عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/08/25, 07:35 PM   #1
عبد الحميد

موالي مبتدأ

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4790
تاريخ التسجيل: 2016/08/24
المشاركات: 53
عبد الحميد غير متواجد حالياً
المستوى : عبد الحميد is on a distinguished road




عرض البوم صور عبد الحميد
افتراضي الهداية والضلال

الهداية العامة.
إن الهداية تنقسم الى قسمان اﻵولى: الهداية العامة التي تكون من خلال الأديان السماوية، فهي هداية عامة لكل الناس وليست ممنوعة عن أحد. فمن أراد أن يهتدي ويعبد الله، فلا بد له من إعتناق دين الله الذي أنزله على أنبيائه. وأخر الأديان هو الإسلام الذي نسخ ما قبله من الأديان، ووجب على أتباع الأديان السابقة إعتناقه والإلتزام به.

والهداية الخاصة هي مشروطة بالهداية العامة، وهي نوع من العناية الربانية يهبها الله لعباده الذين يبحثون عن الحق، ويجاهدون أنفسهم، فيختصهم الله بالعناية والرعاية، ويهيى‏ء لهم السبل لكي يصلوا إلى مقصودهم وهدفهم.

قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ.. العنكبوت 69

فمن زاغ عن الهداية العامة انحرف عن الحق، وأعرض عن الهدى. فيكون ذلك سبباً في منعه من الألطاف الإلهية الخاصة، ويوكله الله تعالى الى نفسه فيزداد عماً وضلال. ولو بحث عن الحق وعمل بالهداية العامة لأفاض عليه من ألطافه وإكرامه وعنايته الخاصة.

قال تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ.. الصف 5

الجبر والتفويض: انقسم المسلمون فيما مضى إلى فرقتين الفرقة الأولى؛ الجبرية الذين يرون أن الإنسان مجبر على أفعاله، وإنه لا يملك الإرادة، ولا يستطيع أن يرفض أي فعل، ولا دخل له في تقرير مصيره. فالإنسان حينما يفعل الخير، ويسلك سبيل الهدى، أو يفعل الشر ويسلك سبيل الضلال، إنما يكون مجبراً على ذلك، ولا يستطيع الرفض أو القبول كما يشاء..

والفرقة الثانية؛ يعتقدون أن الإنسان مفوض، وهو وحده يستطيع أن يقرر ما يشاء، والله لا يمنعه أو يرغمه على فعل شيء، وأن أفعال العباد خيرها وشرها هي من صنع الإنسان..

أما أهل البيت ع؛ فقد نقدو الرأيين واعتبرواهما عاجزان عن تفسير مفهوم العدل والتوحيد. فأما الرأي القائل بالجبر، فإنه يتعارض مع العدل؛ فالله سبحانه منزه عن الظلم، ولا يمكن أن يصادر إرادة الإنسان، ثم يحاسبه ويعاقبه أو يجازيه.

وأما الرأي القائل بالتفويض فإنه يتعارض مع قدرة الله على خلقه. فالله تعالى هو القادر المقتدر، ولا يجري شيء في الوجود ما يخرج عن علمه ومشيئته وقدرته. وقد أوضح هذه المسألة الإمام الرضا ع أحسن توضيح فقال:

إن الله تعالى لم يطع بإكراه، ولم يعص بغلبة، ولم يهمل العباد في ملكه، هو المالك لما ملكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العباد بطاعته، لم يكن الله عنها صادراً، ولا منها مانعاً، وإن ائتمروا بمعصية، فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل، وإن لم يحل ففعلوا، فليس هو الذي أدخلهم فيه..

إن الحياة الدنيا هي دار إختبار، ولم يجعل الله سبحانه الهدى أو الضلال جبراً، وإنما جعلهما إختياراً. فبإمكان الأنسان أن يهتدي أو أن يضل. فإن إرادة الله من إضلال الضالين لا تعني أن الله أجبرهم عليه، بل هم الذين اختاروا الضلال وأصروا عليه فأراده لهم لأنهم أرادوه. وأيضاً من أراد الهداية وسعى لها. فلا يعني ذلك أن الله أجبره على الهدى، فإن من يسعى ليهتدي أعانه الله وسدد خطاه، وأوصله الى ما يريد. وفي هذا الصدد نستعرض آيات من القرآن لتوضيح المعنى:

(...مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.. الشورى 39

إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ, وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.. القصص 56

مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ, وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ.. الأعراف 186

فقوله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت). معناها أن النبي ص، وكذلك كل مصلح لا يملك أن يخلق في قلب الناس الهداية والتوفيق للإيمان، وإن كان يملك هداية الدلالة والإرشاد كما قال سبحان: (ولكل قوم هاد).. (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم). فهذا لا يعني أن العبد مجبر ومسير بإختيار الله له، وإنما الأمر كما قال سبحانه: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا.. الإنسان3

وأيضاً إن الله تعالى كتب مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض، فهو يعلم ما سيعمل كل إنسان، ومع سابق علم الله بعدم إيمان فرعون فقد أرسل اليه نبيين اثنين موسى وهارون عليهما السلام، وأمرهما أن يقولا له كلام هين لين كي يتراجع عن طغيانه وكفره. فقال تعالى: فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى.. طه 44

وأراه الأيات، والمعجزات، والإنذارات، ورغم كل ذلك أصر على كفره وطغيانه هو ومن اتبعه كما في قوله تعالى: وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِين.. الأعراف 132

فبعد كل تلك النذر أصر فرعون وقومه على الكفر، فحق عليهم بأنهم من أهل النار. قال تعالى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ.. هود 98

ففرعون والكفرة هم الذين رفضوا الهداية وأصروا على كفرهم رغم تحذير الله لهم. قال تعالى: (...وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ...). الأنعام 25

وحتى بعد أن يروا الآخرة والحساب وجهنم لن يتراجعوا عن كفرهم. قال تعالى: وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.. الأنعام 27

والنتيجة العجيبة هي: بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ, وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ.. الأعراف 28

....

توضيح: لتبيين مسألة الهدى والضلال أكثر نورد قوله تعالى:

سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّىٰ ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ.. الأنعام 148

التفسير: قالو.. لو أراد الله منا الإيمان به، وإفراده بالعبادة لم يجعلنا وآباؤنا من قبل مشركين، ولم نستطع إلى فعل أي شيء ينافي التوحيد. فإن الله لم يحُل بيننا وبين ما نحن عليه. فقال الله عزوجل مكذباً لهم: (كذلك كذب الذين من قبلهم). فكما كذب هؤلاء بما جائهم به النبي ص من الحق والبيان، كذلك كذب الذين كانوا من قبلهم من الأمم السابقة (حتى ذاقوا بأسنا). أنزلنا عليهم العذاب. فقل لهم أن يعطوا البينة على ما يظنون، فكلامهم وهم ومجرد تخرصات..

إن الله لا يريد أن يعذب الخلق إن هم أمنوا واهتدوا. قال تعالى: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا.. النساء 147

الخلاصة: بعد هذا البيان لا يستطيع أحد أن يقول؛ إن الله كتب علي الضلال، ولا سبيل لي إلى الهداية. فهذه حجة زائفة وتسويل من الشيطان، فالواجب على العبد أن يسعى في تحصيل الهداية، وإلتزام الأوامر الإلهية، واجتناب النواهي، ويسأل الله أن يقدر له الخير حيث كان..


hgi]hdm ,hgqghg



رد مع اقتباس