عرض مشاركة واحدة
قديم 2020/06/17, 08:07 AM   #2
ابراهيم علي عوالي العاملي

موالي جديد

معلومات إضافية
رقم العضوية : 5752
تاريخ التسجيل: 2020/05/02
المشاركات: 21
ابراهيم علي عوالي العاملي غير متواجد حالياً
المستوى : ابراهيم علي عوالي العاملي is on a distinguished road




عرض البوم صور ابراهيم علي عوالي العاملي
افتراضي

وعن جابر قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): (يا جابر! لا أخرجك الله من النقص ولا التقصير).
فالعمل الواحد إذن قد يؤدي بالإنسان إلى طريق الله تعالى ويقرّبه من الله، وقد يحجبه ويقطعه عن الله تعالى والفارق الرؤية، وهو أمر عظيم يستحق من الإنسان كل اهتمام.
فقد لا يختلف عمل عن عمل من حيث الحجم والوزن، ولكن أحدهما يقرب العبد إلى الله تعالى والآخر يبعده عنه تعالى.
"العجب والإعتداد بالنفس والأنانية"
"العجب" حالة واحدة من ثلاث حالات ناتجة عن انشداد الإنسان بمحور الأنا، وهذه الحالات الثالثة هي "العجب" و"الاعتداد بالنفس" و"الأنانية".
و"العجب" هو أن يستأثر الأنا بإعجاب الإنسان ويحجبه عن رؤية فضله تعالى ورحمته به، وفي مقابل "العجب" الشعور بالتقصير والعجز عن أداء شكره ومقابلة فضله ورحمته بالطاعة والعبادة.
والاعتداد بالنفس هي حالة أخرى من حالات الانشداد للنفس تتلخص في اعتماد النفس وطرح الثقة بها في مقابل التوكل على الله ووضع الثقة المطلقة في الله تعالى، وهما حالتان من الاعتماد والثقة في مقابل العمل. وفي الحالة الأولى يضع الإنسان ثقته في نفسه، ويعتمدها وهي الحالة الانحرافية في التعامل مع النفس، وفي الحالة الثانية يضع الإنسان ثقته في الله تعالى ويعتمده في شؤونه وحياته وأعماله كلها وهي الحالة السوية في التعامل.
والحالة الثالثة من حالات الانحراف النفسي في انشداد الإنسان بنفسه هي حالة الأنانية، وهي حالة يكون فيها "الأنا" هو المحور الذي يدور حوله كل حركة الإنسان ونشاطه، ويستأثر بكل فعالية الإنسان وتحركه، وفي مقابل هذه الحالة "الإخلاص لله" الذي يجعل من مرضاة الله تعالى محوراً لكل سعي الإنسان وحركته ونشاطه.
إذن هناك ثلاث حالات من الانشداد بالذات هي "العجب، الاعتداد بالنفس، الأنانية". وهي حالات انحرافية في نفس الإنسان نابعة من إنشداد الإنسان لنفسه وحبه لها وفي مقابلها حالات ثلاثة سوية من الانشداد بالله تعالى والتعلق به وإيثار مرضاته على كل شيء وهي "الإحساس بالتقصير والعجز من أداء شكر الله تعالى والتوكل على الله، والإخلاص لله".
أقسام العُجب
قد يعجب الإنسان بنفسه وملكاته وخصاله وقد يعجب الإنسان بأعماله وقد تكون خصاله وملكاته التي تعجبه خصالاً وملكات صالحة، وقد تكون خصالاً وملكات سيئة. فقد يعجب الإنسان بما في نفسه من رأفة ورحمة، وقد يعجب الإنسان بما في نفسه من قسوة وغلظة. وقد تكون أعماله التي تعجبه أعمالاً صالحة وحسنات، وقد تكون أعمالاً فاسدة وسيئات، فقد يعجب الظالم بظلمه وإجحافه وتعسفه بالناس، ويحسب أن ذلك من متطلبات الحزم والقوة. وهو أقبح أنواع العجب، ويصف الله تعالى في كتابه أصحاب هذه الحالة بالاخسرين أعمالاً.
يقول تعالى: (قُل هَل نُنبّكُم بالأخسَرينَ أَعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحَيَوةِ الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنونَ صُنعاً، أُولئِك الذينَ كفرُوا بآيتِ ربهم ولقائهِ فحبطت أعمالُهم فلا نُقيمُ لهم يومَ القيَمةِ وَزناً) (الكهف:104).
مراحل العُجب
للعجب مراحل في نفس الإنسان. فقد يعجب الإنسان بنفسه وخصاله وأعماله وتمتلئ نفسه زهواً بما عنده من خصال وأعمال فيحجبه هذا الشعور عن رؤية فضل الله تعالى عليه ورحمته به. وإنما تحجبه خصاله ومواهبه عن الله إذا فصلها عن الله تعالى وربطها بنفسه، كأنها أشياء تخصه وهو صاحبها وليس لله تعالى فيها عليه فضل. فيحجبه هذا الشعور عن الله تعالى، ويكون الأنا حجاباً للإنسان.
أما إذا كان إحساسه بنفسه وخصاله وأعماله في امتداد إحساسه بفضل الله تعالى ورحمته، فهذا الإحساس لا يحجبه عن الله تعالى، بل يعمق ارتباطه بالله، ويكرس ذلك الله تعالى في نفسه.
والمرحلة الأخرى من العجب أن يتجاوز الإنسان مرحلة العجب بالنفس وخصالها وأعمالها إلى مرحلة الادلال على الله سبحانه، فيتصور الإنسان أن له بأعماله دالة على الله تعالى وهذه مرحلة "الادلال".
ويأتي بعد هذه المرحلة مرحلة "التوقع" من الله، فيتوقع الإنسان من الله ألا يرد له دعاء مثلاً أو أن لا يصيبه بسوء ومكروه، ولا يقوم هذا التوقع على أساس من حسن الظن بالله تعالى ورحمته ومنّه على عباده، وإنما يقوم على أساس الإحساس باستحقاق من الله تعالى بإزاء عمله وجهده. وهذه المرحلة من العجب أقبح من سابقتها.
ويأتي بعد هذه المرحلة مرحلة "العتاب" و"الاعتراض" المكتوم على الله إذا لم تتحقق توقعات الإنسان كما يريد، وكما يرى أنه يستحقها من الله تعالى، عندئذ يضمر العتاب والاعتراض في نفسه على الله تعالى، وهو على حد الكفر بالله تعالى وهو أقبح من سابقه.
ويأتي بعد هذه المرحلة مرحلة "المن" على الله. فإن الإنسان إذا تمادى في شعوره هذا يستدرجه الشيطان إلى الإحساس بالمن على الله، فيتصور أنه قد أفاد دين الله، ونفع رسالة الله، وأدى خدمة إلى الله تعالى. وهو من أقبح أنواع العجب، وهو على حد الكفر بالله تعالى كما ذكرنا، أو من الكفر بالله أعاذنا الله تعالى منه.
أسباب العجب
العجب يتكون من عنصرين: الانبهار بـ"الأنا" والغفلة عن الله تعالى وهما مرتبطان ومتداخلان. فإن الانبهار بـ"الأنا"، إذا فصله الإنسان عن الله تعالى يحجب الإنسان ويغفله عن الله، والعكس كذلك صحيح. فإن الانصراف والغفلة عن ذكر الله يعطي الفرصة للانا ليستأثر بمشاعر صاحبه، ويبهره.
إلا أن جذور حالة العجب تكمن في "الغفلة" عن ذكر الله، فإن الإنسان إذا كان ذاكراً لله تعالى، مستحضراً لعظمته وجلاله ورحمته ونعمائه لا يمكن أن يكبر عنده "الأنا"، ولا يمكن أن يستأثر الأنا باهتمامه وإعجابه وذكره، وإنما يبرز "الأنا" في حياة الإنسان بقدر ما يغيب ذكر الله عن قلب الإنسان. وعلى ذلك فإن علاج "العجب" أيضاً هو من نفس سنخ السبب، وهو استعادة ذكر الله وتمكينه من العقل والقلب، وتكريس "الذكر" من النفس.
وليس الذكر من مقولة القول واللفظ في شيء، وإنما القول واللفظ تعبير وإبراز للذكر، وحقيقة الذكر هو استحضار صفات الله وأسمائه الحسنى ونعمائه في النفس.
أعراض العجب
من أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان "العجب" وخطورة هذا المرض تنشأ من خطورة الاعراض والنتائج المترتبة عليه ونحن نشير فيما يلي إلى بعض أعراض حالة العجب.
الاستكبار
إن حالة العجب تكرس "الأنا" في نفس الإنسان وتدفع الإنسان إلى تضخيم حجم "الأنا" في نفسه، وفي نفس الوقت تؤدي إلى ضمور ذكر الله في قلب الإنسان.
وهذا التورم في "الأنا" عندما يقترن بضمور ذكر الله في النفس يصبح أساساً لحالة انحرافية مريضة خطيرة في النفس يبتغي فيها الإنسان التمييز والكبر على الآخرين ويتصنع فيها الكبر والتمييز، وهي الحالة التي يسميها القرآن بالاستكبار والتكبر. وقد يكون التكبر على الحق وحتى على آيات الله وأحكامه، فيرفض المتكبر أن يخضع للحق، ويرفض أن يقبل بآيات الله وأن يخضع لأحكامه وأمره ونهيه. وهذا الرفض واللجاج من أبرز خصائص التكبر.
وحالة التكبر والعناد هي الأساس لأعظم مصائب الإنسان وبؤسه وشقائه وهي التي حجبت أعداء الله تعالى من أمثال فرعون ونمرود وهامان وأبي سفيان وأبي جهل وعتاة قريش عن رؤية آيات الله وعن الخضوع لأحكامه تعالى. ومن قبل منعت إبليس عن السجود لآدم:
(وَلَقَد خَلَقنَكُم ثُمّ صَوّرنَكُم ثُمَّ قلنا للملئكةِ اسجدوا لآدام فسجدوا إلا إبليسَ لَم يَكُن مِنَ السجدين، قال ما منعك ألاّ تَسجُد إذ أمَرتُكَ قَالَ أنَا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَنِي مَن نَارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طِينٍ، قَالَ فاهبِط مِنهَا يَكُون لَكَ أن تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخرُج إنكَ مِنَ الصاغِرينَ) (الأعراف:10ـ13).
وما أضر بالإنسان شيء أعظم من "التكبر" وما يهلك الناس ويدفعهم إلى جهنم شيء أعظم من "التكبر".
والذي يمعن النظر في كتاب الله يرى أن التكبر هو أساس "الإعراض عن الإيمان بالله تعالى" والإعراض عن "لا إله إلا الله".
(إنَّهُم كَانُوا إذاَ قِيلَ لَهُم لا إِلَهَ إلاّ اللهُ يَستكبِرُونَ) (الصافات:35).
وأساس الإعراض عن دعوة الأنباء:
(أَفَكُلّمَا جَاءَكُم رَسُولٌ بمَا لا تَهوَى أنَفُسُكُمُ استكبَرتُم) (البقرة:87).
وأساس الكفر بالله ورسوله:
(قَالَ الذِينَ استكبَرُوا إنّا بالذي أمَنتُم بِهِ كفرُونَ) (الأعراف:76).
وأساس العناد واللجاج والصدّ عن سبيل الله:
(… لَوَّوا رُءُسَهُم وَرَأيتهُم يَصُدونَ وَهُم مُستكبِرُونَ) (المنافقون:5).
(واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً) (نوح: 7).
(قالَ الملأُ الذين استكبرُوا لنُخرِجنكَ يَشُعيبُ) (الأعراف:88).
والاستكبار يؤدي إلى الاستنكاف عن عبادة الله تعالى:
(وَمَن يَستَنكِف عَن عِبَادِتِهِ وَيِستَكبِر فَسَيَحشُرُهُم إِليهِ جميِعاً) (النساء:172).
وهؤلاء المتكبرون إذا تمادوا في الكبر يطبع الله على قلوبهم وأبصارهم:
(كذلكَ يَطبَعُ اللهُ عَلى كُلّ قَلب] مُتَكَبِرٍ جَبّارٍ) (غافر:35).
(وّإذا تُتلَى عَلَيهِ ءَايَتُنَا وَلّى مُستَكبِراً كَأَن لَم يَسمَعهَا) (لقمان:7).
وهؤلاء تغلق عليهم أبواب السماء "أبواب الرحمة".
(إنَّ الذِينَ كَذَّبُوا بِآيَتِنَا وَاستكبَرُوا عَنهَا لا تُفَتَّحُ لَهُم أَبوَبُ السَّماءٍ…) (الأعراف:40)، وتتفتح عليهم أبواب جهنم:
(قِيلَ ادخُلُوا أَبوَابَ جَهَنّّم خَلِدِينَ فِيهَا فَبئسَ مَثوَى المُتَكَبِرِينَ) (الزمر:72).
(…أليسَ فِي جَهَنَّمَ مَثوى للمُتَكَبرينَ) (الزمر:60).
الانحراف المركب
والانحراف على شكلين: بسيط ومركب. وأما البسيط فهو أن ينحرف الإنسان عن صراط الله تعالى عالماً بانحرافه، وأمر هذا الانحراف أهون من غيره، فإن فرص الاستقامة تبقى قائمة للإنسان عندما يكون انحرافه بسيطاً. أما إذا كان صاحب الانحراف يؤمن بأنه يحسن صنعاً ويسير على الصراط المستقيم فذلك من الانحراف المركب (تركيب من الانحراف والجهل)، وهذا أخطر من الانحراف الأول. فإن الإنسان المنحرف يعتقد في هذه الحالة أنه ليس بمنحرف، وهذا التصور يفوت عليه فرص العودة والاستقامة.
يتبع


رد مع اقتباس