2014/02/09, 07:54 AM | #1 |
معلومات إضافية
|
الرغبات
الحياة هي المحاولات والسعي المتواصل ومجموع الأحلام والطموح لتحقيق الأهداف . يمر عهد الطفولة وتنقضي أيامه الزاخرة باللهو واللعب والخيالات الجميلة التي تنشأ من خلالها استعدادات الإنسان في المستقبل وتوجهاته . . ولكن البعض يتصرف في حياته وكأنه ذلك الطفل الذي يسعى من خلال خيالاته أن ينال القمر . إننا لا نطرح خطاً صارماً للحياة ، إذ من الممكن الخروج هنا أو هناك عن المسير المعين للحياة ، ولكن المفروض هنا هو ذلك الجنوح في الخيال بعيداً ، لأنه يضاعف من أخطار السقوط . الحياة المشتركة والرغبات : ما أكثر الرغبات التي تقود إلى المصائد وتجعل طعم الحياة مراً ، وهذه المسألة تكاد تكون عامة تشمل كل نواحي الحياة إلا أنها تتجلى واضحة جلية في الحياة الزوجية . إن الوقوع في أسر الرغبات واتباع الشهوات واللهاث وراءها وتجاوز الحدود القانوية التي رسمها العقل والشرع من أجل سعادة الإنسان واستقراره ، إن تجاوز هذه الحدود سيتسبب في اضمحلال الحياة الزوجية وانهيارها . وما أكثر الخلافات والحساسيات ، وبعبارة أكثر صراحة ما أكثر الانحرافات التي تطبع حياة البعض من الرجال أو النساء والتي تؤدي إلى انهيار الحياة المشتركة عن حسن نية . نعم ، نحن نؤمن بأن بعض المراحل من عمر الإنسان تقتضي التظاهر ومحاولة إلفات نظر الآخرين ، ولكن ـ وبعد أن يخطو الخطوة الأولى في دنيا الحياة المشتركة ـ عليهما الالتزام بالضوابط الإلهية وتوظيف هذه الموهبة الإلهية في دائرة الشرعية التي يحددها الدين . مسألة الهدى : أن تكون الحياة زاخرة بالأحلام الملوّنة والأماني الجميلة أمر لا يعترض عليه أحد ، ولا يدعي أحد كذلك بأن على الإنسان إذا ما وصل إلى سن البلوغ أن يقضي وقته بالعبادة والدعاء ، بالرغم من أن دائرة العبادة من وجهة نظر الإسلام تسع جميع الأنشطة الإنسانية التي تحظى برضا الله سبحانه ، حيث تعتبر بعض الأفعال كالأكل والنوم وحتى الممارسة الجنسية في حالات معينة عبادة يثاب عليها الإنسان . إن ما يرفضه الدين هو الانقياد إلى الهوى واتباع الشهوات والوقوع في أسر الرغبات . بعبارة أخرى سقوط الإرادة ووقوع الإنسان في أسر الأهواء النفسية . فالذي لا يملك سلطاناً على عينيه ولسانه وأذنيه ، والذي لا يمكنه ضبط نفسه من الرغبات ، لا يمكنه أن يتمتع بشخصية متماسكة متينة ، وبالتالي يعرّض سمعته وطهارة ثوبه إلى الخطر . الأخطار : متعددة هي الأخطار التي تنجم عن الوقوع في أسر الشهوة والانقياد إلى الهوى . 1 ـ المعاشرة والانحراف : تخضع المعاشرة من ناحية إسلامية لضوابط محددة ، فالإنسان المسلم مقيد بحدود معينة تنظم علاقاته مع الآخرين ، فهناك مسألة المحارم مثلاً كأبرز ضابطة شرعية تنظم علاقات الرجل والمرأة ، إذ ليس من حقنا أن نمزح مع أي كان أو نجالس أيّا كان أو نتحدث مع من نشاء . إن بعض النزاعات التي تعكر من صفو الحياة الزوجية إنما تنشأ بسبب إهمال هذه الضوابط ، إذ أننا نجد البعض ـ رجلاً أو امرأة ـ يقيم علاقات محرمة مع بعض الأفراد في نفس الوقت الذي يقوم فيه بتقطيع كل الأوامر مع زوجه ، ولا تستمر الحال هكذا إذ سرعان ما تتحطم حياة كل منهما وتذهب أدراج الريّاح . 2 ـ الاشتراك في الحرام : عادة ما تقود الشهوات إلى الوقوع في الحرام ، وبالطبع تكون البداية حضور الحفلات المحرمة التي تلوّث الإنسان تدريجياً ثم سرعان ما يجد المرء نفسه في أحضان الرذيلة ، وبمرور الأيام يزيّن رفاق السوء له هذه الحياة فيفضّلها على حياة الزواج والجو العائلي ، وعندها يولّي ظهره لزوجته ولأبنائه ويتضاعف الخطر عندما يدمن ذلك الإنسان على القمار أو الشراب أو تعاطي المخدرات إذ لا يكون همّه سوى الحصول على المال عن أي طريق ، وعندها تتهاوى الأسرة وتتحول إلى مجرد أنقاض آدمية . 3 ـ التجمل والزينة : يحث الإسلام على أن يتزين الزوجان لبعضهما ويظهرا بالمظهر اللائق ، وفي مقابل ذلك وضع الإسلام حدوداً لذلك تمنع من الإفراط الذي يقود إلى السقوط الأخلاقي ، وذلك عندما يتحول الرجل أو المرأة إلى العوبة أو دمية تقلّبها عيون الناظرين . فالإسلام يمنع لباس الشهرة أو أن تتزين المرأة ثم تخرج من دارها . الإسلام يمنع المرأة من التبرج لغير زوجها أو أن تتعطر ثم تخطر في الشوارع ، كل هذا من أجل صيانة الإنسان أخلاقياً وحمايته من السقوط أو الوقوع في شباك الشبهات . إن رعاية هذه الضوابط ضرورية في حياة المجتمع لكي يبدو أكثر طهراً أو صفاء . إن المهم في حياة الإنسان ليس جماله الظاهري بل نقاء الباطن وصفاؤه وسلامة الفكر والروح . 4 ـ حب حتى العبادة : يعيش بعض الشباب هاجس الطفولة بالرغم من تخطيهم ذلك السن وعبورهم تلك المرحلة ، فهم ينشدون من أزواجهم ـ مثلاً ـ حباً عنيفاً يصل درجة العبادة ! وأي ( تقصير ) أو إهمال قليل في تلك ( الطقوس ) يجعلهم يشعرون بالمرارة والحزن والألم ، الذي سرعان ما يفجر حالة من العدوانية والتنازع . وينبغي على من يعاني من هذه الحالة أن يخلو إلى نفسه قليلاً في محاولة لاستكشاف الباطن وتصفيته من تلك الميول اللامعقولة . بواعث تلك الرغبات : هناك من الأسباب والبواعث ما لا يمكن حصرها إلا أننا نذكر أهمها وهي كما يلي : ـ غياب النضج الكافي واعتماد العواطف . ـ انعدام التجارب الحياتية وغياب الرؤية الصحيحة . ـ الإحساس بالرتابة المملة والرغبة في خوض تجربة جديدة . ـ استمرار حالة الطفولة . ـ اللامبالاة وعدم الالتفات إلى المسائل العميقة للحياة . ـ تناسي الهدف من وراء الحياة . وأخيراً الوقوع في أسر الحياة العابثة واللهاث وراءها . الرغبات والحساسيات : إن السقوط في أسر الأهواء له آثاره المدمرة التي تطال الزوج وشريك حياته . إن أكثر الممارسات التي تنبعث عن الحساسية تضاعف من الآلام ، ذلك أن الرجال الذين يغارون على زوجاتهم ، وكذلك النساء الغيورات ، لا يمكنهم السكوت تجاه أزواجهم حتى لو اقتصر الأمر على مجرد ابتسامة لشخص ليس من المحارم . ومن وجهة نظر شرعية فإن حدود علاقاتنا مع الآخرين واضحة تماماً ، وفي ما يخص الزي الذي نرتديه فمسألة قد يدخل العرف في تحديدها أيضاً في حدود يرسمها الشرع ايضاً ، وأن كل أمر يؤدي إلى إثارة الظنون أو الشبهات أو يعتبر مقدمة للإنحراف والسقوط هو حرام ، ذلك أن مقدمة الحرام حرام أيضاً ، كما تقرر ذلك القواعد الشرعية . ضرورة مراجعة النفس : ربما يغفر الله ما ارتكبناه من ذنوب في حياتنا الماضية شرط أن نعود إلى أنفسنا ونفكر فيما ينبغي أن نفعله مستقبلاً . إن العودة إلى النفس ضرورية لأسباب منها : ـ تحقيق حالة من الطمأنينة من خلال السعي إلى التكامل الروحي . ـ إن أبناءنا بحاجة ماسة إلى آباء وأمهات في مستوى المسؤولية . ـ إن الأفراد في المجتمع الإنساني مسؤولون أمام بعضهم البعض ، كل حسب موقعه ، لتحقيق حالة من الاستقرار والسعادة . إذن فنحن في حالة من الحركة ينبغي علينا خلالها الالتفات إلى أنفسنا والانتباه إلى ممارساتنا وأعمالنا والسعي الدائم لتجنب السلوكيات المنحرفة والضارة ، نصلح ما اعوجّ منها ونعتبر بما يواجهنا من خطر . إن التهافت على الشهوات والرغبات سيمنعنا من الوصول إلى نبع السعادة ، ولذا فإن علينا أن نعزز من سلطة العقل ، وأن نحدد ما استطعنا من نفوذ العاطفة ، ذلك أن الحياة تحتاج في إدارتها العقل لا العواطف والأحاسيس . المراقبة : الزواج هو عهد المسؤولية وزمن الحساب ، فلقد ولّت حياة الضياع ، ودخل الزوجان عالماً جديداً ودنيا جديدة يتحمل فيها الطرفان الأعباء سوية ، ويتقاسمان فيها المسؤوليات كلّ حسب إمكاناته وقابلياته التي أودعها الله فيه . ولذا فإن تواجدنا في المنزل في ساعة معينة لا يعتبر منقصة لنا ، وكذلك فإن خروج المرأة من المنزل ينبغي أن يتم بموافقة زوجها حفظا لها وصوناً لعفّتها وسمعتها . فالرجل يعتبر زوجته رمزاً لكرامته ، وهو المسؤول الأول عنها . لذا فقد ورد في الأحاديث إن الملائكة ما تزال تلعن المرأة التي تخرج دون إذن زوجها حتى تعود . احترام الحقوق ورعايتها : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : " أعظم الناس حقاً على المرأة زوجها " (1) ، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : " ما زال جبريل يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها " (2) . من بواعث النزاع في الحياة الزوجية هو انعدام تلك العلاقة الصميمية والمودة بين الزوجين ، في نفس الوقت الذي ينفتحان فيه على الآخرين بعلاقات غير صحيحة مما يؤثر سلباً في نفسيهما ويضاعف لديهما العقد . التعفف : تعتبر المحافظة على العفة واحدة من أنجع الوسائل والسبل في منع وقوع النزاع بين الزوجين . إن صيانة النفس عن الانحراف والوقوع في الحرام هو من خصال العفة وطهارة الثوب ، فالزينة والتجمل مطلوب على أن ينحصر ذلك بين الزوجين فقط . ____________ (1) كنز العمال . (2) بحار الأنوار ج 103 ص 253 . =============== قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : " أيما امرأة استعطرت فمرّت على قوم ليجدوا منها ريحها هي زانية " (3) . ينبغي أن تكون العلاقة بين الزوجين علاقة صداقة وحب ، كما أن هدف كل منهما أن يكون صاحبه ملكاً خالصاً له لا يفكر بغيره ولا ينظر إلى سواه ، وفي هذه الحالة فإن التجمل والزينة والمعاشرة الحرة مع الآخرين سيلقي ـ شئنا أم أبينا ـ ظلاله السوداء في القلوب ويكون باعثاً على سوء الظن مما يؤدي بالتالي إلى إضعاف واضمحلال العلاقة الزوجية . إن العفة والتعفف ، وإضافة إلى ما ذكرنا ، حصن حصين يحمي الإنسان من الوقوع في شباك الماكرين المنحرفين الذين لا همّ لهم سوى استغلال بعض الثغرات والولوج إلى حرم الحياة الزوجية وتلويثها ، وبالتالي تدميرها ، وعندها لا ينفع ندم النادمين . التعاليم الإسلامية : من مزايا الإسلام الحنيف أنه يعيش مع الإنسان جميع لحظاته وسكناته ، وهو كالبوصلة التي تشير دائماً إلى الاتجاه السليم ، حيث يبدأ عملها منذ اللحظة الأولى للقيام بعمل ما ـ أعني منذ انعقاد النية ـ ولذا نشاهد أن الإسلام ـ مثلاً ـ لا يجيز لنا القيام بعمل من شأنه أن يضعنا في موضع الشبهات ويثير سوء الظن حولنا . وفي هذا المضمار تؤكد وصايا الإسلام اجتناب كل الأعمال التي تؤدي إلى تفجر النزاع في الحياة المشتركة وضياع كل الجهود في مهب الرياح . علينا أن نفكر وأن نضع أنفسنا مكان أزواجنا عندما نريد القيام بعمل ما ، فإننا وإن تمكنا من استغفال أزواجنا في ذلك فإن الله سبحانه هو شاهد على جميع أعمالنا . ____________ (3) ابن ماجة ج 8 ص 153 . المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: شباب أهل البيت (ع) hgvyfhj |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
| |