Untitled 2
العودة   منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي > المنتــديات العامة > الحوار العقائدي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017/06/05, 06:16 PM   #1
معلومات إضافية
رقم العضوية : 4182
تاريخ التسجيل: 2015/11/25
المشاركات: 1,648
عبد الرزاق محسن غير متواجد حالياً
المستوى : عبد الرزاق محسن is on a distinguished road




عرض البوم صور عبد الرزاق محسن
افتراضي التقية عند مخالفي الشيعه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وافضل النبيين وعلى اله الاطهار الطيبين

وبعد

من الامور التي يشنع بها اعداء الامامية عليهم هي التقية وافضل رد على هذا هو البحث الاتي

1 ـ الأحناف وقولهم بالتقيّة:


روى الخطيب بإسناده عن سفيان بن وكيع، قال: جاء عمر بن حمّاد ابن أبي حنيفة، فجلس إلينا، فقال: سمعت أبي حمّاداً يقول: بعث ابن أبي ليلى إلى أبي حنيفة فسأله عن القرآن، فقال: مخلوق، فقال: تتوب وإلاّ أقدمت عليك! قال: فتابعه، فقال: القرآن كلام الله، قال: فدار به في الخلق يخبرهم أنّه قد تاب من قوله القرآن مخلوق، فقال أبي: فقلت لأبي حنيفة: كيف صرت إلى هذا وتابعته؟ قال: يا بُني خفت أن يقدم عليّ فأعطيته التقيّة

ـ ما ذكره السرخسي في المبسوط: " وفيه تبيين أنّه لا بأس باستعمال التقيّة وأنّه يرخّص له في ترك بعض ما هو فرض عند خوف التلف على نفسه، ومقصوده من إيراد الحديث أن يبيّن أنّ التعذيب بالسوط يتحقّق فيه الإكراه كما يتحقّق في القتل، لأنّه قال: لو علمت أنّه يقتلني لغرقتها ولكن أخاف أن يعذّبني فيفتنّي، فتبيّن بهذا أنّ فتنة السوط أشدّ من فتنة السيف، وعن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: لا جناح عليّ في طاعة الظالم إذا أكرهني عليها، وإنّما أراد بيان جواز التقيّة في إجراء كلمة الكفر ".
ـ وقال الإمام أبو بكر الجصّاص: ومن امتنع من المباح حتّى مات كان قاتلا نفسه متلفاً لها عند جميع أهل العلم، ولا يختلف في ذلك عندهم حكم العاصي والمطيع
وقال في معرض كلامه عن قوله تعالى: (إلاّ ما اضطررتم إليه) : ومعنى الضرورة هنا هو خوف الضرر على نفسه أو بعض أعضائه بتركه الأكل، وقد انطوى تحته معنيان:
أحدهما: أن يحصل في موضع لا يجد غير الميتة.
والثاني: أن يكون غيرها موجوداً ولكنّه أُكره على أكلها بوعيد يخاف منه تلف نفسه أو تلف بعض أعضائه، وكلا المعنيين مراد بالآية عندنا لاحتمالهما ; وقد روي عن مجاهد أنّه تأوّلها على ضرورة الإكراه، لأنّه إذا كان المعنى في ضرورة الميتة ما يخاف على نفسه من الضرر في ترك تناوله


وذلك موجود في ضرورة الإكراه، وجب أن يكون حُكمُهُ حُكْمَهْ ; ولذلك قال أصحابنا في من أُكره على أكل الميتة فلم يأكلها حتّى قتل كان عاصياً لله، كمن اضطرّ إلى ميتة بأن عدم غيرها من المأكولات فلم يأكل حتّى مات كان عاصياً(
ـ وقال الميرغياني في " الهداية ": (وإذا خاف على ذلك ـ إن أُكره على الكفر أو سبّ رسول الله ـ وسعه أن يظهر ما أمروه به ويورّي، فإن أظهر ذلك وقلبه مطمئنّ بالإيمان فلا إثم عليه) لحديث عمّار بن ياسر (رضي الله عنه) حين ابتُليَ به وقد قال له النبيّ عليه الصلاة والسلام: " كيف وجدت قلبك؟ قال: مطمئنّاً بالإيمان، فقال عليه الصلاة والسلام: فإن عادوا فعد "، وفيه نزل قوله تعالى: (إلاّ من أُكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان) الآية، ولأنّ بهذا الإظهار لا يفوت الإيمان حقيقة لقيام التصديق وفي الامتناع فوت النفس حقيقة فيسعه الميل إليه .




2 ـ المالكية وقولهم بالتقيّة:


ما ذكره مالك بن أنس في " المدوّنة الكبرى ": أخبرني ابن وهب عن رجال من أهل العلم عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن عبيد بن عمير ومجاهد وطاووس وغيرهم من أهل العلم، أنّهم كانوا لا يرون طلاق المكره شيئاً، وقال ذلك عبد الرحمن بن القاسم ويزيد بن القسيط، وقال عطاء قال الله تبارك وتعالى: (إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة) ، وقال ابن عبيد الليثي: إنّهم قوم فتّانون (ابن وهب) عن حيوة عن محمّد بن العجلان أنّ عبد الله بن مسعود قال: ما من
كلام يدرأ عنّي سوطين من سلطان إلاّ كنت متكلّماً به .
ـ وقال أبو بكر ابن العربي عند كلامه على الآية 106 من سورة النحل (إلاّ من أُكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان) : فذكر استثناء من تكلّم بالكفر بلسانه عن إكراه، ولم يعقد على ذلك قلبه، فإنّه خارج عن هذا الحكم، معذور في الدنيا، مغفورٌ في الأُخرى.
ثمّ قال: والمُكرَه: هو الذي لم يُخَلّ وتصريف إرادته في متعلّقاتها المحتملة لها، فهو مختار، بمعنى أنّه بقيَ له في مجال إرادته ما يتعلّق به على البدل، وهو مكره بمعنى أنّه حذف له من متعلّقات الإرادة ما كان تصرّفها يجري عليه قبل الإكراه، وسبب حذفها قول أو فعل ; فالقول هو التهديد، والفعل هو أخذ المال، أو الضرب، أو السجن...
ثمّ قال: وقد اختلف الناس في التهديد، هل هو إكراه أم لا؟ والصحيح أنّه إكراه ; فإنّ القادر الظالم إذا قال لرجل: إن لم تفعل كذا وإلاّ قتلتك، أو ضربتك، أو أخذت مالك، أو سجنتك، ولم يكن له من يحميه إلاّ الله، فله أن يقدم على الفعل، ويسقط عنه الإثم في الجملة، إلاّ في القتل، فلا خلاف بين الأُمّة أنّه إذا أُكره عليه بالقتل أنّه لا يحلّ له أن يفدي نفسه بقتل غيره، ويلزمه أن يصبر على البلاء الذي ينزل به.
ثمّ قال: واختلف في الزنا، والصحيح أنّه يجوز له الإقدام عليه، ولا حدّ عليه خلافاً لابن الماجشون، فإنّه ألزمه الحدّ ; لأنّه رأى أنّها شهوة خلقية لا يتصوّر عليها إكراه، ولكنّه غفل عن السبب في باعث الشهوة، وأنّه باطل، وإنّما وجب الحدّ على شهوة بعث عليها سبب اختياري، فقاس
الشيء على ضدّه، فلم يَحْل بصواب من عنده.
ثم قال: وأمّا الكفر بالله فذلك جائز له بغير خلاف على شرط أن يلفظ بلسانه وقلبه منشرح بالإيمان، فإن ساعد قلبه في الكفر لسانه كان آثماً كافراً ; لأنّ الإكراه لا سلطان له في الباطن وإنّما سلطته على الظاهر، بل قد قال المحقّقون من علمائنا: إنّه إذا تلفظ بالكفر أنّه لا يجوز له أن يجري على لسانه إلاّ جريان المعاريض...
ثمّ قال: ولمّا كان هذا أمراً متّفقاً عليه عند الأئمّة، مشهوراً عند العلماء ألّف في ذلك شيخ اللغة ورئيسها أبو بكر بن دريد كتاب " الملاحن " للمكرهين، فجاء ببدع للعالمين، ثم ركّب عليه المفجع الكابت، فجمع في ذلك مجموعاً وافراً حسناً، استولى فيه على الأمد وقرطس الغرض.
ثمّ قال: إنّ الكفر وإنْ كان بالإكراه جائزاً عند العلماء فإنّ من صبر على البلاء ولم يفتتن حتّى قتل فإنّه شهيد ولا خلاف في ذلك، وعليه تدلّ آثار الشريعة التىّ يطول سردها، وإنّما وقع الإذن رخصة من الله رفقاً بالخلق، وإبقاءً عليهم، ولما في هذه الشريعة من السماحة، ونفي الحرج، ووضع الإصْر.
ثمّ قال: لمّا سمح الله تعالى في الكفر به، وهو أصل الشريعة، عند الإكراه، ولم يؤاخِذْ به، حمل العلماء عليه فروع الشريعة، فإذا وقع الإكراه عليها لم يؤاخذ به، ولا يترتّب حكم عليه، وعليه جاء الأثر المشهور عند الفقهاء (رفع عن أُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) .



وقال القرطبي في تفسيره ـ بعد أن ذكر حديث تعذيب عمّار بن ياسر وقوله: كلّنا تكلّم بالذي قالوا، لولا أنّ الله تداركنا، غير بلال فإنّه هانت عليه نفسه في الله فهان على قومه حتّى ملّوه وتركوه ـ: أجمع أهل العلم على أنّ من أُكره على الكفر حتّى خشي على نفسه القتل، أنّه لا أثم عليه إن كفر وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، ولا تبين منه زوجته، ولا يحكم عليه بحكم الكفر ; هذا قول مالك والكوفيّين والشافعي.
وقال: إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حدّ عليها ; لقوله (إلاّ من أُكره) وقوله (عليه السلام) : " إنّ الله تجاوز عن أُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "، ولقول الله تعالى: (فإنّ الله من بعد إكراههنّ غفور رحيم) يريد الفتيات، وبهذا المعنى حكم عمر في الوليدة التي استكرهها العبد فلم يحدّها، والعلماء متّفقون على أنّه لا حدّ على امرأة مستكرهة.
ثمّ، قال: أجمع العلماء على من أُكره على الكفر فاختار القتل أنّه أعظم أمراً عند الله ممّن اختار الرخصة، واختلفوا في من أُكره على غير القتل من فعل ما لا يحلّ له ; فقال أصحاب مالك: الأخذ بالشدّة في ذلك واختيار القتل والضرب أفضل عند الله من الأخذ بالرخصة، ذكره ابن حبيب وسحنون، وذكر ابن سحنون عن أهل العراق أنّه إذا تهدّد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه التلف فله أن يفعل ما أُكره عليه من شرب خمر أو أكل خنزير ; فإن لم يفعل حتّى قتل خفنا أن يكون آثماً كالمضطرّ...
ثمّ قال: وذكر أبو بكر محمّد بن محمّد بن الفرج البغدادي، قال: حدثنا شريح بن يونس، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس بن عبيد،


عن الحسن، أن عيوناً لمسيلمة أخذوا رجلين من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فذهبوا بهما إلى مسيلمة، فقال لأحدهما: أتشهد أنّ محمّداً رسول الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أنّي رسول الله؟ قال: نعم، فخلّى عنه، وقال للآخر: أتشهد أنّ محمّداً رسول الله؟ قال: نعم، قال: وتشهد أنّي رسول الله؟ قال: أنا أصمّ لا أسمع ; فقدّمه وضرب عنقه، فجاء هذا إلى النبيّ (صلى الله عليه وسلم) ، فقال: هلكت، قال: وما أهلكك؟ فذكر الحديث، قال: أمّا صاحبك فأخذ بالثقة وأمّا أنت فأخذت بالرخصة على ما أنت عليه الساعة، قال: أشهد أنّك رسول الله، قال: أنت على ما أنت عليه.
ثمّ قال: الرخصة في من حلّفه سلطان ظالم على نفسه أو على أن يدلّه على رجل أو مال رجل ; فقال الحسن: إذا خاف عليه وعلى ماله، فليحلف ولا يكفّر يمينه ; وهو قول قتادة، إذا حلف على نفسه أو مال نفسه، وقد تقدّم ما للعلماء في هذا، وذكر موسى بن معاوية أنّ أبا سعيد ابن أشرس صاحب مالك استحلفه السلطان بتونس على رجل أراد السلطان قتله أنّه ما آواه، ولا يعلم له موضعاً ; قال: فحلف ابن أشرس ; وابن أشرس يومئذ قد علم موضعه وآواه، فحلّفه بالطلاق ثلاثاً، فحلف له ابن أشرس، ثمّ قال لامرأته: اعتزلي، فاعتزلته ; ثمّ ركب ابن أشرس حتّى قدم على البهلول بن راشد القيرواني، فأخبره الخبر ; فقال له البهلول: قال مالك: إنّك حانث، فقال ابن أشرس: وأنا سمعت مالكاً يقول ذلك، وإنّما أردت الرخصة، أو كلام هذا معناه ; فقال له البهلول ابن راشد: قال الحسن البصري: إنّه لا حنث عليك، قال: فرجع ابن أشرس إلى زوجته وأخذ بقول الحسن.
وذكر عبد الملك بن حبيب قال: حدثني معبد، عن المسيب بن
شريك، عن أبي شيبة، قال: سألت أنس بن مالك عن الرجل يؤخذ بالرجل، هل ترى أن يحلف ليقيه بيمينه؟ فقال: نعم، ولأن أحلف سبعين يميناً وأحنث أحبّ إليّ أن أدلّ على مسلم.
وقال إدريس بن يحيى: كان الوليد بن عبد الملك يأمر جواسيس يتجسّسون الخلق يأتونه بالأخبار، قال: فجلس رجل منهم في حلقة رجاء ابن حيوة فسمع بعضهم يقع في الوليد، فرفع ذلك إليه، فقال: يا رجاء! أُذْكَر بالسوء في مجلسك ولم تغيّر؟!
فقال: ما كان ذلك يا أمير المؤمنين.
فقال له الوليد: قل الله الذي لا إله إلاّ هو.
قال: الله الذي لا إله إلاّ هو.
فأمر الوليد بالجاسوس فضربه سبعين سوطاً.
فكان يلقى رجاء، فيقول: يا رجاء! بك يستقى المطر، وسبعون سوطاً في ظهري!
فيقول رجاء: سبعون سوطاً في ظهرك خير لك من أن يقتل رجل مسلم.
ثمّ قال: واختلف العلماء في حدّ الإكراه، فروي عن عمر بن الخطّاب أنّه قال: ليس الرجل آمن على نفسه إذا أخفته أو أوثقته أو ضربته، وقال ابن مسعود: ما كلام يدرأ عنّي سوطين من [سلطان] إلاّ كنت متكلماً به، وقال الحسن: التقيّة جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة، إلاّ أنّ الله تبارك وتعالى ليس يجعل في القتل تقية




وهو عين ما نقول به، فإذا وصلت إلى الدماء، فلا تقيّة، كما ورد عن أئمّتنا (عليهم السلام) .



3 ـ الشافعية وقولهم بالتقيّة:


قال الشافعي: قال الله عزّ وجلّ: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلاّ من أُكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان) ، فلو أنّ رجلا أسره العدو، فأُكره على الكفر، لم تبن منه امرأته ولم يحكم عليه بشيء من حكم المرتدّ، وقد أُكره بعض من أسلم في عهد النبيّ (صلى الله عليه وسلم) على الكفر، فقاله، ثمّ جاء إلى النبيّ (صلى الله عليه وسلم) فذكر له ما عذّب به فنزلت هذه الآية، ولم يأمره النبيّ (صلى الله عليه وسلم) باجتناب زوجته، ولا بشيء ممّا على المرتد.
وقال الفخر الرازي الشافعي في تفسيره: ظاهر الآية يدلّ على أنّ التقيّة إنّما تحلّ مع الكفّار الغالين، إلاّ أنّ مذهب الشافعي (رض) أنّ الحالة بين المسلمين إذا شاكلت بين المسلمين والمشركين حلّت التقيّة محاماة على النفس، وقال: التقيّة جائزة لصون النفس، وهل هي جائزة لصون المال؟ يحتمل أن يحكم فيها بالجواز لقوله (صلى الله عليه وسلم) : حرمة مال المسلم كحرمة دمه، ولقوله (صلى الله عليه وسلم) : من قتل دون ماله فهو شهيد، ولأنّ الحاجة إلى المال شديدة، والماء إذا بيع بالغبن سقط فرض الوضوء، وجاز الاقتصار على التيمّم دفعاً لذلك القدر من نقصان المال، فكيف لا يجوز ههنا؟ والله أعلم .
ـ وقال ابن حجر العسقلاني الشافعي: قوله، وقول الله تعالى (إلاّ
من أُكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان) وساق إلى (عظيم) هو وعيد شديد لمن ارتدّ مختاراً، وأمّا من أُكره على ذلك فهو معذور بالآية، لأنّ الاستثناء من الإثبات نفي فيقتضي أن لا يدخل الذي أُكره على الكفر تحت الوعيد، والمشهور أنّ الآية المذكورة نزلت في عمّار بن ياسر كما جاء من طريق عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر...
وعن مجاهد، عن ابن عبّاس، قال: عذّب المشركون عمّاراً حتّى قال لهم كلاماً تقيّة فاشتدّ عليه... الحديث.
وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله (إلاّ من أُكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان) ، قال: أخبر الله أنّ من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله، وأمّا من أُكره بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوّه فلا حرج عليه، إنّ الله إنّما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم.
قلت: وعلى هذا فالاستثناء مقدّم من قوله: فعليهم غضب، كأنّه قيل: فعليهم غضب من الله إلاّ من أُكره، لأنّ الكفر يكون بالقول والفعل من غير اعتقاد وقد يكون باعتقاد فاستثنى الأوّل وهو المكره. قوله: (وقال: (إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة) وهي تقيّة) أخذه من كلام أبي عبيدة قال: تقاة وتقيّة واحد، ومعنى الآية: لا يتّخذ المؤمن الكافر وليّاً في الباطن ولا في الظاهر إلاّ للتقيّة في الظاهر، فيجوز أن يواليه إذا خافه ويعاديه باطناً...
قوله: (وقال الحسن) أي البصري (التقيّة إلى يوم القيامة) وصله عبد ابن حميد وابن أبي شيبة من رواية عوف الأعرابي (عن الحسن البصري قال: التقيّة جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة إلاّ أنّه لا يجعل في القتل تقية) ولفظ عبد بن حميد (إلاّ في قتل النفس التي حرّم الله) يعني: لا يعذر من
أُكره على قتل غيره لكونه يؤثر نفسه على نفس غيره.
قلت: ومعنى التقيّة: الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير، وأصله وقية بوزن حمزة فعلة من الوقاية.
وأخرج البيهقي من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عبّاس، قال: (التقيّة باللسان والقلب مطمئنٌّ بالإيمان ولا يبسط يده للقتل) .
قوله: (وقال ابن عبّاس في من يكرهه اللصوص فيطلّق ليس بشيء، وبه قال ابن عمر وابن الزبير والشعبي والحسن) .
أمّا قول ابن عبّاس فوصله ابن أبي شيبة من طريق عكرمة أنّه سئل عن رجل أكرهه اللصوص حتّى طلّق امرأته، فقال: قال ابن عبّاس: ليس بشيء، أي لا يقع عليه الطلاق.
وأخرج عبد الرزاق بسند صحيح عن عكرمة، عن ابن عبّاس، أنّه كان لا يرى طلاق المكره شيئاً.
وأمّا قول ابن عمرو وابن الزبير، فأخرجهما الحميدي في جامعه، والبيهقي من طريقه قال: (حدّثنا سفيان، سمعت عَمراً يعني ابن دينار، حدّثني ثابت الأعرج، قال: تزوّجت أُمّ ولد عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب، فدعاني ابنه ودعا غلامين له فربطوني وضربوني بالسياط وقال: لتطلّقها أو لأفعلنّ وأفعلنّ، فطلّقتها، ثمّ سألت ابن عمر وابن الزبير فلم يرياه شيئاً) .
وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن ثابت الأعرج نحوه.
وأمّا قول الشعبي فوصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه، قال: إنْ أكرهه اللصوص، فليس بطلاق، وإن أكرهه السلطان وقع، ونقل عن ابن عيينة توجيهه وهو أنّ اللصّ يقدم على قتله والسلطان لا يقتله، وأمّا قول
الحسن، فقال سعيد بن منصور (حدّثنا أبو عوانة عن قتادة عن الحسن أنّه كان لا يرى طلاق المكره شيئاً) وهذا سند صحيح إلى الحسن.
قال ابن بطال تبعاً لابن المنذر: أجمعوا على أنّ من أُكره على الكفر حتّى خشي على نفسه القتل فكفر وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان أنّه لا يحكم عليه بالكفر ولا تبين منه زوجته، إلاّ محمّد بن الحسن، فقال: إذا أظهر الكفر صار مرتدّاً وبانت منه امرأته ولو كان في الباطن مسلماً، قال: وهذا قول تغني حكايته عن الردّ عليه لمخالفته النصوص، وقال قوم: محلّ الرخصة في القول دون الفعل كأن يسجد للصنم أو يقتل مسلماً أو يأكل الخنزير أو يزني، وهو قول الأوزاعي وسحنون، وقالت طائفة: الإكراه في القول والفعل سواء، واختلف في حدّ الإكراه، فأخرج عبد بن حميد بسند صحيح عن عمر قال: (ليس الرجل بأمين على نفسه إذا سجن أو أُوثق أو عذّب) ، ومن طريق شريح نحوه وزيادة، ولفظه (أربع كلهن كره: السجن والضرب والوعيد والقيد) .
وعن ابن مسعود قال: " ما كلام يدرأ عنّي سوطين إلاّ كنت متكلماً به) ، وهو قول الجمهور، وعند الكوفيّين فيه تفصيل، واختلفوا في طلاق المكره فذهب الجمهور إلى أنّه لا يقع، ونقل فيه ابن بطال إجماع الصحابة.
قوله: (وقال النبيّ (صلى الله عليه وسلم) : الأعمال بالنيّات) ... قال: وكأنّ البخاري أشار بإيراده هنا إلى الردّ على من فرّق في الإكراه بين القول والفعل لأنّ العمل فعل، وإذا كان لا يعتبر إلاّ بالنيّة كما دلّ عليه الحديث فالمكره لا نيّة له، بل نيّته عدم الفعل الذي أُكره عليه




4 ـ الحنابلة وقولهم بالتقيّة:


أمّا الحنابلة فقد كانوا أشدّ الناس فزعاً إلى التقيّة عندما لم يجدوا مندوحة عنها لمّا دال الدهر عليهم يوماً من الأيّام، وكوتهم نار الاضطهاد، وذلك في أيّام المحنة بخلق القرآن عندما حمل المأمون والواثق
والمعتصم المسلمين على القول بها، ومن لم يقل بخلق القرآن سوف يتعرّض للضرب والتعذيب والسجن والقتل، فكلّهم أجاب إلى ذلك ومن امتنع قتل، كأحمد بن نصر الخزاعي ، وممّن أجاب إلى القول بخلق القرآن والتجأ إلى التقيّة أحمد بن حنبل ـ وإن نفى بعضهم ذلك، ولكن الصحيح أنّه أجاب كما سيأتي ـ ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومحمّد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم المستملي، ويزيد بن هارون، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد ابن الدورقي، والقواريري، وعلي بن الجعد، والنضر بن شميّل، وغيرهم من أئمّة الحديث
ـ قال ابن واضح: وامتحن المعتصم أحمد بن حنبل في خلق القرآن، فقال أحمد: أنا رجل علمت علماً، ولم أعلم فيه بهذا، فأحضر له الفقهاء، وناظره عبد الرحمن بن إسحاق وغيره، فامتنع أن يقول إنّ القرآن مخلوق، فضرب عدّة سياط، فقال إسحاق بن إبراهيم: ولّني يا أمير المؤمنين مناظرته، فقال: شأنك به! فقال إسحاق: هذا العلم الذي علمته نزل به عليك ملك، أو علمته من الرجال؟
قال: بل علمته من الرجال.


قال: شيئاً بعد شيء، أو جملة؟
قال: علمته شيئاً بعد شيء.
قال: فبقي عليك شيء لم تعلمه؟
قال: بقي عليّ.
قال: فهذا ممّا لم تعلمه، وقد علّمكه أمير المؤمنين.
قال: فإنّي أقول بقول أمير المؤمنين.
قال: في خلق القرآن؟
قال: في خلق القرآن.
فأشهد عليه وخلع عليه، وأطلقه إلى منزلة
وحكى أبو بكر ابن العربي التجاء أحمد بن حنبل إلى التقيّة والتورية زمن فتنة القول بخلق القرآن (أنّه دعي إلى أن يقول بخلق القرآن، فقال: القرآن والتوراة والإنجيل والزبور ـ يعدّدهن بيده ـ هذه الأربعة مخلوقة، يقصد هو بقلبه أصابعه التي عدّدها بها، وفهم الذي أكرههُ أنّه يريد الكتب الأربعة المنزّلة من الله على أنبيائه، فخلص في نفسه، ولم يضره فهم الذي أكرهه)
ـ قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: ومن أكره على الكفر فأتى بكلمة الكفر لم يصر كافراً، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والشافعي، ثمّ استدلّ بقوله تعالى: (إلاّ من أُكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان) ثمّ ذكر حديث
تعذيب المشركين لعمّار بن ياسر، وراجع كلامه في مسألة (من أُكره على الطلاق لم يلزمه
ـ وقال ابن الجوزي: الإكراه على كلمة الكفر يبيح النطق بها ; وفي الإكراه المبيح لذلك عن أحمد روايتان، إحداهما: أنّه يخاف على نفسه أو على بعض أعضائه التلف إن لم يفعل ما أُمر به، والثانية: أنّ التخويف لا يكون إكراهاً حتّى ينال بعذاب، وإذ ثبت جواز التقيّة فالأفضل أن لا يفعل، نصّ عليه أحمد في أسير خُيّر بين القتل وشرب الخمر، فقال: إن صبر على القتل فله الشرف وإن لم يصبر فله الرخصة، فظاهر هذا الجواز.
وروى عنه الأثرم أنّه سُئل عن التقيّة في شرب الخمر، فقال إنّما التقيّة في القول

.

5 ـ السلفية والوهّابية والتقيّة:


ـ قال الآلوسي في تفسير قوله تعالى: (إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة) : وفي الآية دليل على مشروعية التقيّة وعرّفوها بمحافظة النفس، أو العرض، أو المال من شرّ الأعداء.
والعدوّ قسمان: الأوّل: من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين كالكافر والمسلم، والثاني: من كانت عداوته مبنيّة على أغراض دنيوية كالمال والمتاع و الملك والإمارة، ومن هنا صارت التقيّة قسمين:
أمّا القسم الأوّل: فالحكم الشرعي فيه أنّ كلّ مؤمن وقع في محلّ لا يمكن له أن يظهر دينه لتعرّض المخالفين وجب عليه الهجرة إلى محلّ






يقدر فيه إظهار دينه، ولا يجوز له أصلا أن يبقى هناك ويخفي دينه ويتشبّث بعذر الاستضعاف فإنّ أرض الله واسعة، نعم إن كان ممّن لهم عذر شرعي في ترك الهجرة كالصبيان والنساء والعميان والمحبوسين والذين يخوّفهم المخالفون بالقتل، أو قتل الأولاد، أو الآباء، أو الأمّهات تخويفاً يظنّ معه إيقاع ما خوّفوا به غالباً، سواءً كان هذا القتل بضرب العنق أو بحبس القوت، أو بنحو ذلك، فإنّه لا يجوز له المكث مع المخالف والموافقة بقدر الضرورة، ويجب عليه أن يسعى في الحيلة للخروج والفرار بدينه ولو كان التخويف بفوات المنفعة أو بلحوق المشقّة التي يمكنه تحمّلها كالحبس مع القوت والضرب القليل الغير المهلك لا يجوز له موافقتهم، وفي صورة الجواز أيضاً موافقتهم رخصة وإظهار مذهبه عزيمة، فلو تلفت نفسه لذلك فإنّه شهيد قطعاً، وممّا يدلّ على أنّها رخصة ـ ما روي عن الحسن ـ أنّ مسيلمة الكذّاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال لأحدهما: أتشهد أنّ محمّداً رسول الله؟ قال: نعم، فقال: أتشهد أنّي رسول الله؟ قال: نعم، ثمّ دعا بالآخر فقال له: أتشهد أنّ محمّداً رسول الله؟ قال: نعم، فقال أتشهد أنّي رسول الله؟ قال: إنّي أصمّ، قالها ثلاثاً، وفي كلّ مرّة يجيبه بأنّي أصمّ، فضرب عنقه، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: أمّا هذا المقتول فقد مضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضله فهنيئاً له، وأمّا الآخر فقد رخّصه الله تعالى فلا تبعة عليه.
ثمّ قال: وعدّ قوم من باب التقيّة مداراة الكفّار والفسقة والظلمة وإلانة الكلام لهم والتبسّم في وجوههم والانبساط معهم وإعطاءهم لكفّ أذاهم وقطع لسانهم وصيانة العرض منهم، ولا يعدّ ذلك من باب الموالاة المنهي عنها، بل هي سُنّة وأمرٌ مشروع.



فقد روى الديلمي عن النبيّ (صلى الله عليه وسلم) أنّه قال: " إنّ الله تعالى أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض " وفي رواية " بعثت بالمداراة " وفي الجامع " سيأتيكم ركبٌ مبغضون فإذا جاؤوكم فرحّبوا بهم ".
وروى ابن أبي الدنيا " رأس العقل بعد الإيمان بالله تعالى مداراة الناس " وفي رواية البيهقي " رأس العقل المداراة "، وأخرج الطبراني " مداراة الناس صدقة " وفي رواية له " ما وقى به المؤمن عرضه فهو صدقة ".
وأخرج ابن عديّ وابن عساكر " من عاش مدارياً مات شهيداً، قوا بأموالكم أعراضكم، وليصانع أحدكم بلسانه عن دينه ".
وعن بردة عن عائشة (رض) قالت: (استأذن رجل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا عنده، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " بئس ابن العشيرة ـ أو أخو العشيرة ـ ثمّ أذن له فألان له القول، فلمّا خرج قلت: يا رسول الله قلت ما قلت ثمّ ألنت له القول؟ فقال: يا عائشة إنّ من أشرّ الناس من يتركه الناس أو يدعه الناس اتّقاء فحشه ".
وفي البخاري عن أبي الدرداء " إنّا لنكشّر في وجوه أقوام وإنّ قلوبنا لتلعنهم " وفي رواية الكشميهني " وإنّ قلوبنا لتقليهم " وفي رواية ابن أبي الدنيا، وإبراهيم الحرمي بزيادة " ونضحك إليهم " إلى غير ذلك من الأحاديث
ـ وقال جمال الدين القاسمي: (إلاّ أن تتّقوا منهم تقاة) أي تخافوا منهم محذوراً، فأظهروا معهم الموالاة باللسان دون القلب لدفعه، كما قال البخاري عن أبي الدرداء أنّه قال: " إنّا لنكشّر في وجوه أقوام وقلوبنا
تلعنهم " وأصل " تقاة " وقية...
ثمّ قال: ومن هذه الآية استنبط الأئمّة مشروعية التقيّة عند الخوف وقد نقل الإجماع على جوازها عند ذلك الإمام مرتضى اليماني في كتابه " إيثار الحقّ على الخلق " فقال ما نصّه:
وزاد الحقّ غموضاً وخفاءً أمران:
أحدهما: خوف العارفين، مع قلتهم، من علماء السوء وسلاطين الجور، وشياطين الخلق، مع جواز التقيّة عند ذلك بنصّ القرآن وإجماع أهل الإسلام، وما زال الخوف مانعاً من إظهار الحقّ، ولا برح المحقّ لأكثر الخلق، وقد صحّ عن أبي هريرة (رض) أنّه قال في ذلك العصر الأوّل: حفظت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعاءين، فأمّا أحدهما فبثثته في الناس، وأمّا الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم.
وما زال الأمر في ذلك يتفاحش، وقد صرّح الغزّالي بذلك في خطبة " المقصد الأسنى " ولوّح بمخالفته أصحابه فيها، كما صرّح بذلك في شرح " الرحمن الرحيم " فأثبت حكمة الله ورحمته، وجوّد الكلام في ذلك، وظنّ أنّهم لا يفهمون المخالفة، لأنّ شرح هذين الاسمين ليس هو موضوع هذه المسألة ولذلك طوى ذلك، وأضرب عنه في موضعه، وهو اسم الضارّ كما يعرف ذلك أذكياء النظار.
وأشار إلى التقيّة الجويني في مقدّمات " البرهان " في مسألة قدم القرآن، والرازي في كتابه المسمّى " الأربعين في أُصول الدين "... إلى آخر ما ساقه المرتضى، فانظره

