2016/06/25, 12:43 AM | #1 |
معلومات إضافية
|
الغيرة الحُسينية
جعفر البيَّاتي الغيرة أو الحمية : هي السعي في محافظة ما يلزم محافظته ، وهي من نتائج الشجاعة وكِبَر النَّفسِ وقوّتها (1) قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : ( على قدر الحمية تكون الشجاعة )(2). وقال (سلام الله عليه) أيضاً: ( ثمرة الشجاعة الغيرة )(3) . والغيرة هي من شرائف الملكات ، وبها تتحقَّق الرجولية ، والفاقد لها غير معدود من الرجال (4) . وهي تُعبِّر ـ فيما تُعبِّر عنه ـ عن الاعتزاز بالشرف والكرامة ، وعن اليقظة والمروءة والنخوة ، وهذه من مثيرات الشجاعة ، ومن دواعي رفض العدوان . ومقتضى الغيرة والحمية في الدين ، أن يجتهد المرء في حفظه عن بِدَع المبتدعين ، وانتحال المبطلين ، وإهانة مَن يستخف به من المخالفين ، وردِّ شُبَه الجاحدين ، ويسعى في ترويجه ، ولا يتسامح في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . ومقتضى الغيرة على الحريم ، ألاَّ يتغافل عن حفظهنَّ عن أجانب الرجال ، وعن الأمور التي تُخشى غوائلها ، ويمنعهنَّ عن جميع ما يمكن أن يُؤدِّي إلى فساد وريبة . وأما مقتضى الغيرة على الأولاد ، فأن تراقبهم من أول أمرهم ، فإذا بدأت فيهم خمائل التمييز ، فينبغي أن يُؤدَّبوا بآداب الأخيار ، ويُعلَّموا محاسن الأخلاق والأفعال ، والعقائد الحقَّة (5) . ولأهمية الغيرة في حفظ المقدَّسات ، وسلامة الأمة وشرف كرامتها ، جاءت الآيات الكريمة والأحاديث المنيفة تُؤكَّد عليها ، وتبيِّن فضائلها ، وتدعو إليها ؛ إذ هي خُلق من أخلاق الله تبارك وتعالى ، ومن أخلاق الأنبياء والمرسلين ، والأئمة الهداة المهديين (صلوات الله عليهم أجمعين) . قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) : ( ألا وإنَّ الله حرَّم الحرام ، وحدَّ الحدود ، وما أحدٌ أغير من الله ، ومن غيرته حرَّم الفواحش ) (6) . وعنه (صلَّى الله عليه وآله) أيضاً قال : ( إنِّي لغيور ، واللهُ عزَّ وجلَّ أغير مني . وإنَّ الله تعالى يُحبُّ من عباده الغيور ) (7) . والغيرة مُفْصِحة عن الإيمان ، لقول المصطفى (صلَّى الله عليه وآله) : ( إنَّ الغيرة من الإيمان ) (8) . وهي من نتائج القوة الغضبية في الإنسان ، قد تنتج مساوئ أخلاقية ... كالتهوُّر وسوء الظن والغضب المذموم ، وقد تنتج محاسن أخلاقية . . كالغضب لله تعالى ، والشجاعة والعزَّة والإباء . وقد عُرف الإمام الحسين (عليه السلام) بخُلق الغيرة ... على الدين والحريم والأولاد . وهو الذي تربَّى في ظل أغير الناس : جده المصطفى ، وأبيه المرتضى ، وأُمه فاطمة الزهراء (صلوات الله عليهم) . وعاش في بيت العصمة والطهارة والنجابة ، والشرف المؤبَّد والكرامة ، ونشأ في أهل بيت لم تنجِّسهم الجاهلية بأنجاسها ، ولم تُلبسهم من مُدلهمَّات ثيابها . فالنبي (صلَّى الله عليه وآله) كان ـ كما يقول الإمام علي (عليه السلام) ـ : ( لا يُصافح النساء . فكان إذا أراد أن يبايع النساء ، أتي بإناء فيه ماء فغمس يده ، ثمَّ يخرجها ، ثمَّ يقول : أغمسنَ أيديكنَّ فيه ، فقد بايعتكنَّ ) (9) . أمَّا ابنته فاطمة (صلوات الله عليها) ... فقد سألها أبوها (صلَّى الله عليه وآله) يوماً : ( أي شيءٍ خيرٌ للمرأة ؟ ) ، فقالت : ( أن لا ترى رجلاً ، ولا يراها رجل ) ، فضمَّها إليه وقال : ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ) (آل عمران : 34) وأما أمير المؤمنين (سلام الله عليه) ... فيكفي ما ذكره يحيى المازني ، حيث قال : كنتُ جوار أمير المؤمنين (عليه السلام) مدة مديدة ، وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته ، فوالله ما رأيت لها شخصاً ، ولا سمعتُ لها صوتاً . وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ، تخرج ليلاً ، والحسن عن يمينها ، والحسين عن شمالها ، وأمير المؤمنين أمامها . فإذا قَرُبت من القبر الشريف ، سبقها أمير المؤمنين ، فأخمد ضوء القناديل ، فسأله الحسن مرةً عن ذلك ، فقال : ( أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب ) (11) . هذه الخَفِرة عقيلة بني هاشم (سلام الله عليها) ، كان لا بد ـ من أجل إنقاذ الدين ، وفضح الجاهليين ـ أن تخرج إلى كربلاء ؛ لتُثبت أنَّ بني أمية لا يرقبون في مؤمن إلَّاً ولا ذمة ، ولا يحفظون حرمةً لرسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ؛ حيث أُسرت بناته في كربلاء ، وساقهنَّ أعداء الله في مسيرة وعرة إلى الكوفة ، ثمَّ إلى الشام ، في حال من الجوع والإعياء ، وأسكنَّ الخرائب مقيَّدات بالحبال . ويأبى ذلك لهنَّ كل غيور له غيرة على الدين ، حيث لا ينقذ الدين إلاَّ في موقف يُقتل فيه حزب الله النجباء ، بيد حزب الشيطان الطلقاء ، وتُؤسر فيه بنات الرسالة ، ويُقضي الأطفال بين الجوع والعطش والهلع ، وحوافر الخيل والضياع في الصحارى . إن كل ذلك من أجل الدين ، الذي دونه الأنفس وكل عزيز . ولقد كان الإمام الحسين (صلوات الله عليه) أغير الناس على دين الله ، فأقدم على ما أحجم عنه غيره ، وقدَّمَ ما بَخِلَ به غيره . وقد شهدت له مواقف كربلاء : أنه الغيور الذي لم تشغله الفجائع ، ولا أهوال الطف ، عن حماسة حرم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) ... . في يوم العاشر ، وبعد أن قُتِل جميع أنصار الحسين (عليه السلام) ، وأصحابه وأهل بيته ، وقبيل الاشتباك بالآلاف ... صاح عمر بن سعد بالجمع : هذا ابن الأنزع البطين ، هذا ابن قتَّال العرب ، احملوا عليه من كل جانب . فأتته (عليه السلام) أربعة آلاف نَبْلَة (12) ، وحال الرجال بينه وبين رَحْله ، فصاح بهم : (يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم . وارجعوا إلى أحسابكم ، إن كنتم عرباً كما تزعمون ) . فناداه شمر : ما تقول يا ابن فاطمة ؟ قال : ( أنا الذي أُقاتلُكم ، والنساء ليس عليهنَّ جُناح ، فامنعوا عُتاتكم عن التعرُّض لحرمي ما دمت حيَّاً ). فقال الشمر : لك ذلك . وقصده القوم ، واشتد القتال ، وقد اشتدَّ به العطش (13) . قيل : وقصده القوم من كل جانب ، وافترقوا عليه أربع فِرق ، من جهاته الأربع : فِرقَة بالسيوف ـ وهم القريبون منه . وفِرقَة بالسهام والنبال ـ وهم الذين في أعالي التلال ورؤوس الهضاب . وفِرقَة بالحجارة ـ وهم رَجْلة العسكر ... ازدحم عليه العسكر ، واستعر القتال ، وهو يقاتلهم ببأس شديد وشجاعة لا مثيل لها (14) . وحمل (عليه السلام) من نحو الفرات على عمرو بن الحجاج ـ وكان في أربعة آلاف ـ فكشفهم عن الماء ، وأقحم الفَرَسَ الماء ، فلمَّا مدَّ الحسين يده ليشرب ، ناداه رجل : أتلتذُّ بالماء وقد هُتِكَت حرمك ؟! ، فرمى الماء ولم يشرب ، وقصد الخيمة وفي رواية الشيخ الدربندي (رحمه الله) : فنفض الماء من يده ، وحمل (عليه السلام) على القوم ، فكشفهم ، فإذا الخيمة سالمة ... . إن الإمام (عليه السلام) كان سيد سادات أهل النفوس الأبيَّة ، والهمم العالية ، فلمَّا سمع أن المنافقين يذكرون اسم الحرم والعترة الطاهرة ، كفَّ نفسه عن شرب الماء بمحض ذكرهم هذا ، فقد سَنَّ (روحي له الفداء) لأصحاب الشِّيَم الحميدة والغيرة ، سنة بيضاء ، وطريقة واضحة في مراعاة الناموس والغيرة وهذه خصيصة شريفة أخرى من الخصائص الحسينية ، حيث وقف عليها الشيخ التُسْتري (أعلا الله مقامه) ، فقال : "ومنها : الغيرة : بالنسبة إلى النفس ، وبالنسبة إلى الأهل والعيال . أما بالنسبة إلى النفس ... فأقواله في ذلك : شعره ونثره ونظمه حين حملاته معروفة ، وأفعاله الدالة على ذلك كثيرة . لكن قد أقرح القلب واحد منها ، وهو أنه (عليه السلام) لمَّا ضَعُف عن الركوب ؛ لضربة صالح بن وهب ، نزل ـ أو سقط ـ عن فرسه على خدِّه الأيمن ، فلم تدعه الغيرة للشماتة ، والغيرة على العيال ، لأن يبقى ساقطاً ، فقام (صلوات الله عليه) ، وبعد ذلك أصابته صدمات أضعفته عن الجلوس ، فجعل يقوم مرة ويسقط أخرى ؛ كل ذلك لئلاَّ يروه مطروحاً فيشمتون . وأما بالنسبة إلى العيال ، فقد بذل جهده في ذلك في حفر الخندق واضطرام النار فيه ، وقوله : ( اقصدوني دونهم ) . ووصلت إلى أنَّه صبَّ الماء الذي في كفه ، وقد أدناه إلى فمه وهو عطشان ؛ لمَّا سمع القول بأنَّه : قد هُتِكَت خيمة حرمك" وحينما عاد الإمام الحسين (عليه السلام) إلى المُخيمَّ ، ورَامَ توديع العيال الوداع الثاني ؛ ليُسْكِن روعتهم ، ويُخفِّف لوعتهم ، ويُصبِّرهم على فِراقه ... قال عمر بن سعد لأصحابه : ويحكم ! اهجموا عليه ما دام مشغولاً بنفسه وحَرَمِه ؛ والله إن فرغ لكم ، لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم . فحملوا عليه يرمونه بالسهام حتى تخالفت السهام بين أطناب المُخيمَّ ، وشكَّ سهم بعض أزر النساء ، فدُهشنْ وأُرْعِبن ، وصحنْ ودخلنْ الخيمة ، ينظرن إلى الحسين كيف يصنع ، فحمل عليهم كالليث الغضبان ، فلا يلحق أحداً إلاَّ بعجه بسيفه فقتله ، والسهام تأخذه من كل ناحية ، وهو يتَّقيها بصدره ونحره . ورجع إلى مركزه يُكثر من قول : ( لا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله العظيم ) ـــــــــــــــــــــ * مُقتبَس من : " الأخلاق الحسينية " ، تأليف : جعفر البيَّاتي ، الناشر : أنوار الهدى المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: عاشوراء الحسين علية السلام hgydvm hgpEsdkdm |
2016/07/02, 11:12 AM | #2 |
معلومات إضافية
|
السلام عليك يا أبا الأحرار ياسيد الشهداء
ياسيدي يا أبا عبد الله الحسين رمز الغيرة والعزة والكرامة أحسنتم النشر أختي الفاضلة وجزاكِ الله خيراً |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الحُسينية, الغيرة |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
اسباب الغيرة عند الاطفال | انين العشق | الأمومة والطفل | 4 | 2014/07/25 04:13 AM |
اوبريت اهل الغيرة.. | خادمة ألكوثر | علي الدلفي | 4 | 2014/04/23 03:39 AM |
الغيرة والحميــة | الامير الياسري | المواضيع الإسلامية | 1 | 2013/07/11 02:44 PM |
الغيرة* | الروح الولائية | المواضيع العامة | 2 | 2013/01/02 11:40 AM |
خَخلهمْمْ كذآ تذبحهمم الغيرة ..~ | ادركنايامهدي | شباب أهل البيت (ع) | 11 | 2012/11/09 08:45 PM |
| |