عرض مشاركة واحدة
قديم 2013/03/06, 05:23 PM   #28
ملاك العشق

معلومات إضافية
رقم العضوية : 712
تاريخ التسجيل: 2012/11/16
الدولة: قلــ♥♥ــب اخـــ♥ــي
المشاركات: 4,069
ملاك العشق غير متواجد حالياً
المستوى : ملاك العشق is on a distinguished road




عرض البوم صور ملاك العشق
افتراضي

الجزء الثالث عشر

:: في قبضة الذنب ::

لقد كانت مواصلة الطريق صعبة للغاية, لكنني كنت أسير مستعينا ً بـ((حسن)) وفجأة وقع بصري نحو قعر الجبل فذهلت وتوقفت حيث شاهدت هيكلا ً ضخما ً يحمل شخصا ً مكبل اليدين والرجلين وهو غير آبهٍ بعويله وصراخه متوجها ً به نحو أعلى الجبل .
عرفت أن هذا الهيكل هو ذنب ذلك الشخص , وشاهدت ((حسن)) واقفا ً مثلي يراقب المنظر, لم يقترب ذلك الهيكل الأسود منا بعد وإذا بملائكة العذاب أطلّوا من خلف الجبل يحملون معهم الأغلال كأنهم على علمٍ بمجيء هذا الشخص. وعندما وصل الذنب عنهم ألقى بذلك المسكين وعاد إلى حيث أتى ضاحكا ً بصوتٍ عالٍ , فتناول الملائكة ذلك الشخص وكبلوا رجليه بالسلاسل وسحبوه نحوا وادي العذاب يضربون به الصخور.
دنا ((حسن)) مني وقال :هذا هو مصير الكافرين , ثمّ ضرب بيده على كتفي وقال : هيا بنا فالطريق صعب و طويل .

:: نور الإيمان ::

السلسلة الجبلية التي كنا نسير في سفحها كانت تعلو جبلاً تتصاعد منه النيران وتتصل بعنان السماء وقد سدّت الطريق أمام العابرين , شعرت بأنّ بلاءً جديداً قد برز أمامنا, فدنوت من ((حسن)) مضطربا ً مرعوبا ً وقلت له : يبدو أننا وصلنا طريقا ً مسدوداً , والطريق موصد أمامنا , قال لي ((حسن)) وهو يواصل طريقه : لا بأس عليك وتعال معي فهنالك كهوف صغيرة و قصيرة في هذا الجبل علينا أن نعبر أحدها لتدرك قوة إيمانك, فسألته متعجبا ً : قوة إيماني ؟
قال : بلى .
قلت : و كيف ؟
قال : اعلم أنّ كلّ إنسان ينال السعادة يوم القيامة على قدر إيمانه , وهنا صورة مصغرة لمقياس قوة الإيمان وعلى كلّ حال عليك النظر لا الكلام.
من ردّه فهمت أنّه عليَّ الصمت .
ثم ظهر أمامنا نفقٌ ضيق مظلم لا نافذة فيه ولما دخلناه أصابني الهلع لشدة ظلامه, وبعد خطوات توقفت وقلت لـ((حسن)) : المسير في هذه الظلمة موحش وغير ممكن وما العمل إذا لحق بي الذنب في هذه الظلمة ؟
دنا ((حسن)) مني وقال : لا تفكر بمجيء الذنب , فالضربة التي أنزلتها به لن تجعله يلحقنا بهذه السرعة بالإضافة إلى أنّه يضعف أكثر فأكثر في كل لحظة.
سررت لخلاصي من شر الذنب لفترة, لكن التفكير بظلمة الطريق استحوذ عليَّ مرة أخرى لذلك فقد توجهت إلى ((حسن)) متسائلا ً:كيف سنتقدم في هذه الظلمة ؟
قال ((حسن)) : نظرا ً لما تتمتع به من إيمان سيظهر أمامنا نور يضيء لنا الدرب , بعد قليل من الوقت شعّ من وجه ((حسن)) بور أضاء الطريق لعدة أمتار .
سرت إلى جانب ((حسن)) مسرورا ً , وكنا نمرّ أحيانا ً بمستنقعات عميقة استطعت العبور منها بقوة إيماني .

:: المتوسلون ::

قطعنا قليلا ً من الطريق وإذا بصرخات وصياح في وسط ذلك الظلام يطرق مسامعي , ولما أنصت قليلا ً تبين أنّه صوت بعض المتوسلين بنا كي نفيض عليهم من نورنا فيقتبسوا منه ويسيروا على ضوئه .
كان ((حسن)) يسير أمامي فناداني قائلاً : لا تستمع لهم فإنّهم حثالات المنافقين والكافرين جاؤوا إلى هنا إنّهم لا يستحقون ولو قبسا ً ضعيفا ً من النور ومصيرهم السقوط في واحدٍ من هذه الحفر الموحشة, وحيث واجهنا إصراراً منهم توقف ((حسن)) وخاطبهم : إن كنتم بحاجة إلى نور الإيمان فارجعوا إلى الدنيا وأتوا به.
التفت أحدهم نحوي وقال : يا عبد الله ألم نكن نحن وأنتم من المصلين الصائمين ؟ فلماذا تقولون ارجعوا إلى ذلك العالم وأنت تعلمون أنّه مستحيل.
استشطت غضبا ً وصككت أسناني على بعضها وقلت لهم : نعم لقد كنتم معنا لكنكم كنتم تعملون للقضاء على ديننا لا نصرته , لقد كنت بالمرصاد تحاولون ضرب الإسلام وها أنتم الآن قد عرفتم أنكم كنتم من المخدوعين.

:: تخاصم المجرمين ::

انتهى كلامي معهم ثم دنوت من ((حسن)) وقلت له : هيا بنا لئلا يعاودون الإلحاح .
قال ((حسن)) : أما ترغب أن تستمع تخاصمهم وتنازعهم؟ تأمل جيدا ً, فأنصتُ لهم فسمعت أصواتهم في قلب الظلام وإذا بهم يخاطب بعضهم بعضا ً : (( لولاكم لكن مؤمنين وتمتعنا بنور الإيمان)) فردّ عليهم أولئك : أنحن صددناكم عن الإيمان ؟ فإن كنتم تريدون الإيمان لآمنتم .
مضت لحظات من الصمت ثم صرخ أحدهم غاضبا ً : إنّ فلانا ً هو السبب فقد بدأ بلاؤنا منذ أن استمعنا لم قاله وأطعناه !
فأجابه : لو أنكم لو تطيعوني طاعة عمياء, فارتفع صوت شخص آخر : لقد أطعناك في الدنيا فهيا أنقذنا مما نحن فيه .
وهنا ارتفع صوت كبيرهم قائلاً : (( أما ترون أننا جميعا ً مشتركون في العذاب فأنّى لي إنقاذكم )) وما أن انتهى كبيرهم من الكلام حتى بدأ الذي اتبعوه بالدعاء بالويل والثبور عليه قائلين : (( ربنا إننا بريئون فهو كبيرنا ومرشدنا في الدنيا فضاعف عليه العذاب )).
لم ينته تخاصمهم بعد فجذبني ((حسن)) وقال : هيا بنا نسير فإنّ نزاعهم لا نهاية له وسيطول نزاعهم في جهنم أيضا ً . وبعد خطوات تناهى إلى مسامعي صوت رهيب ٌ فسألت ((حسن)) عن مصدره فقال : هو صوت أحد المجرمين قد سقط في حفرة سحيقة .
سررن لأن مثل هذا العذاب لا يطالني وهذا ما دفعني إلى مواصلة الطريق بمزيد من الأمان .

