عرض مشاركة واحدة
قديم 2019/06/25, 11:13 PM   #1
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي العصمة /اسئلة واجوبة

العصمة /اسئلة واجوبة


السؤال: حدود العصمة
انا من السنّة ولست شيعي ولكن اريد ان اعرف بعض الامور عن اخواني من هذا المذهب من مصادرهم هم وليس من غيرهم .
ما هي حدود العصمة ؟
الجواب:
.
نحن نعتقد أنّ العصمة هي ملكة تعصم صاحبها من مقارفة المعاصي ، وفي نفس الوقت باعتبار الحجية للحجج سواء كانوا أولياء أم أوصياء لابد أن يكونوا معصومين من الخطأ سواء كان ذلك في تلقّي أحكام الشريعة عن الله تعالى أو في إلقائها الى الناس، أو في تطبيقاتها لان التطبيقات نحو من أنحاء التبليغ ، والكل متفقون على عصمته (ص) في التبليغ، وكما يكون التبليغ بالقول يكون بالتقرير والفعل وعليه لا يخطأ النبي (ص) في فعله أيضاً .



السؤال: الأدلة العقلية على العصمة
ما الدليل العقلي على عصمة الائمة عليهم السلام ؟
الجواب:

إن الأدلة العقلية كثيرة نقتصر على اثني عشر دليلاً :
الأوّل : الإمام يجب أن يكون حافظاً للشّرع فيجب أن يكون معصوماً ليؤمن منه الزّيادة والنّقصان في الشريعة .
الثاني : يجب أن يكون متولّياً لسياسة الرّعية ، فيجب أن يكون معصوماً ليؤمن منه الظّلم والجور والتّعدّي في الحدود والتّعزيرات .
الثالث : الإمام يجب أن يكون معصوماً بعد النّبي لوجوب الحاجة إلى النّبيّ ، فهو في مقام النّبيّ ورتبته ما عدا النّبوة تجب فيه العصمة فتجب في الإمام فما دلّ على عصمة النّبيّ دلّ على عصمة الإمام ؛ لأنّ النّبوّة والإمامة من الله تعالى ، فلا يجوز بعث غير المعصوم في النّبوّة ولانصب غير المعصوم في الإمامة لأنّه قبيح عقلاً وهو لا يفعل قبيحاً .
الرّابع : الإمام يجب أن يكون غير جائز الخطأ وإلاّ لاحتاج إلى مدد ، فيجب أن يكون معصوماً ؛ وإلاّ تسلسل .
الخامس : الإمام يجب أن يكون غير مداهن في الرّعيّة ، وإلاّ وقع الهرج والمرج ، وغير المعصوم يجوز فيه ذلك فتنتفي فائدة نصبه فيجب أن يكون معصوماً .
السّادس : الإمام يجب أن لا يقع منه منكر ، وإلاّ لزم ترك الواجب إن لم ينكر عليه ، وخروجه عن أن يكون إماماً ، بل ومأموماً ، فيجب أن يكون الإمام معصوماً فلا يقع منه منكر .
السّابع : الإمام يجب أن يكون مقتدى به في أقواله وأفعاله على الإطلاق ، فيجب أن يكون معصوماً .
الثّامن : الإمام يجب أن يكون صادقاً على الإطلاق ليحصل الوثوق بأخباره ، فيجب أن يكون معصوماً .
التّاسع : الإمام يجب أن لا يفعل قبيحاً ولا ينحل بواجب ، وإلاّ لارتفع محلّه من القلوب ؛ فيجب أن يكون معصوماً .
العاشر : الإمام يجب طاعته على الإطلاق وغير المعصوم لا يجب طاعته ، فيجب أن يكون الإمام معصوماً ، لقوله : (( يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ... )) (النساء:59).
الحادي عشر : الإمام يجب أن يكون أعلى رتبة في الرّعية ، فيجب أن يكون معصوماً وإلاّ انحط عن رتبة ساير الرّعية عند فعله المعصية لعلمه بموجب الطّاعة والمعصية ، فاقدامه على ترك الطاعة وفعل المعصية مع علمه انحطاط رتبته عند الخلق والمخلوق .
الثّاني عشر : الإمام يجب أن يكون منزّهاً عن جميع الذّنوب والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، لأنّه أقرب إلى الخالق تعالى في الرّعيّة ؛ فيجب أن يكون معصوماً وإلاّ ساوى المأموم والإمام ، والتابع والمتبوع ، والله سبحانه يقول : (( ... هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولو الألباب )) (الزّمر:9) .


تعليق على الجواب (1)

السّادس : الإمام يجب أن لا يقع منه منكر، وإلاّ لزم ترك الواجب إن لم ينكر عليه، وخروجه عن أن يكون إماماً، بل ومأموماً، فيجب أن يكون الإمام معصوماً فلا يقع منه منكر .
لم أفهم (( إن لم ينكر عليه، وخروجه عن أن يكون إماماً، بل ومأموماً )) .
فممكن أن توضحوا لي .. ؟
الجواب:

معنى ذلك: ان فعل الامام منكرا فقد وجب طبقا لمبدا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ان ينكر على الامام ذلك المنكر الذي فعله لان النهي عن المنكر واجب وترك الواجب حرام وبفعل المنكر فقد خرج الامام عن ان يكون اماما لان الامام لا يفعل المنكرات وهو ايضا يخرج عن ان يكون اماما لانك لا تقتدي به حال اتيانه المنكر واما انه لا يكون ماموماً فلأن المأموم هو الذي عليه امام والمفروض انه لا امام عليه. فالامام ليس من شأنه ان يكون مأموماً فظهر انه يجب ان يكون معصوما والأ لزم عن عدم عصمته المحذورات المتقدمة.



السؤال: بعض الأدلة على العصمة

أرجو منكم ان تعطوني أدلة نقلية من كتب السنة على عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام جميعا

الجواب:

عذراً فهذا السؤال غير صحيح, حيث أنه لا يمكن طلب أدلة على كل المذهب أي مذهب بتفاصيله من كتب مخالفيه فهذا أمر غير ممكن وغير صحيح وغير منهجي.
نعم, يمكن طلب الدليل على صحة دين أو مذهب ما من كتب خصومه أو من العقل الذي يشترك فيه البشر جميعاً, فهذا ممكن وصحيح ومنهجي وعلمي.
ولكن طلب الدليل على كل مفردة وكل تفاصيل دين أو مذهب من كتب خصومه ومخالفيه فهو غير مقبول البتة ولا يقبل به عاقل.
ونعرف أن الوهابية هم من يطلبون منك ذلك ولكن لا يمكن النزول إلى كل ما يطلبه الخصوم حتى لو كان طلباً غير عقلائي!
أما بالنسبة للمشتركات فيمكن أن نوضح ذلك وهي مسألة عصمة الأنبياء (عليهم السلام) والنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) على الخصوص فنقول:
1ـ قال تعالى: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِن هُوَ إِلاَّ وَحيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى )) (النجم:3-5).
2ـ وقال تعالى: (( إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغَاوِينَ )) (الحجر:42).
3ـ وقال تعالى على لسان إبليس اللعين: (( وَلأُغوِيَنَّهُم أَجمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنهُمُ المُخلَصِينَ )) (الحجر:39-40).
4ـ قوله تعالى: (( إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ )) (الأنعام:50).
5ـ قال ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري 8/101) في شرح حديث الرزية: وقد تكلم عياض وغيره على هذا الموضوع فأطالوا ولخصه القرطبي تلخيصاً حسناً ثم لخصته من كلامه وحاصله:
أن قوله (هجر) الراجح فيه إثبات همزة الاستفهام وبفتحها على أنه فعل ماض قال: ولبعضهم أهُجر بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين على أنه مفعول بفعل مضمر: أي قال: أهُجراً,والهُجر بالضم ثم السكون الهذيان, والمراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته ووقوع ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله) مستحيل لأنه معصوم في صحته ومرضه, لقوله تعالى: (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى )) (النجم:3). ولقوله (صلى الله عليه وآله): (إني لا أقول في الغضب والرضا إلا حقاً).
6ـ قوله (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن عمرو بن العاصي حينما نهته قريش عن كتابة كل ما يقوله رسول الله (صلى الله عليه وآله), كما ورد في الحديث الذي رواه أحمد في (مسنده 2/ 162 و 192) والدارمي في سننه أيضاً (1/125) وأبو داود كذلك (2/176) والحاكم في مستدركه (1/106) وذكره الشيخ الألباني المحدث السلفي الوهابي في سلسلته الصحيحة (ح 1532):(أكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق) حينما قال ابن عمرو: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا: أتكتب كل شيء ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بشر يتكلم في الغضب والرضى! فأمسكت عن الكتاب فذكرت لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فأومأ بإصبعه إلى فيه فقال: ... الحديث. ثم قال الألباني معلقاً على رأي الحاكم: كذا قال وإنما هو الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث مولى بني الدار حجازي وهو ثقة كما قال ابن معين وابن حبان.
فيجب بعد ثبوت كل هذه النصوص سقوط كل ظهور يخالف هذا النصوص الصحيحة التي توافق وتطابق حكم العقل ولا يمكن قبول أي ظاهر يخالف هذه الحقائق الظاهرة الواضحة التي لا تقبل الشك.
أما بالنسبة لأهل البيت من أصحاب الكساء والأئمة الاثنى عشر(عليه السلام) فيكفيهم بعض ما هو متفق عليه أو ما يروونه هم على الأقل ومنه:
1ـ قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنكُم )) (النساء:59).
وهنا أمر بالطاعة المطلقة وقرن طاعة ولي الأمر بطاعة الله والرسول ولا يمكن الأمر بالطاعة المطلقة لغير المعصوم.
2ـ قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم رَاكِعُونَ )) (المائدة:55).
حيث تخبر الآية تأمر باتخاذ الله ورسوله ووليه أولياء بصورة مطلقة ولا يستقيم مثل هذا الأمر بالولاية المطلقة إلا مع العصمة المطلقة وموافقة الحق المطلق.
3ـ قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33).
والتي ذكر القاصي والداني أنها نزلت في أصحاب الكساء وهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابنته الزهراء وعلي والحسنين (عليهم السلام).
فإذهاب الرجس من الله تعالى وتطهير محمد وأهل بيته تطهيراً يدل على العصمة لهم جميعاً حيث لا يمكن إذهاب الرجس والتطهير الكلي لبعض دون بعض والتمايز بينهم ومع ثبوت إرادة الله تعالى لذلك التطهير وإذهاب الرجس ببيان واحد ولفظ واحد وحالة واحدة وكساء واحد وآية واحدة دون وجود فرق ملحوظ في النص والظرف والحادثة.
4ـ قوله (صلى الله عليه وآله) في علي (عليه السلام): (علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيث دار).
و(علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض).
و(إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما).
و(لا يستقيم أمر الناس حتى يليهم إثنا عشر كلهم من قريش).
و(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ).
وقوله (صلى الله عليه وآله): (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب).
وقوله (صلى الله عليه وآله) : ( من آذى عليّاً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ) و ( من سبّ عليّاً فقد سبّني ومن سبّني فقد سبّ الله عزّ وجلّ ).
وغيرها الكثير كلّها تدلّ أو تشير إلى الحجيّة المطلقة والعصمة عن الخطأ والمعاصي والضلال.
ومن السيرة: ثبوت الحق مع علي (عليه السلام) في جميع مواقفه وإجماع الأمة على أحقيته في كل تصرفاته وخلافاته ومنها حروبه الثلاثة التي أمره رسول الله (صلى الله عليه وآله) بها من قتاله للناكثين والقاسطين والمارقين.
وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي: (إني قاتلت على تنزيله وستقاتل يا علي على تأويله).
وغير ذلك من أدلة على العصمة ومن الشواهد الشيء الكثير ولكن نكتفي بهذا القدر, لأننا كما قلنا غير ملزمين بأخذ عقائدنا وتفاصيل ديننا عمن يخالفنا ولكن ذكرنا ذلك للإلزام وإقامة الحجة ليس إلا.
وللتفصيل في أدلة العصمة, ارجع إلى موقعنا على الإنترنيت وتحت العنوان: (الأسئلة العقائدية/ العصمة).




السؤال: مراتب العصمة
الأنبياء هم صفوة البشر, وهم أكرم الخلق على الله تعالى, اصطفاهم الله تعالى لتبليغ الناس دعوة لا إله إلا الله, وجعلهم الله تعالى الواسطة بينه وبين خلقه في تبليغ الشرائع, وهم مأمورون بالتبليغ عن الله تعالى, قال الله تعالى : (( أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين )) (الأنعام:89).
والأنبياء وظيفتهم التبليغ عن الله تعالى مع كونهم بشرا, ولذلك فهم بالنسبة للأمر المتعلق بالعصمة على حالين :
1- العصمة في تبيلغ الدين .
2- العصمة من الأخطاء البشرية .
أولاً : أما بالنسبة للأمر الأول, فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون في التبليغ عن الله تبارك وتعالى, فلا يكتمون شيئاً مما أوحاه الله إليهم, ولا يزيدون عليه من عند أنفسهم, قال الله تعالى لنبيه محمد (صلى الله عليه) : (( يأيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) (المائدة:67), وقال تعالى : (( ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين )) (الحاقة:44-47).
وقال تعالى : (( وما هو على الغيب بضنين )) (التكوير:24), قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي (رحمه الله) في تفسير هذه الآية (( وما هو على ما أوحاه الله إليه بشحيح, يكتم بعضه, بل هو (صلى الله عليه وسلم) أمين أهل السماء, وأهل الأرض, الذي بلغ رسالات ربه, البلاغ المبين, فلم يشح بشيء منه, عن غني ولا فقير, ولا رئيس ولا مرؤوس, ولا ذكر ولا أنثى, ولا حضري ولا بدوي, ولذلك بعثه الله في أمة أمية جاهلة جهلاء, فلم يمت (صلى الله عليه وسلم) حتى كانوا علماء ربانيين, إليهم الغاية في العلوم ... )) انتهى
فالنبي في تبليغه لدين ربه وشريعته لا يخطأ في شيء البتة لا كبير ولا قليل, بل هو معصوم دائماً من الله تعالى .
قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز (رحمه الله) ( فتاوى ابن باز ج6/371 ):
(( قد أجمع المسلمون قاطبة على أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - ولاسيما محمد (صلى الله عليه وسلم) معصومون من الخطأ فيما يبلغونه عن الله عز وجل, قال تعالى : (( والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى )) (النجم:1-5), فنبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) معصوم في كل ما يبلغ عن الله قولاً وعملاً وتقريراً, هذا لا نزاع فيه بين أهل العلم )) انتهى .
وقد اتفقت الأمة على ‏أن الرسل معصومون في تحمل الرسالة, فلا ينسون شيئا مما أوحاه الله إليهم, إلا شيئا قد ‏نسخ, وقد تكفل الله جل وعلا لرسوله (صلى الله عليه وسلم) أن يقرئه فلا ينسى, إلا شيئاً ‏أراد الله أن ينسيه إياه وتكفل له بأن يجمع له القرآن في صدره . قال تعالى (( سنقرئك فلا ‏تنسى إلا ما شاء الله )) (الأعلى:7), وقال تعالى : (( إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع ‏قرآنه )) (القيامة:17-18).
قال شيخ الإسلام رحمه الله ( مجموع الفتاوى ج18 / 7 ) :
(( فان الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل فلا يكون خبرهم إلا حقاً وهذا معنى النبوة وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبئ الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه )) انتهى .
ثانيا : بالنسبة للأنبياء كأناس يصدر منهم الخطأ, فهو على حالات :
1- عدم الخطأ بصدور الكبائر منهم :
أما كبائر الذنوب فلا تصدر من الأنبياء أبدا وهم معصومون من الكبائر, سواء قبل بعثتهم أم بعدها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( مجموع الفتاوى : ج4 / 319 ) :
(( إن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء الإسلام, وجميع الطوائف ... وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء, بل لم يُنقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول )) انتهى .
2- الأمور التي لا تتعلق بتبيلغ الرسالة والوحي .
وأما صغائر الذنوب فربما تقع منهم أو من بعضهم, ولهذا ذهب أكثر أهل العلم إلى أنهم غير معصومين منها, وإذا وقعت منهم فإنهم لا يُقرون عليها بل ينبههم الله تبارك وتعالى عليها فيبادرون بالتوبة منها .
والدليل على ‏وقوع الصغائر منهم مع عدم إقرارهم عليها :
- قوله تعالى عن آدم : (( وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )) (طه:‏‏121-122), وهذا دليل على وقوع المعصية من آدم (عليه الصلاة والسلام), وعدم إقراره عليها, مع توبته إلى ‏الله منها .‏
- قوله تعالى (( قال هذا من عمل الشيطان إنه عدوٌ مضلٌ مبين* قال رب إني ظلمت ‏نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم )) (القصص:15-16) . فموسى (عليه الصلاة والسلام) اعترف ‏بذنبه وطلب المغفرة من الله بعد قتله القبطي, وقد غفر الله له ذنبه .
- قوله تعالى : (( فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب * فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )) (‏‏ص:23-24), وكانت معصية داود هي التسرع في الحكم قبل أن يسمع من الخصم ‏الثاني .
وهذا نبينا محمد يعاتبه ربه سبحانه وتعالى في أمور ‏ذكرت في القرآن, منها :
- قوله تعالى (( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي ‏مرضات أزواجك والله غفور رحيم )) (التحريم:1), وذلك في القصة المشهورة مع بعض أزواجه.
- كذا عتاب الله تعالى للنبي في أسرى بدر :
فقد روى مسلم في صحيحه ( 4588 ) قال ابن عباس : فلما أسروا الأسارى قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي بكر وعمر : ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال أبو بكر : يا نبي الله ! هم بنو العم والعشيرة, أرى أن تأخذ منهم فدية, فتكون لنا قوة على الكفار, فعسى الله أن يهديهم للإسلام, فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ما ترى يا ابن الخطاب ؟! قال : قلت لا, والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر, ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم, فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه, وتمكني من فلان - نسيبا لعمر - فأضرب عنقه, فإن هء ?لاء أئمة الكفر وصناديدها, فهوي رسول الله ما قال أبو بكر, ولم يهو ما قلت, فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين وهما يبكيان, قلت : يا رسول الله ! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت, وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما, فقال رسول الله (ص): (( أبكي للذي عَرَضَ عليّ أصحابُك من أخذهم الفداء, لقد عُرِض عليّ عذابُهم أدنى من هذه الشجرة )) - شجرة قريبة من نبي الله (ص) وأنزل الله عز وجل : (( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض )) إلى قوله (( فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا )) (الأنفال:67-69), فأحل الله الغنيمة لهم .
الجواب:

تقسم مراتب العصمة إلى ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: المصونية من الذنب ومخالفة الأوامر المولوية.
المرتبة الثانية: المصونية في تلقي الوحي ووعيه وابلاغه إلى الناس .
المرتبة الثالثة: المصونية من الخطأ والاشتباه في تطبيق الشريعة والامور الفردية والاجتماعية.
وانت قسمت العصمة إلى قسمين بدمج الأولى والثالثة ولا مشكله في ذلك ولكن وضحنا ذلك لكي يتضح دليلنا على كل قسم.
المرتبة الأولى:
فأنت قلت أنهم معصومون من الكبائر دون الصغائر ونحن نقول أنهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل البعثة وبعدها وهناك من يجوز ارتكاب الكبائر على الأنبياء كالحشوية بل ان بعضهم يجوز الكفر عليهم كالازارقة من الخوارج ومنهم من يجوز الكبيرة قبل البعثة ولا يجوزها بعدها كبعض المعتزلة ومنهم من لم يجوز الصغائر إذا كانت منفرّة عند بعض المعتزلة.
ونحن نورد والدليل على قولنا وهو:
الدليل الأول: ان ثقه الناس بالانبياء وبالتالي حصول الغرض من بعثتهم إنما هو رهن الاعتقاد لصحة مقالهم وسلامة افعالهم وهذا بدوره فرع كونهم معصومين عن الخلاف والعصيان في السر والعلن من غير فرق بين معصية وأخرى ولا بين فترة من فترات حياتهم واخرى. وذلك لأن المبعوث إليه إذا جوز الكذب على النبي أو جوز المعصية على وجه الاطلاق جوز ذلك أيضاً في امره ونهيه وافعاله التي أمره باتباعه فيها ومع هذا الاحتمال لا ينقاد إلى امتثال اوامره فلا يحصل الغرض من البعثة لانه ـ بحكم عدم عصمته ـ يحتمل ان يكون كاذباً في اوامره ونواهيه وان يتقول على الله ما لم يأمر به. ومع هذا الاحتمال لا يجد المبعوث إليه في قرارة نفسه حافزاً إلى الامتثال.
الدليل الثاني: ان الهدف العام الذي بعث لأجله الأنبياء هو تزكيه الناس وتربيتهم وان التربية عن طريق الوعظ والإرشاد وان كانت مؤثرة إلا أن تأثير التربية بالعمل اشد واعمق وآكد وذلك أن التطابق بين مرحلتي القول والفعل هو العامل الرئيس في إذعان الآخرين بأحقية تعاليم المصلح والمربي ولو كان هناك انفكاك بينهما لانفض الناس من حوله وفقدت دعوته إي اثر في القلوب.
هذان دليلان عقليان أوردناهما لاثبات عصمة الانبياء وما ذكرته انت من قول ابن تيميه لا يعد دليلاً على العصمة لأن العقائد لا تأخذ عندنا من التقليد .
وانما لم نرد دليلاً نقلياً من القرآن والسنة على العصمة من الكذب (وهو احد الذنوب) حذراً من الوقوع في الدور المحال,ذلك ان إثبات العصمة من الكذب يتوقف على صدقهم وصدقهم يتوقف على العصمة واما عدم عصمتهم من الصغائر فغير صحيح وان قول اكثر اهل العلم لا يصحح ذلك لعدم جواز التقليد في العقائد وان الاجماع غير تام مع مخالفة الشيعة في ذلك.
وأما الآيات القرآنية التي ذكرتها فقد اجبنا عليها فارجع إلى الموقع الاسئلة العقائدية: العصمة: 1ـ التوفيق بين ترك الأولى لآدم وتوبته 2ـ الادلة على عصمة الانبياء عليهم السلام.
وارجع كذلك إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله : 1ـ معنى قوله تعالى: (( لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ )) (التحريم:1) 2ـ موقفه من أسرى بدر.
وأما ما توصلت إليه من صدور ذنب من نبي الله داود عليه السلام من خلال استغفاره فإنه غير صحيح, وذلك :
1- ان قضاءه لم يكن قضاء باتاً خاتماً للشكوى بل كان قضاءاً على فرض السؤال وان كان الاولى هو انه إذا سمع الدعوى من احد الخصمين ان يسأل الآخر فاستغفاره كان تداركاً لما صدر منه مما كان الاولى تركه وشكراً وتعظيماً لنعمة التنبه.
2- ان من الممكن ان يكون قضاؤه قبل سماع كلام المدعي عليه لاجل انكشاف الواقع له بطريق من الطرق وان الحق مع المدعي فقضى بلا استماع لكلام المدعي عليه وان استغفاره كان لترك الاولى هو عدم التسرع في اصدار الحكم وترك الاولى لا يعد ذنباً قادحاً بالعصمة.
المرتبة الثانية:
وهي العصمة في التبليغ فانك وافقتنا في ذلك فلا داعي لإطالة الكلام فيها.
المرتبة الثالثة:
وهي العصمة من الخطأ والاشتباه فانت وافقتنا ايضاً في عدم الخطأ ولا النسيان في التبليغ واجزت غير ذلك ولكنا نقول بعصمة الأنبياء من الخطأ والسهو في تطبيق الشريعة في الامور الفردية والاجتماعية فهو لا يسهو في صلاته ولا يخطأ في إجراء الحدود ولا يخطأ في مقدار دينه وغير ذلك .
وقد دلت على ذلك مجموعة من الآيات منها: (( إِنَّا أَنزَلنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُن لِلخَائِنِينَ خَصِيماً )) (النساء:105) ومنها: (( وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ وَرَحمَتُهُ لَهَمَّت طَائِفَةٌ مِنهُم أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُم وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيكَ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً )) (النساء:113).
وهذه الآية القرآنية نزلت في شكوى رفعت إلى النبي صلى الله عليه وآله وكان كل من المتخاصمين يسعى ليبرء نفسه ويلقي التهمة على الآخر فجاءت الآية لتصونه من الضلال وانه لا يصدر في حال قضائه الا عن التعليم الإلهي ولا يتم القضاء بالحق إلا بتميز الصغريات فجاء قوله: (( وَعَلَّمَكَ مَا لَم تَكُن تَعلَمُ )) (النساء:113),فيكون المراد ان النبي صلى الله عليه وآله لأجل عميم فضله سبحانه مصون في مقام القضاء من الخطأ والسهو ولما كان هنا موضع توهم وهو ان رعاية الله لنبيه تختص بمورد دون مورد دفع ذلك التوهم بالفقرة الرابعة وقال: (( وَكَانَ فَضلُ اللَّهِ عَلَيكَ عَظِيماً )) (النساء:113) حتى لا يتوهم اختصاص فضله عليه بواقعه دون اخرى بل مقتضى عظمة الفضل سعة شموله لكل الوقائع والحوادث سواء أكانت من باب المرافعات ام من الامور العادية الشخصية.
ومن الآيات التي دلت على عصمته من الخطأ والاشتباه قوله تعالى: (( وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُم أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيكُم شَهِيداً )) (البقرة:143), فالرسول صلى الله عليه وآله شاهد على العباد وكذلك الانبياء وان الشهادة هنا ليست على صور الاعمال والافعال فانها غير كافيه في القضاء الاخروي بل المشهور عليه هو حقائق اعمال الامة: الإيمان والكفر والنفاق والرياء والاخلاص ومن المعلوم ان هذه المشهودات لا يمكن تشخيصها والشهادة عليها عن طريق الحواس الخمس لأنها لا يمكنها ان تستكشف حقائق الأعمال وما يستبطنه الإنسان فيجب أن يكون الأنبياء مجهزين بحس خاص يقدرون معه على الشهادة على ما لا يدرك بالبصر ولا بسائر الحواس وهذا هو الذي نسميه بحبل العصمة وكل ذلك بأمر من الله سبحانه وإذنه والمجهز بهذا الحس لا يخطئ ولا يسهو.
وان شئت قلت: ان الشهادة هنا لو كانت خاطئة للزم عقاب المطيع أو إثابة المجرم وهو قبيح لا سيما الاول فيجب ان تكون شهادة الشاهد مصونة عن الخطأ والاشتباه حتى تكون منزهة عما يترتب عليها من القبيح,وللمزيد راجع الإلهيات ج3 ص155 ـ 211
وكذلك اعتراف إبليس بأنّه لا يمكنه أن يغوي العباد المخلَصين: (( قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) (الحجر:39-40).
والمخلـَصين هم من اختارهم الله من الانبياء والأوصياء, قال تعالى: (( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون )) (القصص:68).



السؤال: هل مفهوم العصمة متواطئ أم مشكك
هل ان العصمة متواطئ أم مشككه؟ باعتبار ان عصمة الأنبياء والأئمة (ع) تختلف فيما بينهما.
الجواب:

لا اختلاف في عصمة الأنبياء والأئمة، إذ أن من عقائد الامامية أن الأنبياء جميعاً من آدمهم إلى خاتمهم وكذلك الأئمة من أولهم إلى قائمهم معصومون من جميع الذنوب والمعاصي والرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن، من أول حياتهم إلى حين وفاتهم عمداً وسهواً، كما يجب ان يكونوا معصومين من الخطأ والنسيان، والتنزه عما ينافي المروة ويدعو إلى الاستهجان.
والدليل على وجوب العصمة انه لو جاز أن يفعل النبي المعصية أو الخطأ وينسى، وصدر منه شيء من هذا القبيل، فإما أن يجب إتّباعه في فعله الصادر منه خطأ أو نسياناً أو لا يجب، فإن وجب إتّباعه فقد جوّزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالى، بل أوجبنا ذلك! وهذا باطل بضرورة الدين والعقل، وإن لم يجب إتّباعه فذلك ينافي النبوة التي لابد أن تقترن بوجوب الطاعة أبدا،ً والإمام في ذلك كالنبي ، لأنه الحافظ للشريعة، المبيّن لها، والقائم عليها.
وما ذكرناه هنا صرّح به أعلام الطائفة كالشيخ المفيد والشريف المرتضى وغيرهم... فالعصمة حسب ما تقدم متواطئة بالحد الأدنى، وهو عدم الأتيان بالذنوب صغيرة كانت أو كبيرة خطأ أو نسياناً ، وليست مشككة أو متفاوتة، وهذا تمام الدليل بالنسبة للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) على حد سواء، ويمكن تسميته (البيان الفقهي للعصمة)...
نعم، هي متفاوته أو مشككة في نفس مقام الفعل من حيث كمالاته، بل في نفس التروكات والأفعال، وان كانت مباحة، إلا أن لها دلالة على مقامات كمالية في نفس المعصومين هي غير المعنى الأول أو الحد الأدنى الذي تكلمنا عنه... والله العالم.



السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) في الكتاب والسنة (1)
ما الأدلة على عصمة أهل البيت (عليهم السلام) . من كتب أهل السنة الذين يقولون بعدم عصمتهم.
والحمد لله رب العالمين وصلى على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين .
الجواب:

من الادلة على عصمتهم ( عليهم السلام ) من القرآن الكريم كثيرة نذكر أهمها :(1) قوله تعالى : (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (الاحزاب:33). هذه الآية نزلت في أصحاب الكساء وهم : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ وعلى هذا تواترت روايات كثيرة من السنة والشيعة، واذا أردت الوقوف على ما ندّعيه فعليك بمراجعة كتاب (البرهان في تفسير القرآن 3 / 209). وممن ذكر نزول هذه الآية المباركة في أهل البيت (عليهم السلام) من أهل السنة :
1 ـ الطبري / جامع البيان 22 / 6 .
2 ـ الحاكم الحسكاني / شواهد التنزيل 2 / 36 .
3 ـ ابن كثير / تفسير القرآن العظيم 3 / 458 .
4 ـ الحمويني / فرائد السمطين 1 / 376 .
5 ـ ابن حجر / الصواعق المحرقة ص80 .
6 ـ البلاذري / انساب الاشراف 2 / 104 .
7 ـ السيوطي / الدر المنثور 5 / 198 .
8 ـ الحاكم النيسابوري / المستدرك على الصحيحين 2 / 416 .
9 ـ ابن عساكر / تاريخ مدينة دمشق 1 / 250 .
وغيرهم من علماء السنة .
وهذه الآية صريحة في عصمة أصحاب الكساء، بدليل إذهاب الرجس عنهم والتطهير لهم على الاطلاق.(2) قوله تعالى : (( فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين )) (آل عمران:61). وهذه الآية الشريفة نزلت في حق النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ بإجماع علماء الفريقين ، لاحظ :
1 ـ البرهان في تفسير القرآن 1 / 286 .
2 ـ النيسابوري في صحيحه 7 / 120 .
3 ـ الطبري / جامع البيان 3 / 192 .
4 ـ مسند أحمد 1 / 185 .
5 ـ الجصّاص / أحكام القرآن 2 / 16 .
6 ـ الاصبهاني / دلائل النبوة ص297 .
7 ـ الواحدي النيسابوري / اسباب النزول ص74 .
8 ـ الزمخشري / الكشّاف 1 / 193 .
9 ـ الرازي / التفسير الكبير 8 / 85 .
10 ـ ابن أثير / افسد الغابة 4 / 25 .
وآخرون من العلماء .
حيت جعلت علياً (عليه السلام) نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والرسول معصوم بالاتفاق، اذن علي كذلك.(3) قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم… )) (النساء:59). والمرا د من أولي الامر في الآية الشريفة هم الائمة الإثنا عشر من آل محمد ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ للروايات الكثيرة المروية عن ائمة أهل البيت (عليهم السلام) والمذكورة في عدة كتب منها كتاب : ( البرهان في تفسير القرآن 1 / 381). وهذه الاية دلت على عصمة اولي الامر ، بدليل ان طاعتهم مقرونة بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله (ص) والطاعة لا تكون إلا لذوي العصمة والطهارة . وقد ذكر جمهرة من علماء أهل السنة نزول هذه الآية المباركة في شأن الامام علي (ع) وان المقصود من أولي الامر هو علي بن أبي طالب (ع) ، منهم :
1 ـ الحسكاني / شواهد التنزيل 1 / 149 .
2 ـ أبي حيّان الاندلسي / تفسير البحر المحيط 3 / 278 .
3 ـ الكشفي الترمذي / مناقب المرتضوية / 56 .
4 ـ القندوزي / ينابيع المودة : 116 . وأما الآيات الاخرى الدالة على عصمتهم فنذكر لك أرقامها، وللوقوف على الحقيقة والواقع راجع كتاب (عمدة النظر) للسيد هاشم البحراني وكتب التفاسير الشيعيّة :
4 ـ التوبة 119 .
5 ـ المائدة 55 .
6 ـ الرعد 43 .
7 ـ النساء 41 .
8 ـ الحج 77 ـ 78 .
9 ـ النحل 43 .
10 ـ الانبياء 73 .
11 ـ السجدة 24 .
12 ـ النور 55 . وأما الادلة الدالة على عصمتهم (عليهم السلام) من السنة الشريفة، فكثيرة جداً نذكر بعضها:
(1) قال عبد الله بن عباس : سمعت رسول الله (ص) يقول : ( أهل بيتي أمان لاهل الارض ، كما ان النجوم أمان لاهل السماء ، قيل : يا رسول الله الائمة بعدك من أهل بيتك ؟ قال : نعم الائمة بعدي اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين ، امناء معصومون ، ومنّا مهدي هذه الامة ، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمي ، ما بال اقوام يؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي ) . (الحمويني/ فرائد السمطين 2 / 133 الرقم 430) .(2) قال جابر بن عبد الله الانصاري : كان رسول الله (ص) في الشكاة التي قبض فيها ، فإذا فاطمة (عليها السلام) عند رأسه ، فبكت حتى ارتفع صوتها ، فرفع رسول الله طرفه اليها فقال : حبيبتي فاطمة ، ما الذي يبكيك ؟ قالت : أخشى الضيعة من بعدك ، قال : يا حبيبتي لا تبكين ، فنحن أهل بيت اعطانا الله سبع خصال لم يعطها أحداً قبلنا ولا يعطيها أحداً بعدنا : أنا خاتم النبيين ، …… ، ومنّا سبطا هذه الامة ، وهما ابناك الحسن والحسين ، وسوف يخرج الله من صلب الحسين تسعة من الائمة أمناء معصومون ، ومنّا مهدي هذه الامة ..
روى هذا الحديث من علماء السنة :
1 ـ ابن عساكر / تاريخ دمشق 1 / 239 ح303 .
2 ـ الحمويني / فرائد السمطين 2 / 84 .
3 ـ الطبراني / المعجم الكبير ص135 .
4 ـ الطبري / ذخائر العقبى ص135 .
5 ـ البدخشي / مفتاح النجا ص263 .(3) حديث الثقلين ، فقد ورد عن رسول الله (ص) متواتراً قوله : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما ان تمسكتم بهما وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ). رواه وأخرجه أكثر من ( 180 ) عالم سني منهم :
1 ـ صحيح مسلم 2 / 238 .
2 ـ مسند أحمد 5 / 181 ، 3 / 26 .
3 ـ صحيح الترمذي 2 / 220 .
4 ـ الطبقات الكبرى 1 / 194 .
5 ـ المعجم الصغير 1 / 131 .
6 ـ سنن الدارمي 2 / 431 .
7 ـ كنز العمال 15 / 122 .
8 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 109 .
دلّ هذا الحديث على عصمة أهل البيت (ع) لانهم عدل القران ، وبما أن القران محفوظ من الزلل ومعصوم من الخطأ لانه من عند الله تعالى فكذلك ما قرن به وهم عترة محمّد (ص) وإلاّ لما صحت المقارنة .
نكتفي بهذا المقدار من الاحاديث للاختصار ، وعليكم بمراجعة كتاب ( عمدة النظر ) للبحراني حيث ذكر (45) حديثا على عصمتهم (عليهم السلام) كما ذكر اثنا عشر دليلا عقليا على عصمتهم (عليهم السلام) .




السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) في الكتاب والسنة (2)
مسألة العصمة من اختراعات الشيعة بعد زمان علي عليه السلام
الجواب:

مسألة العصمة واشتراطها في الأئمة (ع) قد أوضحتها بإسهاب كتب الكلام والعقائد, فأوجبتها الشيعة الإمامية مستندين إلى أدلة عقلية ونقلية نكتفي بذكر دليل عقلي وآخر نقلي رعاية للمقام:
الدليل العقلي: إن الإمامة إنما وجبت للقيام بشطر من وظائف النبوة فهي امتداد لمقامها واستمرارية لحكومتها, فإذا كان الإمام هو القائم بحفظ الشريعة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو المسؤول عن إقامة السنّة فحاله كحال النبيّ في اشتراط العصمة, وإلاّ فيكف يؤتمن مَن كان فاقداً لها على إقامة الشرائع وحفظ السنن وهو غير مأمون من ارتكاب الخطأ والزيغ عن الطريق, ومتى كان كذلك كان محتاجاً في نفسه إلى إمام آخر يسدّده ويهديه، والثاني كذلك إذا لم يكن معصوماً احتاج إلى من يقومّه ويعلّمه وهكذا حتى ينتهي الأمر إلى إمام معصوم - فذلك هو الإمام الذي تجب طاعته - وإلاّ بقي التسلسل بحاله وهو باطلٌ, لذلك اشترط في الإمام - العصمة - في نفسه حتى لا يرتكب القبيح ولا يخالف الشريعة في حفظه لها علماً وعملاً.
الدليل النقلي: قوله تعالى: ((إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين))[البقرة:124] فهذه الآية دلت بوضوح أن الإمامة عهدٌ من الله وبجعل منه, وانها لا ينالها من كان ظالماً, ومعلوم أن غير المعصوم من ارتكاب الخطأ والزلل هو ظالم إما لنفسه أو لغيره, وهو عاص بادعائه ما ليس له لأن كل عاص ظالم لقوله تعالى: ((ومن يتعدّ حدود الله فاولئك هم الظالمون))[لبقرة:229].
وقد روى السيوطي في تفسير الآية المذكورة نقلاً عن ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ((معناها انه كائن لا ينال عهده مَن هو في رتبة ظالم ولا ينبغي أن يولّيه شيئاً من أمره)) ، كما روى عن وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد - وهؤلاء من أعاظم المحدّثين والحفّاظ وهم من غير الشيعة - قال: ((المعنى لا أجعل إماماً ظالماً يقتدى به)).
إذن فمن لم يكن معصوماً فلا تجوز إمامته لأنه إما ظالم لنفسه أو ظالم لغيره لجواز ارتكابه الصغائر أو الكبائر, أما المعصوم فلا يرتكب شيئاً من ذلك.
ولما كانت العصمة من الامور الخفية, لأنها ملكة تقضي عدم مخالفة التكاليف اللزومية عمداً أو خطأً مع القدرة على الخلاف, لذلك كان تعيين الإمام بجعل من الله تعالى لأن الإمامة عهده كما في الآية السابقة, فليس للناس أن يختاروا من شاؤا ((وربّك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة))[القصص:68] .



السؤال: عصمة الأربعة عشر ثابتة بأدلة خاصة
قال الشيخ المفيد في كتاب (أوائل المقالات) باب (القول في عصمة الأئمة): إن الأئمة القائمين مقام الأنبياء في تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود وحفظ الشرائع وتأتديب ألانام معصومون كعصمة الأنبياء ولا تجوز عليهم كبيرة ولا صغيرة.. ولا سهو في شيء من الدين ولا ينسون شيئاً من ألاحكام.
ويقول الشيخ المظفر: ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصوماً من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمداً وسهواً كما يجب أن يكون معصوماً من السهو والخطأ والنسيان لأن الأئمة حفظة الشرع والقوامون عليه حالهم في ذلك حال النبي (صلى الله عليه وآله).
طيب لو توصلنا إلى عدم تحقق العصمة بمفهومها الشيعي في الأنبياء فهل يكفي ذلك لإبطال عصمة الأئمة خاصة وان دواعي وجوب العصمة في الأثنين واحدة؟
الجواب:

إن الادلة العامة التي تثبت العصمة للانبياء والأئمة على حد سواء هي أدلة عقلية ثابتة ومسلمة وعليه، فلا ترد على العصمة نقوض من باب الموارد والامثلة، بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء أدلة العصمة فانه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي.
وإذا أمكن الاتيان بدليل قاطع يعارض تلك الأدلة ويسقطها عن الاعتبار فان عصمة الانبياء والأئمة (عليهم السلام) سوف تبطل لو كانت العصمة مستندة الى ذلك الدليل فقط, أما إذا كان هناك أكثر من دليل غير معارض فتبقى العصمة باقية بتلك الأدلة. ولو سلمنا بإمكان القدح بكل الأدلة التي تثبت العصمة للانبياء (عليهم السلام) فانه تبقى عصمة الأئمة (عليهم السلام) ونبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وابنته فاطمة (عليها السلام) ثابتة، لأن هناك أدلة خاصة تثبت العصمة لخصوص الائمة (عليهم السلام).



السؤال: عصمة الأئمة (عليهم السلام) مطلقة

ماهو الدليل على عصمة الائمة عليهم السلام في غير ما يرتبط بالشريعة
الجواب:

هنالك عدة أدلة لبيان عصمتهم بشكل عام غير مختصة بالعصمة في التشريع. ونكتفي ببيان بعضها:
من القرآن الكريم:
(1) قال تعالى: (( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )) (الأحزاب:33).
إن تحلية الرجس بـ(ال) دليل على الشمولية والعموم كما قرر في محله من علم اللغة سواء أريد منها الاستغراق أو الجنس، ولا يمكن جعلها عهدية لعدم تقدم ذكر أو إشارة إلى الرجس حتى تكون عهدية. وهذه الشمولية تعني نفي الرجس عن هؤلاء البررة نفياً عاماً شاملاً لجميع مستويات الرجس سواء على مستوى الاعتقاد، أم الأعمال، أم الأخلاق والسلوك، أم التعلق بغير الله . فكل رجس وكل قذارة قد أذهبها الله تعالى عنهم . وأثبت مكانها الطهارة المؤكدة.
(2) قال تعالى: (( وإذ ابتلى إبراهيم ربّه بكلمات فأتمهنّ قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين )) (البقرة:124) . حيث تفيد هذه الآية المباركة إن كل ظلم ـ وبجميع أقسامه ـ ممنوع عن منصب الإمامة . والمعروف في اللغة ان الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه . وتكون النتيجة ممنوعية كل فرد من أفراد الظلمة عن الارتقاء لمنصب الإمامة سواء كان ظالما في فترة من عمره ثم تاب أو لا .
من السنة النبوية :
ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متواترا قوله : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما وانهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ). وبما أن القرآن الكريم محفوظ من الزلل والخطأ لأنه من عند الله تعالى فكذلك ما قرن به وهم عترة محمد (صلى الله عليه وآله) وسلم . وإلا لما صحت المقارنة . وحاشا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول شيئا من عنده (( إن هو إلا وحي يوحى )) (النجم:4).


تعليق على الجواب (1)
ان آل البيت والصحابة جميعهم دفنوا في مقابر واحدة وهي البقيع و لايجوز دفن المسلم مع الكافر صح؟
السؤال هو هل علم اهل البيت بكفر الصحابة؟
اذا كانت الاجابة بنعم فقد خرقتم عصمة آل البيت لانهم خالفو امر الله و اذا كانت الاجابة لا كيف علمتم امر لم يعلمه اهل البيت؟!
الجواب:

1- نحن لا نقول بكفر الصحابة بل نقول باسلامهم الظاهري فكل من يتشهد الشهادتين يحكم عليه بالاسلام وبالتالي يدفن في مقابر المسلمين .
2- على فرض كفر بعض الصحابة فلا شك ان الائمة يعلمون بذلك ولكن ليس هم من امر بدفن هؤلاء الكفار في البقيع بل كان ذلك رغما عن ارادتهم فالبقيع ليس ملكا للائمة حتى يتحكموا فيه بدفن هذا او عدم دفن ذاك .
3- لما حكم المسلمون على عثمان بالكفر لم يسمحوا بدفنه في مقبرة المسلمين وهي البقيع بل دفن في حش كوكب وهي مقبرة اليهود فالامر اذن يعود للمسلمين فهم الذين يجيزون لهذا بالدفن وللكفار بعدم الدفن ولايستطيع الائمة عليهم السلام ان يعملوا بعلمهم دون ان يقبل المسلمون بذلك .



السؤال: عصمة الائمة (عليهم السلام) ليست جبرية
هناك من يقول ان عصمة الانبياء جبرية وذلك لعلمهم بخفايا الامور وحقيقة الاشياء مثلا: قول الامام: (والله لا اراه الا قيحا) وذلك اشارة الى طعام ما، فهو بناء على علمه يكون مجبر على عدم الاكل مثلاً.
ما مدى صحة هذه المقولة ؟
الجواب:
.
ان كان المراد من الجبر ان الائمة (عليهم السلام) لعلمهم بحقائق الاشياء فهم غير قادرين على ارتكاب المعصية والخطأ ، فمن الواضح ان العلم بحقيقة الشيء لا يستلزم عدم القدرة على المخالفة ، والعلم بحقيقة الشيء لا يسلب من الانسان اختياره ، ولا منافاة بين ان يكون الانسان عالماً بحقيقة شيء وان يرتكب ذلك الشيء ، الا ان أئمتنا (عليهم السلام) كانوا عالمين بحقائق الاشياء ، ومع ذلك كانوا يجتنبون ولا يرتكبون المعاصي والخطايا ولا يصدر عنهم السهو ولا النسيان عن اختيار .


تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب

يذهب البعض بتشبيه الأئمة عليهم السلام بحواري محمد (ص) مثل حواري عيسى (ع) مع أن المراجع التاريخية تأكد بأن عيسى قد أبدل إحدى حوارييه وهو يهوذا فكيف يمكن أن يحدث الخطىء من قبل هؤلاء.
الجواب:

لم يكن النقل التاريخي عن حواريي عيسى صحيحاً وما نقوله عن الحواريين انهم كانوا مخلصين في انفسهم ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير كما ورد ذلك عن الرضا (عليه السلام) وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه سأل عن حواري عيسى فقال: كانوا من صفوته وخيرته وكانوا اثني عشر مجردين مكنسين في نصرة الله ورسوله لازهو فيهم ولا ضعف ولا شك كانوا ينصرونه على بصيرة ونفاد وجد وعناء.
ثم إن الأئمة (عليهم السلام) ليسوا بحواريين مخلصين لنبي الله بل أعلى مرتبة فهم أوصياء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) اصطفاهم الله



السؤال: عصمة الإمام ليست جبرية

هل عصمة الإمام ذاتية ام من الله؟
وهل الاية الكريمة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ....) تدل على ان العصمة من الله حيث ان جميع العلماء يستدلون بالآية على العصمة.
الجواب:

ما نفهمه من سؤالك: تريد السؤال عن منشأ العصمة هل هي من الله تعالى؟ أي أنها تكوينية فيتبادر الى الذهن لزوم الجبر وعدم فضل الإمام (عليه السلام) في شيء فلا يستحق الثناء أو الثواب عليها. أم إنها ذاتية أي هي إلتزام من الإمام بأوامر الله تعالى التشريعية فهي إذن باختيار الإمام ويستحق عليها الثناء والثواب.
ولكن استدلالنا بآية التطهير على أنها إرادة تكوينية من الله سبحانه يلزم منها عندك إشكال الجبر والاضطرار. فنقول:
عَرَّف علماؤنا العصمة: بأنها لطف يفعله الله بالمكلف بحيث يمتنع منه وقوع المعصية وترك الطاعة مع قدرته عليهما. قال تعالى: ((وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً)) (النساء:113).
فهذا اللطف والفضل والرحمة هو نحوٌ من العلم اليقيني الذي إطلعوا من خلاله على عالم الملكوت والغيب فهو علم شهودي حضوري لا حصولي كعلومنا والفرق بين العلمين بأن هنالك فرقاً بين أن تعلم بأن النار محرقة وبين ان تحس بالاحراق وتحترق مثلاً، وكذلك هناك فرق بين أن تعلم شيئاً عن الجنة وبين دخولك فيها ولذلك يؤثر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: (والله لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً)، وهذا العلم اليقيني ثابت للإمام وهو العصمة، قال تعالى: ((وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)) (الأنعام:75)، وقال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة:24).
والذي يصل من حيث العلم إلى مقام اليقين فهو يصل يقيناً من حيث العمل الى مقام الصبر، ومن ثَمَّ لن يكون هناك إنفكاك بين هذا السنخ من العلم والعمل، هذا هو جوهر العصمة مختصراً .
وأما الاستحالة ذاتية ووقوعية: فامتناع وقوع المعصية واستحالتها ليست ذاتية للإمام نتيجة عصمته المفاضة من الله (أي أن ذاته لا تقع منها المعصية) حتى يلزم منها الجبر والاضطرار فلا تكون باختيار الإمام وجهده فلا يستحق عليها الثناء والثواب، وإنما يكون إمتناع وقوع المعصية من الإمام (مع علمه اليقيني) بنحو ما نعبّر عنه بالاستحالة الوقوعية أي أنه لا يمكن أن يصدر عنه ذلك مع قدرته عليه، كما أثبت سبحانه ذلك في حق الانبياء (عليهم السلام) بقوله للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): ((وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) (الزمر:65).
وهذا الخطاب للأنبياء يدل على إمكان صدور الشرك منهم (عليهم السلام) ذاتاً وعقلاً لكونهم فاعلين مختارين، وإنما الواقع يقول بأن أحداً من الانبياء (عليهم السلام) لم ولن يرتكب شركاً قط لعلمه اليقيني بالله الواحد الاحد، ومعرفته الحضورية به تعالى وبحقائق الاعمال الحسنة والسيئة وحقيقة التوحيد والشرك فلا يتخلف حينئذ عملهم عن علمهم مع إختيارهم الكامل وعدم جبرهم او اضطرارهم لتركه وإلا لما نهاهم تعالى عن الشرك المجبرين على تركه فإنه لا معنى للنهي عما لا يُستطاع فعله أصلاً.
فالانسان المعصوم إنما ينصرف عن المعصية بنفسه ومن اختياره وإرادته، ونسبة الصرف إلى عصمته تعالى كنسبة إنصراف غير المعصوم عن المعصية إلى توفيقه تعالى، فتنبه



السؤال: الجبر والاختيار في العصمة
هل الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مجبرين في عصمتهم أم وارد احتمال الخطأ منهم وهم يمتنعون لسموّ أرواحهم الطاهرة ؟
الجواب:

العصمة تارة تكون من الذنب , فهي باختيار المعصوم , يتجنبها المعصوم بإرادته , ويكون الذنب أمام المعصوم واجتنابه عنه , كما ينظر أحدنا للعذرة ويتجنب عن أكلها , مع قدرته على أكلها .
وتارة تكون عن السهو والنسيان , فانها جبرية , متعلّقة بعلم الله بأن هؤلاء سيكونون من أفضل البشر , فاصطفاهم وطهرهم تطهيراً .



