Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > المنتــديات العامة > الحوار العقائدي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012/11/29, 06:51 PM   #41
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي




( الأستاذ / الهاشمي بن علي رمضان )

البطاقة الشخصية
مولده ونشأته : ولد في مدينة قابس بتونس عام 1968م ، ونشأ في أسرة تعتنق المذهب المالكي ، حصل على شهادة الليسانس في اللغتين الإنجليزية والإيطالية سنة 1994م من جامعة تونس ، كما إنه يجيد اللغة الفرنسية.

الشعور بالإستغناء ، عن البحث : كان الهاشمي منذ طفولته متعلقاًً بالدين والمذهب وكان يرى وفق ما أملته عليه البيئة الإجتماعية أن المذهب المالكي هو أفضل المذاهب الإسلامية الأربعة ، فيقول : كنت أفاخر بأن المذهب المالكي هو روح الإسلام ولبه ، وأنه المذهب الوسط بين المذاهب الإسلامية ، فلا هو يميل إلى المعتزلة المتعقلين أكثر من اللاّزم ، ولا يقترب من الحنابلة المجسمة والخرافيين والمضحكين ، وفي الحقيقة ما كنت أعرف عن المذهب المالكي ولا عن مؤسسة القليل ولا الكثير! ، فلهذا ما كان يشعر الهاشمي بالحاجة إلى البحث ، لأنه يرى أنه على الحق ، فكان يقول : ما الحاجة إلى البحث والتنقيب؟! أو ليس قد ولدنا مالكيين وعشنا مالكيين ونموت مالكيين؟!.

بلورة هوايته نحو المطالعة : بقي الهاشمي على هذه الحالة حتى دخل مرحلة التعليم الثانوي ، فإتجهت رغبته وأنصب شوقه إلى المطالعة التي كان المعلمون يشجعونهم عليها ويوفرونها لهم مجاناً في المدرسة ، ويقول الهاشمي : كان المعلمون يرغبوننا بالمطالعة لتقوية زادنا في العربية والفرنسية ، وكان إعطاؤنا القصص يتجاوز المنحى الترفيهي إلى المنحى التعليمي.

ويضيف : مع مرور الزمان بدأت إقرأ بشغف قصصاً أكبر حجماً وأعمق مضموناً ، لكن مع دخولي مرحلة المراهقة بدا وضعي الجديد يفرض علىّ الإبتعاد ، عن القصص الملوّنة الجميلة ، حيث صارت تمثل لي مرحلة من العمر بدأت في مفارقتها ، ولم تعد تلكم القصص تروى غليلى إذ أنّها من ناحية كمّها كانت تبدو صغيرة جداًً ومن ناحية كيفها بدأ الجو الدراسي العام يشعرنا بأننا كبرنا عليها وينبغي الإتجاه إلى تلخيص وتحليل روايات وآثار معاصرة لأدباء معاصرين.

التوجه إلى مطالعة التاريخ : يقول الهاشمي : سرعان ما إستعضت عن هذه الروايات بشيء أكثر بريقاً وأكثر إمتاعاً ، حيث وجدت في التاريخ ضالتي المشودة التي تحقق لي حاجتي إلى التسلية والتحليق في فضاء أرحب وأوسع ، لكن شغفي بالتاريخ فتح عيني على حقيقة عظمى وغير من حياتي الشيء الكثير.

المفاجئة بحقائق التاريخ الإسلامي : لاحظ الهاشمي حين قراءته للتاريخ الإسلامي أن فيه تناقضات غريبة وعجيبة من بينها خلاف الصحابة وإقتتالهم ومخالفة البعض منهم للكتاب وللرسول (ص) ، فيقول : شعرت بتمزق نفسي كبير بين ما نشأت عليه من عقائد ومقدسات وبين ما أرى بعيني من حقائق ، وكانت من جملة الحقائق التي إصطدم بها الهاشمي ، أنه سمع ذات يوم من إتاذ مادة التاريخ ، حينما مر علي معركة صفين أنه قال مبتسماً : فإقترح الداهية عمرو بن العاص فكرة رفع المصاحف حتى يخدعوا جيش علي وينجوا من الهزيمة المنكرة التي بدأت تلوح لهم ، فيقول الهاشمي : صعقنى جداًً هذا الكلام ، فقلت : في نفسي : أعمرو بن العاص يفعل هذا؟! ، هذا الصحابي الجليل ـ الذي عرفناه من أقطاب الصحابة كما قال لنا شيوخنا ـ يخدع ويمكر؟! ، إذن أين تقوى الصحابة وإخلاصهم الذي ذكره لنا شيوخنا؟! ، شعرت حينها بتمزق نفسي شديداًًًً بين ثقافتي الإسلامية التي تقدم كل الصحابة وترفعهم إلى صفوف الملائكة وبين حقائق التاريخ إن كانت حقة؟!.

رجعت إلى البيت مغموماًً وسألت أخي عن المسألة فقال لي : إن هذا ليس من شأننا فلا تخض فيه وهم ـ أي الصحابة ـ أدرى بزمانهم و ... لم يقنعني هذا الكلام البارد الفارغ من كل معنى ، وهل يمكن أن يمارس المؤمن العادي الخداع والمكر؟! فكيف بالصحابة؟! ، وبحث الهاشمي عن هذه المسألة قليلاًً ، لكنه لم يجد أي تفاعل ممن حوله ، فلم يصل إلى الجواب المقنع ، فيقول : قفلت عليها في صدري والقيت حبلها على غاربها ومضيت.

بداية التعرف على التشيع : مضت على هذه الحادثة التي واجهها الهاشمي سنوات ، حتى شاءت الأقدار أن تجمعه مع صديق قديم وزميل دراسة كان قد إفترق عنه مدة من الزمن وإذا به يسمع أنه شيعي! ، يقول الهاشمي بعد إستغرابه من تشيع زميله : كنت قاطعاً ببطلان مذهب الشيعة وإنهم متطرفون في عقائدهم ، وكنت أسمع ما كان ينقله البعض حول بكاءهم على الحسين وسبهم للصحابة ، فيزداد عجبي ، وكنت أتمنى أن التقي بواحد منهم لأقنعه أو على الأقل لأعرف لماذا هم هكذا ، ومن هنا بدأ الهاشمي يناقش صديقه الشيعي ، وخاض معه نقاشات عديدة ، حتى بان له الحق ، وتعرف على واقع الأمر ، وإتضح له أحقية مذهب أهل البيت (ع) فيقول : رأيت أن الشيعة مذهب صاف عقلأني ملىء بالحجج الدامغة من القرآن الكريم والسنة المحمدية ولا مجال للخرافات والتحريفات والأكاذيب فيه ، وهكذا إذ بينما كنت أنسب إلى الشيعة كل قبيح ، إستفقت على أن مذهبهم حق.

كلمة أخيرة لكل إنسان حر : يقول الهاشمي : أنا من موقعي هذا أدع كل إنسان حر أن يطلع على كتب الشيعة وعلى آرائهم من دون واسطة ، ويدعو الهاشمي جميع أبناء العامة إلى البحث حول التشيع ، فيقول : جربوا أن تطالعوا عن التشيع والشيعة الإثني عشرية ، فليس في ذلك بأس ولا ضرر ولا فتنة ولا سمّ كما يدعي بعض العلماء المتحجرين ، بل إن أحدنا يفاخر بأنه يقرأ مجموعة آثار فيكتور هيجو مثلاًً أو إطلع على مسرحيات شكسبير وتجده جاهلاًً بما يقوله إخوانه وبما يعتقدونه جهلاًً مطبقاً.

مؤلفاته :

1 - الصحابة في حجمهم الحقيقي : صدر عام 1420 ، عن مركز الأبحاث العقائدية ، ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين ، وهو دراسة عقائدية وتاريخية ترفع الضبابية عن الأعين في شأن عدالة جميع الصحابة وقد إستند المؤلف في هذه الدراسة إلى القرآن وأقوال الرسول (ص) ورأي الصحابة في بعضهم البعض رأي التابعين في الصحابة.
2 - حوار مع صديقي الشيعي : صدر ، عن مركز الأبحاث العقائدية ، ضمن سلسلة الرحلة إلى الثقلين ، وهو خلاصة لنقاشات وحوارات دارت بينه وبين أحد أصدقائه الشيعة في مدينة قابس ، والتي خاض فيها مع صديقه حول أهم عقائد الشيعة الإثنى عشرية ، منها : التقية ، والمتعة ، والتوسل ، والإمام المهدي ، وعدالة الصحابة.

وقفة مع كتابه : الصحابة في حجمهم الحقيقي : الصحابة جيل من الناس عاصر الرسول محمد (ص) أيام بعثته فرأوه وآمنوا به وكان معظمهم من أهل المدينة وأهل مكة وما حولهما من القبائل العربية ، وكانوا قبل الرسالة يعبدون الاصنام كبقية أبناء الجاهلية في مناطق الجزيرة العربية ، وبعد أن بعث الله سبحانه وتعالى الرحمة الهداة الرسول محمد المصطفى (ص) من أبناء إبراهيم (ع) والذي يتحدث بلغتهم وينتسب إلى بني هاشم من قبيلة قريش التي كانت تسكن مكة في جوار الكعبة بيت الله العتيق الذي بناه إبراهيم وإسماعيل (ع) شملتهم الرحمة الإلهية فإهتدوا بهدى الإسلام الدين الذي إرتضاه الله للناس أجمعين.

ويحكي واقع تاريخ المسلمين أنه بعد وفاة رسول الله (ص) إختلف الصحابة فيما بينهم وقامت بينهم الحروب وعاد معظمهم على أدبارهم القهقرى ، كما يشهد بذلك حديث الحوض ، الذي تنبأ فيه رسول الله (ص) بإنحراف معظم أصحابه ، وآلت أمور المسلمين إلى قيام الدولة الأموية على يد الصحابي معاوية بن أبي سفيان الذي كان أبوه قائد الكفار المحاربين للرسول (ص) ، وقد عمل معاوية ـ بعد أن تسلم مقاليد الأمور ـ على شراء الضمائر بالأموال ليمحوعن نفسه عار العداء للرسول (ص) وآل بيته الأطهار ، فإستجاب له ولمن أتى من بعده من الجبابرة بعض الصحابة والتابعين من عبيد الدنيا فأدخلوا في الدين وفي الحديث ما أرادوا من تشويه وتزييف وتحريف.

وكان من ضمن هذه الأساليب التي إتبعها أشباه العلماء هؤلاء بائتمار من الحكام الظالمين هو القول بعدالة جميع الصحابة حتى لا تنفضح مخازي بني أمية ، وحتى تضيع المصادر الحقيقية للدين وهم آل البيت (ع) الذين إصطفاهم الله بعد الرسول (ص) وجعلهم قادة للمسلمين ، وكان نتيجة هذا الظلم أن لا يقبل أغلب المسلمين بقيادة إثنا عشر إماماًًً معصوماًً من آل الرسول يتسلسلون على مدى الدهر بعد وفاة الرسول (ص) ، وأخذوا الدين بدلاً من ذلك من أكثر من 120 الف صحابياًً عاصروا الرسول (ص) فقط وفيهم المنافقون والشكاكون وضعاف الإيمان والأعراب ، فضاعت عليهم معالم الدين وتسلط عليهم الجبابرة فبئس للظالمين بدلاً.

الصحابة وأصول الدين أو أركانه : إنّ مسألة الصحبة من المسائل التي أسالت حبراً كثيراًًً وصار حولها لغط كثير ، فأهل السنّة عموماًً يعتبرون الصحابة جزءاًً لا يتجزأ من إيمان الفرد المسلم ، وإذا طعن أي فرد بأيّ واحد من الصحابة فقد إقترف آثماًً عظيماًً ووزراً كبيراًً ، لكن هذه المسألة ـ مسألة الصحابة ـ لو يتجّرد الباحث المسلم المنصف للخوض فيها فسيرى ويعلم علم اليقين أنّها لَيسَتْ من المعتقدات المهمة سواء التي إتفقت عليها طوائف المسلمين كالتوحيد والمعاد والنبوّة ، ولا من التي إختلِفَ حولها كالعدل والإمامة ، فأركان الإسلام عند أهل السنة خمسة وهي : شهادة أن لا إله إلاّّّّ الله وأن محمداًً رسول الله ، والصلاة والزكاة وحج بيت الله الحرام لمن إستطاع إليه سبيلاً والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره ، فأين الصحابة من هذه الأركان الخمسة التي يقوم عليها الإسلام؟! ، وأما عند الشيعة فأُصول الدين خمسة وهي : التوحيد ، والعدل ، والنبوّة ، والمعاد ، والإمامة ، وإن كان العدل والإمامة من أركان وأُصول المذهب عندهم أي لا يكفر الإنسان بإنكارها ، وكما ترى فلا أثر للصحابة في هذه العقيدة ولا وجود لهم.

