عرض مشاركة واحدة
قديم 2019/06/25, 10:57 PM   #6
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي

المعنى الأصلي لأهل السنة والجماعة: أهل سنة عمر وجماعة معاوية !

المعنى المشهور في عصرنا لإسم (أهل السنة والجماعة) أنهم أتباع المذاهب الأربعة المعروفة بالمذاهب السنية: المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي .
وفي المقابل يزعم السلفيون أو الوهابيون أنهم هم (أهل السنة والجماعة) مع أن أسلافهم متعصبةُ الحنابلة كانوا يعرفون باسم: المجسمة ، أو حشوية أهل الحديث . لكنهم يحاولون إثبات أن أئمة المذاهب وكبار علمائها كانوا يقولون مثلهم بالتجسيم ، ويفسرون الصفات الإلهية على ظاهرها الحسي بلا تأويل !

لكن عند البحث عن أصل هذه التسمية نكتشف أن معنى(أهل السنة)عند الأمويين ليس الحديث النبوي ، بل أهل سنة أبي بكر وعمر وعثمان ! وأن السنة التي أمر عمر بن عبد العزيز بتدوينها هي سنة الخلفاء الى جانب أحاديث النبي’!
فقد كتب في مرسومه الى ابن حزم: (أنظر ما كان من حديث رسول الله(ص) ، أو سنة ماضية ، أو حديث عمرة ، فاكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله ). (طبقات ابن سعد:8/480) ( أنظر ما كان من حديث رسول الله، أو سنة، أو حديث عمر ، أو نحو هذا ، فاكتبه لي ). (تنوير الحوالك ص6) .
وفي طبقات ابن سعد:2/388: (وأخبرت عن عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر أخبرني صالح بن كيسان قال: اجتمعت أنا والزهري ونحن نطلب العلم فقلنا نكتب السنن ، قال وكتبنا ما جاء عن النبي(ص)قال: ثم قال: نكتب ما جاء عن الصحابة فإنه سنة ! قال قلت إنه ليس بسنة فلا نكتبه ، قال فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت...!!). انتهى . فهذه النصوص تدل على أن مقصود الخليفة الأموي بالسنة الماضية ليس الحديث والسنة النبوية، فقدجعلها قسيماً لحديث النبي’!
قد يقال: إن السنة عند الزهري وبني أمية تعني سنة النبي’، لكنها تشمل أيضاً سنة الخلفاء وسيرتهم ؟

والجواب: أن هذا صحيح في فهمنا اليوم ، لكن في مرسوم عمر بن عبد العزيز: ( أنظر ما كان من حديث رسول الله ، أو سنة ، أو حديث عمر ، أو نحو هذا، فاكتبه لي) فقد جعل (السنَّة الماضية) مقابل الحديث النبوي ، مضافاً الى القرائن الأخرى على أنهم كانوا يستعملون السنة في عصر عمر وعثمان ومعاوية بمعنى سنة الخلفاء دون سنة النبي ! وأحياناً بمعنى يشمل سنة النبي’وسنة أبي بكر وعمر، وأحياناً يعبرون بسيرة أبي بكر وعمر ! فقد جعلوا أقوال أبي بكر وعمر وعملهما سنة كسنة النبي’! كما رأيت في مناقشة صالح بن كيسان للزهري !
ولذلك رفض علي×في الشورى عرض عبد الرحمن بن عوف عليه أن يبايعه على كتاب الله وسنة رسوله’وسنة الشيخين ، لأنه يعني أن يعترف بأن سيرتهما جزءٌ من الإسلام !
ففي مسند أحمد:1/75: (عن أبي وائل قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف: كيف بايعتم عثمان وتركتم علياً ؟ قال: ما ذنبي، قد بدأت بعلي فقلت أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر وعمر؟ قال فقال: فيما استطعت . قال: ثم عرضتها على عثمان فقبلها ) .

وفي فتح الباري:13/171: (فقال أي عبد الرحمن مخاطباً لعثمان: أبايعك على سنة الله وسنة رسوله وخليفتيه من بعده... فقال نعم فبايعه ).

وفي الفصول للجصاص:4/55: (فقال علي: أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ، واجتهاد رأيي ، وعرضه على عثمان فقبله على ما شرطه عليه ).

وفي محصول الرازي:6/87: (قال لعثمان أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين ، فقال نعم ، وكان ذلك بمشهد من عظماء الصحابة ولم ينكر عليه أحد فكان ذلك إجماعاً ! فإن قلت: إن علياً خالف فيه؟ قلت: إنه لم ينكر جوازه لكنه لم يقبله ونحن لانقول بوجوبه). ونحوه في أحكام الآمدي:4/207 وغيره.

وفي كفاية الخطيب ص150: (عن ابن سيرين قال: كان في زمن الأول الناس لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة ، فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد ليحدث حديث أهل السنة ، ويترك حديث أهل البدعة) . انتهى.
يقصد بذلك أنه بعد فتنة عثمان صار المطلوب عند المحدثين أن يكون الراوي من أهل السنة أي سنة عمر ، وإن كان شيعياً فيجب أن يكون حديثه حديث أهل السنة ، أي يرتضيه أهل سنة عمر !

وفي أمالي الطوسي ص709: ( فقال علي×: عليَّ عهد الله وميثاقه ، لئن وليت أمركم لأعملن بكتاب الله وسنة رسوله’).









سنة عمر مطلب لدهماء الناس !

فقد عمل عمر على تركيز سنته في دهماء الناس تشبُّهاً برسول الله’!
روى مالك في الموطأ:2/824 ،عن عمر:(ثم قدم المدينة فحطب الناس ، فقال: أيها الناس: قد سنت لكم السنن ، وفرضت لكن الفرائض ، وتركتم على الواضحة . إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً ). انتهى.
وكان بعضهم مشغوفاً بسنة عمر حتى لو كانت مخالفة لسنة رسول الله’!
وعندما يقول السنيون سنة الخلفاء أو سنة الصحابة ، فالعمدة فيها سنة عمر بن الخطاب ، لأن خلافة أبي بكر كانت قصيرة ، وعثمان مختلف فيه عندهم.
وقد أفرط أتباع عمر في إطاعته في حياته وبعد وفاته ، حتى اشتكت عائشة من اتِّباع الناس لعمر في تحريمه الطيب في مني ، فقالت: (كنت أطيِّب رسول الله (ص) إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض ، فسنة رسول الله أحق أن يؤخذ بها من سنة عمر) . (إرواء الغليل للألباني:4/239، قال:أخرجه الطحاوي:1/421 بسند صحيح).
واشتكى من ذلك عبد الله بن عمر ! قال ابن كثير في سيرته:4/278: (وقد كان الصحابة يهابونه كثيراً ، فلا يتجاسرون على مخالفته غالباً ، وكان ابنه عبدالله يخالفه فيقال له: إن أباك كان ينهى عنها ، (أي متعة الحج وهي الإحلال من الإحرام بعد العمرة) فيقول: لقد خشيت أن تقع عليكم حجارة من السماء، قد فعلها رسول الله! أفسنة رسول الله نتبع ، أو سنة عمر بن الخطاب؟! ) !

وقد اشتكى من ذلك أمير المؤمنين علي×في خطبة بليغة رواها في الكافي بسند صحيح:8/58 ، قال: (خطب أمير المؤمنين×فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي’، ثم قال: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خَلتان: اتباع الهوى ، وطول الأمل ، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة .
إلا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة ، ولكل واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عملٌ ولا حساب ، وإن غداً حسابٌ ولا عمل .
وإنما بدءُ وقوع الفتن من أهواءٌ تتبع وأحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجالٌ رجالاً !
إلا إن الحق لو خَلُصَ لم يكن اختلاف ، ولو أن الباطل خلص لم يَخْفَ على ذي حجى ، لكنه يؤخذ من هذا ضِغْثٌ ومن هذا ضغثٌ فيمزجان فيجللان معاً ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى !
إني سمعت رسول الله’يقول: كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة ، فإذا غير منها شئ قيل: قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكراً ! ثم تشتد البلية وتسبى الذرية وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحا بثفالها ، ويتفقهون لغير الله ويتعلمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة .
ثم أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته فقال:
قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله’متعمدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ، ولو حَمَلتُ الناس على تركها وحوَّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله’لتفرق عني جندي ، حتى أبقى وحدي ، أو في قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله ’!! أرأيتم لو أمرتُ بمقام إبراهيم×فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله’، ورددتُ فدك إلى ورثة فاطمة÷، ورددتُ صاع رسول’كما كان وأمضيتُ قطائع أقطعها رسول الله’لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ، ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد ، ورددت قضايا من الجور قضي بها ، ونزعت نساءً تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهن واستقبلت بهن الحكم في الفروج والأرحام ، وسبيت ذراري بني تغلب ، ورددت ما قسم من أرض خيبر ، ومحوت دواوين العطايا ، وأعطيت كما كان رسول الله’يعطي بالسوية ، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء ، وألقيت المساحة ، وسويت بين المناكح وأنفذت خُمس الرسول كما أنزل الله عز وجل وفرضه، ورددت مسجد رسول الله’إلى ما كان عليه ، وسددت ما فتح فيه من الأبواب ، وفتحت ما سدَّ منه ، وحرمت المسح على الخفين ، وحددت على النبيذ ، وأمرت بإحلال المتعتين ، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات ، وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وأخرجت من أدخل مع رسول الله ’في مسجده ممن كان رسول الله أخرجه، وأدخلت من أخرج بعد رسول الله ’ممن كان رسول الله أدخله ، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة ، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها ، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها ، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنة نبيه’، إذن لتفرقوا عني !! والله لقد أمرت الناس أن لايجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي: يا أهل الإسلام غُيِّرتْ سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ! ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري !!
ما لقيتُ من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار)!!

وقد كان ملوك بني أمية يستكتبون الناس سنة عمر ليختاروا منها ما يلائمهم ، وفي نفس الوقت نقم بعض الناس على عثمان وغيره من الحكام الأمويين لأنهم تركوا سنة عمر !
إن هذه النصوص وغيرها تثبت أن سنة عمر جُعلت الى جانب سنة النبي’ بل كانت مقدمة عليها ، وأن إسم أهل السنة كان يطلق على أتباع سنة عمر ، كما كان يطلق على أتباع سنة النبي’!
وأن معنى السنة الممضاة ، أي المتبعة عند الناس ، التي أصدر عمر بن عبد العزيز مرسومه بتدوينها هي سنة عمر ! فقد جعلها في صف حديث النبي’ وحديث عمر ، وحديث عمرة بنت عبد الرحمن ، الراوية عن عائشة !
وأن حكم علي×قد استطاع أن يحدث موجة نبوية ، ويهزَّ وجدان المسلمين في أمور كثيرة ، منها التمييز بين سنة النبي’وسنة عمر !

 
الأسئلة

1 ـ ماذا تفهمون من تبني الدولة الأموية لتدوين سنة عمر الى جانب سنة رسول الله’؟

2 ـ بماذا تفسرون قول عمر (الموطأ:2/824): (أيها الناس: قد سنت لكم السنن ، وفرضت لكن الفرائض، وتركتم على الواضحة، إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً) .

3 ـ ماهو موقفكم من قول عمر وفعله وتقريره ، هل تعتبرونه جزء من الدين كسنة النبي’، حتى لو خالف النبي’؟!

4 ـ لماذا شرط عبد الرحمن بن عوف على عليِّ×العمل بسنة الشيخين وهو يعرف أن علياً×لايقبل بذلك ، بينما صهره عثمان يقبل بأي شرط ؟!

5 ـ ما قولكم في نقمة عبد الرحمن بن عوف على عثمان بعد مدة قصيرة من خلافته ، واتهامه له بالإنحراف عن الإسلام ، وموته مهاجراً له ؟!

6 ـ ما رأيكم فيما جاء في خطبة عليٍّ×من مخالفات عمر وأبي بكر وعثمان وتحريفات الإسلام في عصرهم ، وبماذا تفسرون قوله×:(ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلالة والدعاة إلى النار) ؟!








من هم أهل سنة النبي’وأهل جماعة الإسلام

سمى معاوية السنة التي قتل فيها أمير المؤمنين×واضطر الإمام الحسن× للتنازل له عن الحكم (عام الجماعة) ، وبذلك أضافوا الى إسم أهل السنة: أهل الجماعة. فأهل الجماعة الذي أطلقه معاوية لم يكن بمعنى جماعة الإسلام، بل بمعنى اجتماعهم على خلافته !
قال ابن كثير في تفسيره:4/567: (فإن معاوية بن أبي سفيان استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين ، واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة ، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها ، لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين) .
وفي مسند ابن راهويه:4/21: (توفيت حفصة أم المؤمنين سنة إحدى وأربعين، عام الجماعة ) .

وفي مقدمة ابن الصلاح ص178: ( أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر. ثم إن جمهور السلف على تقديم عثمان على علي . وقدَّم أهل الكوفة من أهل السنة علياً على عثمان ، وبه قال منهم سفيان الثوري أولاً ، ثم رجع الى تقديم عثمان ، روى ذلك عنه وعنهم الخطابي . وممن نقل عنه من أهل الحديث تقديم عليٍّ على عثمان محمد بن إسحاق بن خزيمة . وتقديم عثمان هو الذي استقرت عليه مذاهب أصحاب الحديث ، وأهل السنة). انتهى.

فأهل السنة كما في هذا النص غير أصحاب الحديث النبوي ، وهم أهل سنة عمر الذين يفضلون عثمان على علي×!
قال الشيخ أبورية في كتابه شيخ المضيرة أبوهريرة الدوسي ص309:(إننا لا نعرف شيئاً إسمه (أهل السنة) ولاشيئاً آخر يقابلها من سائر الفرق ، أو المذاهب التي استحدثت بين المسلمين لتعريفهم ، وبخاصة فإن وصف أهل السنة هذا لم يكن معروفاً قبل معاوية بن أبي سفيان ، وقد استحدثوه في عهده في العام الذي وصفوه بأنه (عام الجماعة) نفاقاً للسياسة لعنها الله ، وما كان إلا عام الفرقة) .

وفي الطرائف للسيد ابن طاووس ص205: (وجه تسميتهم بأهل السنة والجماعة: ومن ذلك ما ذكره الشيخ العسكري في كتاب الزواجر وهو من علماء السنة قال: إن معاوية سمى العام عام السنة . ومن ذلك ماذكر ابن عبد ربه في كتاب العقد الفريد قال: لما صالح الحسن معاوية سمى ذلك العام عام الجماعة ).

وروى في كنز العمال:8/439، عن ابن عساكر ، وصححه: (عن ربيعة بن قسيط أنه كان مع عمرو بن العاص عام الجماعة وهم راجعون ، فمُطروا دماً عبيطاً قال ربيعة: فلقد رأيتني أنصب الإناء فيمتلي دماً عبيطاً ! فظن الناس أنها هي دماء الناس بعضهم في بعضهم ، فقام عمرو بن العاص فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال: يا أيها الناس أصلحوا ما بينكم وبين الله تعالى ، ولايضركم لو اصطدم هذا الجبلان ).
وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج:11/44: روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدايني في كتابه (الأحداث): كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئاً من فضل أبي تراب وأهل بيته ، فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون علياً ويبرؤون ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان أشد كل الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة !
وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق ألا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة! وكتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان محبيه وأهل ولايته ، والذين يروون فضائله ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته ، ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعث إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع !
ثم كتب إلى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإن هذا أحبُّ إليَّ وأقرُّ لعيني وأدحضُ لحجة أبي تراب وشيعته ، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله.

فقرئت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدَّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى ، حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وألقيَ إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن ، وحتى علموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله .

ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: أنظروا من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه !

وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره !! فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة ، حتى أن الرجل من شيعة علي ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سره ، ويخاف من خادمه ومملوكه ولايحدثه ، حتى يأخذ عليه الإيمان الغليظة ليكتمن عليه !
فظهر حديثٌ كثيرٌ موضوعٌ وبهتانٌ منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة ، وكان أعظم الناس في ذلك القراء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث ليخظوا بذلك عند ولاتهم ، ويقربوا مجالسهم ويصيبوا بها الأموال والضياع والمنازل !
حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لايتسحلون الكذب والبهتان ، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق ، ولو علموا أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها .
فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا وهو خائف على دمه ، أو طريد في الأرض !
ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين ووليَ عبد الملك بن مروان ، فاشتد على الشيعة وولَّى عليهم الحجاج بن يوسف .
وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم في تأريخه ما يناسب هذا الخبر وقال: إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية ، تقرباً إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم ) . انتهى.
( راجع النصائح الكافية لمن يتولى معاوية: 97 ـ 99 والبحار 44: 123والنص والإجتهاد: 368 ).
وفي العقد الفريد لابن عبد ربه:4/349: (لما قدم أبو الأسود الدؤلي على معاوية عام الجماعة قال له معاوية: بلغني يا أبا الأسود أن علي بن أبي طالب أراد أن يجعلك أحد الحكمين ، فما كنت تحكم به ؟
قال: لوجعلني أحدهما لجمعت ألفاً من المهاجرين وأبناء المهاجرين ، وألفاً من الأنصار وأبناء الأنصار ، ثم ناشدتهم الله: المهاجرون وأبناء المهاجرين أولى بهذا الأمر أم الطلقاء؟!قال له معاوية: لله أبوك أيَّ حَكَمٍ كنتَ تكون لو حكمت ) !!










جماعة الإسلام أهل الحق وإن قلوا

ومن الواضح أن معاوية لم يكن من أهل سنة النبي’فإنما أهلها من اتبعها وإن قلوا ، ولم يكن من جماعة الإسلام ، لأنهم أهل الحق وإن قلوا ، وقد روى تحديد جماعة المسلمين أهل البيت^عن النبي’وأعرض عنها مخالفوهم !
ففي أمالي الصدوق ص413: (قال رسول الله’: من فارق جماعة المسلمين فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، قيل: يا رسول الله وما جماعة المسلمين؟ قال: جماعة أهل الحق وإن قلوا ) .

وفي المحاسن للبرقى:1/220: عن الإمام الصادق عن آبائه^:قال: (سئل رسول الله’عن جماعة أمته، فقال: جماعة أمتي أهل الحق وإن قلوا ). وفي رواية أخرى: من كان على الحق وإن كانوا عشرة ) .

وفي الخصال للصدوق ص 584: (الجماعة أهل الحق وإن قلوا ، وقد روي عن النبي’أنه قال: المؤمن وحده حجة ، والمؤمن وحده جماعة ).

وفي كتاب سليم بن قيس ص484: (سأل ابن الكوَّا علياً×عن السنة والبدعة وعن الجماعة والفرقة، فقال×: يا ابن الكوا حفظت المسألة فافهم الجواب: السنة والله سنة محمد’والبدعة ما فارقها . والجماعة والله مجامعة أهل الحق وإن قلوا ، والفرقة مجامعة أهل الباطل وإن كثروا ).
وفي كنز العمال:16/183: عن كتاب وكيع ، من حديث طويل:(عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه قال: كان علي يخطب فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين ! أخبرني من أهل الجماعة ، ومن أهل الفرقة ، ومن أهل السنة ، ومن أهل البدعة ؟
فقال: ويحك ، أما إذ سألتني فافهم عني ، ولا عليك أن لا تسأل عنها أحداً بعدي: فأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا ، وذلك الحق عن أمر الله وأمر رسوله فأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ومن اتبعني وإن كثروا .
وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله’وإن قلوا وإن قلوا . وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ورسوله ، العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا . وقد مضى منهم الفوج الأول وبقيت أفواج ، وعلى الله قصمها واستئصالها عن جديد الأرض .
فقام إليه عمار فقال: ياأمير المؤمنين ، إن الناس يذكرون الفئ ويزعمون أن من قاتلنا فهو وماله وأهله فئٌ لنا وولده . فقام رجل من بكر بن وائل يدعى عباد بن قيس وكان ذا عارضة ولسان شديد فقال: يا أمير المؤمنين والله ما قسمتَ بالسوية ، ولا عدلتَ في الرعية !
فقال علي×:ولمَ ويحك؟ قال: لأنك قسمت ما في العسكر ، وتركت الأموال والنساء والذرية . فقال عباد: جئنا نطلب غنائمنا ، فجاءنا بالتُّرَّهات !
فقال له علي×: إن كنت كاذباً فلا أماتك الله حتى تدرك غلام ثقيف !
فقال رجل من القوم: ومن غلام ثقيف يا أمير المؤمنين؟ فقال×: رجل لا يدع لله حرمة إلا انتهكها .
قال: فيموت أو يقتل؟ قال×: بلي يقصمه قاصم الجبارين قتلةً بموت فاحش يحترق منه دبره ، لكثرة ما يجري من بطنه . (يقصد الحجاج الثقفي ، وهكذا مات ! )
يا أخا بكر ! أنت امرؤ ضعيف الرأي ، أما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير ! وأن الأموال كانت لهم قبل الفرقة وتزوجوا على رَشدة ، وولدوا على الفطرة، وإنما لكم ما حوى عسكرهم، وما كان في دورهم فهو ميراث لذريتهم، فإن عدا علينا أحد منهم أخذناه بذنبه ، وإن كفَ عنا لم تحمل عليه ذنب غيره .
يا أخا بكر ! لقد حكمتُ فيهم بحكم رسول الله’في أهل مكة ، قسم ما حوى العسكر ولم يعرض لما سوى ذلك ، وإنما اتبعت أثره حذوَ النعل بالنعل .
يا أخا بكر ! أما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها ، وأن دار الهجرة يحرم ما فيها إلا بحق ، فمهلاً مهلاً رحمكم الله ! فإن أنتم لم تصدقوني ، وأكثرتم عليَّ ـ ـ وذلك أنه تكلم في هذا غير واحد ـ فأيكم يأخذ أمه عائشة بسهمه ؟!
قالوا أيُّنا يا أمير المؤمنين؟! بل أصبت وأخطأنا ، وعلمت وجهلنا ، ونحن نستغفر الله! وتنادى الناس من كل جانب: أصبت يا أمير المؤمنين ! أصاب الله بك الرشاد والسداد !
فقام عمار فقال: يا أيها الناس ! إنكم والله إن اتبعتموه وأطعتموه لم يضل بكم عن منهاج نبيكم قيد شعرة ، وكيف يكون ذلك وقد استودعه رسول الله المنايا والوصايا وفصل الخطاب ، على منهاج هارون بن عمران ، إذ قال له رسول الله ’: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي، فضلاً خصه الله به إكراماً منه لنبيه ، حيث أعطاه الله ما لم يعطه أحداً من خلقه .
ثم قال علي×: أنظروا رحمكم الله ما تؤمرون به فامضوا له ، فإن العالم أعلم بما يأتي من الجاهل الخسيس الأخس ، فإني حاملكم إن شاء الله تعالى إن أطعتموني على سبيل الجنة ، وإن كان ذا مشقة شديدة ومرارة عتيدة ، وإن الدنيا حلوة الحلاوة لمن اغتر بها ، ومن بعدها الشقوة والندامة عما قليل ، ثم إني مخبركم أن خيلاً من بني إسرائيل أمرهم نبيهم أن لايشربوا من النهر ، فلجُّوا في ترك أمره فشربوا منه إلا قليلاً منهم ، فكونوا رحمكم الله من أولئك الذين أطاعوا نبيهم ، ولم يعصوا ربهم .
وأما عائشة فأدركها رأي النساء ، وشئ كان في نفسها عليَّ يغلي في جوفها كالمرجل ، ولو دُعيت لتنال من غيري ما أتت إليَّ لم تفعل ! ولها بعد ذلك حرمتها الأولى، والحساب على الله ، يعفو عمن يشاء ويعذب عمن يشاء .
فرضي بذلك أصحابه وسلموا لأمره بعد اختلاط شديد فقالوا: يا أمير المؤمنين حكمت والله فينا بحكم الله إنا جهلنا ومع جلهلنا لم نأت ما يكره أمير المؤمنين) .


الأسئلة

1 ـ روى ابن سعد في الطبقات:3/342 ، عن عبد الرحمن بن أبزى عن عمر قال: هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ، ثم في أهل أحد ما بقي منهم أحد ، وفي كذا وكذا ، وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ، ولالمسلمة الفتح شئ ) . انتهى.

ورواه في تاريخ دمشق:59/145 ، وفي أسد الغابة:4/387 ، والإصابة :4/70 . فقد حكم عمر أنه لانصيب للطلقاء في الخلافة ، فكيف صار حكم معاوية شرعياً عندكم ؟!

2 ـ صحح الشيخ الألباني الحديث النبوي الذي رواه ابن عساكر:18/160: (أول من يغير سنتي رجل من بني أمية ). وقال: ولعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة ، وجعله وراثة ، والله أعلم ) (الصحيحة:4/329 ـ 330). فكيف تصححون هذا الحديث وتقولون إن معاوية كان على سنة رسول الله’؟!

3 ـ صحح الألباني حديث أن الخلافة ثلاثون سنة ، في صحيحته: 1/742 ، وقال:( رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي والحاكم . وهذا من دلائل صدق نبوة النبي(ص)فإن أبا بكر تولى عام 11 هـ، وتنازل عنها الحسن بن علي عام 41 هـ . وهي ثلاثون عاماً كاملة ).انتهى . وقد رويتم أن ما بعد الخلافة ملكٌ عضوضٌ يعضُّ المسلمين ، فكيف تسمون معاوية خليفة رسول الله’؟!

4 ـ هل يشترط في أهل السنة أن يكونوا كثرة؟ وفي جماعة الإسلام أن يكونوا جمهوراً واسعاً أو أكثرية ، وما هو الدليل الشرعي على ذلك ؟!

5 ـ من هم جماعة الإسلام الذين أمرنا النبي’أن نكون معهم ، ونهانا عن مفارقتهم ؟! وهل يعقل أن يكون جماعة أمة النبي’بدون أهل بيته ، وقد قال ’فيهم: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ؟!

6 ـ ما هي الأحكام الشرعية المتعلقة بالكثرة وسواد الأمة الإسلامية عندكم؟!



يتبع


رد مع اقتباس