:: سرعة العبور ::

تقدمنا قليلا ً وإذا ببعض أنوار خافتة و أخرى قوية نسبيا ً تلفت انتباهي . فتصورت أنهم طائفة مثلنا يسيرون على ضوء نورهم , ولم يمضِ سوى قليلٌ من الوقت حتى وصلنا شخصا ً يتخطى رويدا ً رويدا ً على ضوء واحد من الأنوار الخافتة جدا ً فسلمتُ عليه وسألته عن حالته فقال : لقد أصابني الإرهاق , فعلى الرغم من أنني أسير في هذا النفق منذ مدة طويلة لكنني لا زلت في بداية الطريق.
قلت : هذا بسبب قلت إيمانك , أيّد ما قلته له, وفي الوقت الذي كان يمسي ببطء تأوّه بشدة وقال : واحسرتاه واحسرتاه , ولم نبتعد عنه سوى خطوات وإذا بصراخه يعلو, أردت الرجوع لكن ((حسن)) قال بسرعة : لقد تعجّل وحيث أنّ نور إيمانه ضعيف جدا ً فقد هوى في إحدى الحفر , قلت : وما الذي سيحصل في نهاية المطاف؟
توقف ((حسن)) وقال : لا شيء فإنّ ((حسن)) الخاص به سينقذه, لكنه يصل مقصده متأخر جدا ً. وما أن انتهى ((حسن)) من كلامه سطع أمامنا نور أخذ بأبصارنا ولما اختفى سألت ((حسن)) متعجبا ً: مالذي حصل ؟ فتأوّه ((حسن)) وقال : لإنّه أحد علماء الدين قضى عمره مطيعا ً عابداً مخلصا ً لله , وهاهو الآن طوى هذا الطريق المظلم بسرعة فائقة مستنيرا ً بنور إيمانه , فتحسرت أنا أيضا ً وقلت : طوبى له , فيا له من نور ويا لها من سرعة.
دخل الهمّ فؤادي ووضعت رأسي بين ركبتي من الندم والخجل وقلت : واحسرتاه فهذا النور هو نتيجة أتعابي لسنوات طويلة من عمري .
ناديت نداءً انطلق من أحضائي : يا إلهي , يا عليماً بأحوال الأحياء والموتى انظر إليَّ وزدني نوراً ليسهل عليَّ العبور من هذا المعبر الشاق.
وبقيت على تلك الحال أبكي وأبكي حتى شعرت بأن النفق ازداد نوراً ولما رفعت رأسي من بين ركبتي شاهدت ((حسن)) وقد أصبح أكثر نورانية من ذي قبل فنهضت وتوجّهت نحوه مذهولاً وقلت له : لقد أصبحت أكثر نورانية !
قال : لقد منَّ الله عليك برحمته وأفاض عليك من بنورٍ مضاعف وهذا بلا شك يعتبر استجابة لدعائك في الدنيا حيث كنت كثيرا ً ما تطلب رحمة الله لسفرك الأخروي , ثمّ واصل كلامه : لا أحد يستطيع العبور من برهوت معتمدا ًعلى عمله الصالح , فلا بد من أن تشمله رحمة الله إلى جانب عمله .
سُررت كثرا ًوحمدت الله على لطفه ورحمته اللامتناهية , كنت أسير بسرعة وأمان أكثر حيث تجاوزت بعض الناس فيما استطاعت مجموعة أخرى تجاوزنا , مع أني كنت أشعر بالإرهاق لكنني لم أكن أبالي بسبب لهفي لوادي السلام , فقلت لـ((حسن)) : ما أطول هذا الممر ؟
فأجابني ((حسن)) وهو يحثّ الخطى بسرعة : لو أنّك صمدت أمام غبار الشهوات لكان الطريق قد سهل عليك كثيرا ً , والآن لا بأس فعليك الصبر قليلا ً فما أسرع أن ينتهي هذا الطريق ...

يتبــــــــع
[/quote]


توقيع : ملاك العشق
رد مع اقتباس