السؤال: عصمة النبي بالإرادة وليس بالجبر
(( لَا تحَرّك به لسَانَكَ لتَعجَلَ به )) هذه الاية توحي بان النبي ليس بمعصوم وانما الذي يعصمه هو وحي الله تعالى من السماء فما قولكم فيها
ولكم الشكر؟؟؟
الجواب:

هذه الآية الكريمة كأختها: (( وَلا تَعجَل بالقرآن من قَبل أَن يقضَى إلَيكَ وَحيه وَقل رَبّ زدني علماً )) (طـه:114), بالضبط فهما يحكيان حال النبي (ص) في كيفية تلقيه للوحي وتعامله معه وما صاحب ذلك من حرصه الشديد على تعجل تلقي الوحي وحبه له وشوقه إليه لانه خير يحب أن يضبطه ليعمل به ومن ثم يبلغه للناس لأنه (ص) كان حريصاً على الخير له وللجميع، وأكثر علمائناً قالوا على أن فعل النبي (ص) كان عن علم ومعرفة لأنه (ص) قد نزل عليه القرآن الكريم دفعة واحدة في ليلة القدر أو في ليلة مباركة ثم نزل القرآن الكريم على دفعات بحسب الحاجة والوقائع، فكان النبي (ص) يتذكر النزول الأول عند النزول الثاني فيتسابق مع الوحي ويبادر لترديده معه أو قبله ليستذكر ويحفظ أسرع وأتقن لسبق علمه بما يوحى إليه في الجملة، فنهي (ص) عن تلك المبادرة وأمره تعالى بالتأني والتروي ولا شيء عليه إن تأخرّ وأنصت واستمع ثم قرأه وتلاه (ص) وتعهّد له تعالى بأن يحفظه إيّاه (( سَنقرئكَ فلا تَنسَى )) (الأعلى:6) حتى مع عدم الإسراع بالتلقي.
وهذا لا محذور فيه ولا نقص ولا إشارة لعدم عصمته (ص) أبداً وقد قال (ص): (أدبني ربي فأحسن تأديبي)، فقد كان الله تعالى يربيه ويؤدبه بأحسن الأخلاق والتصرفات وأحكم وأكمل وأمثل صورة، فلماذا نصر نحن المسلمون على سوء الظن برسول الله (ص) وشخصيته العظيمة ونحاول ازدرائها من هنا وهناك، ونغفل وننسى أو نتناسى ما قاله تعالى فيه وما امتدحه سبحانه به حيث قال تعالى: (( وَإنَّكَ لَعَلَى خلق عَظيم )) (القلم:4) ,وقال عز من قائل: (( وَمَا يَنطق عَن الهَوَى * إن هوَ إلَّا وَحيٌ يوحَى * عَلَّمَه شَديد القوَى * ذو مرَّة فاستَوَى ))[النجم:3 ـ 6].
ويشهد لهذا المعنى ـ وأن النبي (ص) معصوم وبإرادته لا بالجبر والوحي فقط دون اختيار وإرادة وجدارة ذاتية مع تأييد إلهي ولطف وتسديد بالوحي وغيره ـ وهو كونه (ص) كان يراجع ويعرض تلاوته وما حفظه من القرآن على جبريل في كل عام مرة وفي آخر عام له (ص) راجعه معه مرتان!!
وهذه الآية تشبه قوله تعالى: (( يَا أَيّهَا الرَّسول بَلّغ مَا أنزلَ إلَيكَ من رَبّكَ وَإن لَم تَفعَل فمَا بَلَّغتَ رسَالَتَه وَاللَّه يَعصمكَ منَ النَّاس )) (المائدة: من الآية67), لأنها تأمر النبي (ص) بالتبليغ وعدم خوف الناس وتعهد الله تعالى بحفظه منهم مع أن النبي(ص) لم يقصّر في الدعوة لحظة واحدة ولم يتوقف عنها أبداً ، وبالتالي فهذه الآيات مربية ومادحة لإطاعته وقادحة فلا تتصادم مع العصمة بل تؤكدها, هدانا الله وإيّاكم إلى سواء السبيل.



السؤال: العصمة لا تعني الجبر على الفعل
هل يخلق المعصوم معصوما من الخطا بمعنى ان تكوينه وخلقه لا يدعانه يرتكب الذنوب الا يتعارض هذا مع الجبر والتفويض ومع الثواب والعقاب
الجواب:

العصمة لا تعني الجبر على الفعل, وإنما هي تعني قوة العقل بحيث لا يغلب, وهي لا تتنافى مع التكليف والثواب والعقاب, فالمعصوم حاله كحال الناس في التعامل مع الشهوات والحالات الإنسانية من الانفعال والغضب وما شابه ذلك إلا أن الفرق بيننا نحن - أي غير المعصومين - والمعصوم ان الوضوح الذي يراه بقبح الأشياء المحرمة والمكروهة أكثر مما نراه نحن, وهذا الوضوح هو الذي يدفعه إلى عدم ارتكاب الحرام أو فعل المكروه .. وهذا ليس من الجبر بمكان بل هو زيادة ألطاف للقوى العقلية والروحية للمعصوم مع وجود الحالة الشهوية وبقية القوى الأخرى من الغضبية وغيرها عنده.



السؤال: الفرق بين اختيار المعصوم بالامكان الذاتي وحتمية العصمة بالامكان الوقوعي

ارجو منكم توضيح الفارق : بين اختيار المعصوم بالإمكان الذاتي وحتمية العصمة بالإمكان الوقوعي .
وببيان آخر: أن المعصوم في ذاتة يمكن أن يصدر منه الخطأ , فعدم ارتكابه للمعصية هو عن اختيار, وذلك يرجع لانكشاف الواقع له كما هو, أما بالإمكان الوقوعي فهو لا يمكن أن يعصي , وذلك للزوم المحال في صدور المعصية منه خارجا .
أرجو من سماحتكم بيان وجه المحالية بالشرح والتوضيح مع ضرب الأمثلة ، وهل يلزم من القول بمحالية وقوع المعصية منه خارجا على نحو الإمكان الوقوعي كون الإمام مجبورا وغير قادر على فعل المعصية خارجا ؟
هذا هو سؤالي , أرجو التوضيح التام للمسألة يخرج منه اللبس والإيهام .

الجواب:

نعم , العصمة هي مناعة وصيانة عن الوقوع في الخطأ والمعصية , ولكن ليست هذه الحصانة تنفي قدرة واختيار المعصوم (ع) , بل صدور الخطأ ممكن منه (ع) من حيث الفرض , ولكن لا يقع عملاً , وهذا ما يسمى بالامكان الوقوعي , أي أن الزلل ممكن منه (ع) وقوعاً ـ وليس ممتنع ذاتاً ـ ولكن لا يرتكب المعصية , وذلك وفقاً لأدلة العصمة .
والمقصود من الاستحالة في المقام هي الاستحالة الوقوعية لا الذاتية , وهذه الاستحالة الوقوعية هي نتيجة الاعتماد على أدلة العصمة .
فالترتيب المنطقي للموضوع هكذا : إن صدور السلبيات من المعصوم (ع) ممكن نظرياً بالامكان الوقوعي , ولكن نظراً الى أدلة العصمة نلتزم باستحالة ذلك بالاستحالة الوقوعية .
فترى أن هذه الاستحالة لا تفرض حالة جبرية على المعصوم (ع) , بل هي نتيجة الأخذ بأدلة العصمة .
وإن شئت عبّرت عن الموضوع بأن المعصوم (ع) لا يصدر منه الخطأ والمعصية في الخارج , وإن كان صدورها منه (ع) ممكن الوقوع عقلاً .



السؤال: العصمة المكتسبة

لدينا عدة أسئلة نرجو الإجابة عليها لو سمحتم :
1- فهمنا من بعض أسئلة الموقع " هنا " أن الشخص إذا لم يذنب طيلة حياته فقد وصل لمقام العصمة الاكتسابية , فهلا ذكرتم الأدلة العقلية والنقلية على ذلك .
2- البعض من الشيعة يقول : إن مقام العصمة الاكتسابية أو النسبية لانستطيع إطلاقها على أحد من المراجع أو العلماء إلا بتوافر معايير ثلاثة وهي :
أ- شهادة المعصوم عصمة جعلية كما شهد المعصوم عصمة جعلية للعباس بن علي عليه السلام .
ب-تحمل المسؤولية في حفظ الشريعة .
ج-السيرة الكريمة والخالصة .
وهؤلاء الناس يريدون القول أن لاعصمة صغرى لأحد من المراجع الأتقياء إلا بتوافر هذه المعايير الثلاثة علمًا أننا نعيش في زمن الغيبة فكيف نقول عن مرجع أو عالم أو فقيه أن لديهم عصمة صغرى ولم يحظوا بشهادة من المعصوم عصمة جعلية ؟
3- يقول هؤلاء الناس كذلك أن هذه المعايير متفق عليها عند أغلب فقهاء الشيعة والعلماء فهل هذا صحيح ؟

الجواب:

إن اطلاق تسميه العصمة الاكتسابية او الثبوتية او النسبية او الالتزامية بمعنى الالتزام بأوامر الشريعة ما هو الا اصطلاح يفسر بحسب مراد واضع الاصطلاح فالبعض سمن من لم يقترف الذنوب والتزم بجميع الاوامر الألهيه والاحكام الشرعية بالعصمة الألتزامية والبعض سمى من لم يفارق طريق العدل والطاعه وعدم السلوك في طريق القبيح والمعصيه بالعصمه الثبوتية وهكذا في بقيه الاصطلاحات ومشاحة في الاصطلاح.
وهذه العصمة المصطلحه تختلف عن العصمه الثابته للانبياء ولاوصياء (عليهم السلام).
ثم انه ما يذكر من المعايير الثلاثه ما هي الاطريق يوصلنا لفهم عدم مفارقة العباس مثلاً لطريق العدل والطاعة وعدم سلوك طريق القبيح والمعصيه فمن قول الامام نستكشف ذلك أو من السيره أو من اعطائه المسؤوليه في قيادة الامه وحفظ الشريعة، فهذه الطرق التي ذكروها ترشدنا الى عصمتة المصطلحة ولا يعني هذا عدم ثبوت العصمة من طريق آخر فلو دل الدليل القاطع على عدم مقارقة شخص للذنوب والتزامه بجميع الطاعات فما المانع من أطلاق الاصطلاح عليه.
وكذلك الحال بالنسبة لاطلاق العصمه الصغرى على بعض العلماء فهو اصطلاح ما يراد به الا تحقق العداله عند هؤلاء العلماء ولا يراد بها اكثر من ذلك.



السؤال: بين العصمة الالتزامية والعصمة الجعلية

لو أن شخصا منذ ولادتة إلى حين وفاته لم يرتكب لم يعص الله تعالى فهل يعتبر معصوما كعصمة الانبياء والائمة عليهم السلام معذكر الاسباب
الجواب:

إن الحالة الواردة في مفروض السؤال تسمى العصمة الإلتزامية، أي الناتجة من الالتزام بأحكام الشريعة وتطبيقها وفق ما أراده المولى سبحانه وتعالى، ولكنها ليست كالعصمة الجعلية للأنبياء والأئمة (عليهم السلام) فهذه أدق منها وأعمق لما فيها من عوامل اللطف الإلهي ومعاضدة الوحي أو الإلهام للشخص المعصوم بالجعل.



السؤال: كيف عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)
هل عصمة النبي والائمة (عليهم السلام) بأمر من الله اي ان الله خلقهم من غير ان يخطأوا ام ان تكوينهم الذاتي والنفسي وارتباطهم الدائم بالله جعلهم رساليون فعصمتهم من عمق رسالتهم ؟

الجواب:

العصمة تارة تكون من الذنب , فهي من مجاهدتهم (عليهم السلام) , إذ بإرادتهم لم يذنبوا مع مقدرتهم على الذنب , ويكون حال الذنب وابتعادهم عنه , كحال ابتعاد أحدنا عن أكل العذرة مع قدرته على الأكل . وتارة تكون العصمة عن السهو والنسيان والخطأ , فهي عصمة الهية بأمر من الله, أي : أن الله خلقهم كذلك , وذلك لسبق علم الله بأن هؤلاء خلص عباده فعصمهم. فمقدمات العصمة في هذا القسم كسبية وكانت النتيجة الهية وهبها لعباده المخلصين .


تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
معنى كلامكم: أن الله سبحانه وتعالى اختارهم أئمة لعلمه المسبق بأنهم لا يعصونه بإرادتهم.وهنا أطرح سؤالين :
كيف نفسر بأن أهل البيت (عليهم السلام) قد وجدوا أنوارا حول العرش قبل خلق آدم ؟
السؤال الثاني: كيف نفسر قول الإمام أمير المؤمنين علي(عليه السلام) للمسلمين ما مضمونه : ألا وإنكم لا تقدروا على ذلك ولكن أعينونا بورع منكم ؟
هل يمكنكم إعطاء توضيح أكثر في التوفيق بين العصمة و بين الإختيار؟
الجواب:

قلنا العصمة عن الذنب هي عن مجاهدة منهم , وأنهم يستطيعون أن يذنبوا , ولكن لا يذنبون بإرادة منهم , وأما العصمة عن السهو والنسيان والخطأ , فان الله خلقهم كذلك , وذلك لسبق علم الله. ومقصودنا من سبق علم الله قبل أن يوجدهم أنواراً حول العرش , إذ لم يقل أحد بقدم هذه الأنوار .
وأما عن السؤال الثاني , فنقول : ما هو مقصود أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله : ( لا تقدروا على ذلك) ؟ فاذا كان قصده لا تقدروا على ما يقدر عليه أهل البيت (عليهم السلام) المعصومون بالعصمة الالهية والعصمة التي هي بارادتهم , فانه لا يرد عليه اي اشكال .



السؤال: عصمة الأنبياء في جميع الحالات (1)
ما المانع من أن يكون النبي غير معصوم حيث من الممكن أن نتصور أن النبي معصوم فقط في تلقي الوحي وإبلاغه وما عدا ذلك غير لازم وأما شبهة أن الثقة تنعدم في النبي مندفعة بكون النبي عندما يحدث عن الوحي فهو معصوم من جهة ومن جهة ثانية نحن نعرف بأن الضرر المحتمل واجب دفعه فهذا يكفي في أن يكون محرك للالتزام بأوامر الرسول حتى لو لم تكن قطعية بالنسبة إلينا
الجواب:

إذا قلنا بعصمة النبي الأقوال التي يبلغ بها عن الوصي فكيف نقتدي بأفعال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وكيف يكون لنا أسوة حسنة ونحن نجيز المعصية في أفعاله!!
ولا مجال هنا لبقاء الثقة بالسببين الذين ذكرتهما: أما العصمة في التبليغ فهي لا تعطي العصمة في الأفعال حسب ما فرضنا, وأما الضرر المحتمل الواجب دفعه فاننا نحتمل إذا اقتدينا بأفعال الرسول والرسول يحتمل فيه العصيان في الأفعال, فنكون قد وقعنا في العصيان, وهذا الاحتمال يولد عندنا الخوف فيدفعنا إلى عدم الاقتداء بسيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم), فتضعف ثقتنا بأفعاله. فليس دائماً الضرر المحتمل يزيد ثقتنا, بل يكون في بعض الأحيان عكس ذلك كما عرفت.
ثم كيف لا تضعف الثقة بالنبي وهم يشاهدونه يسهو في تطبيق الشريعة التي أمرهم بها أو يغلط في أموره الفردية والاجتماعية؟! بل سوف لن يبقى شيء مما جاء به هذا النبي إلاّ وتطرقه علامات الاستفهام.
وان التفكيك بين صيانة النبي في مجال الوحي وصيانته في سائر المجالات وإن كان أمراً ممكناً عقلاً لكنه بالنسبة الى عقول الناضجين في الأبحاث الكلامية, وأما عامة الناس ورعاعهم الذين يشكلون أغلبية المجتمع فانهم غير قادرين على التفكيك بينهما, بل يجعلون السهو في الامور الفردية دليلاً على امكان تسرب السهو الى مرحلة التبليغ.
ولسد هذا الباب الذي ينافي الغاية المطلوبة من ارسال الرسل لابد من أن يكون النبي معصوماً من الخطأ في عامة المراحل، سواء في حقل الوحي، أم تطبيق الشريعة، أم في الامور الفردية والاجتماعية.



السؤال: عصمة الأنبياء في جميع الحالات (2)
ما مدى صحة الرواية المذكورة عن الامام الصادق (عليه السلام) حيث جاء عن رجل عن رجل عنه (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يطلي فيتبول وهو قائم قال:لا بأس به. الكافي ج6 كما ان اهل السنة يزعمون بأن الرسول (ص) قد (بال قائماً) أليس في ذلك إنتقاص له صلى الله عليه وآله وسلم ؟
الجواب:

لقد ثبتت عصمة الانبياء بدليلي العقل و النقل ، و يكفي ان نذكر هنا قوله تعالى في حقّهم (عليهم السلام) : (( واجتبيناهم وهديناهم الى صراط مستقيم )) (الانعام:87) ، ثم نرده بقوله جلّ وعلا : (( ومن يهد الله فما له من مضل )) (الزمر:37) ، لنعرف ان الذي يهديه الله لا يقدر على إضلاله أحد .. وفي هذا علينا ان نعرف أن الغرض من بعثة الانبياء (عليهم السلام) كما هو معلوم هو تبليغ رسالات الله سبحانه الى الناس ، و الشرط المهم في تحقق هذا الغرض هو الوثوق بالمبلّغ و الاعتماد عليه وإلا أعرض الناس عن المبلغ ولم يأخذوا بكلامه لانتفاء صفة الوثوق. ومن هنا وجب القول بعصمة النبي في جميع الحالات سواء قلنا في مجال التبليغ والوحي أو في الأقوال و الأفعال العادية . و يمكن توضيح ذلك في البيان التالي :
بعد التعرف على أن صفة الوثوق بالمبلّغ والاعتماد عليه شرط أساس في تقبل الرسالة و الايمان بها نتساءل هنا : ما قولك فيما لو شاهد الناس نبيّهم يسهو في تطبيق الشريعة التي أمرهم بها ، أو يغلط في أموره الفردية و الاجتماعية ؟ هل من ريب في أن الشك سيجد طريقا رحبة للتسرب إلى أذهان الناس فيما يدخل في مجال الوحي و الرسالة ، بل لن يبقى شيء مما جاء به هذا النبي إلا و تطرقه علامات الاستفهام ، ولسان حاله يقول : هل ما يحكيه عن الله تعالى من الوظائف ، هي وظائف الهية حقا ؟ أم انها مزيج من الاخطاء والاشتباهات وباي دليل هو لا يخطيء في مجال الوحي ، إن كان يخطئ و يسهو في المجالين الآخرين ؟ و هذا الحديث النفسي و الشعور الداخلي اذا تعمّق في أذهان الناس سوف يسلب اعتمادهم على النبي وتنتفي بالتالي النتيجة المطلوبة من بعثة .. فلا بدّ .. لسد هذا الباب الذي ينافي الغاية المطلوبة من إرسال الرسل .. من أن يكون النبي مصونا عن الخطأ في عامة المراحل ، سواء في حقل الوحي أم تطبيق الشريعة أم في الأمور الفردية. ومن هنا نعلم أن لا دليل عقلي أو نقلي يدلل على ارتكاب الانبياء للصغائر و يحصر عصمتهم في نقل الوحي وعدم فعلهم للكبائر فقط كما هو الوارد في سؤالك. وأما الآيات التي يستدل بها المجوّزون لوقوع الاخطاء من الانبياء (عليهم السلام) عامة أو من النبي (ص) خاصة، فقد ناقشها العلماء ببيانات وافية ودحضوا الاستدلال بها على مراد المجوزين هذا ، و يمكن الرجوع الى كتاب (الالهيات/ للشيخ جعفر السبحاني ج3 ص 197) للوقوف على تلك البيانات الوافية .
وفي نفس السياق السابق نقول: ان من مراتب العصمة أن لا تحصل من الانبياء أمور توجب النفرة منهم لان ذلك ينافي الغرض من بعثتهم و هو ابلاغ الرسالات السماوية بواسطتهم الى الناس ، ومن ذلك مسألة البول قائما التي توجب النفر ، من فاعلها و قلة مروءته بين الناس ، والتي لا نتصور نحن البشر العاديّون ان أحدا من الناس المحترمين فضلا عن ذوي الشأن و السمو يفعل ذلك ، ومن هنا يذكر ابن قدامة في (المغني ج6 ص 500) عن أبي مسعود قوله : من الجفاء أنه تبول و أنت قائم ، بل ينقل عن سعد بن ابراهيم انه لا يجيز شهادة من بال قائما ، و يروي ـ أي ابن قدامة ـ عن عائشة أنها قالت : من حدّثكم أنّ رسول الله (ص) كان يبول قائما فلا تصدقوه ، ما كان يبول إلا قاعداً ، قال : قال الترمذي هذا أصح شيء في الباب (فليراجع ثمة) . وأما عن الرواية المنقولة عن (الكافي) في الرجل يطلي فيتبول وهو قائم ، قال الامام الصادق (ع) : (لا بأس به) ، فهي تدل على الجواز لا على رجحان الفعل ، وموردها مورد المعذور عن القعود للتبول لوجود علّة وهي الطلاء من النورة ، مع أن الكلام في نسبة ذلك الى النبي (ص) و انه ينافي المروءة لا في جواز الفعل منا فالرواية اجنبية عن محل الكلام .
وأما رواية الجاريتين و الجارية السوداء وأمثالها، فهما باطلتان ومردودتان على ناقليها ، لأن فيها انتقاصاً واضحاً لشخص النبي الأعظم (ص) و انحطاطه ـ حاشاه ـ الى مستويات ترفع عنها أبو بكر وعمر كما نصت عليه تلك الروايات . أعاذنا الله من زلل الأقدام وزيغ الأفهام و أعاننا على ديننا و فهم عقيدتنا بجاه محمد وآله الطيبين الكرام.



السؤال: الأدلة على عصمة الانبياء (عليهم السلام)
إني إثنا عشري و لله الحمد، ومن القائلين بعصمة الأنبياء و أطلب منكم شاكراً معرفة أدلة عصمة الأنبياء وعلاقتها مع الآية التالية :
((فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم))
وقول النبي موسى (ع) : ((إني ظلمت نفسي فاغفر لي)) .
الجواب:

إن الأدلّة على عصمة الانبياء كثيرة، فقد ذكر المحقق الطوسي ثلاثة منها (راجع كشف المراد/274)، وأضاف إليها القوشجي دليلين آخرين (شرح التجريد/358) ، وذكر الايجي تسعة أدلة (المواقف359_360) . ونقتصر في هذا المجال على ذكر دليلين هما :1- الوثوق فرع العصمة
إنّ التبليغ يعمّ القول والفعل، فكما في أقوال النبي تبليغ فكذلك في أفعاله، فالرسول معصوم عن المعصية و غيرها لأنّ فيها تبليغاً لما يناقض الدين و هو معصوم من ذلك .
ولا يفتقر ذلك على زمن البعثة فقط وإنّما يشمل ما قبلها أيضاً لأنّه لو كانت سيرة النبي غير سليمة قبل البعثة فلا يحصل الوثوق الكامل به وإن صار إنساناً مثاليّاً.
إذن فتحقق الغرض الكامل من البعثة رهن عصمته في جميع فترات عمره.2- التربية رهن عمل المربّي
إنّ الهدف العام الذي بعث الأنبياء لأجله هو تزكية الناس و تربيتهم و معلوم (أن فاقد الشيء لا يعطيه) فلذا لابد من التطابق بين مرحلتي القول والعمل، وهذا الأصل التربوي يجرّنا الى القول بأن التربية الكاملة المتوخاة من بعثة الأنبياء لا تحصل إلّا بمطابقة أعمالهم لأقوالهم فانّ لسوابق الأشخاص وصحائف أعمالهم الماضية تأثيراً في قبول الناس كلامهم وإرشاداتهم . أمّا ما ذكرته بالنسبة للآيات المباركة من سورة القصص، فإن الأصل في الأنبياء العصمة والأدلة من القرآن والسنة والعقل صريحة بالعصمة، وكل ما ورد ظاهره مناف للعصمة، فلابد من البحث عن التأويل له و فهم معناه.
فقد جاء في (عيون أخبار الرضا (ع)) باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا (عليه السلام)، فقال له المأمون : يا بن رسول الله، أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون ؟ قال : بلى . قال : فأخبرني عن قول الله: ((فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان)) (القصص 15).
قال الرضا (عليه السلام) : إنّ موسى (ع) دخل مدينةً من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها، وذلك بين المغرب والعشاء، فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته و هذا من عدوّه، فقضى على العدو بحكم الله - تعالى ذكره - فوكزه فمات، قال : هذا من عمل الشيطان، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى (ع) من قتله (إنه) يعني الشيطان (عدوّ مضلّ مبين) .
قال المأمون : فما معنى قول موسى: (( ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي )) 16؟
قال : يقول : وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة، فاغفر لي، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني، فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم . قال موسى(ع) : ربّ بما أنعمت علي من القوة حتى قتلت رجلاً بوكزة فلن أكون ظهيراً للمجرمين، بل أجاهدهم بهذه القوة حتى ترضى .
و جعلنا الله و اياك من الموالين في القول والعمل.

تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
انا اميل الى الالتزام بالنص سواء اتفق مع العقل أم لا
الجواب:
معنى كلامك أنك ترفض الدليل العقلي ولا تقبل به، وتقول أنه في قبال الأدلة النقلية فلذلك ترفض القول بعصمة الأنبياء . ونحن نقول: لو سلمنا معك ذلك فما تقول بالأدلة النقلية التي تثبت العصمة للأنبياء؟ حتماً سيحصل تعارض بين دليل يثبت عصمة الأنبياء ودليل آخر تتصوره ينفي العصمة عن الأنبياء، فلا بدّ عليك أن لا تأخذ فقط بتلك الأدلة التي تتصورها أنها تنفي العصمة عن الأنبياء.
ثم إن الدليل العقلي لا يصح منك ردّه، فإنه إذا ثبت صحته أو قُطع به يكون مقدّماً على تلك الأدلة النقلية التي تقبل التأويل بما ينسجم مع الدليل العقلي. ولا يردّ الدليل العقلي القطعي الإّ السفسطائي.



السؤال: عصمة الأنبياء في رأي الفريقين
هل هناك خلاف بين العلماء حول موضوع عصمة الانبياء. وهل المشهور سابقا خلاف ذلك؟ وشكراً.
الجواب:

ممّا تفردّت به الاماميّة هو القول بوجوب عصمة الأنبياء (عليهم السلام) في أخذ الوحي وايصاله وتطبيقه واجتناب بالمعاصي والذنوب ـ كبيرة كانت أو صغيرة ـ، ولهم في هذا المجال دلائل واضحة وجليّة لا مجال لنا بذكره في هذه العجالة.
واتفّق رأي أهل السنّة على عدم وجوب العصمة إلاّ في تبليغ الرسالة ، حتى أنّ جمهورهم جوزّوا صدور المعاصي من الانبياء (عليهم السلام) ـ والعياذ بالله ـ.
نعم، كان هناك رأي للشيخ الصدوق رحمه الله، وشيخه ابن الوليد في جواز السهو على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في الموضوعات التطبيقيّة ـ لا في تبليغ الوحي ولا في الابتعاد عن المعاصي ـ وهذا رأيهما الخاص، ولم يتبعهما في ذلك أساطين الطائفة الشيعية وجمهورها.

تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
الشيخ الصدوق لم يقل بجواز السهو على النبي , بل قال بجواز الاسهاء للنبي(ص) , بخلاف ما يظهر من الكلام في اجابتكم السابقة و التي بدأ يهرج بها الوهابية على الشيعة , وانا انقل لكم رأي الشيخ السبحاني على قضية السهو , قال في صفحة 302 بعد نقل كلام الشيخ الصدوق :
(( وحاصل كلامه: انّ السهو الصادر عن النبي إسهاء من الله إليه لمصلحة، كنفي وهم الربوبية عنه، وإثبات انّه بشر مخلوق، وإعلام الناس حكم سهوهم في العبادات وأمثالها , وأمّا السهو الذي يعترينا من الشيطان فإنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) منه بريء، وهو منزّه عنه، وليس للشيطان عليه سلطان ولا سبيل. ومع ذلك كلّه، فهذه النظرية مختصة به، وبشيخه ابن الوليد، ومن تبعهما كالطبرسي في (( مجمعه )) على ما سيأتى؛ والمحقّقون من الامامية متفقون على نفي السهو عنه في أمور الدين حتى مثل الصلاة )).
ولقد شاهدت كلاما للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي حول الموضوع مؤداه نفس الكلام , وهو ان الشيخ الصدوق و استاذه ذهبا إلى جواز الاسهاء وليس السهو كما يظهر من كلامهما ( الاسهاء هو من الله لغاية معينه كما هو معلوم ) و قد خالفتهم الطائفه المحقه في هذا الكلام.
هذا و لكم جزيل الشكر لما تقومون به من الذود عن العقائد الحقة .
الجواب:

لم يكن المركز بصدد التفريق بين السهو والاسهاء , وانما كان بصدد بيان مسألة السهو , مع غض النظر عن الدخول في مبحث السهو والاسهاء , والطرف الاخر من جهله بالمباني يعتمد على هكذا مسائل , ولا أقل عليه أن يفرق بين السهو الذي يقع علينا وبين السهو الذي يقع على الأنبياء على رأي من يقول به .
وهنا ننقل نص كلام الشيخ الصدوق (رحمه الله) في آخر باب أحكام السهو في الصلاة من كتابه (من لا يحضره الفقيه 1 / 234 ط دار الكتب الإسلامية ـ طهران) ، لتتضح المسألة : قال رحمه الله : (( إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي (صلى الله عليه وآله) يقولون : لو جاز أن يسهو (عليه السلام) في الصلاة جاز أن يسهو في التبليغ ، لأن الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة ، وهذا لا يلزمنا ، وذلك لأن جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي (صلى الله عليه وآله) فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي ، وليس كل من سواه بنبي كهو ، فالحالة التي اختص بها هي النبوة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة ...وليس سهو النبي (صلى الله عليه وآله) كسهونا لان سهوه من الله عز وجل ، وإنما هو اسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا معبودا دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا عن الشيطان ، وليس للشيطان على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (صلوات الله عليهم) سلطان ، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين ... وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) يقول : أول درجة الغلو نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله) ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن نرد جميع الأخبار وفي ردها إبطال الدين والشريعة ... )) .



السؤال: الأنبياء معصومون حتى لو لم يبعثوا لأحد


أستفيد من عصمة الإمام أو النبي المعصوم بأن أخذ منهم وأنا مطمئن من سلامة ديني ومعتقدي,
والسؤال هو : لا يوجد داعي لعصمة النبي الغير المرسل إذ أني لا استفيد من عصمته شيئا ؟؟؟
أفيدونا والسلام
الجواب:

نفهم من سؤالك أنك تتصور أن هناك نبي لا يرسل إلى مجموعة من الناس, وهذا تصور خاطئ, فجميع الأنبياء إنما بعثوا لأقوامهم ولجماعتهم من بني البشر,فهذه هي وظيفة الأنبياء وهي هداية الناس إلى الدين الحق وإخراجهم من ظلمات الجهل والأوهام إلى نور العلم والمعرفة والإيمان, فهم الواسطة بين الله سبحانه وتعالى وبين البشر ولذا قلنا بوجوب عصمتهم,لأن البشر ملزمين بمتابعتهم في أقوالهم وأفعالهم فإذا كانت أفعالهم وأقوالهم خاطئة فهذا معناه دعوة الناس إلى المسير على الطريق الخاطئ وهذا ما لا يقبل.
ثم أننا لو تصورنا أن هناك أنبياء لم يبعثوا لأحد عن البشر سوى أنفسهم لما دل هذا على عدم عصمتهم, بل يكون هذا الدليل غير تام في حقهم, فليس السبب لعصمة الأنبياء هو حتى لا يتنفر الناس منهم, بل لأنهم وصلوا إلى درجة من التقوى تمنعهم من ارتكاب الذنوب وهذا ما نسميه بالعصمة وإنما نحن نستدل على ان المنفرات لا يمكن صدورها من الأنبياء فإنه لا يعني أنها هي السبب في عصمتهم, فالعصمة هي نتيجة الدرجة الإيمانية العالية التي تكسب صاحبها درجة عالية من التقوى المقرون بالعلم القطعي بعواقب الأمور مما تجعله بعيداً عن الذنوب والمعاصي, والأنبياء جميعاً وصلوا إلى تلك الدرجة العالية فصاروا معصومين حتى لو لم يرسل أحدهم إلى أية جماعة.



السؤال: عصمة الأنبياء (عليهم السلام) ثابتة من البداية وليس بالتدارك

هل إستخدم المولى عز وجل في خطابه مع الانبياء أسلوب الشدة بالتحذير والوعيد ؟!
وما معنى قول الله عز وجل في خطابه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بعض المواضع التالية
1- (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّولاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:67 - 68)
2- (( وإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَولا أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيراً )) (الإسراء:86 - 87)
هنا يا اخي الكريم لا أدعى (( على )) عصمة النبي محمد صلى الله عليه وآله , ولكنه أمر ذي شقين !
الملاحظ في الشق الأول أن الله عز وجل استخدم أسلوب شديد اللهجة مع المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الأسرى اولا , ولولا لطف الله وكتاب منه سبق لمسهم فيما أخذوا عذاب أليم ؟!
وفي الاية المباركة الثانية أستخدم المولى عز وجل أسلوب أشد مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الركون الى الكفار والميل عن وحي الله ولولا تثبيت الله لقلب الرسول قد سبق الركون والميل اليهم لاذاق الله الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد علينا نصيرا !
أسلوب شديد من المولى عز وجل وتهديد ووعيد واضحين وصريحين في هاتين الايتين للرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الشق الثاني ننقله بصفة المقارنة مع خطأ سيدنا آدم ومعصيته , والخطأ الذي كاد أن يتحقق لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فالرسول صلى الله عليه وآله لم تتحقق في فعله الشروط الواجبة لاطلاق صفة الخطأ , ولم تتحقق شروط المعصية على أعتبار أن امر الأسرى والفعل بهم لم يكن واردا على أساس تشريعي واضح ولم ينهى الله عنه ولكن أيضا لم يوافق عليه والدليل على عدم اكتمال الشروط يتبلور في كلمتين في الاية الاولى (( لولا كتاب من الله - سبق )) - سبق ماذا ؟! سبق حدوث الفعل الخطأ الذي كان سيسخط الله ويغضبه وعليه سيمسهم عذاب عظيم - وهنا تدارك المولى عز وجل للرسول في امر يجهله, وفي الاية الثانية (( ولولا أن ثبتناك لكدت تركن إليهم شيئا قليلا )) وهنا تدارك أيضا من المولى عز وجل الى الرسول للتنبيه , ولولا هذا التنبيه والتثبيت لذاق الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ولم يدله على الله نصيرا !!!!
إذا فالخطأين في الايتين لا يمكن وصفهما بالخطأ ..... لعدم تحقق الشروط
1- أنه ليس هناك نية من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لاغضاب الله عز وجل على اعتبار أنه لم يكن هناك نواهي على هذا الامر والامر الذي قام به الرسول مبني على حسن النية وليست نية الفعل المعلوم والمنهي عنه كما فعل سيدنا آدم حين علم النواهي في عدم الاقتراب حتى من هذه الشجرة الا انه كسر هذا النهي واكل من الشجرة ولم يكتفي بالاقتراب فحسب وهو المنهي عنه - وهذا امر آخر يطول فيه الشرح سأتجنبه .
2- لم يتحقق فعل العمل ولا نتيجته والدليل كلمة الله (( سبق )) و أسلوب النهي (( ما )) ونزول الاية ومن الواضح منها أنها نزلت في وقت الحدث قبل أن تتم النتيجة (( لولا كتاب من الله سبق لمسكم - فيما أخذتم -))
ولكن عند سيدنا آدم قد تحقق فعل العمل ان بادر إلى أكل التفاحة وتضمنته النتيجة أن طفقا يخصفان على أنفسهم , بدت لهما سوئاتهما , وأهبطهما الله الى الارض بعضهم لبعض عدو , حيث عصى آدم ربه , حيث تاب الله عليه بعد ان تلقى آدم نفسه من الله كلمات ليتوب عليها !
وهنا تتحقق العصمة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حين انها لم تتحقق لآدم عليه السلام فالله قد عصم الرسول من الزلل بالوعي والسهو , بالمعرفة والجهل معا وهذا ما لم يحدث لأدم عليه السلام
وهناك امثلة كثيرة يا اخي حول تدارك المولى سبحانه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذه حكمة إلاهية يختص بها رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
فقد بعث للناس كافة ولا نبي بعده ودين محمد خاتم الاديان وجامعها , فالعصمة للرسول صلى الله عليه وآله امر واجب ومحتم فمليارات البشر وآلالف السنين ستخلف هذا الرسول الكريم وعليه فإن هذا النبي سيكون دستورا شاملا (( يجب )) عليه أن يكون خاليا من الشوائب (( بالمطلق ))
خذ مثالا آخر لهذا التدارك الالهي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو ما أتى في سورة التحريم (( رغم )) أن الرسول في حادثة التحريم لم يكن يقصد به العموم بل كان يقصد به الخاص على نفسه بتحريمه على نفسه ما أحله الله والدليل مخاطبة المولى للرسول بصفة الخصوص والمباشرة
(( بسم الله الرحمن الرحيم * يا أيها النبيُ لم تُحرّمُ ما أحلَّ اللهُ لك تبتغي مرضاة أزواجك )) - وهنا أبتعد المولى في الاسلوب عن الشدة وأستخدم أسلوب الملاطفة التنبيهية ليدرك الرسول في عدة امور
1- إن الرسول كما قلت سابقا هو قدوة ومتبع في كل أمر يحدثه أو يقوله لان (( لا ينطق عن الهوى )) وعليه فإن بقية من مع الرسول سيتبعونه , وبما أنه حرم على نفسه ما احل الله , وبما أن زوجته أفشت السر فهذا يعني أنه ربما ينتشر خارجا ويتخذه الاصحاب منهاجا لهم بأن يحرموه على أنفسهم أيضا فنزلت هذه السورة !
2- تخليص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من (( يمينه )) , والحلف باليمين على البشر العاديين امر واجب فما بالنا لو كان الحالف باليمين هو الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في قول الحق جل في علاه (( قَد فَرَضَ اللَّهُ لَكُم تَحِلَّةَ أَيمَانِكُم وَاللَّهُ مَولَاكُم وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ ))
ومن هذه الامثلة نفهم أمر مهم أن الله سبحانه وتعالى كما قلت أثبت العصمة للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتداركه المستمر , ولم يثبتها على سيدنا آدم عليه السلام
والصلاة والسلام على أِشرف الخلق والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد المصطفى الأمين وعلى اهل بيته الطهرين الميامين وأصحابه المنتجبين وعلى الانبياء اجمعين وسلم تسليما كثيرا
الجواب:

معنى قوله تعالى: (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) (لأنفال:67).
ليس كما تصورتموه، بل ان التفسير المناسب له هو أن الآية الكريمة إنما نزلت في التنديد بالذين كانوا يودون العير وأصحابه على ما حكاه الله تعالى عنهم في قوله ـ عن هذه الواقعة ـ عزّ من قائل: (( وَإِذ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحدَى الطَّائِفَتَينِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ )) (لأنفال:7), وكان النبي(ص) قد استشار أصحابه فقال لهم (كما هو مذكور في السيرتين الحلبية والدحلانية وغيرهما من الكتب المشتملة على هذه الواقعة): إن القوم قد خرجوا على كل صعب وذلول فما تقولون؟ العير أحب إليكم أم النفير؟ قالوا: بل العير أحب إلينا من لقاء العدو، وقال بعضهم حين رآه (ص) مصّراً على القتال: هلاّ ذكرت لنا القتال لنتأهب له؟ إنا خرجنا للعير لا للقتال؟ فتغير وجه رسول الله (ص) فأنزل الله تعالى: (( كَمَا أَخرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ المُؤمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرُونَ )) (لأنفال:5 - 6).
وحيث أراد الله عز وجل أن يقنعهم بمعذرة النبي (ص) في إصراره على القتال، وعدم مبالاته بالعير وأصحابه، قال عزّ من قائل (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ )) (التوبة:113) من الأنبياء المرسلين قبل نبيّكم محمد (ص) (( أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ )) (الأنفال:67) فنبيكم لا يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض على سنن غيره من الأنبياء (عليه السلام) ولذلك لم يبال إذ فاته أسرى أبي سفيان وأصحابه حين هربوا بعيرهم إلى مكة، لكنكم أنتم (تريدون) إذ تودون أخذ العير وأسر أصحابه (( عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ )) (الأنفال:67) باستئصال ذات الشوكة من اعدائه (( واللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )).
والعزة والحكمة تقتضيان يومئذ اجتثاث عز العدو، وإطفاء جمرته، ثم قال تنديداً بهم (( لَولا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ )) (الأنفال:68) في علمه الأزلي بأن يمنعكم من أخذ العير، وأسر أصحابه لأسرتم القوم وأخذتم عيرهم، ولو فعلتم ذلك (( لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم )) (لأنفال:68) قبل أن تثخنوا في الأرض (( عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:68). (انظر هذا التفسير للآية الكريمة في كتاب النص والاجتهاد للسيد شرف الدين ص322).
وأما قوله تعالى: (( وَإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً )) (الاسراء:73), فهو أيضاً ليس كما تصوره الأخ السائل، وانما هذه الآية ومثيلاتها التي وردت في القرآن الكريم والتي فيها عتاب للنبي(ص) انما نزلت بلسان (بإياك أعني واسمعي يا جارة)، روى الشيخ الكليني بسنده عن الامام الصادق(ع) قال: ((نزل القرآن إياك اعني واسمعي يا جارة) وفي رواية أخرى، عن ابي عبد الله(ع) قال: معناه ما عاتب الله عز وجل به على نبيّه(ص) فهو يعني به ما قد مضى في القرآن مثل قوله: (ولولا ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً) عنى بذلك غيره)). انتهى (الكافي 2: 631) .
هذا هو التفسير المناسب لهذه الآيات الكريمة، فالعصمة ثابتة من أول الأمر للأنبياء(ع) وليست بالتدارك كما يشير الأخ السائل إليه وقد اثبت العلماء الأعلام كل هذه المباحث الدقيقة في عصمة الأنبياء والآيات التي قد يستفاد من ظهورها ما يخدش في هذه العصمة في كتب مفصلة



السؤال: عصمة الأوصياء للأنبياء السابقين
السلام عليكم ورحمة الله..ارجو من حضرتكم توضيح الأتي : نحن الشيعة نعتقد بعصمة الانبياء والأئمة عليهم السلام بما توجد هنالك من الأدلة العقلية والنقلية .. لكن هل عامة الأوصياء ايضأ معصومون?: يوجد لدينا هذا الحديث في البحار: ( الانبيآء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم لانهم معصومون مطهرون ) وجزاكم الله خيرآ
الجواب:

الاستدلال على عصمة الأوصياء يأتي من عدة طرق منها:
1ـ الأخبار الصريحة التي أشارت إلى ذلك، منها ما ذكرته في البحار والذي نقله عن الخصال في رواية للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وفي قصص الأنبياء للراوندي، رواية عن الصادق (عليه السلام) قال فيها: (لو لم تقبل شهادة المقترفين لما قبلت إلا شهادة الأنبياء والأوصياء، لأنهم معصومون دون سائر الخلق...).
2ـ أنهم حجة الله على الخلق بعد مفارقة النبي لهذه الدنيا لأن الأرض لا تخلو من حجة وحجة الله لا يكون إلا معصوماً وعلى ذلك تدل بعض الأخبار كما عن الصادق (عليه السلام)، (ولا يتخذ على خلق حجة إلا معصوماً).
3ـ أنهم مسددون بروح القدس كما يشير إلى ذلك خبر أبي جعفر (عليه السلام) فيه قال: يا جابر أن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح، روح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى ثم قال: يا جابر أن هذه الأربعة يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب.
4ـ إن طاعة الأوصياء فرض في أعناق الأمم، والذي يجب طاعته لابد أن يكون معصوماً، والذي يدل على وجوب طاعتهم قول أمير المؤمنين عليه السلام (ان الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم ويصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء...).
5ـ نقل بعض العلماء أن الأنبياء والأوصياء معصومون للإجماع والأخبار الكثيرة على ذلك.
6ـ إن العصمة من قبيل العلم أنظر الميزان ج11 ص 162 قال تعالى مخاطباً نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
وقوله تعالى حكاية عن يوسف: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)، وأن الأوصياء ورثوا جميع العلوم من الأنبياء، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصية وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل وما كانوا علموا ذلك الحكم؟
قال: بلى قد علموه ولكن لا يستطيعون أمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة.
7ـ إن الأنبياء والأوصياء من عباد الله المخلصين ـ كما في الأخبار ـ كما يذكر ذلك النراقي في مستند الشيعة ج15 ص 198 والمخلصون لا تنالهم غواية الشيطان كما يذكر ذلك القرآن بقوله: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)، والذي لا تناله غواية الشيطان لا يصدر منه الذنب




السؤال: لا تناقض بين العصمة وقصص الأنبياء في القرآن
بسم الله خير الأسماء
نذهب نحن الشيعة الى عصمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين فإذا سلمنا بذلك فما هو تفسير خروج أبونا آدم و أمّنا حوّاء من الجنة وما هو تفسير بقاء نبي الله يونس في بطن الحوت مدة من الزمن وكذلك قصة نبي الله موسى التي ورد اجابة عليها في صفحتكم ،ألا ينافي ذلك عصمة الأنبياء أودّ معرفة الاجابة بمزيد من التفصيل ....
الجواب:

يشير العلاّمة الحلي (رحمه الله) الى رأي الإمامية حول عصمة الانبياء (عليهم السلام) بقوله : ذهبت الإماميّة كافّة الى أنّ الانبياء معصومون عن الصغائر والكبائر منزّهون عن المعاصي قبل النبوة وبعدها على سبيل العمد والنسيان وعن كلّ رذيلة ومنقصة وما يدل على الخسة والضعة ، وخالفت أهل السنة كافة في ذلك وجوّزوا عليهم المعاصي ….
وعلى هذا يمكن توجيه خروج أبينا آدم (ع) وأمّنا حوّاء من الجنة بأنّ الخروج من الجنّة ليس عقاباً ـ على معصيتهما وهما منزّهان منها ـ لأنّ سلب اللذّات والمنافع ليس بعقوبة وإنّما العقوبة هي الضرب والألم الواقعان على سبيل الاستخفاف والاهانة ، وكيف يكون من تعبدنا الله فيه بنهاية التعظيم والتبجيل مستحقاً منّا ومنه تعالى الاستخفاف والاهانة .
فان قيل : فما وجه الخروج ان لم يكن عقوبة ؟
قلنا : لا يمتنع ان يكون الله تعالى علم أن المصلحة تقتضي تبقية آدم (ع) في الجنّة وتكليفه فيها متى لم يتناول من الشجرة فمتى تناول منها تغيّرت الحال في المصلحة وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة . وإنما وصف إبليس بأنّه مخرج لهما من الجنة ـ فأخرجهما مما كانا فيه ـ البقرة 36 ـ من حيث وسوس اليهما وزيّن عندهما الفعل الذي يكون عند الإخراج .
ثم لا يخفى ان المعصية هي مخالفة الأمر ، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب والمندوب معاً فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم (ع) مندوباً الى ترك التناول من الشجرة ويكون بمواقعتها تاركاً نفلاً وفضلاً وغير فاعل قبيحاً ،وليس يمتنع أن يسمى تارك النفل عاصيا كما يسمى بذلك تارك الواجب . وفي هذا المجال نذكر هذه الرواية الشريفة :
روى الصدوق أن المأمون العباسي جمع للامام علي بن موسى الرضا (ع) أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وكان فيهم علي بن الجهم من أهل المقالات الاسلاميين فسأل الرضا (ع) وقال له : يا بن رسول الله أتقول بعصمة الانبياء؟ قال : بلى ، قال : فما تعمل في قول الله عز وجل : (( وعصى آدم ربَّه فغَوى )) وقوله تعالى : (( وذا النون إذ ذهبَ مغاضباً فظنَّ أن لن نقدرَ عليه )) … فقال مولانا الرضا (ع) : ويحك يا علي إتق الله ولا تنسب الى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوَّل كتاب الله برأيك ، فان الله عز وجل يقول : ((وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم)) .
أما قوله عز وجل في آدم : (( وعصى آدم ربَّه فغوى )) فإنّ الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفته في بلاده لم يخلقه للجنة وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الارض لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلمّا أهبط الى الارض وجعل حجّة وخليفة عصمَ بقوله عز وجل : (( إنّ الله اصطفى آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عمرانَ على العالمين )).
وأما قوله عز وجل : (( وذا النون إذ ذهبَ مغاضباً فظنَّ أن لن نقدر عليه )) إنما ظنّ أنّ الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عز وجل : (( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه)) أي ضيّق عليه ولو ظنّ أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر …. (البحار 11 : 73 عن أمالي الصدوق / 55 وعيون الاخبار : 108) .
وأما يونس (ع) إنما بقي في بطن الحوت الى مدّة من الزمن لا لمعصية صدرت منه ولا لذنب ارتكبه والعياذ بالله وإنّما لكون خرج من قومه ـ وهو معرضاً عنهم ومغضبا عليهم بعد ان دعاهم الى الله تعالى فلم يجيبوه إلاّ بالتكذيب والرد ـ ولم يعد إليهم ظانّاً ان الله عز وجل لا يضيّق عليه رزقه أو ظانّاً ان لن يبتلى بما صنع حتّى وصل الى البحر وركب السفينة فعرض لهم حوت فلم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه وتنجو السفينة بذلك فقارعوا فيما بينهم فأصابت يونس (ع) فألقوه في البحر فابتلعه الحوت ونجت السفينة ، ثم ان الله سبحانه وتعالى حفظه حيّا في الحوت مدّة من الزمن ، ويونس (ع) يعلم أنّها بليّة ابتلاه الله بها مؤاخذة بما فعل من عدم رجوعه الى قومه بعد ان آمنوا وتابوا فأخذ ينادي في بطن الحوت أن (( لا إله إلاّ انت سبحانك إني كنت من الظالمين )) ـ قيل أي لنفسي بالمبادرة الى المهاجرة ـ فاستجاب الله له ونجّاه من الحوت .
وأما قتل موسى (ع) للقبطي فلم يكن عن عمد ولم يرده وإنّما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوه بغى عليه وظلمه وقصد الى قتله ، فأراد موسى (ع) ان يخلصه من يده ويدفع عنه مكروهه فأدى ذلك الى القتل من غير قصد اليه ، وكلّ ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير ان يكون مقصوداً فهو حسن غير قبيح ولا يستحق عليه العوض به ، ولا فرق بين ان تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه وبين ان يكون عن غيره في هذا الباب والشرط في الأمرين ان يكون الضرر غير مقصود ، وأن القصد كلّه الى دفع المكروه والمنع من وقوع الضرر فإن ادى ذلك الى ضرر فهو غير قبيح .
وفّق الله الجميع للخير والصلاح



السؤال: مسألة خروج آدم(عليه السلام) من الجنة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنني من المعتقدين بعصمة الأنبياء عليهم السلام , ولكن المرء يجد في القرآن الكريم عدة آيات لا يجد لها تفسيراً واضحاً للرد على الشبهات , ومن بينها مسألة خروج آدم عليه السلام من الجنة , فإن كان غير مكلف في الجنة كما جاء في تفسيركم فالحال يشمل إبليس عليه اللعنة , إذ أنه خالف الله في مسألة السجود لآدم فلعنه الله .
أما في ما يخص اصطفاء آدم , فما هو تفسير الآية 32 فاطر = ثم أورثنا الكتاب وتذكر الآية : (( فمنهم ظالم لنفسه )) .
الجواب:

إن موضوع عصمة الأنبياء (ع) يعتمد على أدلة عقلية ونقلية ثابتة ومسلمة ـ كما ذكر في محله ـ , ومع النظر الى هذه الأدلة نعرف أنها لا تعتمد في إثباتها على أمثلة وشواهد , أي أنها مستقلة عنها , وبعبارة أخرى : لا يستفاد في إثبات أدلة العصمة من القياس التمثيلي .
وعليه , فلا ترد عليها ـ أي العصمة ـ نقوض من باب الموارد والأمثلة , بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء أدلة العصمة , فانه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي , وهذا مما يدل عليه الوجدان بالضرورة .
ومما ذكرنا يظهر وجه الدلالة على عصمة آدم (ع) , فيجب علينا أن نفسّر الأحداث والقضايا التي مرّت به (ع) بعد الفراغ والتسليم لعصمته , فلا معنى لورود النقض عليها , هذا أولاً .
وثانياً : عدم تكليف آدم (ع) في الجنة هو أحد الآراء في المسألة , وهناك أقوال أخرى , وعلى سبيل المثال يرى بعضهم أنّ النهي المتوجّه لآدم (ع) من قبل الله عزوجل كان نهياً إرشادياً لا مولوياً , ومعناه عدم صدور معصية منه (ع) في صورة ارتكابه للمنهي , بل مجرد تعرضه لبعض المتاعب والمصاعب تكويناً , وهذا ما قد حدث , فانه (ع) قد هبط إلى الأرض ومارس هو وولده الحياة الصعبة على وجهها إلى يوم القيامة بعدما كان قد تنعم في الجنة بدون تعب ومشقة .
وأما ابليس , فانه كان مكلفاً بالأوامر والنواهي التكليفية , كما يظهر من الأمر بالسجود المتوجّه إليه ومؤاخذته من قبل الله تبارك وتعالى على عدم انصياعه لذلك الأمر .
فبالنتيجة , كان ابليس في عالم التكليف , بخلاف آدم (ع) الذي لم يتوجّه اليه التكليف ـ عموماً أو في خصوص التناول من الشجرة المعينة ـ , أو كان الأمر المتوجه اليه ارشادياً , أو أنه (ع) كان قد ترك الأولى والأفضل .
وبالجملة , فصدور المعصية من إبليس أمر مسلم , لمخالفته الصريحة في مسألة السجود , لكن الذي صدر من آدم (ع) لم تكن مخالفة مولوية , بقرينة عدم مؤاخذته من قبل الله عزوجل . وأما بالنسبة لتفسير آية : (( ثم أورثنا الكتاب ... ))[فاطر:32]، فملخص القول فيه :
أولاً : إن الكتاب المذكور هو القرآن , بدليل أن الآية السابقة تصرّح بهذا المطلب (( والذي أوحينا إليك من الكتاب ... ))[فاطر:31]، فبدلالة السياق نعرف ان المقصود هو القرآن فاللام في (( الكتاب )) للعهد دون الجنس .
ثانياً : اصطفاء آدم (ع) ثابت بحسب النصّ القرآني : (( إن الله اصطفى آدم ونوح ...))[آل عمران:33] .
ثالثاً : هذا الاصطفاء كان بعد هبوط آدم (ع) وتوبته وجعله خليفة الله في الأرض , لا عند إسكانه في تلك الجنة المعينة أو عند أكله للشجرة الممنوعة .
رابعاً : الضمير في (( فمنهم ظالم ))[فاطر:32] فيه احتمالان :
1- أن يرجع إلى (( عبادنا )) باعتبار قاعدة رجوع الضمير الى الأقرب , وعليه فالمعنى يكون واضحاً بلا شك وريب , إذ لا يكون الظالم ـ حينئذ ـ مشمولاً للاصطفاء .
2- أن يرجع إلى (( الذين اصطفينا )) , ولا مانع منه وتصح هذه النسبة ـ نسبة الوراثة ـ إلى الكل مع قيام البعض بها حقيقةً , كما جاء في القرآن (( ... وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ... )) [المؤمن: 54] , والحال نعلم أن المؤدين لحق الكتاب والقائمين بأمره آنذاك بعض بني اسرائيل لا جميعهم .
خامساً : كما ذكرنا في مقدمة الجواب فان ظلم آدم (ع) لنفسه لم يكن ظالماً تشريعياً , أي لم يخالف الله عزوجل في أمر تكليفي مولوي يستحق العقاب والمؤاخذة , بل ظلم نفسه بالقائها في المتاعب والمشاكل الدنيوية وإن استدركه بالتوبة والاستغفار والانابة .
سادساً : الظاهر من الآية المذكورة : (( ثم أورثنا الكتاب ... )) أنها بصدد تعريف المصطفين بعد النبي(ص) , بدلالة سبقها بآية: (( والذي أوحينا إليك من الكتاب ... )) , وبقرينة الروايات الواردة عن المعصومين (ع) , فلا تشمل المصطفين من الأمم السابقة , وإن سلمنا باصطفائهم بأدلة عقلية ونقلية أخرى .




السؤال: معنى قوله تعالى: (فعصى آدم ربه فغوى)
ما المقصود بالاية القرانية التالية:
(( فعصى ادم ربه فغوى ))
الجواب:

إن الأمر الإلهي الذي أمر به آدم بعدم الأكل من الشجرة لم يكن أمراً مولوياً بحيث لو خالفه لقدح ذلك الفعل بعصمة آدم (عليه السلام) , بل كان أمراً إرشادياً فإن التكاليف الدينية المولوية لم تكن مجعولة على آدم (ع) في الجنة بعد. (انظر تفسير الميزان ج1/ص145).
يقول صاحب الميزان حول هذه الآية: ( الغي خلاف الرشد الذي هو بمعنى إصابة الواقع وهو خلاف الضلال الذي هو الخروج من الطريق والهدى يقابلهما , ويكون بمعنى الإرشاد إذا قابل الغي كما في الآية التالية , وبمعنى إراءة الطريق أو الايصال على المطلوب بتركيب الطريق إذا قابل الضلال فليس من المرضي تفسير الغي في الآية بمعنى الضلال .
ومعصية آدم إنما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي والإنبياء (عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحى إليهم من جهة تلقيه فلا يخطئون ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون ومن جهة القائه إلى الناس وتبليغه لهم قولا فلا يقولون الإ الحق الذي أوحي اليهم وفعلا فلا يخالف فعلهم قولهم ولايقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة لان في الفعل تبليغا كالقول .
وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه الإ إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحا فاطاعته ومعصيته خارجا ن من مجرى أدلة العصمة , وهو ظاهر .) (انظر تفسير الميزان ,ج 14 / ص222).


تعليق على الجواب (1)
تقولون بأن معصية آدم هي معصية أمر إرشادي لا مولوي.
أوّلاً: من قال بهذا التقسيم في المعاصي! هل ورد في كتاب الله أو قاله رسوله؟
ثانياً: ما معنى أمر مولوي؟
ثالثاً: إذا أخذت عنكم أنّ أدم وهو النبيّ المعصوم عندكم عصى ربّه في أمر إرشادي وهذا ممكن حسب كلامكم، فالعقل يقول بأن هذا النوع من المعصية يمكن أن يقترفه أي معصوم آخر سواء أكان الرسول أو الأئمة الاثنا عشر؛ أليس كذلك؟!
رابعاً: أنتم تعملون العقل في أمور العقيدة وهذا أمر رائع، ولكن العقل لا يقبل أن نبدأ بفرض نعتبره وحدنا صحيحاً حتماً لنصل إلى نتيجة يعتبرها الجميع صحيحة.. فهذا لن يوصل إلاّ إلى نتيجة محدّدة سلفاً ولن يقبل بصحتها إلاّ من أقر بصحة الفرض الذي تم تحديده منذ البداية.. ممّا يعني تعطيل العقل بطريقة ما، أو على الأقل توجيهه في اتجاه محدّد سلفاً.. وهذا المنهج لا يوصل إلى الحقيقة.
العقل يقبل أن يكون هناك خالق معصوم وخلق غير معصومين، بدليل أنّ هذا الفرض تقبله كلّ الفرق الإسلامية.. أما أن تضعوا العصمة كشرط لقبول سلامة أي رواية، فهذا ليس ضمن نطاق العقل بل ضمن نطاق الإيمان.
الجواب:

أوّلاً وثانياً: حتى يتضح لك المقصود بالأمر الإرشادي والأمر المولوي، ننقل لك ما ذكره السيد محمد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان):
((ومعصية آدم ربّه إنّما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي، والأنبياء(عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحي إليهم من جهة تلقيه فلا يخطؤون، ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون، ومن جهة إلقائه إلى الناس وتبليغه لهم قولاً، فلا يقولون إلا الحقّ الذي أوحي إليهم، وفعلاً فلا يخالف فعلهم قولهم، ولا يقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة، لأن في الفعل تبليغاً كالقول، وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه إلا إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح، كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحاً فإطاعته ومعصيته خارجتان من مجرى أدلّة العصمة وهو ظاهر.
وليكن هذا معنى قول القائل: إنّ الأنبياء(عليهم السلام) على عصمتهم يجوز لهم ترك الأولى، ومنه أكل آدم(عليه السلام) من الشجرة، والآية من معارك الآراء، وقد اختلفت فيها التفاسير على حسب اختلاف مذاهبهم في عصمته الأنبياء، وكلّ يجر النار إلى قرصته))(تفسير الميزان ج 14 - ص 222).
ثالثاً: لا ننكر الإمكان، لا سيّما بعد ثبوت أن مخالفة الأمر الإرشادي ليس ذنباً ولا معصية، كما ذكرناه في الفقرة أعلاه.
رابعاً: لسنا نصادر على المطلوب كما تدّعي، وليست العصمة فرضاً نفرضه، فقد دلّ عليها الدليل العقلي والدليل النقلي.


تعليق على الجواب (2)
انتم مخطؤون فيما تقررون في عصمة الانبياء وفيما تردون به على الاخ سامي :
خطاكم فيما تقررون :
1- ان عصمة الانبياء لها غاية (حفظ الرسالة وترغيب المرسل اليهم في القرب من الانبياء) وانتم فيما تقررون يبدوانكم لاتضعون هذا في الاعتبار؟
2- والا ما المانع في عدم عصمة الانبياء فيما لا يؤدي الى تحريف الرسالة ولا الى نفور المرسل اليهم من الانبياء .
3- انتم تتحدثون عن العصمة كما لو كانت الغاية منها رفع الانبياء الى مقام الله تعالى او مقام الملائكة ؟
4- والادهى من هذا انكم جعلتم الامام علي واحدى عشر من نسله معصومين بهذا المعنى المغالى فيه
5- فما الفائدة من عصمة الحكام (الائمة حسب تعبيركم) انهم ليسوا في حاجة لاللعصمة بمعناها الوسط ولابمعناها المغالى فيه فلاهم ينزل عليهم وحي يحتاجون من اجله العصمة ولالزوم لان ينجذب اليهم كل الناس المسلمين وغير المسلمين بل شرعية حكمهم تكفي فيها شورى المسلمين ورضاء جمهورهم ولايضر نفور بعضهم فما بالك بنفور الكافرين
اما الخطا في الرد على السائل:
1- فانتم رغم اجتهادكم في تقسيم الامر الى ارشادي ومولوي (لعلكم تقصدون به تشريعي) فاتكم ان مخالفة امر الله تعالى لاتجوز خاصة لمن كان في مرتبة النبوة .
2- فهل يعقل ان يرفض النبي ارشاد ربه وهو مطالب شرعا بان يعلم الناس صلاة الاستخارة .
3- ردكم على سامي خلاصته ان الانبياء يختارون لانفسهم عكس ما اختار الله لهم ولايعتبر ذلك معصية فهل هذا يستقيم ؟
4- والله تعالى يقول : ما كان لمؤمن ولامؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم
اذا ردودكم غير مقنعة وتقريركم منطلقه عقلي والمسالة شرعية لاعقلية فيجب الرجوع الى القران والسنة وفيهما كما يظهر من حياة الانبياء ان العصمة ليست تاليهية ولا املاكية بل العصمة لها غاية محددة لاتستعي المبالغة والغلو فيها وانتم مع كل الاسف لجاتم الى تاويل الايات مثل قوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى تاويلا لالزوم اليه شرعا ولكن عقلا اجزتم لانفسم ذلك التاويل وقد سبق القول ان مرجع المسالة الى النقل وليس الى العقل والفلسفة
الجواب:

حتى لا يتشعب الكلام ويستعصي الفهم ويضيع الجواب، لابد لنا في البدء أن نسألكم عن منافيات العصمة ما هي؟ أي نطالبكم أن تذكروا لنا مصاديق خارجية يتبين بها المعصوم من غير المعصوم؟
وحتى نوفر عليكم الجهد نقول: إن كافة الاخطاء مهما كان نوعها منافية للعصمة، أعم من أن تكون تلك الاخطاء سلوكية عامة أو شرعية خاصة، ومن الامثلة على الاولى: الخطأ في الرأي والحكم، أو التصرف على منهج لا يجيزه العقلاء. ومن الامثلة على الثانية: الكذب والزنا والفحش وسائر المعاصي المعروفة. فكل هذه الأخطاء أو الخطايا قادحة في العصمة، فلو جاز على النبي أن يأتي ببعضها لانتفى الغرض من بعثته، لأنه قد بعث أصلا ليطاع بإذن الله، قال تعالى: (( وَمَا أَرسَلنَا مِن رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذنِ اللَّهِ )) (النساء:64)، فإذا اقترف بعض تلك الاخطاء فلا مورد لطاعته بل تجب مخالفته، وإلا لصار المكلف بتصديق النبي واتباعه مأموراً بفعل الخطأ والمعصية والله تعالى لا يأمر بذلك: (( قُل إِنَّ اللَّهَ لَا يَأمُرُ بِالفَحشَاءِ )) (الأعراف:28).
والأمر بطاعة الرسول مطلق، قال عز من قائل: (( قُل أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ )) (آل عمران:32)، وقال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوا عَنهُ وَأَنتُم تَسمَعُونَ )) (الأنفال:20)... ولذلك كان كل نبي أو رسول قدوة لقومه، فمن يقتدي يا ترى برسول يخطأ ويرتكب المعاصي؟
وأما دعوى أن العصمة لا تجوز إلا لله والملائكة فقول لا دليل عليه، مع أنا لا نسلم جعلكم رتبة الملائكة فوق رتبة الانبياء، بل الانبياء أفضل قطعاً، والادلة على افضليتهم كثيرة يسعك الرجوع إليها في مصادر الفريقين، ومن غير المعقول أن تثبت العصمة للملائكة دون الانبياء مع أن الانبياء افضل منهم.
وأما ربط العصمة بالغلو فمما يثير العجب، فالغلو هو نسبة الألوهية إلى المألوه المخلوق، فهل وجدتم في كلام الشيعة وفي احاديثهم ما يشير إلى أن الأئمة آلهة؟ بل كتبنا مشحونة بأحاديث تثبت عبوديتهم وتذللهم للخالق العظيم، خذ على سبيل المثال ما ورد في بعض ادعية الصحيفة السجادية حينما يقول الإمام زين العابدين: (إلهي أنا ذرة فما دونها)، او ما ورد في زيارات الأئمة الطاهرين التي هي دروس لا مثيل لها في تبيان عبوديتهم لله تبارك وتعالى. ولو كان من يقول بعصمة غير الله تعالى مغالياً لكنتم أول المغالين، لأنكم تقولون بعصمة الملائكة، مع أنهم عليهم السلام عباد كسائر عباد الله عز وجل.



السؤال: لا تنافي بين قوله تعالى: ( همت به وهم بها ) والعصمة
بعد الدعاء لكم بطول العمر والتوفيق والتسديد لكل خير وصلاح نرجو التكرم بالجواب على السؤال التالي :
قال أحد المفسرين عند تفسيره لقوله تعالى : (( وهم بها )) : ( وهكذا نتصور موقف يوسف ، فقد أحس بالإنجذاب في إحساس لا شعوري وهمّ بها استجابة لذلك الإحساس كما همّت به ولكنه توقف وتراجع ) ، علما أنه في مكان آخر يقول أن همّ يوسف هذا الذي كان نتيجة الانجذاب اللا شعوري هو أيضا لا شعوري بل طبعي وأن قصد المعصية من يوسف لم يحصل .
فما رأيكم بقوله هذا ، هل يتنافى مع عصمة الأنبياء عليهم السلام حسب رأي الشيعة في العصمة أم لا ؟ وإن كان جوابكم بأنه مناف لها ، فالرجاء بيان وجه المنافاة .
الجواب:

إنّ ما نقلتموه في تفسير تلك الآية لا يتوافق مع العقيدة الصحيحة في شأن الأنبياء (عليهم السلام) ولمزيد من التوضيح نذكر روؤساً للنقاط الهامّة في هذا المجال :
أوّلاً : إنّ عصمة الأنبياء (عليهم السلام) مسألة ثابتة بالأدلة العقليّة والنقليّة ـ كما ذكر في محلّه ـ ، وعليه فالانجذاب نحو المعصية ـ حتى ولو كان عن غير شعور ـ يتنافى مع مقام العصمة لأنّ العصمة هي الابتعاد عن المعصية والهمّ بها .
ثانياً : إنّ قول ذلك القائل يتعارض مع روايات أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المجال ، ففي أكثرها إنّ متعلق الهمّ يختلف عند يوسف (عليه السلام) وامرأة العزيز ، إذ أنّ امرأة العزيز همّت بفعل الفاحشة ولكن يوسف (عليه السلام) همّ بعدم فعلها أو أنّ يوسف (عليه السلام) همّ بضربها أو قتلها إن أجبرته على ذلك .
ثالثاً : على فرض عدم قبول هذه الروايات ـ سنداً أو دلالةً ـ فالآية بظاهرها كافية في ردّ كلام القائل فإنّ (( لولا )) ملحقة بأدوات الشرط وتحتاج إلى جزاء ، فجملة (( همّ بها )) تكون جزاءاً مقدّماً عليها .
وأمّا على تقدير كلام ذلك القائل ، فاللازم أن تكون الجملة هكذا (( فلولا )) أو (( ثمّ لولا )) أي السياق حينئذ يقتضي أن يؤتى بعبارة فصليّة لا وصليّة .



السؤال: يوسف (عليه السلام) همّ بالضرب لا بالفحشاء

رجاء اعطاء تفسير أو توضيح للآية رقم 24 من سورة يوسف في القرآن الكريم من نظرة شيعية وكيف نقدر قبولها مع قبول عصمة الانبياء.
الجواب:

أنت تعلم أن الذين فسّروا ((الهم)) في الآية الكريمة قد اختلفوا في معناها ، إلاّ أن الإمامية قد امتازت بتفسير يحفظ معه عصمة يوسف (ع) ويناسب مقامه ومنزلته عند الله تعالى .
إذ امتداح الله تعالى ليوسف(ع) لا يكون إلاّ بسبب حالة استثنائية تحدث عند الرجال بسبب مدافعة الشهوة وغلبة الهوى حين تكون الأسباب قد أتيحت لهم ، ومثل يوسف(ع) ذلك الفتى الذي مهّدت له حياته وهو بين ظهراني الملكة الفتاة الحسناء الفاتية التي حرصت أن تقترب إلى يوسف(ع) بكل وسيلة فلم تجد منه مطاوعة ولن تحصل على شيء يكون سبباً لمجاذبته طوعاً ، حتى هامت به (( فشغفها حباً )) وهي حالة وصفها القرآن الكريم إن امرأة العزيز قد هامت بيوسف(ع) فلم تجد لذلك سبيلا (( فغلقت الأبواب وقالت هيت لك )) وهي آخر مرحلة تصل بها امرأة العزيز مع يوسف(ع) فراودته ودافعته فلم تجد منه إلاّ تمنعاً واستجارةً بالله العزيز واستعاذة به (( قال معاذ الله )) أي أنه لا يخاف إلاّ الله ولا يخشى إلاّ الله ، ولم يقل إني أخشى الملك أو إني لم أخن الملك أو إني نبي الله ، بل استعصم بالله والتجأ إليه وهان كل شيء لديه من أجل طاعته وعدم معصيته، فما بالنا نقول بعد ذلك أنه هم بها كما همت به ، أليس هذا ظلم لمقامه المقدّس وتجاهلٌ لموقفه الشجاع وتغافل عن مدح الله وثنائه (( ولنصرف عنه السوء والفحشاء )) فكيف بمن يريد أن يرتكب الموبقة ويجتري المعصية تجد أن الله يمتدحه فيصرف عنه السوء والفحشاء ؟!
وقوله تعالى: ((إنه من عبادنا المخلصين)) ، أي قد أخلص في عبوديته وأخلص في طاعته فلم تنازعه شهوة ولم يغلبه هوى .
إذن (( فهمّت به )) أي همّت بالفاحشة وهو ما يناسبها ، و ((همّ بها)) بالخلاص منها بأي وسيلة كأن يكون ضربها وهو ما يناسبه ، أي لم تكن هناك مقابلة بين الهمّين فكلّ بحسبه ، وهذا شبيه قولك أن زيداً الفاسق يحي الليل ، وعمرو العابد يحي الليل ، ولم تحدد صفة إحيائهما ، فمن غير المعقول أن ينصرف ذهنك إلى أن زيد الفاسق يحي الليل بالطرب واللهو وعمرو العابد مثله ، بل لابد أن تقول وعمرو العابد يحي الليل بالعبادة لمناسبة مقام كل منهما ، وهكذا هي في قصة يوسف (عليه السلام).
وهذا ما أشار إليه الإمام الرضا (عليه السلام) في حديث طويل قال : (وأما قوله في يوسف (عليه السلام) (( ولقد همت به وهم بها )) فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله ...)(عيون الأخبار 1/154) .
وقول الصادق (عليه السلام) في حديث إلى أن قال : ( ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا ؟!).
هذا وقوله تعالى : (( لولا أن رأى برهان ربه )) أنه (عليه السلام) أوحي إليه أنه إن هو ضربها تذرعت هي بأنه أراد منها الفحشاء ولذا ضربني لامتناعي عنه ، أي أرشده الله تعالى إلى أن لا يضربها لئلا تتوسل إلى الملك بتهمة يوسف (عليه السلام).



السؤال: المراد في قوله تعالى (ليغفر الله لك...)
استمعت إلى خطيب المنبر وهو يتلو الآية (( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر... ))
وقال إن معنى الذنوب هي ما اعتقدته قريش بأنه أذنب في حقها ( اي ذنوب إجتماعية) فهل ما ذهب إليه صحيح؟
أفيدونا
الجواب:

قال العلاّمة الطباطبائي في تفسيره (الميزان 18: 251): ((المراد بالذنب ـ والله اعلم ـ التبعة السيئة التي لدعوته (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الكفار والمشركين وهو ذنب لهم عليه كما في قول موسى لربه: (( ولهم عليَّ ذنب فأخاف ان يقتلون ))( الشعراء: 14)، وما تقدم من ذنبه هو ما كان منه (صلى الله عليه وآله) بمكة قبل الهجرة، وما تأخر من ذنبه هو ما كان منه بعد الهجرة، ومغفرته تعالى لذنبه هي ستره عليه بإبطال تبعته بإذهاب شوكتهم وهدم بنيتهم، ويؤيد ذلك ما يتلوه من قوله: ((ويتم نعمته عليك ـ إلى أن قال ـ وينصرك الله نصراً عزيزا)ً).
ثم قال الطباطبائي: للمفسرين في الآية مذاهب مختلفة أخر:
فمن ذلك: أن المراد بذنبه (ص) ما صدر عنه من المعصية ، والمراد بما تقدم منه وما تأخر ما صدر عنه قبل النبوة وبعدها، وقيل: ما صدر قبل الفتح وما صدر بعده.
وفيه أنه مبني على جواز صدور المعصية عن الانبياء (عليهم السلام) وهو خلاف ما يقطع به الكتاب والسنة والعقل من عصمتهم (عليهم السلام) على أن إشكال عدم الارتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك: أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما وقع من معصيته وما لم يقع بمعنى الوعد بمغفرة ما سيقع منه إذا وقع لئلا يرد الإشكال بأن مغفرة ما لم يتحقق من المعصية لا معنى له. وفيه مضافاً إلى ورود ما ورد على سابقة عليه أن مغفرة ما سيقع من المعصية قبل وقوعه تلازم ارتفاع التكاليف عنه(ص) عامة، ويدفعه نص كلامه تعالى في آيات كثيرة كقوله تعالى: (( إنَّا أَنزَلنَا إلَيكَ الكتَابَ بالحَقّ فاعبد اللَّهَ مخلصاً لَه الدّينَ )) (الزمر:2)، وقوله: (( وَأمرت لأَن أَكونَ أَوَّلَ المسلمينَ )) (الزمر:12)، إلى غير ذلك من الآيات التي تأبى بسياقها التخصيص.
على أن من الذنوب والمعاصي مثل الشرك بالله وافتراء الكذب على الله والاستهزاء بآيات الله والإفساد في الأرض وهتك المحارم، وإطلاق مغفرة الذنوب يشملها ولا معنى لأن يبعث الله عبداً من عبادة فيأمره أن يقيم دينه على ساق ويصلح به الأرض فإذا فتح له ونصره وأظهره على ما يريد يجيز له مخالفة ما أمره وهدم ما بناه وإفساد ما أصلحه بمغفرة كل مخالفة ومعصية منه والعفو عن كل ما تقوله وافتراه على الله، وفعله تبليغ كقوله، وقد قال تعالى: (( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاويل * لَأَخَذنَا منه باليَمين * ثمَّ لَقَطَعنَا منه الوَتينَ )) (الحاقة:44-46).
ومن ذلك: قول بعضهم إن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه مغفرة ما تقدم من ذنب أبويه آدم وحواء (عليهما السلام ) ببركته (ص) والمراد بمغفرة ما تأخر منه مغفرة ذنوب أمته بدعائه.
وفيه ورود ما ورد على ما تقدم عليه.
ومن ذلك: أن الكلام في معنى التقدير وإن كان في سياق التحقيق والمعنى: ليغفر لك الله قديم ذنبك وحديثه لو كان لك ذنب.
وفيه أنه أخذ بخلاف الظاهر من غير دليل.
ومن ذلك: أن القول خارج مخرج التعظيم وحسن الخطاب والمعنى: غفر الله لك كما في قوله تعال: (( عََفا اللَّه عَنكَ لمَ أَذنتَ لَهم )) (التوبة:43).
وفيه أن العادة جرت في هذا النوع من الخطاب أن يورد بلفظ الدعاء كما قيل.
ومن ذلك: ان المراد بالذنب في حقه (ص) ترك الأولى وهو مخالفة الأوامر الإرشادية دون التمرد عن امتثال التكاليف المولوية، والأنبياء على ما هم عليه من درجات القرب يؤاخذون على ترك ما هو أولى كما يؤاخذ غيرهم على المعاصي المعروفة كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ومن ذلك: ما ارتضاه جمع من أصحابنا من أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما تقدم من ذنوب أمته وما تأخر منها بشفاعة (ص)، ولا ضير في إضافة ذنوب أمته (ص) اليه للإتصال والسبب بينه وبين أمته.
وهذا الوجه والوجه السابق عليه سليمان عن عامة الإشكالات لكن إشكال عدم الأرتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك: ما عن علم الهدى رحمه الله أن الذنب مصدر، والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معاً فيكون هنا مضافاً إلى المفعول، والمراد ما تقدم من ذنبهم اليك في منعهم إياك من مكة وصدّهم لك عن المسجد الحرام، ويكون معنى المغفرة على هذا الإزالة والنسخ لأحكام أعدائه من المشركين أي يزيل الله تعالى ذلك عنك ويستر عليك تلك الوصمة بما يفتح لك من مكة فتدخلها فيما بعد.
وهذا الوجه قريب المأخذ مما قدمناه من الوجه، ولا بأس به لو لم يكن فيه بعض المخالفة لظاهرة الآية)). (انتهى)



السؤال: شرح الرواية الواردة عن نبي الله دانيال (عليه السلام)
ورد عن وهابي في احد المنتديات الكلام التالي:
الإمام معصوم أما النبي فلا
عن أبي جعفر قال: " إن الله عز وجل أوحى إلى داود عليه السلام أن ائت عبدي دانيال فقل له: إنك عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك...
فلما كان في السحر قام دانيال فناجى ربه فقال: فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك ثم لأعصينك ثم لأعصينك"
(الكافي 2/316 كتاب الإيمان والكفر باب التوبة).
هذه الرواية فيها التصريح بأن دانيال عصى الله عدة مرات. وهذا يتناقض مع عقيدة الشيعة بعصمة الأنبياء والأئمة. وهذه واحدة من الروايات التي تطعن في الأنبياء وربما كانت أحد أدلة الشيعة في تفضيل الإمام على النبي. إذ كيف يقبل الشيعة هذه الرواية التي تزعم أن نبيا من أنبياء الله يخاطب الله بهذه الجرأة قائلا لأعصينك يا رب ثم لأعصينك ثم لأعصينك…!!!

الجواب:


الثابت عند الإمامية ـ أعزّهم الله ـ الاعتقاد بعصمة الانبياء (عليهم السلام) وتنزيههم عن الكبائر والصغائر وما يخل بمروءتهم (عليهم السلام)، وهذه العقيدة يمكن مراجعتها في كل الكتب التي تناولت عقائد الإمامية وتطرقت إلى عصمة الأنبياء(ع).
والرواية الوارده في (الكافي) بحق نبي الله دانيال (ع) فهي تحمل كما يحمل معنى قوله تعالى: (( وَعَصَى آدَم رَبَّه فَغَوَى )) (طه: 121)، على ترك الأولى بعد الثبوت القطعي لعصمة الأنبياء (عليهم السلام).
وأما قول نبي الله دانيال(ع): (( فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك..)).
فهو أقر بالتقصير واعترف بالعجز عن مقاومة النفس وكمال الانقطاع إلى الرغبة في العون والمد الإلهي في ان لا يكفله الله إلى نفسه طرفة عين أبداً ، لأنه سيعصيه عندئذ لا محالة، فهو ـ وكأن هذا هو لسان حال دانيال ـ ان لم يرحمه الله ويعصمه من الزلل فهو واقع في المعصية لا محالة، وهذا اللسان هو نفسه أو قريب منه الذي تكلم به نبي الله يوسف ـ كما يحكي ذلك القرآن الكريم عنه ـ حين قال: (( وَإلَّا تَصرف عَنّي كَيدَهنَّ أَصب إلَيهنَّ وَأَكن منَ الجَاهلينَ )) (يوسف:33) .



السؤال: قول ( يا محسن قد اتاك المسيء ) هل يقدح في العصمة ؟
لقد سمعت أن الإمام الحسن (ع) كان يقف عند باب المسجد ويقول (( يا محسن قد أتاك المسيء... ))
ماذا كان يقصد الإمام الحسن (ع) بهذا القول؟
وهو ردكم على الذي يقول أن الحسن (ع) ليس معصوم لأنه كان يقول (( قد أتاك المسيء )) ؟...
الجواب:

ليس الإساءة المذكورة هنا في كلام المعصومين هي الإساءة القادحة بالعصمة، بل هي قد تكون لحظة من لحظات القلوب التي يكون التوجه فيها إلى المراتب العليا متأخراً وهذه تعد في نظر أولئك الواصلين إساءة وذنب تحتاج إلى الاستغفار فالإساءة المذكورة شيء اعم من الذنوب القادحة في العصمة وقد يكون الإمام ينزل نفسه منزلة المسيء تدللاً لله تعالى وطلباً للمزيد من الرحمة.
ثم إنه لو قيل ان الإساءة المراد بها الذنب لا كما ذكرنا فنقول ان أدلة العصمة قطعية عندنا وثابته لجميع الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ولو ورد ما ينافي هذا الدليل القطعي لابد من تأويله بما ينسجم مع العصمة ذات الدليل القطعي ونأول كل النصوص الواردة في الأنبياء والأئمة بالتي يكون ظاهرها مخالفاً للعصمة.

يتبع


hguwlm Lhszgm ,h[,fm hguwlm



رد مع اقتباس