ـ وقال الصابوني: (إلاّ من أُكره وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان) أي من تلفّظ بكلمة الكفر مكرهاً والحال أنّ قلبه مملوء إيماناً ويقيناً...
قال المفسّرون: نزلت في عمّار بن ياسر، أخذه المشركون فعذّبوه حتّى أعطاهم ما أرادوا مكرهاً، فقال الناس: إنّ عمّاراً كفر، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إنّ عمّاراً ملئ إيماناً من فرقه إلى قدمه، واختلط الإيمان بلحمه ودمه، فأتى عمّار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يبكي، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنّاً بالإيمان، قال: إن عادوا فعد(1) .
وها هم الوهّابيون ومن انضوى تحت رايتهم نراهم اليوم وقد تلبّسوا بالتقيّة وشربوها حتّى الثمالة عندما دارت عليهم الدوائر وضاقت عليهم السبل ولا سيّما بعد أحداث ما يسمّى بـ 11 أيلول.



6 ـ الخوارج وقولهم بالتقيّة:


وحتّى الخوارج مع ما عرفوا به من جرأة وإقدام وبسالة حتّى كانوا يعدّون الموت في سبيل عقيدتهم من الأمانيّ لم يسعهم ترك اللجوء إلى التقيّة والاعتقاد بجوازها.
ـ قال أبو العبّاس المبرّد: كان مرداس بن حُدير أبو بلال، وهو أحد بني ربيعة بن حنظلة تعظّمه الخوارج، وكان مجتهداً كثير الصواب في لفظه، فلقيه غيلان بن خرشة الضبّي، فقال: يا أبا بلال إنّي سمعت الأمير البارحة عبيد الله بن زياد يذكر البلجاء ـ كانت من المجتهدات من الخوارج وهي امرأة من بني حرام بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم من رهط سجاح التي كانت تنبّأت ـ وأحسبها ستؤخذ، فمضى إليها أبو بلال
فقال لها: إنّ الله قد وسّع على المؤمنين في التقيّة فاستتري، فإنّ هذا المسرف على نفسه الجبّار العنيد قد ذكرك، قالت: إن يأخذني فهو أشقى بي، فأمّا أنا فما أحبّ أن يعنّت إنسان بسببي، فوجّه إليها عبيد الله بن زياد فأتى بها، فقطع يديها ورجليها ورمى بها في السوق، فمرّ أبو بلال والناس مجتمعون فقال: ما هذا؟ فقالوا: البلجاء، فعرّج إليها فنظر ثمّ عضّ على لحيته وقال لنفسه: لهذه أطيب نفساً عن بقية الدنيا منك يا مرداس
ـ وقال أبو سعيد الكدمي الإباضي: والعذر في التقيّة في الدين في ما يجوز كالعذر في التقيّة في النفس في ما يجوز... ومن كان في حال التقيّة جاز لهُ أن يدعو لمن لا يتولاّه بما يدعو به لأهل الولاية، ويعقد المعنى لغيره
ـ وقال أبو بكر السمدي الإباضي: إنّه من كذب كذبة فهو منافق، إلاّ أن يتوب، فإن تاب، وإلاّ برئ منه، ومن يقول إنّه منافق، يقول: إنّها كبيرة ما كانت إلاّ في تقيّة أو إصلاح



التقيّة عند الأديان الأُخرى:


ـ وليس الأمر مقتصراً على الفرق والمذاهب الإسلامية فحسب، بل حتّى بقيّة الأديان لم تجد لها مفزعاً سوى الالتجاء إلى التقيّة، عندما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فقد اتّخذ الرسل وأتباعهم من النصارى دياميس روما ومغاراتها تحت الأرض سكناً وأمناً لهم لما لاقوه من ظلم وقتل
وتعذيب على أيدي أباطرة روما أمثال نيرون الذي أحرق روما، وفسبازيان، ودومتيان، كما تقول رسالة يوحنّا الأُولى، وديسيوس، وأورليوس، ودقلديانوس وغيرهم من الطغاة والظلمة واستمرّوا على هذه الحالة إلى أن بعثهم الله من تلك الدياميس والقبور على يد قسطنطين الأكبر وأُمُّه هيلينا عند تحوّلهم إلى المسيحية.
وقد ذكر ديورانت فصلا مفصّلا حول الموضوع وكيفيّة حفر الطرقات الطويلة تحت الأرض، وقال فيه: فلمّا علا شأن المسيحية وانتصرت على أعدائها... أضحت الدياميس أماكن معظّمة يحجّ إليها الناس، وقبل أن يحلّ القرن التاسع سدّت السراديب ونسيها الناس ولم تكتشف إلاّ بطريق المصادفة عام 1578(1) .
كما لا يفوتنا الإشارة إلى قصّة أصحاب الكهف (عليهم السلام) وكيف أخفوا إيمانهم، ثم كيف منّ الله عليهم بحسن الخاتمة حتّى غدت قصّتهم معجزةً للعالمين.
وكذلك الحال بالنسبة لليهود في زمن الفراعنة ـ الذين كانوا يقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم ـ اضطرّوا إلى كتم رفضهم لربوبية فرعون إلى أن أنقذهم الله على يد موسى.
وأمّا في زمن العصور الوسطى، فقد لاقوا من شرّ أعمالهم ما لاقوا من التنكيل والقتل حتّى اعتنق الكثير منهم المسيحية خوفاً على حياتهم، ومنهم من تستّر بها خصوصاً في القرن الرابع عشر الميلادي وما بعده.
وكانت أشدّ البلدان وطأة عليهم فرنسا وألمانيا والنمسا وإسبانيا، وقد ذكر المؤرّخ ديورانت في قصّة الحضارة هذه الأحداث بالتفصيل


hgjrdm uk] lohgtd hgadui hgjrdm



توقيع : عبد الرزاق محسن
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مخالفي, التقية, الشيعه



الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التقية في القرآن الكريم والسنة والتاريخ والتطبيقات والإحكام أسد الله الغالب الحوار العقائدي 5 2015/10/27 08:40 PM
التقية الوهابية :- مفاجئة صاعقة مميتة لكل عاقل عصر الشيعة المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب 13 2014/04/30 07:19 AM
شيخ وهابي يجوز استخدام التقية لحماية النفس من الاذى عصر الشيعة المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب 2 2014/04/17 09:50 PM
الشيعه فى مصر احمد الثقلى السياسة 8 2013/10/05 07:01 PM
التقية عند الشيعة الإمامية ابوشهد الحوار العقائدي 6 2012/10/19 10:16 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات شيعة الحسين العالمية اكبر تجمع اسلامي عربي
|

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى || SiteMap Index


أقسام المنتدى

المنتــديات العامة @ السياسة @ المناسبات والترحيب بالأعضاء الجدد @ منتديات اهل البيت عليهم السلام @ سيرة أهـل البيت (عليهم السلام) @ الواحة الفاطمية @ الإمام الحجّة ابن الحسن صاحب العصر والزمان (عج) @ الادعية والاذكار والزيارات النيابية @ المـدن والأماكن المقدسة @ المـنتـديات الأدبيـة @ الكتاب الشيعي @ القصة القصيرة @ الشعر الفصيح والخواطر @ الشعر الشعبي @ شباب أهل البيت (ع) @ المنتـديات الاجتماعية @ بنات الزهراء @ الأمومة والطفل @ مطبخ الاكلات الشهية @ المنتـديات العلمية والتقنية @ العلوم @ الصحه وطب أهل البيت (ع) @ الكمبيوتر والانترنيت @ تطبيقات وألعاب الأندرويد واجهزة الجوال @ المنتـديات الصورية والصوتية @ الصوتيات والمرئيات والرواديد @ الصــور العامة @ الابتسامة والتفاؤل @ المنتــــديات الاداريـــة @ الاقتراحات والشكاوي @ المواضيع الإسلامية @ صور اهل البيت والعلماء ورموز الشيعة @ باسم الكربلائي @ مهدي العبودي @ جليل الكربلائي @ احمد الساعدي @ السيد محمد الصافي @ علي الدلفي @ الالعاب والمسابقات @ خيمة شيعة الحسين العالميه @ الصــور العام @ الاثـــاث والــديــكــورآت @ السياحة والسفر @ عالم السيارات @ أخبار الرياضة والرياضيين @ خاص بالأداريين والمشرفين @ منتدى العلاجات الروحانية @ الابداع والاحتراف هدفنا @ الاستايلات الشيعية @ مدونات اعضاء شيعة الحسين @ الحوار العقائدي @ منتدى تفسير الاحلام @ كاميرة الاعضاء @ اباذر الحلواجي @ البحرين @ القران الكريم @ عاشوراء الحسين علية السلام @ منتدى التفائل ولاستفتاح @ المنتديات الروحانية @ المواضيع العامة @ الرسول الاعظم محمد (ص) @ Biography forum Ahl al-Bayt, peace be upon them @ شهر رمضان المبارك @ القصائد الحسينية @ المرئيات والصوتيات - فضائح الوهابية والنواصب @ منتدى المستبصرون @ تطوير المواقع الحسينية @ القسم الخاص ببنات الزهراء @ مناسبات العترة الطاهرة @ المسابقة الرمضانية (الفاطمية) لسنة 1436 هجري @ فارسى/ persian/الفارسية @ تفسير الأحلام والعلاج القرآني @ كرسي الإعتراف @ نهج البلاغة @ المسابقة الرمضانية لسنة 1437 هجري @ قصص الأنبياء والمرسلين @ الإمام علي (ع) @ تصاميم الأعضاء الخاصة بأهل البيت (ع) @ المسابقة الرمضانية لعام 1439هجري @ الإعلانات المختلفة لأعضائنا وزوارنا @ منتدى إخواننا أهل السنة والجماعه @


تصليح تلفونات | تصليح تلفونات | تصليح سيارات | تصليح طباخات | تصليح سيارات | كراج متنقل | تصليح طباخات | تصليح سيارات |