عرض مشاركة واحدة
قديم 2015/04/07, 07:07 AM   #1
رجل متواضع

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 2335
تاريخ التسجيل: 2013/11/19
المشاركات: 1,126
رجل متواضع غير متواجد حالياً
المستوى : رجل متواضع is on a distinguished road




عرض البوم صور رجل متواضع
افتراضي نصف في أعداد الدراسات الأكاديمية والمجلات العلمية

سار في جنازة أنّا مارى شيمل عدد كبير من المسلمين، كان فى مقدمتهم الدكتور محمد زكى اليمانى وزير البترول السعودى الأسبق ومعه مجموعة من المفكرين جاءوا من أنحاء العالم الإسلامى ليعبّروا عن تقديرهم لنزاهة وموضوعية هذه المستشرقة العظيمة التى تفرغت لأكثر من نصف قرن فى إعداد الدارسات الأكاديمية، والكتابة فى المجلات العلمية، وإلقاء المحاضرات فى أنحاء أوربا وأمريكا لتقديم الإسلام للغرب بما يستحقه من الاحترام.

فى كل زيارة لها إلى القاهرة كانت تؤكد: إن شغفى الأكبر بالحضارة الإسلامية بدأ منذ طفولتى ويزداد عمقا كلما تعمقت فى دراسة التراث الفكرى والشعرى والصوفى، وهذه الثروة الروحية والعلمية الهائلة التى تركها شيوخ وعلماء الإسلام.

وحين زارت مجلة أكتوبر كان حديثها يدور حول الظلم الذى يتعرض له الإسلام على يد من لم يحسنوا دراسته، فالإسلام- كما استخلصت من دراساتها- دين يحترم الحرية الدينية والفكرية، والكرامة الإنسانية، ويدعو إلى العمل وإعمار الكون، كما يدعو المسلمين إلى أن يعيشوا الحياة ولا ينعزلوا عنها، ويعملوا لدنياهم كأنهم يعيشون إلى الأبد، ويعملوا فى نفس الوقت لآخرتهم كأنهم سوف يموتون غدا، وهذه هى قمة الحكمة على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم.. وقالت إن الإسلام يحترم المرأة- على عكس ما يردده البعض- ويكفى قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) إن الجنة تحت أقدام الأمهات، وكل امرأة هى أم أو ستكون أما! وقالت أيضا: إن الإسلام برىء من الإرهاب على النحو الذى يحاول به البعض الربط بين الإسلام والإرهاب والادعاء بأن فى الإسلام دعوة لإرهاب الآخرين.

وقالت أيضا: لقد بدأ اهتمامى بالإسلام وبالشرق وثقافته عندما قرأت حديثا نبويا يقول: (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا) ولم أكن أعرف أنه حديث نبوى، فتعلمت اللغة العربية.. وقد عملت أستاذا فى جـامعة بون، وأنقرة فى تركيا، ولاهور فى الهند، ثم فى جامعة هارفارد الأمريكية، ولكننى فى أمريكا لم أشعر بالأُلفة، ولذلك كنت دائماً أعتبر فترة إقامتى فى أمريكا غربة غريبة كما يقول الصوفية، أما فى بلاد الشرق فإننى أشعر دائماً بالراحة النفسية وأجد فيها نوعا من السمو الروحى لا يعرفه إلا من يمتلئ قلبه بحب الشرق.

وإجابة عن سؤال عن رأيها فى الإٍسلام قالت بوضوح: إننى أحب الإسلام، ولولا أننى أحبه ما كتبت عنه أكثر من ثمانين كتابا، وقد وجدت فيه دين تسامح، وروحانية وتوقفت كثيرا عند كلمات القرآن: (لا إكراه فى الدين..). وقد قلت لمن وجهوا إلىّ النقد: إنى أحب الرسول محمدا، وعندما سألونى عن رأيى فى غضب المسلمين بسبب رواية سلمان رشدى: آيات شيطانية قلت: لقد جرح سلمان رشدى مشاعر المسلمين. وتعرضت بسبب كلماتى هذه إلى حملة اضطهاد شديدة، ولولا أن الرئيس الألمانى الدكتور هرتزوج كان يساندنى لكانت الذئاب قد افترستنى، ولكننى مع ذلك قضيت فى هذه المحنة ستة شهور.

وفى كل مرة كانت تزور فيها القاهرة كانت تذهب لزيارة قبر القطب الصوفى الكبير ابن عطاء الله السكندرى فى المقطم.. ولأنها أقامت سنوات فى تركيا وظلت بعد ذلك كثيرة التردد عليها، فقد زارت قبر جلال الدين الرومى مائة مرة كما تقول لأنها أحبت شِعره الصوفى ووجدت فيه نداءات استجابت لها روحيا.

