عرض مشاركة واحدة
قديم 2015/05/24, 11:10 PM   #1
معلومات إضافية
رقم العضوية : 3431
تاريخ التسجيل: 2014/10/05
المشاركات: 2,923
عابر سبيل غير متواجد حالياً
المستوى : عابر سبيل is on a distinguished road




عرض البوم صور عابر سبيل
افتراضي نهر (سبايكر) وجسر (بزيبز)!!

منذ اليوم الذي بدأت فيه أفلام الفيديو تنشر مقاطع متتالية عن مجازر موت الضمير في (سبايكر)، وانتشار فيديوهات المجرمين السفلة الذين ارتكبوا هذه المجزرة، وسقطوا بيد العدالة، وهم يروون قصص الموت الأسود، ويعترفون بما فعلوا من فظائع، سواء في عدد الضحايا الأبرياء الذين قتلوهم، أو في الطريقة التي نفذوا فيها مذابحهم الرهيبة، وأنا في ذهول تام وفجيعة متواصلة، خاصة وإن هذه الاعترافات تظهر لنا بالصوت والصورة حجم الكارثة، فتزيد الفاجعة أسىً وألماً وإهانة. إذ لا يمكن لأي انسان سوي، ينتمي لموكب الجمال الإنساني، ويحترم روعة الإنسانية، وهو يرى من يعترف أمام الكاميرا بقتله أكثر من 250 شخصاً خلال أقل من ساعة، ولا يشعر بالخجل والعار لتماثله البشري مع هذا السفاح، وسيكون الخجل كبيراً، والإهانة أعظم، عندما يكون القاتل عراقياً (منك وبيك)!!
نعم.. فأنا منذ اليوم لنشر الجريمة، أقابل زوجتي كل يوم، فنبكي ونوجع في البكاء والنحيب معاً، وكلانا يبكي على ما يبكي لأجله. فهي تنحب -كأم عراقية جنوبية طيبة – ترى في هؤلاء (الوليدات) المغدورين أولادها، فتذرف من أجلهم الدمع، وكأنها أمهم ولا أريد أن أرسم صورة لزوجتي الموجوعة وهي تتسمر امام هذه الفيديوهات. فصورة المرأة الجنوبية المكلومة لا تحتاج الى رسم، لاسيما وإن زوجتي كعبية، وحزنها حزن معدان!
اما أنا فأبكي لوجعي وفجيعتي (وخيبتي في عراقيتي) المذبوحة على يد هؤلاء القتلة، وأبكي لجرحي النازف الذي يرى بعينه كيف يتسابق الأخوة في الدين والوطن واللغة والتاريخ المشترك-طاح حظ هيچي تاريخ مشترك-على صبغ نهر(القصور الرئاسية) بدم العراقيين ليصبح النهر أحمر تماماً!
والمصيبة أن حجم ضحايا هذه المذبحة كبير، وطريقة القتل التي نفذ فيها هؤلاء (العراقيون) جريمتهم بحق (عراقيين) أبرياء كانت شنيعة، ومخزية.. لاسيما وإن القتلة كانوا مدججين بالسلاح والغدر والقبح والكراهية والبداوة، بينما كان ضحاياهم فتياناً صغارا بعمر الورود، يحملون في نفوسهم محبة الوطن، وفي قلوبهم ثقة الأخ بأخيه. ولا يحملون من السلاح قطعة واحدة – فلو كان معهم عشر بنادق فقط، لما حدث الذي حدث بهم – لكن مصيبتهم إنهم كانوا بلا سلاح!!
وربما يدرك، أو لا يدرك القتلة المجرمون، أن هؤلاء الفتية فقراء معدمون، دفعتهم الظروف المعيشية لترك دراستهم، والانخراط في (مدارس) الجيش من أجل إعالة عوائلهم الفقيرة. وإنهم لم يقتلوا صدام، أو علي كيمياوي، أو سبعاوي، أو عبد حمود، لكي تثأر منهم (رغد)، أو ابراهيم سبعاوي، أو أبناء عبد حمود. وصدقاً أن أغلبهم لا يعرف وطبان، أو برزان، أو زربا…!!
لقد قتل المجرمون 1700 فتى (شيعي) دون أي ذنب والمشكلة التي أرعبتني خوفاً على مستقبل العراق، أن أغلب القتلة هم شباب صغار، وجميع المقتولين شباب صغار أيضاً- وهذا يعني أن المقتولين والقتلة من أبناء الجيل الجديد، وهم رصيدنا في بنك مستقبل العراق، بعد أن يرحل جيلنا الى دار الفناء عاجلاً أم آجلاً!!
فكيف سيتعايش هؤلاء في وطن واحد دون قتل وحرب ودماء وضغينة، إذا كان في قلب كل واحد منهم ألف نقطة سوداء؟!
ربما سنعض على جرحنا لو أن قتلة أبنائنا في سبايكر من مجرمي داعش القادمين الينا من كهوف التخلف، والظلام، والكراهية، لكن المصيبة أن الاعترافات أظهرت للعالم أن القتلة عراقيون، بل ومن عشائر سنية معروفة في محافظة صلاح الدين، مثل عشيرة البو عجيل، وعشيرة البو ناصر، وغيرهما، وإن استشهاد هؤلاء الفتية الصغار في (مسلخ) القصور الرئاسية، قد تم تحت مرأى ومسمع سياسيين ووزراء وأعضاء مجالس محافظات ونواب سنة كانوا موجودين هناك– كما يقول النائب مشعان الجبوري-!! وبين هتاف وتصفيق وزغاريد الأهالي السنة..!!
ولعل الأمر الذي أخافني أكثر، أن أغلب السياسيين، ورجال الدين والعشائر من أبناء الطائفة السنية وقفوا موقف الشامت المتشفي بدم الضحايا في سبايكر، بل ان فيهم من أحتفل (بهذا النصر العظيم)، باعتباره الثأر الأكبر لدم صدام وأتباعه الجبناء!! لاسيما وان لا أحد منهم، سواء أكان نائباً، أم وزيراً، أم رجل دين، أم رئيس عشيرة! (عدا النائب مشعان الجبوري، والشيخ خالد الملا) قد أدان جريمة سبايكر بوضوح، وندد بمن قام بها بصراحة، وأنا لا أقصد بذلك التنديد والاستنكار العام، فهذا التنديد والاستنكار رفعه قبلهم أغلب سياسيي، وقادة العالم، إنما أقصد التنديد الفعلي والجاد، المصحوب بمطالبة الحكومة والضغط على جميع الفاعليات السياسية والبرلمانية والقضائية لإجراء التحقيقات الصريحة بهذه الكارثة، من أجل معاقبة الفاعلين، إضافة الى اعلان موقف وطني شجاع بصدد عشيرة البو عجيل والبو نمر وغيرهما من العشائر المجرمة.. لكن هذا لم يحصل قط. بينما قلب سياسيو السنة ونوابهم ورجال (دينهم) وإعلامهم الدنيا على رأس الحكومة لأنها أغلقت العبور على جسر (بزيبز) ومنعت النازحين من الأنبار من الدخول الى بغداد بشكل مؤقت، رغم أن من بين النازحين عدداً من الدواعش، وقد تأكد ذلك بعد قتل واعتقال أكثر من إرهابي دخل مع النازحين الى بغداد وهو يحمل حزاماً ناسفاً!!
فتخيلوا حجم المأساة حين نرى نائباً سنياً يسكت عن قتل 1700 عراقي بريء، ويبح صوته صراخاً على (موت) خمسة نازحين- وهم في الحقيقة نازح واحد فقط- توفي بسبب مشاكل صحية مزمنة!!
باختصار أنا غسلت يدي بالصابون من (وحدة) الشعب العراقي، ولم أعد أثق بفكرة العراق الموحد، وهناك من يعتبر موت خمسة نازحين أهم من قتل 1700 شاب!!



من كتابات / الكاتب و المؤلف فالح حسون الدراجي



kiv (sfhd;v) ,[sv (f.df.)!!



رد مع اقتباس