عرض مشاركة واحدة
قديم 2012/12/04, 10:49 PM   #15
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي


مكارم الأخلاق الباقرية


المعروف

حث الإمام (عليه السلام) في كثير من أحاديثه على فعل المعروف ومما أثر عنه:

أ ـ (إن الله جعل للمعروف أهلاً من خلقه حبب إليهم المعروف وحبب إليهم فعاله، ووجه لطلاب المعروف الطلب إليهم، ويسر إليهم قضاءه كما يسر الغيث للأرض المجدبة ليحييها ويحيي أهلها، وإن الله جعل للمعروف أعداءً من خلقه بغض إليهم المعروف، وبغض إليهم فعاله وحظر على طلاب المعروف التوجه إليهم، وحظر عليهم قضاءه كما يحظر الغيث على الأرض المجدبة ليهلكها، ويهلك أهلها، وما يعفو عنه الله أكثر)(1).

إنه كلام جميل جمع فأوعى وتشبيه لطيف أصاب الهدف في الصميم، فللمعروف أهله يحبونه ويحبون به كما تحيي الأرض المجدبة بالمطر، وللمعروف أعداؤه يبغضونه ويكرهون فعاله وهو محظر إليهم كما هو محظر الغيث عن الأرض المجدبة ليهلكها ويهلك أهلها.

فيا سبحان الله هذه المتناقضات موجودة في الطبيعة منذ وجدت وفيها يكمن سر الحياة، ومن التناقض خير وشر. فالليل والنهار يتناقضان ويدفع كل منهما الآخر، وكذلك هي حال الإنسان يقلدا الطبيعة في سيرها ومن هذا الصراع بين المتناقضات في داخلنا وخارجنا نعيش الحياة، الهادئة حيناً والمضطربة أحياناً. ومن صراعنا مع الحياة تتوالد أشكال من التاريخ المفرح والمشين. فمنا من لديه القدرة في تجهيز العدة اللازمة ليزيل جماع الظلام القاسي، ومنا من لا يملك هذه القدرة فيفشل ويقضي معظم أيامه في الظلام. وكما الليل يجادل النهار فيأخذ منه ويعطيه كذلك نحن البشر نجادل الزمان فنستهلك جزء أمنه ويستهلك عمرنا.

وفي أجسادنا تجري معارك موصولة بين كائنات حية تتوق إلى الانطلاق وتكون حياتنا منذ البدء ميداناً فسيحاً للمغالبة، فأما أن ترتفع وتسمو إلى المثل العليا المتصوفين، وأما أن تنزلق في منحدرات كالماديين.

ب ـ وقال (عليه السلام): صنايع المعروف تقي مصارع السوء، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأول أهل الجنة دخولاً أهل المعروف وإن أول أهل النار دخولاً إلى النار أهل المنكر)(2).

عمل المعروف عمل إنساني فرضه الله عز وجل على عباده الصالحين، والمعروف مهما كان نوعه ماديا كان أم معنوياً هو صدقة. والصدقة كما هو معلوم تدفع عن أصحابها مصارع السوء وتمنحهم مركزاً اجتماعياً محبوباً ومرموقاً وأهل المعروف مكرمين في الدنيا والآخرة. وهم أول الداخلين إلى الجنة. أما أهل المنكر فهم على العكس مكروهين في الدنيا ومطرودين من الجنة وهم أول الداخلين إلى النار. من هنا أمر الإسلام المؤمنين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال تعالى: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر)(3).
الإحسان



الإحسان إلى الناس من أوثق الروابط الاجتماعية التي تدعو إلى تماسك المجتمع وترابطه، وتشيع المحبة والألفة بين أبنائه، وقد ندب إليه الإسلام. قال تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)(4) وحث عليه الإمام الباقر (عليه السلام) فقال: (ما تذرع إليّ بذريعة، ولا توسل بوسيلة هي أقرب إليّ من يد سالفة مني إليه أتبعتها أختها ليحسن حفظها وربها لأن منع الأواخر يقطع لسان شكر الأوائل، وما سمحت لي نفسي برد بكر الحوائج)(5).

إنه أحب شيء إلى نفس الإمام (عليه السلام) مواصلة الإحسان وتكراره ليغرس به المودة والحب والألفة في قلوب الناس.

ليس هذا غريباً على من اختارهم الله تعالى وخصهم بالكرامة والعصمة وجعلهم فوق مستوى البشر في مواهبهم وأخلاقهم وجميع صفاتهم، فأخلاق الإمام الباقر هي أخلاق أبيه الإمام زين العابدين ، وأخلاق جديه الإمام الحسين سيد الشهداء و أمير المؤمنين وارث علم الأنبياء فنجده الإمام علي (عليه السلام) عفا عن مروان أحد قادة الجيوش لحربه في البصرة وأحسن إليه بعد أن ظفر به ووقع أسيراً في قبضته.

وجده الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) عفا عن رأس الشرك أبي سفيان بعد أن ظفر به، كما عفا عن زوجته هند بن عتبة وأحسن إليها بعد عملها الشنيع عندما شقت بطن عمه الحمزة واستخرجت كبده ونهشتها، وعفا أيضاً عن ابن سرح عندما ظفر به في مكنة وقد كان يؤذيه ويسيء إليه.

فهذه صفة الأوصياء ورثة الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام.
مقابلة المعروف بالإحسان



لقد أوصى الإمام (عليه السلام) أصحابه بمقابلة المعروف بالإحسان فقال (عليه السلام): (من صنع مثل ما صنع إليه فقد كافاه. ومن أضعف كان شكوراً، ومن شكر كان كريماً. ومن علم أنه ما صنع كان إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم، ولم يستزدهم في مودتهم، فلا تلتمس من غيرك شكر ما أتيته إلى نفسك، ووقيت به عرضك، واعلم أن طالب الحاجة لم يكرم وجهه عن مسألتك فاكرم وجهك عن رده)(6).

فبعد أن أوصى (عليه السلام) بمقابلة المعروف بالمزيد من الإحسان، دعا إلى صنع المعروف بما هو معروف وأن لا يبغي الذي يسديه لا جزاءاً ولا شكوراً. لأنه قد صنع ذلك لنفسه. فالعمل الصالح يفيد صاحبه الذي يقمه في سبيل الله أكثر مما يفيد المسدى إليه. (الأعمال الصالحات خير وأبقى) (ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره).
القول الحسن والمعاملة الحسنى

دعا الإمام (عليه السلام) إلى هجر الكلام السيئ ومعاملة الناس بالحسنى فقال (عليه السلام): (قولوا للناس: أحسن ما تحبون أن يقال لكم، فإن الله يبغض اللعان السباب الطعّان على المؤمنين، الفاحش المتفحش السائل الملحف، ويحب الحيَّ الحليم العفيف المتعفف)(7).

الكلام الطيب يصدر من قلب طيب وأخلاق طيبة ذلك أن الإناء يرشح بما فيه. والكلمة الطيبة تمنح صاحبها احتراماً ومهابة وتبقى خالدة على الأيام يتداولها الناس ويذكرون قائلها بالخير. وما أروع الكلمات التي خلدت أصحابها والتي نرددها نحن اليوم. وقد ضرب لنا الله عز وجل مثلاً عنها فقال تعالى: (.. كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله المثال للناس لعلهم يتذكرون)(8).



توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس