يتميّز الأئمّة ( عليهم
السلام ) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب ، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة ، ولَهُم - مثل الأنبياء - معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى ، وكونَهم أئمّة.
وللإمام
الحسن (
عليه السلام ) معاجزٌ وكراماتٌ كثيرةٌ ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ ، ونذكر هنا بعضاً منها:
الكرامة الأولى :
عن محمّد بن إسحاق قال : إنّ أبا سفيان جاء إلى المدينة ليأخذ تجديد العهد من رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) ، فلم يقبل ، فجاء إلى
الإمام علي (
عليه السلام ) قال : هل لابن عمك أن يكتب لنا أماناً ؟.
فقال (
عليه السلام ) : ( إنَّ النَّبيَّ ( صلى الله
عليه وآله ) عَزِم عَلى أمرٍ لا يَرجعُ فيهِ أبَداً ).
وكان
الحسن بن علي (
عليه السلام ) ابن أربعة عشر شهراً ، فقال بلسان عربي مبين : ( يَا ابنَ صَخر ، قُل : لا إِلَه إلاَّ الله ، مُحمَّد رَسولُ الله ، حتّى أكون لكَ شَفيعاً إلى جَدِّي رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) ) .
فتحيّر أبو سفيان ، فقال
الإمام علي (
عليه السلام ) : ( الحَمدُ لله الذي جَعَل في ذريَّة محمّد نظير يحيى بن زكريا ) .
وكان
الإمام الحسن (
عليه السلام ) يمشي في تلك الحالة .
الكرامة الثانية :
عن أبي أسامة عن
الإمام الصادق عن آبائه ( عليهم
السلام ) : أنّ
الإمام الحسن (
عليه السلام ) خرج إلى مكّة ماشياً من المدينة ، فتوَّرمت قدماه ، فقيل له : لو ركبت لَسَكن عنك هذا الورم .
فقال (
عليه السلام ) : ( كلاَّ ، ولكنَّا إذا أتَينَا المنزلَ فإنَّه يَستقبلنا أسودٌ مَعه دِهن يَصلحُ لهذا الوَرَم ، فاشتَروا مِنه ولا تُماكِسوه ) .
فقال له بعض مواليه : ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع مثل هذا الدواء ، فقال : (
عليه السلام ) : ( بَلى ، إنَّه أمَامَنا ) .
وساروا أميالاً ، فإذا الأسود قد استقبلهم ، فقال
الإمام الحسن (
عليه السلام ) لمولاه : ( دونَكَ الأسوَد ، فخذ الدهن منه بثمنه ) .
فقال الأسود : لمَن تأخُذ هَذا الدهن ؟ فقال : للحسن بن علي بن أبي طالب (
عليه السلام ) ، قال انطلق بي إليه .
فصار الأسود إليه ، فقال : يا ابن رسول الله ، إنّي مولاك لا آخذ له ثمناً ، ولكن ادعُ الله أن يرزقني ولداً سويّاً ذكراً ، يحبّكم أهل البيت ، فإنّي خلّفت امرأتي تمخض ، فقال
الإمام الحسن (
عليه السلام ) : ( انطلقْ إلى مَنزِلِك فإنّ الله تعالى قد وَهَب لَكَ ولداً ذكراً سويّاً ) .
فرجع الأسود من فوره ، فإذا امرأته قد ولدت غلاماً سوياً ، ثمّ رجع الأسود إلى
الإمام الحسن (
عليه السلام ) ودعا له بالخير بولادة الغلام له ، وإنّه (
عليه السلام ) قد مسح رجليه بذلك الدهن ، فما قام من موضعه حتّى زال الورم .
الكرامة الثالثة :
ما روي أن فاطمة ( عليها
السلام ) أتت رسول الله ( صلى الله
عليه وآله ) تبكي وتقول : ( إنَّ الحَسَن والحُسَين ( عليهما
السلام ) خَرَجا ولا أدري أين هُمَا ) .
فقال ( صلى الله
عليه وآله ) : ( طِيبي نفساً ، فَهُمَا في ضَمَان الله حيثُ كانا ) .
فنزل جبرئيل وقال : ( هُما نائمان في حَائط بني النجار متعانقين ، وقد بعث الله مَلَكاً قد بَسَط جناحاً تحتهما وجناحاً فوقهما ) .
فخرج رسولُ الله وأصحابه معه ، فرأوهما ، وحَيَّة كالحلقة حولهما ، فأخذهما رسول الله على منكبيه ، فقالوا : نحملهما عنك ، قال ( صلى الله
عليه وآله ) : ( نَعَم المطية مطيَّتهما ، ونعم الراكبان هُمَا ، وأبوهُما خَيرٌ منهما ) .
الكرامة الرابعة :
روي عن
الإمام الصادق عن آبائه ( عليهم
السلام ) : أنّ
الحسن (
عليه السلام ) قال لأهل بيته : ( إنِّي أموتُ بالسّم كَمَا ماتَ رَسولُ الله ( صلى الله
عليه وآله ) ) .
فقالوا : ومن يفعل ذلك ؟ قال (
عليه السلام ) : ( امْرأتي جُعدَة بنت الأشْعَثْ بن قَيس ، فإنَّ معاوية يَدُسّ إليها ويأمرها بذَلك ) .
قالوا أخرجها من منزلك وباعدها من نفسك ، قال (
عليه السلام ) : ( كَيف أُخرجُها ولم تَفعلْ بعد شَيئاً ، ولو أخرَجتُها مَا قَتَلني غَيرها ، وكانَ لَهَا عُذر عندَ الناس ) .
فما ذهبت الأيّام حتّى بعث إليها معاوية مالاً جسيماً ، وجعل يمنّيها بأن يعطيها مِائة ألف درهم أيضاً ويزوّجها من يزيد ، وحمل إليها شربة سم لتسقيها
الإمام الحسن (
عليه السلام ).
فانصرف (
عليه السلام ) إلى منزله وهو صائم ، فأخرجت له وقت الإفطار - وكان يوماً حاراً - شربة لبن ، وقد ألقت فيها ذلك السم ، فشربها (
عليه السلام ) وقال : ( يَا عَدوَّةَ الله قَتَلتِيني قَتَلكِ اللهُ ، واللهِ لا تُصيبِينَ مِنِّي خَلَفاً ، ولقد غَرَّكِ وسَخَّرَ منكِ ، واللهِ يُخزيكِ ويُخزيه ).
فمكث (
عليه السلام ) يومين ثمّ مضى ، فغدر معاوية بها ولم يفِ لها بما عاهد عليه.