نقطة

[عبد الرزاق محسن]

نقطة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد رسول رب العالمين وعلى ال محمد الطيبين الطاهرين



أذا تحدثنا عن الكفر كعقيدة ظاهرة ف لا يحق لكل كائن كائنا من يكون ان يكفر مسلم ثبت اسلامه سوى بنطق الشهادتين او بالولادة على فطرة الاسلام اللهم الا اذا أعلن هذا المسلم كفره بكامل ارادته

اما اذا تحدثنا عن الكفر كسريرة فكرية او سلوك عملي فان تكفير من ثبت اسلامه لا يكون الا بدليل وحجة

والصحابه في زمن النبي صلى الله عليه واله كلهم اسلموا فيكون اسلامهم يمثل الاصل فاذا اردنا ان نخرج احدهم من هذا الاصل نحتاج دليل وبينه

لكن الثابت في تراث الامة ان معظم الصحابة ارتدوا على ادبارهم بعد وفاة النبي و قطع بمصيرهم بالنار قطعا لا رجعة فيه

حديث أبي هريرة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (بينما أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال: هلم فقلت أين؟ قال إلى النار والله, قلت: ما شأنهم؟ قال: انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى,وإذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل بيني وبينهم فقال : هلم, قلت : أين ؟ قال إلى النار والله, قلت : ماشأنهم ؟ قال : إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري فلا أراه يخلص منهم إلاّ مثل همل النعم...)(صحيح البخاري ج 8 / 121 ط بولاق).


واذا اخذنا هذه الرواية الخطيرة ونحن نحاول ان نبحث عن مصاديق الاية القرانية التي تتحدث عن وقوع انقلاب بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم


(( وما محمّد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً )) (آل عمران:144),


نجد ان هذه الرواية تفسر الاية بشكل افضل مما قيل ان الاية تتحدث عن هزيمة المسلمين في معركة احد للاسباب التالية :

1_ الاحساس الذي يتولد بعد قراءة الاية يفرض نفسه بقوة على العقل ب ان الاية تتحدث عن حدث خطير وجلل كبير لا يبدو ان اثاره مؤقته او طارئة اكثر مما تتحدث عن حالة ظرفية وقعت في معركة صغيرة سرعان ما تم تلافي خطرها واحتواء اثارها

2_ عندما يتحدث القران عن ما حدث في معركة احد


وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا


فانه يعطي الانطباع ان ما حدث في احد هو جزء من التدبير الالهي باستخدام تعبير ( بأذن الله )

وهي عبارة استخدمت في ماكان يصنعه النبي عيسى من احياء للموتى واشفاء للمرضى

فالعبارة ( بأذن الله ) تفهم بوضوح كافي عندما نتذكر الدعم الالهي في معركة بدر بانزال الملائكة للقتال وتحديد مصير المعركة لان المعركة كانت مصيرية بدليل التضرع الذي قام به النبي قبل تلك المعركة حصرا فقال يارب ان تهلك هذه العصابة فلن تعبد على الارض بعد ذلك

لكن هذا الدعم لم يكن حاضرا في معركة احد لا لان الله يريد للاسلام شرا ولا لانه بخل على المسلمين بالنصر انما اراد ان يضحي بنتائج تلك المعركة الصغيرة من اجل غاية اعظم واخطر وهي ( ليعلم الله ....المؤمنين من المنافقين )

وهذه عبارة مجازية لان علم الله لا يحتاج تجارب عملية واختبارات حسية فهو يعلم بالمنافقين علم احاطة انما الغاية ان نعرف نحن ان في الصحابة منافقين حتى لو صلوا مع النبي وصاموا وحجوا بل وحتى لو قاتلوا معه في سبيل الله لذا ينبغي ان نحتاط من اخذ علوم الدين من الصحابة حتى لا نهلك ونضل

ولهذا لا ينبغي ان نقول ان الانقلاب التي تتحدث عنه اية ( وما محمد الا رسول ...) بانه خاص بمعركة احد لان حاشا لله ان يجعل الانقلاب والارتداد من تدابيره والا لكان هذا عبث تنزه الله تعالى عنه

هذا فضلا على انهزام المسلمين لم يكن محصورا في احد فقد تكرر كما في حنين ومع هذا نسبه الله تعالى الى غرور المسلمين بكثرتهم واعتدادهم بتجاربهم السابقة ولم يصف هذه الهزيمة بالانقلاب

مما يعني ان القران كان يعطي اسباب هزيمة المسلمين في كل معركة تارة هي باذن الله وتارة بسبب الغرور والثقة المفرطة بالنفس

ولم يصفه انقلابا ولا سماه ارتدادا فلا يجوز ان نحّمل النص القراني مالا يتناسب مع ابعاده

3- التناسق في تحديد حجم الاستثناء من هذا الانقلاب والارتداد

ففي الاية عبر عن الذين لم يشاركوا في الانقلاب ب ( الشاكرين )
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ

وهناك في موضع اخر ( وقليل من عبادي الشكور ) ( سبأ 13 )

اما الرواية فتستخدم كلمة ( همل النعم ) وهي كلمة قديمة يستخدمها الناس اشارة للقلة

في حين لم يكن هناك كثرة وقله في حسابات معركة احد



اذن الاصل والقاعدة الان هو الانقلاب والارتداد لان يمثل الاغلبية الساحقة اما خلافه فيكون الاستثناء والشذوذ وعلماء اللغة يقولون أن الاستثناء يفيد العموم وهذه نتيجة كارثية لان منطق التفكير العلمي فمثلا في دولة ما ان الاغلبية الساحقة من سكانها هم مسلمون والاقلية هم نصارى فان هذه الدولة تحسب من الدول الاسلامية وليس من الدول النصرانية عندها نقول ان أي مواطن في هذه الدولة هو متهم بالاسلام حتى لو كان نصراني حتى يثبت انه نصراني بالدليل وليس العكس



ففي زمن النبي صلى الله عليه واله وسلم القاعدة ان كل صحابي بريء من تهمة النفاق او الارتداد حتى تثبت ادانته كما هو الحال في ابي بن سلول لان الاصل هم مسلمون أجمعين أكتعين

اما بعد وفاة النبي صلى الله عليه واله وسلم فالاية تنعكس بزواية 180 درجة فكل صحابي متهم بالارتداد عن دينة حتى تثبت براءته

لان الاصل هو ارتدادهم باستثناء القلة القليلة التي عبرت عنها الرواية ب ( همل النعم )


لهذا فنحن لسنا مطالبين بتقديم الدليل على ارتداد زيد من الصحابه انما الذي ينكر هو المطالب بالديل لانه ينكر الاصل والقاعدة

قد يقول قائل

هل هذا يشمل علي وسلمان وابا ذر وغيرهم ممن يعتقد الشيعه باسلامهم ولا يشكل بايمانهم


الجواب :



قلنا ان الصحابي متهم بالارتداد وانه من اهل النار حتى تثبت براءته ...


كيف اثبات البراءة ؟



هناك طريقتان :



الطريقة العقلية والطريقة النقلية



الطريقة العقلية :




1_ لو ان الاية والرواية قطعتا بنقلاب وارتداد جميع الصحابة فالجواب نعم وبما ان هذا لم يحدث فستبقى مساحة لتبرئة بعض الصحابة حتى يكونوا من مصاديق الاستثناء الموجود في الاية والرواية

2_ عندما تؤكد الوقائع التأريخية ان الصحابة انقسموا الى فريقين فريق يمثل الاغلبية الساحقه وفريق يمثل الاقلية

فمن ثبت انه مع الفريق الاول فهو مرتد ومن ثبت انه مع الفريق الثاني فهو مسلم مؤمن

فانظر الى قول الامام علي


أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْ لَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا


تدل كلمته انه كان ضمن الاقلية التي كانت سببا رئيسا لعجزه عن القيام بما يفكر بل كان هو يمثل خط الاقلية

كذلك نستنتج من وصية النبي لعمار بن ياسر ان وداي علي خلاف وادي جميع الناس


" ياعمار اذا رأيت عليا قد سلك واديا وسلك الناس واديا غيره فاسلك مع علي ودع الناس فانه لن يدلك على ردى ولن يخرجك من هدى


كما اعترف ابن تيمية في كتابه الشهير منهاج السنة الجزء 6 ص 137 أن كثير من الصحابه كانوا يبغضون علي ويسبونه ويقاتلونه


وقد أعجبتني مقاله يقول قائلها ( مالنا نرى الصحابة مع علي كأنهم كلهم من ام واحدة وهو ابن ضرتها )


3- جميع الاحاديث التي صدرت من النبي صلى الله عليه واله وسلم في علي ابن ابي طالب عليهما السلام تقطع باستمراريته على الايمان وهذا الاحاديث لم تصدر من رجل يمدح اخية اويجامل صاحبه او يثني على ابن عمه بل صدرت من نبي مرسل لا ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحي كل كلمة تصدر منه حق ولها حسابات بعيدة المدى ليست محدودة الزمان ولا المكان لا وجود للاعتبارات الشخصية ولا مكان للاخطاء في التقدير كما انها احاديث تفيد الاطلاق وليس فيها دليل على تقيد وليست هي اشارات تنتهي صلاحياتها في اي زمان




: إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا




«اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير، فجاء علي فأكل معه



«فمن كنت مولاه فإنّ عليّاً مولاه، اللهمّ عاد من عاداه ووال من والاه


(( انا مدينة العلم وعلي بابها ))



«أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي».

«أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة»


(( اليوم برز الايمان كله للشرك كله ))



(( ياعلي ستقاتل الناس _ بعد وفاتي _ على تاويل القران كما قاتلتهم على تنزيله ))

(( ساعطي الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ....))

فكيف يعطي النبي صلى الله عليه واله وسلم كل هذه المنازل والسمات لرجل من اهل النار ؟



كما ان النبي وزع بعض الاشارات الغيبية للاسماء التي يبجلها الفكر الشيعي



ففقال لعمار (( ياعمار ستقتلك الفئة الباغية انت تدعوهم الى الجنة وهم يدعونك الى النار ))


وقال لسلمان (( سلمان منا اهل البيت ))



وقال في ابي ذر ما اظلت الخضراء وما اقلت الغبراء اصدق لهجة من ابي ذر


كلها اشارات ايضا تقطع باستمرارية ايمان هولاء وان كان في شك في هذا فلا احد يتجرؤ ان يكذب الحقائق التاريخية الثابته ان هولاء كانوا في فريق علي بن ابي طالب اي في فريق الاقلية



بالمقابل لم نجد للنبي صلى الله عليه واله اي أشارة من اشارة المدح للاسماء التي وقفت في الفريق المقابل لفريق علي وهذا الافلاس بحد ذاته دليل غير ضعيف

وأذا كانت هناك اشارات فهي اشارات قدح تؤكد التغيير والانحراف المتوقع في أفراد هذا الفريق بضرس قاطع

فمثلا لعن عليه الصلاة والسلام كل من تخلف عن جيش اسامة ,وبما ان المتخلفين كانوا يمثلون الاكثرية بدليل ان قرارهم الرافض بتحريك الجيش كان هو النافذ وليس قرار النبي و طبعا ضمن هولاء الاكثرية كان ابو بكر وعمر وعثمان كما لعن بالاسم مروان ووصف معاوية بالامام الباغي ودعا عليه ان لا يشبع ووصف الزبير وطلحة بالظلم لقتالهم لعلي من بعده وحذر عائشة من فتنتها يوم الجمل وغيرها من الاشارات

يبقى هناك أعتراض يبدو موضوعي للوهلة الاولى:



هل هذا يعني ان الاسلام كل هذه الفترة يطبق تعاليمها رجال مرتدون منافقون كفار من اهل النار واذا كان الجواب نعم كيف يتقبل العصوم هذا الواقع ويقره بل بالعكس نراه احيانا يمارس دور الوزير والسكرتير الشخصي الناصح للطواغيت كما فعل علي مع عمر ؟


الجواب :



1- المصوم لم يقر هذا الواقع بل قاتله فالعيب ليس بالقائد بل العيب في الادوات فاما قلة الناصر كما في زمن الامام علي الامام الحسين او خذلان الناصر كما في حالة الامام الحسن او في خنوع العتاد البشري كما في حالة الائمة الباقون
2- كل تنظيم دولة يمارس نشاطه تحت غطاء فكون غطاء داعش كان غطاء اسلامي فهذا لا يعني ان داعش يمثلون هذا الغطاء
3- الانقلابيون استفادوا من غطاء الاسلام والاسلام استفاد من بقاء هذا الغطاء

المصدر: منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي - من قسم: الحوار العقائدي

---

kr'm