2014/02/03, 06:54 AM | #1 |
معلومات إضافية
|
الدور الثقافي للمراقد
إن للثقافة مفهوماً عاماً حيث أنها تحتضن مجموعة من الأمور ولعل من أهمها : التعليم ، الفكر ، العلم ، الأدب ، الاعلام ... فكل هذه الأمور منضوية تحت سقف الثقافة غايتها ومؤداها تنوير الإنسان الذي يشكل اللبنة الأساس للمجتمع ، ولا يمكن الإستغناء عنها في مسيرة الحياة الفردية أو الإجتماعية . فالتعليم يشكل أبجدية الثقافة إذ بدونه يستعصي على الإنسان إقتحام أغلب جوانب الثقافة ، وللمراقد دور فاعل في تنشيط حركة التعليم وذلك لأن زيارة المراقد تصنف مرتبتها عند الامامية دون الواجب وفوق الإستحباب لإصرار أئمة المسلمين على ضرورة ممارستها ولوفي أصعب الظروف كما اعتبروا تركها من الجفاء المقيت ، وللزيارة طقوس متنوعة أهمها تلاوة نصوص معينة ـ تسمى الزيارة ـ في كل مناسبة ، وقد حثت الروايات على تلاوتها فعندها يسعى الزائر إلى تعلم القراءة كحد أدنى ـ وبالأخص في تلك الحقبة الزمنية ـ ليتمكن من قراءة تلك النصوص اولاً ، كما انه يسعى إلى فهم معانيها ثانياً ، ليستوعب المقصود منها خضوعاً لنص بعض الزيارات « عارفاً بحقك » (1)والتي من سُبلها استيعاب تلك الفضائل والأمور المتضمنة لها الزيارات ، وبذلك يتجاوز المرء مرحلة الأمية ويعد في عداد المتعلمين ، وعندها يشعر بحلاوتها فيندرج في كسب العلم والمعرفة ، ومن حركة الزيارة الدؤوب والمتواصلة طوال السنة في المناسبات الخاصة والعامة وتوافد الزائرين من أقطار العالم كافة نشأت حركة تعليم اللغة العربية أيضاً إلى جانب لغة الزائر . وفي ظل أجواء ألتوافد هذه وبالأخص لزيارة مرقد الإمام (1) بحار الأنوار : 97 / 293 عن المزار الكبير : 172 . دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 141 الحسين عليه السلام والذي تعد مدينته من أكثر المدن المقدسة في العالم الإسلامي استقبالاً للزوار حيث ذكرت بعض المصادر الخبرية الرسمية أن عدد الزائرين الذين أمّوا مدينة الحسين عليه السلام في موسم الأربعين من شهر صفر لعام 1417 هـ بلغت سبعة ملايين زائر(1) من كافة الأصقاع ، ومن شأن هذا النشاط والحركة على طول التاريخ أن تتبلور فيه الثقافات وتلتقي الحضارات فتولد في ظلها حركة فكرية كتعبير لازم وأثر حتمي لهذه الحالة ، وبالفعل فقد نشأت وترعرعت مجموعة من المذاهب الفكرية التي كان لها دور هام في تغيير المسار الفكري والعلمي في فترات زمنية مختلفة ، ومن تلك الحركات الفكرية التي كانت لها صولات وجولات في هذه المدينة بالذات الحركة الإخبارية بقسميها (2) على سبيل المثال لا الحصر ، والحركة الأصولية التي لها الفضل في وضع الأسس المتينة في الفقه الإمامي إلى جانب الحركات السياسية والعقائدية التي تم ذكر جانب منها لدى البحث عن مدينة الحسين عليه السلام (3) . ومن حتميات النهضة الفكرية الشاملة ولادة الحركة العلمية ، وبالفعل فقد شهدت هذه المدينة العريقة والأصيلة حماسة علمية دؤوب ومتنامية قلما تضاهيها مدينة أخرى . فمنذ القرن الأول وفي ظل هجرة كبار الرواة والعلماء إلى جوار مرقد سبط الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم الإمام الحسين عليه السلام أخذت المدينة تبني دعائمها العلمية وشهدت القرون التالية ظهورها كمدينة علمية بارزة ومرموقة تبوأت (1) صحيفة بدر الصادرة في طهران العدد : 249 الصفحة : 6 التاريخ : 15 / 3/ 1418 هـ = 21 / 7/ 1997 م ، وقد نقل لي بعض الثقات أنه سمع هذه الإحصائية من إذاعة مونتكارلو أو بي بي سي بتاريخ 8/ 7/ 1996 م ( 21 / 2/ 1417 هـ ) وقد اتصلنا بكلتا الإذاعتين للتأكد من النبأ وتاريخه إلا أن المسؤولين ذكروا لنا بأنهم لا يحتفظون بالأخبار لمدة طويلة . وقد جاء في صحيفة الشاهد اللندنية الصادرة في شهر محرم عام 1418 هـ الصفحة : 3 « أن عدد الزائرين لمرقـده الشريف بلـغ في عام 1417 هـ حوالي 300 و 6 مليون زائر » . (2) الاخبارية على قسمين الجمالية والبحرانية ، راجع فصل النهضة الفكرية من باب اضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة . (3) راجع باب أضواء على مدينة الحسين ، فصل النهضة الفكرية من هذه الموسوعة . دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 142 جامعتها العلمية مكانة سامية ، ولكنها كانت تخضع دوماً لعملية المد والجزر نتيجة الوضع السياسي الذي أصابت آثاره مجمل البقاع المقدسة بشكل عام وهذه المدينة بشكل خاص . ووضعت نواة هذه النهضة العلمية ببناء المرقد الشريف للإمام الحسين عليه السلام فازدحم العلماء والرواة وأصحاب القلم والفكر وأحاطوا بالروضة المباركة مستغلين الغرف المحيطة بها والأروقة المشيدة حولها حتى عج الصحن الشريف بالدارسين والأساتذة من أصحاب العلم والفكر مما حدا بالسلطان عضد الدولة (1) إلى تأسيس مدرسة علمية(2) لإستيعاب هذا النشاط العلمي وذلك لأول مرة في تاريخ العراق على الإطلاق وكان ذلك في الربع الاخير من القرن الرابع الهجري . ومنذ قرونها الأولى خرجت جامعة هذه المدينة المقدسة مئات العلماء والمفكرين وعشرات المراجع(3) ، وزخرت مكتبتها العلمية بألوف المؤلفات (4)التي صنفها وألفها خريجوهذه الجامعة في شتى صنوف العلم والمعرفة والتي على أثرها إزدهرت حركة الكتابة والخط في عموم المنطقة ، وشهدت أرضها المقدسة إنشاء اول مطبعة في العراق (5). ويعد القرنان الثاني عشر والثالث عشر الهجريان العصر الذهبي لمدينة الحسين عليه السلام من بين القرون من الناحية العلمية والفكرية ، ولم تقتصر النهضة العلمية في هذه الجامعة على علوم الفقه والحديث والأصول بل شملت العلوم العقلية والنقلية كافة الإسلامية منها والعربية إلى جانب علوم الطبيعة والفلك والطب وغيرها ، وكان للمرأة دور بارز في تداول العلوم (1) عضد الدولة : هو فنا خسرو بن الحسن البويهي الديلمي خامس السلاطين البويهيين حكم ما بين ( 366 ـ 372 هـ ) . (2) لقد أنشأ عضد الدولة البويهي مدرستين عرفت الأولى بالمدرسة العضدية الأولى وذلك عام 367 هـ ، والثانية عرفت المدرسة العضدية الثانية عام 371 هـ ، راجع باب أضواء على مدينة الحسين ، فصل النهضة العلمية . (3) راجع باب مدينة الحسين ، فصل النهضة العلمية من هذه المرسوعة . (4) راجع باب مدينة الحسين ، فصل النهضة الثقافية من هذه الموسوعة . (5) راجع قسم المؤلفات الكربلائية من فصل النهضة الثقافية من هذه الموسوعة . دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 143 الإسلامية والعربية حيث ارتقت إلى مصاف العلماء الأعلام وحاز عدد منهن مكانة علمية سامية كما سبقت الإِشارة إليه في محله(1). ومن الخليق بيانه أن هذه المراقد تعتبر مركزاً للإلهام ومنهلاً للعلم ولذا نجد أن كل المراقد المنتسبة إلى أهل بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تحاط بمجموعة كبيرة من حملة العلم والفكر والأدب وفيها صروح للعلم بدءاً بمركز المدينة المنورة والنجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية المشرفة ومشهد المقدسة وسامراء المشرفة وحي السيدة زينب في دمشق والقاهرة وقم المقدسة والسيد عبد العظيم في الري إلى غيرها (2)، مما يدلنا على أن هذه المراقد تستقطب العلماء والمفكرين والأدباء وتخلق من وجودهم مراكز للعلم والفكر والأدب . ولا يخفى أن المركز العلمي يولد طبقة لها اهتماماتها بالأدب بشكل عام وبالشعر بشكل خاص يوازي الحركة العلمية ويواكبها ، وهذا ما نشاهده في المراكز العلمية كافة ، فكلما زادت الحركة العلمية تألقاً زادت معها الحركة الأدبية نشاطاً واضطراداً ولكن الذي يميز مرقد الإمام الحسين عليه السلام عن غيره من مراقد أهل البيت عليهم السلام ان الإمام الحسين عليه السلام بحد ذاته أصبح رافداً زاخراً ومنهلاً ثراً للأدب ونظم الشعر وأصبح مرقده الشريف مهوىً للعشاق ومركزاً للإشعاع الأدبي الفريد من نوعه يغرف منه القريب المجاور وينهل منه البعيد الزائر ، وقد تطرقنا إلى ذلك في محله (3). وأيضاً ومن خلال ما قدمناه من ادوار يظهر جلياً الدور الإعلامي لهذه المراقد المقدسة إذ تعتبر مركزاً للتلاقي والإنبعاث من جديد ، وبما تحلمه مواسم الزيارة من المقومات حقيقية للاعلام فقد استغل العلماء والمفكرون والأحرار هذه التجمع الحاشد في تلك المواسم كنقطة انطلاق لنشر الفكر الإسلامي ومبادئه ، وقد شاهدت بنفسي الحركة الإعلامية في الربع الأخير من (1) راجع باب أضواء على مدينة الحسين ، فصل النهضة العلمية . (2) راجع فصل المراكز العلمية من قسم التشريع من باب الحسين والتشريع الإسلامي . (3) راجع باب أضواء على مدينة الحسين فصل الحركة الأدبية ، وباب الشعر ( الشرقي والغربي ) من الموسوعة هذه . دائرة المعارف الحسينية ـ تاريخ المراقد ـ 144 القرن الرابع عشر الهجري وكيف كانت الكتيبات والمنشورات بل الكتب الفكرية والعقائدية توزع باللغات الشرقية والغربية في مدينة الحسين عليه السلام بينما كان الخطباء ينتهزون هذه الفرصة لإلقاء المحاضرات والخطب الهادفة على الجماهير بالإضافة إلى التجمعات والمؤتمرات التي كانت تقام في رحاب المرقد الحسيني وغيره من المراقد الشريفة ، ومن الجدير بيانه أن أولى الصحف الوطنية صدرت من كربلاء والنجف في قبال الصحف التي أصدرتها حكومة الإحتلال البريطاني والجيش العثماني من بغداد والبصرة (1). (1) راجع فصل الحركة الثقافية من باب أضواء على مدينة الحسين من هذه الموسوعة . المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: المـدن والأماكن المقدسة hg],v hgerhtd gglvhr] |
2014/02/04, 07:21 PM | #2 |
معلومات إضافية
|
وماذا يمنع أن تنجو ل في صفحاتك
ونتمتع بما يزرعه قلمك من فن وإبداع متقن تقبل مرورى وشكرى |
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الدور السياسي للمراقد | بنت الصدر | المـدن والأماكن المقدسة | 2 | 2014/02/05 04:15 PM |
الدور الإقتصادي للمراقد | بنت الصدر | المـدن والأماكن المقدسة | 1 | 2014/02/04 07:22 PM |
الدور التأريخي للصحيفة السجّاديّة | بسمة الفجر | سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) | 2 | 2013/11/29 10:33 AM |
وصف الحور العين بين الشيعة والوهابية | ياسمين | الصوتيات والمرئيات والرواديد | 7 | 2013/06/18 07:05 PM |
المركز الثقافي في الصين لوحة فنية...من أروع ما رأته عيناك | عاشق نور الزهراء | الصــور العامة | 2 | 2013/03/21 11:09 PM |
| |