ولشدة إعجاب المثقفين فى باكستان بها أطلقوا اسمها على شارع فى مدينة لاهور.

***

وفى رأيها أن التشهير بالإسلام والمسلمين فى الغرب قضية لها جذور وعمق تاريخى، ويمكن فهم الأسباب من كلمات (جلاد ستون) الزعيم السياسى البريطانى المعروف التى قال فيها: (لن تستطيع أوربا أن تسيطر على دول الشرق، بل لن تستطيع أن تعيش فى مأمن ما بقى هذا القرآن حيا يتلى)، وقد ظل هذا الموقف يتصاعد عبر الزمان إلى أن تبلور على يد المفكر الاستراتيجى الأمريكى صمويل هنتنجتون فى نظرية صدام الحضارات، ولكن يجب ألا ننسى أن هناك كتابات أخرى تعبر عن الاحترام للإسلام، فالفيلسوف الألمانى (شبنجلر) فى كتابه (أفول الغرب) قال إن حضارة الإسلام حضارة جديدة أوشكت على الظهور فى أروع صورة، والإسلام يملك اليوم أقوى قوة روحانية عالمية نقية.. والحقيقة كما قال (جاردنر): (إن القوة التى تكمن فى الإسلام هى التى تخيف الغرب) وكذلك نجد مفكرا كبيرا مثل (بول ديورانت) يقول: (إذا حكمنا على العظمة بما كان للرجل العظيم من أثر فى الناس، فلابد أن نقول إن محمدا كان أعظم عظماء التاريخ).. ثم تقول: المشكلة تكمن فى أن المسلمين مقصرون فى حق أنفسهم، ولا يعرفون كيف يقدمون للعالم أنفسهم، وتاريخهم، وعقائدهم، وسياساتهم.. المسلمون لا يستخدمون وسائل الإعلام كما ينبغى.. ولا يجيدون فنون الدعاية والإقناع.. ولا يدرسون ما فى الغرب من تيارات فكرية وسياسية واستراتيجية واقتصادية.. وأعتقد أن العولمة تمثل أحد المفاهيم الاستعمارية المخادعة.. وأرى أن على المسلمين أن ينهضوا، ويقدموا أنفسهم للعالم من جديد.

وقالت أيضا: إننى أدعو المسلمين إلى إنشاء أقسام لدراسة الغرب دراسة متخصصة بما فيه من عقائد، وأفكار، وثقافات، وتاريخ قديم وحديث، وما يظهر فى الغرب من تيارات معاصرة، وبذلك يصبح لدى المسلمين أدوات الفهم للغرب، والقدرة على التعامل معه وعلى المواجهة أيضا، وأيضا القدرة على المقاومة لحماية أنفسهم من أن تسحقهم موجات التغريب التى تكتسح دول العالم، خاصة مع سيطرة الغرب بما لديه من تقدم تكنولوجى.

لقد أنفقت أنّا مارى شيمل عمرها فى دراسة الفكر والتصوف الإسلامى، ومقارنة الأديان، وترجمة النصوص والأشعار الإسلامية.. ولذلك فإنها تعتبرفى ألمانيا وغيرها من الدول والمؤسسات الدولية (مرآة الإسلام وسفيرة الإسلام فى الغرب).. وقد أعلنت أكثر من مرة: أنا أحب الإسلام كثيرا، وسأظل أدافع عنه حتى وفاتى، مهما كانت هناك مقاومة عنيفة من جانب الغرب ضد الإسلام.. ومع ذلك أجتهد.. وأجاهد.!

***

أنّا مارى شيمل لم تتزوج.

سئلت: ما ديانتك؟ فأجابت: الله أعلم.!

فى عام 1992 أقيم احتفال كبير فى ألمانيا لتكريمها باعتبارها صاحبة مدرسة فى الاستشراق ودراسة الإسلام وبمناسبة بلوغها سن السبعين، وألقى تلميذها البروفيسور يوحنا كريستوف بيرجل محاضرة عنها أصدرها بعد ذلك فى كتاب بعنوان (إن الله جميل يحب الجمال).

العفو هو روح الإسلام، وإن تقبل الطرف الآخر هو الأساس لكل حوار، وينطبق ذلك على علاقة الغرب بالعالم الإسلامى، خاصة أن الإسلام أصبح يصور على أنه العدو الجديد للغرب بعد انتهاء المواجهة بين الكتلتين الغربية والشرقية، وإننى على يقين بأن الشعوب يمكنها أن تتحاور على أساس احترام كل طرف للطرف الآخر دون أن يعنى ذلك ضرورة إزالة الخلافات بينهما، بل السعى إلى تجاوز هذه الخلافات هو الأهم.

وأجمل ما قالته أنّا مارى شيمل إن وسيلتها للحديث عن الإسلام ليست بإصدار البيانات، أو بالظهور المسرحى، ولكنها تؤمن بأن المياه التى تسير سيرا هادئا وباستمرار قادرة مع الزمن على أن تذيب الحجر الصلب.

على الجانب الآخر تنبه أنّا مارى شيمل إلى أن صورة الغرب أيضا مشوهة فى الإعلام فى معظم البلاد الإسلامية، ولذلك فإن التفاهم من الجانبين، وتوضيح الأمور من أهم الواجبات الآن. وتقول إن الغريب أن معرفة المسلمين أنفسهم محدودة بتاريخهم، وما حققوه من منجزات فى مناطق عديدة من العالم الإسلامى، حتى المتعلمون الليبراليون أيضا معرفتهم محدودة بما تحقق فى أنحاء مختلفة على يد المسلمين، ولذلك فإنهم يحتاجون إلى من يذكرهم بأسلوب هادئ بالتقاليد العظيمة لحضارتهم التى يبدو أنها أصبحت حضارة منسية حتى بالنسبة للمسلمين.. هذه الحضارة العظيمة تم تجميدها وإبعادها عن التطور عدة قرون، مع أن هذه الحضارة الإسلامية إذا تحقق لها البعث بثورة صحيحة، وإذا آمن أصحابها بأنها قابلة لمسايرة تطورات العصر، فإنها ستكون هى الطريق إلى مستقبل جديد للعالم الإسلامى.

5 حصلت على جائزة السلام أكبر جائزة فى ألمانيا، وحصلت على أكثر من عشرين شهادة دكتوراه فخرية، وفى سنة 1982 أطلق اسمها على شارع فى مدينة لاهور فى باكستان، وفى سنة 72 أصدرت مجلة (فكر وفن) الثقافية باللغتين العربية والألمانية، وأصبحت رئيسا للجمعية الدولية لعلم الأديان المقارن من سنة 1980 حتى سنة 1990، وكانت رئيسا للمنتدى الألمانى- الباكستانى، ورئيسا لجمعية إقبال فى أوربا، وعضوا فخريا فى الجمعية الألمانية الشرقية، والجمعية الأمريكية لدراسات الشرق الأوسط، والجمعية الأوربية للدراسات الإيرانية..

أن القرآن نبّه إلى أنه (لا إكراه فى الدين) فى سورة البقرة (آية 257) وأن النبى (صلى الله عليه وسلم) حذّر من الحكم بالكفر على أحد من الناس، وشدد فى التحذير من أن يكفّر الناس بعضهم بعضا.. ويحاول الأصوليون المتطرفون أن يجذبوا أنصارا لهم من بين الشباب الحائر الذى يعانى من البطالة، ويعملوا على تعبئة مشاعرهم ببعض الشعارات والتعبيرات بعضها كلمات حق يراد بها باطل وأكثرها ليس من الإسلام أصلا، والإسلام بذلك يتعرض لإساءة استخدامه لتحقيق أهداف سياسية تختلف عن الأهداف الحقيقية للإسلام الصحيح.. هؤلاء الأصوليون المتطرفون يقدمون الإسلام فى صورة كاريكاتورية كما قال الطاهر بن جلون، ويساندون مذهبا سياسيا لم يسبق أن كان له وجود من قبل فى العالم العربى الإسلامى.

وتقول: إننى كمؤرخة للأديان أقف بإعجاب عند الآية 187 من سورة البقرة التى تحدد العلاقة بين الرجل والمرأة فى إطار الزواج: (هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن) واللباس يعنى الذات الأخرى، أو النفس الأخرى، وبذلك يكون معنى الآية أن الرجل والمرأة يكمل كل منهما الآخر، وأن كلا منهما هو النصف الأفضل للآخر، وأعتقد أنه يجب تسليط الضوء على هذه الآية عند الحديث عن مكانة المرأة فى الإسلام، لأن هذه الآية تساوى بين الرجل والمرأة بما لا يدع مجالا للشك.

وحين سئلت: إذا كنت تحبين الإسلام كل هذا الحب فلماذا لم تعتنقى الإسلام؟ أجابت: هذا سؤال محرج، لا أعرف كيف أجيب عنه.

وحين سئلت: إذن فما ديانتك؟ قالت: الله أعلم!


kwt td Hu]h] hg]vhshj hgH;h]dldm ,hgl[ghj hgugldm



رد مع اقتباس