بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
إنه إحساس إيماني عميق ، وشعور إسلامي رائع ، أن نحزم أمتعتنا وحقائبنا وبكل شغف ولهفة لمجاورة أهل بيت النبوة ، ومهبط الوحي ، ومنبع الرسالة ، ونعكف نمارس شعائرنا الدينية بقلب خاشع ، وفكر متقد ، ووجدان مشِّع ، ثم نعود إلى ديارنا سالمين غانمين ، وهل هناك غنيمة عظيمة كبرى ، أن تقف ضارعاً ومتشفعاً أمام ولي من الأولياء ، وإمام من الأئمة ، ونبي من الأنبياء ، وقد ذرفت من مقلتيك دمعة ، وتفجرت من بين جوانحك عبرة ، وتمخضت من فرائصك رجفة على شخصية إنسان ملاك ، قد قدم للبشرية جمعاء ، علماً وخلقاً وعبادة وتضحية قمة في الروعة والإبداع والجمال ؟.
فأمثال هؤلاء العمالقة الأبطال يستحقون كل حفاوة وإحتفاء ، وكل إشادة وإحياء ، ليس لأننا شيعة وموالين فنمعن فيهم مدحاً وإطراء ، وإنما كل فرد في العالم مهما يكن جنسه وعرقه وملته ، أن يقف لهؤلاء النخبة المصطفين الأخيار ، وقفة أنفة وكبرياء ، فيغمر كل ذرة في كيانه ذوباناً وإنصهاراً في حبهم وعشقهم حتى النخاع . ولنيمم وجوهنا شطر مقام السيدة زينب عليها السلام، هذه المرأة المعجزة بكل ما تعنيه الكلمة ، التي ضربت رقماً قياسياً في كل صعيد وميدان ، نرى أن مقامها الشريف يكتظ ليلاً ونهاراً بالضيوف والزوار والرواد من كل فج عميق ، رغم إختلاف المشارب والنحل .
لأن العترة الطاهرة عليهم السلام، ليسوا حجراً لشيعة آل محمد فقط ، وإنما لكل إنسان على وجه الخليقة ينشد نبلاً ورفعة وسمواً . إننا عندما نزور ضريح من أضرحة العترة المعصومة ، فلا نزور قبة ومأذنة ، ولا نزور سياجاً وطوبة ، ولكن لو يعلم من يعلم منزلة هؤلاء القوم المكرمين عند الله سبحانه وتعالى ، لقبل قبابهم أيما تقبيل ، ولقبل مآذنهم أيما تقبيل ، ولم خامرته فكرة أن يبارح موقع مثوى رفاتهم قيد أنملة ، ولقضي سني حياته حتى آخر رمق خادماً وفياً مخلصاً لإستقبال ضيوفهم ومحبيهم .
دون أن ينتظر حفنة أجر ، أو كلمة معروف وإمتنان ، سوى أن يكون عمله هذا ، ذخراً وسنداً له في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . وكيف لا يكون قلبا سليما لمن نذر نفسه أن يكون سيداً وخادماً لأشرف خلق الله مكانة ومنزلة ، ولأعز خلق الله درجة ومرتبة ؟ . إن شيعة أهل البيت عليهم السلام، هاجروا الديار والأوطان ، وتجرعوا مرارة الغربة ، وباعوا الغالي والنفيس ، لأنهم يعلمون تمام العلم ، إن دار الحياة الدنيا ، دار فناء وزوال ، ودار زخرف وحطام ، وإن الآخرة لدار الحيوان .
ولكي يخرجوا بزاد مغنم رابح ، عليهم أن يتخذوا من أهل البيت ملجأآ وملاذاً ، ملجأ من خاتمة حياة لا تساوي جناح بعوضة ، وملاذاً في يوم عسير فيه كر وفر ، وإقبال وإدبـــار . فما أجملكم وأروعكم يا شيعة أمة محمد ، وقد شحذتم الهمة والعزم ، وركبتم المخاطر والأهوال دون حيرة وتردد ، فداء وتضحية لهؤلاء النجباء الأخيار . فطوبى ومرحى لكل زائر وافد حل ضيفا عزيزاً كريماً في فناء وباحة لمرقد من مراقد أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى .
وان كل فلس أحمر ينفق من أجل زيارة طاهر مطهر من بيت النبوة ، هو بمثابة كنز عظيم بين أقطار السماوات والأرضيين ، وهو بمثابة ورقة رابحة ، وجواز مرور لدخول جنة الخلد من أوسع أبوابها ، وهل هناك سفينة نجاة غير هؤلاء الكرام الأطهار ، وقد قال فيهم الباري عز وجل في محكم كتابه المجيد ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ).
إن حبنا لأهل البيت عليهم السلام، ليس حباً عرفياً ، وليس حباً وراثياً ، وليس حباً روتينياً ، وإنما هو حب ثقافة وعقيدة قد بلغ فينا مبلغاً عظيماً فكرياً وقلبياً وروحياً ، فجعلنا نقبل لزيارة مقاماتهم المباركة ، وكأننا قابلون على دخول جنة من الجنان الواسعة العريضة التي لم ترها عين ، ولم تسمع عنها إذن ، ولم تخطر على قلب بشر ، وهل هناك جنة سرمدية كجنة إحتضان مرقد من مراقد أهل بيت التقوى والزهد والورع ، وأهل بيت العلم والعبادة والذكر ، وأهل بيت التضحية والشهادة والفداء ، وأهل بيت الجود والكرم والسخاء ، وأهل بيت العزة والكرامة والشرف ، وأهل بيت الشهامة والنخوة والإباء ، وأهل بيت الحق والعدل والمساواة ، وأهل بيت الأدب والعفة والتسامح ، وأهل بيت الدعة والسكينة والإطمئنان ، وأهل بيت الشفاء والرحمة والغفران ، وأهل بيت الغنيمة والفوز والفلاح ، وأهل بيت الضراعة والشفاعة والإنابة ، وأهل بيت الشجاعة والبطولة والاقدام ، وأهل بيت الصبر والقناعة والخشوع ، وأهل بيت الرضا والقبول والإيمان ، وأهل بيت الشيعة والموالين والأنصار .
اللهم إجعلنا شيعة خلصاً أوفياء ، وثبت قلوبنا على محبة محمد وآل محمد ، وإجعل زيارتنا مقبولة ، ونوايانا صادقة ، وبطانتنا خيرة ، وقلوبنا عامرة ، وأحشرنا في زمرة محمد وآله الطيبين الأبرار ، آمين رب العالمين
gskh uf]m rf,v >> kpk tr' uahr pr ,k,v uf]m uahr ,k,v