وأما الإيمان ، فكما إتفقت عليه كلمة المسلمين وكما ورد في القرآن : ءامن الرسول بمآ أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن باللّه وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله ، وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ، وإنظر إلى قوله تعالى في سورة النساء حيث يقول : يأيها الذين ءامنوا ءامنوا باللّه ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداًًً ، فأين محلّ الصحابة في هذا الإيمان؟!! ، ثم اليس لكلّ نبيّ صحابة؟! فإذا كان الإيمان بصحابة رسول الله من ضرورات الإسلام أو من أركان الإيمان ، فلماذا لا يكون الإيمان بصحابة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى كذلك؟! ، ثم بأيّ دليل من الكتاب والسنّة نجد أن الإيمان بمسألة الصحابة جميعاًًًً واجب علينا كالإيمان بالله ورسوله؟!.

ما إستدلّوا به في عدالة الصحابة : يقول إبن الأثير في مقدمة كتابه أسد الغابة في معرفة الصحابة ما يأتي : والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلاّّّ الجرح والتعديل ، فإنهم كلّهم عدول لا يتطرق الجرح إليهم ، لأن الله عز وجلّ ورسوله زكّياهم وعدّلاهم ، وذلك مشهور لا نحتاج لذكره ، أما إبن حجر العسقلاني فيقول عن عدالة الصحابة : إتفق أهل السنّة أنّ الجميع عدول ، ولم يخالف في ذلك إلاّّّ شذوذ من المبتدعة ، وقد ذكر الخطيب في الكفاية فصلاًً نفيساً في ذلك فقال : عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وأخباره عن طهارتهم وإختياره لهم ، فمن ذلك قوله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس ، وقوله : وكذلك جعلنـكم أمة وسطا ، وقوله : لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثبهم فتحاً قريباًً ، وقوله : والسلبقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين إتبعوهم بإِحسان رضى اللّه عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ، وقوله : يأيها النبي حسبك اللّه ومن إتبعك من المؤمنين ، وقوله : للفقرآءِ المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من اللّه ورضوانا وينصرون اللّه ورسوله أولائك هم الصادقون ، إلى قوله : إنك رءوف رحيم ، في آيات كثيرة يطول ذكرها وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها ... ، وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله لهم إلى تعديل أحد من الخلق ... ، إلى أن يقول إلى أن روى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله فإعلم أنه زنديق ، وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق ، وإنما أدّى إلينا ذلك كلّه الصحابة وهؤلاء ( وهم ) يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنّة ، والجرح بهم أولى وهم زنادقة ، إنتهى .... فعلى رأي علماء أهل السنّة كل شعب رسول الله الذي آمن به صحابة ، وهم أيضاًًً عدول كلهم لا يتطرقالشك إليهم أبداًً حتّى إلى واحد منهم ، وقالوا : من يطعن في صحابي واحد فهو زنديق ، وقالوا : إنّ الله طهرهم وزكّاهم جميعاًًًً.

الصحابة في القرآن : يقول تعالى في سورة الفتح : محمد رسول اللّه والذين معه أشدآء على الكفار رحمآء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من اللّه ورضونا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطأه فازره فاستغلظ فإستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد اللّه الذين ءامنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً ، فمن ينظر إلى أول الآية يرى أن الممدوحين مع رسول الله هم عموم الصحابة، لكن إنظر إلى قوله تعالى : وعد اللّه الذين ءامنوا وعملوا الصالحات منهم ...
فلم يَعِدْ الله جميع الصحابة بالمغفرة والأجر ، بل فقط مَنْ آمن وعمل صالحاًًً ، ولو كان الوعد للجميع لقال : ( وعدهم الله ... ) فتأمل.

ويقول تعالى في نفس هذه السورة : إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد اللّه فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اللّه فسيؤتيه أجراً عظيماً ، وأنت ترى في هذه الآية أنّ الله تعالى يحذّر الناكثين بأنهم إنّما ينكثون على أنفسهم وليسوا بضاري الله تعالى شيئاًًً ، ولدى قراءة سورة الحجرات تصادف هذه الآية : إن الذين ينادونك من ورآء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراًًً لهم والله غفور رحيم ، فأنظر لوصف الله تعالى هذه الفئة من المسلمين حيث وصفهم بأبشع وصف وهو أنهم لا يعقلون ، وقد وصفهم الله في صدر السورة بأنهم يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي مع أنهم مؤمنين به (ص).
ويقول في سورة الحجرات أيضاًًً : يأيها الذين ءامنوا إن جآءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماًً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين.
ومن المعلوم والمشهور أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة ، وهو أخو عثمان بن عفان لأمه ، عندما بعثه إلى بني المصطلق فرجع وكذب على النبي (ص) ، فالله يصف الوليد بالفاسق ، وأئمة السنّة يقولون : أنّه عدل؟!

ويقول تعالى في سورة التوبة : لقد نصركم اللّه فى مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ، في هذه الآية يذكر الله ويشنّع على المسلمين فرارهم يوم حنين حيث تركوا النبي مع ثلة قليلة عدد أصابع اليد وفرّوا ، وقد إغترَ المسلمون في حنين بكثرتهم حتى قال أبوبكر : لن نُغلَب اليوم من قلّة ، وقال الله أيضاًًً مخاطباًً الصحابة : يا أيها الذين ءامنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل اللّه إثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحيواة الدنيا من الآخرة فما متاع الحيوة الدنيا فى الآخرة إلاّّّ قليل إلاّّّ تنفروا يعذِبكم عذاباً أليما ويستبدل قوماًً غيركم ولا تضروه شيئاًً واللّه على كل شىء قدير.

فالله هنا يقرع الصحابة بسبب تثاقلهم عن الغزو وكما لا يخفى فإن الله تعالى توعّد الصحابة في هذه الآية بالعذاب الأليم وبإستبدالهم بقوم آخرين ـ الفرس على رأي ـ إذا لم ينفروا في سبيله ، فأين مدح الله للصحابة هنا؟!.

ويقول الله تعالى في سورة الأحزاب : إن الذين يؤذون اللّه ورسوله لعنهم اللّه في الدنيا وَالآخرة وأعد لهم عذاباً مهينا.
إنّ الله لا يتأذّى ولكن آذى الله من آذى من آذى الرسول ، وعليه فكلّ من آذى الرسول (ص) صحابياًً أو غيره فقد آذى الله ، وهذا نظير قوله تعالى : من يطع الرسول فقد أطاع اللّه ومن تولى فمآ أرسلناك عليهم حفيظا ، وما أكثر من آذى الرسول من الصحابة والصحابيّات ، ومن أراد اليقين فليبحث فسيرى عجباً ، ويقول الله تعالى في سورة آل عمران : وإذ غدوت من أهلك تبوِئ المؤمنين مقاعد للقتال واللّه سميع عليم إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا واللّه وليهما وعلى اللّه فليتوكّل المؤمنون ، ويقول الفخر الرازي في تفسيره : أنها نزلت في حيّين من الأنصار همّا بترك القتال في أُحد والعودة إلى المدينة أُسوة براس النفاق عبد الله بن أُبي بن أبي سلول.

ويقول تعالى في سورة آل عمران حول معركة أُحد : ولقد صدقكم اللّه وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنزعتم فى الأمر وعصيتم مِن بعد مآ أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ... ، ويقول كذلك : إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم فى أخراكم فأثابكم غماً بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا مآ أصابكم واللّه خبير بما تعملون ، ويقول أيضاًًً : إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما إستزلهم الشيطان ببعض ماكسبوا ولقد عفا اللّه عنهم إن اللّه غفور حليم ، مرحى لهؤلاء الصحابة الذين يفرّون من ساحة المعركة ويتركون الرسول خلفهم والرسول يناديهم في ذلك الموقف الشديد.

وقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره : أنّ عمر بن الخطاب كان من المنهزمين ، إلاّ أنه لم يكن في أوائل المنهزمين!! ومن الذين فرّوا يوم أُحد عثمان بن عفان ورجلين من الأنصار يقال لهما سعد وعقبة ، وإنهزموا حتّى بلغوا موضعاًًً بعيداًًًً ثم رجعوا بعد ثلاثة أيام فقال لهم النبي (ص) : لقد ذهبتم بها عريضة ، ثم لنأت إلى سورة الجمعة ولنقرأ هذه الآية : وإذا رأوا تجارة أو لهوا إنفضوا إليها وتركوك قائماًً قل ما عند اللّه خير من اللهو ومن التجارة واللّه خير الرازقين ، وقد نزلت هذه الآية في الصحابة الذين كانوا يصلون الجمعة مع رسول الله (ص) ، حتّى إذا دخل دحية الكلبي ـ وكان مشركاًًًً ـ المدينة بتجارة من الشام فترك الصحابة المسجد وخرجوا إليه ولم يبق معه (ص) إلاّّّ إثنا عشر رجلاًًً على رواية ، حتّى قال النبي (ص) فيهم : لو إتبع آخرهم أولهم لا لتهب الوادي عليهم ناراً.

ويقول الله تعالى في سورة الأنفال : ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا واللّه يريد الآخرة واللّه عزيز حكيم لولا كتاب مِن اللّه سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم، في هذه الآيات خطاب شديداًًًً للصحابة الذين حاربوا في بدر لأنهم أخذوا أسرى ، وليس هذا من شأن الرسول (ص) كما ليس من شأن الأنبياء السابقين ، لكن الله سمح لهم بعد ذلك بأخذ الفداء ، والعجيب أنّ كثيراًًً من المفسّرين إدخلوا الرسول (ص) في هذا التهديد مع أنّ ظاهر الآية واضح في مخاطبة الصحابة ، ثم أن رسول الله ما كان ليقوم بفعل أو قول دون إذن الله ، فلماذا يدخل في دائرة التهديد؟! نعم هذا ما فعلته أيدي بني أمية الحاقدة على النبي (ص) وأهل بيته فينطبق عليهم قول الله تعالى : يحرفون الكلام من بعد مواضعه ، وتقرأ في سورة الأنعام هذه الآية : ومن أظلم ممن إفترى على اللّه كذباً أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شىء ومن قال سأنزل مثل مآ أنزل اللّه ...

وفي قول نزلت هذه الآية في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخو عثمان بن عفان والذى أهدر النبي (ص) دمه لأنه قال : إنني أستطيع أن أقول مثل ما إنزل الله ، والعجيب أنّ هذا الآفّاك الأثيم يصبح في زمن عثمان أحد وزراء الدولة وقادة الجيش؟! ، هذا غيض من فيض ، ولولا أنّ المجال لا يتّسع لأكثر من هذا لأتينا على كلّ الآيات النازلة في شأن الصحابة والتي كانت تفضح بعضاًًً منهم أو تُقرع البعض الآخر أو تهدّدهم وتتوعّدهم.

وهكذا ترى أنّ القرآن يضع الصحابة في محلّهم الطبيعي ، والعجب أنّ علماء أهل السنة كما أشرنا إلى ذلك سابقاًً يزعمون أنّ الله والقرآن عدلاً الصحابة جميعاًًًً ، وعليه : أنّ أيّ قدح في أيّ واحد منهم هو خروج عن الإسلام وزندقة ، فها هو القرآن يكذّب آراءهم النابعة من الهوى ويقول غير ما قالوا : ، ولا كلام بعد كلام الله ، وإن كره الكارهون.

ثمّ دعنا من الصحابة ولنأت إلى أشرف ولد آدم وأفضل رسل الله ورأس أُولي العزم (ع) حيث إنّه (ص) لم يكتسب تلك المنزلة العظيمة بالأماني بل بأعماله ، وها هو القرآن يشير إلى هذه الحقيقة قائلاً : ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ، وحاشا رسول الله (ص) : إن يشرك ، لكن هذا هو مقياس الله ، لا مجاملة ولا محاباة مع أيّ أحد في أحكامه وشرائعه ، ثم إنظر إلى قوله تعالى في سورة الحاقة : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين، فليس معنى كون الرسول (ص) نبياًًً يحجزه عن العقاب إذا خرج عن حدود الله ، فما بالك بعد هذا بالصحابة؟! ، إنّ الصحابة هم أول المكلّفين في الإسلام وأول المسؤولين.

