عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/02/02, 10:31 PM   #1
شجون الزهراء

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1426
تاريخ التسجيل: 2013/04/24
المشاركات: 6,684
شجون الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : شجون الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور شجون الزهراء
افتراضي قد ابْتُلِيَ الإسلام بفِكْر ضيِّق، تكْفِيرِيّ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين


قد ابْتُلِيَ الإسلام بفِكْر ضيِّق، تكْفِيرِيّ
أَنَّ الإِسْلَامَ دِينُ السَّلَامِ، وَدِيْنُ الرَّحْمَةِ، وَدِينُ الِانْفِتَاحِ إلا أنه قَدِ ابْتُلِيَ بفِكْر ضيِّق، تكْفِيرِيّ فِي الوَسَطِ السُّنِّيِّ وتضْلِيلِيّ فِي الوَسَطِ الشِّيعِيِّ.




عِنْدَمَا نَنْظُرُ إِلَى القُرْآنِ، بِوَصْفِهِ رُوحَ الشَّرِيعَةِ وَالعَقِيدَةِ نَرَاهُ لا يَنْظُرُ سَوَاءً إِلَى كُلِّ النَّاسِ، فَمَثَلًا عِنْدَمَا يَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الكِتَابِ فَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِنَظْرَةٍ سَوَاءٍ، وتساءل الشيخ عباس الموسى عن أَهْل الكِتَابِ، أَوِ الْمُخَالِفِينَ لِبَعْضِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانُوا مُسْتَضْعَفِينَ بِحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ مَعْرِفَةِ الحَقِّ فَهَلْ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ وَدُخُولِهِمُ النَّارَ؟
أن مصيرهم في أَقَلّ التَّقَادِيرِ الصَّحِيحَةِ أَنْ يَكُونَوا مَشْمُولين لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
أن رِوَايَات أهل البيت تُؤَكِّدُ أَنَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ والْمُرْجَوْنَ‏ لِأَمَرِ اللهِ وَأَصْحَابَ الأَعْرَافِ وَالْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ، وأن هَذَا خِلَافُ الرَّأْيِ التَّكْفِيرِيِّ والتَّضْلِيْلِيِّ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ هَؤُلَاءِ وَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ
الانجرار في طريق التكفير للمسلمين لمجرد كونهم لا يعرفون الولاية ولا يؤمنون بها، فقد نَهَى الإِمَامُ الصَّادِقُ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ، هَلْ هُمْ كَفَرَةٌ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِمْ لَا يَعْرِفُونَ الإِمَامَةَ وَالوِلَايَةَ أَوْ لَا، أَوْ أَنَّهُمْ كَفَرَةٌ بَعْدَ الْمَعْرَفَةِ والجُحُودِ
أن هذا قَوْلُ الْخَوَارِجِ، قول الإمام الصادق لأصحابه (أَمَا إِنَّهُ شَرٌّ عَلَيْكُمْ أَنْ تَقُولُوا بِشَيْ‏ءٍ مَا لَمْ تَسْمَعُوهُ مِنَّا)
بالخصوص إلى تَقْوِيَةِ الجَانِبِ الرُّوحِيِّ والتَحَرّك فِي خَطِّ اللهِ، والعِبَادَةِ، وأن يعيشوا مَعَ اللهِ فِي صَلَاتِهم وَصِيَامِهم وَمُخْتَلِفِ عِبَادَتهم،



طَغَيان الْمَادِّيَّة عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَتَجَاهل كُلّ مَا هُوَ رُوحِيٌّ وَقِيَمِيٌّ في هذا العَصْرٍ، لأن ذلك سيكون عَلَى حِسَابِ الأَخْلَاقِ وَالقِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ.
وبيّن أنه يمكن التَغَلّب عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى العِبَادَاتِ، فهي وَسَائِلُ مُهِمَّةٌ لِبِنَاءِ الرُّوحِ، وَتَنْمِيَةِ الْمُثُلِ وَالقِيَمِ الرُّوحِيَّةِ فِي الإِنْسَانِ.
الحرص على العِبَادَات لِلوِقَايَةِ مِنْ الِانْحِرَافِ،


الإِسْلَامُ بِوَصْفِهِ دِينًا سَمَاوِيًّا، وَبِوَصْفِهِ دِينًا اجْتِمَاعِيًّا، وَبِوَصْفِهِ دِينًا يَتَّصِفُ بِالسَّمَاحَةِ وَالرَّحْمَةِ فَإِنَّهُ يَسْعَى إِلَى أَنْ يَدْخُلَ كُلُّ النَّاسِ فِي رَحْمَتِهِ، مِنْ هُنَا عِنْدَمَا يَنْظُرُ القُرْآنُ إِلَى الإِنْسَانِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ بِمَا هُوَ إِنْسَانٌ بَعِيدًا عَنِ القَوْمِيَّةِ أَوِ الحِزْبِيَّةِ أَوِ الطَّبَقِيَّةِ أَوْ أَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّمْيِيزِ.
وَلَكِنْ، مَعَ أَنَّ الإِسْلَامَ دِينُ السَّلَامِ، وَدِيْنُ الرَّحْمَةِ، وَدِينُ الِانْفِتَاحِ، إِلَّا أَنَّ هُنَاكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ ضَاقَ فِكْرُهُ وَقَلْبُهُ مِنْ أَنْ يَتَحَمَّلَ غَيْرَهُ فِكْرًا ورُوْحاً وَواقِعاً خَارِجِيًّا، فَلَا يَرَى وُجُودًا وَحَقِيقَةً فِعْلِيَّةً إِلَّا لَهُ، وَلَا يَرَى حَقًّا لِلحُرِّيَّةِ وَالحَيَاةِ لِغَيْرِهِ، وَيَرَى نَفْسَهُ الحَقَّ الْمُطْلَقَ دُونَ غَيْرِهِ.
وَقَدِ ابْتُلِيَ الإِسْلَامُ بِهَذَا الفِكْرِ الضَّيِّقِ فَنَشَأَ فِي الوَسَطِ السُّنِّيِّ الفِكْرُ التَّكْفِيرِيُّ الَّذِي يَرَى أَنَّ غَيْرَهُ كَافِرٌ وَمُسْتَحِقٌّ لِلقَتْلِ وَمَصِيرَهُ الحَتْمِيَّ النَّارُ، وَنَشَأَ فِي الوَسَطِ الشِّيعِيِّ الفِكْرُ التَّضْلِيلِيُّ الَّذِي يَرَى أَنَّ غَيْرَهُ ضَالٌّ وَمُضِلٌّ وَخَارِجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالدِّينِ وَبِالتَأْكِيدِ لَيْسَ لَهُ مِنْ الجَنَّةِ نَصِيبٌ فِي فِكْرِهِمْ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ مِنْ هَذِهِ الفِرَقِ صَاغَتْ لَهَا مَنْظُومَةً عَقَائِدِيَّةً تُنَاسِبُ مُقْتَضَيَاتِهَا وَفِكْرَهَا إِيجَابًا، وَتَنْعَكِسُ عَلَى الآخَرِ سَلْبًا، فَالجَنَّةُ هِيَ لِأَصْحَابِ الفِكْرِ التَّكْفِيرِيِّ السُّنِّيِّ مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِهِمْ والتَّضْلِيلِيِّ الشِّيعِيِّ مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِهِمْ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ تَرَى نَفْسَهَا أَنَّهَا عَيْنُ الإِسْلَامِ وَمَنْبَعُهُ.
وَنَحْنُ عِنْدَمَا نَنْظُرُ إِلَى القُرْآنِ، بِوَصْفِهِ رُوحَ الشَّرِيعَةِ وَالعَقِيدَةِ نَرَاهُ لا يَنْظُرُ سَوَاءً إِلَى كُلِّ النَّاسِ، فَمَثَلًا عِنْدَمَا يَنْظُرُ إِلَى أَهْلِ الكِتَابِ فَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِنَظْرَةٍ سَوَاءٍ، فَهُنَاكَ مَنْ نَظَرَ إِلَى الشَّرِيعَةِ وَسَلَّمَ بِهَا وَآمَنَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِنَا وَعَلَى أَنْبِيَائِهِمْ كَمَا يُحَدِّثُنَا القُرْآنُ عَنْ ذَلِكَ (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّـهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) ﴿آل عمران: ١٩٩﴾ وَلِذَا فَإِنَّ القُرْآنَ يَرَى أَنَّهُمْ (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ)
وَهَذِهِ الآيَاتُ تَتَحَدَّثُ عَنْ أَنَّهُمْ مُشَارِكُونَ لِلمُؤْمِنِينَ فِي حُسْنِ الثَّوابِ، مَتَى مَا وَصَلَتْهُمُ الرِّسَالَةُ وَانْفَتَحُوا عَلَيْهَا وَآمَنُوا بِهَا، فَالأَمْرُ يَدُورُ مَدَارَ الإِيمَانِ بِاللهِ وَبِرُسُلِهِ فَلَوْ آمَنُوا كَانُوا هُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ سَوَاءً.
وَلَكِنَّ السُّؤَالَ: إِنَّ أَهْلَ الكِتَابِ، أَوِ الْمُخَالِفِينَ لِبَعْضِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانُوا مُسْتَضْعَفِينَ بِحَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ مَعْرِفَةِ الحَقِّ فِي مَجَالِ العَقِيدَةِ أَوْ مِنَ القِيَامِ بِوَظِيفَتِهِمْ فِي مَجَالِ الأَحْكَامِ، إِمَّا بِالْمَنْعِ الْمُبَاشِرِ كَمَا يَحْصُلُ بِالضَّغْطِ السِّيَاسِيِّ أَوْ بِالتَّضْلِيلِ ضِدَّهُمْ كَمَا كَانَ يَحْدُثُ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ، وَالصُّورَةُ هِيَ الصُّورَةُ وَالتَّأْرِيخُ يُعِيدُ نَفْسَهُ، بَلْ إِنَّ الظُّرُوفَ اليَوْمَ أَكْثَرُ تَضْلِيلًا مِنْ جِهَةِ قُوَّةِ الإِعْلَامِ، أَوْ لِظُرُوفٍ قَاهِرَةٍ أَفْقَدَتْهُمْ الْمُكْنُةَ مِنَ الوُصُولِ لِلحَقِّ فَهَلْ يُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ وَدُخُولِهِمُ النَّارَ؟



مَصِيرُ المُسْتَضْعَفِينَ فِي الآخِرَةِ
القُرْآنُ الكَرِيمُ عِنْدَمَا يَتَحَدَّثُ عَنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ - مَثَلًا - فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لَهُمْ مِنْ جِهَةِ عَجْزِهِمْ عَنِ الوُصُولِ لِلحَقِيقَةِ، وَهَؤُلَاءِ الْمُسْتَضْعَفُونَ لَوْ مَاتُوا عَلَى الكُفْرِ أَوْ عَلَى خِلَافِ الحَقِّ، فَهَلْ يُحْشَرُونَ كُفَّارًا كَمَا يَعْتَقِدُ البَعْضُ؟
إِنَّ أَقَلَّ التَّقَادِيرِ الصَّحِيحَةِ - كَمَا هُوَ مَفْرُوضُ القُرْآنُ- فِيمَنْ لَمْ تَقُمْ عِنْدَهُ الحُجَّةُ عَلَى بُطْلَانِ مَا هُوَ عَلَيْهِ - وَلَمْ يَكُنْ هُوَ الحَقُّ فِي وَاقِعِ الأمْرِ- هُوَ أَنْ يَكُونَ مَشْمُولاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّـهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ﴿التوبة: ١٠٦﴾ ، وَمَنْ هُمُ الْمُرْجَوْنَ لِأَمَرِ اللهِ؟
الإِمَامُ البَاقِرُ يُبَيِّنُ هَؤُلَاءِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ) قَالَ: قَوْمٌ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَقَتَلُوا مِثْلَ حَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ وَأَشْبَاهَهُمَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ إِنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ فَوَحَّدُوا اللَّهَ وَتَرَكُوا الشِّرْكَ وَلَمْ يَعْرِفُوا الْإِيمَانَ بِقُلُوبِهِمْ فَيَكُونُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَتَجِبَ لَهُمُ الْجَنَّةُ وَلَمْ يَكُونُوا عَلَى جُحُودِهِمْ فَيَكْفُرُوا فَتَجِبَ لَهُمُ النَّارُ فَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ)[1].
وَكَذَلِكَ الحَالُ بِالنِّسْبَةِ للمُسْتَضْعَفِينَ؛ وَلِذَا اسْتَثْنَاهُمْ اللهُ ﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾ فَاللهُ يَقْبَلُ مِنْهُمْ مَعْذِرَتَهُمْ بِالِاسْتِضْعَافِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ مِمَّا يَدْفَعُونَ بِهِ الْمَحذُورَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، (وَهَذَا المَعْنَى كَمَا يَتَحَقَّقُ فِيمَنْ أُحِيطَ بِهِ فِي أَرْضٍ لَا سَبِيلَ فِيهَا إِلَى تَلَقِّي مَعَارِفِ الدِّينِ لِعَدَمِ وُجُودِ عَالِمٍ بِهَا خَبِيرٍ بِتَفَاصِيلِهَا، أَوْ لَا سَبِيلَ إِلَى العَمَلِ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْمَعَارِفِ لِلتَّشْدِيدِ فِيهِ بِمَا لَا يُطَاقُ مِنَ العَذَابِ مَعَ عَدَمِ الاِسْتِطَاعَةِ مِنَ الخُرُوجِ وَالهِجْرَةِ إِلَى دَارِ الإِسْلَامِ وَالاِلْتِحَاقِ بِالْمُسْلِمِينَ لِضَعْفٍ فِي الفِكْرِ أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ نَقْصٍ فِي البَدَنِ أَوْ لِفَقْرٍ مَالِيٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِيمَنْ لَمْ يَنْتَقِلْ ذِهْنُهُ إِلَى حَقٍّ ثَابِتٍ فِي المَعَارِفِ الدِّينِيَّةِ وَلَمْ يَهْتَدِ فِكْرُهُ إِلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ مِمَّنْ لَا يُعَانِدُ الحَقَّ وَلَا يَسْتَكْبِرُ عَنْهِ أَصَلًا بَلْ لَوْ ظَهَرَ عِنْدَهُ حَقٌّ اتَّبَعَهُ لَكِنْ خَفِيَ عَنْهُ الحَقُّ لِشَيْءٍ مِنَ العَوَامِلِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ)وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْتَضْعَفَ صِفْرُ الكَفِّ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ لِعَدَمِ كَسْبِهِ أَمْرًا، بَلْ أَمْرُهُ إِلَى رَبِّهِ، وَهَؤُلَاءِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَشْمُلَهُمُ اللهُ بِعَفْوِهِ «فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً»
وَإِذَا مَا تَأَمَّلْنَا رِوَايَاتِ أَهْلِ البَيْتِ وُجَدْنَا نَفْسَ الْمَفْهُومِ القُرْآنِيِّ الَّذِي يَتَحَدَّثُ عَنْ مَعْذُورِيَّةِ هَؤُلَاءِ، کَمَا فِي الصَّحِيْحِ عَنْ زُرَارَةَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَحُمْرَانُ أَوْ أَنَا وَبُكَيْرٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ قُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَمُدُّ الْمِطْمَارَ، قَالَ: وَمَا الْمِطْمَارُ؟ قُلْتُ: التُّرُّ فَمَنْ وَافَقَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ تَوَلَّيْنَاهُ وَمَنْ خَالَفَنَا مِنْ عَلَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَرِئْنَا مِنْهُ، فَقَالَ لِي: يَا زُرَارَةُ قَوْلُ اللَّهِ أَصْدَقُ مِنْ قَوْلِكَ فَأَيْنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا)؟ أَيْنَ الْمُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ؟ أَيْنَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً؟ أَيْنَ أَصْحابُ الْأَعْرافِ؟ أَيْنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؟
فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وَرِوَايَاتٌ عَدِيدَةٌ تُؤَكِّدُ أَنَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ والْمُرْجَوْنَ لِأَمَرِ اللهِ وَأَصْحَابَ الأَعْرَافِ وَالْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ هَؤُلَاءِ لَا يَدْخُلُونَ النَّارَ، وَهَذَا خِلَافُ الرَّأْيِ التَّكْفِيرِيِّ والتَّضْلِيْلِيِّ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ هَؤُلَاءِ وَيَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ.
وَنَحْنُ لَوْ نَظَرْنَا إِلَى النَّاسِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ لَوَجَدْنَا أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ قُدْرَةٌ عَلَى مُوَاجَهَةِ الَّذِينَ يَفْرِضُونَ عَلَيْهِمْ العَقِيدَةَ البَاطِلَةَ وَالسُّلُوكَ الْمُنْحَرِفَ، وَلَا يَسْمَحُونَ لَهُمْ بِالتَّعَرُّفِ عَلَى العَقِيدَةِ الحَقَّةِ، لِأَنَّهُمْ يُغْلِقُونَ عَنْهُمْ سُبُلَ الْمَعْرَفَةِ مِنْ جَمِيعِ الجِهَاتِ، فَلَا يَجِدُونَ أَمَامَهُمْ إِلَّا البَاطِلَ الَّذِي يُحِيطُ بِهِمْ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ، وَلَا يَمْلِكُونَ -فِي الوَقْتِ ذَاتِهِ- حُرِّيَّةَ الحَرَكَةِ، فِي مَا يُرِيدُونَ أَنْ يَقُومُوا بِهِ مِنْ عَمَلٍ فِي نِطَاقِ الحَقِّ وَالهُدَى، لِأَنَّهُمْ يُحَدِّدُونَ لَهُمْ السَّاحَةَ الَّتِي يَتَحَرَّكُونَ فِيهَا وَيُحِيْطُونَهَا بِأَسْلَاكٍ شَائِكَةٍ، تَمْنَعُ النَّفَّاذَ مِنْهَا إِلَى سَاحَاتٍ أُخْرَى. وَلِذَا نَهَى الإِمَامُ الصَّادِقُ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ، هَلْ هُمْ كَفَرَةٌ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِمْ لَا يَعْرِفُونَ الإِمَامَةَ وَالوِلَايَةَ أَوْ لَا، أَوْ أَنَّهُمْ كَفَرَةٌ بَعْدَ الْمَعْرَفَةِ والجُحُودِ، كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ عَنْ هِشَامٍ صَاحِبِ البَرِيدِ (مَا تَقُولُونَ فِي خَدَمِكُمْ وَنِسَائِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ أَلَيْسَ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُونَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ وَيَحُجُّونَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَيَعْرِفُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمَا هُمْ عِنْدَكُمْ؟ قُلْتُ: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا الْأَمْرَ فَهُوَ كَافِرٌ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَمَا رَأَيْتَ أَهْلَ الطَّرِيقِ وَأَهْلَ الْمِيَاهِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ يُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ وَيَحُجُّونَ؟ أَلَيْسَ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَيَعْرِفُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمَا هُمْ عِنْدَكُمْ؟ قُلْتُ: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا الْأَمْرَ فَهُوَ كَافِرٌ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَمَا رَأَيْتَ الْكَعْبَةَ وَالطَّوَافَ وَأَهْلَ الْيَمَنِ وَتَعَلُّقَهُمْ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَلَيْسَ يَشْهَدُونَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ وَيُصَلُّونَ وَيَصُومُونَ وَيَحُجُّونَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَيَعْرِفُونَ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ؟ قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَمَا تَقُولُونَ فِيهِمْ؟ قُلْتُ: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ فَهُوَ كَافِرٌ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا قَوْلُ الْخَوَارِجِ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ أَخْبَرْتُكُمْ، فَقُلْتُ أَنَا لَا فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ شَرٌّ عَلَيْكُمْ أَنْ تَقُولُوا بِشَيْءٍ مَا لَمْ تَسْمَعُوهُ مِنَّا)




r] hfXjEgAdQ hgYsghl ftA;Xv qd~ArK j;XtAdvAd~



توقيع : شجون الزهراء

اِلـهي هَبْ لي كَمالَ الانْقِطاعِ اِلَيْكَ، وَاَنِرْ اَبْصارَ قُلُوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها اِلَيْكَ، حَتّى تَخْرِقَ اَبْصارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ اِلى مَعْدِنِ الْعَظَمَةِ، وَتَصيرَ اَرْواحُنا مُعَلَّقَةً بِعِزِّ قُدْسِكَ. اِلـهي وَاْجَعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَاَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ، فَناجَيْتَهُ سِرّاً وَعَمِلَ لَكَ جَهْراً.
رد مع اقتباس