عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/05/04, 09:03 PM   #1
فدك الزهراء


معلومات إضافية
رقم العضوية : 13
تاريخ التسجيل: 2011/12/24
الدولة: في الدنيا
المشاركات: 2,091
فدك الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : فدك الزهراء is on a distinguished road




عرض البوم صور فدك الزهراء
Icon42 قبسات من حياة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السّلام

قبسات من حياة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السّلام
إن الحديث عن الزهراء عليها السّلام في أي جانب من جوانب حياتها وفي أي مرحلة من مراحل تلك الحياة لا ينفصل عن الحديث المسهب عن أشخاص لازموا حياتها، وشاركوها المعاناة والمحنة، ولذلك لا ينفك ذلك الحديث عن أمور وفضائل ومؤهلات جعلت من الزهراء عليها السّلام وممّن عنينا من الأشخاص أناساً تقدّموا البشر، وفاقوهم علماً وعملاً ونوراً وكمالاً، وقرباً من الله سبحانه دون أن يتقدموا نبيهم صلّى الله عليه وآله أو يسبقوه بقولٍ أو فعل.
فالحديث عن فاطمة البنت عليها السّلام، يعود للأصل الطاهر المبارك والمنبت الزكي، فهي فاطمة بنت محمد صلّى الله عليه وآله سيد الورى، وأمها خديجة عليها السّلام التي أقرأها جبريل عن ربها السلام.. « ولم يولد لرسول الله صلّى الله عليه وآله من خديجة على فطرة الإسلام إلاّ فاطمة عليها السّلام » (1).
والحديث عن فاطمة الزوجة عليها السّلام، يرتبط بالحديث عن سيد الأوصياء أمير المؤمنين وإمام المتقين علي ابن أبي طالب عليه السّلام أول المؤمنين، وأشدّ المجاهدين، وأعزّ المناصرين لله ورسوله وهو رجل « يحبّ الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرّار غير فرّار » كما وصفه الرسول صلّى الله عليه وآله في عشية معركة خيبر (2).
والحديث عنها كأمّ يتلازم مع ذكر سيدَي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، عليهما السّلام، وأمّ المصائب زينب..
ولا ينفصل كل ذلك عن الإسهاب في ذكر المناقب المتكاملة لأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، ففاطمة الابنة ملازمة لخير الورى صلّى الله عليه وآله مع وبعد أمها عليها السّلام تنهل من فيضه وعلمه ونوره، وفاطمة الزوجة والأم قدوة للنساء في حسن التبعّل والتربية، والريادة في الأمومة، والصبر والسعي لإسعاد بيت وأسرة، سعياً يرضاه الله لتستحق بذلك لقب سيدة نساء العالمين (3).
وحسبنا في هذه الصفحات أن نتناول بعض الجوانب المضيئة من تلك الحياة القصيرة بمقياس الزمن والسنوات، العامرة بمقياس الفضائل والكرامات.

فاطمة أم أبيها
إذا أردنا أن نتجنب الحديث عن العاطفة الأبوية والبنوية لفاطمة وأبيها صلّى الله عليه وآله فإننا لن نغفل عن الفخر والكرامة التي يعتزّ ويتباهى بها الناس بصحبة رسول الإنسانية محمد صلّى الله عليه وآله وبالتالي تكون فاطمة عليها السّلام أكثر الناس صحبة وقرباً وتعلقاً واستفادة من أبيها صلّى الله عليه وآله، فهي لازمته منذ نعومة الأظفار في ذلك البيت النبوي الهانئ برضى الرب، المُنار ببهاء جبريل عليه السّلام، في ذلك الجو الرسالي النبوي ولدت ونشأت فاطمة الصديقة، تحبو بين يدي سيد الرسل صلّى الله عليه وآله وأولى المؤمنات، وتكبر مع تعاظم الرسالة وانتشارها.. وترعرعت في هدءة ذاك البيت المكي على تراتيل ملائكة الرحمان، تغفو وتنتبه وتصحو على أصوات التلاوة والعبادة والذكر.. لا يؤرق ليلها أو نهارها إلا أصداء أصوات المشركين تزعج أباها في سجوده في البيت الحرام يستهزئون، يتجرّأون ويؤذون الرسول والرسالة.. فتسرع فاطمة عليها السّلام تسابق الزمن في دفاعها عن أبيها صلّى الله عليه وآله، تمسح عنه الغبار والدماء، وترفع السلى عن ظهره (4) وتشاركه في الشِّعْب والحصار، تعاني كالمسلمين جوعاً وأذى وقطيعة رحم من قرشيي مكة..
وتلبي خديجة عليها السّلام نداء ربها، وتذر فاطمة عليها السّلام لأبيها صلّى الله عليه وآله يواسي أحدهما الآخر، ثم يهاجران تلقاء المدينة إرضاء للرب، وابتغاء تثبيت أركان الإسلام على أرض الأنصار.
وفاطمة إلى جنب أبيها صلّى الله عليه وآله تلازمه وتتلقف منه..
فعن عائشة قالت: « ما رأيت من الناس أحداً أشبه كلاماً وحديثاً برسول الله صلّى الله عليه وآله من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه رحّب بها وقبّل يديها وأجلسها في مجلسه، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحّبت به فقبّلت يديه » (5). وعنها أيضاً: « ما كان من الرجال أحب إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله من علي، ولا من النساء أحب إليه من فاطمة » (6).
وكيف لا تكون فاطمة عليها السّلام كذلك وهي أكثر الناس التزاماً بأوامر الله وطاعته وطاعة رسوله، بالأخذ عن الرسول صلّى الله عليه وآله، واحترامه وتقديره، وعدم التقدم بين يديه. فقد روي عن الصادق عليه السّلام: « قالت فاطمة عليها السّلام: لما نزلت « لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً »: تهيّبتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله أن اقول له: يا أبه. فجعلت أقول: يا رسول الله... ثم أقبل علَيّ فقال: يا فاطمة إنها لم تنزل فيكِ ولا في أهلك.. » (7).
وفي حادثة أخرى تقول عليها السّلام: « فدخلت على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلمت عليه ورجعت، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: ما لكِ ؟ قالت: والله ما استطعت أن أكلم رسول الله صلّى الله عليه وآله من هيبته... » (8).
فهل يبقى تساؤل أو أدنى شك حول أهليتها لمقام سيدة النساء. وتقدير النبيّ صلّى الله عليه وآله لها حيث إنه « كان النبي صلّى الله عليه وآله إذا قدم من سفر بدأ بفاطمة فدخل عليها فأطال عندها المكث... » (9). و « كان النبي صلّى الله عليه وآله يبدأ في سفره بفاطمة ويختم بها... » (10).
فدخوله عليها صلّى الله عليه وآله لا لأنها ابنته فحسب، وإنما لقدَرْها وكرامتها وكرامة أهل بيتها للمسلمين.. كيف لا وهي لم تحتج أكثر من إشارة منه لتسرع إلى أمره وإرضائه حيث « إن رسول الله صلّى الله عليه وآله دخل على ابنته فاطمة عليها السّلام وإذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها، فقطعتها ورمت بها، فقال لها: رسول الله صلّى الله عليه وآله: أنت مني يا فاطمة... » (11). وفي رواية «... فنزعت قلادتها وقرطيها ومِسكتيها، ونزعت الستر فبعثت به إلى أبيها وقالت: اجعل هذا في سبيل الله، فلما أتاه صلّى الله عليه وآله قال: قد فعَلَتْ، فداها أبوها ( ثلاث مرات ) ما لآل محمد وللدنيا، فإنهم خُلِقوا للآخرة... » وفي رواية أضاف: « فإن هؤلاء أهل بيتي، ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا » (12).
فهذه فاطمة المرأة الطاهرة تلازم أباها ويلازمها، تعوّضه فَقْد أمه وفقد أمها، وتريه ما يحبّ أن يراه منها على أحسن حال وكمال، من حيث الأدب والخلق والعبادة والزهد والطاعة والتقى.
عن أمّ سلمة قالت: « تزوجني رسول الله صلّى الله عليه وآله وفوّض أمر ابنته فاطمة إليّ فكّنت أؤدبها، وكانت والله أأدبَ مني وأعرف بالأشياء كلها » (13).
وعن عائشة قالت: « ما رأيت أحداً قط أصدق من فاطمة غير أبيها صلّى الله عليه وآله... » (14).
وخير من وصفها به هو علي عليه السّلام إذ « سأل النبيُّ صلّى الله عليه وآله علياً عليه السّلام: كيف وجدتَ أهلك ؟ قال: نعم العونُ على طاعة الله » (15).

عبادة سيدة النساء
عن الحسن عليه السّلام قال: « رأيت أمي فاطمة قامت في محرابها ليلة جمعتها، فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتّضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه لِمَ لا تدعين ( لَم لم تدعي ) لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت: يا بُنيّ، الجار ثم الدار » (16).
وعن ابن عباس عن آية كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ( الذاريات / 17 ) قال: « نزلت في علي والحسن والحسين وفاطمة » (17).
وعن الحسن البصري قال: « ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة، كانت تقوم حتّى تورّم قدماها » (18).
ومن شدة عبادة فاطمة عليها السّلام، وخشيتها من ربها ومن يوم الحساب وعمق إيمانها روي أنه لما نزلت آية وإنّ جهنم لموعدهم أجمعين... بكى النبيّ صلّى الله عليه وآله بكاء شديداً، وبكت صحابته لبكائه، ولم يدروا ما نزل به جبرائيل عليه السّلام، ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلّمه، وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله إذا رأى فاطمة فرح بها، فانطلق بعض أصحابه... وأخبرها بخبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وبكائه... فلما دخلت فاطمة على النبيّ صلّى الله عليه وآله... ثم قالت: يا أبتِ فديتك، ما الذي أبكاك ؟ فذكر لها ما نزل به جبرائيل... فسقطت فاطمة عليها السّلام عليها السّلام على وجهها وهي تقول: الويل ثم الويل لمن دخل النار! » (19).

فاطمة الزوجة والأم.. صبر ومعاناة
قد لا يتحمل قلب المؤمن ذكر الآلام والمآسي والمعاناة والظلامات التي لاقتها فاطمة عليها السّلام مع أمها عليها السّلام وأبيها صلّى الله عليه وآله في مكة أثناء الأذى والملاحقة والرمي والسلى والحجارة، ثم الحصار والتآمر.. ومرارة الهجرة عن الوطن، فضلاً عن عذاب الهجرة نفسها ومخاطرها، وملاحقة المشركين لها ولمن معها في الطريق، وصدّ عليٍّ لهم عمن معه.. (20) ولكن لم يكفِ فاطمة ما تحمّلته صابرة محتسبة في مكة حتى بدأت رحلتها الجهادية من نوع آخر في المدينة المنورة، وخصوصاً بعد تزويجها ممن لولاه « لما كان لها كفوٌ على وجه الأرض » (21) ابن عم أبيها صلّى الله عليه وآله علي ابن أبي طالب عليه السّلام.
فلئن كانت المرأة غالباً تهنأ بدفء الحياة الزوجية واستقرارها، وقرب الزوج منها خصوصاً حين تكون قريبة عهد بالزواج، فلقد كانت فاطمة عليها السّلام مثالاً وقدوة للمؤمنات حيث كانت سعادتها منذ بدء زواجها بخروج زوجها عليه السّلام مع أبيها صلّى الله عليه وآله للغزو والجهاد في سبيل الله. ولا ينسى المرء السفر والمشاق وطول المدة التي كان يستغرقها الغزو والسفر آنذاك، حيث كانت بعض الغزوات تمتد لأشهر أو أسابيع. وفاطمة عليها السّلام صابرة على غياب زوجها مع أبيها، راضية بذلك تحفظه في غيبته، وتربي ولده كما يرضى الله، فضربت المثل الأعلى لنساء المؤمنين في الصبر والمواساة والرضى بأمر الله وطاعته.
ومن ناحية أخرى فقد صبرت فاطمة على الفقر مع زوجها.. فبالإضافة لحالة الفقر العامة آنذاك كانت حياة علي وفاطمة عليها السّلام في بيتهما حياة عناء، بلحاظ المادة وشظف العيش.
فعن عمران بن الحصين قال: « كنت عند النبيّ صلّى الله عليه وآله جالساً إذ أقبلت ( فاطمة ) وقد تغير وجهها من الجوع » (22).
وقال لها علي يوماً: « يا فاطمة هل عندك شيء ؟ قالت: والذي عظّم حقّك ما كان عندنا منذ ثلاثة أيام شيء... » (23).
وقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله يوماً « ما لي أرى وجهك أصفر ؟ قالت: يا رسول الله الجوع » (24).
فما الذي كان يدفع فاطمة عليها السّلام للرضى والصبر على هذه المأساة لولا إيمانها وقناعتها بضرورة الجهاد والغزو في سبيل الله، لترتفع راية الإسلام، وبذلك تكون شريكة أبيها صلّى الله عليه وآله وبعلها عليه السّلام في الأجر والثواب ؟
ومن ناحية ثالثة كانت عليها السّلام مثال المرأة التي تلتزم بوصية رسول الله صلّى الله عليه وآله: « جهاد المرأة حسن التبعّل »، ولذلك فلنسمع} علياً عليه السّلام يصف حالها وهي تقوم بخدمة بيتها وتربية ابنائها:
«.. إنها جرّت بالرحى حتّى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت النار حتّى دكنت ثيابها، وأصابها من ذلك ضر... » (25).
وعن أبي جعفر عليه السّلام قال: « إن فاطمة ضمنت لعلي عليه السّلام عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت، وضمن لها علي عليه السّلام ما كان خلف الباب... » (26).
وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه: « كانت فاطمة جالسة قدامها رحى تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دم سائل ( من يدها ) والحسين في ناحية الدار يتضوّر من الجوع... » (27).
هذه هي فاطمة البتول أمّاً وزوجةً وبنتاً. قال الطريحي: « والبتول فاطمة الزهراء عليها السّلام بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، قيل سمّيت بذلك لانقطاعها إلى الله وعن نساء زمانها فضلاً، وعن نساء الأمة فضلاً وحسباً وديناً » (28).



rfshj lk pdhm hgw]~drm th'lm hg.ivhx ugdih hgs~ghl



توقيع : فدك الزهراء
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس