Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > منتديات اهل البيت عليهم السلام > عاشوراء الحسين علية السلام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015/05/20, 01:40 PM   #1
صالح مهدي

موالي مبتدأ

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3793
تاريخ التسجيل: 2015/05/06
المشاركات: 60
صالح مهدي غير متواجد حالياً
المستوى : صالح مهدي is on a distinguished road




عرض البوم صور صالح مهدي
افتراضي مسير السبايا مكتوبا جاهز للطباعة

قصة أربعينية الإمام الحسين

عليه السلام

كما قرأها المرحوم الشيخ

عبد الزهراء الكعبي (قدس)

إعداد

السيد جبار الموسوي



قصيدة في الأربعينية

للسيد صالح القزويني البغدادي

كم أوْدَعوا قلبي عَشِيَّة وَدَّعـــــــــــوا

**********حُرَقاً تُؤجِّجُها عُيونٌ تَدْمــَـــــــــــــعُ

خَفُّــــــــــوا فَسافَحَ عَبْرَتي وَتَصَبُّري

*******أَثْرَ الرِّكابِ مُشَيِّعٌ وَمُشَيَّـــــــــــــــــــــعُ

أبكي فــــــــــلا حُرَقي تُجَفِّفُ أدْمُـعي

**************كلّا وَلا تُطفي الحريقَ الأدْمُــعُ

ما طابَ لي يومَ التَّحَمُّلِ مَطْعَــــــــــمٌ

**************كلّا وما ليَ بالتَّجَمُّلِ مَطْمَـــــعُ

يوم النـَّـــــــــوى لا كُنْتَ كم حَمَّلْتَني

*************مُضَضاً لها صُمُّ الصَّفا تَتَصَـدَّعُ

للــــــــهِ أقْمـــــــــارٌ أفَلْنَ بِكربــــــلا

***********ولها بيثربَ والمحاصبَ مَطْلَــــــعُ

أنِسَتْ بِهِمْ أرضُ الطفوفِ وأوْحَشَتْ

***********هَضَباتُ يَثْرِبَ والمَقامُ الأرْفَـــــــعُ

طُفْ بي على فلك الطفوفِ وقُل لــه

***********مُسْتَعْبِراً أعَلِمْتَ مَنْ بِكَ مــــودعُ

فيك الإمامُ أبو الأئمـَّـــــــــــةِ والذي

***********هو للنُّبُوَّةِ والإمامَةِ مَجْمَـــــــــــعُ

فيك الذي أشْجى البَتولَ وَنَجْلَهــــــا

*********ولــــه النَّبيُّ وَصِنْوُهُ مُتَفَجِّـــــــــــعُ

مَنْ كان في حِجْرِ الإمامَةِ بالهُـــــدى

*********يَرْبوا وَمِنْ ثَدْيِ النُّبُوَّةِ يَرْضَــــــــعُ

فَحَياتُ أصْحابِ الكساءِ حياتُـــــــــهُ

********وبيومِ مَصْرَعِهِ جميعـــاً صُرِّعــــوا

ما أحْدَثَ الحَدَثان خَطْباً فاضِعــــــاً

************إلّا وَخَطْبُ السِّبْطِ منهُ أفضـــعُ

دَمُـهُ يُباحُ ورأسُهُ فوق الرِّمــــــاح

**********وَشِلوُهُ بِشِبا الصِّفـاحِ مُـــــوَزَّعُ

يا كوكبَ العرشِ الذي مِنْ نــــورِهِ

*********الكُرْسِيُّ والسَّبْعُ العلى تتشعشـعُ

كيف اتَّخَذْتَ الغاضِرِيَّةِ مَضْجَعـــــاً

*******والعرشُ وَدَّ بأنَّهُ لك مَضْجَـــــــــــعُ

لهفي لآلِكَ كُلَّما دَمِعَـــتْ لهــــــــا

*********عَيْنٌ بأطرافِ الأسِنَّـــــــةِ تُقْـرَعُ

تُبْدي الأسى جَلَداً وَتُخْفي شَجْوَهـــــــا

*******كَمَداً فَتُظْهِـــرُهُ عليهــــا الأدْمُــــــعُ

تُدْمى جَوانِبُها وَتُضْــرَمُ فَوْقَهـــــــــــا

*******أبْياتُها وَيُماطُ عَنْهــــــا المِلْفَــــــعُ

يقولُ السيدُ ابنُ طاووس :-

وَتَسابَقَ القَوْمُ على نَهْبِ بُيوتِ آلِ الرَّسُول وقُرَّةِ عَيْنِ

الزَّهْراءِ البتول فَخَرَجْنَ بَناتُ رَسُولِ اللهِ وحَريمُهُ

يَتَساعَدْنَ على البُكاءِ ويَنْدُبْنَ لِفِراقِ الأهْلِ والأحِبَّة

قالَ حَميدُ ابنُ مُسْلِم وَرَأَيْتُ امرأةً مِنْ بَني بَكْرِ ابنِ وائِل

كانتْ مَعَ زَوْجِها في أصْحابِ عُمَرَ ابنِ سَعْد فَلمّا رَأت

القَوْمَ قَدْ حَمَلوا على نِساءِ الحُسَيْنِ وفِسْطاطِهِنَّ وهُمْ

يَسْلبونَهُنّ أَخَذَتْ سَيْفاً وأقْبَلَتْ نَحْوَ الفِسْطاطِ وَقالتْ يا آلَ

بَكْرِ ابنِ وائِل أتُسْلَبُ بَناتُ رَسُولِ الله ؟ لا حُكْمَ إلّا لله !!

يالَثارات الحُسَيْن .....فأخَذَها زَوجُها وَرَدَّها إلى رَحْلِهِ

ثمَّ أخْرَجوا النِّساءَ حَواسِرَ مُسَلباتٍ حافِياتٍ باكِياتٍ بَعْدَ

أنْ أشْعَلوا النّارَ في الخِيام

قالَ الرّاوي ثمَّ إنَّ عُمَرَ ابنَ سَعْد بَعَثَ بِرَأسِ الحُسَيْنِ

(ع) في يَوْمِ عاشوراء مَعَ خِوَلّي ابنِ يَزيدَ الأصْبَحي

وحَميدَ ابنِ مُسْلمِ الأزْدي إلى عُبَيْدِ اللهِ ابنِ زِياد

وَأمَرَ بِرُؤوسِ الباقينَ مِنْ أصْحابِهِ وأهْلِ بَيْتِهِ فَقُطعت

وَسَرَّحَ بِها مَعَ الشِّمْرِ ابنِ ذي الجَوْشَن وقَيْسَ ابنِ

الأشْعَث وعَمْروا ابنِ الحَجّاج

فأقبَلوا حتّى قَدِموا إلى الكوفة .

وَرُوِيَ أنَّ رُؤوسَ أصْحابِ الحُسَيْنِ(ع) كانتْ ثَمانيةً

وسَبْعونَ رَأساً فاقْتَسَمَتْها القَبائِلُ

لِلتَقَرُّبِ بِها إلى ابنِ زِياد وإلى يَزيدَ عَليهِما اللَعْنَة

فَجاءَتْ كِنْدَةُ بثلاثة عَشَرَ رأساً

وَصاحِبُهُم قيسُ ابنُ الأشْعَث

وَجاءَت هَوازِنُ باثنَي عَشَرَ رأساً

وَصاحِبُهُم شِمْرُ ابنُ ذي الجَوْشَن

وَجاءَت تَميمُ بِسَبْعَة عَشَرَ رأساً

وَجاءَ بَنُو أسَد بِسِتَّة عَشَرَ رأساً

وَجاءَت مِذْحَجُ بِسَبْعَة رُؤوس

وَجاءَ سائِرُ النّاسِ بِثَلاثَة عَشَرَ رأساً

ثمَّ سارَ ابنُ سَعْد (في اليَوْمِ الحادي عَشَر مِنَ المُحَرَّم )

بِمَنْ تَخَلَّفَ مِنْ عِيالِ الحُسَيْنِ(ع)

وَحَمَلَ نِساءَهُ على أحْلاسِ

أقْتابِ الجِمال مِنْ دونِ وِطاء وَهُنَّ وَدائِعُ الأنْبِياء

وَساقُوهُنَّ كما يُساقُ سَبْيُ التُرْكِ والرُّوم

في أشَدِّ المَصائِبِ والهُمُوم

فَقُلْنَ للأعْداء :- بِحَقِّ اللهِ إلّا ما مَرَرْتُمْ على مَصْرَعِ

الحُسَيْنِ (ع)

فَمَرّوا بِهِنَّ على المَصارِعِ

فَلمّا نَظَرَتْ النِّسْوةُ إلى القتلى

صِحْنَ وضَرَبْنَ وجُوهَهُنّ

مَرّوا بهنَّ على القَتْلى مُطَرَّحــــَــةً

************ما بَيْنَ مُنْعَفِرٍ في جَنْبِ مُصْطَلِمِ

ومُذْ رأتْ زَيْنَبُ جِسْمَ الحُسَيْنِ على

************البَوغا خَضِيباً بِدَمِ النَّحْرِ واللَّمَمِ

ألْقَتْ رِداءَ الصَّبْرِ وانْهارَت هُناك على

***********جِسْمَ الحُسَيْنِ كطوْدٍ خَرَّ مُنْهَــدِمِ

إنْســــــــــــانَ عيني يا حُسَيْنُ اُخيُّ يا

********أمَلي وعِقْدَ جُمانِيَ المَنْضـــــــــــــودا

ودَّعتك اللــه يـــــــا عيوني

*************** يريدون عنّك ياخذوني

نخيت اخْوتي وما جاوبوني

**************يهل الحميه مـــا تجوني

امن ايد الأعادي اتخلصوني

**************زجر وخولَّه اليباروني


يَقولُ الرّاوي فَوَاللهِ لا أنْسَ زَيْنَبَ ابْنَةَ عَلِيٍّ وَهْيَ تَنْدُبُ

الحُسَيْنَ (ع) وَتُنادي بِصَوْتٍ حَزين وَقَلْبٍ كئيب :

يا مُحَمَّداه صَلّى عَليْكَ مَلائِكَةُ السّماء

هذا حُسَيْنٌ بالعَراء مُرَمَّلٌ بالدِّماء

مَقْطوعُ الأعْضاء مَسْلوبُ العِمامَةِ والرِّداء

وبَناتُكَ سَبايا إلى اللهِ المُشْتَكى وإلى مُحَمَّدٍ المُصْطَفى

وَإلى عَليٍّ المُرْتَضى وإلى فاطمَةَ الزَّهْراء

وَإلى حَمْزَةَ سَيِّدِ الشّهَداء

يا مُحَمَّداه هذا حُسَيْنٌ بالعَراء مَحْزوزَ الرَّأسِ مِنَ القَفا

بِأبي مَنْ أضْحى مُعَسْكَرُهُ يَوْمَ الإثنَيْنِ نَهْباً

بِأبي مَنْ فِسْطاطهُ مَقْطوع العُرى

بِأبي مَنْ لا غائِبٌ فَيُرْتَجى وَلا جَريحٌ فَيُداوى

فَأبْكَتْ واللهِ كُلَّ عَدُوٍّ وَصَديق

ثمَّ إنَّ سُكَيْنَةَ بِنْت الحُسَيْنِ سَألَتْ مِنْ عَمَّتِها لِمَنْ تُخاطِبين

فَأجابَتْها اُخاطِبُ أباكِ الحُسَيْنِ

فَألقَتْ بِنَفْسِها مِنْ مَحْمَلِها إلى جَسَدِ أبيها واعتَنَقَتْ جُثَّتَهُ

يا والدي والله هضيمــــــــــه

**********انه اصير من زغري يتيمــه

والنوح من عگبك لجيمه

***********شلون تروح يالغالي علينـه

أثاري الأبو يا ناس خيمه

***********يفيّي على ابناته وحريمـــه

فَأبْكَتْ جَميعَ الأعْداء

فَقالَ عُمَرُ ابْنُ سَعْد نَحّوها عَنْ جَسَدِ أبيها

فَاجْتَمَعَ عَليْها عِدَّةٌ مِنَ الأعْرابِ

حتّى جَرّوها مِنْ على جَسَدِ أبيها

قامَتْ وَالدُّمُوعُ جارِيَة وَكَأنّي بِها نادَتْ

بويه برضاك لو رغماً عليك

********يجرّوني العِده من بين ايديـــك

أصرخ وادير العين ليــــــــــــك

******وادري ابحميتك يبويه ما تخلّيك

معـــذور يالحـــزَّو وريديـك

وَسارَ ابْنُ سَعْدٍ بالسّبايا المُشارِ إليْهِمْ فَلمّا قارَبُوا الكوفَة

اجْتَمَعَ أهلُها للنَّظَرِ إليْهِمْ فَأشْرَفَتْ امْرَأةٌ مِنَ الكوفِيّات

وَقالتْ : مِنْ أيِّ الاُسارى أنْتُمْ ؟

فَأجابَتْ بَناتُ عَليٍّ : نَحْنُ اُسارى آلِ مُحَمَّدٍ (ص)

فَنَزَلَتْ مِنْ سَطحِها وَجَمَعَتْ لَهُنَّ مَقانِعاً وَاُزُراً وَأعْطَتْهُنَّ

وَقَدْ غَصَّتْ الطّرُقاتُ في وُجُوهِ أهْلِ البَيْتِ فَجَعَلَ أهْلُ

الكُوفَةِ يَنوحون وَيَبْكون وَكأنّي بِالعقيلةِ نادَتْ

اشمال النّاس تتفرَّج علينـــــــه

**********عمت عينه اليصد بالعين لينه

يخسه الگال لن غايب ولينه

*********وراسه اعله الرمح لينه ايتفكر

فَقالَ عَلِيُّ ابْنُ الحُسَيْنِ (ع) تَنوحونَ وَتَبْكون مِنْ أجْلِنا

فَمَنْ الذي قَتَلَنا ؟

قالَ بَشيرُ ابْنُ خُزَيْم الأسَدي

وَنَظَرْتُ إلى زَيْنَبَ ابْنَةِ عَلِيٍّ فَلَمْ أرَ أنْطَقَ مِنْها وَكَأنَّها

تُفْرِغُ عَنْ لِسانِ أبيها أميرِ المُؤمنينَ عَلِيِّ ابْنِ أبي طالبٍ

(ع) وَقَدْ أوْمَأتْ إلى النّاسِ أنِ اسْكُتوا .

فَارْتَدَّتْ الأنْفاسُ وَسَكَنَتْ الأجْراس

ثمَّ قالَتْ

الحَمْدُ للهِ والصَّلاةُ على أبي مُحَمَّدٍ وآلهِ الطيبين الأخيار

أمّا بَعْدُ يا أهْلَ الكوفَةِ ياأهْلَ الخَتْلِ والغَدْرِ أتَبْكونَ فَلا

رَقَأتْ الدَّمْعَة وَلا هَدَأت الرَّنَّة إنَّما مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ التي

نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أنْكاثاً تَتَّخِذونَ أَيْمانَكُمْ

دَخَلاً بَيْنَكُم ألا وَهَلْ فيكُم إلّا الصَّلِفُ النَّطِف

وَالصَّدْرُ الشَّنِف ومَلقِ الإماء وغَمْزِ الأعْداء كَمَرْعىً

على دِمْنَةٍ أوْ كَفِضَّةٍ على مَلحودَةً ألا بِئْسَ ما قَدَّمَتْ

لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أنْ سَخِطَ اللهُ عَليْكُمْ وَفي العَذابِ أنْتُمْ خالدون

أتَبْكونَ وَتَنْتَحِبون إي وَاللهِ فَابْكوا كثيراً واضْحَكوا قَليلاً

فَلَقَدْ ذَهَبْتُمْ بِعارِها وَشَنارِها وَلَنْ تَرْحَضوها بِغَسْلٍ بَعْدَها

أبَداً وَأنّى تَرْحَضون قَتْلَ سَليلِ خاتَمِ النّبُوَّة ومَعْدِنِ

الرِّسالةِ وَسَيِّدِ شَبابِ أهْلِ الجَنَّةِ وَمَلاذِ حَيْرَتِكُمْ

وَمَفْزَعِ نازِلَتِكُمْ وَمَنارِ حُجَّتِكُمْ وَمَدارِ سُنَّتِكُمْ

ألا ساءَ ما تَزِرون فَتَعْساً وَنَكْساً وَبُعْداً لَكُمْ وَسُحْقاً

فَلَقَدْ خابَ السّعْيُ وَتَبَّتْ الأيْدي وَخَسِرَتْ الصَّفْقَة

وَبُؤتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَليْكُمُ الذّلَّةُ وَالمَسْكَنَة

وَيْلَكُمْ يا أهْلَ الكوفة

أتَدْرونَ أيَّ كَبِدٍ لِرَسُولِ اللهِ فَرَيْتُمْ ؟!

وَأيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ ؟!

وَأيَّةَ كَريمَةٍ لَهُ أبْرَزْتُمْ ؟!

وَأيَّةَ حُرْمَةٍ لَهُ انْتَهَكْتُمْ ؟!

لَقْدْ جِئْتُمْ بِها صَلعاءَ عَنْقاءَ ..خَرْقاءَ شَوْهاءَ

كَطَلائِعِ الأرضِ أوْ كَمَلأ السَّماءِ

أفَعَجِبْتُم أنْ مَطَرَتْ السَّماءُ دَماً ؟

وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أخْزى وَأنْتُمْ لا تُنْصَرون

فَلا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ المَهْلْ فَإنَّهُ لا يُحَفِّزُهُ البِدار

وَلا يخافُ فَوْتَ الثار وَإنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصاد

قالَ الرّاوي فَوَاللهِ لقدْ رَأيْتُ النّاسَ يَوْمَئذٍ حَيارى يَبْكون

وقد وضعوا أيديهم على أفواهِهِم ورأيتُ شيخاً واقفاً إلى

جنبي يبكي وقد اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ وهو يقول : بأبي أنتم

وأمي كُهولُكم خَيْرُ الكهول وشبابُكم خيرُ الشَّباب

ونساؤُكم خيرُ النِّساء ونسلُكم خَيْرُ نَسْل

لا يَخْزى ولا يَبْلى

وخَطَبَتْ بَعْدَها فاطمةُ الصُغرى بنتُ الحُسينِ (ع) وكان

لها من العُمْرِ إحدى عشرةَ سَنَة فأبكتْ جميعَ مَنْ حَضَر

فقالت الحمدُ للهِ عَدَدَ الرَّمْلِ والحَصا

وزِنَةَ العرشِ إلى الثَّرى أحْمَدُهُ وأؤمِنُ بِهِ

وأتوكلُ عليه وأشهدُ أنْ لا إله إلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ له

وأنَّ محمداً عَبْدُهُ ورسُولُه

وأنَّ أوْلادَهُ ذبِحوا بِشَطِّ الفُرات مِنْ غيرِ ذَحْلٍ ولا تُراث

اللهم إنّي أعوذُ بك أنْ أفترِيَ عليكَ الكَذِبَ أوْ أنْ أقولَ

عليك خِلافَ ما أنْزَلْتَ مِنِ أخْذِ العُهودِ والوصيَّةِ إلى

عليِّ ابنِ أبي طالب المسلوبِ حَقّه المَقتولِ مِنْ غيرِ ذَنْب

كما قُتِلَ وُلدُهُ بالأمْس في بيتٍ مِنْ بُيوتِ الله

فيه مَعْشَرٌ مُسْلِمَةٌ بألسنتِهِم . تعساً لرؤوسِهِم

ما دَفَعَتْ عنهُ ضَيْماً في حياتِهِ ولا عندَ مماتِه

حتى قَبَضْتَهُ إليكَ محمودَ النَّقيّة طيّبَ العريكة

معروفَ المناقب مشهورَ المذاهب لم تأخُذْهُ في اللهِ لومَةُ

لائم ولا عذلُ عاذل ..هَدَيْتَه اللهم للإسلامِ صغيرا

وحَمَدْتَ مَناقِبَهُ كبيرا

ولم يزل ناصحاً لك ولرسولِك حتى قَبَضْتَهُ إليك زاهداً

في الدنيا غيرَ حريصٍ عليها راغباً في الآخرة

مُجاهداً لك في سبيلِك

رَضِيتَهُ فاخْتَرْتَهُ وهَدَيْتَهُ إلى صِراطٍ مُستقيم

أمّا بعدُ يا أهلَ الكوفة يا أهلَ المَكْرِ والغَدْرِ والخُيَلاء

فإنّا أهلُ بيتٍ ابتلانا اللهُ بكم وابتلاكم بنا فَجَعَلَ بلاءَنا

حسناً وجَعَلَ عِلْمَهُ عِنْدَنا وفَهْمَهُ لدينا فنحنُ عَيْبَةُ عِلْمِه

ووعاءُ فَهْمِه وحكمتُهُ وحُجَّتُهُ على الأرض في بلادِهِ

لعبادِه أكرَمَنا اللهُ بكرامَتِه وفَضَّلَنا بنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلّى اللهُ

عليه وآلِهِ وسلَّم على كثيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تفضيلاً بَيِّناً

فكذّبْتُمُونا وكفّرْتُمُونا ورأيْتُم قِتالَنا حلالاً وأموالَنا نَهْباً

كأنَّنا أولادُ تُرْكٍ أو كابُل كما قتلتم جَدَّنا بالأمس وسُيوفُكُم

تَقْطرُ مِنْ دمائِنا أهلَ البيت لِحِقْدٍ مُتَقَدِّمٍ

قَرَّتْ لذلك عُيونُكم وفَرِحَتْ قُلوبُكم

إفتراءً على اللهِ ومكراً مَكَرْتُم . واللهُ خيرُ الماكرين

فلا تدعوكم أنفُسُكم الى الجَذَلِ بما أصَبْتُم مِنْ دمائِنا

ونالتْ أيديكُم مِنْ أموالِنا

فإنَّ ما أصابَنا مِنَ المصائِبِ الجليلةِ والرَّزايا العظيمةِ

في كتابٍ مِنْ قبلِ أنْ نَبْرَأها إنَّ ذلك على اللهِ يسيرا .

لكي لا تأسَوْا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما ءاتاكم واللهُ

لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخور

تباً لكم فانتظِروا اللعنةَ والعذاب

فَكَأنَّهُ قد حلَّ بكم وتواترتْ مِنَ السماء نَقِماتٌ فَيُسْحِتْكُم

بعذابٍ ويُذيقَ بَعْضَكُم بأسَ بعض ثم تَخْلُدون في العذابِ

الأليمِ يومَ القيامةِ بما ظلمتمُونا

ألا لعنةُ اللهِ على القومِ الظالمين

ويلَكُم أتدرونَ أيَّةُ يَدٍ طاعنتنا منكم ؟

وأيَّةُ نفسٍ نَزَعَتْ الى قِتالِنا ؟

أمْ بأيِّ رِجْلٍ مَشَيْتُم إلينا تَبْغونَ محارَبَتَنا ؟

واللهِ قست قلوبُكم وغَلُظتْ أكبادُكم وطبِعَ على أفئدَتِكم

وخُتِمَ على سَمْعِكُم وأبْصارِكم وسوَّلَ لكم الشيطانُ

وأملى لكم وجعل على أبصارِكم غِشاوةً

فأنتم لا تهتدون

تبّاً لكم يا أهلَ الكوفة :- أيُّ تُراثٍ لرسولِ اللهِ قِبَلَكم ؟

وذحولٍ لهُ لديكم ؟

بما غدرتم بأخيه عليِّ ابنِ أبي طالب (ع) جَدّي

وَبَنيهِ وعِترتِهِ الطيبينَ الأخيار

وافْتَخَرَ بذلك مُفْتَخِرٌ فقال

نحنُ قَتَلْنا عَلِيّاً وَبَني عليّ

************بِسُيوفٍ هنديّةٍ ورِماحِ

وسَبَيْنا نِساءَهم سَبْيَ تُرْكٍ

************ونطحناهُمُ فأيُّ نِطـاحِ

فقالت :- بِفيكَ أيها القائل – الكُثكُثُ والأثلُب - !!

إفْتَخَرْتَ بِقَتْلِ قَوْمٍ زكّاهُمُ اللهُ وطهّرهم وأذهَبَ عنهُمُ

الرِّجْس فاكضِمْ وإقعِ كما قعى أبوك

فإنَّما لكلِّ امرءٍ ما اكتسبَ وما قدَّمَتْ يداه

فما ذنبنا إنْ جاشَ دهراً بحورُنا

*****وبحرُك ساجٍ ما يُوارى الدَّعامصا

ويلَكم أحَسَدْتُمونا على ما فَضَّلنا اللهُ عليكم ؟

ذلك فضلُ اللهِ يؤتيهِ مَنْ يشاء .

ومَنْ لمْ يجعلِ اللهُ لهُ نوراً فما له مِنْ نور

فارتفعتْ الأصواتُ بالبُكاء والنَّحيب

وقالوا حسبُك ياابنةَ الطيبين فقد أحْرَقْتِ قلوبَنا

وأنْضَجْتِ نُحورَنا وأضْرَمْتِ أجْوافَنا فسكتَتْ

وخَطَبَتْ اُمُّ كُلثومِ ابنةُ عليٍّ (ع) مِنْ وراءِ كِلَّتِها

رافعةً صَوْتَها بالبُكاء

فقالت ياأهلَ الكوفة سوأةً لكم ما لكم خَذَلْتُم حُسَيْناً

وقتلتُمُوه وانْتَهَبْتُمْ أمْوالَهُ وَوَرِثْتُمُوه ؟!

وسَبَيْتُم نِساءَهُ ونَكَبْتُمُوه ؟!

فتباً لكم وسحقا ..

ويلَكم أيَّةُ دواهٍ دَهَتْكُـــــــــــــــم ؟

وأيُّ وِزْرٍ على ظهورِكم حملتم ؟

وأيُّ دِماءٍ سفكتُمُوهــــــــــــــــا ؟

وأيّةُ كريمةٍ أصبتُمُوهـــــــــــــا ؟

وأيُّ صِبيةٍ سَلَبْتُمُوهـــــــــــــــا ؟

وأيةُ أموالٍ انتهبتموهـــــــــــــا ؟

قتلتم خيرَ رِجالاتٍ بعدَ النَّبي ونُزِعَتْ الرحمةُ مِنْ قُلوبِكم

ألا إنَّ حزبَ اللهِ هُمُ المُفلحون

وحزبَ الشَّيْطانِ هُمُ الخاسرون

قتلتم أخي ظلماً فَوَيْلٌ لاُمِّكُم

********سَتُجْزَوْنَ ناراً حَرُّها يَتَوَقَّدُ

سَفَكْتُمْ دِماءً حَرَّمَ اللهُ سَفْكَها

******وحَرَّمَها القرآنُ ثُمَّ مُحَمَّــــــدُ

فضجَّ النّاسُ بالبُكاءِ والنَّحيب ونَشَرَتْ النِّساءُ شُعُورَهُنَّ

وَوَضَعْنَ التّرابَ على رُؤوسِهِنَّ وَخَمَشْنَ وُجُوهَهُنَّ

ولَطَمْنَ خُدودَهُنَّ وَدَعَوْنَ بالويلِ والثَّبور

وبكى الرِّجالُ فلم يُرَ باكٍ وباكيةٍ أكثرَ مِنْ ذلك اليوم

ثم إنَّ زينَ العابدين (ع) أومأ إلى النّاس أنِ اسكُتوا

فقامَ قائماً فحَمِدَ اللهَ وأثنى عليه

وذَكَرَ النَّبيَّ فَصَلّى عليه وآله ثم قال

أيُّها النّاسُ مَنْ عَرَفَني فقد عَرَفَني

ومَنْ لمْ يَعْرِفْني فأنا اُعَرِّفُهُ بنفسي

أنا عليُّ ابنُ الحسينِ ابنِ عليِّ ابنِ أبي طالب

أنا ابنُ مَنْ انْتُهِكَتْ حُرْمَتُه

وسُلِبَتْ نِعْمَتُه

وانْتُهِبَ مالُه

وسُبِيَ عِيالُه

أنا ابنُ المذبوحِ بِشَطّ الفُرات مِنْ غَيْرِ ذَحْلٍ ولا تُراث

أنا ابنُ مَنْ قُتِلَ صَبْراً وكفى بِذلكَ فَخْراً

أيُّها النّاسُ ناشدتُكُم الله :

هل تعلمون أنَّكم كَتَبْتُم إلى أبي وخدعتمُوه ؟

وأعطيتمُوه مِنْ أنْفُسِكُمُ العَهْدَ والميثاقَ والبَيْعَة

وقاتلتُمُوه وخذلتُمُوه !!

فتبّاً لما قدَّمْتُم لأنفُسِكُم وسوأةً لرأيِكُم !

بأيةِ عينٍ تنظرون إلى رسولِ اللهِ إذ يقولُ لكم

قتلتُم عِتْرَتي

وانْتَهَكْتُم حُرْمَتي

فَلَسْتُم مِنْ اُمَّتي .

فارتَفَعَتْ أصواتُ النّاسِ بالبُكاءِ مِنْ كلِّ ناحية

وقال بعضُهُم لِبَعضٍ هَلَكْتُم وما تَعْلمون ..

فقال عليهِ السلام : رَحِمَ اللهُ امرءاً قَبِلَ نصيحتي

وحَفِظَ وصيَّتي في الله وفي رسولِهِ وأهلِ بيتِه

فإنَّ لنا في رسولِ اللهِ اُسوَةٌ حسنة

فقالوا بأجْمَعِهِم : نحنُ كلّنا يبنَ رسولِ الله

سامعونَ مطيعونَ حافظونَ لذِمامِكَ

غيرُ زاهدين فيك ولا راغبونَ عنك

فَمُرْنا بأمْرِكَ يَرْحَمُكَ الله

فإنّا حربٌ لِحَرْبِكَ وسِلْمٌ لِسِلْمِكَ لَنَأخُذَنَّ يزيد

ونبرأ مِمَّنْ ظَلَمَكَ وظَلَمَنا

فقال عليهِ السَّلام هيهات هيهات ! أيُّها الغَدَرَةُ المَكَرَة

حِيلَ بينكم وبينَ شَهَواتِ أنْفُسِكُم أتريدونَ أنْ تأتوا إليَّ

كما أتَيْتُمْ إلى أبي مِنْ قَبْل ؟؟

كلّا وربِّ الرّاقِصات فإنَّ الجُرْحَ لمّا يَنْدَمِل

قُتِلَ أبي بالأمس وأهلُ بيتِهِ مَعَهُ

ولمْ يُنْسِني ثَكلَ رسولِ الله

وثَكلَ أبي وَبَني أبي

وَوَجْدُهُ بين لهاتي ومرارَتُهُ بين حُنْجُرَتي وحَلْقي

وغُصَصُهُ تَجْري في فراشِ صَدْري

ومسألتي أنْ تكونوا لا لنا ولا علينا

ثم قالَ عليهِ السَّلام

لا غُرْوَ أنْ قُتِلَ الحُسَيْنُ فَشَيْخُهُ

***********قد كان خيراً مِنَ الحُسينِ وأكرما

لا تفرحوا يا أهـــــــلَ كوفانَ بالذي

**********أصابَ حُسَيْناً كان ذلك أظلمــــــــا

قتيلٌ بِشَطِّ النَّهْـــــــــرِ روحي فِداؤهُ

********جزاءُ الذي أرداهُ نارُ جَهَنَّمـــــــــــــا

ثم قال رَضِينا منكم رأساً بِرأس فلا لنا ولا علينا

يقولُ الرّاوي :- ثم إنَّ ابنَ زياد جلس في القصر وأذِنَ

للنّاسِ إذناً عامّاً وجِيء برأس الحُسينِ فَوُضِعَ بين يديهِ

فَجَعَلَ يَنْظرُ إليهِ ويَبْتَسِم وكان بيدِهِ سَوْط فَجَعَلَ يَضْرِبُ

ثناياهُ ويقولُ : إنَّهُ كان حَسَنَ الثَّغْر

ثم قال لقد أسْرَعَ الشَّيْبُ إليكَ أبا عبدِ الله ! يوماً بيومِ بدر

وكانَ عِنْدَهُ أنَسُ ابنُ مالك

فبكى وقال كان أشْبَهُهُم برسولِ الله

وكان مَخْضُوباً بالوَسْمةِ وكان إلى جانِبِهِ زيدُ ابنُ أرْقَمْ

صاحبُ رسولِ اللهِ وهو شيخٌ كبيرٌ فلمّا رأهُ يَضْرِبُ

ثناياهُ قالَ لهُ إرْفَعْ سَوْطَكَ عن هاتينِ الشَّفتين .

فَوَاللهِ الذي لا إلهَ غيرُه لقد رأيتُ شَفَتَي رسولِ اللهِ ما لا

اُحصيهِ كثرةً يُقَبِّلهُما ثم انْتَحَبَ باكياً

فقال لهُ ابنُ زياد : أبكى اللهُ عَيْنَيْكَ أتبكي لفتحِ الله !!

لولا أنَّك شيخٌ قد خَرِفْت وذهب عقلُك لَضَرَبْتُ عُنُقَك

فنهض زيدُ ابنُ أرقم مِنْ بين يديهِ وهو يقول :

أيُّها النّاسُ أنْتُمُ العبيدُ بعد اليوم قَتَلْتُمُ ابنَ فاطمة وأمَّرْتُمُ

ابنَ مَرْجانة واللهِ لَيُقْتُلنَّ خِيارَكُم ويَسْتَعْبِدَنَّ شِرارَكُم

فبعداً لِمَنْ رَضِيَ بالذلِّ والعار

ثم قال يبنَ زياد لَاُحَدِّثَنَّكَ حديثاً أغلظ عليكَ مِنْ هذا

رأيتُ رسولَ اللهِ (ص) أقْعَدَ حسناً على فَخِذِهِ اليُمنى

وحُسيناً على فَخِذِهِ اليُسرى ثم وضع يَدَهُ على يافوخَيْهِما

ثم قال إنّي أستودُعُكُم إيّاهُما وصالح المؤمنين

فكيف كانت وديعةُ رسولِ اللهِ عندك يبنَ زياد ؟؟

واُدْخِلَ نساءُ الحُسين وصبيانُهُ إلى مجلسِ ابنِ زياد

فَجَلَسَتْ زينبُ ناحيةً مِنَ القصرِ مُتَنَكِّرَةً

فسأل عنها فقيلَ هذه زينبُ ابنةُ عليِّ ابنِ أبي طالب

فأقبَلَ عليها وقال: الحمدُ للهِ الذي فَضَحَكُم وَقَتَلَكُم

وأكْذَبَ اُحْدوثَتَكُم

فقالت زينبُ(ع) الحمدُ للهِ الذي أكْرَمَنا بنبيِّهِ مُحَمَّداً

(ص) وَطَهَّرَنا مِنَ الرِّجْسِ تطهيرا

إنَّما يُفْتَضَحُ الفاسق ويُكْذَبُ الفاجر وهو غيرُنا

فقال ابنُ زياد : كيف رَأيْتِ صُنْعَ اللهِ بأخيك وأهلِ بَيْتِك

فقالت ما رأيتُ إلّا جميلا ..هؤلاءِ قَوْمٌ كُتِبَ عليهِمُ القَتْلُ

فبرزوا إلى مضاجِعِهِمْ وَسَيَجْمَعُ اللهُ بَيْنَكَ وبينَهم

فَتُحاجّ وتُخاصَم فانظر لِمَنْ الفَلَج ثَكَلَتْكَ اُمُّكَ يبنَ مرجانه

فَغَضِبَ ابنُ زياد وكأنَّهُ همَّ بها لِيَضْرِبَها

فقال لهُ عَمْرُ ابنُ حُرَيْث : إنَّها امرأة والمرأةُ لا تُؤاخَذ

بشيءٍ مِنْ مَنْطِقِها

فقال ابنُ زياد لقد شفى اللهُ قلبي مِنْ طاغِيَتِكِ الحُسين

والعُصاةِ المَرَدَةِ مِنْ أهلِ بَيْتِهِ

فقالتْ لَعَمْرِي لقد قَتَلْتَ كَهْلِي وَقَطَعْتَ فَرْعِي واجْتَثَثْتَ

أصْلي فإنْ كان هذا شِفاكَ فقد اشْتَفَيْت

فقال ابنُ زياد هذه سَجّاعة وَلَعَمْري لقد كان أبوها

شاعراً سَجّاعاً

فقالتْ يبنَ زياد ما للمرأةِ والسَّجاعةِ

إنَّ لي عَنِ السَّجاعة لَشُغْلا

ولكنْ نَفَثَ صَدْري بما قُلْت

ثم الْتَفَتَ ابنُ زيادٍ إلى عليِّ ابنِ الحُسين فقال مَنْ هذا

قيل هذا عليُّ ابنُ الحُسين

فقال أليس قد قَتَلَ اللهُ علياً

فقال عليٌّ عليهِ السَّلام كان لي أخٌ يُقالُ لهُ عليُّ ابنُ

الحُسين قَتَلَهُ النّاس

فقال ابنُ زياد : بل قَتَلَهُ الله

فقال عليٌّ عليهِ السَّلام ( اللهُ يَتَوَفّى الأنْفُسَ حينَ مَوْتِها

والتي لمْ تَمُتْ في مَنامِها )

فقال ابنُ زياد : وبِكَ جُرْأةٌ على رَدِّ جَوابي

خُذوهُ فاضْرِبوا عُنُقَه

فَسَمِعَتْ عَمَّتُهُ زينبُ فَتَعَلَّقَتْ بِهِ وقالتْ يبنَ زياد حَسْبُكَ

ما أهْرَقْتَ مِنْ دِمائِنا إنَّك لمْ تُبْقي مِنّا أحَداً

فَإنْ عَزَمْتَ على قَتْلِهِ فَاقْتُلْني قَبْلَه

وأنا اليوم لا والدٌ لي ولا عمٌّ ألوذُ بِهِ

*********ولا أخٌ لي بَقِي أرجـوهُ ذو رَحـــِــمِ

أخي ذَبيحٌ وَرَحْلي اُبيـــــــــــــــحَ وبي

**********ضاقَ الفَسيحُ وأطفالي بِغَيْرِ حَمي

بگيت امحيره وصفج باليديـــــــــــن

**********لا عباس يبرالي ولاحسيــــــــــن

يضربوني امن ابچي وتدمع العيـــن

*******وتبگه عبرتي بصدري اتكســــــــــر

فقال ابنُ زياد دَعُوه لها

ثم قال عَجَبَاً للرَّحِم ودَّتْ لَوْ أنَّها تُقْتَلُ دونَه

فقال عليٌّ عليهِ السَّلام لِعَمَّتِهِ زينب إهدئي يا عمَّة حتى

اُكَلّمَهُ والْتَفَتَ إلى ابنِ زيادٍ قائلاً يبنَ زياد :-

أمَا عَلِمْتَ أنَّ القَتْلَ لَنا عادة وكرامتُنا مِنَ اللهِ الشَّهادة

فَسَكَتَ ابنُ زياد ثم أمَرَ بِعَلّيِّ ابنِ الحُسين

فَحُمِلَ إلى دارٍ قُرْبَ المَسْجِدِ الأعْظَم

فقالت زينبُ عليها السَّلام لا تَدْخُلَنَّ علينا عربِيَّةٌ إلّا

مملوكة فَإنَّهُنَّ سُبِينَ كما سُبِينا

ثم أمَرَ ابنُ زياد بِرَأس الحُسين

فَطِيفَ بِهِ سِكَكَ الكوفَةِ وَشَوارِعَها

ثم قام ابنُ زيادٍ فَصَعِدَ المِنْبَر فَحَمِدَ اللهَ وأثنى عليهِ ثم

قال الحمدُ للهِ الذي أظهرَ الحقَّ وأهلَهُ

ونَصَرَ أميرَ المؤمنينَ يزيدَ وحزبَه

وَقَتَلَ الكذّابَ ابنَ الكذّابَ وشيعَتَه فما زادَ على هذا الكلامِ

شيئاً حتى قامَ إليهِ عَبْدُ اللهِ ابنُ عَفيفِ الأزْدِي

وكان مِنْ خِيارِ الشيعةِ وَزُهّادِها

وكانت عَيْنُهُ اليُسرى قد ذَهَبَتْ في يَوْمِ الجَمَل

والاُخرى في يوم صِفّين وكان يُلازمُ المَسْجِدَ الأعْظَمَ

يُصَلّي فيهِ إلى الليل

فقال يبنَ مرجانة إنَّ الكذّاب أنتَ وأبوكَ ومَنْ

استعملَكَ وأبوه ياعدوَّ اللهِ أتقتُلون أبناءَ الأنبياءِ

وتتكلمونَ بهذا الكلامِ على مَنابِرِ المسلمين

فَغَضِبَ ابنُ زيادٍ وقال مَنْ هذا المُتَكَلّم

فقال أنا المُتَكَلّمُ يا عدوَّ اللهِ أتَقْتُلُ الذريةَ الطاهرةَ التي

أذْهَبَ اللهُ عنها الرِّجْسَ وَطَهَّرَها تَطهيراً وَتَزْعُمُ أنَّكَ

على دينِ الإسلامِ واغوثاهُ أينَ أولادُ المهاجرينَ

والأنصار ينتقمونَ منكَ ومِنْ طاغِيَتِكَ

اللعينِ ابنِ اللعين على لسانِ مُحَمَّدٍ رسُولِ ربِّ العالمين

قال فازدادَ غَضَبُ ابنِ زياد حتى انتفختْ أوداجُهُ

وقال عليَّ بِهِ

فَتَبادَرَتْ إليهِ الجَلاوِزَةُ مِنْ كُلِّ ناحِيَةٍ لِيَأخُذوه

فقامَتْ الأشرافُ مِنَ الأزْد مِنْ بني عَمِّهِ

فَخَلَّصوهُ مِنْ أيدي الجَلاوِزَة

وأخرجوهُ مِنْ بابِ المَسْجِد وانْطلقوا بِهِ إلى مَنْزِلِهِ

فقال ابنُ زياد إذهبوا إلى هذا الأعمى أعمى الأزد أعمى

اللهُ قلبَهُ كما أعمى عينيه فأتوني به. فقاموا وانْطَلَقوا إليهِ

فَلَمّا بَلَغَ ذلك الأزْد إجتمعوا واجتمعت معهم

قبائلُ اليمن لِيَمْنَعوا صاحِبَهُم

فَبَلَغَ ذلك ابنُ زياد فَجَمَعَ قبائلَ مُضَر

وضمَّهُم إلى مُحَمَّدَ ابنِ الأشعث وأمَرَهُ بقتالِ القوم

فاقتتلوا قِتالاً شديداً حتى قُتِلَ بينهم جماعة مِنَ العرب

ووصل أصحابُ ابنُ زياد إلى دارِ عبدِ اللهِ ابنِ عفيف

فكسروا البابَ واقتحموا عليهِ فصاحت ابنتُهُ

يا أبتاهُ قد أتاكَ القومُ مِنْ حيثُ تَحْذَرْ

فقال لا عليكِ ياابنتي ناوليني سيفي

فناولَتْهُ سَيْفَهُ فَجَعَلَ يَذبُّ عَنْ نَفْسِهِ ويَقول

أنا ابنُ الفَضْلِ عفيفِ الطّاهرِ

*********عفيفُ شيخي وابنُ اُمِّ عامرِ

كم دراعٍ مِنْ جَمْعِكُم وحاسِرِ

*******وَبَطَــــــلٍ جَنْدَلْتُهُ مُغـــــــــــاوِرِ

وابْنَتُهُ تقول يا أبتاه ليتني كُنْتُ رَجُلاً فأقاتِلُ بينَ يَدَيْكَ

اليوم هؤلاءِ الكفرةَ الفَجَرَة قاتلي العِتْرَة البَرَرَة

وجعلَ القومُ يَدورون عليهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وهو يَذبُّ عَنْ

نفسِهِ فلمْ يَقْدِرْ عليهِ أحَد وكُلَّما جاءَهُ العسكرُ مِنْ جِهَةٍ

قالت لهُ إبنَتُهُ يا أبه جاؤوكَ مِنْ جِهَةِ كذا حتى تَكاثروا

عليهِ وأحاطوا بِه

فقالتْ ابنَتُهُ واذلّاه يُحاط بأبي وليس لهُ ناصِرُ يَستعينُ بِهِ

فَجَعَلَ يُديرُ سَيْفَهُ ويقول

اُقْسِمُ لو يُفْسَحُ لي عَنْ بَصَري

*********ضاقَ عَلَيْكُم مَوْردي ومَصْدَري

فَما زالوا بِهِ حتّى أخَذوه إلى ابنِ زياد

فَلَمّا رَآهُ ابنُ زيادٍ قال الحمدُ للهِ الذي أخزاك

فقالَ ابنُ عفيفِ يا عدوَّ اللهِ وبماذا أخزاني

فقالَ ابنُ زيادٍ يا عدوَّ اللهِ ما تقولُ في عُثْمانَ ابنِ عَفّان

فقالَ ابنُ عفيف يا عَبْدَ بَني عِلاج يبنَ مَرْجانة (وشَتَمَه)

ما أنتَ وعُثمان أساءَ أمْ أحْسَنْ وأصْلَحْ أمْ أفْسَدْ

واللهُ تَبارك وتعالى وليُّ خَلْقِهِ يقضي بينهم وبينَ عثمانَ

بالعَدْلِ والحَقّ ولكنْ سَلْني عنك وعَنْ أبيك

وعَنْ يزيدَ وأبيه

فقالَ ابنُ زياد واللهِ لا أسألُكَ شَيْئاً مِنْ هذا حتى تَذوقَ

المَوْتَ غُصَّة بعد غُصَّة

فقال ابنُ عفيف الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين أمَا إنّي قد كُنْتُ

أسألُ اللهَ أنْ يَرزُقَني الشَّهادَةَ مِنْ قبلِ أنْ تَلِدَكَ اُمُّك

وسألتُ اللهَ أنْ يَجْعَلَ ذلكَ

على يَدِ ألْعَنِ خَلْقِهِ وأبْغَضِهِم إليه فلمّا كُفَّ بَصَري يَئِسْتُ

مِنَ الشَّهادَةِ والآن فالحمدُ للهِ الذي رَزَقَنيها بعدَ اليَأسِ

منها وعَرَّفَني الإجابةَ منهُ في قديمِ دُعائي

فقالَ ابنُ زياد خُذوهُ فاضْرِبوا عُنُقَه فَقُتِلَ رِضْوانُ اللهِ

تعالى عليه

قال الرّاوي فكتبَ عبيدُ اللهِ ابنُ زياد الى يزيدَ ابنِ

معاويةَ كِتاباً يُخْبِرُهُ بِقَتْلِ الحُسينِ وَخَبَرِ أهلِ بيتِه

فلمّا وَصَلَ الكِتابُ إلى يزيدَ ابنِ معاوية

أعادَ الجوابَ إليه يأمُرُهُ بِحَمْلِ رأسِ الحُسينِ

ورؤوسِ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ وَحَمْلِ أثقالِهِ ونِساءِهِ وعِيالِه

قال ابنُ الجَوْزي :- وسار القومُ بِهِم وكُلَّما نَزَلوا مَنْزِلاً

أخْرَجوا الرأسَ مِنَ الصُّنْدوقِ الذي أعَدُّوهُ لَهُ

فَوَضَعُوهُ على رُمْحٍ طويلٍ وَحَرَسُوه طَوال الليل

إلى وقتِ الرَّحيل ثم يُعيدونَهُ إلى الصُّندوقِ ويَرْحَلون

وَنَزَلوا بعضَ المَنازِل وفي ذلكَ المَنْزِل دَيْرٌ فيهِ راهِبٌ

فأخرَجوا الرَّأسَ على عادَتِهِم وَوَضَعوهُ على الرُّمْحِ

وَحَرَسَهُ الحارسُ على عادَتِه وأسْنَدَ الرُّمْحَ إلى دَيْرِ

العالِمِ النَّصْراني

فلمّا كان نِصْفُ الليل رأى الرّاهِبُ نوراً مِنْ مَكانٍ

الرَّأسِ إلى عِنانِ السَّماء

فَأشْرَفَ على القومِ وقالَ مَنْ أنْتُم ؟؟

قالوا نحنُ أصحابُ ابنِ زياد

فقالَ :- وهذا رأسُ مَنْ ؟؟

قالوا هذا رأسُ الحُسينِ ابنِ عليِّ ابنِ أبي طالب ابنِ

فاطمةَ بنتِ رسولِ الله

قال :- هذا رأسُ ابنِ بنتِ نَبِيِّكُم !!

فقالَ بئسَ القومُ أنتُم لو كانَ للمسيحِ وَلَدٌ لأسْكَنّاهُ أحْداقَنا

ثم قالَ هل لكُم في شيء ؟؟

قالوا وما هو ؟؟

قال عندي عَشْرَةُ آلافِ دِرْهَم تأخُذونَها وتُعْطوني الرَّأس

يكونُ عندي تَمامَ هذهِ الليلةَ وإذا رَحَلْتُم تأخُذونَهُ

قالوا وما يَضُرُّنا فناولوهُ الرَّأس وناوَلَهُمُ الدَّراهِم

فأخَذَهُ الرّاهبُ وغَسَلَهُ وطيَّبَهُ وتَرَكَهُ عندَهُ

فَجَعَلَهُ على فَخِذِهِ وَجَلَسَ يبكي الليلَ كُلّه

فلمّا أسْفَرَ الصُّبْحُ قالَ يا رأس لا أملِكُ إلّا نفسي

وأنا أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلّا الله

وأنَّ جَدَّكَ مُحَمَّداً رسولُ الله وأشهدُ أنَّني مَوْلاكَ

ثم خَرَجَ مِنَ الدَّيْرِ وما فيهِ وصارَ يَخْدِمُ أهْلَ البيتَ (ع)

ثم سار القومُ بِرأسِ الحُسينِ ورؤوسِ أهلِ بيتِهِ

والأسارى مِنْ نِسائِهِ وعيالِهِ

فلمّا قاربوا دمشق دَنَتْ اُمُّ كُلثومٍ مِنَ الشِّمْرِ

وكانَ مِنْ جُمْلَتِهِم

فقالتْ لهُ لي إليكَ حاجة ؟؟

فقالَ ما حاجَتُكِ يَبْنَةَ عليّ ؟؟

قالت إذا دَخَلْتَ بنا البلدةَ فاحْمِلْنا في طريقٍ قليلِ النَّظّارة

وتأمُرِ العَسْكرَ أنْ يُخرِجوا هذهِ الرؤوسَ ويُنَحّونا عنها

فقد خُزينا مِنْ كَثْرَةِ النَّظَرِ إلينا ونحنُ في هذهِ الحال

فَأمَرَ في جَوابِ سُؤالِها أن تُجْعَلَ الرؤوسُ على الرِّماحِ

في وَسَطِ المَحامِل بَغياً مِنْهُ وكُفْرا وسَلَكَ بِهم بينَ النَّظارة

حتى أتَوْا إلى بابِ دمشق فوقفوا على بابِ المسجِدِ

الجّامِع حيثُ يُقامُ السَّبي

وذلك في اليومِ الأول مِنْ شهرِ صَفَر

قال الرّاوي :- وجاء شيخٌ وَدَنا مِن نساءِ الحُسينِ (ع)

وعيالِهِ وهُم في ذلكَ المَوْضِع فقال :-

الحمدُ للهِ الذي قَتَلَكُم وأهلَكَكُم وأراحَ البلادَ مِن رِجالِكُم

وأمكَنَ أميرَ المؤمنينَ يزيدَ منكُم !

فقالَ عليُّ ابنُ الحُسين يا شيخ هلْ قَرَأتَ القُرآن

فقالَ الشيخُ نَعَمَ

فقالَ (ع) فهل عَرَفْتَ هذِهِ الآية ( قُل لا أسألُكُم عليهِ

أجْراً إلّا المَوَدَّةَ في القُربى )

فقالَ الشيخُ نعم قد قَرَأتُ ذلك

فقالَ عليٌّ (ع) فنحنُ القُربى يا شيخ

فهل قَرَأتَ في سورَةِ بني إسرائيل(وآتِ ذا القُربى حَقَّهُ )

فقالَ الشيخُ قد قَرَأت

فقالَ عليُّ ابنُ الحُسينِ (ع) فنحنُ القُربى يا شيخ

فهل قَرَأتَ هذِهِ الآية ( واعْلَموا أنَّما غَنِمْتُم مِنْ شيءٍ فَأنَّ

للهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسول وَلِذي القُربى )

فقالَ الشيخ نعم قَرَأتُ ذلك

فقالَ عليهِ السَّلام فنحنُ القُربى يا شيخ فهل قَرَأتَ هذِهِ

الآية ( إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عنكُمُ الرِّجْسَ أهلَ البيت

وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرا )

فقالَ الشيخُ قد قَرَأتُ ذلك

فقالَ عليُّ ابنُ الحُسينِ (ع)

فنحنُ أهلُ البيتِ الذينَ خَصَّنا اللهُ بِآية التطهير

فَبَقِيَ الشيخُ نادماً على ما تَكَلَّمَ بِه والتَفَتَ إلى الإمامِ زَيْنِ

العابدينَ عليهِ السَّلامُ قائلاً :- باللهِ عليكَ أأنتُم هُم

فقالَ الإمامُ إنّا لَنَحْنُ هُم مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَحَقِّ جَدِّنا رَسولِ

الله إنّا لَنَحْنُ هُم

فبكى الشيخُ ورمى عِمامَتَه على ما أتى بِهِ مِنْ كلام

ثم رَفَعَ رأسَهُ إلى السماءِ وقال

اللهم إنّا نبراُ إليكَ مِنْ عدوِّ آلِ مُحَمّدٍ مِنْ جِنٍّ وَإنْس

ثم قالَ سَيِّدي هلْ لي مِنْ تَوْبَة

فقالَ (ع) نعم إنْ تُبْتَ تابَ اللهُ عليك وأنت مَعَنا

فقالَ الشيخُ إنّي تائِبْ

فَبَلَغَ يزيدَ ابنَ مُعاوية حديثُ الشيخ فأمَرَ بِهِ فَقُتِلَ

قالَ سَهْلُ ابنُ سَعْدِ السّاعدي :- خَرَجْتُ إلى بيتِ المَقْدِس

حتّى تّوَسَّطتُ الشّام فإذا بِمَدينَةٍ مُطّرَدَةِ الأنْهار كثيرةِ

الأشجار وقد عَلَّقوا السُّتورَ والحُجُبَ والدِّيباج

وهُم فَرِحون مُسْتَبْشِرون وعِنْدَهُم نِساءٌ يَلْعَبْنَ

بالدِّفوفِ والطبول

فقلتُ في نفسي ألِأهلِ الشّامِ عِيدٌ لا نَعْرِفُه

ورأيتُ قوماً يَتَحدَّثون

فقلتُ يا قوم ألَكُم بالشّام عِيدٌ لا نَعْرِفُه

فقالوا يا شيخ نَراكَ أعْرابياً غريبا

فقلتُ أنا سَهْلُ ابنُ سَعْدِ السّاعدي مِمَّنْ رأى رسولَ اللهِ

وَسِمَعَ حَديثَه

قالوا يا سَهْل ما أعجبَ السَّماء لا تَمْطـُرُ دَماً

والأرضُ لا تَنْخَسِفُ بِأَهْلِها

قُلْتُ وَلِمَ ذلك

قالوا هذا رأسُ الحُسينِ ابنِ عليِّ ابنِ أبي طالب ابنِ

فاطمةَ بِنْتِ رسولِ الله يُهدى مِنْ أرضِ العِراق

فقلتُ عَجَباً ! يُهدى رأسُ الحُسينِ والنّاسُ يَفْرَحون ؟

ثم قُلْتُ لهُمْ وَمِنْ أيْنَ يَدْخُلون

فأشاروا إلى بابٍ تُسَمّى بابُ السّاعات

وَبَيْنَما أنا كذلك إذ رأيتُ الرّاياتِ يَتْلوا بَعْضُها بَعْضاً

وإذا بفارسٍ وبِيَدِهِ لِواءٌ مَنْزوعُ السِّنان

وعلى ذلكَ السِّنانِ رأسٌ أشْبَهُ النّاسِ وَجْهاً بِرَسولِ اللهِ

صلّى اللهُ عليهِ وألِهِ وسلّم

ورأيتُ مِنْ وراءِهِ نِسْوَةً على جِمالٍ بِغَيْرِ وِطاء

فَدَنَوْتُ مِنْ اُولاهُنَّ وقلتُ مَنْ أنْتِ أيَّتُها الجارية

فقالتْ أنا سُكَيْنَةُ بِنْتُ الحُسين

ثم قُلْتُ هل لكِ حاجَةٌ فأنا سهلُ ابنُ سَعْدٍ السّاعدي مِمَّن

رأى جَدَّكِ رَسولَ اللهِ وَسَمِعَ حَديثَه

قالت يا سهل قُلْ لِحامِلِ هذا الرأسِ أن يُقَدِّمَ الرأسَ

أمامَنا حتّى يَنْشَغِلَ النّاسُ بالنَّظَرِ إليه

ولا يَنْظروا إلى حَرَمِ رَسولِ اللهِ

قالَ فَدَنَوْتُ مِنْ حامِلِ الرأسِ فَقُلْتُ لهُ هَلْ لكَ أنْ

تَقْضي حاجَتي وتَأخُذَ أرْبَعْمائة دينار

قالَ وما هي

فَقُلْتُ أنْ تُقَدِّمَ الرأسَ أمامَ الحَرَم

فَفَعَلَ ذلك وَدَفَعْتُ إليهِ ما وَعَدْتُه

قالَ الزّهري :- لمّا جاءَت الرُّؤوسُ وكانَ يزيدُ على

مَنْظَرَةٍ لهُ على جَيْرونِ وقد سَمِعَ غُراباً يَنْعَبْ فأنْشَدَ

لنفسِهِ يَقول

لمّا بَدَتْ تِلْكَ الحُمــــــولُ وَأشْرَقَــــــتْ

**************تلكَ الشُّموسُ على رُبا جَيْرونِ

نَعِبَ الغُرابُ فَقُلْتُ صِحْ أوْ لاتَصِحْ

**************فَلَقَدْ قَضَيْتُ مِنَ الغَريبِ دُيوني

ثم اُدْخِلَ ثِقَلُ الحُسينِ (ع) مَعَ نِساءِهِ ومَنْ تَخَلَّفَ مِنْ أهلِ

بيتِهِ على يزيدَ ابنِ معاوية وهُم مُقَرَّنون بالحِبال فلمّا

وَقَفوا بينَ يَدَيْهِ وهُمْ على تِلْكَ الحالة

قالَ عليُّ ابنُ الحُسينِ (ع) ليزيدَ ابنِ مُعاوية

ناشدْتُك اللهَ يا يزيد ما ظنّكَ بِجَدِّنا رسولِ اللهِ لَوْ رَآنا

على هذهِ الحالةِ والصِّفَة

فأمَرَ يزيدُ بالحِبالِ فَقُطعَتْ ثم دَعا بِمَبْرَدٍ وَجَعَلوا يَبْرُدونَ

الجامِعَةَ عَنْ عُنُقِ الإمامِ زَيْنِ العابدين فلمّا رَفَعوا

الجامِعة سالتْ الدِّماءُ مِنْ رَقَبَةِ الإمامِ زَيْنِ العابدينَ (ع)

قالَ ابنُ الأثيرِ في الكامِل : وَنَظَرَ رَجُلٌ شاميٌّ إلى

فاطِمَةَ بنتِ الحُسَيْنِ

وقال ليزيد هَبْ لي تلك الجارية

قالت سُكَيْنَة:- فأرْعِبْتُ وَظَنَنْتُ أنَّ ذلك جائزٌ عِنْدَهُم

فَأخَذْتُ بثيابِ عَمَّتي زينب وقُلْتُ عَمَّه اُوتِمْتُ واُسْتَخْدَمْ

فقالتْ زينبُ (ع) لا يَبْنَتي ولا كرامةَ لهذا الفاسِق وكانتْ

تعلمُ أنَّ ذلك لا يكون

فقالتْ للشّامي كَذَبْتَ واللهِ وَلَؤمْت

واللهِ ما ذلك لكَ ولا لِيزيد

فَغَضِبَ يزيدُ وقال كَذَبْتِ إنَّ ذلك لي

ولو شِئْتُ أنْ أفْعَل لَفَعَلْت

فقالت زينبُ (ع) لا واللهِ ما جَعَلَ اللهُ لك ذلك

إلّا أنْ تَخْرُجَ عن ملّتِنا وَتَدِينَ بِدينٍ غَيْرِ دينِنا

وَتَتّخِذَ لك قِبْلَةً غَيْرَ قِبْلَتِنا

فاسْتَطارَ يزيدُ غَضَباً وقال إيّايَ تُخاطِبينَ بهذا الكلام

إنَّما خَرَجَ مِنَ الدِّينِ أبوكِ وأخوكِ

فقالتْ بدينِ اللهِ ودينِ أبي وأخي إهتَدَيْتَ أنتَ وأبوكَ

إنْ كُنْتَ مُسْلِما

قالَ كَذَبْتِ يا عَدُوَّةَ الله

فقالت لهُ أنتَ أميرٌ تَشْتُمُ ظالماً وَتَقْهَرُ بِسُلطانِك

وَكَأنَّهُ اسْتَحْيى وَسَكَتْ

فأعادَ الشّامِيُّ كلامَهُ

فقالَ يزيدُ اُعزُب وَهَبَ اللهُ لكَ حَتْفاً قاضِياً أعَرَفْتَها

قالَ لا وَمَنْ تكون ؟

فقال يزيدُ هذهِ فاطمةُ بنتُ الحُسين وتلك زينبُ ابنةُ عليّ

فقال الشّامي:- الحسينُ ابنُ فاطمة وعليُّ ابنُ أبي طالب

فقال يزيدُ نعم

فقال الشّامي :- لَعَنَكَ اللهُ يا يزيد أتَقْتُلُ عِتْرَةَ نَبِيِّك

وَتَسْبي ذرِّيَّتَه

فقال يزيدُ لَاُلْحِقَنَّكَ بهم ثم أمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُه

ودعا يزيدُ برأسِ الحُسينِ (ع)

وَوَضَعَهُ أمامَهُ في طَشْتٍ مِنْ ذَهَب

وكانتْ النِّساءُ خَلْفَه فقامتْ سُكَيْنَةُ وفاطمة تتطاولانِ

النَّظَرَ إليهِ ويزيدُ يَسْتُرُهُ عَنْهُما

فلمّا رَأيْنَهُ صَرَخْنَ بالبُكاءِ

ثم أذِنَ يزيدُ للنّاسِ إذناً عامّا لِيَدْخُلوا

وأخَذَ يزيدُ مِخْصَرَتَه وَجَعَلَ يَنْكُثُ ثَغْرَ الحُسينِ

ويَقولُ يومٌ بيومِ بدر وأنشدَ يَقول

أبى قَوْمُنا أن يَنْصِفونا فأنْصَفَتْ

************قَواضِبُ في أيْمانِنا تَقْطُرُ الدِّما

نُفَلِّقُ هامـاً مِن رِجالٍ أعِـــــــزَّةٍ

************عَلَيْنا وهُم كانوا أعَقَّ وأظْلَمــا

فقالَ يحيى ابنُ الحَكَم وكانَ جالساً عِنْدَه

لَهامٌ بجَنْبِ الطَّفِّ أدْنى قَرابــَــةً

*******مِن ابْنِ زِيادِ العَبْدي الحَسَبِ الوَغْلِ

سُمَيَّةُ أمْسى نَسْلُها عَدَدَ الحَصـا

******ولَيْسَ لِآلِ المُصطفى اليوم مِن نَسْلِ

فَضَرَبَهُ يزيدُ على صَدْرِهِ وقالَ أسْكُتْ لا أمَّ لك

وأمّا العقيلةُ زينب فإنَّها لَمّا رَأت رأسَ الحُسينِ (ع)

نادتْ بِصَوْتٍ حزينٍ يُقْرِحُ القُلوب

يا حُسيناه يا حبيبَ رسولِ الله

يبنَ مَكَّةَ وَمِنى يَبْنَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ النِّساء

عساني انچتل وروح ويــاك

*********ولا شوفتي مخضوب بدماك

ولا شوف الرجس يضرب ثناياك

************يريت اليتامى لاعدمنـاك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ

هضمنه ما جره اعله احَّد وشافه

*********بره بينه العَدو جرحه وشافــــه

على راس السبط تلعب وشافـه

********عصا ايزيد ويسب حامي الحميه

ثم جَعَلَ يزيدُ يقول

لَيْتَ أشْياخي بِبـــَـــدْرٍ شَهِدُوا

**********جَزَعَ الخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الأسَلْ

لَأهَلُّوا واسْتَهَلُّــوا فَرَحـــــــاً

*************ثم قالوا يا يزيدُ لا تُشَــلْ

قد قَتَلْنا القَرْمَ مِن ساداتِهِــــــــمْ

**********وَعَدَلْنــــــــاهُ بِبَـدْرٍ فاعْتَدَلْ

لَسْتُ مِنْ خِنْدِفَ إنْ لَمْ أنْتَقِمْ

***********مِنْ بَني أحْمَدَ ما كان فَعَــلْ

لَعِبَتْ هاشِـــــمُ بالمُلْكِ فــــــــــــلا

***********خَبَرٌ جاءَ ولا وَحْيٌ نـَــزَلْ

وبَيْنَما هو يَتَرَنَّمُ بِأبْياتِهِ وإذا بِصَوْتِ العَقيلةِ زينب يَصُكُّ

مَسامِعَهُ إذ لمْ تَسْمَعْ أحَداً يَرُدُّ عَليْهِ

فقامَتْ وقالت الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين

وصلّى اللهُ على رسولِهِ وآلِهِ أجْمَعين

صَدَقَ اللهُ كذلك يَقول (( ثمَّ كانَ عاقِبَةَ الذينَ أساؤوا

السُّوأى أنْ كَذَّبوا بآياتِ اللهِ وكانوا بِها يَسْتَهْزِئون))

أظَنَنْتَ يا يزيدُ حَيْثُ أخَذتَ عَلَيْنا أقْطارَ الأرضِ وآفاقَ

السَّماءِ فَأصْبَحْنا نُساقُ كما تُساقُ الاُسارى أنَّ بِنا على

اللهِ هَواناً وبِكَ عليهِ كرامة وأنَّ ذلك لِعِظَمِ خَطَرِكَ عِنْدَهُ

فَشَمَخْتَ بِأنْفِك وَنَظَرْتَ في عِطْفِك جَذلانَ مَسْرورا حَيْث

رَأيْتَ الدُّنْيا لكَ مُسْتَوْسِقَةٌ والأمورُ لك مُتِّسِقَةٌ

وحينَ صَفا لك مُلْكُنا وَسُلْطانُنا فَمَهْلاً مَهْلاً

أنَسِيتَ قولَهُ تعالى

( ولا يَحْسَبَنَّ الذينَ كفروا أنَّما نُمْلي لَهُمْ خَيْراً لِأنْفِسِهُمْ

إنَّما نُمْلي لهُمْ لِيَزْدادوا إثماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِين )

أمِنَ العَدْلِ يَبْنَ الطلقاء تخْديرَكَ حَرائِرَكَ وَإمائَك ؟

وَسَوْقُكَ بَناتُ رسولِ اللهِ سَبايا قد هَتَكْتَ سُتورَهُنَّ

وَأبْدَيْتَ وجوهَهُنَّ تَحْدوا بِهِنَّ الأعداءُ مِنْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ

وَيَسْتَشْرِفُهُنَّ أهلُ المَناهِلِ والمَناقِلِ ويَتَصَفَّحُ وجوهَهُنَّ

القريبُ والبعيدُ والدَّنِيُّ والشريفُ ليسَ مَعَهُنَّ مِنْ

رِجالِهِنَّ وَلِيٌّ ولا مِنْ حُماتِهِنَّ حَمي

وكيف يُرتَجى مُراقبةُ مَنْ لَفَظَ فوهُ أكبادَ الأزكياءِ

وَنَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ دِماءِ الشُّهداء ؟ وكيفَ يُسْتَبْطَاُ في

بُغْضِنا أهلَ البيتِ مَنْ نَظَرَ إلينا بالشَّنَفِ والشَّنَئانِ

والإحَنِ والأضغانِ ثم تقولُ غَيْرَمُسْتَعْظِم

لَأهَلّوا واسْتَهَلّوا فَرَحاً

*********ثم قالوا يا يزيدُ لا تُشَلْ

مُنْحَنِياً على ثنايا أبي عبدِ الله سَيِّدِ شبابِ أهلِ الجَنَّةِ

تَنْكُثها بِمَخْصَرَتِك

وكيف لا تقولُ ذلك وقد نَكأتَ القَرْحَةَ واسْتَأصَلْتَ الشَّأفةَ

بِإراقَتِكَ دِماءَ ذرِّيَّةِ مُحَمَّدٍ (ص) ونُجومِ الأرضِ مِنْ آلِ

عبدِ المُطّلِب وَتَهْتُفُ بِأشْياخِكَ زَعَمْتَ أنَّك تُناديهِم

فَلَتَرِدَنَّ وشيكاً مَوْرِدَهُم وَلَتَوَدُّنَّ أنَّك شُلِلْتَ وَبُكِمْتَ

ولمْ تكُنْ قُلْتَ ما قُلْتَ وَفَعَلْتَ ما فَعَلْت

اللهم خُذ لنا بِحَقِّنا وانْتَقِم مِمَّنْ ظلمَنا

واحْلُلْ غَضَبَكَ بِمَنْ سَفَكَ دِمائَنا

وَقَتَلَ حُماتَنا .. فواللهِ ما فَرَيْتَ إلّا جِلْدَك ولا حَزَزْتَ إلّا

لَحْمَكَ وَلَتَرِدَنَّ على رسولِ اللهِ(ص) بما تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ

دِماءِ ذرِّيَّتِهِ وانْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ في عِتْرَتِهِ ولُحْمَتِهِ حيثُ

يَجْمَعُ اللهُ شَمْلَهُمْ وَيَلُمَّ شَعَثَهُم وَيَأخُذَ بِحَقِّهِم

( ولا تَحْسَبَنَّ الذين قُتِلوا في سبيلِ اللهِ أمْواتاً بَلْ أحياءٌ

عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقون )

وَحَسْبُكَ باللهِ حاكِماً وَبِمُحَمَّدٍ (ص) خَصيماً

وَبِجَبْرائيلَ ظهيراً وَسَيَعْلَمُ مَنْ سَوَّلَ لكَ

ومكنَّكَ مِنْ رِقابِ المُسْلمين

بئسَ للظالمينَ بَدَلاً وَأيُّكُم شَرٌ مَكاناً وأضْعَفُ جُنْدا

وَلَئِنْ جَرَّتْ عَليَّ الدَّواهي مُخاطَبَتَك إنّي لَأسْتَصْغِرُ

قَدْرَكَ وأسْتَعْظِمُ تَوْبيخَكَ لكنْ العُيونُ عَبْرى

والصُّدورُ حَرَّى , ألّا فالعَجَبُ كُلُّ العَجَب

لِقَتْلِ حِزْبِ اللهِ النُّجَباءِ بِحِزْبِ الشَّيْطانِ الطّلَقاءِ

فهذِهِ الأيدي تَنْطِفُ مِنْ دِمائِنا والأفْواهُ تَتَحَلَّبُ مِنْ لِحُومِنا

وَتِلكَ الجُثَثُ الطّواهِرُ الزَّواكي تَنْتابُها العَواسِل

وَتُعَفِّرُها اُمَّهاتُ الفَراعِل ولَئِنْ اتَّخَذْتَنا مَغْنَماً .

لَتَجِدَنا وَشيكاً مَغْرَماً حينَ لا تَجِدُ إلّا ما قَدَّمَتْ يَداك

وما رَبُّكَ بِظَلّامٍ للعبيد إلى اللهِ المُشْتَكى وَعَليْهِ المُعَوَّل

فَكِدْ كَيْدَك واسْعَ سَعْيَك وناصِبْ جَهْدَك فواللهِ لا تَمحُوا

ذِكْرَنا ولا تُميتُ وَحْيَنا ولا تُدْرِكُ أمَدَنا ولا تَرْحَضُ عنكَ

عارَها وهل رَأيُكَ إلّا فَنَدٌ وأيّامُكَ إلّا عَدَد وَجَمْعُكَ إلّا

بَدَدٌ يَوْمَ يُنادي المُنادي ألا لعنةُ اللهِ على الظالمين

فالحمدُ للهِ رَبِّ العالمين الذي خَتَمَ لِأوَّلِنا بِالسَّعادَةِ

والمَغْفِرَةِ وَلِآخِرِنا بالشَّهادَةِ والرَّحْمَةِ وَنَسْألُ اللهَ أن يُكْمِلَ

لهُمُ الثّوابَ ويُوجِدَ لهُمُ المزيدَ ويُحْسِنَ علينا الخِلافةَ

إنَّهُ رَحيمٌ وَدودٌ وَحَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيل

فقالَ يزيد

يا صيحةً تُحْمَدُ مِنْ صَوائِحي

*********ما أهْوَنَ المَوْت على النَّوائِحِ

والتَفَتَ رَجُلٌ نصْراني وهو رسُولُ قَيْصَرَ إلى يزيد

وقال : إنَّ عندَنا في بعضِ الجَزائِر حافِرُ حِمارِ عيسى

ابنِ مريم ونحنُ نَحُجُّ إليهِ في كلِّ عامٍ مِن الأقطار

ونُهدي إليهِ النُّذور ونُعَظّمُهُ كما تُعَظّمونَ كُتُبَكُم

فأشْهْدُ أنَّكُم على باطل

فَغَضِبَ يزيدُ مِنْ كلامِهِ وَأمَرَ بِقتلِهِ

فقام إلى الرأسِ وقبَّلَهُ وَتَشَهَّدَ الشَّهادَتَيْن

ثم أخرجوهُ وقتلوه

ثم أخْرَجَ يزيدُ الرأسَ مِن المَجْلِس وَصَلَبَهُ على بابِ

القصرِ ثلاثةَ أيّام

فَسَمِعِتْ هِنْدُ ابنةُ عمروا زوجةُ يزيدَ بذلك فجاءت إليهِ

وهي حاسِرةَ الرَّأسِ حافيةَ القَدَمَيْن مهتوكةَ الحِجاب

وَدَخَلَتْ إلى مجلسِ يزيدَ وهي تقولُ واويلاه

رأسُ ابنِ بِنْتِ رسولِ اللهِ على بابِ دارِنا !!

فقام إليها يزيدُ وغطـّاها وقال لها إعْوِلي عليهِ يا هِنْد

فإنَّهُ صَريخةُ بني هاشم عَجَّلَ عليهِ ابنُ زياد

ثم جاء يزيدُ إلى المَسْجِدِ وأمَرَ الخطيبَ أنْ يَصْعَدَ المِنْبَر

وينالَ مِنْ عليٍّ والحُسينِ بِمَحْضَرِ عليِّ ابنِ الحُسين

فَفَعَلَ الخطيبُ ذلك

فصاحَ عليُّ ابنُ الحسين وَيْلك أيُّها الخاطِب إشْتَرَيْتَ

مَرْضاتِ المَخلوقِ بِسَخَطِ الخالِق فَتَبَوَّأ مَقْعَدَكَ مِنَ النّار

ثم قال عليهِ السَّلام لِيزيد : أتَأذَنُ لي أنْ أصْعَدَ هذِهِ

الأعوادَ فأتكلَّمَ بكلماتٍ للهِ فيهِنَّ رِضىً

وَلِهؤلاءِ الجالسينَ أجْرٌ وثواب

فأبى يزيدُ ذلك

فقال النّاسُ إئذَنْ لهُ يَصْعَد فَلَعَلَّنا نسْمَعُ مِنْهُ شيئا .

فقال يزيد إنَّهُ إنْ صَعِدَ المِنْبَر لا يَنْزِلُ إلّا بِفضيحتي

وفضيحةِ آلِ أبي سُفيان

فقالوا وما قَدْرُ ما يُحْسِنُ ذلك الفتى

فقال يزيد إنَّهُ مِنْ أهْلِ بَيْتٍ زُقّوا العِلْمَ زَقّا

فَلَمْ يَزالوا بِهِ حتى أذِن لهُ

فَصَعِدَ المِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وأثنى عليهِ

وَذَكَرَ النَّبي فصلّى عليهِ وَخَطَبَ خُطْبَة أبكى منها

العُيون وأوْجَلَ مِنْها القُلوب

قال أيُّها النّاسُ اُحَذّرُكُم مِنَ الدّنيا وما فيها فإنَّها دارُ

زوالٍ وانتقال تَنْتَقِلُ بأهلِها مِنْ حالٍ إلى حال قد أفْنَت

القُرونَ الخالية والأمَمَ الماضية الذين كانوا أطوَلَ منكم

أعماراً وأكثرَ منكم آثاراً أفْنَتْهُم أيْدي الزَّمان

واحْتَوَتْ عليهِمُ الأفاعي والدّيدان أفْنَتْهُمُ الدّنيا فَكَأنَّهُم

لا كانوا لها أهلاً وَلا سَكَنًا أكَلَ التّرابُ لُحومَهُم

وأزالَ مَحاسِنَهُم وَبَدَّدَ أوْصالَهُم وَشَمائِلَهُم وَغَيَّرَ ألوانَهُم

وَطَحَنَتْهُم أيْدي الزَّمان أفَتَطْمَعونَ بَعْدَهُم بالبقاء؟

هيهات هيهات لابد لكم مِنَ اللّحوقِ بِهِم فَتَدارَكوا ما بَقِي

مِنْ أعْمارِكُم بِصالِحِ الأعْمال وكأنّي بِكُم وقد نُقِلْتُمْ مِنْ

قُصورِكُمْ إلى قُبورِكُم فَرِقين غيرُ مسرورين

فَكَمْ واللهِ مِنْ قَريحٍ قد اسْتَكْمَلَتْ عليهِ الحَسَرات

حيثُ لا يُقالُ نادم ولا يُغاثُ ظالم قد وَجَدوا ما أسلفوا

وأحْضَروا ما تَزَوَّدوا وَوَجَدوا ما عَمِلوا حاضراً ولا

يَظلِمُ رَبُّكَ أحدا فَهُمْ في مَنازِلِ البَلوى هُمود

وفي عَساكِرِ المَوْتى خُمود يَنْتَظِرون صَيْحَةَ القيامة

وحُلولَ يَوْمِ الطّامَّة (( لِيَجْزي الذينَ أساؤوا بِما

عَمِلوا وَيَجْزي الذينَ أحْسَنُوا بالحُسْنى ))

ثم قالَ أيُّها النّاسُ اُعْطينا سِتّاً وَفُضِّلْنا بِسَبْع

اُعْطينا الحِلْمَ والعِلْمَ والسَّماحَةَ والفَصاحَةَ والشَّجاعَةَ

والمَحَبَّةَ في قُلوبِ المُؤمنين وَفُضِّلنا بَأنَّ مِنّا النَّبيُّ

المُخْتار(ص) وَمِنّا الصِّدّيق يَعْني أميرَالمُؤمنينَ

عليَّ ابنَ أبي طالب (ع) وَمِنّا الطّيار وَمِنّا أسَدُ اللهِ

وَأسَدُ رَسُولِهِ وَمِنّا سَيَّدَةُ النـِّساء وَمِنّا سِبْطا هذِهِ الاُمَّةِ

وَمِنّا مَهْدِيُّها

أيُّها النّاسُ مَنْ عَرَفَني فَقَدْ عَرَفَني

وَمَنْ لمْ يَعْرِفْني أنْبَأتُهُ بِحَسَبي وَنَسَبي

أنا ابنُ مَكَّةَ وَمِنى

أنا ابنُ زمزمَ والصَّفا

أنا ابنُ مَنْ حَمَلَ الرُّكْنَ بأطرافِ الرِّداء

أنا ابنُ خَيْرِ مَن أتزَرَ وارتَدى

أنا ابنُ خَيْرِ مَن انتَعَلَ واحْتَفى

أنا ابنُ خَيْرِ مَن طافَ وَسَعى

أنا ابنُ خَيْرِ مَن حَجَّ وَلَبَّى

أنا ابنُ مَن حُمِلَ على البَراقِ في الهوى

أنا ابنُ مَنْ اُسْرِيَ بِهِ مِنَ المَسْجِدِ الحَرامِ

إلى المَسْجِدِ الأقْصى

أنا ابنُ مَنْ بَلَغَ بِهِ جَبْرئيلُ سِدْرَةَ المُنْتَهى

أنا ابنُ مَنْ دَنا فَتَدَلّى فكان قابَ قَوْسَيْن أوْ أدْنى

أنا ابنُ مَنْ صلّى بِمَلائِكةِ السَّماء مَثنىً مَثنىً

أنا ابنُ مَنْ أوْحى إليهِ الجليلُ ما أوْحى

أنا ابنُ مُحَمَّدٍ المُصطفى

أنا ابنُ عليٍّ المُرتضى

أنا ابنُ مَنْ ضَرَبَ خَراطيمَ الخَلْقِ حتى قالوا لاإله إلّا الله

أنا ابنُ مَنْ ضَرَبَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ بِسَيْفَيْن وَطَعَنَ

بِرُمْحَيْن وَهاجَرَ الهِجْرَتَيْن وَبايَعَ البَيْعَتَيْنْ وَقاتَلَ بِبَدْرٍ

وَاُحْدٍ وَحُنَيْن ولمْ يَكفُر باللهِ طَرْفَةَ عَيْن

أنا ابنُ صالِحِ المُؤمنين ووارثِ النَّبيين وقامِعِ المُلحِدين

ويعسوبِ المُسْلمين ونورِ المُجاهِدين وتاجِ البَكّائين وزينِ

العابدين وأصبرِ الصابرين وأفضلِ القائمينَ مِنْ آلِ طهَ

وياسين رَسُولِ رَبِّ العالمين

أنا ابنُ المُؤيَّدِ بجبرائيل المَنْصورِ بِميكائيل

أنا ابنُ المُحامي عنْ حُرَمِ المُسْلِمين وقاتلِ المارِقين

والنّاكِثينَ والقاسِطينَ والمُجاهِدِ أعداءَهُ الغاصِبين وأفْخَرِ

مَنْ مَشى مِنْ قُرَيْشٍ أجْمَعين وأوَّلِ مَنْ أجابَ واسْتَجابَ

للهِ وَلِرَسُولِهِ مِنَ المُؤمِنين وأوَّلِ السّابِقينَ وقاصِمِ

المُعْتَدينَ ومُبيدِ المُشْرِكينَ وَسَهْمٍ مِنْ مَرامي اللهِ على

المُنافِقين وَلِسانِ حِكْمَةِ اللهِ وَعَيْبَةِ عِلمِه . سَمِحٌ سَخِيٌّ

بُهْلولٌ بَهِيٌّ زَكيٌّ أبْطَحِيٌّ رَضِيّ .مِقْدامٌ هُمامٌ .

صابِرٌ صَوّامٌ مُهَذّبٌ قَوّامٌ قاطِعُ الأصْلابِ وَمُفَرِّقُ

الأحزابِ أرْبَطهُم عَناناً وَأثبَتُهُم جَناناً

وَأمْضاهُم عَزيمة وأشدُّهُم شَكيمة

أسَدٌ باسِلٌ يَطحَنُهُم في الحُروبِ إذا ازْدَلَفَت الأسِنَّة

وَقَرُبَت الأعِنَّة طَحْنَ الرَّحا وَيَذَرُهُم فيها

ذَرْوَ الرِّيحِ الهَشيمِ لَيْثُ الحِجاز وَكَبْشِ العِراق

مَكّيٌّ مَدَنِيٌّ . خَيْفَيٌّ عَقَبِيُّ . بَدْرِيٌّ اُحُدِيٌّ مُهاجِري..

مِنَ العَرَبِ سَيِّدُها وَمِنَ الوَغا ليْثها وارثُ المِشْعَرَيْن

وَأبُو السِّبْطَيْن الحَسَنِ والحُسَيْن

ذاك جَدّي أميرُ المُؤمنين عليُّ ابنُ أبي طالب

أنا ابنُ عَديماتِ العُيوب

أنا ابنُ نَقِيّاتِ الجُيوب

أنا ابنُ خَديجةَ الكُبْرى

أنا ابنُ فاطمةَ الزّهراء

أنا ابنُ سَيِّدَةِ النّساء

أنا ابنُ المَقتولِ ظلما

أنا ابنُ مَحزوزِ الرَّأسِ مِنَ القَفا

أنا ابنُ العَطشانِ حتى قضى

أنا ابنُ طريحِ كربَلاء

أنا ابنُ مَسْلوبِ العِمامَةِ والرِّداء

أنا ابنُ مَنْ بَكَتْ عليهِ مَلائِكَةُ السَّماء

أنا ابنُ مَنْ ناحَتْ عليهِ الجِنُّ في الأرض

والطيْرُ في الهواء ( ثم أبكى العُيونَ بهذِهِ الكلماتِ فقال)

أنا ابنُ مَنْ رَأسُهُ على السِّنانِ يُهدى

أنا ابنُ مَنْ حُرَمُهُ مِنَ العِراقِ إلى الشّامِ تُسْبى

فلمْ يَزَلْ يقول أنا أنا حتى ضَجَّ النّاسُ بالبُكاءِ والنَّحيب

وَخَشِيَ يزيدُ مِنْ وُقوعِ الفِتْنَة فقالَ للمُؤذّنِ أذّنْ لِيَقْطَعَ

عليهِ كَلامَه

فلمّا قالَ المُؤذن : اللـــــــــهُ أكبَــــــــــــــــرْ

قال الإمامُ زَيْنُ العابِدين : لا شيءَ أكبرُ مِنَ الله

( كَبَّرْتَ كبيراً لا يُقاس)

وَلمّا قالَ المُؤذن : أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللـــــــــــه

قالَ الإمامُ عليهِ السَّلام شَهِدَ بها شَعْري وَبَشَري

وَعَضْمي وَلحْمي وَدَمِي وَمُخّي

ولمّا قالَ المُؤذن : أشْهَدُ أنْ مُحَمَّداً رسُولُ اللـــــــــــــــه

إلتَفَتَ إلى يزيد وهو بَعْدُ على المِنْبرِ قائِلا

يا يزيد : مُحَمَّدٌ هذا جَدّي أمْ جَدُّك ؟

فإنْ زَعَمْتَ أنّهُ جَدُّكَ فقد كَذَبْتَ وَكَفَرْت

وإنْ قُلتَ أنَّهُ جَدّي فَلِمَ قَتَلْتَ عِتْرَتَه

ثم نَزَلَ الأمامُ زَيْنُ العابِدينَ مِنَ المِنْبَر وقد تَفَرَّقَ مَنْ

كانَ في المَسْجِد والتَفّوا حَوْلَ الأمامِ السَّجّاد

يقولُ المِنْهال : جِئْتُ إلى الإمامِ زَيْنِ العابِدينَ فَسَلَّمْتُ

عليهِ وَقُلتُ لهُ سَيِّدي يبنَ رَسُولِ اللهِ كيفَ أمْسَيْت

قالَ أمْسَيْنا كَمَثَلِ بَني إسْرائيل في آلِ فِرْعَوْن يُذَبِّحونَ

أبْناءَهُم وَيَسْتَحْيونَ نِساءَهُم ..أمْسَت العَرَبُ تَفْتَخِرُ على

العَجَمِ بأنَّ مُحَمَّداً مِنْها وأمْسَت قُرَيْشُ تَفْتَخِرُ على سائِرِ

القبائِلِ بأنَّ مُحَمَّداً مِنْها وأمْسَيْنا أهلُ بيتِهِ مَقتولينَ

مُشَرَّدين فإنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعون

يقولُ المِنْهالُ وبينَما اُكلّمُهُ وَيُكلّمُني إذ خَرَجَت امرأةٌ

خَلفَهُ وهي تقول إلى أين يا نِعْمَ الخَلَفْ

فَتَرَكني وَأسْرَعَ إليْها

فَسَألتُ عَنْها فَقيلَ هذِهِ عَمَّتُهُ زينب

ولمّا خَشِيَ يزيدُ وقوعَ الفِتْنَةِ وانْقِلابِ الأمْر عَجَّلَ

بِإخْراجِ الإمامِ زَيْنِ العابِدين وَجَميعِ السَّبايا

مِنَ الشّامِ إلى وَطَنِهِم وَمَقَرِّهِم وَمَكّنَهُم مِمّا يُريدون

وأمَرَ النّعْمانَ ابنَ بَشير وَجَماعةً مَعَهُ

أنْ يَسيروا معهم إلى المدينةِ مع الرِّفْقِ بِهِم

ولمّا عَرَفَ الإمامُ زَيْنُ العابدين الموافقةَ مِنْ يزيد طَلَبَ

مِنْهُ الرُّؤوسَ كُلَّها لِيَدْفُنَها في مَحَلّها فَلَمْ يَتَباعد يزيدُ عَنْ

رَغْبَتِهِ وَدَفَعَ اليهِ الرؤوسَ فألحَقها الإمامُ السَّجّادُ بالأبْدان

قال الرّاوي : فلمّا ساروا مِنَ الشّامِ قاصِدينَ المدينةَ

جَعَلوا طَريقَهُم على العِراق فلمّا قارَبوا كربلاءَ قالوا

للدَّليلِ مُرَّ بِنا على أرضِ كربلاء

فلمّا وصلوا إلى مَوْضِعِ المَصْرَع وجدوا جابِرَ ابنَ عبدِ

اللهِ الأنصاري

وجماعة مِنْ بَني أسد قد وردوا لِزيارَةِ قَبْرِ الحُسينِ (ع)

فتوافَوْا في وقتٍ واحد وتَلاقَوْا بالبُكاءِ والحُزْنِ واللّطم

وأقاموا المَآتِمَ واجتمعَ عليهِمْ أهلُ ذلك السَّواد وأقاموا

على ذلك أيّاما

عَنْ عطيَّةَ العَوْفي قالَ : خَرَجْتُ مَعَ جابِرَ ابنِ عبدِ اللهِ

الأنصاري زائراً قَبْرَ الحُسينِ عليهِ السَّلام

فلمّا وَرَدْنا كربلاء دَنا جابِرُ مِنْ شاطِئ الفُرات واغْتَسَلَ

ثم أتزَرَ بإزارٍ وارتَدى بِآخَر ثم فَتَحَ صُرَّةً فيها سُعْد

فَنَثَرَها على بَدَنِهِ ثم مَشى إلى القَبْرِ الشَّريفِ حافِياً

وَلَمْ يُخْط خُطْوَةً إلّا ذَكَرَ اللهُ فيها

حتى إذا دَنا مِنَ القَبْرِ قالَ ألمِسْنيه

قالَ عطيةُ فألمَسْتُهُ القَبْر

فَخَرَّ مَغْشِيّاً عليهِ فَرَشَشْتُ عليهِ شيئاً مِنَ الماء

فلمّا أفاقَ قالَ يا حُسيــــــــــــــــــــــــــن ثلاثاً

ثم قالَ حبيبٌ لايُجيبُ حَبيبَهُ

ثم قالَ وأنّى لكَ بالجَوابِ وقد شُحِطَتْ أوْداجُكَ على

أثباجِكَ وَفُرِّقَ بينَ بَدَنِكَ وَرَأسِك

فَأشْهَدُ أنَّكَ ابنُ خَيْرِ النَّبيين وابنُ سَيِّدِ الوَصِيين

وابنُ حليفِ التّقْوى وسَليلُ الهُدى وخامِسُ أصحابِ

الكِساءِ وابنُ سَيِّدِ النّقباء وابنُ فاطمةَ سَيِّدَةِ النّساء ...

وما لك لا تكونُ هكذا وقد غَذّتْكَ كفُّ سَيِّدِ المُرسَلين

ورُبِّيتَ في حِجْرِ المُتَّقين وَرَضَعْتَ مِنْ ثَدْيِ الإيمان

وفُطِمْتَ بالإسلام فَطِبْتَ حَيّاً وَطِبْتَ مَيِّتاً غَيْرَ أنَّ قُلوبَ

المُؤمِنين غَيْرُ طَيِّبَةٍ بِفِراقِكَ ولا شاكَّةٌ في حَياتِك ..

فَعَلَيْكَ سَلامُ اللهِ وَرِضْوانُهُ وَأشْهَدُ أنَّكَ مَضَيْتَ على ما

مَضى عليهِ أخوكَ يحيى ابنُ زكريا

ثم جال بِبَصَرِهِ حَوْلَ القَبْر وقالَ السَّلامُ عليكُم أيَّتُها

الأرواحُ التي حَلّتْ بِفِناءِ الحُسينِ عليهِ السَّلام

وأناخَتْ بِرَحْلِهِ

أشْهَدُ أنَّكُم قد أقَمْتُمُ الصَّلاة وآتَيْتُمُ الزَّكاة وأمَرْتُم

بالمَعْروفِ وَنَهَيْتُم عَنِ المُنْكَر وَجاهَدتُمُ المُلحِدين

وَعَبَدْتُمُ اللهَ حتى أتاكُمُ اليَقين

والذي بَعَثَ مُحَمَّداً صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وَسَلّمَ بالحقِّ لقد

شاركناكُم فيما نَزَلتُم فيه

قالَ عطية : فقلتُ يا جابر كيف ولمْ نَهْبِطْ وادياً ولمْ نَعْلُ

جَبَلا ولمْ نَضْرِبْ بِسَيْف

والقومُ قد فُرِّقَ بينَ رُؤوسِهِم وأبْدانِهِم

فقالَ لي ياعطية : سَمِعْتُ حبيبي رَسُولَ اللهِ صلّى اللهُ

عليهِ وآلِهِ يقول مَنْ أحَبَّ قَوْماً حُشِرَ مَعَهُم

وَمَنْ أحَبَّ عَمَلَ قَوْمٍ اُشْرِكَ في عَمَلِهِم

والذي بَعَثَ مُحَمَّداً صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ بالحَقِّ إنَّ نِيَّتي

وَنِيَّةَ أصحابي على ما مضى عليهِ الحُسَيْنُ عليهِ السَّلام

وأصْحابُه

قالَ عطية فبينَما نحنُ بهذا الكلام وإذا بِسَوادٍ قد أقْبَلَ

علينا مِنْ ناحيةِ الشّام

فقلتُ يا جابر : إنّي أرى سَواداً مُقْبِلاً علينا مِنْ ناحيةِ

الشّام

فالتَفَتَ جابرٌ لِغُلامِهِ وقالَ لهُ إنْطلِقْ وانْظرْ ما هذا

السَّواد فَإنْ كانوا مِنْ أصحابِ ابنِ زِياد

فارجِعْ إليْنا لعَلّنا نَلجَأ إلى مَلجَأ

وإنْ كان هذا سَيِّدي ومَوْلاي زَيْنَ العابِدين

فأنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ تَعالى

فانْطلقَ الغُلامُ فما كانَ بِأسْرَع مِنْ أنْ رَجِعَ إليْنا

وهو يِلطِمُ على وَجْهِهِ وَيُنادي قُمْ ياجابِر

واسْتَقْبِل حُرَمَ اللهِ وَحُرَمَ رَسُولِهِ فهذا سَيِّدي وَمَوْلايَ

عليُّ ابنُ الحُسَيْنِ عليهِ السَّلام قد أقْبَلَ مع عمّاتِهِ وأخَواتِهِ

فقامَ جابِرٌ يَمْشي حافيَ الأقْدامِ مَكْشوفَ الرَّأس وَدَنا مِنَ

الإمامِ زَيْنِ العابِدين

فقالَ لهُ الإمامُ أنْت جابِر؟

قالَ نعم يبنَ رَسُولِ الله

فقالَ ياجابر هاهُنا قُتِلَتْ رِجالُنا وذبِحَتْ أطفالُنا وسُبِيَتْ

نِساؤنا وَاُحْرِقَتْ خِيامُنا

جابـــــــــر يعمي بهذا المچــــــــــان

***************ذبحوا احسين وهله العدوان

وما ظل شريده امن آل عدنان

****************حتى الطفل ذبحوه عطشان

وكأنّي بِالعقيلةِ نادت

يا نازِلينَ بِكربَلا هَلْ عِنْدكُــــــمْ

**************خَبَرٌ بِقَتْلانا وَما أعْلامُـــــــها

ماحالُ جُثَّةِ مَيِّتٍ في أرْضِكُمْ

****************بَقِيَتْ ثَلاثاً لا يُزارُ مَقامُـها

ثمَّ جاءَت إلى قَبْرِ أخيها أبي عبدِ الله



تگله

جيتك وجبت الراس ويّاي

******من السبي وچانت بيه سلواي

خويه دگعد يعزي وجلعة احماي

وَبَقِيَ أهلُ البيتِ ثلاثةَ أيّامٍ في أرضِ كربلاء وَبَعْدَ ثلاثٍ

تَوَجَّهوا إلى المَدينة قاصِدينَ الرُّجوعَ إليها

فلمّا قاربُوا المدينةَ نَزَلوا هناك

والتَفَتَ الإمامُ زَيْنُ العابِدينَ إلى بِشْرِ ابنِ حَذْلمْ

فقالَ لهُ يا بِشْر رَحِمَ اللهُ أباكَ لقد كانَ شاعِراً

فهلْ تَقْدِرُ على شَيءٍ مِنْه

فقالَ نَعَمْ سَيِّدي إنّي لَشاعِر

فقالَ عليهِ السَّلام يا بِشْر اُدْخُلِ المدينةَ

وانْعَ الحُسَيْنَ عليهِ السَّلام

قال بَشير فَرَكِبْتُ فَرَسي وَرَكَضْتُ حتى دَخَلْتُ المدينةَ

فلمّا بَلغْتُ مَسْجِدَ النَّبِيِّ ( ص ) رَفَعْتُ صَوتِيَ بالبُكاءِ

وأخَذتُ اُنْشِدُ عالِياً

يا أهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لكُمْ بِها

**********قُتِلَ الحُسَيْنُ فَأدْمُعي مِدْرارُ

الجِسْمُ مِنْـــــــهُ بِكَرْبَلاءَ مُضَرَّجٌ

*********والرَّأسُ مِنْهُ على القَناةِ يُدارُ

ثمَّ قُلْتُ يا أهْلَ المدينة هذا عليُّ ابنُ الحُسَيْنِ مَعَ عمّاتِهِ

وَأخَواتِهِ قَدْ حَلّوا بِساحَتِكُم وَنَزَلوا بِفِنائِكُم

وأنا رَسُولُهُ إليْكُم اُعَرِّفُكُم مَكانَه

قالَ فما بَقِيَتْ في المَدينةِ مُحَجَّبَةٌ ولا مُخَدَّرَةٌ إلّا وَبَرَزَتْ

مِنْ خِدْرِها ضاربَة وَجْهَها داعِيَة بالوَيْلِ والثبور

فَلمْ أرَ باكِياً أكثرَ مِنْ ذلكَ اليَوْم وَلا يَوْماً أمَرَّ على

المُسْلِمينَ مِنْهُ بَعْدَ وفاةِ رَسُوِل اللهِ

صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وَسَلّم

ثمَّ دَخَلَ الإمامُ زَيْنُ العابِدينَ إلى المَدينة فَرَآها موحِشة

باكِية وَوَجَدَ دِيارَ أهْلِهِ خالِيَة تَنْعى أهْلَها وَتَنْدُبُ سُكّانَها

وأمّا بناتُ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسلّم

جِئْنَ إلى دارِ أبي عبدِ الله تَتَقَدَّمُهُم عقيلةُ بَني هاشِمْ

صاحت صوت آ يا فگد الأطياب

***********والله اشموحشه يا دار الاحباب

هناك وتسمع الصيحه عله البــــاب

*******انا ام عباس جيتچ لا تفتريـــــــــــن

بچت زينب وصاحت تلگنهـــــا

*********بالله اوياي گومن ساعدنهــــــــــا

هاي ام البنين الراح منهـــــــا

***********صناديد اربعه وبالحرب نفلين

مدينــــــــــةَ جَـدِّنــا لا تَقْبَلينــا

*******فَبِالحَسَراتِ وبِالأحْزانِ جينــــــا

خَرَجْنا مِنْكِ بِالأهْلينَ جَمْعــــاً

********رَجعْنـــا لا رِجالاً وَلا بَنينــــــا



فهــــــــــرس الكتـــــــــــــــــاب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

عنوان الموضوع 1

قصيدة الاربعين للسيد صالح القزويني 2

قطع الرؤوس وحمل السبايا 3-5

استغاثة زينب عليها السلام 6

خطبة زينب عليها السلام في الكوفة 9-10

خطبة فاطمة الصغرى في الكوفة 11-14

خطبة ام كلثوم في الكوفة 15-16

خطبة الإمام زين العابدين (ع ) في الكوفة 16-19

شهادة عبد الله ابن عفيف 24-27

الراهب ورأس الحسين (ع) 28-29

خطبة زينب في الشام 40-43

خطبة الإمام زين العابدين في الشام 46-51

رجوع سبايا الحسين (ع) الى كربلاء 53

جابر ابن عبد الله الأنصاري في كربلاء 54

لقاء جابر بالإمام زين العابدين (ع) 57

بشر ابن حذلم ينعى الحسين (ع) في المدينة 58

الإمام السجاد والموكب الزينبي في المدينة 59-60

فهرس الكتاب 61


lsdv hgsfhdh l;j,fh [hi. gg'fhum




التعديل الأخير تم بواسطة صالح مهدي ; 2015/05/25 الساعة 12:04 PM سبب آخر: ترتيبي
رد مع اقتباس
قديم 2015/05/21, 12:42 AM   #2
عاشق نور الزهراء


معلومات إضافية
رقم العضوية : 1213
تاريخ التسجيل: 2013/03/14
الدولة: Canada
المشاركات: 14,823
عاشق نور الزهراء غير متواجد حالياً
المستوى : عاشق نور الزهراء will become famous soon enough




عرض البوم صور عاشق نور الزهراء
افتراضي



توقيع : عاشق نور الزهراء
تفضلوا بزيارة صفحة منتدياتكم المباركة على الفايسبوك على الرابط التالي :
https://www.facebook.com/she3aalhsen?ref=hl
رد مع اقتباس
قديم 2015/05/25, 12:43 PM   #3
صالح مهدي

موالي مبتدأ

معلومات إضافية
رقم العضوية : 3793
تاريخ التسجيل: 2015/05/06
المشاركات: 60
صالح مهدي غير متواجد حالياً
المستوى : صالح مهدي is on a distinguished road




عرض البوم صور صالح مهدي
افتراضي مسير السبايا

السلام على الحسين وعلى علي ابن وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين السلام على ابي الفضل العباس ساقي عطاشا كربلاء السلام على العقيلة زينب جبل الصبر


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)



الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسير السبايا وقصة اربعينية الامام الحسين عليه السلام صالح مهدي عاشوراء الحسين علية السلام 1 2015/05/24 09:10 PM
وصية الإمام علي عليه السلام إلى كميل بن زياد رضوان الله عليه في فضل العلم والعلماء أسد العراق الحوار العقائدي 6 2015/02/02 12:11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |