عرض مشاركة واحدة
قديم 2015/07/16, 10:16 AM   #19
السيد مرتضي

موالي ممتاز

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3744
تاريخ التسجيل: 2015/03/16
المشاركات: 369
السيد مرتضي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد مرتضي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد مرتضي
افتراضي دور العبادة في أسلوب الحياة 6-1


بين يديك أيها القارئ الكريم ملخص الجلسة السادسة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «دور العبادة في أسلوب الحياة» حيث ألقاها في مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة طهران، في شهر رمضان عام 1434هـ. وهي وإن كانت تنطوي على بعض الأبحاث الخاصة في شهر رمضان ولكنّها لا تخلو من الكثير من المفاهيم العامّة والمفيدة لجميع الأزمنة، كما إنها تذكّرنا بأيام شهر رمضان والأجواء الروحانية التي كنا نعيشها في تلك الضيافة الرائعة.

من أجل الحصول على الجواهر المعنوية الثمينة التي من الصعب أن نحصل عليها، لأبدّ من الاستعانة بالعمل المداوم عليه.


من أهمّ الأدلّة على أهميّة أسلوب الحياة هو أن العمل والسلوك ولا سيما العمل المداوم عليه له تأثير كبير على الإنسان كما أنه ينظّم روحيات الإنسان وأفكاره. فإذا كان العمل المداوم يحظى بهذه الدرجة من التأثير فحري بنا أن نستعين به في سبيل الحصول على الجواهر المعنوية الثمينة التي من الصعب أن نحصل عليها.

لماذا عشق الله أمر صعب جدا؟


إن عشق الله صعب جدا وهو أقرب بالمستحيل، خاصة ونحن لا نراه، مضافا إلى أنّه قد خلقنا في عالم مليء بالمحن والصعاب والآلام، ثم إنه سوف يحاسبنا في الآخرة. فإن هذه العوامل تجعلنا لا نتمكن من حبّ الله بسهولة. ومن جانب آخر وإن كانت تأتينا ألطاف الله ورحمته ولكننا لا نراها في كثير من الأحيان فهي ليست ملموسة وملحوظة بشكل واضح. فعلى سبيل المثال نرى نعمة الصحة والأمان ونتمتع بهما ولكننا لا نلتفت إليهما. حيث إنه يلطف بنا كثيرا وخاصة عندما نطيعه بالصلاة والصيام ولكنه يلطف بأسلوب خفيّ، فلا نستطيع أن نشعر بمحبته وألطافه بسهولة. ولكن نرى المحن والبلايا التي قدرها الله سبحانه لنا وكذلك نعلم بأنه قد حكم على الجميع بالموت، فإنه سوف يقبض أرواحنا جميعا لندفن في القبر... فيا ترى كيف أستطيع أن أحب الله وأعشقه؟!

ما الداعي لعشق الله؟!


لعلّ بعضكم يتساءل ما الداعي لعشق الله وهل هناك ضرورة تقتضي أن نحب ربّنا ونعشقه؟! والجواب هو أنه لا يمكن لنا أن نحبّ شيئا آخرا بعمق وشدة حبّ الله. وإذا جرّدت الإنسان من الحبّ والعشق فيتحول إلى موجود شقيّ تعيس. فنحن بأمسّ الحاجة إلى حبّ الله وإن هذا الحبّ هو العامل الوحيد الذي يسهّل علينا سكرات الموت، ويهوّن علينا مشاكل الحياة. ثم إنك سوف تتحول بعشق الله إلى قوة عظمى تتهافت أمامك المشاكل. أفليس من الضروري أن نعشق الله ونحبّه أشدّ الحبّ؟!

ثم إن الله يقضي على كلّ ما نهواه ونعشقه لتخلو الساحة لعشق الله. هذه هي الفلسفة والحكمة من كل أنواع الفشل والخيبة والخسارة والملل التي نواجهها في كل أبعاد حياتنا ومجالاتها. فإن كل هذه الإحباطات والخيبات جاءت لتؤيسنا من المحبوبات والمعشوقات الكاذبة وتأخذ بيدنا إلى عشق الله.

الدليل الروائي على صعوبة عشق الله


ولكن عشق الله أمر صعب جدا. وإذا أردتم دليلا روائيا مضافا إلى الدليل الذي أقتمه عليكم في صعوبة عشق الله، فاعلموا أنه إن كان في قلب الإنسان ذرة من حبّ الدنيا لا يدخل فيه ذرّة من حبّ الله. «لَا یَجْتَمِعُ لَکُمْ حُبُ‏ اللَّهِ‏ وَ حُبُ‏ الدُّنْیَا»[تحف العقول/ص503]. ولا يمكن قلع جذور حبّ الدنيا من القلب ببساطة وسهولة. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «النَّاسُ أَبْنَاءٌ الدُّنْیَا وَ الْوَلَدُ مَطْبُوعٌ عَلَى حُبِّ أُمِّه‏»[غرر الحکم/ح1873].

فمع وجود كل هذه الموانع في حركتنا صوب عشق الله، كيف يتسنى لنا أن نعشقه؟/ الطريق الرئيس المؤدي إلى عشق الله هو الدوام في العبادة/ فإذا دخلت العبادة في أسلوب حياتنا، حينئذ نعشق الله شيئا فشيئا


في هذه الظروف التي يبدو حبّ الله وعشقه فيها صعبا جدا، كيف نستطيع أن نوجد هذا الحبّ في قلوبنا؟ ومع وجود كل هذه الموانع في حركتنا صوب عشق الله، كيف يتسنى لنا أن نعشقه؟ إن الطريق الرئيس الذي يؤدي إلى عشق الله هو الدوام في العبادة.

بإمكاننا أن نستخدم عنصر العبادة في أسلوب حياتنا وبهذا الطريق نجعل من أنفسنا عشّاقا لله شيئا فشيئا. فلا يمكن أن نفرض على قلب الإنسان أن يعشق الله رغما عليه، حيث إنه لا يسمع كلام أحد وتغيير القلب أصعب من إزالة الجبال. فقد قال الإمام الصادق(ع): «إزالَةُ الجِبالِ أهوَنُ مِن إزالَةِ قَلبٍ عَن مَوضِعِهِ» [تحف العقول/ص358].

العامل الوحيد الذي يسوق الإنسان إلى عشق الله هو الدوام على العبادة


إذا أردنا أن نغيّر قلوبنا لابدّ لنا من عمل مستمر مداوم عليه. كما أن من يعزم على تقوية جسمه وأراد أن يحدث بعض التغيير في عضلاته وهيكله لابدّ أن يتمرّن أشهر في سبيل ذلك، وكذلك في سبيل تقوية الروح وإيجاد بعض التغيير فيه ولا سيما في مثل هذا الموضوع المهم أي عشق الله سبحانه، لابدّ من عمل مستمر مداوم عليه.

إن عشق الله بحاجة إلى الدوام في العبادة، وهو العامل الوحيد الذي يسوق الإنسان إلى عشق الله. فمن هذا المنطلق لابدّ أن نراقب صلواتنا ونؤديها في أول أوقاتها مع مراعاة الأدب وبحفظ التوجه وحضور القلب مهما أمكن حتى يدخل حبّ الله في قلوبنا. فإذا استمرنا على هذا السلوك حينئذ نعشق الصلاة أيضا.


يتبع إن شاء الله ...



رد مع اقتباس