفة من المفسرين وحملوا عليه قوله تعالى (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) [ البقرة: 75 ] وليس هذا بلازم لقوله تعالى (أفجره حتى يسمع كلام الله) أي مبلغا.
وهكذا هؤلاء سمعوه مبلغا من موسى عليه السلام


وزعموا أيضا أن السبعين رأوا الله وهذا غلط منهم لانهم لما سألوا الرؤية أخذتهم الرجفة كما قال تعالى (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون.ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون) [ البقرة: 55 ] وقال ههنا (فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي ) [ الاعراف: 155 ]

11-قال محمد بن اسحق اختار موسى من بني إسرائيل سبعين رجلا الخير فالخير.وقال انطلقوا إلى الله فتوبوا إليه مما صنعتم وسلوه التوبة على من تركتم وراءكم من قومكم صوموا وتطهروا وطهروا ثيابكم فخرج بهم إلى طور سيناء لميقات وقته له ربه وكان لا يأتيه إلا باذن منه وعلم فطلب منه السبعون أن يسمعوا كلام الله

فقال: أفعل فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله ودنا موسى فدخل في الغمام

وقال للقوم: أدنوا وكان موسى إذا كلمة الله وقع على جبهته نور ساطع لا يستطيع أحد من بني آدم أن ينظر إليه فضرب دونه بالحجاب ودنا القوم حتى إذا دخلوا في الغمام وقعوا سجودا فسمعوه وهو يكلم موسى يأمر وينهاه افعل ولا تفعل * فلما فرغ الله من أمره وانكشف عن موسى الغمام أقبل إليهم قالوا لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الرجفة وهي الصاعقة فالتقت أرواحهم فماتوا جميعا فقام موسى يناشد ربه ويدعوه ويرغب إليه ويقول

(رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) أي لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء (قال القرطبي: قيل المرد بالسفهاء: السبعون ; والمعنى أتهلك بني إسرائيل بما فعل هؤلاء السفهاء في قولهم " أرنا الله جهرة)

الذين عبدوا العجل منا فإنا براء مما عملوا.

وقال ابن عباس ومجاهد إنما أخذتهم الرجفة لانهم لم ينهوا قومهم عن عبادة العجل وقوله (إن هي إلا فتنتك) أي اختبارك وابتلاؤك وامتحانك قاله ابن عباس وسعيد بن جبير واحد من علماء السلف والخلف.

يعني أنت الذي قدرت هذا وخلقت ما كان من أمر العجل إختبارا تختبرهم به كما

(قال لهم هرون من قبل يا قوم إنما فتنتم به) [ طه: 90 ] أي اختبرتم ولهذا قال (تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء) أي من شئت أضللته باختبارك إياه ومن شئت هديته * لك الحكم والمشيئة ولا مانع ولا راد لما حكمت وقضيت (أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك)

أي تبنا إليك ورجعنا وأنبنا قاله ابن عباس

12-(قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ) أي أنا أعذب من شئت بما أشاء من الامور التي أخلقها وأقدرها (ورحمتي وسعت كل شئ) كما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

" إن الله لما فرغ من خلق السموات والارض كتب كتابا فهو موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي "

(فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون)

] أي فسأوحيها حتما لمن يتصف بهذه الصفات (الذين يتبعون الرسول النبي الامي ) [ الاعراف: 157 ] وهذا فيه تنويه بذكر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من الله لموسى عليه السلام في جملة ما ناجاه به وأعلمه وأطلعه عليه *



13-وقال قتادة قال موسى يا رب أجد في الالواح أمة خير أمة أخرجت الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر رب اجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد.


قال رب إني أجد في الالواح أمة هم الآخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة رب اجعلهم أمتي.قال: تلك أمة أحمد.
قال: رب إني أجد في الالواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونها وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظرا حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه وإن الله أعطاكم أيتها الامة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا عن الامم قال رب اجعلهم أمتي قال: تلك أمة أحمد قال: رب إني أجد في الالواح أمة يؤمنون بالكتاب الاول وبالكتاب الآخر ويقاتلون فصول الضلالة حتى يقاتلوا الاعور الكذاب فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.



قال رب إني أجد في الالواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها وكان من قبلهم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير وإن الله أخذ صدقاتكم من غنيكم لفقيركم قال رب فاجعلهم أمتي.
قال: تلك أمة أحمد.


قال رب فإني أجد في الالواح أمة إذا هم أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر أمثالها إلى سبعماية ضعف قال رب اجعلهم أمتي قال: تلك أمة أحمد.


قال ربي إني أجد في الالواح أمة هم المشفعون المشفوع لهم فاجعلهم أمتي قال: تلك أمة أحمد * قال قتادة فذكر لنا أن موسى عليه السلام نبذ الالواح وقال اللهم اجعلني من أمة أحمد.



وقد ذكر كثير من الناس ما كان من مناجاة موسى عليه السلام وأوردوا أشياء كثيرة لا أصل لها ونحن نذكر ما تيسر ذكره من الاحاديث والآثار بعون الله وتوفيقه وحسن هدايته ومعونته وتأييده.



1-ومن صحيح مسلم: سمع المغيرة بن شعبة يقول على المنبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن موسى عليه السلام سأل ربه عزوجل: أي أهل الجنة أدنى منزلة ؟ فقال: رجل يجيئ بعدما يدخل أهل الجنة الجنة، فيقال [ له ] أدخل الجنة.فيقول: كيف أدخل الجنة وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخاذاتهم

(هو ما أخذوه من كرامة مولاهم، وحصلوه) ؟ فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول: رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله، فيقول في الخامسة: رضيت رب فيقال:

هذا لك وعشرة أمثاله.ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، فيقول رضيت رب.قال: رب فأعلاهم منزلة ؟ قال: أولئك الذين أردت غرس (أردت: اخترت واصطفيت.غرس: وعند مسلم غرست معناه: اصفطيتهم وتوليتهم فلا يتطرق إلى كرامتهم تغيير) كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر (: أي لم يخطر على قلب بشر ما أكرمتهم به وأعددته لهم) " قال ومصداقه (دليله وما يصدقه.) من كتاب الله

فلا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون) [ السجدة: 17 ]

2- و: " عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سأل موسى ربه عزوجل عن ست خصال كان يظن أنها له خالصة، والسابعة لم يكن موسى يحبها: قال: يا رب أي عبادك اتقى ؟ قال: الذي يذكر ولا ينسى.
قال: فأي عبادك أهدى ؟ قال: الذى يتبع الهدى
.
قال: فأي عبادك أحكم ؟ قال: الذي يحكم للناس كما يحكم لنفسه.
قال: فأي عبادك أعلم ؟ قال: عالم لا يشبع من العلم، يجمع علم الناس إلى علمه.
الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يجد كلمة تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى.


قال: أي رب فهل في الارض أحد أعلم مني ؟ قال: نعم [ قال: رب فمن هو ؟ قال ]: الخضر.فسأل السبيل إلى لقيه.
قال: فأي عبادك أعز ؟.قال: الذي إذا قدر غفر.
قال: فأي عبادك أغنى ؟ قال: الذي يرضى بما يؤتى
.



قال: فأي عبادك أفقر ؟ قال: صاحب منقوص ".


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس الغنى عن ظهر إنما الغنى غنى النفس "، وإذا أراد الله بعبد خيرا جعل غناه في نفسه وتقاه في قلبه، وإذا أراد بعبد شرا جعل فقره بين عينيه " (البخاري).
قال ابن حبان قوله " صاحب منقوص " يريد به منقوص حالته يستقل ما أوتي ويطلب الفضل.


3- و عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " قال موسى: " يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به " قال: قل يا موسى (لا إله إلا الله) قال: يا رب كل عبادك يقول هذا.قال: قل لا إله إلا الله.قال: إنما أريد شيئا تخصني به.قال: يا موسى لو أن أهل السموات السبع والارضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله" (الحاكم صحيح الاسناد. ).
ويشهد لهذا الحديث البطاقة.وأقرب شئ إلى معناه الحديث المروي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: " قال أفضل الدعاء دعاء عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبييون من قبلي (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير)


4- ، وقال الله تعالى (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون.ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين)

] وقال تعالى (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون) [ الاعراف 171 ]

قال ابن عباس وغير واحد من السلف لما جاءهم موسى بالالواح فيها التوراة أمرهم بقبولها والاخذ بها بقوة وعزم

فقالوا: أنشرها علينا، فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها، فقال: بل اقبلوها بما فيها، فراجعوه مرارا فأمر الله الملائكة فرفعوا الجبل على رؤوسهم حتى صار كأنه ظلة أي غمامة على رؤوسهم،

وقيل لهم: إن لم تقبلوها بما فيها وإلا سقط هذا الجبل عليكم، فقبلوا ذلك وأمروا بالسجود، فسجدوا فجعلوا ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم، فصارت سنة لليهود إلى اليوم، يقولون لا سجدة أعظم من سجدة رفعت عنا العذاب.


وقال بن عبد الله : فلما نشرها لم يبق على وجه الارض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتز، فليس على وجه الارض يهودي صغير
ولا كبير تقرأ عليه التوراة إلا اهتز ونفض لها رأسه.



قال الله تعالى (ثم توليتم من بعد ذلك) أي ثم بعد مشاهدة هذا الميثاق العظيم والامر الجسيم نكثتم عهودكم ومواثيقكم (فلولا فضل الله عليكم ورحمته) بأن تدارككم بالارسال إليكم وإنزال الكتب عليكم (لكنتم من الخاسرين).



-قصة بقرة بني إسرائيل

1-قال الله تعالى (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة. قالوا أتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تؤمرون.قالوا دع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين.

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقى الحرث مسلمة لا شية فيها.قالوا الآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون.وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون.فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون)

قال ابن عباس وغير واحد من السلف: كان رجل (اسمه عاميل كما في أحكام القرآن.) في بني إسرائيل كثير المال، وكان شيخا كبيرا، وله بنو أخ وكانوا يتمنون موته ليرثوه، فعمد أحدهم فقتله في الليل وطرحه في مجمع الطرق، ويقال على باب رجل منهم، فلما أصبح الناس اختصموا فيه، وجاء ابن أخيه فجعل يصرخ ويتظلم، فقالوا ما لكم تختصمون

ولا تأتون نبي الله، فجاء ابن أخيه فشكى أمر عمه إلى (وكان هذا الامر قبل نزول القسامة في التوراة ; والقسامة أن يبدأ المدعون بالايمان فإن حلفوا استحقوا، وإن نكلوا حلف المدعي عليهم خمسين يمينا وبرءوا.) رسول الله موسى عليه السلام فقال موسى عليه السلام: أنشد الله رجلا عنده علم من أمر هذا القتيل إلا أعلمنا به فلم يكن عند أحد منهم علم منه، وسألوه أن يسأل في هذه القضية ربه عزوجل فسأل ربه عزوجل في ذلك فأمره الله أن يأمرهم بذبح بقرة ؟ فقال:

(إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا) يعنون نحن نسأل عن أمر هذا القتيل، وأنت تقول هذا

(قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) أي أعوذ بالله أن أقول عنه غير ما أوحى إلي.وهذا هو الذي أجابني حين سألته عما سألتموني عنه أن أسأله فيه.
قال ابن عباس وغير واحد فلو أنهم عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لحصل المقصود منها، ولكنهم شددوا، فشدد عليهم، فسألوا عن صفتها ثم عن لونها ثم عن سنها فأجيبوا بما عز وجوده عليهم، .



والمقصود أنهم أمروا بذبح بقرة عوان وهي الوسط بين النصف (عوان: النصف التي ولدت بطنا أو بطنين)، الفارض وهي الكبيرة (أي المسنة، وقيل التي ولدت بطونا كثيرة فيتسع جوفها لذلك.)، والبكر وهي الصغيرة، قاله ابن عباس .



ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم فسألوا عن لونها فأمروا بصفراء فاقع لونها أي مشرب بحمرة تسر الناظرين * وهذا اللون عزيز.
ثم شددوا أيضا (فقالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون)


(قال انه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الارض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها.قالوا ألآن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا يفعلون) وهذه الصفات أضيق مما تقدم حيث أمروا بذبح بقرة ليست بالذلول وهي المذللة بالحراثة وسقي الارض بالسانية مسلمة وهي الصحيحة، التي لا عيب فيها وقوله (لا شية فيها)

أي ليس فيها لون يخالف لونها بل هي مسلمة من العيوب ومن مخالطة سائر الالوان غير لونها فلما حددها بهذه الصفات وحصرها بهذه النعوت والاوصاف (قالوا الآن جئت بالحق)

ويقال إنهم لم يجدوا هذه البقرة بهذه الصفة إلا عند رجل منهم كان بارا بأبيه فطلبوها منه، فأبى عليهم، فأرغبوه في ثمنها حتى أعطوه فيما ذكره السدي بوزنها ذهبا فأبى عليهم حتى أعطوه بوزنها عشر مرات، فباعها منهم فأمرهم نبي الله موسى بذبحها (فذبحوها وما كادوا يفعلون) أي وهم يترددون في أمرها.ثم أمرهم عن الله أن يضربوا ذلك القتيل ببعضها. فلما ضربوه ببعضها أحياه الله تعالى فقام وهو يشخب أوداجه فسأله نبي الله من قتلك قال قتلني ابن أخي.
ثم عاد ميتا كما كان، قال الله تعالى


(كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) [ البقرة: 73 ] أي كما شاهدتم إحياء هذا القتيل عن امر الله له كذلك أمره في سائر الموتى إذا شاء إحياءهم أحياهم في ساعة واحدة كما قال

(ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ) [ لقمان: 28 ].

والحمد لله رب اللعالمين

لاتنسونا من صالح دعاؤكم


رد مع اقتباس