![]() |
#30 |
معلومات إضافية
![]() |
![]() الجزء الرابع عشر طرق فرعية وأخيراً انتهينا من تلك الظلمة الموحشة ودخلنا صحراء مترامية الأطراف وبعد أن سرنا فيها خطوات توقف ( حسن ) وقال : انظر ياصديقي ، إن السير في هذا الطريق محفوف من الآن فصاعداً بالمخاطر أكثرمما سبق ، ألقى نظرة سريعة على الطريق واستمر في حديثه : كل من ابتلى في الدنيا بنوع من الانحراف سينحرف هنا أيضاً ، ثم أشار بيده إلى الطريق الذي يقابلنا وقال : هذا هو الطريق المستقيم الذي ينتهي بوادي السلام ولكن لا بد من الانتباه فهنالك الكثير من الطرق الفرعية – فالطرق المتناثرة على اليمين والشمال مضلة وأما الجادة الوسطى فهي المستقيمة – فأخذت أردد : اللهم اهدنا الصراط المستقيم . ثم طلب مني أن أسير خلفه وسرنا في الطريق الذي أمامنا ، وكان جميع الذين عبروا الكهوف ساروا في هذا الطريق للوصول إلى وادي السلام وكان الناس يطوون هذا الطريق بما لديهم من حسنات صغيرة أو كبيرة وبسرعات مختلفة . بعد أن سرنا مسافة وصلنا مفترق طريقين ودون أن يتوقف ( حسن ) أشار إلى الطريق الواقع على الشمال وقال : هذه جادة الحسد والطغيان من دخلها خرج من جادة الشرك التي تنتهي بوادي العذاب . وفي تلك الأثناء شاهدنا شخصاً قد وطأ بقدمه تلك الجادة ورحتُ أفكر بأمره فتألمت لأنه اختار هذا الطريق المنحرف بعد كل تلك المصاعب والطريق الذي قطعه . وكنت أتمنى أن يندم ويؤوب قبل وصوله إلى جادة الشرك . لم يزل ذلك المنظر يشغل بالي حتى واجهت مشهداً أخراً في طريقي حيث شاهدت رجلاً صغير البنية يسير إلى جانب الطريق خائفاً مرتعداً ، فالتفت إلي ( حسن ) وقال : طأ بقدمك رأس هذا وتقدم . توقفت وسألته متعجباً : ولماذا ؟ قال : المتكبرون في الدنيا تصغر أبدانهم هنا كي يركلهم الناس بأقدامهم . ولما تذكرت تكبر هؤلاء في الدنيا أخذتني العصبية فركلته بقدمي وألقيت به على الأرض وواصلت طريقي دون اكتراث بعويله وصراخه . وما أن ابتعدنا قليلاً حتى وصلنا مفترق ثلاثة طرق . فتوقف ( حسن ) ليدلني فقال : واصل طريقك المستقيم ولا تلتف يميناً أو شمالاً . لأن طريق اليمين طريق النمامين الذين يؤذون الناس بألسنتهم ، وأضاف : وفيه حيوانات لادغة تلدغ المارين من هناك . في غضون ذلك دخله شخص فخرجت بعض الأفاعي من الأرض وأنبتت أنيابها بجسده فتركته مطروحاً على الأرض يصرخ بصوت عالٍ . ونظراً لرعب المنظر أدرت بوجهي شمالاً فدهشت لرؤية شخص ضخم البطن لا يستطيع السير وكثيراً ما يسقط على الأرض . ولفقدانه التوازن انحرف نحو طريق الشمال وأخذ يواصل طريقه زحفاً . سألت ( حسن ) : أي طريق هذا الذي يسير فيه ؟ قال : هذا طريق آكلي الربا حيث يذوقون أشد العذاب . الغلي سار بنا الطريق نحو قمة تل ، ومن الأعلى انتبهت إلى الجانب الثاني من التل فشاهدت مجموعة من المأمورين يقفون على الطريق وقد أوقفوا عدة أشخاص ، وإلى جانب المأمورين كانت تتصاعد ألسِنة من النيران ، ولشدة خوفي ورعبي دنوت من ( حسن ) ومنعته من المسير ، فمسح ( حسن ) بيده على رأسي وقال : لا تخف فلا شأن لهم بك فقد وقفوا يتصيدون أشخاصاً معينين . وفي تلك الحال ارتفع صوت عويل وصراخ ولما نظرت عرفت أن شخصاً كان واقفاً والنيران والدخان يتطاير من جبهته ولما أمعنت النظر شاهدت مسكوكة مغلية قد طُبعت على جبهته ، ثم أحمى المأمورون مسكوكة أخرى ووضعوها على ظهره فملأ صراخه وعويله أجواء الصحراء ، نظرت في وجه ( حسن ) متحيراً ، ونظر هو أيضاً في وجهي وقال : هذا جزاؤه – فهذه المسكوكات كان قد جمعها في الدنيا ، وكان يرد المحرومين والمستضعفين ولم يؤد حقوقهم – قال ( حسن ) ذلك وسار نحو الأسفل ولحقت به مرعوباً خائفاً . ولما وصلنا عند هؤلاء المأمورين الغلاظ الشداد تضاعف خوفي ورهبتي لكن ما خفف من روعي وجعلني أهدأ هو أنهم فسحوا لنا الطريق للمرور فعبرنا من بينهم دون الشعور بالخطر . قطعة من نار ابتعدنا عنهم خطوات فراودتني فكرة الالتفات إلى الخلف ولما نظرت دهشت لرؤيتي المأمورين وهم يمسكون بشخص من رجليه ويديه ويحاولون إدخال قطعة من نار بالقوة في فيه ، توقفت عن المسير ورجعت إلى الوراء فهالني المنظر ، فكانت صرخاته وعويله أليمة للغاية ، وفي الوقت الذي كان داخله يستعر فقد كان يقطع الطريق زحفاً ، وفجأة شعرت بيد (حسن ) على كتفي فنظرت إليه وسألته : ما الأمر؟ قال : إن الذين يأكلون أموال الناس بالباطل يتولى أمرهم مثل هؤلاء الملائكة المكلفين بإطعامهم قطع مستعرة من الحديد . بعد صمت قليل واصل ( حسن ) كلامه فقال : بطبيعة الحال فإن هؤلاء يوقعون عند معبر حق الناس . وبعد استماعي لكلام ( حسن ) اطمأن قلبي قليلاً ولكن نظراً لتألمي من ذلك المنظر توجهت إليه وطلبت منه الابتعاد عن ذلك المكان . ثم سرنا وسرنا حتى وصلنا شخصاً رافعاً يديه إلى الأمام وهو يتخطى خطوات قصيرة بحذر ، فقال ( حسن ) وهو يواصل مسيره مشيراً بإصبعه إلى ذلك الشخص : منذ أن خرج هذا المسكين من النفق أصيب بالعمى . ثم سار في طريق فرعي يبعد عنا خطوات وقال ( حسن ) : هذا طريق أهل الدنيا وسرعان ما يدخله ، فسألته لماذا ؟ قال : ذلك واضح لأنه فضّل الدنيا وأهلها على الآخرة وعلى المؤمنين . وهذه الطائفة من الناس ممن يشترون الخسران المبين لأنفسهم ، وذلك هو شراء الدنيا بالآخرة . ولم ينته ( حسن ) من حديثه وإذا بهذا الشخص يطأ بقدمه طريق أهل الدنيا ، وبقيت أسير في طريقي وتارة أعود إلى الخلف لأنظر من ذلك الأعمى البائس . كنا نطوي الطريق المستقيم على ما يرام ، وكنا أحياناً نسبق غيرنا فيما يسبقنا آخرون وقد صادفنا في الطريق طرقاً فرعية وأناساً عجيبين ، من بينهم أشخاصاً ذوي لسانين امتدت من أفواههم وتستعر فيها النيران ، فقال لي ( حسن ) إنهم المنافقون . كما شاهدنا الذين ارتكبوا أعمالاً تخالف العفة وانغمسوا بالشهوات غير المشروعة وقد لجموا بلجام من نار . لكن الأكثر إزعاجاً هو الطريق الفرعي الذي تسير فيه النساء ، فهو طريق ينتهي إلى صحراء وتتعذب فيها نساء كثيرات ، فمنهن من علقن بشعورهن وذلك لأنهن كن يبدين شعورهن للأجانب ، ومنهن من يأكلن لحومهن ، وهن من كن يتزين أمام الأجانب ، ومنهن من كانت رؤوسهن رأس خنزير وأبدانهن بدن حمار لأنهن مارسن النميمة في الدنيا . والذي أثار دهشتي خلال مشاهدتي لجميع تلك المناظر هو عجز ( حسن ) الخاص بهؤلاء بحيث أنه كان يتخلف عن صاحبه أحياناً مسافة مئات الأمتار فيعجز عن هدايته وإعانته. :: يتبع :: |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
عندما تفرح الأرواح | عاشقة الحسين | المواضيع العامة | 5 | 2013/05/18 09:59 PM |
مسيـــــــر الأرواح بعد المـــــــــوت | قل هو الله أحد | المواضيع الإسلامية | 7 | 2013/03/01 10:05 AM |
مسيـر الأرواح في عالـم البرزخ .. | ملاك العشق | الارشيف والتكرار | 1 | 2013/02/17 11:30 AM |
ما فائدة صلاة الليل في البرزخ | بسمة الفجر | المواضيع الإسلامية | 10 | 2012/10/03 04:47 AM |
فيلم سياحة في الغرب عالم البرزخ كاملا | العباس عطر الانفاس | الصوتيات والمرئيات والرواديد | 4 | 2012/09/23 12:23 AM |
| |