قبس من سورة محمد

[عبد الرزاق محسن]

قبس من سورة محمد

بسم الله الرحمن الرحيم



الاية 8
وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ
هذه الاية تتحدث عن الذي كفروا لكن الكثير يعتقد ان المراد بها فقط الذين رفضوا اعتناق الدين الاسلامي حصراً مثل ابا جهل وابا لهب
نعم هي تشمل هولاء لكن ايضا تعني اخرين مثل الذين اعتقوا الاسلام وارتدوا

كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ
وفي بعض الاحيان القران يتحدث عن الفريقين معا لان الاية القرانية حمالة اوجه
واحيانا يتحدث عن الفريق الاول دون الثاني واحيانا العكس
والذي يدلنا على هذا او ذلك هو القرائن وسوف يتبين ان الاية تتعلق بالفريق الثاني بالقرائن

الاية 9

ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ
الاية تؤكد ان الذي يكره مجرد يحمل مشاعر كراهية في قلبه حتى لو لم يعبر عنها بعمل او يجسدها بقول فان عمله يحبط
ولاشك ان قول النبي صلى الله عليه واله وسلم يوم غدير خم ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) وقوله (ايتوني بكتف أكتب لكم فيه كتابا لن تضلوا بعدي )
هي تنزيل من الله تعالى بدليل قوله تعالى
وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى
( إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى )

الاية 8 و9
من 25 الى 33
الاية 25
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ
تتحدث عن الذين ارتدوا
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( يَرِدُ عَلَيَّ يَومَ القِيَامَةِ رَهطٌ مِن أَصحَابِي، فَيُجلونَ عَن الحَوضِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصحَابِي! فَيَقُولُ: إِنَّكَ لَا عِلمَ لَكَ بِمَا أَحدَثُوا بَعدَكَ، إِنَّهُمُ ارتَدُّوا عَلَى أَدبَارِهِمُ القَهقَرَى )) البخاري: (6097).

فماذا بهم هولاء ؟ تقول الاية 26
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ
اي هناك علاقة طاعة بين الذين كرهوا ماانزل الله وبين الذين ارتدوا
فتكون النتيجة في الاية 27
فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ
لماذا .؟ الجواب في الاية 28
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ
ايضا هنا حديث عن احباط الاعمال
ثم الاية 29
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ
اشارة الى قول النبي صلى الله عليه واله لعلي عليه السلام
وعن علي بن أبي طالب ، قال :‏ بينا رسول الله (ص) آخذ بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة إذ أتينا على حديقة ، فقلت :‏ يا رسول الله ما أحسنها من حديقة‏‏ ، فقال :‏ ‏إن لك في الجنة أحسن منها‏ ،‏ ثم مررنا بأخرى ، فقلت :‏ يا رسول الله ما أحسنها من حديقة ، قال :‏ ‏لك في الجنة أحسن منها‏‏ ،‏ حتى مررنا بسبع حدائق ، كل ذلك أقول ‏:‏ ما أحسنها ، ويقول‏ :‏ ‏‏لك في الجنة أحسن منها‏‏‏ ،‏ فلما خلا لي الطريق اعتنقني ثم أجهش باكيا ، قلت : يا رسول الله ما يبكيك ‏، قال :‏ ‏ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك الا من بعدي‏ ،‏ قال :‏ قلت يا رسول الله في سلامة من ديني ‏، قال :‏ ‏في سلامة من دينك ‏، رواه أبو يعلي والبزار وفيه الفضل بن عميرة وثقه ابن حبان وضعفه غيره ، وبقية رجاله ثقات.
الهيثمي - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد - كتاب المناقب - باب مناقب علي بن أبي طالب (ر) - باب بشارته بالجنة -

الجزء : ( 9 ) - رقم الصفحة : ( 118 )

ثم الاية 30

وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ

لحن القول كما في موقف عمر في صلح الحديبية

قال عمر بن الخطّاب: والله ما شككت مذ أسلمت، إلاّ يومئذ ـ أي يوم الحديبية ـ، فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله)، فقلت له: ألست نبي الله؟، فقال: بلى، قلت: ألسنا على الحق، وعدوّنا على الباطل؟، قال: بلى.
قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟، قال: إنّي رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري، قلت: أو لست كنت تحدّثنا أنّا سنأتي البيت ونطوف به؟، قال: بلى، أفأخبرتك أن نأتيه العام؟ ،
وموقف اخر
يقول عبد الله بن عمر بن الخطاب : " لما توفي ابن أبي جاء ابنه فقال : يا رسول الله ، أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصل عليه ، واستغفر له . فأعطاه قميصه ، وقال له : إذا فرغت منه فآذنا . فلما فرغ منه آذنه به ، فجاء [ صلى الله عليه وآله ]

ليصلي عليه ، فجذبه عمر فقال له : أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين ، فقال لك : ( إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم

يقول عبد الله بن عمر بن الخطاب : " لما توفي ابن أبي جاء ابنه فقال : يا رسول الله ، أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصل عليه ، واستغفر له . فأعطاه قميصه ، وقال له : إذا فرغت منه فآذنا . فلما فرغ منه آذنه به ، فجاء [ صلى الله عليه وآله ]

ليصلي عليه ، فجذبه عمر فقال له : أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين ، فقال لك : ( إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم


وكذلك موقفه في رزية الخميس
عم ثبت عندنا ذلك باسانيد صحيحة فمثلا ورد في كتاب سليم بن قيس الذي وصل الينا بطريق معتبر انه قال في ص 324 :
ابن عباس يحكي قضية الكتف أبان بن أبي عياش عن سليم، قال : إني كنت عند عبد الله بن عباس في بيته وعنده رهط من الشيعة . قال : فذكروا رسول الله صلى الله عليه وآله وموته، فبكى ابن عباس، وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الاثنين - وهو اليوم الذي قبض فيه - وحوله أهل بيته وثلاثون رجلا من أصحابه : ايتوني بكتف أكتب لكم فيه كتابا لن تضلوا بعدي ولن تختلفوا بعدي . فمنعهم فرعون هذه الأمة فقال : ( إن رسول الله يهجر ) فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال : ( إني أراكم تخالفوني وأنا حي، فكيف بعد موتي ) ؟ فترك الكتف . قال سليم : ثم أقبل علي ابن عباس فقال : يا سليم، لولا ما قال ذلك الرجل لكتب لنا كتابا لا يضل أحد ولا يختلف . فقال رجل من القوم : ومن ذلك الرجل ؟ فقال : ليس إلى ذلك سبيل . فخلوت بابن عباس بعد ما قام القوم، فقال : هو عمر . فقلت : صدقت، قد سمعت عليا عليه السلام وسلمان وأبا ذر والمقداد يقولون : ( إنه عمر ) . فقال : يا سليم، اكتم إلا ممن تثق بهم من إخوانك، فإن قلوب هذه الأمة أشربت حب هذين الرجلين كما أشربت قلوب بني إسرائيل حب العجل والسامري .
ثم الاية 31

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ
تذكرنا هذه الاية باية اخرى

: وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا
" يوم التقى الجمعان "، وهو يوم أحد،
والذي حدث يوم احد هو هزيمة بعض المسلمين وثبات البعض الاخر
فاذا كان وصف المرمنين والمجاهدين الصابرين يناسب الذين ثبتوا
في وصف المنافقين يناسب الهاربين والفارين
- صحيح البخارى - البخاري ج 4 ص 57 :
عن مالك عن يحيى عن سعيد عن ابن افلح عن أبى محمد مولى أبى قتادة عن أبى قتادة رضى الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فرأيت رجلا من المشركين علا رجلا من المسلمين فاستدرت حتى اتيته من ورائه حتى ضربته بالسيف على حبل عاتقه فاقبل على فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم ادركه الموت فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقلت ما بال الناس ( اي منهزمين ) قال امر الله ثم ان الناس رجعوا وجلس النبي صلى الله عليه وسلم
- السيرة النبوية - ابن كثير ج 3 ص 623 :
قال البخاري : وقال الليث بن سعد : حدثنى يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن كثير ابن أفلح ، عن أبى محمد مولى أبى قتادة ، أن أبا قتادة قال : لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله ، فأسرعت إلى الذى يختله فرفع يده ليضربني فأضرب يده فقطعتها ، ثم أخذني فضمني ضما شديدا حتى تخوفت ، ثم نزل فتحلل فدفعته ، ثم قتلته ، وانهزم المسلمون فانهزمت معهم ، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له : ما شأن الناس ؟ قال : أمر الله !
صحيح البخارى - البخاري ج 5 ص 101 :
وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له ما شأن الناس قال امر الله ثم تراجع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

المستدرك - الحاكم النيسابوري - ج 3 - ص 37 - 38
( حدثنا ) أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه ببغداد ، ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان ، ثنا القاسم بن أبي شيبة ، ثنا يحيى بن يعلى ، ثنا معقل بن عبيد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر رضي الله عنه : ان النبي صلى الله عليه وآله دفع الراية يوم خيبر إلى عمر رضي الله عنه فانطلق فرجع يجبن أصحابه ويجبنونه .
* هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه *

ثم الاية 32

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ

ان الصد عن سبيل الله ومشاقة الرسول جاء بعد وقوع بيان الهدى لهم وهذا لا ينطبق الا على الذين كفروا بعد ايمانهم لان الهدى هو الايمان لان الكفار والمشركين احبوا العمى واختاروا الضلال على الهدى فمتى تبين لهم الهدى ان كانوا اغلقوا الباب في وجه الهدى
لهذا ورد ذكر احباط العمل مرة اخرى في الاية 33
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ
تكرار اخر لابطال العمل هذه المرة مشروط بطاعة الله والرسول الامر الذي يمثل قرينه ثانية ان المخاطب بالذين كفروا هم المعنين بطاعة الرسول وليس غيرهم
القرينة الثالثة
هي مسألة احبط العمل
ما هو احباط العمل في اللغه

أحبَط اللهُ العملَ : أبْطله وأضاع ثوابَه أحبَط خططَ خصمه: أفسدها،
بهذه المعاني يكون الامر غير مرتبط بعمل الكفار بالمعنى الاول
لان عمل الكافر باطل اصلاً
فالباطل لا يبطل
لكن الذي يبطل ما كان حق قبل ذلك
فالسجود للصنم عمل باطل بالاصالة
لكن الصلاة هي عمل حق ممكن ان تبطله كثير من الامور منها كراهية ما أنزل الله والضغائن وعدم طاعة الرسول الارتداد

المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: الحوار العقائدي

---

rfs lk s,vm lpl]