فهم إذن تحت الشرع وليسوا فوقه ، وليس عندهم جواز عبور إلى الجنّة ، هيهات ليس الأمر بالأماني ، إنّ الصحابة في موضع خطير حيث أنّ الرسول (ص) كان بين أظهرهم ولا حجّة لمن تعدّى حدود الله منهم غداًً يوم القيامة ، فقد شاهدوا نور النبوّة وآيات الله نزلت بينهم وقد تمت عليهم الحجّة والويل لمن لم يُنجِه كلّ ذلك.

صحابة وصحابيات تحت المجهر :

خالد بن الوليد : نتناول واحداًً من كبار الصحابة ، وخالد بن الوليد بن المغيرة ، لنرى ما فعله خالد وهل كان فعله مطابقاًً للقرآن والسنّة أم ...؟! ، يقول إبن الأثير في كتابه أسد الغابة في تمييز الصحابة في ترجمة مالك بن نويرة المقتول المزنّي بزوجته في نفس اللّيلة ما يلي : ... إلاّ أنه لم تظهر عليه ردة ( يقصد مالك بن نويرة الصحابي الجليل ) وأقام بالبطاح ، فلمّا فرغ خالد من بني أسد وغطفان سار إلى مالك وقدم البطاح ، فلم يجد به أحداًًً ، كان مالك قد فرّقهم ونهاهم عن الإجتماع ، لو كان مالك مرتداً فعلاًً لأعدّ العدّة لقتال خالد ، فلمّا قدم خالد البطاح بثّ سراياه ، فأتي بمالك بن نويرة ونفر من قومه ، فإختلفت السرية فيهم ، وكان فيهم أبو قتادة ، وكان فيمن شهد أنهم أذّنوا وأقاموا وصلّوا ، فحبسهم في ليلة باردة وأمر خالد فنادى : أدفئوا أسراكم ـ وهي في لغة كنانة القتل ـ فقتلوهم ، إنظر إلى دهاء خالد ومكره ، فسمع خالد الواعية فخرج وقد قُتلوا ، فتزوّج خالد إمرأته ، فقال عمر لأبي بكر : سيف خالد فيه رهق وأكثر عليه ، فقال أبوبكر : تأوّل فأخطأ ولا أشيم سيفاًً سلّه الله على المشركين ، وودّى مالكاًًً ، وقَدِم خالد على أبي بكر فقال له عمر : يا عدوّ الله قتلت أمراًً مسلماًًً ثم نزوت على إمرأته ، لأرجمنك ...

إلى أن يقول : فهذا جميعه ذكره الطبري وغيره من الأئمة ويدلّ على أنّه لم يرتد ، وقد ذكروا في الصحابة أبعد من هذا ، فتركهم هذا عجب ، وقد إختلف في ردّته ، وعمر يقول لخالد : قتلت أمراًً مسلماًًً ، وأبو قتادة يشهد أنهم أذنوا وصلّوا ، وأبوبكر يردّ السبي ويعطي دية مالك من بيت المال ، فهذا جميعه يدلّ على أنّه ( مالك ) مسلم ، إنتهى كلام إبن الأثير ، إنّ لنا أن نحلّل هذه الحادثة بكلّ موضوعية وبعيداًً عن أي تحيّز فنقول :
أولاًًًً : إنّ مالك بن نويرة رجل مسلم بشهادة عمر وأبو قتادة ولم يرتدّ.
ثانياًً : إنّ خالد بن الوليد أراد قتله لكي يظفر بزوجته وكانت من أجمل نساء العرب ، ولهذا قال مالك قبل قتله هذه التي قتلتني ولهذا إستعمل خالد كلمة أدفئوا أسراكم وكان يقصد قتلهم بالتأكيد وليس أدفاءهم من البرد.
ثالثاًً : وهذا أعجب لماذا لم يُقم أبوبكر الحدّ على خالد لقتل مسلم وللزنى بزوجته لأنه تروّجها بدون عدّة بل في نفس تلك الليلة.
رابعاًًً : كان عمر غاضباً جداًً من خالد وقال له : ما قد مر ، ومن هنا نفهم لماذا عزل عمر خالداًًًً عندما صار خليفة وعيّن مكانه أبا عبيدة على جيوش المسلمين ، ثم ما معنى قول أبي بكر : تأوّل خالد فأخطأ؟! وهل في حدود الله مزاح وخطا وصواب؟!.

وليت الأمر وقف بخالد عند هذا الحدّ ، لكنّه كما كان سيفاًً مسلولاً ـ بالباطل ـ على المسلمين في أُحد وغيرها ، فإنّه أوغل في دماء المسلمين بعد إسلامه ، فهو فعلاًً سيف ، لكنّه سيف مسلّط على المسلمين والمؤمنين ، ولتزداد يقيناًًً أنّ السياسة هي التي أسمت خالداًًًً هذا بسيف الله المسلول ، تعال إلى هذه الحادثة : لمّا فتح رسول الله (ص) مكّة بعثه إلى بني جذيمة من بني عامر بن لؤي فقتل منهم من لم يجز له قتله ، فقال النبي (ص) : اللهم إني أبرأ إليك ممّا صنع خالد فأرسل مالاًً مع علي بن أبي طالب (ر) فودّى القتلى وأعطاهم ثمن ما أخذ منهم ، حتّى ثمن ميلغة الكلب .... ، إنظر إلى خالد بن الوليد يبعثه الرسول بكلّ سلم وسلام فيقتل من شاء ويدع من شاء ، إنظر إلى دعاء النبي (ص) وهو يبرأ من فعل خالد بن الوليد ، ثم يأتي من يقول : إنّ خالداًًًً سيف الله المسلول ، نعم هو سيف مسلول ، لكن ليس من أسياف الله تعالى ، ولو شئنا التفصيل في فعل خالد وفعاله في الإسلام لما صدق الإنسان ما يرى من هول وعظم ما أتاه خالد ، لكن للإختصار نكتفي بهذا المقدار.

المغيرة بن شعبة : هو صحابي ، وهو أحد النُزّاق الفسّاق الذين فتقوا في الإسلام فتقاً لا يجبر إلى يوم القيامة ، ورد في ترجمته في كتاب أسد الغابة ما يلي : دهاة العرب أربعة : معاوية إبن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، والمغيرة بن شعبة ، وزياد... " ، "... وولاّه عمر بن الخطاب البصرة ولم يزل عليها ، حتّى شُهد عليه بالزنا ، فعزله ، ثم ولاه الكوفة ، فلم يزل عليها حتّى قُتل عمر ، فأقره عثمان عليها .... وهو أول من وضع ديوان البصرة وأول من رشى ( أعطى رشوة ) في الإسلام أعطى يرفأ حاجب عمر شيئاًًً حتى أدخله إلى دار عمر ... ، إنّ السكوت ، عن التعليق هنا أبلغ من التعليق ، لكن نقول : العجب من عمر إذ بعد أن عزله عن البصرة بسبب زناه يعيده والياًً على الكوفة وخيار الصحابة أحياء يرزقون كعلي بن أبي طالب الذي كان جليس بيته وكأبي ذر والمقداد وخزيمة وغيرهم ...؟!.

حفصة بنت عمر بن الخطّاب : زوجة رسول الله (ص) ولكن هذه المكانة التي تتمنّاها كلّ أنثى لم تمنع حفصة من إرتكاب الأهوال ومخالفة الله تعالى ورسوله ، ولا عجب فحفصة أنزل الله فيها ، وفي عائشة سورة كاملة ـ وهي سورة التحريم ـ فيها من التهديد والوعيد من الله بالطلاق والأبدال بزوجات خير منهما وبعذاب النار ما لا يخفى على أيّ شخص يفهم لغة العرب ، وقد تقدّمت في باب الصحابة في القرآن هذه السورة ، وقد ورد في ترجمة حفصة من كتاب أسد الغابة ما يلي :... وتزوّجها بعد عائشة ، وطلّقها تطليقة واحدة ثمّ إرتجعها ، أمره جبريل بذلك وقال : إنّها صوّامة قوّامة ، وإنها زوجتك في الجنّة ... ، وأورد كذلك : طلّق رسول الله (ص) حفصة تطليقة ، فبلغ ذلك عمر ، فحثا التراب على رأسه وقال : ما يعبأ الله بعمر وإبنته بعدها ، فنزل جبريل (ع) وقال : إنّ الله : يأمرك أن تراجع حفصة بنت عمر ، رحمة لعمر.

وكما ترى فالحديثان مُختلفان ، ولذلك لا يعتّد بهما ، لكن نقول : لو كانت حفصة صوّامة قوّامة فلماذا طلّقها رسول الله (ص)؟! هل كان رسول الله يريد من النساء أكثر من ذلك وهو الذي يوصينا بذات الدين؟! ثمّ اليس الطلاق أبغض الحلال عند الله تعالى؟! فما بال الرسول يطلق دونما سبب؟! وإذا كان هناك سبب فلماذا لا يذكره لنا أصحاب السير والتواريخ؟! ، أما كون حفصة زوجة الرسول في الجنّة فهو أعجب من الأوّل ، فمع وجود سورة التحريم الّتي تُتلى إلى يوم القيامة فإنّا نشكّ في ذلك ، وعلى الحديث الثاني فيكون سبب إرجاع الرسول (ص) لحفصة ليس منزلتها عند الرسول ، بل لمنزلة عمر كما يزعم الراوي ، وحفصة هذه ممّن آذت رسول الله (ص) وكذبت عليه في قصّة المغافير ( الثوم ) المشهورة والتي يرويها الصّحاح ، كما آذت وحسدت زوجات رسول الله الأخر كصفيّة بنت حي اليهودي التي تروّجها الرسول بعد خيبر بعد أن إعتقها من الأسر ، وفي ترجمة هذه المرأة الصالحة من كتاب أسد الغابة تقرأ على لسانها : ... دخل عليَّ رسول الله (ص) وقد بلغني عن حفصة وعائشة كلام ، فذكرتُ ذلك لرسول الله (ص) ، فقال : إلا ، قلتِ : وكيف تكونان خيراًًً منّي وزوجي محمّد وأبي هارون وعمّي موسى؟! ، وبهذا الكلام من رسول الله (ص) على لسان صفيّة تعلم كذب الحديث المرويّ في الصحاح والمسانيد حول فضل عائشة حيث فيه : وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على باقي الطّعام؟!.

وحسبنا قول الله في سورة التحريم حيث هدّد عائشة وحفصة بالطلاق وبأن يبدلهّن الرسول (ص) بزوجات أفضل منهنّ في صفات عديدة ذكرتها السورة ، فلو كانت عائشة أفضل نساء العالمين فضلاًً عن زوجات الرسول فكيف يهدّدها الله تعالى بنساء أفضل منها في كلّ شيء؟! ، ولكي تتيقّن أنّ حفصة وعائشة هما المقصودتان من تهديد الله تعالى في سورة التحريم إقرأ هذا الخبر : عن إبن عباس قال : أردت أن أسأل عمر فما رأيتُ موضعاًًً ، فمكثت سنتين ، فلمّا كنّا بمر الظهران وذهب ليقضي حاجته فجاء وقد قضى حاجته فذهبتُ أصبّ عليه من الماء ، قلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان اللّتان تظاهرتا على رسول الله (ص) ؟! قال : عائشة وحفصة.

هند بنت عتبة : هي زوجة حربة الكفر ورئيس الأحزاب أبي سفيان ، وكانت قد أستسلمت لجيش رسول الله كما فعل بقية الطلقاء ، وهي التي لاكت كبد حمزة سيّد الشهداء يوم أُحد بعد أن أمرت وحشيّاً بأن يطعنه من الخلف ، وإذا كان رسول الله (ص) بعد ذلك ـ بعد الفتح ـ كلّما رأى وحشيّاً يقول له : غيّب وجهك ، عنّي فكيف به (ص) عندما كان يرى من لاكت كبد عمّه ومثّلث بجسده؟! ، لكن القوم جعلوها مؤمنة مسلمة ، بل حسن إسلامها ، بل لها فضائل ومناقب يُصرف عليها الحبر والكتابة.

