عرض مشاركة واحدة
قديم 2013/07/11, 03:51 AM   #1
بسمة الفجر

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 332
تاريخ التسجيل: 2012/08/02
الدولة: دولة الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف
المشاركات: 12,345
بسمة الفجر غير متواجد حالياً
المستوى : بسمة الفجر is on a distinguished road




عرض البوم صور بسمة الفجر
افتراضي فماهو المطلوب اذن ؟ ضيافة الله وانفسنا

.. بسم الله الرحمن الرحيم ..

..اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وارحمنا بهم ياكريم ..

فما هو المطلوب؟

المطلوب أن يُدرِك الغافل حقيقة أمره ويتحرك نحو الإنسجام مع هذه الضيافة حتى لا يبقى نشازاً غريباً عنها، كالضيف الذي يرتدي ثياباً ملفتة عجيبة في جو "رسمي" شديد الخصوصية، ألا يبقى وجوداً نشازاً؟ فحتى لا أبقى أنا العاصي، صاحب هذا المنظر الباطني المرعب نشازاً في هذه الضيافة الإلهية، ينبغي أن أتحرك، وأبادر، أن أعمل شيئاً؟
والسؤال هنا: ماذا بوسع الغافل أن يفعل؟ وكيف يمكننه أن يخرج مما هو فيه؟
والجواب:عندما يلتفت إلى أنه في ضيافة الرحمن وأنه ليس منسجماً مع جو الضيافة الإلهية، فينبغي أن يشعر بالخجل، وينبغي أن يحمله هذا الخجل على دراسة تقصيره، تماماً كما يحدث للإنسان الذي يلتفت إلى أنه في حفلٍ يرتدي ثياباً مشينة، إنه أولاً، يلتفت إلى وضعه بشكل إجمالي، ثم يدقق ليرى ما هي الأخطاء في وضعه، كذلك بالنسبة للغافل في هذه الضيافة الإلهية،فعندما يلتفت إجمالاً إلى وضعه وأنه ليس كما ينبغي، يجب عليه أن يدرس أخطاءه، أن يتناول نفسه فيضعها على طاولة البحث والتشريح والدراسة بدقة ليعرف من أين أُتِي، ويعرف نقصه، والخلل في قناعاته وأعماله، ويعرف أخلاقه السيئة. ثم يجدد التوبة إلى الله عز وجل. ولكن، أي توبة؟ هل المراد كلمات "أستغفر الله وأتوب إليه" والبقاء على ما هو عليه؟ وهل هذا إلا إصرار على الذنب بل عين الإستهزاء بالله عز وجل ؟

إن المطلوب منا أيها الحبيب أن تكون التوبة حارّة، فاعلة، من الأعماق، أرأيت إلى الأم المفجوعة بولدها، هل تحتاج إلى من يعلمها كيف تندب، وتلطم، وتتفجّع على ابنها، أم أنها من شدة اضطرام نار الحزن في أعماقها تصبح معلِّمة لغيرها في باب التفجُّع والندب واللطم. من يغضب تظهر عليه آثار الغضب. بمقدار غضبه يكون التعبير عنه، و يصل به أحياناً إلى حد أنه يلطم على رأسه. من يتأثر بشيء يظهر عليه مايدل على ذلك، وقد يبلغ تأثره حداً يدعوه إلى العمل بما يعبِّر عنه بكل وضوح.

والتوبة التي أنا بصددالكلام عنها وياليت أني أكون بصددها، من هذا النوع ليست عبارة عن كلمات "أستغفر الله ربي وأتوب إليه" فقط، بل أن يطول الندم على ما فرّطنا في جنب الله، فنقول من أعماق الأعماق، بل تقول شغاف القلب:
"ويْلي كلما طال عمري زادت معاصي، ويلي كلما كبُر سنّي كثرت ذنوبي، فكم أتوب وكم أعود، أمَا آن لي أن أستحي من ربي".

التوبة التي أنا بصدد بيانها هي التعبيرعن الندم بفعلٍ نفعله، ببكاء، بتنهُّد، بحرقة من الأعماق، بالكآبة التي تعلو الوجه، بالهمِّ الذي يحمله التائب.

بمقدار ما تكون نار الحزنٍ مضطرمة في القلب وبين الأضلع والحنايا، بمقدار ما تكون هذه التوبة صادقة، وبمقدار ما تستطيل ألسنة هذا اللهب المتصاعدة والمتطايرة شرراً، بمقدار ما تكون قدرتها على تطهير القلب من أدران المعاصي، وإحراق آثارها وإزالة الرَّين، وإزالة الطبع، وإعادة صقل هذه النفس وصياغتها من جديد، لترجع نقية بيضاء كما أرادها الله عز وجل وكما خلقها.


ببساطة، ليسأل أحدنا نفسه، هل أريد أن أتوب؟

إن الحريص على التوبة لابد وأن تظهر عليه آثار التوبة، فالمهموم يظهر عليه الهم، والمَدين يفكر بالدَّين، والمريض يتذكر مرضه دائماً، فإذا كنت مطمئناً، مرتاحاً، فرحاً، وكأنه ليس هناك شيء بتاتاً، أعصي الله عز وجل جهاراً نهاراً ولا يرمش لي جفن على الإطلاق، لاأجد حاجة حتى للدعاء، في حين أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان دائماً يدعو الله عز وجل، فمعنى ذلك أن هناك خللاً بنيوياً مرعباً.

ذات مرة سمعت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في دعائه: "ولا تكِلني إلى نفسي طرفة عين أبداً" فبكت أم سلمة، قال صلى الله عليه وآله: ما يبكيكِ؟ قالت يا رسول الله أنت تقول ذلك؟ قال صلى الله عليه وآله ولم لا؟ وهذا ابن متّى - النبي يونس- وكَله الله إلى نفسه طرفة عين فكان من أمره ما كان.

أي معادلة هذه التي نحن عليها: رسول الله صلى الله عليه وآله مشفق وَجِل، ونحن مطمئنون ونشعر أننا قمنا بما علينا، في غفلة عما يجب!

لنفسي ولجميع الأعزاء أقول: نحن مدعوون إلى التوبة الصادقة النصوح في شهر رمضان المبارك ولنثق أن ربنا نِعمَ الرب، يبلغ قبوله التوبة إلى حيث يبدل السيئات حسنات ولديه المزيد، ورضوان من الله أكبر.


tlhi, hgl'g,f h`k ? qdhtm hggi ,hktskh



توقيع : بسمة الفجر
رد مع اقتباس