عرض مشاركة واحدة
قديم 2016/07/16, 04:50 PM   #5
أبو زينب اليمني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4529
تاريخ التسجيل: 2016/04/22
المشاركات: 1,034
أبو زينب اليمني غير متواجد حالياً
المستوى : أبو زينب اليمني is on a distinguished road




عرض البوم صور أبو زينب اليمني
افتراضي

حيرة أتباع مدرسة السقيفة في تفسير حديث الخلفاء ال ١٢.

لقد حار علماء مدرسة السقيفة في بيان المقصود من الاثني عشر في الروايات المذكورة في صحاحهم ومسانيدهم، وتضاربت أقوالهم كالآتي :

قال ابن العربي في شرح سنن الترمذي :
«فعددنا بعد رسول الله اثني عشر أميراً فوجدنا أبا بكر، عمر، عثمان، عليّاً، الحسن، معاوية، يزيد، معاوية بن يزيد، مروان، عبدالملك بن مروان، الوليد، سليمان، عمر ابن عبدالعزيز، يزيد بن عبدالملك، مروان بن محمّد بن مروان، السفّاح... ».
ثمّ عدّ بعده سبعة وعشرين خليفة من العباسيين إلى عصره، ثمّ قال : «وإذا عددنا منهم اثني عشر، انتهى العدد بالصورة إلى سليمان وإذا عددناهم بالمعنى كان معنا منهم خمسة، الخلفاء الأربعة وعمر بن عبدالعزيز، ولم أعلم للحديث معنى».

وقال القاضي عياض في جواب القول : أ نّه ولي أكثر من هذا العدد: «هذا اعتراض باطل، لأ نّه (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يقل : لا يلي إلاّ اثنا عشر، وقد ولي هذا العدد، ولا يمنع ذلك من الزيادة عليهم».

ونقل السيوطي في الجواب : « أنّ المراد: وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى القيامة يعملون بالحقّ وإن لم يتوالوا».

وفي فتح الباري : « وقد مضى منهم الخلفاء الأربعة ولا بدّ من تمام العدّة قبل قيام الساعة».

وقال ابن الجوزي : « وعلى هذا فالمراد من «ثمّ يكون الهرج» : الفتن المؤذنة بقيام الساعة من خروج الدجّال وما بعده».

قال السيوطي : « وقد وجد من الاثني عشر الخلفاء الأربعة والحسن ومعاوية وابن الزبير وعمر بن عبدالعزيز، هؤلاء ثمانية، ويحتمل أن يضمّ إليهم المهديّ العباسي لأ نّه في العبّاسيين كعمر بن عبدالعزيز في الاُمويّين، والطاهر العباسي أيضاً لما اُوتيه من العدل ويبقى الاثنان المنتظران أحدهما المهديّ لأ نّه من أهل البيت».

وقيل : «المراد : أن يكون الاثنا عشر في مدّة عزّة الخلافة وقوّة الإسلام واستقامة اُموره، ممّن يعزّ الإسلام في زمنه، ويجتمع المسلمون عليه».

وقال البيهقي : « وقد وجد هذا العدد بالصفة المذكورة إلى وقت الوليد بن يزيد بن عبدالملك ثمّ وقع الهرج والفتنة العظيمة ثمّ ظهر ملك العباسيّة، وإنّما يزيدون على العدد المذكور في الخبر، إذا تركت الصفة المذكورة فيه، أو عدّ منهم من كان بعد الهرج المذكور».

وقالوا : « والذين اجتمعوا عليه : الخلفاء الثلاثة ثمّ عليّ إلى أن وقع أمر الحكمين في صفّين فتسمّى معاوية يومئذ بالخلافة، ثمّ اجتمعوا على معاوية عند صلح الحسن، ثمّ اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك، ثمّ لمّا مات يزيد اختلفوا إلى أن اجتمعوا على عبدالملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير، ثمّ اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد، ثمّ سليمان، ثمّ يزيد، ثمّ هشام، وتخلّل بين سليمان ويزيد عمر بن عبدالعزيز، والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبدالملك اجتمع الناس عليه بعد هشام تولّى أربع سنين».

بناءً على هذا فإنّ خلافة هؤلاء الاثني عشر كانت لإجماع المسلمين عليهم وكان الرسول قد بشّر المسلمين بخلافتهم له في حمل الإسلام إلى الناس.

قال ابن حجر عن هذا الوجه :
« إنّه أرجح الوجوه ».

وقال ابن كثير : « إنّ الذي سلكه البيهقيّ ووافقه عليه جماعة من أنّ المراد هم الخلفاء المتتابعون إلى زمن الوليد بن يزيد بن عبدالملك الفاسق الذي قدمنا الحديث فيه بالذمّ والوعيد فإنّه مسلك فيه نظر، وبيان ذلك أنّ الخلفاء إلى زمن الوليد بن يزيد هذا أكثر من اثني عشر على كلّ تقدير، وبرهانه أنّ الخلفاء الأربعة، أبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً خلافتهم محقّقة... ثمّ بعدهم الحسن بن علي كما وقع لأنّ عليّاً أوصى إليه، وبايعه أهل العراق... حتّى اصطلح هو ومعاوية... ثمّ ابنه يزيد بن معاوية، ثمّ ابنه معاوية بن يزيد، ثمّ مروان بن الحكم، ثمّ ابنه عبدالملك بن مروان، ثمّ ابنه الوليد بن عبدالملك، ثمّ سليمان بن عبدالملك، ثمّ عمر بن عبدالعزيز، ثمّ يزيد بن عبدالملك، ثمّ هشام بن عبدالملك، فهؤلاء خمسة عشر، ثمّ الوليد بن يزيد ابن عبدالملك، فإن اعتبرنا ولاية ابن الزبير قبل عبدالملك صاروا ستّة عشر، وعلى كلّ تقدير فهم اثنا عشر قبل عمر بن عبدالعزيز، وعلى هذا التقدير يدخل في الاثني عشر يزيد بن معاوية ويخرج عمر بن عبدالعزيز، الذي أطبق الأئمّة على شكره وعلى مدحه وعدّوه من الخلفاء الراشدين، وأجمع الناس قاطبة على عدله، وأنّ أيّامه كانت من أعدل الأيام حتّى الرافضة يعترفون بذلك، فإن قال: أنا لا أعتبر إلاّ من اجتمعت الاُمّة عليه لزمه على هذا القول أن لا يعدّ عليّ بن أبي طالب ولا ابنه، لأنّ الناس لم يجتمعوا عليهما وذلك أنّ أهل الشام بكمالهم لم يبايعوهما.
وذكر : أنّ بعضهم عدّ معاوية وابنه يزيد وابن ابنه معاوية بن يزيد، ولم يقيّد بأيّام مروان ولا ابن الزبير، لأنّ الاُمّة لم تجتمع على واحد منهما، فعلى هذا نقول في مسلكه هذا عادّاً للخلفاء الثلاثة، ثمّ معاوية، ثمّ يزيد، ثمّ عبدالملك، ثمّ الوليد بن سليمان، ثمّ عمر بن عبدالعزيز، ثمّ يزيد، ثمّ هشام، فهؤلاء عشرة، ثمّ من بعدهم الوليد بن يزيد بن عبدالملك الفاسق، ويلزمه منه إخراج عليّ وابنه الحسن، وهو خلاف ما نصّ عليه أئمّة السنّة بل الشيعة».

ونقل ابن الجوزي في كشف المشكل وجهين في الجواب :
أوّلا : « أ نّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أشار في حديثه إلى ما يكون بعده وبعد أصحابه، وإنّ حكم أصحابه مرتبط بحكمه، فأخبر عن الولايات الواقعة بعدهم، فكأ نّه أشار بذلك إلى عدد الخلفاء من بني أميّة، وكأنّ قوله : «لا يزال الدين» أي الولاية إلى أن يلي اثنا عشر خليفة، ثمّ ينتقل إلى صفة اُخرى أشدّ من الأولى، وأوّل بني اُميّة يزيد بن معاوية وآخرهم مروان الحمار، وعدّتهم ثلاثة عشر، ولا يعدّ عثمان ومعاوية ولا ابن الزبير لكونهم صحابة، فإذا أسقطنا منهم مروان بن الحكم للاختلاف في صحبته، أو لأ نّه كان متغلّباً بعد أن اجتمع الناس على عبدالله بن الزبير، صحّت العدّة، وعند خروج الخلافة من بني اُميّة وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتّى استقرّت دوله بني العباس فتغيّرت الأحوال عمّا كانت عليه تغييراً بيِّناً».

وقد ردّ ابن حجر في فتح الباري على هذا الاستدلال.
ونقل ابن الجوزي الوجه الثاني عن الجزء الذي جمعه أبو الحسين بن المنادي في المهدي، وأ نّه قال :
« يحتمل أن يكون هذا بعد المهدي الذي يخرج في آخر الزمان، فقد وجدت في كتاب دانيال: إذا مات المهدي، ملك بعده خمسة رجال من ولد السبط الأكبر، ثمّ خمسة من ولد السبط الأصغر، ثمّ يوصي آخرهم بالخلافة لرجل من ولد السبط الأكبر، ثمّ يملك بعده ولده فيتمّ بذلك اثنا عشر ملكاً كلّ واحد منهم إمام مهديّ، قال: وفي رواية... ثمّ يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلا: ستّة من ولد الحسن، وخمسة من ولد الحسين، وآخر من غيرهم، ثمّ يموت فيفسد الزمان ».

علّق ابن حجر على الحديث الأخير في صواعقه وقال :
«إنّ هذه الرواية واهية جدّاً فلا يعوّل عليها».

وقال قوم : « يغلب على الظنّ أ نّه عليه الصلاة والسلام أخبر ـ في هذا الحديث ـ بأعاجيب تكون بعده من الفتن حتّى يفترق الناس في وقت واحد على اثني عشر أميراً، ولو أراد غير هذا لقال: يكون اثنا عشر أميراً يفعلون كذا، فلمّا أعراهم عن الخبر عرفنا أ نّه أراد أنّهم يكونون في زمن واحد... ».

قالوا : « وقد وقع في المائة الخامسة، فإنّه كان في الأندلس وحدها ستّة أنفس كلّهم يتسمّى بالخلافة ومعهم صاحب مصر والعباسية ببغداد إلى من كان يدّعي الخلافة في أقطار الأرض من العلوية والخوارج.

قال ابن حجر : « وهو كلام من لم يقف على شيء من طرق الحديث غير الرواية التي وقعت في البخاري هكذا مختصرة... ».

وقال : « إنّ وجودهم في عصر واحد يوجد عين الافتراق فلا يصحّ أن يكون المراد».
..................................

هكذا لم يتّفقوا على رأي في تفسير الروايات السابقة، ثمّ إنّهم أهملوا إيراد الروايات التي ذكر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فيها أسماء الاثني عشر لأنّها كانت تخالف سياسة نظام الحكم لمدرسة السقيفة.


رد مع اقتباس