والكيّس يدرك أنّ ما ورد فيها وفي زوجها أبي سفيان وفي معاوية أبنهما من الفضائل لا تعدوإن تكون زخرفاً من القول وكذباً ، وذلك أنّ معاوية أبنهما لمّا ملك رقاب المسلمين طمس تلك المثالب وأظهر لهم مناقب لم يقلها الرسول ولم يسمع بها الصحابة ، وهل تريدون من معاوية ( أمير المؤمنين ) أن يترك أهله ونفسه للفضيحة؟! وهل تريدون منه وهو يصعد منبر رسول الله أن ينبزه الصحابة ومن يأتي من بعدهم؟! هيهات.

وأقرا معي هذه المنقبة المزعومة : لمّا كان يوم الفتح أسلمت هند بنت عتبة ونساء معها وأتين رسول الله وهو بالأبطح فبايعنه ، فتكلّمت هند فقالت : يا رسول الله الحمد لله الذي أظهر الدين الذي إختاره لنفسه لتنفعني رَحِمكُ ، يا محمد لم يتعوّد لسانها على مخاطبته بالرسول إنّي إمرأة مؤمنة بالله مصدّقة برسوله ، ثم كشفت عن نقابها وقالت : أنا هند بنت عتبة ، فقال رسول الله : مرحباً بك ، فقالت : والله ما كان على الأرض أهل خباء أحبّ إلي : من أن يذلّوا من خبائك ، ولقد أصبحت وما على ظهر الأرض أهل خباء أحبّ إلي : من أن يعزّوا من خبائك .. ، سبحان مغيّر الأحوال ، ولكن لتتيقّن من كذب هذه الفضيلة الواهية إقرأ الصفحة التالية من نفس هذا الكتاب ( طبقات إبن سعد ) لترى كيف أنّ هذه المرأة التي صار رسول الله أحبّ الناس إليها وأعزّهم لديها تسيء الأدب معه : عن الشعبي يذكر : أنّ النساء جئن يبايعن فقال النبي (ص) : تبايعن علي : أن لا تشركن بالله شيئاًً ، فقالت هند أنا لقائلوها ( تقصد كلمة الشهادة ) ، قال : فلا تسرقن ، فقالت هند : كنت أصيب من مال أبي سفيان قال أبو سفيان : فما أصبت من مالي فهو حلال لك ، قال : ولا تزنين ، فقالت هند : وهل تزني الحرة؟ ، قال : ولا تقتلن أولادكّن ، قالت هند : أنتَ قتلتَهم ، تقصد هند بقولها : أنتَ قتلتهم ، هلاك أبنها فيمن هلك يوم بدر كابيها وعمّها وأخيها.

نعم هذه حقيقة هند ، خسّة ونذالة وأحقاد جاهلية رغم عفو وسماحة رسول الله (ص) معهم يوم الفتح ، ولو كان مكانه (ص) أيّ قائد دنيوي آخر لذبح رؤوس رجالهم وبقربطون أطفالهم ولسبي نساءهم جوارياً ، فهم الطلقاء لا فضل لهم ولا فضيلة ولا هجرة ولا منقبة ولا غزوة ولا ... بل ولا كلمة طيّبة ، وسيفضحهم الله يوم القيامة بما كان يكذبون في إسلامهم ، وهم أبطنوا الكفر ، هذه هي هند وأمثال هند ، هذه التي يصبح أبنها معاوية الأفعى خليفة للمسلمين ( وكفى بها مصيبة ) بلا سابقة ولا جهاد ، وهي جّدة يزيد الخمور الذي أرتضع من أسلافه الحقد على الرسول فقتل ذرية رسول الله في كربلاء وهجم على مدينة الرسول (ص) : لأنها موطىء الأنصار الذين ساعدوا رسول الله بأموالهم وأسيافهم ، فكانوا بنظر يزيد شركاء للنبي في قتل أجداده ببدر ، وإنّي أقولها صريحة : إن من يقرأ تاريخ هؤلاء الخبثاء ويطّلع على فعالهم قبل إسلامهم وبعد إستسلامهم ثمّ يعتقد بفضيلة بل ويعتقد بأنهم أسلموا ، أقول : هكذا شخص بليد الذهن عديم الفطنة.

الشيعة والصحابة : إنّ الشيعة لا يسبّون كما قال : أعداؤهم ، لكن الشيعة أخذت طريقاًًً وسطاً وعقلانياً ينطبق مع الكتاب والسنّة ، فلم يقولوا بعصمتهم جميعاًًًً كأهل السنّة ، وكيف يقولون ذلك وفي الصحابة من زنى ومن شرب الخمر ومن قتل النفس ومن حارب سنّة الرسول ومن أشعل الفتن؟! ، ثم إنّ الرسول (ص) نفسه كان يقيم الحدود كحدّ السرقة والزنا وشرب الخمر ، فعلى من كان يقيم تلك الحدود؟! اليس على أصحابه المسلمين ، وإلاّّ فالكافر بعيد عن المجتمع المدني بطبيعة الحال.

ولو نظرت إلى كتب الشيعة لرأيتها مليئة بمدح الصحابة الذين لم يغيّروا ولم يتغيروا بعد رسول الله (ص) ، وتجد هذا كذلك في دعاء أئمة أهل البيت كالصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين(ع) ، فهذه الضوضاء التي يُثيرها بعض الغوغاء على الشيعة ليست بأكثر من زوبعة في فنجان ، وهكذا كلّ عقائد الشيعة في الواقع كلّها متطابقة مع العقل والنقل ، لكن الأعراب أبوا إلاّّّ التهريج وجعلوا أصابعهم في آذانهم ، وكما عرفت فإنّه تسقط بعد هذا عدّة أحاديث مكذوبة ، كحديث : أصحابي كالنجوم بأيّهم إقتديتم إهتديتم ، فالصحابة إختلفوا وتنازعوا وأفتى بعضهم خلاف الآخر ، فبأيّ واحد أم بأي فريق نقتدي؟!.

نعم لقد أوصانا رسول الله (ص) الذي لا ينطق عن الهوى بأن نتّبع أهل بيته (ع) ، فقال (ص) : تركت فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما ، لن تضلّوا بعدي أبداًً كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فإنظروا كيف تخلفوني فيهما ، وهكذا حدّد لنا لمن نرجع بعده (ص) ، والرسول (ص) : ما كان ليخفى عليه ما سيقع في أمته من الفتن خاصة ما سيحدث بين أصحابه ، ولهذا كان من غير المعقول أن يوصي رسول الله والله من وراءه بجميع الصحابة ، فهذا بمثابة إجتماع النقيضين كما يقال.



توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/11/29, 06:52 PM   #42
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي

( وارتون كرباسي )

البطاقة الشخصية
مولده ونشاته : ولد الأخ وارتون كرباسي بقرية ( فونتنبلو ) التي تبعد عن باريس قرابة الخمسين كيلومتراً في فرنسا ، أكمل دراسته الأكاديمية في دار المعلمين ، وفي عام (1951م) غادر فرنسا متوجهاًً إلى بريطانيا لإكمال دراسته التخصصية في هندسة الراديو والكهرباء ، وقد بقي في بريطانيا مدة أربع سنوات وبضعة أشهر ، عاد بعدها إلى باريس ..

سفر آخر : لم يبق وارتون طويلاًًً في فرنسا ، حيث وقّع عقدا ًً عام (1956م) مع إحدى شركات الطيران لمدة سنة واحدة في مطار ( مهرآباد ) الدولي في طهران عاصمة إيران ـ قسم الشعبة الفنية ، وبعد إنقضاء المدة رجّح البقاء في إيران ، وهكذا قضى ثلاث سنين عمل فيها كمترجم في المعاهد التجارية المختلفة.

لله في خلقه شؤون! : إغتنم وارتون كرباسي أوقات فراغه في إيران بالمطالعة والدراسة حول الدين الإسلامي عموماًً والمذهب الشيعي على وجه الخصوص ، كما قرأ القرآن عدة مرات ليرى ما فيه من كنوز وذخائر ، وشاءت الحكمة الإلهية أن يصاب بمرض عضال ، وبمرور الأيام أخذت شدة المرض وآلامه تزداد ، وتزداد معها المعاناة ، فقرر الأطباء ـ ونتيجة الفحوصات التي أجريت له ـ إجراء عملية جراحية ، ولكنه بالرغم من ذلك لم ييأس ولم يستسلم ، وبقي متعلقاًً بأمل الشفاء!

نقطة التحول : تزامنت شدة المعاناة مع شهر محرم الحرام ، يقول وارتون : كانت بجواري دار واسعة أُعدت للتعزية بالمناسبة ، وكانت المآتم تقام في الليالي وتُلقى فيها ذكريات المصائب … فإتفق ذات ليلة أن قدم له إلى أحد خدمة المأتم طبق شاي ، وقال : أيها السيد! تشتهي أن تشرب شاي الإمام الحسين (ع) فقبلت منه على إشتياق ورغبة تامة ، وعندما لمست شفتاي ذلك الشاي ، أحسست أن نوراًًً خاطفاً أضاء في فكري ، فناجيت ربي إلهي بحرمة الإمام الحسين ومنزلته أرني معجزة خارقة لأستريح من هذه الآلآم ومن شدة المرض … ، وفي اليوم التالي وعند نهوضي من فراشي رأيت عجباً ، إن المعجزة وقعت ، وشفيت … إن مطالعاتي السابقة حول الإسلام ، وهذه الواقعة العجيبة التي شاهدتها عيناي ، أثّرت أثرها في نفسي ، فصممت على إعتناق الدين الإسلامي.
وبعدها توجه إلى مدينة قم المقدسة ، وحضر عند أحد العلماء الأعلام ونطق بالشهادتين ، وتسمى بإسم ( حسين إثنا عشري ).


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/11/29, 06:52 PM   #43
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي




( يحيى طالب مشاري الشريف )

البطاقة الشخصية
مولده ونشأته : ولد عام 1974م بمحافظة " الجوف " في اليمن ، ونشأ في أوساط عائلة زيدية المذهب ، ودرس قرابة سبع سنوات في المدارس الزيدية ، تشرف إعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام 1997م في مدينة " صنعاء " اليمنية بعد بحث ودراسة عميقة.

الإمامة عند الزيدية : يقول السيد يحيى : كانت هوايتي مطالعة الكتب الدينية ، وحيث أن الزيدية تعتبر من الفرق الشيعة فكنت إقرأ بعض الكتب الإمامية الإثنى عشرية ، وكان محور قراءاتي تدور حول مسألة الإمامة والخلافة بعد رسول الله (ص) ، لأني كنت أرى هذه المسألة منشأ الإختلافات التى أدت إلى تفرق المسلمين بعد وفاة رسول الله (ص) ، وبما إن بحث الإمامة في الفكر الزيدي يكتنفه الغموض والإبهام ، ونظريتهم " النص الجلي والنص الخفي " ، نظرية مرتبكه ومضطربه من ناحية تطبيق الشروط ، مع وجود نقاط مبهمة فيها ، إندفعت للبحث عن هذه المسألة عند سائر فرق المسلمين لعلي أجد نظرية متكاملة في هذا المجال ".

الإمامة في ألفكر الشيعي : إن الإمامية يعتقدون أن الإمامة إستمرار لوظائف النبوة سوى تحمل الوحي ، وإنها منصب إلهي يتعين بالنص ، ولا يتولى زمامها إلاّّ الذين إصطفاهم الله تبارك وتعالى ، وهي غير خاضعة لإختيار الأمة التى قد يميل بها الهوى وتخضع للضغوط في تعيين الخليفة ، وعندئذ تكون طاعة الإمام المنصب ناشئة عن هوى أو خوف ، فتدفع الأمة جراء ذلك أبهظ الأثمان ، وتتكبد أفدح الخسائر المادية والمعنوية ـ وهذا ما حدث بالفعل.
كما يعتقدون أن الرسول (ص) قد عين الأوصياء من بعده ، لعلمه أن الأمة مازالت حبيسة للروح القبلية ، وأن المجتمع فيه رواسب الجاهلية ، فحفظاً لها من الضياع وصيانة لها من التنازع حدد ولي الأمر من بعده في مواقف عديدة ، التي كان منها يوم " غدير خم " بعد حجة الوداع ، فنصب بأمر من الله تعالى الإمام عليّ إبن أبي طالب (ع) خليفة له ، وكان ذلك بمحضر عشرات الآلاف من المسلمين ، فإن من غير المعقول أن يترك الرسول (ص) أمته هملاً تتخبط في أخطر أمر يبتني عليه كيان الإسلام !.

أدلة إمامة علي بن أبي طالب (ع) : يقول السيد يحيى : " طالعت بتمعن معتقدات الشيعة الإثنى عشرية ونظريتهم بخصوص الإمامة ، فوجدتها متكاملة مستنبطة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة " ، فاستدل الإمامية علي إمامة أمير المؤمنين (ع) بعد رسول الله (ص) بآيات وأحاديث كثيرة ، منها : آية المباهلة ، والإنذار ، والتبليغ و ... ، وحديث المنزلة ، والطير ، والغدير و ... ، وقد إستدلّوا أيضاًً بأحاديث الثقلين والسفينة والأمان على أنها نصوص دالّة علي إمامة أئمة أهل البيت (ع) كما إستدلوا على تعيين الأئمة الإثني عشر (ع) بنصوص أخرى ، كما في الحديث الذي يرويه إبن بابويه : "... فقام جابر بن عبدالله الأنصاري فقال : يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب (ع) ؟ ، قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ثم سيد العابدين في زمانه إبن الحسين ، ثم الباقر محمّد بن عليّ وستدركه ياجابر ، فإذا أدركته فإقرأه مني السلام ـ ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم الكاظم موسى بن جعفر ، ثم الرضا علي بن موسى ، ثم التقي محمّد بن علي ، ثم النقي علي بن محمد ، ثم الزكي الحسن بن علي ، ثم إبنه القائم بالحقّ مهدي أمتي ، الذي يملأ الأرض قسطاًً وعدلاًً كما ملئت جوراًً وظلماًً ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ... ".

والجدير ذكره أن هذه النصوص لم تتنفرد بها الشيعة الإمامية ، بل روت العامة مثل هذه الروايات وإتفقت مع الإمامية بشكل يوجب الحكم بصحتها ! ، ولو تأمّل الباحث يجد أن هذه الأحاديث هي التفسير الوحيد للحديث المتواتر الوارد ، عن رسول الله (ص) : " يكون لهذه الأمة إثنا عشر خليفة " ، وإنها لا تخرج بمضمونها عن العدد الذي حصره رسول الله (ص).

صلة الزيدية بالشهيد زيد بن علي : يقول السيد يحيى : " من هنا إلتفت إلى الفرق بين معتقدات مذهبي الزيدي في الإمامة وبين ما تتبناه الإمامية ، فقررت البدء بالبحث بصورة جادة لأصل إلى العقيدة التي تحقق لي الراحة النفسية والإطمئنان ، فبدأت من حياة الشهيد زيد بن عليّ (ر) لأتعرف على بدء نشوء الزيدية ومستندهم فيما ذهبوا إليه.
وفي بادىء الأمر تبين لي أن إنتماء الزيدية لزيد الشهيد ليس كإنتماء أبناء العامة لأئمتهم الأربعة ، لأنّ زيد بن علي لم يكن صاحب منهج عقائدي أو فقهي خاص ، بل كان مرتبطا بمنهج الأئمة (ع) ! ".
فقد قال الإمام الصادق (ع) بحقه : " إن زيداًً كان عالماًً وكان صدوقاًًً ، ولم يدعكم إلى نفسه إنما دعاكم إلى الرضا من آل محمد (ع) لو ظهر لوفى بما دعاكم إليه ".
وقال الإمام الرضا (ع) في جواب المأمون ، عن إدعاء زيد ما لم يكن له من حقه : " إن زيد بن علي لم يدع ما ليس له بحق ، وإنه كان أتقى لله من ذلك ، إنه قال : أدعوكم إلى الرضا من آل محمّد (ع) وإنما جاء ما جاء فيمن يدعي أن الله نص عليه ، ثم يدعو إلى غير دين الله ويضل ، عن سبيله بغير علم ، وكان زيد بن علي والله ممن خوطب بهذه الآية : " وجاهدوا في الله حق جهاده " ، فزيد الشهيد كان مرتبطا بأهل البيت (ع) ولم يحد عن نهجهم ، وإن انتساب الزيدية له ليس إلاّ إشادة بشرفه وعلو مقامه ، إذ أنه بثورته ضد هشام بن عبد الملك مثّل رمزا للثورة ضد الظلم والطغيان ، فإنتسب الزيدية لهذا الرمز.

تعاطف الزيدية مع المعتزلة : إن ما عليه الزيدية اليوم من تعاطف مع المعتزلة لم يكن إلاّّ في العصور المتأخرة ، وإن ما نسب إلى زيد من آراء ، إنما هي آراء علماء الزيدية وليست هي آراء الشهيد زيد بن علي ! ، وذلك لأننا لا نجد أثراً من هذه الآراء المنسوبة إليه فيما هو موروث عنه.
والواقع أن بعض أئمة الزيدية كالقاسم الرسي ( 170 ـ 242 هـ ) رأس القاسمية ، والناصر الأطروش ( 230 ـ 304 هـ ) رأس الناصرية ومؤسس المذهب الزيدي في الديلم وبلاد الجبل ، والإمام الهادي ( 245 ـ 298 هـ ) رأس الهادوية في اليمن و ... ، إجتهدوا في بعض المسائل وتوصلوا إليها بعد تأثرهم ببعض التيارات الفكرية الدخيلة ، فكانت النتائج التي توصلوا إليها بخلاف ما كان يذهب إليه زيد بن علي نفسه !.
ومن هذه المسائل مسألة الإمامة ، حيث إنتهز البعض موقف زيد وثورته على الظالمين ، فجعل الثورة وإن لم تتوفر شرائطها من شروط الإمامة ، وإنها لكل من نسب لذرية الحسن والحسين (ع) إذا شهر السيف بوجه الحاكم الظالم ! وكان دافعهم لذلك هو إضفاء الشرعية علي إمامة أئمتهم.

جهة الاشتراك بين الزيدية والإمامية : على الرغم من الإفتراق بين الفكر الزيدي والجعفري يجد الباحث أن هناك جهات مشتركة بين الإمامية والزيدية التي يكون منبعها من أهل البيت (ع) ـ بالتحديد إلى ما قبل ثورة زيد التي حصل بعدها هذا الإفتراق ـ إذ لم تخل مصادر الزيدية من النصوص المثبتة لإمامة الإمام عليّ بن الحسين (ع) وعصمته ، فضلاً عن أبيه وجدّه ، المؤدية بالتالى إلى وجوب إتباعهم والإقتداء بهم.

أما باقي الأئمة الإثنا عشر فقد أقر أئمة الزيدية وعلمائهم ، بفضلهم وعلمهم كالباقر والصادق والرضا (ع) وجواز تقليدهم ! كما قال : صاحب " شرح الأزهار " إبن مفتاح : " والأئمة المشهورون من أهل البيت (ع) بكمال الإجتهاد والعدالة سواء كانوا ممن قام ودعى كالهادي والقاسم ، أم كزين العابدين والصادق وغيرهم أولى من تقليد غيرهم عندنا ".

ويؤكد هذا السيد الفضيل بقوله : " إن الزيدية لا تعتقد بأن الإمام زيد بن علي أولى بالتقليد من غيره كالإمام جعفر الصادق مثلاًً ".
وقد إعتبرت الزيدية الإمام الرضا (ع) ـ الإمام الثامن حسب النصّ عند الإمامية الإثنى عشرية ـ واحداًً من أئمتهم القائمين ، بل أكثر من ذلك فإنّ جملة من الزيدية المتقدمين يرون النص على الإثني عشر بدون تعيين لهم ، وطبقوه على عدد من الأئمة عينوهم فيما بعد !.
ويقترب الهادي يحيى بن الحسين من الفكر الإمامي بقوله : " فكل من قال : بإمامة أمير المؤمنين ووصيته ، فهو يقول بالوصية على أن الله عز وجل أوصى بخلقه على لسان النبي (ص) إلى علي بن أبي طالب والحسن والحسين ، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين ، أولهم علي بن الحسين وآخرهم المهدي ، ثم الأئمة فيما بينهما.

نهاية المطاف : يقول يحيى طالب مشاري الشريف : " أزالت هذه النصوص وغيرها الحجب التي كان تمنع بصيرتي من الإهتداء إلى الحق في مسألة الخلافة والإمامة ، وأدركت بأن الحق يتجسد فيما يذهب إليه الإثنى عشرية ، وأن الأئمة (ع) هم الذين نصّ عليهم رسول الله (ص) كناية وصراحة ، فالتزمت ـ من ذلك الحين ـ نهجهم وتمسكت بحبلهم ، وواليت وليهم وتبرأت من عدوهم ، وأعلنت إستبصاري في مدينة صنعاء عام 1997م ".



توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/11/29, 06:53 PM   #44
بشار الربيعي

موالي ذهبي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 535
تاريخ التسجيل: 2012/10/18
المشاركات: 1,009
بشار الربيعي غير متواجد حالياً
المستوى : بشار الربيعي is on a distinguished road




عرض البوم صور بشار الربيعي
افتراضي


( ياسين المعيوف البدراني )

البطاقة الشخصية
مولده ونشأته : ولد في سوريا بمدينة دير الزور ، نشأ في أسرة تعتنق المذهب الشافعي ، وببلوغه سن الرشد أدرك بأن الإسلام لا يرى التقليد كافياً في ممارسة الأصول العقائدية ، بل أنه يوجب على كل فرد البحث عن صحة هذه العقائد ، وتبادر هذا التساؤل في ذهنه : " في مثل هذه الحالة العقيمة التي نعيشها وسط مذاهب متعددة وطرق إسلامية شتى ، لم لا نحاول البحث عن المذهب الحقيقي ، كي نتمسك به ، ولماذا نأخذ الإسلام من موقع واحد ، بينما هناك طرق ومشارب عديدة " ، فوصل الأخ ياسين إلى هذه النتيجة : " نحن جميعاًًًً وكل مسلم بحاجة إلى دراسة التاريخ دراسة علمية وإلى دراسة المذاهب الفقهية والسياسية دراسة عميقة ، لكي نستطيع أن نتبين مواطن الخطأ ونقول يا فلان أنت مخطىء ، ولكي نتبين مواطن الحق ونقول يا فلان أنت محق ، وذلك بعد البحث العلمي والتمحيص ".

إعادة النظر في القراءات السابقة : يقول الأخ ياسين حول ما لاقاه في طريقه إلى البحث : " التقيت بعينات من أهل القرى والمدن ( المجاورة ) مما جعل بيني وبينهم بعض المناقشات والمحاورات التي ولدت عندي حافزاً جديداًً لأن أعيد النظر في قراءاتي السابقة وأن أقارن بينها وبين كتب أخرى وما تحمل في طياتها من قضايا التاريخ ومجرياته ، ولقد وجدت عند الكثير ممن كنت أحاورهم وآخذ منهم تقاعساً عن إقتحام الحقيقة وصمتاً إمام الدليل الواضح متمشين في ذلك مع ما يطلب الواقع ، ومع ما هو موروث عن الآباء والأجداد لكنني عزمت على العمل الدؤوب والإستمرار في تقصى الحقيقة ومعرفتها ".

عقبات دون أدراك الواقع : إندفع الأخ ياسين للبحث وحين بحثه في كتب التاريخ تفاجأ بأنّ المصالح السياسية والأهواء الشخصية لعبت دوراًً هاماًً في تشويه الحقيقة وأن السلطة حاولت أن تسيطر على نظام التاريخ وأن تصوغ محتواه وفق ما يتلاءم مع مصالحها الشخصية ، وبما إن الشيعة كان لهم موقفاًً صلباً إمام السلطان منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا ، أدى ذلك إلى تشويه صورتهم والصاق التهم المختلفة بهم.

أهمية إعمال العقل حين البحث التاريخي : ومن هنا أدرك الأخ ياسين أهمية إعمال العقل حين البحث وحين تقصى الحقيقة ، فيقول في هذا المجال : " قد ينشأ من إهمال العقل ورفضه حالة قشرية تدفع الفرد إلى التمسك بالتقاليد والأعراف الماضية أياً كانت " ، وبذلك توجه الأخ ياسين إلى غربلة التاريخ والبحث عن الحقيقة من خلال التعرف على الأمور المتناقضة الموجودة فيه ، فأخذ هذا الأمر بيده إليّ الإستبصار ومعرفة الخط الإسلامي الصحيح الذي حاولت السلطات بشتى السبل أن تبعد الناس عنه ، فيقول الأخ ياسين في هذا المجال : " إنّ الناس غرقوا مرغمين في متاهات واسعة ولدتها السيطرات السلطوية والمصالح الدنيوية الخاصة أيام الأمويين والعباسيين ، فطمسوا الطريق الحقة ونكلوا بأهلها وجعلوا من أنفسهم خلفاء الله في الأرض وقادة للدين ، فكانوا ـ والحال هذه ـ لا يدعمون إلاّّّ المذهب الذي يؤيد نظامهم ويبرر أخطاءهم ، فيرفعون من شأنه ويحيطونه بهالة من التقديس والعظمة ، ويطلبون من الناس ولاءً مطلقاًًًً وإتباعاً أعمى لأي إمام صاحب مذهب يقوم بالباطل بين أيديهم "... وقد ذكرنا هذا ، ليتوضح عند المثقفين والواعين ( هذا ) الأمر ، وليعرفوا أن هذه المذاهب هي من صنع السياسات الحاكمة ".

أهمية البحث لإنقاذ النفس من الإنحراف : يقول الأخ ياسين حول أهمية التوجه إلى البحث لإبراء الذمة وإنقاذ النفس من الوقوع في شباك الضلال : " ومع مرور الزمن السيء والصعب بلياليه الحالكة السوداء وظروفه الخانقة صار الناس يرون رؤية مشوهة ، فيحسبون الحق باطلاً ، والباطل حقاً ، وعم الخلط والتشويه في سيرة الأئمة الأطهار ، وبمرور الزمن أيضاًًً سوف تنعدم النعمة الإلهية ، عن هؤلاء الناس المشوهين ... حتى يأتي يوم يصبح فيه المسلم مقولباً مصنوعاً في مصانع الإفتراءات ، وفريسة سهلة للأخطاء والضلالات ، وهو ـ المسكين المغرور ـ ما يزال يظن أنه هو المؤمن الحقيقي وهو التقى النقي الطاهر ، بينما في واقعة بعيد كل البعد عن الخط الرسالي وطهره ونقائه ".

قاتل الله العناد الطائفي : يرى الأخ ياسين إن من أهم الموانع التي تقف بوجه العلماء وتدفعهم ليكونوا سداً مانعاً لتعرف الآخرين على الحقائق هو العناد الطائفي والتعصب الأعمى ، فيقول : " قاتل الله العناد الطائفي ، والتعصب الأعمى الذي طال ليله وكثر عشاقه المتعلقون بقشور الأشياء والذين سببوا نكسات وجروا جنايات على المسلمين لا تغتفر ".
ويقول أيضاًًً : " من المؤسف ومن المؤلم أن الجاهل وضعيف الإيمان كلّما مر به الزمن يزداد تعصباً وضعفاً ، فلا ينطق بقول الحق وهذا ما يؤلمنا ويحز في نفوسنا أسفاً وحزناًً على أمتنا " ، ويرى الأخ ياسين أيضاًًً أن الميل إلى المصالح الدنيوية ، يعد أحد الدوافع لتشويه الحقيقة وكتمانها على الآخرين ، فيقول في هذا المجال : " تعودت بعض الأقلام الماجورة أن تعيش في النفاق وعلى النفاق مقدمة نتاجها الفكري للمجتمع الذي تعيش فيه مزيفاً ومغلوطاً ، وذلك بدافع من مصلحة دنيوية تافهه ".

التصدي للدعوة بعد الإستبصار: جند الأخ ياسين نفسه بعد الإستبصار والإنتماء إلى مذهب أهل البيت (ع) للعمل الجاد في سبيل إنقاذ أبناء مجتمعه ودعوتهم للعودة إلى سبيل الرشاد والركوب في سفينة أهل البيت (ع) لكنه واجهته عقبات كثيرة في هذا المجال ، فيقول حول ما لاقاه من عقبات في سبيل نشره لمذهب أهل البيت : " إنّ الطريق شائك وطويل وإجتيازه مجهد ، عبر مجتمع لم يعقل ولم يعرف البحث عن الحقيقة ، الأمر الذي لا يتيح للداعية أن يوضح ما يريد أو إن يمد بصره حتى نهاية الطريق ذلك ، لأن الأمة إنحدرت وإنحرفت في إتجاه مظلم خطه لها المستعمرون والطامعون الغاشمون الذين يقفون لأمتنا الإسلامية بالمرصاد ويضعون في سبيل الداعية من الحواجز والعراقيل ما يصعب عليه تجاوزها والتغلب عليها " ، ويضيف الأخ ياسين حول تجربته في الدعوة : " لقد أجهدنا أنفسنا لأكثر من عشرين عاماًً ، كي نتلاحم مع أبناء بلدنا في حوار دؤوب ، ألا إننا وجدنا الأعذار والإجابات التي كانت بالأمس هي نفسها أعذار اليوم لا تختلف في جوهرها ولا مضامينها الخاوية من الحقيقة ويتعلل البعض بطول الطريق لكن الله سبحانه وتعالى يقول : ( لو كان عرضاً قريباًً وسفرا قاصداً لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون باللّه لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم واللّه يعلم إنهم لكاذبون ).

مؤلفاته :
1 - " يا ليت قومي يعلمون " : صدر عن مؤسسة المعارف للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان ، يعرض المؤلف في هذا الكتاب تجربته الشخصية في التحول من المذهب السني إلى المذهب الشيعي ، ويذكر أهم الأدلة التي أخذت بيده فنقلته إلى مذهب أهل البيت (ع) ويحتوى الكتاب على عدة مواضيع منها : شرعية الإمامة ، حب أهل البيت (ع) لماذا نكره كلمة شيعة ، نظرية عدالة الصحابة ، نشوء المذاهب ، الإختلافات الهامشية بين السنة والشيعة ، العرفان ونشأته ، التعريف بالأئمة الأطهار.

وقفة مع كتابه : " يا ليت قومي يعلمون " : يقدم الكاتب في هذا الكتاب خلاصة ما حصل عليه من معارف وعلوم ـ في تجربته الطويلة في الإنتقال : إلى مذهب آل البيت (ع) ـ إلى الناس وخصوصاًً أهل بلده أداءاً للواجب الديني والإخلاقي الذي إمتزج عنده بمحبة قومه ، فسعى في هدايتهم إلى المعارف الحقة التي حصل عليها بعد جهد طويل مخلصاً في ذلك لدين الله ورسوله وأهل بيته رغم صدود الناس وغفلتهم وعناد المعاندين منهم ، يتحدث الكاتب عن كتابه فيقول : " لقد بذلت قصارى جهدي في هذا الكتاب الصغير بحجمه ، والكبير العظيم في موضوعه ومحتواه ، مدفوعاً إلى ذلك ليس بمحبتي وحدها وتقديسي لرسول الله الكريم ، ولأخيه ووزيره ووليه من بعده ، بطل التاريخ الإسلامي علي بن أبي طالب ، ولآل بيته الأئمة الأطهار الأبرار من بعده ، لكنني كنت مدفوعاً في عملي أيضاًًً بأمر الرسول الكريم : " من رأى منكم منكراًً فليقومه بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ".

وقد تناول الكاتب مواضيع مختلفة ، فبحث في إمامة أهل البيت المعصومين (ع) وشفع ذلك في الثقل الآخر فتحدث ، عن هجر القرآن ، وأورد أيضاًًً بعض المسائل الخلافية ووضح موقف أهل البيت (ع) منها ونفي الشبهات التي أوردها خصومهم جهلاًً أو عناداً ، وكان في كل ذلك يدعو إلى الوحدة والتآلف وإتباع الحق والعقل وعدم الخضوع لأرباب المذاهب إن كانوا على باطل بيّن مخالف للقرآن وما صح من السنة الشريفة.

شرعية الإمامة : شاءت حكمة الله سبحانه وتعالى : إن ينظم هذا الكون تنظيماً ربانياً يسير بدقة متناهية بلا خلل ولا نقص ومن حكمته جل وعلا أن جعل البشرية تسير بنظم سماوية وتشريع رباني لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ثم جعل لهذه الأمة ولهذا التشريع قادةً وقيادةً من صفوة الخلق طهرهم الله من حب الدنيا وأرجاسها ومنحهم العلم والمعرفة ، فمنهم الأنبياء ، ومنهم الأئمة (ع) هؤلاء هم الذين يستحقون أن يكونوا خلفاء على الخلق وأمناء على الشرع ومنهم نبي الله إبراهيم (ع) الذي خصه الله بالنبوة والإمامة يقول تعالى : ( إني جاعلك للناس إماماًً قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين ) ، لقد جعل الله سبحانه وتعالى إبراهيم (ع) نبياًًً ثم خليلاًً ، ثم أعطاه مرتبة ثالثة ، تشريفاً له وهي الإمامة لتكون في ذريته من بعده فكانت في الرسول الكريم محمد (ص) وفي إله ، بدليل قولنا في كل صلاة اللهم صلى وسلم وبارك على محمد ، وآل محمد ، كما صليت ، وباركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، في العالمين إنك حميد مجيد.
لقد ربط الله الآل بالآل ، آل إبراهيم بآل محمد ، والحكم دائماًً يبدأ بالأهم فالخليفة أهم من الخليقة لأن كل مجتمع وكل أمة تحتاج إلى مرشد فلابد وأن يكون ذلك المرشد أكمل وأشرف الخلائق في الطهارة والصفاء ورجحان العقل وقوة الإيمان ولن يتسنى ذلك إلاّّ للمعصوم من عند الله ويبطل إختيار من هو أدنى منه مرتبةً في الناس.

قال تعالى: ( يا داوود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) ، وهذا دليل واضح على أن الله سبحانه هو الذي يختار النبي والخليفة والإمام لأنه أعلم الناس من أنفسهم ، ولما كانت الأمة بعد رسول الله في حاجة ماسة إلى إمام وقائد ، فهل نضع هذه الإمامة والقيادة في غير الذين إختارهم الله ورسوله؟ ، هل ننتزع هذا الحق منهم وندع للناس إختيارهم؟ إن ذلك لعبثّ وجهل ، والناس لن يستطيعوا إختيار المعصوم وليس من حقهم تبديله لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي إختاره ، قال الله تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ) ، ويقول تعالى : ( وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينآ إليهم فعل الخيرات ).

بيان آية ( وشاورهم في الأمر ) : يقول الله تعالى : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم وإستغفر لهم وشاورهم فى الأمر فإذا عزمت فتوكل على اللّه إن اللّه يحب المتوكلين ) ، هذا من خلق القرآن ترابط إجتماعي كامل وواضح بين الرعية والقائد بالمشورة والإستئناس برأي ذوي الرأي ليتحسس الناس بمسؤولياتهم ، وليفكروا بجدية أكثر في أمور الدين والدنيا وقد يضطر القائد خلال المشاورة إلى تبيان مختلف وجوه الأمر للناس مما يعمق في نفوسهم إبعاد المعرفة لكن من واجب القائد المعصوم إذا رأى في الناس ضعفاً في الإرادة أو تحيزاً للمصالح أقول من واجبه إتخاذ القرار المناسب الحازم وهم مامورون بإتباعه لأن قرار القائد يتجاوز الخلافات في الرأي ويعطي للأمة ما تحتاجه من الحيوية لتجاوز العقبات التي يرونها ضخمة بسبب ما بينهم من خلاف في الأهواء والآراء فالمشاورة اذاً وجدت لتحقيق الترابط ولإصابة الهدف بحثاًً عن الحق والحقيقة ولكن إذا دخل الضعف والتراجع في الأمة عندها يتحتم على القائد أن يتخذ قراراً لا رجعة فيه لأنه إنما يسير على الهدى وبحكم الله فيكون بهذا العمل مربياً وموجهاً للأمة زارعاً فيها الرؤية الصالحة ، وكيف تكون المشورة والمشاورة أو تصح في صدر الإسلام بين قلة من الصحابة يتفقون على إتخاذ قرار لتنصيب وكيل الله وخليفته على الناس في الأرض ، ترى هل كان هذا هو الحق والصواب أم أنه إستعجال في الأمر دفعهم إليه التعلق بالدنيا وهم يفتقرون إلى الدليل وإلى القدرة على الإختيار ، حتى ولو سلمنا جدلاًًً وقلنا بأنهم تشاوروا فليسوا جميعاًًًً معصومين بل إنهم تركوا المعصوم مشغولاًً بتجهيز جنازة النبي.

وكان عملهم غير متطابق مع أحكام القرآن لأن القرآن أمر الرسول الكريم بإعلان الخليفة والإمام عند وفاته قائلاً : " آتوني بكتف ودواة أكتب لكم ما إن تمسكتم به لم تضلوا من بعدي " ، وكثر الخلاف واللغط حول النبي حتى إضطر أن يقول للناس أخرجوا عني لا ينبغي أن يكون خلافاًًًً عند نبي ، ويقول : (ص) : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) ، وقد قال (ص) : ( الحق يدور مع علي حيث دار ) ، يقول تعالى : ( أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ).

هجر القرآن : قال الله تعالى: ( يأيها الناس قد جآءكم برهان من ربكم وأنزلنآ إليكم نوراًً مبيناً ) ، وقال : سبحانه : ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) ، يتأثر الإنسان ويهتز ويشعر بالقشعريرة والإعجاب المعجز عند قراءته لهذه الآيات الكريمة ثم يعتريه العجب وتصيبه الحيرة والذهول والأسى عندما يرى القسم الكبير من المسلمين على بعد ساشع من هذا الكتاب العظيم مع أنهم يقرأونه آناء الليل وأطراف النهار ولا يقدرونه حق قدره ، قال تعالى : ( وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين ) ، لقد أودع الله في كتابه الكريم من المنافع والخيرات والعظات والعبر ما لا يحيط به الواصفون ولا يبلغ بعضه العادّون الذين يحاولون إدراك أسراره ومعجزاته ، ففيه شفاء للصدور وبيان يزيل عمى الجهل وحيرة الشك ، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه وإن من جعله إماماًًً وخلقاًً له قاده إلى الجنة ومن رمى به خلف ظهره ساقه إلى النار.

قال : سبحانه وتعالى : ( هو الذى ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور وإن اللّه بكم لرءوف رحيم ) ، في هذا الكتاب الكريم من الأدلة الواضحة ما يلزم البشرية بالمتابعة لينقذهم من الجهل ومن العقائد الفاسدة والتقاليد الذميمة وليهديهم إلى ينبوع الحق فأبى أكثر الناس إلاّّ كفورا ، إن هذا القرآن الكريم هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم الذي يدفع الأهواء والشبهات ، عن العلماء الذين يدركون محاسن أنواره التي لا يفقهها إلاّّّ ذووا البصائر الجليلة ولا تقطف لطيف ثماره إلاّّّ الأيدي الزكية ومنافع شفائه تنالها : إن شاء الله الأنفس التقية ، قالت فاطمة الزهراء (ع) بنت رسول الله في مسجد أبيها رسول الله (ص) : أنتم عباد الله نُصب أمره ونهيه وحملة دينه ووحيه وأمناء الله على أنفسكم وبلغائه إلى الأمم زعيم حق له فيكم وعهد قدمه إليكم وبقيةٌ إستخلفها عليكم كتاب الله الناطق والقرآن الصادق والنور الساطع والضياء اللاّمع بصائره منكشفة وسرائره متجلية ، تغتبط به أشياعه قائداً إلى الرضوان أتباعه مؤدياً إلى النجاة إستماعه.

أخي الكريم ـ رعاك الله وهداك ـ إن هذا لنداءٌ من القرآن الكريم إلى العالم إجمع علي إختلاف المشارب والمذاهب يلزمهم بهذا النداء ولا سيما في عصر العلم والتحرر ، والحذار الحذار من أن يتعلق بك الشيطان فتتمسك بدين الآباء وتشقى شقاءً أبدياً ثم تكون من الخالدين في النار.
إذاً القرآن الكريم هو القانون الإلهي الذي يعالج كل أبعاد القضايا في الحياة والذي يخلص البشرية من الغام الدنيا ومن ظلماتها وإن من قرأه وتدبره وعمل بمضمونه ينال شرف الدنيا والآخرة لأنه الرسالة التي لا يأتيها الباطل ولا يعتريها التحريف والزيف وهي رابطة الإنسان بربه وهي آخر وأعظم اطروحة سماوية ومنهج رباني ، إن كل من لم يدرس القرآن الكريم دراسة صحيحة على يد علماء عارفين بحقائقه ومضامينه فإنه سيقع في الكثير من الشبهات التي تغير المفاهيم الحقيقية لتحل محلها مفاهيم مغلوطة تنموفي عقول البسطاء الذين ينعقون ، عن جهل خلف كل ناعق ويميلون مع كل ريح منحرفين ، عن القرآن ومبدعين بدعاً محرمةً ، يقول تعالى : ( أفلا يتدبرون الْقرءان أم على قلوب أقفالها ).

ويشكو الرسول الكريم من بعض قومه فيعبر الحق سبحانه وتعالى من هذه الشكوى بقوله : ( وقال الرسول يارب إن قومى إتخذوا هذا الْقرءان مهجورا ) ، أوليست هذه الشكوى من الرسول الكريم من الذين يقرأوون القرآن على المنابر بأصوات جميلة وهذرمة خاوية ويتخذونه للتحنث والمكاسب المادية بعد أن هجروا معاني القرآن الحقيقية وأهدافه الرسالية ووجدوه ثقيلا عليهم فكان مثلهم مثل من يبر والديه بالجلوس إليهم فقط ثم لا يحترمهما ولا يعاملهما بإحسان ومعروف ، فهل هكذا يكون البر للوالدين.

مثل هؤلاء الناس إذا كانوا يريدون أن يجعلوا الإسلام مرحلةً تاريخية أو تحفةً أثرية يتواءمون معه بما يحقق مصالحهم فنحن نرفض ذلك لأننا نريد أن يكون هذا الكتاب الكريم هو بداية حياتنا بالأمس وقضية جهادنا اليوم ونظام وهدف مسيرتنا غداًً ، نريده شعلةً من النور تضيء الطريق لكل الشعوب المؤمنة ، وإذا كان هدف العلماء القشريين هو تمزيق المسلمين فرقاًً وأحزاباً بدافع من قصر نظرهم وعدم فهمهم لمعاني القرآن الكريم فنحن سنبقى مصرين على الإعتصام بحبل الله المتين ولن نعمد أبداًً إلى سماعهم والرجوع إلى جاهليتنا لنكون رهباناً في المساجد بعيدين عن الفكر الحركي البناء لن نقرأ القرآن بظاهره ، طربين على أنغامه الصوتية راقصين عليها متخذين منها وجداًً مع الله سبحانه وتعالى لأننا نرى أن الإسلام الحق هو غير ذلك وهو فهم القرآن الكريم والعمل به كما نرى أن الإسلام هو وعي بناء نحتمي بأسواره وحصونه المنيعة من الغزوات الثقافية الكافرة ومن الحضارة العصرية المدمرة لكل القيم والأخلاق.

إننا نريد أن تهاجر النفوس إلى الله لتعبده ، عن إيمان ولتخشاه ، عن بينة ، نريد أن نكون كما يريد الله تعالى لنا أن نكون ، يقول تعالى: ( إن اللّه إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقاً فى التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من اللّه فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود اللّه وبشر المؤمنين ) ، يجب أن نكون واعين لإسلامنا العظيم حقالوعي وأن نرتبط بالقرآن الكريم إرتباطاً روحياً فنعمل لأوامره ولا نكون متنسكين وخانعين نكتفي بالتعبد الطقسي القشري الخاوي من الروح ونمشي في الشوارع مطأطئي الرؤوس مرتدين خرق التذلل لأن الإسلام الحنيف والقرآن الكريم يرفضان هذا ولا يقبلان به.

أبحث عن الحق تجد أهله : لقد إنبثق علينا الإسلام الحنيف من عمق الحياة بخطوط القدرة الخالقة من لدن حكيم عليم وهو المدرسة الجامعة التي نتمسك بها نجاةً وعلاجاً لكل جوانب الحياة ولكل حاجيات الإنسان الدنيوية والأخروية الجسمية منها والروحية ، الإسلام يرسم لنا بكل وضوح الأصول العقائدية الخمسة التي هي أساس مذهب أهل البيت (ع) وهي : العدل والتوحيد والنبوة والإمامة والمعاد.

الإسلام لا يرى التقليد والتعبد كافياً في ممارسة الأصول العقائدية التي ذكرناها بل إنه يوجب على كل فرد البحث عن صحة هذه العقائد وبصورة مستقلة بعيدة عن العاطفة والتقليد الأعمى ذلك لأن الإسلام لا يحصر العبادة بالعبادة البدنية كالصلاة والصوم أو العبادة المالية كالخمس والزكاة لأن هناك ما هو أعظم من هذا وهي العبادة الفكرية التي تحث الإنسان وتطلب إليه التأمل والتفكر في آلاء الله سبحانه وتعالى ، كما تحثنا على وجوب الإستنتاج الفكري بحثاًً عن الحقيقة ووصولاً إليها ، ذلك لأن الأصول كلها محورها مفهوم الفكر ، كالعدل والتوحيد والمعاد وبالتبعية النبوة والإمامة إن كتاب الله يحثنا على أن نفكر مخلصين في الذات الإلهية كي ما نعرف العدل والتوحيد ، ( اللّه نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة ) ، ( الله لا إله إلاّّ هو الحى القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ) ، قال سبحانه : ( هو ألاول والآخر والظاهر والباطن ).

إن القرآن الكريم يحثنا على التدبير والتفكر في وقائع ما وراء الطبيعة ليصبح بمثابة المرئي ، كقوله سبحانه وتعالى : ( وكذالك نرى إبراهيم ملكوت السمـوات والأرض وليكون من الموقنين ) ، إنه لأمر طبيعي في المجتمع وفي ترسبات الأجيال أن يحافظوا وأن يدافعوا عن العقائد المتوارثة ذلك لأن العادة والتلقائية تؤثر حتى على ذوي الشهادات العالية وتجعلهم لا يسيرون إلاّ على طريق الإتباع والتقليد المتوارث الأعمى، برغم أن القرآن الكريم نبهنا وحذرنا أن لا نقبل معتقدات ومفاهيم قديمة قبل عرضها على العقل وعلى قواعد القرآن الكريم وقبل أن نتأمل فيها بعمق وبفكر منفتح ، ( وإذا قيل لهم إتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءابآءنآ أولوكان ءابآؤهم لايعقلون شيئاًً ولا يهتدون ).
يقول كتاب الله العظيم إن التقليد الأعمى يوجب الشقاء الأبدي وبشكل خاص لأهل المعرفة لأنه سبحانه وتعالى يقول : ( وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ) ، إنه من واجب الإنسان الواعي أن يجعل الفكر والتبصر والتأمل رائداً له في سلوك الطريق التي توصل إلى الحق سبحانه وتعالى آخذاًًً بالعقائد الصحيحة وتاركاً النزعات القبلية والعنصرية والقومية التي لا تولد عنده إلاّّ القلق الدائم والخوف المستمر وعدم الإستقرار النفسي.

العلم والإيمان يكمل أحدهما الآخر بحيث لا يمكن الفصل بينهما ولو فصلنا لتسببنا في أضرار جسيمة توقعنا بالخرافات والجمود الفكري والدوران في المكان حول النفس ، يا أخوتي في مثل هذه الحال العقيمة المرة التي نعيشها وسط مذاهب متعددة وطرق إسلامية شتى لم لا نحاول البحث عن المذهب الحقيقي كي نتمسك به ولماذا نأخذ الإسلام من موقع واحد بينما هناك طرق ومشارب عديدة والله سبحانه وتعالى يقول : ( فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ).

يقول الإمام علي (ع) : ( من إستقبل وجوه الآراء عرف مواقع الخطأ ) ، وعلى هذا فمن واجب المسلم أن يدرس وأن يتأمل المذاهب المطروحة في الساحة الإسلامية وأن يعتمد على عقله وتفكيره وعلى عوامل الإستدلال والإطمئنان المتوافرة لديه ، وعند الإختلاف فإن الحق بين واضح لا يتعدد ولا يأخذ مظاهر وصوراً وأشكالاً شتى خلافاًًًً لما يرى ويقول المصوّبة المغرضون ، يبدوإن هناك أشكالاً عميقاً يكمن في مناهج الدراسة في الجامعات والمعاهد الدينية حيث تقتصر كل مؤسسة على تدريس إتجاه معين ونمط واحد من العقائد والفقه والعلوم الدينية متجاهلةً سائر الإتجاهات والمذاهب الأخرى وإن الأنكى والأخطر من ذلك هو تعبئة الطلاب فكرياً ونفسياً ضد كل ما يخالف مذهب تلك المؤسسة ومنهجها فيتخرج طلاب هذه العلوم بفكر منغلق وعقلية ضيقة محدودة جاهلين الرأي الآخر ومنحازين بتعصب أعمى ضد كل ما لا يوافق فكرهم.

إن إحترام العالم يقاس بمدى إحترامه للحقيقة لأنها ضالته أينما وجدت ، وفي كتب الشيعة الإمامية إجتهادات قد لا يعرفها حتى الخواص من العلماء السنة ، ولو أنهم اطلعوا عليها لقويت ثقتهم بالشيعة الإمامية ولإحترموا علماء المسلمين ومذاهبهم ولقويت البواعث على تمهيد السبيل ووحدة الفكر والعقيدة بين الأخوة المؤمنين من حيث يريدون أولاًًً يريدون.

الحوار يولد التقارب : إنّ الله سبحانه وتعالى وهو الخالقالسيد العظيم لا يأنف أن يدخل مع عباده الضعفاء في حوار وأن يجيب على تساؤلاتهم وأن يشاركهم ويهديهم حل إشكالاتهم ، فهل يحق لأحد بعد ذلك أن يترفع عن النقاش والحوار مع أخوانه في العقيدة والأصول.

عندما يقول الكفار والمشركون ويتقولون في نبوة الرسول (ص) ويتهمونه بالكهانة والجنون مدعين أن القرآن لون من ألوان الشعر الذي نسجه محمدٌ ثم نسبه إلى الله ، يرد عليهم القرآن الكريم مستعرضاً ومناقشاً ويدخل معهم في حوار مثيراً الوجدان الفطري لتكون محكمة الإنسان الوجدانية الداخلية هي الحكم وليبرز الضمير ليميز بين الصحيح والكذب ، ( أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون ) ، ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة وحدة ولا يزالون مختلفين إلاّّ من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لاملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) ، الله سبحانه وتعالى جعل الإختلاف سبباًًً إلى التمحيص والإختبار لمن يريد أن يتمسك بالحقيقة وإن الصورة المثالية التي تتمناها لوحدة المسلمين يستحيل تحقيقها إلاّّّ بوجود قيادة معصومة تخضع لها الأمة وتنفذ أوامرها لأنها تمثل قيادة الرسول الأعظم (ص) وما جاء به ولكن أين هي هذه القيادة ، إن القرآن الكريم لم يترك أمراًً أو قضية تتعلق بحياة الأمة إلاّّ ورسمها وأوضحها لنا وقد بين الله سبحانه وتعالى القيادة المعصومة التي هي عدل القرآن تلك التي خصها ربها بفضائل عديدة لم يخص بها غيرهم من العباد.

البدع : ليس في الخليقة مثل الإنسان حين يستخدم عقله ويُنير بالوحي بصيرته لأن العقل قبس من نور الله الذي أودعه في ضمير الإنسان وبدونه لا يكون الإنسان إلاّّّ حفنةٌ من التراب وإن ما نجده اليوم من الحضارات والتقدم العلمي وماننعم بخيراته ما هو إلاّّّ من بركة التجليات العقلية حيث أبدع العقل عند المبدعين وإكتشفوا كنوز أنفسهم وتمتعوا بلذة التحرر والإنطلاق بقوة نور البصيرة لقد جاء الإسلام الحنيف تتويجاً لرسالات الله منبهاً العقل إلى أهداف الرسالة حتى أنه جاء ذكر العقل بمترادفاته المختلفة سبعمائة وخمسين مرة في القرآن الكريم دلالةٌ وتوكيداً على أهميته ، قال الله تعالى : ( الذين يتبعون الرسول النبي إلاّّْمى الذى يجدونه مكتوباًً عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم ... ).

وقد ينشأ ، عن الجاهلية المتمثلة في إهمال العقل ورفضه حالةٌ قشرية تدفع الفرد إلى التمسك بالتقاليد والأعراف الماضية أياً كانت تمسكاً شديداًًًً لأنه في هذه الحالة لا يرد أن يتحمل مسؤولية التفكير وإعمال الفكر في حركة منطلقة نحو المستقبل وفي محاولة لإنقاذ النفس والعباد من الأصنام البشرية وتحريرهم من الخوف والرهبة والجزع والإستسلام إمام الطبيعة ، إن إهتمام الإنسان بالماضي وجعله بديلاً ، عن الحاضر هو الذي يحد من تطلعات الإنسان ويعرقل طموحه فيجعل دروبه مليئةً بالعراقيل حتى ليعجز عن الفهم والتحصيل وإستخدام إرادته الحرة للوصول إلى أهدافه ، وما أسرع ما دخلت على المسلمين القشريين البدع المختلفة وذلك عن طريق التفسير الخاطىء للدين الذي قلب الحقائق رأساًً على عقب لأن القناعات والمفاهيم الفكرية متى فسدت فقد فسد كل شيء في الإنسان.

والآن لنتسائل ما هي البدعة : البدعة : لغوياًً هي الاضافة وليس النقصان وهي هنا إضافة منسوبةٌ إلى الدين ، يقول الرسول (ص) : إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله ، ويقول الرسول (ص) أيضاًًً : ما أحدثت بدعة إلاّّّ بترك سنة فإتقوا البدع وألزموا السنة إن عوازم الأمور أفضلها وإن محدثاتها شرارها ، وكثيراًً ما تكون البدعة ذريعةٌ لصاحبها طلباً للنفعة ولكن محاولته لا تنجح لأنه إتبع سبيل البدعة.
حديث من الرسول (ص) : عمل قليل في سنة خيرٌ من عمل كثيرة في بدعة ، ويأمرنا الدين بمحاربة أهل البدع ومحاصرتهم إجتماعياً ونهيهم عما هم فيه حتى لا تنشر بدعُهم ويضل الناس بها.
يقول الرسول (ص) : من أتى ذا بدعة فوقره فقد سعى في هدم الإسلام ، إن الإختلاف بين المسلمين ليس في أصول الدين ولا في نزول الوحي وإنما هو في تفسير المبادىء ، فإذا راح يفسر كل واحد حسب رأيه وعلى هواه ثم ينسب ذلك إلى الدين فقد تعصب وإبتدع وإفترى على الله كذباًً ولذلك يتوجب على الفقهاء العدول والعلماء والدعاة إلى الله أن يرفضوا هذه البدع وأن يحولوا دون إنتشارها بين العوام لئلا تكون لهم ديناًًً وعقيدة من دون الدين الصحيح.


توقيع : بشار الربيعي



يقول الله عز وجل
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين


نسألكم الدعاء
بشار الربيعي

رد مع اقتباس
قديم 2012/11/29, 07:02 PM   #45
علي مولاي

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 481
تاريخ التسجيل: 2012/10/03
المشاركات: 5,468
علي مولاي غير متواجد حالياً
المستوى : علي مولاي is on a distinguished road




عرض البوم صور علي مولاي
افتراضي

احسنت على هذا المجهود والابداع ان شاء الله يستمر دوووووم يارب


توقيع : علي مولاي




نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس
قديم 2012/11/30, 10:11 PM   #46
ابراهيم العبيدي

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 456
تاريخ التسجيل: 2012/09/17
المشاركات: 2,551
ابراهيم العبيدي غير متواجد حالياً
المستوى : ابراهيم العبيدي is on a distinguished road




عرض البوم صور ابراهيم العبيدي
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الاطهار وعجل فرجهم ورحمنا بهم
مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه


توقيع : ابراهيم العبيدي
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

[hr]#ff0000[/hr]
[marq="3;right;3;scroll"]اضغط هنا صفحتي الشخصية[/marq]
https://www.facebook.com/sheaealkalus.ibrahem
رد مع اقتباس
قديم 2012/12/05, 11:56 PM   #47
احمد العراقي


معلومات إضافية
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل: 2010/12/20
المشاركات: 2,307
احمد العراقي غير متواجد حالياً
المستوى : احمد العراقي تم تعطيل التقييم




عرض البوم صور احمد العراقي
افتراضي

اذا استطاعو اخفاء الشمس لايستطيعون اخفاء نور ال بيت محمد عليهم افضل الصلاة والسلام
بارك الله بك اخي الفاضل للموضوع الرائع ض13


توقيع : احمد العراقي
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


أنہي مہأأمہلہك وجہودي كہل وجہودي بہيہن أديہك
شہلہون يہصہيہر وأنہي مہلہكہك أبہخہل بہدمہي عہلہيہك

رد مع اقتباس
قديم 2013/03/09, 10:46 PM   #48
شيعة الحسين

موالي ماسي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 788
تاريخ التسجيل: 2012/10/17
المشاركات: 14,425
شيعة الحسين غير متواجد حالياً
المستوى : شيعة الحسين will become famous soon enough




عرض البوم صور شيعة الحسين
افتراضي

علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيث دار هكذا قال الرسول صل الله عليه واله


توقيع : شيعة الحسين



كروب منتديات شيعة الحسين العالمية على الفيس بوك





عن الهروي قال : سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول :

(( رحم الله عبدا أحيا أمرنا)) .

فقلت له : وكيف يحيي أمركم ؟
قال : يتعلم علومنا ويعلمها الناس ، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا.
قال : قلت يا ابن رسول الله فقد روي لنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال :
من تعلم علما ليماري به السفهاء ، أو يباهي به العلماء ، أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار .
فقال عليه السلام : صدق جدي عليه السلام أفتدري من السفهاء ؟
فقلت : لا يا ابن رسول الله .
قال : هم قصاص مخالفينا . وتدري من العلماء ؟
فقلت : لا يا ابن رسول الله .
فقال : هم علماء آل محمد عليهم السلام الذين فرض الله طاعتهم وأوجب مودتهم ، ثم قال : وتدري ما معنى قوله : أو ليقبل بوجوه الناس إليه ؟
قلت : لا .
قال : يعني والله بذلك ادعاء الإمامة بغير حقها ، ومن فعل ذلك فهو في النار )) .
صدق ولي الله وأمام الهدى .

رد مع اقتباس
قديم 2013/07/13, 09:11 PM   #49
يالثارات الحسين

موالي برونزي

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1691
تاريخ التسجيل: 2013/07/06
الدولة: العراق
المشاركات: 519
يالثارات الحسين غير متواجد حالياً
المستوى : يالثارات الحسين is on a distinguished road




عرض البوم صور يالثارات الحسين
افتراضي

الادلة بشنو تريد حديث من البخاري الادلة واضحة عين الشمس
الحمد لله على انتشار المذهب الحق وانشاء الله بأزدياد
الله يهدي الجميع ويخرجهم من الظلمات الى النور


توقيع : يالثارات الحسين
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس
قديم 2013/07/14, 05:34 PM   #50
جوهر

معلومات إضافية
رقم العضوية : 1731
تاريخ التسجيل: 2013/07/14
المشاركات: 173
جوهر غير متواجد حالياً
المستوى : جوهر is on a distinguished road




عرض البوم صور جوهر
افتراضي

سؤال :

الايوجد من خرج من دينكم ؟؟

طبعا الجواب نعم وهم كثر

فمنهم صار نصرانيا او شيوعيا ملحدا

ومنهم من صار سنيا ملتزما بالكتاب والسنة

هل تعرفون احد من هؤلاء

هل تعرفون العلماء الشيعة الذين صاروا سنة ؟؟


يعني الحجة هنا هي الدليل القاطع وليس تحول فلان من الشيعة الى السنة او العكس

والسلام


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
( أقوال علماء السنة والجماعة في يزيد ) بشار الربيعي الحوار العقائدي 2 2012/11/29 09:56 PM
ظاهرة تشيع علماء السنة ومثقفيهم . بشار الربيعي الحوار العقائدي 3 2012/11/17 09:30 PM
رئيس علماء السنة في فرنسا يعتنق التشيع بعد زيارته كربلاء المقدسة بشار الربيعي السياسة 1 2012/11/17 06:22 AM
رئيس علماء اهل السنة في فرنسا يعلن تشيعه البيرق الحوار العقائدي 8 2012/08/13 11:46 PM
ناقشة لأحد علماء الشام من أهل السنة - الشيخ حسن الصفار ابوشهد الصوتيات والمرئيات والرواديد 3 2012/07/28 11:15 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |