عرض مشاركة واحدة
قديم 2015/09/27, 10:56 AM   #8
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي ضرورة الوعي السياسي 4.1

لم يكن الإمام الرضا(ع) مستعدّا لاستلام السلطة اعتمادا على محبوبيّته وحسب/ إشاعة كان يكرّرها الناس عن الإمام الرضا(ع)

أحد الأسباب التي دفعت المأمون إلى حصر الإمام الرضا(ع) هو موقع الإمام(ع) الناشئ من محبوبيّته بين الناس. فخشي المأمون أن يفقد السلطة في هذه الظروف، ولكنه كان مخطئا، إذ أن الإمام الرضا(ع) لم يكن مستعدّا لاستلام السلطة اعتمادا على محبوبيّته وحسب، كما كان أمير المؤمنين(ع) يأبى أن يستلمها بمجرد محبوبيّته، ولذلك قد ألحّ الناس عليه ولكنّه كان يرفض مهما استطاع: «دَعُونِي وَ الْتَمِسُوا غَيرِي...وَ اعْلَمُوا أَنِّي إِنْ أَجَبْتُکُمْ رَکِبْتُ بِکُمْ مَا أَعْلَمُ وَ لَمْ أُصْغِ إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ وَ عَتْبِ الْعَاتِبِ وَ إِنْ تَرَکْتُمُونِي فَأَنَا کَأَحَدِکُمْ وَ لَعَلِّي أَسْمَعُکُمْ وَ أَطْوَعُکُمْ لِمَنْ وَلَّيتُمُوهُ أَمْرَکُمْ وَ أَنَا لَکُمْ وَزِيراً خَيرٌ لَکُمْ مِنِّي أَمِيراً» وكذلك خاطب الناس قائلا: «لَا حَاجَةَ لِي فِي أَمْرِکُمْ فَمَنِ اخْتَرْتُمْ رَضِيتُ بِهِ» [الكامل في التاريخ/3/190]
لماذا أبى الإمام الرضا(ع) أن يتصدّى لاستلام السلطة بالرغم من محبوبيته؟ أحد أسبابه هو أن المأمون قد شاع بين الناس بعد حديث سلسلة الذهب المشهور «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حِصْنِي فَمَنْ‏ دَخَلَ‏ حِصْنِي‏ أَمِنَ‏ مِنْ عَذَابِي... بِشُرُوطِهَا وَ أَنَا مِنْ شُرُوطِهَا» [عيون أخبار الرضا(ع)/2/135] أن الإمام الرضا(ع) قد ادعى الألوهية ويبدو أنها قد أخذت بين الناس مأخذها. لأنه روي عن أبي الصلت الهروي أنه قال: «...قُلْتُ يا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ مَا شَيْ‏ءٌ يحْکِيهِ عَنْکُمُ النَّاسُ؟ قَالَ وَ مَا هُوَ؟ قُلْتُ يقُولُونَ إِنَّکُمْ تَدَّعُونَ أَنَّ النَّاسَ لَکُمْ عَبِيدٌ» [عيون أخبار الرضا/2/184]

لا يمكن التعويل على المحبوبية بين الناس، بل يجب أن يؤخذ وعي الناس بعين الاعتبار

انظروا ماذا قال الإمام الرضا(ع) في حديث سلسلة الذهب. ثم انظروا إلى الشائعة التي انتشرت بين الناس على أثر هذا الحديث! لذلك لا يمكن التعويل على المحبوبية بين الناس، بل يجب أن يؤخذ وعي الناس بعين الاعتبار. لقد اشترط الإمام الرضا(ع) ولايته في قبول كلمة «لا إله إلا الله»، وإذا بهم أشاعوا أن الإمام الرضا(ع) يدعي «أن الناس جميعا عبيدا لي» ثم انتشرت بين الناس!
بعد أن أخبر أبو السلط الإمام الرضا(ع) بهذه الإشاعة قال الإمام: «اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ عالِمَ الْغَيبِ وَ الشَّهادَةِ أَنْتَ شَاهِدٌ بِأَنِّي لَمْ أَقُلْ ذَلِكَ قَطُّ وَ لَا سَمِعْتُ أَحَداً مِنْ آبَائِي ع قَالَهُ قَطُّ وَ أَنْتَ الْعَالِمُ بِمَا لَنَا مِنَ الْمَظَالِمِ عِنْدَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ أَنَّ هَذِهِ مِنْهَا» ثم التفت الإمام إلى أبي الصلت وقال: «إِذَا کَانَ النَّاسُ کُلُّهُمْ عَبِيدَنَا عَلَى مَا حَکَوْهُ عَنَّا فَمِمَّنْ نَبِيعُهُمْ... ثُمَّ قَالَ يا عَبْدَ السَّلَامِ أَ مُنْکِرٌ أَنْتَ لِمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لَنَا مِنَ الْوَلَايةِ کَمَا ينْکِرُهُ غَيرُكَ؟ فأجاب أبو الصلت:مَعَاذَ اللَّهِ بَلْ أَنَا مُقِرٌّ بِوَلَايتِکُم.» [المصدر نفسه]
فبالرغم من شدّة محبوبية الإمام الرضا(ع) وموقعه الجيّد بين الناس، ولكن بسبب قلّة وعي الناس وفتنة الطواغيت، انظروا أي تهمة أشاعوها على الإمام بعد ما ألقى كلمته القصيرة المعروفة بحديث سلسلة الذهب. هذا ما يدل على أن الناس لم يكونوا يحظون بالاستيعاب الكافي لاستماع كلمة الحق. ففسروها بتطرّف مما أدى إلى توجيه سهام التهمة إلى الإمام(ع).
وهناك رواية أخرى في هذا المجال عن إسحاق بن موسى فقد قال الإمام الرضا(ع) له: «يا إِسْحَاقُ بَلَغَنِي أَنَّ النَّاسَ يقُولُونَ إِنَّا نَزْعُمُ أَنَّ النَّاسَ عَبِيدٌ لَنَا لَا وَ قَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص مَا قُلْتُهُ قَطُّ وَ لَا سَمِعْتُهُ مِنْ آبَائِي قَالَهُ وَ لَا بَلَغَنِي عَنْ أَحَدٍ مِنْ آبَائِي قَالَهُ وَ لَکِنِّي أَقُولُ النَّاسُ عَبِيدٌ لَنَا فِي الطَّاعَةِ مَوَالٍ لَنَا في الدِّينِ فَلْيبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» [الكافي/1/187]
الآن عرفنا لماذا لم يتصدّ الإمام الرضا لاستلام السلطة وسحب البساط من تحت المأمون مع كلّ ما يحظى به من محبوبية بين الناس واقترابه من السلطة وسنوح بعض الظروف والأسباب له. لأن المحبوبية ليست كافية لوحدها، ولابدّ من وعي الناس وبصيرتهم.
الهي نقسم عليك بحق الإمام الرضا(ع) أن تجعلنا جنودا واعين وأولي بصيرة للإمام صاحب الزمان(عج)، وأن تجعلنا من عبادك الواعين والمأهّلين لتقبّل المعارف الولائية واستيعابها.
يتبع إن شاء الله...


رد مع اقتباس