الموضوع: حقوق النفس
عرض مشاركة واحدة
قديم 2017/02/15, 01:11 PM   #1
السيد احمد الغالبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 4419
تاريخ التسجيل: 2016/02/22
المشاركات: 66
السيد احمد الغالبي غير متواجد حالياً
المستوى : السيد احمد الغالبي is on a distinguished road




عرض البوم صور السيد احمد الغالبي
افتراضي حقوق النفس

بسم الله الرحن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين :
ان صحة النفس ووسائل وقايتها وعلاجها، وعوامل رقيّها وتكاملها، ورعاية حقوقها وواجباتها، يجهلها أو يتجاهلها الكثيرون لقلة احتفائهم بالقيم الروحية والمفاهيم النفسية، وجهلهم بعلل النفس وانحرافاتها. وما تعكسه من آثار سيئة على حياة الناس.


فالامراض الجسمية تبرز سماتها واعراضها على الجسم في صور من الشحوب والهزال والانهيار.
أما العلل النفسية والروحية فإن مضاعفاتها لا يتبينها الا العارفون من الناس، حيث تبدو في صور مقيتة من جموح النفس، وتمردها على الحق، ونزوعها الى الآثام والمنكرات، وهيامها بحب المادة وتقديسها وعبادتها، ونبذها للقيم الروحية ومثلها العليا. مما يوجب مسخها وهبوطها الى درك الحيوان.
من اجل ذلك كانت العلل الروحية والنفسية اصعب علاجاً، وأشدّ عناءً من العلل الجسمية، لعسر علاج الأولى، ويسر الثانية في الغالب.
وكانت عناية الحكماء والأولياء بتهذيب النفس، وتربية الوجدان اضعاف عنايتهم بالجسد.
وهذا ما يحتم على كل واع مستنير أن يعني بتركيز نفسه، وتصعيد كفاءتها، وتهذيب ملكاتها، ووقايتها من الشذوذ والانحراف، وذلك برعاية حقوقها، وحسن سياستها وتوجيهها.
واليك طرفاً من طلائع حقوق النفس:
1 - تثقيف النفس:
وذلك بتنويرها بالمعرفة الالهية والعقيدة الحقة، وتزويدها بالمعارف النافعة التي تنير للانسان سبل الهداية وتوجهه وجهة الخير والسداد. وهذه هي اسمى غايات النفس واشواقها.
فهي تصبو الى العقيدة، وتهفو الى الايمان باللّه عز وجل، وتتعشق العلم، وتهفو الى استجلاء الحقائق، واستكشاف اسرار الكون والغاز الحياة. تتطلع الى ذلك تطلّع الظمآن الى الماء، وتلتمس الذي لنفسها كما يلتمسه هو سواء بسواء. فإن ظفرت بذلك احست بالطمأنينة والارتياح، وإن فقدته شعرت بالقلق والسأم.
2 - اصلاح السريرة:
للانسان صورتان: صورة ظاهرية تتمثل في اطار جسده المادي، وصورة باطنية تتمثل فيها خصائصه النفسية، وسجاياه الخلقية.
وكما تكون الصورة الظاهرية هدفاً للمدح أو الذم، ومدعاة للحب او الكره نظراً لصفاتها الجميلة او القبيحة. كذلك الصورة الباطنية يعروها المدح والذم، وتبعث على الاعجاب او الاستنكار، تبعاً لما تتسم به من طيبة او خبث، من تلألؤ او ظلام.
وكما يهتم العقلاء بتجميل صورهم المادية، واظهارها بالمظهر اللائق الجذّاب. كذلك يجدوا الاهتمام بتجميل صورهم الباطنية، وتزيينها بالطيبة وصفاء السريرة وجمال الخلق. لتغدو وضاءة مشعة بألوان الخير والجمال. وذلك بتطهيرها من اوضار الرياء والنفاق، والحسد والمكر ونحوها من السجايا الهابطة المقتية.


من أجل ذلك حرّض أهل البيت عليهم السلام على تهذيب النفس واصلاح السريرة، وحسن الطوية لتكون ينبوعاً ثراً فياضاً بشرف الفضائل وحسن الأخلاق.
فعن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: «قال امير المؤمنين عليه السلام: كانت الفقهاء والحكماء اذا كاتب بعضهم بعضاً، كتبوا بثلاث ليس معهن رابعة:
من كانت الآخرة همّه كفاه اللّه همه من الدنيا، ومن أصلح سريرته اصلح اللّه علانيته، ومن اصلح فيما بينه وبين اللّه عز وجل اصلح اللّه له فيما بينه وين الناس«(1) البحار م 14 ج 2 ص 204 عن الخصال والامالي وثواب الاعمال للصدوق (ره).


.وقال الصادق عليه السلام: «ما من عبد يسر خيراً الا لم تذهب الايام حتى يظهر اللّه له خيراً، وما من عبد يسرّ شراً، الا لم تذهب الأيام حتى يظهر اللّه له شراً»(2) الوافي ج 3 ص 147 عن الكافي..
وعنه عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله سيأتي على الناس زمان، تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم، طمعاً في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياءً، لا يخالطهم خوف، يعمهم اللّه بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق، فلا يستجيب لهم»(3) الوافي ج 3 ص 148 عن الكافي..
ضبط النفس:
تنزع النفس بغزائرها وشهواتها الى الشذوذ والانحراف، وتخدع اربابها بسحرها الفاتن واهوائها المضلة، حتى تجمح بهم في متاهات الغواية والضلال «إن النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي» (يوسف: 53).
وهذا ما يحفز كل واعٍ مستنير، ان يُعني بضبط نفسه، والسيطرة عليها وتحصينها ضد المعاصي والآثام، وترويضها على طاعة اللّه تعالى، واتباع شرعته ومنهاجه.
وقد حثّ القرآن الكريم علي ضبط النفس، والحدّ من جماحها وتوجيهها شطر الخير والصلاح.
قال تعالى: «ونفس وما سوّاها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكّاها، وقد خاب من دسّاها» (الشمس: 7 - 10).
وقال تعالى: «وأما من خاف مقام ربه، ونهى النفس عن الهوى، فان الجنة هي المأوى» (النازعات: 41). «فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا، فان الجحيم هي المأوى» (النازعات: 37).
وهكذا حرض اهل البيت عليهم السلام على ضبط النفس، وقمع نزواتها، معتبرين ذلك أفضل صور الجهاد.
فعن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: «قال امير المؤمنين عليه السلام: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله بعث سرية، فلما رجعوا
{ 505 }قال: مرحباً بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي عليهم الجهاد الاكبر. قيل: يا رسول اللّه وما الجهاد الاكبر؟
قال صلى اللّه عليه وآله: جهاد النفس. ثم قال: افضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه»(1) سفينة البحار ج 1 ص 197 عن معاني الاخبار للصدوق..
وعن عبد اللّه بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين بن علي عليه السلام عن أبيها عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: ثلاث خصال، من كُن فيه، استكمل خصال الايمان: الذي اذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، واذا غضب لم يخرجه الغضب من الحق، واذا قدر لم يتعاط ما ليس له«(1) سفينة البحار ج 1 ص 197 عن معاني الاخبار للصدوق..
4 - محاسبة النفس:
والمراد منها هو: محاسبة النفس في كل يوم عما عملته من الطاعات والمعاصي، والموازنة بينهما، فإن رجحت كفة الطاعات، شكر المحاسب اللّه على توفيقه لها، وفوزه بشرف طاعته ورضاه.
وإن رجحت كفة المعاصي أدّب المحاسب نفسه بالتقريع والتأنيب على اغفال الطاعة، والنزوع للآثام.
قال الامام موسى بن جعفر عليه السلام: «ليس منا من لم يحاسب


نفسه في كل يوم، فإن عمل حسنة استزاد اللّه تعالى، وإن عمل سيئة استغفر اللّه تعالى منها وتاب اليه»(1).
وقد بحثت هذا الموضوع في القسم الاول من هذا الكتاب فراجعه هناك.
هذه لمحات خاطفة من حقوق النفس، تفاديت الاطناب فيها خشية السأم والملل.
وقد وقع الفراغ من هذه الابحاث على يد مؤلفها مهدي ابن المغفور له العلامة الحجة السيد علي الصدر ابن آية اللّه العظمى السيد حسن الصدر- اعلى اللّه مقامهما - في ليلة الاربعاء 17 شوال سنة 1390 هجريه والحمد للّه اولاً وآخراً.
_____________________
(1) الوافي ج 3 ص 62 عن الكافي.


pr,r hgkts



رد مع اقتباس