الموضوع: الاستكبار
عرض مشاركة واحدة
قديم 2018/01/28, 06:33 PM   #4
الشيخ عباس محمد

موالي بلاتيني

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3773
تاريخ التسجيل: 2015/04/07
المشاركات: 1,723
الشيخ عباس محمد غير متواجد حالياً
المستوى : الشيخ عباس محمد is on a distinguished road




عرض البوم صور الشيخ عباس محمد
افتراضي

الدرس الثالث:مقارعة الاستكبار
تمهيد
بعد أن عرفنا مدى خطر الإستكبار على الأمم،وأهدافه التي يرومها من خلال الهيمنة على مقدراتها، والأساليب الخبيثة التي يتبعها للتوصل إلى أهدافه، نتحول للكلام عن مقارعة هذا العدو المتربص بنا الدوائر، ونستقي من منبع الولاية ومَعين ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي دام ظله.
*شعار مقارعة الإستكبار

قد يسأل البعض لمَ الشعار؟ وما الهدف من الشعارات التي ترفع في وجه الاستكبار، كشعار الموت لأمريكا أو الموت لإسرائيل؟ فهل أن هذه الشعارات ستحل المشكلة وستنهي أطماعهم التاريخية في بلادنا وثرواتنا، وهل من الممكن أن تكون السد المنيع في مقابل سيل الغزو المتعدد الوجوه؟ هذا السؤال يجيبنا عليه سماحة الإمام الخامنئي دام ظله حيث يقول :
" للشعارات التي ترفع في أي بلد وفي أي نظام،أهمية فائقة، والتعامل مع الشعارات المختلفة في أي بلد يحظى بحساسية ورونق خاص. وإذا كان ذلك الشعب أو المسؤولون لا يتقنون كيفية التعامل مع الشعارات، فإنّهم سيتعرضون لأضرار جسيمة.

37

وبطبيعة الحال يتناهى إلى الأسماع أحياناً ما يردِّده البعض: أنّ اليوم ليس يوم شعارات وإنّما يوم عمل. وهذا الكلام غير صحيح، وإن كان بعض من يتلفظ به تحدوه نيّة مخلصة، ومراده أنّ البلد لا يمكن إدارته بالشعارات وحدها، وهو كلام صحيح, إذ إطلاق الشعارات لا يُصلح شأن البلد، بل ولا يصلح حتّى شأن قرية ولا يديرها ولا يبنيها، فلابدّ إلى جانب الشعار من العمل، إلاّ أنّ البعض يفسّر هذا الكلام * عن سذاجة * بشكل آخر، أو ربما فسّره البعض الآخر عن غرض, وكأنّهم يريدون الإيحاء إلى الشعب بوجوب التخلّي عن الشعارات. وهذا خطأ, فالشعار كالراية، مرشد ودليل، والعمل بلا شعار كالشعار بلا عمل.

ولأجل أن يعرف شعب مَساره، وما ينبغي له فعله، فلابدّ له من الحفاظ على شعاراته بصراحة ووضوح. وإذا فقدت الشعارات، يصبح الحال كحال جماعة من الناس تسير في الصحراء من غير دلالة. الخاصية المميّزة للشعار أنّه لا يدع شعباً أو بلداً يسير في الطريق المنحرف. إذن فليكن هذا شعاراً أيضاً: الشعار والعمل, الشعار إلى جانب العمل، والعمل في ظل الشعار "1.

مقارعة الاستكبار أمر طبيعي

يظن بعض البسطاء من الناس أن الشعوب الإسلامية تختلق العداء مع الدول الاستكبارية كأمريكا وغيرها، وهذا التفكير ساذج للغاية فمن الواضح أن العداء مع دول الاستكبار إنما نشأ من

38

معاداتهم لنا ومحاولتهم ضرب كل ما يمت إلى ثقافتنا ومحاولاتهم الدؤوبة للسطو على ثرواتنا الإقتصادية، يقول الإمام الخامنئي دام ظله لهؤلاء البسطاء:
"... يقوم بعض البسطاء بالتفوّه ببعض الكلمات أو كتابة بعض الأشياء، أنْ لماذا أنتم هكذا مع أمريكا والى متى وكيف و…. ؟ إن هؤلاء لا يدركون ما يحدث في العالم، وما يتوقع هذا العدو المتغطرس الجاهل اللامنطقي الذي يطمع بأكثر من حقّه، ويتصورون أن مشاكلنا ستنتهي فور بدء المفاوضات مع أمريكا. كلا، إن القضية ليست هكذا، أجل إن القادة الأمريكان يصرّحون رسمياً ويعلنون استعدادهم للتفاوض مع إيران، لماذا التفاوض؟ معلوم أنهم يريدون بالمفاوضات العثور على منفذ لممارسة الضغط على النظام الإسلامي، إنهم يريدون المفاوضات لهذا الأمر، انه ليس لنا معكم شيء ولا حاجة لنا بكم. ولا نخشاكم، ولا نودكم إطلاقاً.
فإنكم الذين أسقطتم طائرتنا المدنية في وضح النهار وأمام أنظار العالم بذريعة كاذبة وواهية، وقتلتم العشرات من الأبرياء ولم تكلّفوا أنفسكم بالاعتذار أبداً.
فأي نظام هو هذا النظام؟ وأية ثقافة هذه؟ وكيف يمكن لإنسان أن يودّ مثل هذا النظام؟ لذا لا توجد أدنى علاقة محبة ومودّة وصداقة بيننا وبين الأمريكان، بل هي علاقة كراهية واشمئزاز من جانبنا وعلاقة عداء وخبث من جانبهم! ! "2.

39

*كيف نقارع الاستكبار؟

النقطة الأساسية تكمن في معرفة الأمور التي نقارع بها هذا الاستكبار، وسنشير فيما يلي إلى العديد منها، والتي أشار إليها سماحة الإمام الخامنئي دام ظله من خلال توجيهاته المستمرة لأبناء الأمة الإسلامية.

أ ـ الوحدة والتماسك:
فمن الطبيعي أن منعة القلعة من الداخل تمنع دخول المتسللين إليها، يقول دام ظله:
"حافظوا على وحدة الصف واحيوا ذكرى الإمام والسابقين الأوائل من رجال الثورة، وكذا ذكرى الشهداء العظام، والذكريات الحماسية للثورة والحرب المفروضة في محيط الحوزات والجامعات وفي ساحات العمل والحياة العامة، فإن أصبح هكذا، فسيتّم بفضل الله في العقود المقبلة بناء صرح حضارة رفيعة في إيران وفي أماكن كثيرة أخرى، وستكون للإسلام والمسلمين عظمة ومكانة وقوة لا تبقى أمامها حقيقة وواقع للاستكبار بل لا يبقى للاستعمار وجود "3.

ب ـ التحلي بالشجاعة:
فلو شعرنا بالهزيمة قبل أن تقوم المعركة، أو اعترانا الخجل في رفض الطلبات التي يطلبها الاستكبار فسنكون حينئذٍ مجرد أدوات تخدم مصالحه، وسيذكرنا التاريخ عند ذلك باللعنات، وهنا تبرز أهمية الشجاعة في قول كلمة لا بأعلى أصواتنا ليفهم العدو أننا من النوع الذي لا تغريه العروض ولا يُستدرج بأنصاف الحلول. يقول دام ظله:

40

" إن الأعداء ليضغطون، وهنالك مصاعب يتحتم تحملها من أجل الاستقلال والمحافظة على الهوية الوطنية وتفادي الخجل أمام التاريخ، تصوروا لو أن الشاه سلطان حسين الصفوي قد فكر مع نفسه قبل أن يفتح أبواب أصفهان أمام الغزاة ويضع تاج الملوكية على رؤوسهم بعد دخولهم لها، وقال: لو فكرت بنفسي بأنني لا أملك سوى روح واحدة وقد عشت هذا العمر بأكمله فكم سأعمر يا ترى؟ ولو أنني فكرت بالناس فإن البلاء الذي سيحل بهم في حالة تسليمي أصفهان للغزاة لا يقل عن البلاء الناجم عن مقابلة الغزاة، لم يكن ليسلم المدينة أبداً. طالعوا تاريخ أصفهان وانظروا أي بلاء أنزله الغزاة بعد دخولهم أصفهان وكاشان والمناطق الوسطى من إيران وفارس وغيرها من المناطق، وأي مذابح اقترفوها بحق الناس بعد الإستسلام؟ فلم يقل الغزاة: بما أنكم قد استسلمتم فإن جزاءكم أن تعيشوا جميعاً آمنين، وهكذا اليوم، فانظروا ماذا يفعلون بالشعب العراقي، إذ إن هذا هو فعلهم أينما فرضوا سيطرتهم.
لو كان الشاه سلطان حسين قد فكر هكذا: بأن النفس لا قيمة لها، وأن المرء ليفتدي حاكمية الإسلام ورضا الله ورفعة الشعب بألف من الأنفس، وأن البلاء الذي مقدر له أن يحل بالناس نتيجة الإستسلام لهو أشد وطأة، ومقروناً بالذلة، أما البلاء الذي يحل نتيجة المقاومة فهو خالٍ من الذلة على أقل تقدير، لاقتحم ساحة الحرب وقاتل.
إنني وبسبب ما يمتلكه الشعب من عزيمة للصمود أحتمل وبشدة عدم سقوط أصفهان على أيدي الغزاة، وإن كان

41

هنالك الكثير من القادة والمسؤولين الخونة الضعفاء غير أن أفراد الشعب كانوا مستعدين، وكان عليه الإنضمام إلى أوساط الناس وأن يقاتل. هذه هي قضية التاريخ وهذه هي المسؤولية التي تقع على عاتق المسؤولين في الحكومة والدولة سواء منها السلطة التشريعية أو القضائية أو التنفيذية، فالجميع جزء من هذه المنظومة.
إن مسؤوليتنا ـ أنا وأنتم ـ اليوم في غاية الخطورة، فيجب شق الطريق بعقل وتدبر إلى جانب التوكل على الله والتحلي بالشجاعة وليس الجبن، وأول المهام هو التماسك الداخلي، فلا تَدَعوا هذه الجدالات والسجالات تتحول إلى مواجهة ونزاع وخصام وهذه وصيتي الوحيدة لكم "4.

ج ـ اليقظة والحذر:
وهذا ما يفوِّت على العدو أن يصل إلى أهدافه على حين غرة منا. ومن توجيهات الإمام الخامنئي دام ظله في هذا الإطار قوله :
" إن اليقظة والحذر هما من أهم العوامل التي تؤدّي إلى إحباط مخططات الأعداء وفشلها.
يقول أمير المؤمنين عليه السلام: " من نام لم يُنم عنه" يعني لابد لنا من الحذر واليقظة في مقابل المؤامرات التي يحيكها العدو الغادر والحاقد "5.

د ـ الحفاظ على الإلتزام الديني:
يقول الإمام الخامنئي دام ظله بعبارة مختصرة ولكنها تتضمن البعد المعنوي الكبير :

42

" إننا إذا سرنا في صراط الله المستقيم والتزمنا طريق التقوى فإن الإمدادات الغيبية الإلهية سوف تتوالى بالنزول علينا لحظةً بعد أخرى, لان الله سبحانه وتعالى يحب عباده الصالحين والمتقين ويعينهم على قضاء أمورهم "6.

43

الخاتمة
إن المعركة مع الاستكبار ليست معركة يوم أو مرحلة، بل هي سيرة الدنيا التي كانت وستبقى حتى يظهر مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف فيحسم المعركة لصالح الإيمان، ويرث الأرض ومن معه من الصالحين.

أخيرا نختم كلامنا بما ختم به سماحة الإمام الخامنئي دام ظله في إحدى الخطب :
" نسأل الله أن يشملنا بصالح دعاء سيدنا ومولانا الحجة ابن الحسن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، وأسأله تعالى ان يزيد في تقدم هذا الشعب يوماً بعد يوم، كما أسأله ان يزيد في رفعة مقام إمامنا العظيم الذي فتح أمامنا هذا الطريق الالهي المشرق "7.
والحمد لله رب العالمين

44

هوامش
1- *المناسبة: (13 آبان) اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي، الزمان والمكان:17 جمادى الثانية 1417هـ ـ طهران.
2- المناسبة: اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي، الزمان والمكان:27 جمادى الأولى 1415هـ ـ طهران.
3- المناسبة: اليوم الوطني لمقارعة الاستكبار العالمي، الزمان والمكان: 27 جمادى الأولى 1415هـ ـ طهران.
4- المناسبة: لقاء قائد الثورة الإسلامية مع أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، الزمان والمكان: 26 ربيع الأول 1424هـ ـ طهران.
5- المناسبة: الاحتفال بيوم الجيش، الزمان والمكان:2 ذي القعدة 1414هـ ـ طهران.
6- المناسبة: الاحتفال بيوم الجيش،الزمان والمكان: 2 ذي القعدة 1414هـ ـ طهران.
7- المصدر السابق.


رد مع اقتباس