عرض مشاركة واحدة
قديم 2019/06/25, 10:56 PM   #4
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي

السبب الحقيقي لتغييب أبي بكر وعمر سنة النبي’!

روى أبو داود:2/404: (عن عمرو بن أبي قرة قال: كان حذيفة بالمدائن ، فكان يذكر أشياء قالها رسول الله(ص)لأناس من أصحابه في الغضب ، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من حذيفة فيأتون سلمان فيذكرون له قول حذيفة ، فيقول سلمان: حذيفة أعلم بما يقول ، فيرجعون الى حذيفة فيقولون له: قد ذكرنا قولك لسلمان فما صدقك ولا كذبك .
فأتى حذيفة سلمان وهو في مَبْقَلة فقال: يا سلمان ما يمنعك أن تصدقني بما سمعت من رسول الله(ص)؟ فقال سلمان: إن رسول الله(ص)كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه ، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه ! أما تنتهي حتى تورث رجالاً حبَّ رجال ورجالاً بغضَ رجال ، وحتى توقع اختلافاً وفرقة ؟ ولقد علمت أن رسول الله(ص)خطب فقال: أيما رجل من أمتي سببته سبَّةً أو لعنته لعنةً في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون ، وإنما بعثني رحمة للعالمين فاجعلها عليهم صلاة يوم القيامة . والله لتنتهين أو لأكتبن الى عمر ). انتهى .
فهذه الحادثة التي وقعت في المدائن في عهد عمر ، بين اثنين من كبار الصحابة ، تدل على أن حذيفة الذي أجمع المسلمون على أنه صاحب سر رسول الله’وأنه كان يعرف أسماء المنافقين ، كان يروي أحاديث غضب النبي’ على بعض أصحابه ولعنه إياهم ، وأنها كانت أحاديث خطيرة بحيث لو عرفها المسلمون لتبرؤوا من أولئك الصحابة ، وأن سياسة عمر كانت تحريم روايتها تحريماً مشدداً ، الى حد أن الوالي الذي يرويها يتعرض لغضب الخليفة وعقوبته عزله، حتى لو كان من وزن حذيفة أمين رسول الله ’! فسياسة عمر كانت التغطية المشددة على الممدوحين والملعونين على لسان النبي’ !!
أما الحديث الذي نسبته الرواية الى النبي’عن لسان سلمان&(إن رسول الله(ص)كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه ، ويرضى فيقول في الرضا لناس من أصحابه) ! فسوف تعرف أنه موضوع وأن النبي’لا ينطق عن الهوى وأن الملعونين على لسان الأنبياء^محكومٌ عليهم من الله تعالى بالطرد الأبدي من رحمته لعصيانهم وطغيانهم ، وأن اللعن الإلهي لا يمكن رفعه .
بل يفهم من الآيات والأحاديث أن لعنة الأنبياء^تجري في ذرية الملعون الى يوم القيامة ، فهو يبلغ حداً ينضب صلبه من الخير ويختار أولاده طريق الشر !
وهذا ما يفسر لنا تشاؤم العرب من الملعون ، فقد تشاءم عمر من ناقة لعنها بدوي ! فكيف بمن لعنه رسول الله’؟! روى في كنز العمال:3/877 (عن أبي عثمان قال: بينما عمر يسير ورجل على بعير له فلعنه ، فقال من هذا اللاعن؟ قالوا: فلان قال: تخلف عنا أنت وبعيرك ، لاتصحبنا راحلة ملعونة) !!

إن رواية أبي داود وأمثالها تدل على أن السبب الحقيقي في منع كتابة الحديث النبوي والتحديث ، هو التغطية على الذين غضب عليهم رسول الله ’ولعَنَهُم ، والتغطية على مَن مدحهم وأمرَ الصحابة والأمة باتباعهم ! وهذا واضح من قوله: (حتى تورث رجالاً حبَّ رجال ، ورجالاً بغضَ رجال ، وحتى توقع اختلافاً وفرقة) ، وأن الموضوع يتصل بأناس من وزن أهل البيت^ورجال السلطة كعمر وأبي بكر ! وهذا يستوجب إعادة النظر في أصل شرعية السلطة وشخصياتها !!

~ ~
 
الأسئلة

1 ـ أليس من حق المسلمين أن يعرفوا موقف نبيهم’من صحابته ، وقد بينه لهم وأبلغهم إياه وأمرهم بإبلاغه؟ فلماذا كتمه أبو بكر وعمر ، ونهيا عن كتابته وروايته ، والله تعالى يقول: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَابَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ. ؟!

2 ـ هل يستحق الصحابة الملعونون على لسان رسول الله’أن ترتكب السلطة تغييب السنة النبوية للتغطية عليهم ، وتتهم رسولَ الله’من أجلهم بأنه أخطأ في ذمهم ولعنهم ، كما أخطأ في مدح غيرهم من عترته^وشيعتهم ، وتفتري عليه بأنه يقول في الغضب والرضا غير الحق ، وهي تقرأ قول الله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى . ؟!



وايضا
كان هدفهم من منع تدوين الحديث هو منع وصول فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومناقبهم والأحاديث التي تثبت ولايتهم إلى الناس، لأن الأحاديث النبوية تزخر بهذا. ومع كل المنع الذي مارسه أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وسائر الحكام الأمويين والعباسيين؛ إلا أن الأحاديث في فضائلهم (صلوات الله عليهم) وصلتنا بكل هذا الكم الهائل والذي هو ليس سوى نزر يسير مما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! وما ذلك إلا لأن الحقيقة مثل الشمس، لا يمكن تغطيتها بشيء.
أما عن الذين اعترضوا على هذا المنع في زمان الثلاثة الغاصبين؛ فالتاريخ لم ينقل لنا على وجه التحديد من هم، لكننا من خلال قرائن أخرى كما وقع مع أبي ذر الغفاري (رضوان الله عليه) من اضطهاد عثماني بسبب روايته حديث رسول الله صلى الله عليه وآله؛ نفهم أنهم كانوا معترضين على هذا المنع الجائر








تفنيد ما زعموه من أعذار لتغييب السنة !

يرجع ما ذكره أبو بكر وعمر وأتباعهما ، في الدفاع عن منعهما من كتابة سنة النبي’وروايتها ، الى ثلاثة أمور :
الأول: أن هدفهما التثبت ومنع الكذب في التحديث عن النبي’، وقد اعتذر بذلك أبو بكر ، ثم اعتذروا به عن عمر .
الثاني: الخوف من انشغال الناس بالحديث عن القرآن . وقد ذكره عمر في أوائل خلافته .
الثالث: الخوف من اختلاط الحديث النبوي بالقرآن . وقد اعتذر به عمر ، ولعله في أواخر خلافته ، حيث كثر انتقاد الصحابة لسياسة منع التحديث !

~ ~

الأسئلة

1 ـ لماذا لم يرد عذر التثبت من الحديث إلا على لسان أبي بكر ، ولم يؤكد عليه عمر ، بل لم يذكره أبداً في حيثيات حكمه ؟

2 ـ إذا كان غرض السلطة التثبت في رواية الحديث عن النبي’، فلماذا لم تستعمل الطرق الطبيعية لتعليم الصحابة كيف يتثبتون ، فتعلن مثلاً أن يحضر كل من يحفظ حديثاً أو عنده شئ مكتوبٌ من السنة، الى دار الخلافة، ثم تكلف شخصاً أو هيئة للتثبت وطلب الشهود على كل حديث .
فهل خفي عليها ذلك حتى قامت بإحراق السنة وحرَّمت كتابتها وروايتها؟!
وقد قالت إنها استعملته في القرآن؟ أم أنها لم تكن تريد سنة النبي’أصلاً ، فجمعتها لكي تحرقها ! أما أنها كانت تريد الإنتقاء فتأخذ بعضها وتغيب بعضها؟!

3 ـ إن أبا بكر لم يكتف بحرق ما جمعه من مدونات الصحابة من السنة ، بل نهى عن الحديث كلياً ، وأمر المسلمين أن يكتفوا بما حلله القرآن وحرمه فقط، وهذا يكشف عن رفضه للسنة كلياً، بحجة أن فيها أحاديث مختلفاً فيها!
قال في تذكرة الحفاظ:1/2 عن أبي بكر: (جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله(ص)أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافاً ، فلاتحدثوا عن رسول الله شيئاً !! فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه ) ! انتهى.
فكيف تجمعون بين قول أبي بكر: فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً ! (تذكرة الحفاظ:1/2) ، وقولكم عن النبي’: حدثوا عن أهل الكتاب ولاحرج ! أليس معنى ذلك رفض سنة النبي’التي هي نصف الإسلام ، واستيراد سنة اليهود والنصارى بدلها ؟!

4 ـ كيف تقولون إن عمر منع عن كثرة التحديث وليس عن أصله ، مع أن قراراته بالمنع جاءت نهياً وزجراً مطلقاً بدون تعليل! وقدصرح قرظة بأن عمر نهاهم عن الحديث ومنعهم منه منعاً باتاً، لكي لايشغلوا الناس به عن القرآن !

5 ـ إن مقولة عمر (جرِّدوا القرآن) وإيهامه الناس بأن الحديث يشغلهم عن القرآن غير صحيح ، لأن غرضه إما ضرورة التوازن في صرف المسلمين أوقاتهم بين القرآن والسنة ، وإما المحافظة على فهم القرآن وعدم تشويشه بالسنة .
وترك التحديث عن النبي’ليس علاجاً لأي من المشكلتين؟! فمسألة الوقت ـ على أنها بعيدة عن قصد عمر ـ علاجها بتوجيه قسم من المسلمين الى الإهتمام بالقرآن وتعليمه ، وقسم آخر الى السنة .
ومسألة التشويش على فهم القرآن علاجها بأن يعين عمر مفسرين موثوقين عنده ، عايشوا نزول القرآن وتفسير النبي’لآياته ، يقومون بتفسير القرآن للمسلمين بالأحاديث التي يرتضيها عمر .
لكن مقصوده الحقيقي هوأن يترك المسلمون السنة، ويقرؤوا القرآن ولو من غير فهم، ولايسألوا عن معاني آياته ، ولا يفسروها حتى بأحاديث النبي’!
ويؤيد ذلك منعه المسلمين من السؤال عن معاني آيات القرآن كما في قصة صبيغ التميمي وغيره ! وهذه سياسة التجهيل بدل التعليم ! والكتمان بدل التبليغ !

6 ـ أما مقولة اختلاط السنة بالقرآن ، فلو قالها غير عمر لسخر منه العلماء وقالوا هذا امتهانٌ للعقل! فالقرآن والسنة مقولتان متميزتان ، وقد كانا معاً ولم يختلطا ولم يشتبها ، حتى عند متوسطي الثقافة والمعرفة ، فضلاً عن العلماء والفقهاء !
ولكن كلامه صار عند محبيه عذراً مقبولاً لمجرد أنه صدر عن عمر ! وصاروا يبحثون عن وجه معقول لكلام غير معقول ! ومثله قول عمر ومن وافقه: نزل القرآن على سبعة أحرف! وأن النبي’قصد ألفاظه لامعانيه ، فما زال محبوه الى يومنا يبحثون عن السبعة أشكال التي نزل فيها القرآن من عند الواحد الأحد !

قال الباحث المصري محمود أبو رية تعليقاً على عذر اختلاط السنة بالقرآن ، في كتابه أضواء على السنة المحمدية ص50: (وهو سبب لايقتنع به عاقل عالم.. اللهم إلا إذا جعلنا الأحاديث من جنس القرآن في البلاغة ، وأن أسلوبها في الإعجاز من أسلوبه ! وهذا ما لايقره أحد حتى الذين جاءوا بهذا الرأي ، إذ معناه إبطال معجزة القرآن وهدم أصولها من القواعد ... وبين الحديث والقرآن ولاريب فروق كثيرة يعرفها كل من له بصر بالبلاغة وذوق في البيان ... على أن هذا السبب الذي يتشبثون به قد زال بعد أن كتب القرآن في عهد أبي بكر على ما رووه، وبعد أن نسخ في عهد عثمان ووزعت منه نسخ على الأمصار ، وأصبح من العسير بل من المستحيل أن يزيدوا على القرآن حرفاً واحداً...). انتهى .
فما رأيكم ؟!









إعطاؤهم عمر حق النقض على أحاديث النبي’ !!

أراد الشيخ رشيد رضا صاحب تفسير المنار أن يحقق قفزة في الدفاع عن تغييب أبي بكر وعمر للسنة النبوية ، فأغمض عينيه أولاً عن بدائه العقل في الكتابة والتدوين ، وعن تاريخ الدين الإلهي والأنبياء^والشعوب .
وأهمل ثانياً كل الأحاديث الآمرة بكتابة السنة ، كحديث عبدالله العاص ، وسنذكر طرفاً منها . ثم بحث ، وبحث.. فوجد بعض روايات عن النبي(تنهى) عن كتابة حديثه’ ، فحمد الله عليها لأنها ترفع المسؤولية عن عاتق أبي بكر وعمر ، وتضعها على عاتق النبي’ ، وتقول هو الذي نهى عن كتابة حديثه !
فأفتى رضا بترجيح روايات منع التدوين على روايات الأمر بالتدوين ، وجعل دليله فعل أبي بكر وعمر ! أي استدل بالمدعى عليه على إثبات الدعوى !!

ثم بحث ، وبحث.. فجاء بفرية تخرُّ منها الجبال ! فزعم أن عمل أبي بكر وعمر يكشف أن لهما حق النقض على سنة رسول الله’!!
قال في تفسيره (:10/ 766 و:19/511 ، كما نقله عنه أبو رية في أضواء على السنة المحمدية): ( وقول عمر بن الخطاب عند الفكر في كتابة الأحاديث أو بعدم الكتابة مع كتاب الله في الرواية الأولى، وقوله في الرواية الثانية بعد الإستشارة في كتابتها: والله إني لا أشوب كتاب الله بشئ أبداً .
وقولُ ابن عباس: كنا نكتب العلم ولا نكتبه . أي لا لأحد أن يكتب عنا .
ونهيه في الرواية الأخرى عن الكتابة...
ومحوُ زيد بن ثابت للصحيفة ثم إحراقها ، وتذكيره بالله من يعلم أنه توجد صحيفة أخرى في موضع آخر ولوبعيداً، أن يخبره بها ليسعى إليها ويحرقها...
وقولُ سعيد بن جبير عن ابن عمر: إنه لو كان يعلم بأنه يكتب عنه لكان ذلك فاصلاً بينهما . ومحوُ عبد الله بن مسعود للصحيفة التي جاءه بها عبد الرحمن بن الأسود وعلقمة ، وقوله عند ذلك: إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره .
كل هذا الذي أورده ابن عبد البر ، وأمثاله مما رواه غيره ، كإحراق أبي بكر لما كتبه ، وعدم وصول شئ من صحف الصحابة الى التابعين ، وكون التابعين لم يدونوا الحديث لنشره إلا بأمر الأمراء ، يؤيد ما ورد من أنهم كانوا يكتبون الشئ لأجل حفظه ، ثم يمحونه... وإذا أضفت الى هذا ماورد في عدم رغبة كبار الصحابة في التحديث بل في رغبتهم عنه ، بل في نهيهم عنه ، قويَ عندك ترجيح كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث(كلها)ديناً عاماً دائماً كالقرآن !
ولو كانوا فهموا من النبي أنه يريد ذلك لكتبوا ولأمروا بالكتابة ، ولجمع الراشدون ما كتب ، وضبطوا ما وثقوا به وأرسلوه الى عمالهم ليبلغوه ويعملوا به ، ولم يكتفوا بالقرآن ). انتهى.
فتأمل جيداً قوله: (قويَ عندك ترجيح كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث (كلها)ديناً عاماً دائماً كالقرآن) ! فالسركله في رفض بعض السنة وقبول بعضها!!

~ ~

 
الأسئلة

1 ـ نلاحظ أن هذا المفسر المثقف الناصبي ، وغيره من الذين احتجوا بأحاديث نهي النبي’عن كتابة حديثه ، لم يسألوا أنفسهم أنه لو صح أنه كانت توجد أثارة من علم عن النبي’تنهى عن رواية حديثه أو كتابته ، لتمسك بها أبو بكر وعمر مع شدة حاجتهم اليها !
مع أنا لانجد شيئاً من ذلك رغم تتبع علمائهم لأعذارهم وحرصهم على تبرير فعلتهم ! فقد طلب أبو بكر من الناس أن يأتوه بما دونوه من سنة النبي’ وجاؤوه به صادقين وهم لايتصورون أنه سيحرقه ! وتأرق ليله كما تقول عائشة ، ثم قرر إحراقه بحجة وجوب التحقق من رواة الحديث النبوي!
فلو كان هناك أثارة من علم ، أو شبهة تنهى عن التدوين ، لاستند إليها وأراح نفسه ! ولو قلنا إنه لم يطلع عليها لأطلعه عليها الصحابة !
ولو وجد شئ من ذلك لقاله الصحابة لعمر عندما أشاروا عليه بتدوين السنة ، ولم يذكر أحد منهم ولا نصف رواية ، تزعم أن النبي’نهى عنه !
ألا يكفي ذلك للحكم بأن أحاديث النهي عن الكتابة قد وُضعت بعد قرار تغييب السنة ومنع كتابتها ، من أجل تبرير عمل أبي بكر وعمر؟!
أوَليس ذلك موجباً لأن يتوقف الباحث المنصف في أحاديث النهي، ولايعارض بها أحاديث الأمر بالتدوين ، كما ارتكب رشيد رضا ؟!

2 ـ ماتوصل اليه رشيد رضا من تتبعه لآراء(كبارالصحابة)في تدوين السنة وأنهم(لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث كلها ديناً عاماً دائماً كالقرآن) هو وصفٌ دقيق لحالة الشيخين وتحيرهما وتصرفاتهما المتضاربة تجاه سنة النبي’!
فقد أرادا أن يكون (بعض)سنة النبي’ديناً كالقرآن وليس(كلها)! ولكنهما لم يجرؤا على إعلان ذلك خوفاً من أن يقرأ عليهما بعض الصحابة: ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ)؟! ألم يقل لكم الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) . (الحشر:7) ؟!!
نعم ، إنه لا تفسير لمواجهتما للنبي’لمنعه من كتابة وصيته ، ثم منعهما من تدوين سنته ، ثم مصادرتهما حرية الصحابة في تحديث الأمة عن نبيها ’، ثم تحديثهما هما عن النبي’.. الخ . إلا أنهما أرادا اختيار هذا (البعض) الذي يصلح أن يكون جزءاً من الدين ، واستبعاد ذلك (البعض) الذي لايصلح !! وقد صرح بنحو ذلك عمر فقال للصحابة الذين حبسهم بجرم التحديث: (أقيموا عندي ، لاوالله لاتفارقوني ما عشت ! فنحن أعلم نأخذ ونرد عليكم) . (كنز العمال:19/285) !

نعم إن الذي أفصح عنه رشيد رضا هو لبُّ المسألة ، وهو تحديد دائرة الدين وجعل هذا الشئ جزءً منه أو خارجاً عنه !
لكن الذي يملك هذا الحق في اعتقادنا نحن أتباع أهل البيت الطاهرين^هو فقط رسول الله محمد بن عبدالله’! لا عمر ، ولا علي ، ولا كل الصحابة ، ولا كل أهل الأرض أجمعين أكتعين !
ويظهر أن أتباع أبي بكر وعمر يعتقدون أن الله تعالى ورسوله’أعطيا هذا الحق للشيخين فصارا أمينين على الرسالة بعد النبي’! وهذا يعني تأسيس دين جديد يكون فيه لأبي بكر وعمر حق النقض على أحاديث خاتم الأنبياء’؟!! فهل تعطون لهما حقاً لم يعطه الله تعالى لرسوله’فقال: وَلَوْ تَقَوَلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيل. لأخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أحد عَنْهُ حَاجِزِينَ. (الحاقّة: 43 ـ 46) ؟!!
3 ـ مادام الله تعالى أعطى بزعمكم لعمر بن الخطاب حق الحذف والإثبات في سنة النبي’ ! فلا بد أن تضيفوا أصلاًً جديداً لأصول الإسلام وهو: عدم حجية سنة النبي’إلا ما أمضاه عمر وجعله جزءاً من الدين !
لكن كيف تعرفون ذلك بيقين ، والأحاديث عن عمر متفاوتة بل متناقضة؟! فلا بد لكم من الإحتياط بترك السنة حتى تعلموا ما أمضاه منها عمر !!
وبعبارة أخرى: لو فرضنا أن سنة النبي’عشرون ألف حديثاً ، ثابتاً قطعيَّ الصدور عنه’، فبعضها جزءٌ من الدين وبعضها ليس منه ، وما لم تعلموا ذلك يقيناً يجب التوقف عن نسبة أي حديث منها ، حتى يثبت إمضاء عمر له !
فيكون المطلوب في البحث العلمي صحة السند الى عمر ، لا الى النبي’! ويكون الميزان الشرعي ما قَبِلَهُ عمر من قول النبي ، وليس ما قاله النبي’!! ويكون الأصل عدم حجية قول النبي’حتى نعرف رأي عمر فيه !!
وعلى هذا الأصل لايسلم لكم من السنة حتى ربع صحيح البخاري!
وعليه ، فالأصح أن تسموا السنة سنة عمر وليس سنة النبي’؟! لأنكم جعلتم حق طاعة عمر على الأمة أعظم من حق النبي’، لأن طاعة النبي’ في مثل قوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ، مشروطة بأن لايزيد في أوامر ربه حرفاً ولا ينقص منها حرفاً ، بينما وجوب طاعة عمر غير مشروط ، فله أن ينقص ما شاء من أحاديث النبي’ ويمنع من العمل بها !! فأفصحوا واعلنوها بأن عمر نبي فوق النبي’!!









أحاديث غيبوها عن البحث من أجل تبرير تغييب السنة !

أمر النبي’بكتابة أحاديثه الشريفة

روى البخاري في صحيحه:1/36: (فجاء رجل من أهل اليمن فقال: أكتب لي يا رسول الله ، فقال: أكتبوا لأبي فلان ) .

وفي:3/95: (فقام أبو شاه رجل من أهل اليمن فقال أكتبوا لي يا رسول الله ، فقال رسول الله(ص):أكتبوا لأبي شاه . قلت للأوزاعي: ما قوله أكتبوا لي يا رسول الله ؟ قال هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله(ص) . انتهى .
(ورواه في:8/38 وأحمد في مسنده:2/238 ، ومسلم:4/110 و111، وأبو داود:1/448 و:4/34 ، وص177و368 ). وجاء في هامش ص76: الذين كتبوا عبد الله بن عمرو ، وكان عنده صحيفة يسميها الصادقة . والترمذي:4/146، وقال: هذا حديث حسن صحيح . وقد روى شيبان عن يحيى بن أبي كثير مثل هذا . والبيهقي في السنن:8/52 ، والسيوطي في الدر المنثور:1/122 .

وعقد الهيثمي في مجمع الزوائد:1/150، باباً بعنوان (باب كتابة العلم) لم يرو فيه ما تقدم من البخاري ، وروى فيه أحاديث وآثاراً في تحريم كتابة السنة ، وفي الحث على كتابتها ، وضعَّفها ما عدا بعض الآثار .
وأولها: حديثٌ ظاهر الوضع لمصلحة عمر: عن ابن عباس وابن عمر قالا: خرج رسول الله(ص)معصوباً رأسه فرقى المنبر فقال: ما هذه الكتب التي يبلغني أنكم تكتبونها ، أكتاب مع كتاب الله؟! يوشك أن يغضب الله لكتابه فيسري عليه ليلاً فلا يترك في ورقة ولا في قلب منه حرفاً إلا ذهب به ! فقال بعض من حضر المجلس: فكيف يا رسول الله بالمؤمنين والمؤمنات؟ قال من أراد الله به خيراً أبقى في قلبه لا إله إلا اله . رواه الطبراني في الأوسط وفيه عيسى بن ميمون الواسطي وهو متروك ، وقد وثقه حماد بن سلمة ).
أقول: لو كان لهذا الحديث وجود لرفعه عمر علماً عندما تحير شهراً !!
ثم روى الهيثمي حديثاً آخر مثله مكذوباً على أبي سعيد الخدري لمصلحة أبي بكر وعمر ، قال: كنا قعوداً نكتب ما نسمع من النبي(ص)فخرج علينا فقال: ما هذا تكتبون؟ فقلنا: ما نسمع منك ، فقال: أكتاب مع كتاب الله ! إمحضوا كتاب الله وأخلصوه ! قال فجمعنا ما كتبناه في صعيد واحد ، ثم أحرقناه بالنار ! فقلنا: أيْ رسولَ الله ، نتحدث عنك؟ قال: نعم ، تحدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار . قال قلنا: أيْ رسولَ الله ، أنتحدث عن بني إسرائيل؟ قال: نعم ، تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، فإنكم لا تحدثون عنهم بشئ ، إلا وقد كان فيهم أعجب منه.
وقال الهيثمي: قلت: له حديث في الصحيح بغير هذا السياق ، رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف ، وبقية رجاله رجال الصحيح .

ثم روى حديثاً آخر مكذوباً أيضاً: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: لاتكتبوا عني إلا القرآن فمن كتب عني غير القرآن فليمحه ! وحدثوا عن بني إسرائيل ولاحرج ، فذكر الحديث. رواه البزار وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف.
ثم روى أثراً عن أبي بردة بن أبي موسى وصححه ، قال: كتبت عن أبي كتاباً فقال لولا أن فيه كتاب الله لأحرقته ، ثم دعا بركن أو بإجانة فغسلها ثم قال عِ عني ما سمعت مني ولا تكتب عني ، فإني لم أكتب عن رسول الله كتاباً ، كدت أن تهلك أباك ! رواه الطبراني في الكبير والبزار بنحوه ، إلا أن البزار قال إحفظ كما حفظنا عن رسول الله . ورجاله رجال الصحيح . انتهى.
ويكفي لرد هذا الأحاديث والحكم بأنها مكذوبة على رسول الله’ ، أنه لو صح شئ منها لأخذه عمر قميص عثمان يوم فكر شهراً والصحابة يُلحُّون عليه في كتابة السنة ، ولَخَطَبَ به فوق المنبر مرات !
وأما أثر أبي موسى فلا قيمة له ، لأنه نهيٌ من أبي موسى وليس نهياً نبوياً !
ومما رواه الهيثمي: (عن أبي هريرة قال: ماكان أحد أعلم بحديث رسول الله (ص)مني إلا ماكان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب بيده ويعيه بقلبه ، وكنت أعيه بقلبي ولا أكتب بيدي. واستأذن رسول الله في الكتابة عنه فأذن له.
وعن رافع بن خديج قال خرج علينا رسول الله(ص)فقال: تحدثوا ، وليتبوأ من كذب على مقعده من جهنم . قالوا يا رسول الله أنا نسمع منك أشياء فنكتبها قال: أكتبوا ولا حرج . وعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله(ص): قيِّد العلم . قلت: وما تقييده ؟ قال: الكتابة .
وعن ثمامة قال: قال لنا أنس: قيدوا العلم بالكتابة . رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح .
وعن أنس قال شكى رجل الى النبي(ص)سوء الحفظ فقال: إستعن بيمينك . وعن أبي هريرة أن رجلاً شكى الى رسول الله(ص)سوء الحفظ فقال: إستعن بيمينك على حفظك ) . انتهى.

وهذه الأحاديث حتى لو ضعَّفوها ، تؤيد ما صح عندهم من أمر النبي’ بكتابة حديثه كما في البخاري ، وتنسجم مع أسلوب الدين الإلهي في الكتاب والكتابة ، ومع سيرة الأنبياء^، وسيرة العقلاء والشعوب في كل العصور .

~ ~


الأسئلة

1 ـ مادام صح عندكم في البخاري أن النبي’أمر أن يكتبوا خطبته الشريفة الى رجل يماني طلبها ، مع أن النبي’كان على قيد الحياة ، وبإمكان المسلم أن يرجع اليه ويسأله عما يريد ! فكيف ترفعون اليد عنها ، وتقبلون ما يعارضها مع أنه ضعيف معلول، توجد قرائن على وضعه لمصلحة تغييب السنة ؟!

2 ـ ما دام ثبت عندكم أن بعض أحاديث النهي عن الكتابة موضوعة لتبرير عمل أبي بكر وعمر ، ألا يوجب ذلك أن تفتحوا باب الشك في الأحاديث المؤيدة لأعمالهما الأخرى ، التي اعترض عليها الصحابة أو أهل البيت^؟!

3 ـ لماذا تُعرضون عن أحاديث أهل البيت^التي تؤكد أمر النبي’ بكتابة السنة ، وتعرضون عن سيرتهم العملية في مقاومة تغييب السنة ، وأنتم تروون أن النبي’أوصى الأمة قائلاً: (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله وعترتي أهل بيتي )؟!




يتبع


رد مع اقتباس